الماسة مجروحة
جزاك الله خير
لنرقى بالقران
إطـلالة أنثـــــى
جميييل جدا ,,,واسمحي لي بهذه الاضافه لعلها مفيده

يا ليتني متّ قبل هذا

للكاتبة \ عذراي بنت عبد الرحمن اليابس






يكثر في هذا الزمن -بحمد الله- الحريصات على دينهنّ؛ الملتزمات بتعاليمه، المحافظات على شعائره، الحريصات على سننه، وهذا فضل من الله – تعالى- يؤتيه من يشاء, نسأل الله من فضله.
و لكن قد يفاجئها ما تدمع عينها لأجله ، أو يعجز لسانها عن التعبير عنه من مواقف عصيبّة وفتن خطيرة تصيبها، وفي تلك الحال قد تتمنّى الموت بسبب ذلك، فتجاهد هذا وتدفعه، وتسأل الله سلامة القلب ودوام الانقياد ؛ وقد يغلب اليأس ويشتدّ الأمر؛ فتتمنّاه مرّة أخرى وتدفعه ؛ ثم لمّا تسكن نفسها تحار بما شعرت به وبما جال في وجدانها من تمنٍّ للموت ومفارقة لحياة تراها سبباً في فتنتها ، وتجهل حكم ذلك التمنّي , وهل وافقت الشرع أم خالفته ؟
و يتبادر إلى ذهنها تساؤلات وهي تقرأ قوله تعالى على لسان مريم -رضي الله عنها- قالت:{يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} كما تقرأ في السنة عن أَنَسِ بن مَالِكٍ -رضي الله عنه-, قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: ((لا يَتَمَنَّيَنَّ أحدكم الْمَوْتَ من ضُرٍّ أَصَابَهُ,فَإِنْ كان لَا بُدَّ فَاعِلًا ,فَلْيَقُلْ:اللهم أَحْيِنِي ما كانت الْحَيَاةُ خَيْرًا لي وَتَوَفَّنِي إذا كانت الْوَفَاةُ خَيْرًا لي))و في رواية: ((لضر نزل به))(1).
فهذا إشكال ظاهريّ وتوهّم للتعارض بين منطوق الآية والحديث، لكنّه يزول بعد فهم الآية والحديث , يقول ابن عاشور-رحمه الله- عن مريم -رضي الله عنها-: " فهي في حالة من الحزن ترى أنّ الموت أهون عليها, فتمنّت الموت قبل هذا الحمل فأرادت أن لا يتطرّق عرضها بطعن, فخافت أن يظنّ بها السوء في دينها, و لا تجرّ على أهلها معرّة "(1).
و قال القرطبيّ -رحمه الله- إنّها تمنّت الموت من جهة الدين لوجهين:
أحدهما:أنّها خافت أن يظنّ بها الشرّ في دينها و تعيّر فيفتنها ذلك.
الثاني:لئلا يقع قوم بسببها في البهتان، و النسبة إلى الزنى,وذلك مهلك(2).

