البغدادية الاصيلة
الصراع الوهمي مع الأبناء المراهقين




إن التغيير في علاقة الآباء بالأبناء يحدث في مرحلة المراهقة ومن الطبيعي جدًا بل من المؤكد أنه لابد من حدوث صراع ما بين الآباء والمراهقين لأنه أمر طبيعي وبالتالي تتغير طبيعة العلاقة، لابد أن يحدث نوع من أنواع التغيير في هذه الفترة العمرية، وقد يكون صراعًا إيجابيًا فكريًا وذهنيًا وسلوكيًا، وقد يكون صراعًا سلبيًا وهو ما يحدث في كثير من الأحيان..

ولابد أن نؤكد في قضية الصراع الوهمي مع الأبناء أنه لابد من الاعتماد على الذات، فهو أمر مصيري في هذه المرحلة بمعنى أن المراهق حتى لو لم يعرف سيقول أنا أعرف.. تحاول أن توجهه يقول أنا أعرف ماذا تريد أن تقول قبل أن تكمل كلامك.. وتجد المراهق يشير ويهز رأسه وكأنه يعرف الشيء الذي تريد قوله.


إذن يجب أن نعي نقطتين في قضية الصراع الوهمي بين الأبناء والآباء وهما:


* أن الصراع بين الآباء والأبناء أمر طبيعي.
* أن الاعتماد على الذات أمر مصيري ودائمًا

يسعى المراهقون إلى الاعتماد على الذات.
ومن خلال وعينا بالنقطتين السابقتين فإن على الآباء أن يتفهموا عدة نقاط:


1 - لابد أن يفهموا سيكولوجيًا أن الآباء هم أهم مؤثر في حياة أبنائهم مهما قالوا عن الإنترنت ومهما قالوا عن الفضائيات ومهما قالوا عن الأصدقاء ومهما قالوا في أي وقت من الأوقات إلا أن الآباء هم أهم مؤثر في حياة أبنائهم عاطفيًا وتوجيهيًا؛ وبناء على التوجيه الأول والإرشاد الأول يظل الأولاد على ولائهم لآبائهم وأمهاتهم.

2 – أن المراهق يسعى في هذه المرحلة أن يصبح كبيرًا وهي أصعب موازنة حقيقية ونشعر بها كصراع داخلي، فهو يحاول أن يوازن ما بين أنه يريد أن يعتمد على نفسه وينفصل في أفكاره وأسلوبه وطريقته عن والديه وما بين الإبقاء على علاقة الحب التي تربطه بوالديه..


فهو يريد أن يحافظ على علاقته مع أبيه وأمه ويحتفظ بحبهما له وفي الوقت ذاته يريد أن يشعر بالاستقلالية لكنه لا يستطيع أن يشعر بهذه الاستقلالية لأن والديه يكبلانه بكل أنواع التكبيل سواء في طريقة التعاملات أو الأسلوب أو في أي شيء يطرأ عليه ليبدي فقط أنه أصبح مختلفًا أو أنه أصبح معتمدًا على ذاته، وبالتالي يدخل المراهق في صراع بين رغبته أن يكبر ورغبته في الاعتماد على الذات والإبقاء على علاقة الحب والود مع والديه.. وأريد أن ألفت الانتباه أنه لا يوجد ابن أو بنت مهما بلغ سوء سلوكهم إلا أنهم لا يكونون موافقين تمامًا على السلوكيات التي ربما تكون غير سوية مع آبائهم وأمهاتهم..
وأسمع من مراهقين كثيرين يقولون إن الآباء والأمهات هم من دفعونا أن نفعل ذلك وأنهم يصعبون عليهم الحياة لأنهم غير متفهمين أننا أصبح لنا تفكير جديد وأسلوب جديد باهتمامات جديدة وطريقة جديدة في الحياة وأفكار جديدة وأصدقاء جدد وحياة مختلفة..

وبالتالي فإن المراهق بداخله صراع ومن المفترض أن والديه يفهمان هذا الأمر.


3 – إن سعي البالغين إلى الاعتماد على الذات سيصبح مشكلة حقيقية عندما يُنظر إليها من الآباء على أنه صراع للسيطرة، وأقول إنه يجب أن يعلم الآباء أن القضية ليست قضية عِند وإنما يجب على الآباء أن يفهموا ويستوعبوا جيدًا المرحلة التي يمر بها ابنهم..

