وصايا للمعلمة الداعية للأستاذة شيخة القاسم

ملتقى الإيمان




"وصايا للمعلمة الداعية "
أيتها المعلمة : إن الطالبات كالعجينة الطرية بين يديك !!
كالكأس الفارغ تملأيه بما تريدين !! فهل استغللتي هذا الفضل ؟!
إن أصحاب الحرف يتعاملون مع جمادات , النجار مع الخشب , والحداد مع الحديد , و(الميكانيكي) مع السيارات , أما أنتِ فتتعاملين مع أشرف مخلوق على وجه الأرض ( ولقد كرمنا بني ءادم )الإسراء آية : 70 تقوّمينها وتوجهينها لتستقيم على طاعة ربها .
قال بعض السلف : إن المربي يشبه عمل الفلاح الذي يقلع الشوك , ويخرج النباتات الأجنبية من بين الزرع , ليكمل نباته ويحسن ريعه .


أيتها المباركة :
كم ياترى أعداد الطالبات بين يديك يسمعون منك يومياً ما تلقينه عليهن من نصح وتوجيه ... فلو كان أعدادهن (50) طالبة , إنها تعني (50) أُم في المستقبل , أي (50) أسرة , فهل أحسنتِ التربية ؟!.


وهاكِ مقولة تفخري بها : يمتلك المعلم أعظم مهنة إذ تتخرج على يديه جميع المهن .
إن من المحزن أنّ هناك بعض المعلمات الداعيات تلهب حماساً للدعوة في بداية مشوارها التعليمي , ثم لا يلبث هذا الحماس أن يخبو شيئاً فشيئاً .. والطالبات هنّ ضحية هذا الفتور ؟!!
ولو استحضرت - هذه المعلمة الداعية - فضل الدعوة إلى الله , وقرأت في سير دعاة الأمة كأمثال: ابن تيمية وابن القيّم والشيخ محمد بن عبد الوهاب لكان في ذلك إعلاءً وشحذاً لهمتها.

وقفة محزنة :
ألقت إحدى الداعيات محاضرة عن ( التوبة إلى الله ) في السجن , فقاطعتها سجينة - وهي طالبة في إحدى المدارس - بكلمة مؤثرة تنُم عن تقصير بعض المعلمات الداعيات : أين أنتن قبل أن ندخل السجن ؟!.... إنها كلمة عتاب لاتحتاج إلى تعليق !!!

