لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم ، لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم‏

الملتقى العام

السؤال :
انتشرتْ مؤخرًا مقولة " لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم ، لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم‏ " ، منسوبةً للصحابيّ الجليل عليُ بن أبي طالب ، فأردتُ أن أتأكد من صحة نسبتها لهُ ، فبحثتُ وطال بحثي ، ولم أجد مصدرًا موثوقًا يذكرها .
فهل هي فعلاً للصحابيّ عليّ ؟ وما هو المعنى الصحيح لها ؟


الجواب :
الحمد لله

أولا :
هذا الكلام لا يعرف عن علي بن أبي طالب ولا عن أحد من الصحابة أو غيرهم من السلف الصالح ، إنما يعرف من قول سقراط ، ولفظه : " لا تكرهوا أولادكم على آثاركم ، فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم ".
انظر: "إغاثة اللهفان" (2/ 265) ، " الملل والنحل" للشهرستاني (2/144) .
وقيل : هو من قول أفلاطون ، انظر : "لباب الآداب" (ص237) ، " التذكرة الحمدونية" (1/256) .
ثانيا :
هذا الكلام بهذا الإطلاق : غير صحيح ؛ فإن من الآداب الشرعية والأخلاق الفاضلة : ما لا علاقة له بزمان أو مكان ، فالصدق ، والأمانة ، وترك المعصية ، ولزوم الطاعة : كل هذا لا علاقة له بالزمان والمكان ، وإنما يتعلق بذلك من يقول بنسبية الأخلاق ، ونسبية الخير والشر ، وهو قول باطل مردود .
وقد قال النبي : ( إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ ) .
رواه أحمد (8595) وغيره ، وصححه الألباني .
والناس على خيرٍ ماداموا يتأدبون بآداب السلف ، ويستنون بسنتهم ويأخذون بهديهم؛ وكان السلف يأخذ صغيرهم عن كبيرهم ، ومتعلمهم عن عالمهم ؛ كما قال بعض أهل العلم :
" كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ فِي هَدْيِهِ وَدَلِّهِ وَسَمْتِهِ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ يُشْبِهُهُ ، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يُشْبِهُ عَلْقَمَةَ ، وَكَانَ مَنْصُورٌ يُشْبِهُ إِبْرَاهِيمَ ، وَكَانَ سُفْيَانُ يُشْبِهُ مَنْصُورًا ، وَكَانَ وَكِيعٌ يُشْبِهُ سُفْيَانَ ، وَكَانَ أَحْمَدُ يُشْبِهُ وَكِيعًا ، وَكَانَ أَبُو دَاوُدَ يُشْبِهُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ " .انتهى من "البداية والنهاية" (14/ 618)
وقال الذهبي رَحمَه الله :
" تفقه أَبُو دَاوُد بِأَحْمَد بن حنبل ولازمه مُدَّة ، وَكَانَ يُشَبَّهُ بِهِ كَمَا كَانَ أَحْمد يشبه بشيخه وَكِيع وَكَانَ وَكِيع يشبه بشيخه سُفْيَان وَكَانَ سُفْيَان يشبه بشيخه مَنْصُور وَكَانَ مَنْصُور يشبه بشيخه إِبْرَاهِيم , وَكَانَ إِبْرَاهِيم يشبه بشيخه عَلْقَمَة , وَكَانَ عَلْقَمَة يشبه بشيخه عبد الله بن مَسْعُود ، وروى أَبُو مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة أَنه كَانَ يشبه عبد الله بن مَسْعُود بالنبي في هَدْيه ودله "انتهى من "طبقات الشافعية" (2/ 296) .
وإنما قد يستفاد من ذلك : في مراعاة أمور العادات والأخلاق ، والمروءات ، التي لا تتعلق بنص شرعي ، وإنما مبناها على عادات الناس ، وأعرافهم ؛ وهذا أمر يختلف باختلاف الزمان والمكان ، فينبغي أن يراعي المربي فيه تغير الأعراف ، وتغير العادات ؛ فلا يحمل أولاده على عادة أو عرف اختلف زمانه ، ما لم يكن ذلك مصادما لنص شرعي واضح ، فهذا لا فصال فيه ، وإنما فيه الحكمة في حمل الرجل أبناءه ورعيته ، على التزام أدب الله لخلقه ، وأدب النبي لأتباعه ، وتحبيبهم في ذلك ، وترغيبهم في الأخذ به عن طواعية ، مع الخلط في أدبهم بين الحزم واللين ، والترغيب والترهيب ، وتأتي الأمر من بابه ، والترفق في شأن الرعاية ، وما يصلح الرعية .
والله تعالى أعلم .
14
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

هلاوينات2
هلاوينات2
في هذا الزمن كثرت الاحاديث الموضوعه للأسف والضعيفه بعد
أشكر لك البحث والتأكد
وفعلا دينا دين نصيحه وتربيه وتذكير بالصح وتنبيه بالخطىء
هداوي 1987
هداوي 1987
لاحول ولاقوة الابالله
فتاة الخير 2
فتاة الخير 2
يجب ان نربي ابنائنا ع الشريعه الاسلاميه السمحه
وأخلاق النبي والاقتداء به وتشجيعهم ع فعل الخير
لكي يخرج جيلا نافعا صالحا يغير مجرئ الامه الئ 
الطريق الصحيح الئ طريق الهدئ والسنة .
الاماني99
الاماني99
التربيه تكون على الفطرة السليمه وعلى دين الاسلام الحنيف فقط
راقية الفكر
راقية الفكر
وجزاكم الله