وتذكر دائمًا أيها الأب كلمة سيدنا علي بن أبي طالب: "ربوا أبناءكم على أخلاق غير أخلاقكم فإنهم مخلوقون لزمان غير زمانكم" واعلم أن المعطيات اختلفت والأوضاع اختلفت.

أيضًا ستصبح المشكلة مشكلة حقيقية عندما ينظر الآباء إليها على أنها صراع للسيطرة وأيضًا عندما ينظر الأبناء ويشعرون أنهم مُسيطر عليهم وعلى أفكارهم، وأذكّر بقول الله تبارك وتعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"..

إذن لابد من وجود الرفق في المعاملات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الرفق ما كان في أمر إلا زانه وما نزع من أمر إلا شانه"..
وانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد مع الصحابي رافع بن خديج وسمرة بن جندب، والأول هو شاب صغير عمره 14 أو 15 سنة جاء للنبي صلى الله عليه وسلم ليقاتل في غزوة أحد فرده النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله انتظر، يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم انتظر فهو يريد أن يقول انتظر ولو سمحت اسمعني إن من حقي أن أختار حياتي والرسول صلى الله عليه وسلم بالرغم من صغر سن الشاب ينظر ليسمع ماذا سيقول رافع ويستمع لإجابة رافع الذي قال: "والله إني لأرماهم سهمًا" ويطلب الصحابي الشاب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجربه ليعرف إمكانياته، حوار بين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المربي وبين شاب عمره لا يتجاوز 15 سنة، يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأرماهم سهمًا يا رسول الله" فلم يصدق ولم يكذب رسول صلى الله عليه وسلم ثم قال:

"انظروا إليه" فأثبت الشاب حسن جدارته فاستولى على ثقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال.
ونفس الموقف يتكرر مع سمرة بن جندب، يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأصرع رافعًا" يريد أن يقول إذا كنت أجزت رافعًا فأنا أصرعه فصرع رافعًا فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم.


4 – يجب أن يسلّم الآباء والأمهات أن هذه ليست مجرد مشكلة المراهقين بل مشكلة تشمل الوالدين والأبناء، الجميع يخضعون للتغيير، كل من الطرفين يشارك بقدر في مشاكل المراهقة لجعل هذه المرحلة صعبة بالنسبة للطرف الآخر، وبالتالي يتولد الفشل في تحقيق أو في العيش بطريقة الآباء فيظهر التمرد في البيوت بسبب توجيهات الأب والأم، فإذا وجد الأب أنه يمسك بزمام الأمور مع أولاده وليست هناك مشاكل ظاهرة فلينتبه إلى أن الرفض سيكون داخليًا لدى الأبناء وسيشعر هؤلاء الأبناء بإحساس القهر الشديد لأن الوالدين متسلطان وموجهان دائمًا ويظنان أن أولادهما لو حادوا عن هذا الصراط المستقيم الذي وضعاه لهم من وجهة نظرهما أنهم سيزلّون وسيحيدون عن الهدف..
وأذكر قصة كتبها الكاتب الأستاذ إحسان عبد القدوس وأعتقد أننى لم أقرأ رواية للأستاذ إحسان غيرها ولكنه وُفق فيها توفيقًا شديدًا وأدعو الآباء والأمهات إلى أن يقرأوا هذه الرواية وهي رواية "لن أعيش في جلباب أبي" لأن المحتوى النفسي لذلك الشاب الذي أراد أن يعتمد على نفسه دون اعتماده على أبيه وأصبح أبوه يواجه رغبة ابنه في الاعتماد على نفسه بلون من ألوان التسلط ومر الولد بمراحل كثيرة من السقوط إلى أن اختار بإرادته في النهاية نفس طريق والده.

لهذا نحن بحاجة إلى أن ندرك ونعي ألا نكون ضاغطين على أبنائنا، طالبين منهم أن يكونوا كما نريد نحن وإنما يجب أن نجعل أبناءنا يختارون هم حياتهم وينظمون وقتهم، فقط علينا أن نعلمهم ما الصحيح وما الخطأ ثم اترك له حرية ليختار ما يريد حتى لا يظهر العناد ويرفض طريقك وأسلوبك.