* من الوصايا لكِ *
1- القرب دوماً من الطالبات , وذلك بتفقدهم , ومن أمثلة ذلك :
- يا فلانة فيكِ خير عظيم ولكن لمَ لا أراكِ تحضرين المصلى ؟!
- يا فلانة فرحت جداً لما رأيتكِ حضرتِ هذا اليوم في المصلى ؟!!
- يا فلانة ما رأيتكِ في المصلى منذ شهر انقطعتِ عنّا , عسى المانع خير ؟!
- يا فلانة أراكِ قصصتِ شعرك قصة ولد , واستنكرت لأني أعلم أن فيك خير عظيم , وأنه لا يجهلك حديث صلى الله عليه وسلم ( لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال ) .
- مد يد العون للطالبة إن كانت محتاجة ماديّاً ومعنويّاً ؛ فلو توفيت والدة طالبة اذهبي لتعزيتها , وما أجمل أن تقولي ( أنا مكان والدتك ) إنّ هذه الكلمة الرائعة من معلمتها كالبلسم على الجرح , ولو تغيبت طالبة بسبب مرضها , إسألي عن صحتها ( واحمدي الله على سلامتها ) , تقربي إلى الطالبات لهدايتهن , فإنّ التقرب إليهن هو في الحقيقة تقرب إلى الله سبحانه وتعالى .
2- استغلال الأحداث : في الحث على فعل الطاعات وترك المحرمات مثل : تذكيرهن بالدعاء عند نزول المطر , وإجابة المؤذن عند سماعه , وكذا مثلاً عند رؤية نار ؛ تذكيرهن بنار الآخرة .
3- تعاهد الطالبات :
بالترغيب في فعل الطاعات : كقراءة سورة الكهف يوم الجمعة , صيام البيض .
والترهيب من فعل المعاصي كالنظر إلى المنكرات وسماع المحرمات .
4- إعلاء همة الطالبات :
فمن حفظت (5) أجزاء من الطالبات فحثيها وانصحيها على إكمال حفظ كتاب الله , ومن أتمت حفظه فلتبدأ بحفظ الأحاديث النبوية .
- فقد نفعت النصيحة أقواماً قبلنا : - الإمام البخاري _ رحمه الله - كان سبب تأليفه لـ ( صحيح البخاري ) : أنه كان في مجلس علم , فقال المعلم : ( ياليت من يجمع لنا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الصحيحة ) يقول : فوقع ذلك في قلبي فعكفت على جمعه .
والإمام الذهبي يقول : إن الحافظ البرزالي هو الذي حبب إليّ طلب الحديث , فإنه رأى خطي فقال : خطّك يشبه خطّ المحدثين , فأثر قوله فيّ .
5- استثمار الطاقات :
تلمسي ما عند الطالبات من مواهب , فهذه عندها ملكة الشعر والنثر خذي بيدها لتنافح عن الإسلام , وهذه تجيد فن الإلقاء وتملك ذكاء وفطنة توجه لطلب العلم لينفع الله بها ... وقيسي على هذا .
6- عدم حصر الدعوة في أوساط الطالبات فقط :
عليك - أيتها المعلمة الداعية - الحرص على هداية المعلمات والإداريات والمستخدمات أيضاً , فطهري مسامعهن دوماً بالفوائد والمواعظ القيمة , فما أجمل أن يكون هناك برنامج حفظ لسور من القرآن أو قراءة كتاب أو فتوى , كل ذلك سينعكس أثره الحسن على المعلمات ومن ثمّ على الطالبات , ولا شك إن ذلك - بإذن الله - سيثمر داعيات في المستقبل , وسيكنّ لكِ عوناً و عضداً في الدعوة .
7- كسب الأشخاص أهم من كسب المواقف :
كوني رفيقة حليمة مع المدعوات , قال الإمام أحمد : ما أغضبتَ أحداً فقبِل منك , فباللمسة الحانية تأسرين النفوس , وبالابتسامة تدخلين القلوب , وبالكلمة الطيبة تنقاد لك النفوس , وقد قيل في تعريف الابتسامة : أنها كلمة معروف ليس لها حروف , والله سبحانه وتعالى يقول ( والله يحب المحسنين ) المائدة 93
قال ابن عثيمين : ومن الإحسان إلى الناس التبسم في وجوههم .

نماذج مشرقة من معلمات داعيات
أو داعيات في مجتمع النساء :
الداعية تستغل كل شاردة وواردة للدعوة إلى الله , لا تنتظر الفرص للدعوة بل تصنع الفرص , مباركة أينما كانت وحيثما حلت , قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمن مثل النحلة إن أكلت أكلت طيباً وإن وضعت وضعت طيباً وإن وقعت على عود نخر لم تكسره )
متمثلة قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( أحب الناس إلى الله أنفعهم ) أي أنفعهم في أمور دينهم ودنياهم .

* وإليك ِ بعض النماذج المشرقة التي تشحذ الهمم وتقوي العزائم :