فتأمّلي غاليتي متّى تمنّت الموت؟!
لما خشيت الفتنة؛ و أيّ فتنة أعظم على النساء من الطعن في العرض, إضافة إلى خوفها على قومها من الهلاك , فهي لم تتمنّاه جزعاً من ألم المخاض، بل ممّا خشيته من فتنة القوم.
و في ذلك نصّ الجصاص(3)و القرطبي(4)–رحمهما الله_ على جواز تمنّي الموت عند خشية الفتن, فإنّها -رضي الله عنها- عرفت أنّها ستبتلى و تمتحن بهذا المولود الذي لا يحمل الناس أمرها فيه على السداد ,ولا يصدقونها في خبرها ,و بعدما كانت عندهم عابدة ناسكة تصبح عندهم فيما يظنون عاهرة زانية ,فقالت: (يا ليتني مت قبل هذا و كنت نسيا منسيا)(5).
فقارني غاليتي ما يصيبك من فتن و ما أصابها -رضي الله عنها-, فالجواب الشافي الكافي هو ما ورد في السنّة عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: قال رسول اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم-: (( لا يَتَمَنَّى أحدكم الْمَوْتَ ولا يَدْعُ بِهِ,من قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ ,إنّه إذا مَاتَ أحدكم انْقَطَعَ عَمَلُهُ, وَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إلا خَيْرًا))(6).
و في رواية: ((لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ ,قالوا: ولا أنت يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: لا ,ولا أنا إلا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي الله بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ, فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا ,ولا يَتَمَنَّيَنَّ أحدكم الْمَوْتَ؛ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَزْدَادَ خَيْرًا ,وإما مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَ))(1).
فالنداء بالنهي محمول على خوف الضرر الدنيويّ كتلف مال، أو مرض، و نحوه، كما قال النووي و ابن حجر-رحمهما الله-(2). وتأمّلي الكرم الربّاني في جعل زيادة أيّام الحياة هو الدافع للزيادة في الأعمال الصالحة , و الفرار إلى الله -سبحانه وتعالى- بالتوبة فرحاً برضاه, كما ندعو الله –سبحانه- بالثبات وحسن الختام, فندافع ما يواجهنا من فتن بقوّة إيمان ويقين بنصر وعلم شرعي, لأنّ في الجهل ضعفاً للنفس و خوراً لها.
فيا أخيتي، لا تجعلي أيّ مصيبة عليك هي فتنة يجوز فيها تمنّي الموت, وذلك لأنّ الفتن أشكال وأنواع، فانظري في المصائب التي تبتلين بها فليس كلّها فتن, بل هي بلايا تقوّي النفس البشريّة المسلمة فتعطيها مناعة من تفاهات المجتمع، كما تقوّيها في صلتها بربّها، وذلك لبقاء دعوة التوحيد خالدة لا تزول, فكوني ممّن يدعو لخلود هذا الدين بقوله وعمله ، وليس ممّن يهرب منه بتمنّي الموت وكأنّه الحلّ الناجع, و لك في رسول الله -صلّى الله عليه و سلّم- أسوة حسنة، فهولم يتمن الموت قطّ.
و ما جاء في الآثار عن بعض الصحابة - رضوان الله عنهم- أنّهم تمنّوا الموت؛ كقول عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه-: فعن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال: ((اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيّتي فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط))(3)فقد كان قوله هذا و غيره في زمن اشتدّت بهم الفتن, كما أنّ في لفظه رضي الله عنه دعاء بحسن الختام.
و أمّا ما جاء في قوله تعالى على لسان يوسف -عليه السلام-: { أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } و على لسان سليمان -عليه السلام-: {وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}.
و في الحديث عن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قالت: سمعت النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-, وهو مُسْتَنِدٌ إليّ يقول: ((اللهم اغْفِرْ لي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأعلى))(1).
و في الحديث الطويل عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- في دعاء الرسول -صلّى الله عليه و سلّم- في الصلاة, أنّه قال: ((وإذا أردت فتنة قوم فتوفّني غير مفتون))(2)فهو دعاء بحسن الختام.
و ما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-أنّ رسول الله -صلّى الله عليه و سلّم- قال: ((لا تقوم الساعة حتّى يمرّ الرجل بقبر الرجل, فيقول: ياليتني مكانه))(3)إنّما هو خبر عن تغيّر الزمان وما يحدث فيه من المحن والبلاء والفتن(4).
كما أوصيك أختي بتجديد التفاؤل؛ فلن يكون الزمان كلّه ظلاماً حالكاً بالفتن ؛ بل سيتبدّد هذا الظلام بنصر الإسلام والمسلمين مهما خطّط الأعداء و دبّر , ومهما غفل الغافلون منّا, فإنّ الطائفة المنصورة لا تزال قائمة على الحقّ, ويستفيق من حولها, فقيام أمر الله –تعالى- هو الحقّ الخالد، فعن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-(بشّر هذه الأمة بالسناء والتمكين في البلاد والنصر والرفعة في الدين ومن عمل منهم بعمل الآخرة للدنيا فليس له في الآخرة نصيب))(5).

هذا و آخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على سيّد الغرّ المحجّلين نبيّنا محمّد عليه أفضل الصلاة و أتمّ التسليم.



------------------------------------------------------------



(1) أخرجه البخاري ,كتاب المرضى,باب نهي تمني المريض الموت,رقم: (5671).و كتاب الدعوات,باب الدعاء بالموت و الحياة,رقم: (6351)و فيه لفظ: (لضر نزل به). كتاب التمني,باب ما يكره من التمني,رقم: (7233) بقوله: (لا تتمنوا الموت). و أخرجه مسلم ,كتاب الذكر و الدعاء,باب كراهة تمني الموت لضر نزل به,رقم: (2680).
(1) التحرير و التنوير لابن عاشور 7/85.
(2) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 13/432.
(3) أحكام القرآن 3/217.
(4) الجامع لأحكام القرآن 13/432.
(5) تفسير ابن كثير 3/131.
(6) أخرجه مسلم, كتاب الذكر و الدعاء, باب كراهة تمني الموت لضر نزل به, رقم: (2682).
(1) أخرجه البخاري , كتاب المرضى,باب نهي تمني المريض الموت,رقم 5673).
(2) انظر: شرح النووي لمسلم11/6763,فتح الباري لابن حجر10/158.
(3) أخرجه مالك في الموطأو كتاب الحدود, باب ما جاء في الرجم, رقم: (1560).
(1) أخرجه البخاري,كتاب المغازي,باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته,رقم: (4440).و كتاب المرضى,باب نهي تمني المريض الموت,رقم: ( 5674).
(2) أخرجه الترمذي,كتاب التفسير,باب ومن سورة ص,رقم: (3235)و هو حديث صحيح.
(3) أخرجه البخاري,كتاب الفتن,باب:لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور,رقم: (7115)
(4) التمهيد لابن عبدالبر 7/201.
(5) أخرجه أحمد في مسنده 5/134,و ابن حبان في صحيحة 2/132(405)و الحاكم في مستدركه 4/346(7862)و4/354 (7895) وقال: صحيح الإسناد.و أبي نعيم في الحلية1/255, 10/290. و البيهقي في شعب الإيمان 5/334, 7/287, و الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة3/358,359.
لنرقى بالقران
مرة عبدالرحمن
جزاك ربي خيرا
وبارك فيك
ونفع بك الاسلام والمسلمين