ولعلنا نسمع الكثيرين من أساتذة الجامعة يشتكون في هذه المرحلة من أبنائهم أنهم ليسوا مجتهدين بالرغم من أن آباءهم من أساتذة الجامعة الأكاديميين إلا أن المشكلة والطامة الكبرى أن أولادهم لا يذاكرون إلا ليلة الامتحان وهذا نوع من أنواع الرفض لدى هؤلاء الأبناء فبالرغم من أن الأب تربوي وأكاديمي إلا أن الابن رافض للأكاديمية ولعمل أبيه.

لذلك نجد أبناء الملتزمين يرفضون الالتزام لأنه مفروض عليهم وبالتالي لابد أن تعرف أنه عندما يضع ابنك سيجارة في فمه يا ملتزم أن هذا الصراع والرفض جاء نتيجة ضغط منك عليه في أن يكون ملتزمًا.


5 – إن الأولاد دائمًا يقولون إنه يفرض علينا نشاط أو رياضة ما مثل فرض السباحة على الكثير من الأبناء رغم أنه متميز في لعب الكرة فيطالب الابن بترك السباحة وممارسة شيء آخر، ويقال له: لا، ستتعلم السباحة، يقول الولد: ألعب الكاراتيه، يقال له: لا الكاراتيه رياضة عنيفة..
إذن الآباء يفرضون نشاطًا أو دراسة أو ملبسًا أو طريقة سلوك على أبنائهم؛ لذلك نجد الفلاح دائمًا يتمنى أن يصبح ابنه مدرسًا؛ لأنه لا يعرف القراءة والكتابة، والمحامي يتمنى أن يصبح ابنه ضابطًا؛ لأنه من خلال عمله اكتشف أن الضابط أكثر نفوذًا.

من صاحب المشكلة؟

ومتى أتدخل في مشكلة ابني؟
وماذا أفعل عندما يقع ابني في مشكلة ما؟
ومتى أترك ابني يتحمل المسئولية؟
ومتى يتحمل تبعات الخطأ الذي وقع فيه؟

إننا كآباء في كثير من الأحيان لا نترك لأولادنا حرية التصرف عندما تكون هناك مشكلة، فإننا نقدم لهم الحلول بمعنى أنه في أي مشكلة فإننا ننهيها سواء في الشارع أو مع الجيران، وهذا تصرف غير صحيح لأن مهمتك مهمة تربوية، دورك هو توجيه حدود تدخلك في حياة ابنك، لابد أن تكون محددة ومقننة.

وأريد من المربي أن يملأ الاستبيان الآتي بنعم أو لا..
عندما يقع ابنك في مشكلة ما اسأل نفسك:
هل حقوقك في هذه المشكلة كأب لم تُحترم؟
هل يمكن أن يتأذى أحد بسبب تلك المشكلة؟
هل هناك تعدٍ على حق الغير في مشكلة فعلها ابنك؟
هل ابني لا يستطيع تحمل المسئولية؟

وبعد الإجابات ستجد أن معظم المشاكل لدى ابنك لم تُصادر فيها حقوقك، ولن يتأذى أحد، ولم يتعد الابن على حق الغير..

والنقطة الفاصلة التي تجعلك تتدخل في حل مشاكل ابنك وتصبح أنت المتسبب في المشكلة وليس ابنك هي إذا كنت لم تعلّم ابنك تحمل المسئولية..

فإذا كانت إجابة السؤال الأخير هل ابني لا يستطيع تحمل المسئولية بنعم ابني لا يستطيع أن يتحمل المسئولية، فاعلم أنه أمر شديد وأنت كمربٍ قد أخطأت وليس ابنك لذلك يجب عليك أن تبدأ بإصلاح الأمور.

وإذا كانت إجابات الأسئلة الثلاث الأولى بنعم وهي أن حقوقًا قد صودرت وتأذى الغير وحدث تعدٍ على أحد، فتأكد تمامًا أنك إن جعلته يتحمل المسئولية لما فعل ما فعل.