أ- معلمة للصف الأول ابتدائي , جميع طالباتها ( 45طالبة ) يصلين الضحى , فقد اتفقت معهن على أن يحضرن إلى المدرسة وهن على وضوء , وقبل الحصة الأولى يصلين الضحى التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صلاة الضحى صلاة الأوابين ) الأواب : التواب , الرجاع إلى ربه .
ب- إحدى الطالبات بعد ان أتمت المرحلة الثانوية تلح بالدعاء لمعلمتها الداعية تقول : وأنا معتمرة دعوت لها ونسيت نفسي .
ج- معلمة متوسط رأت في ثلاث طالبات الذكاء وسرعة الحفظ , فاشترت ثلاثة مصاحف وقالت لهن : أعطاكن الله نعمة الذكاء فاشكروه عليها بحفظ القرآن فحفظن القرآن في سنة واحدة .
د- عائلة قدمت من بلد عربي وأدخلت ابنتها مدرسة متوسطة , ومن فضل الله كانت تُدرّس فيها معلمة داعية , حريصة كل الحرص على هداية الطالبات , تقول أم الطالبة : كنا قد وقعنا بسبب الجهل في الشرك والبدع والمعاصي , وكل يوم تأتي ابنتي بفائدة : الحلف بغير الله شرك , الغناء حرام .... وبحمد الله نترك ما تقوله هذه المعلمة من المحرمات , بعد فترة أحببنا هذه المعلمة فإذا جاءت ابنتي من المدرسة أُبادر بسؤالها : ماذا قالت اليوم المعلمة فلانة ؟ ... ثم منّ الله بالهداية على بيتنا " والبداية معلمة "
هـ - إحدى كبيرات السن تحفظ القرآن كاملاً , وتضحي من ( 60 ) سنة , أضحية كل سنة لمعلمتها التي ختمت على يدها القرآن ... هل جزاء الإحسان إلا الإحسان .
و- تقول معلمة للمرحلة الإبتدائية : قلت للطالبات : وأنتن في السيارة استغلوا وقتكن بالتسبيح والاستغفار , وبعد فترة حضرت والدة طالبة تسأل : أين أستاذة فلانة ؟ ولما عرفتني , قبّلت رأسي قائلة : ابنتي إذا ركبنا السيارة تستغفر وتذكر الله , ولما سألتها عن السرّ في ذلك قالت : أساذة فلانة أوصتنا بذلك .
ز- سكنت داعية في بيت جديد , وخصصت لنساء الحي جلسة أسبوعية , وما هو إلا أن ظهر أثر بركتها على رجال الحي الذين أصبحوا يصلةن الفجر جماعة من جراء نصح زوجاتهم اللاتي تأثرن بما يلقى في الجلسة الأسبوعية .
ح - مرضت داعية في المستشفى لعدة أيام , ورفضت أن تكون في غرفة بمفردها لتكون قريبة من المريضات اللاتي معها في الغرفة لدعوتهن إلى الله , ولم تنس الكتيبات والأشرطة الإسلامية لغير المسلمات , وما هو إلا أن أعلنت إحدى الممرضات إسلامها , وهذا مصداق قوله سبحانه وتعالى ( وجعلني مباركاً أين ما كنت ) مريم 31
ط - استغلت داعية الاجتماع العائلي لأسرتها في تعطير مسامعهم بكلمة طيبة , وأخرى بتعاهد قريباتها في حفظ القرآن الكريم ومن ثمرات ذلك الاجتماع أن أتمّ بعضهن حفظ كتاب الله كاملاً , وأخرى أيضاً بإجراء مسابقات لحفظ سور من القرآن وإجراء مسابقات ترفيهية مع التعليق عليها بما ينفع الحاضرات في دينهن ودنياهن .



الله أكبر !! كم من الطالبات كانت هدايتهن على أيدي معلماتهن , فصلاح الطالبة هو في الحقيقة صلاح للمجتمع فهي غداً معلمة وأم وزوجة - وكم من أم أخفقت في إصلاح إبنتها فكان لمعلمتها النصيب الأكبرفي هدايتها ؟!!
وكم من زوجة أخفق زوجها في إصلاحها , فكان صلاحها على يد داعية في مدرسة تحفيظ مسائية أو في اجتماع للحي أو في مستشفى ؟!!.


( نقلاً من مذكرة الداعية الميسرة للأستاذة شيخة بنت محمد القاسم حفظها الله ورعاها
والتي ألقتها في الدورة التثقيفية لمعلمات تحفيظ القرآن بمكة المكرمة يوم الأربعاء 26 / 8 / 1429 هـ )
35
10K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

مؤمنة من المؤمنات
جزاك الله خيرا والله نحن بحاجة للتذكير من حين لآخر أن للمعلمة رسالة أهم من التعليم هي الدعوة إلى الله إلى جانب التربية والتعليم
ღღ زهـــــرة الــبــيــت ღღ
مؤمنة من المؤمنات
أسعدني مرورك بوركت أخيتي الحبيبة
ღღ زهـــــرة الــبــيــت ღღ
للرفع
ام بودى68
ام بودى68
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا

وكل عام وانتم بخير
حياة الجنة
حياة الجنة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاك الله كل الخير