إذن لابد أن يكون الاستقلال الذاتي لأولادنا في صورة تحمّل مسئوليات..
لابد أن يكون هناك قدر من تحمل المسئولية بأن يكون الشخص صاحب المشكلة هو المسئول عن حلها؛ ولهذا يجب ألا يتدخل طرف بالحل إلا بالاتفاق.
تابعونا
البغدادية الاصيلة
اشرطة مباشرة للسمع بالظغط على الزر يبين اساليب التربية بالاسلام وهو اكثر من رائع
سلسلة التحلية في مسالك التربيةالتربية الجهادية للبنين والبنات .. سلمان العودة
أخطاؤنا في التربية .. سلمان العودة
توجيهات وأفكار في تربية الصغار .. إبراهيم الدويش
التربية الجادة ضرورة .. محمد الدويش
أصول التربية .. محمد حسان
تربية الأولاد .. محمد حسين يعقوب
فقه تربية الأولاد .. مصطفى العدوي
كيف نربي أولادنا ؟ مائة طريقة في التربية .. محمد يعقوب

سلسلة أسئلة طفلك الحرجة
الإبداع في تربية الأبناء .. طارق السويدان
تربية الأولاد في الإسلام .. وجدي غنيم
تربية الأولاد في أمريكا .. محمد حسين يعقوب
كيف نفهم المراهقين ؟ .. محمد إسماعيل
حقوق الأبناء .. محمد حسان
كيف يربي المسلم ولده ؟ .. سعيد بن مسفر
يتيم بين أبويه .. سعد البريك
قطوف تربوية ..علي الطنطاوي
تربية الأبناء .. عبدالعزيز بن باز
أبناؤنا إلى أين ؟ ..عبدالعزيز السويدان
وقفات في تربية الأولاد والبنات .. موسى حسن ميان
الإشكالية المعاصرة في تربية الأولاد
قواعد في تربية الأولاد .. عبدالرحمن عبدالخالق
حقوق الأبناء .. محمد الشنقيطي
واجب الآباء نحو الأبناء .. رائد فتحي
تربية الأبناء .. عمر الدويش
حقوق الأبناء على الآباء .. محمد صالح المنجد
معالم في تربية الأبناء .. عبدالحي يوسف
تربية الأطفال في الإسلام .. عبدالله المطلق
دور الوالدين في حث الأبناء على الصلاة .. سلطان العويد
رسالة إلى الآباء والأبناء .. سيد العربي
السلف وتربية الأبناء .. عدنان باحارث


13 خللا في التربية .. محمد المحيسني
العقيدة و أثرها في تربية الأسرة .. عبدالرحمن المحمود
حديث في التربية .. صالح بن حميد
البغدادية الاصيلة
والتنشئة الأسرية الجيدة : هي التي تشجع على إبراز التفكير الابداعى عند الأبناء ..
البغدادية الاصيلة
لنرى ما يقدمه الرسول والاسلام لنا عن طريقة المعاملة للمراهق.......

تقوم النظرية الإسلامية في التربية على أسس أربعة هى :
تربية الجسم ، وتربية الروح ، وتربية النفس ، وتربية العقل

وهذه الأسس الأربعة تنطلق من قيم الإسلام وتصدر عن القرءان والسنة ونهج الصحابة والسلف في المحافظة على الفطرة التي فطر الله الناس عليها بلا تبديل ولا تحريف فمع التربية الجسمية تبدأ التربية الروحية الإيمانية منذ نعومة الأظافر .

وقد اهتم الإسلام بالصحة النفسية والروحية والذهنيةوأعتبر أن من أهم مقاوماتها التعاون والتراحم والتكافل وغيرها من الأمور التي تجعل المجتمع الإسلامي مجتمعًا قويًا في مجموعه وأفراده وفي قصص القرءان الكريم ما يوجه إلى مراهقة منضبطة تمام الانضباط مع وحي الله عز وجل

وقد سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم الجميع بقوله :
(( لاعبوهم سبعًا وأدبوهم سبعًا وصادقوهم سبعًا ثم اتركوا لهم الحبل على الغارب ))

وقد قدم الإسلام عددًا من المعالم التي تهدي إلى الانضباط في مرحلة المراهقة مثل :

* الطاعة : بمعنى طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعة الوالدين ومن في حكمهما فيما لا يخالف شرع الله تعالى : وقد أكد القرءان الكريم هذه المعاني في وصية لقمان الحكيم لأبنه وهو يعظه قال : ((
يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ {13} )) (( سورة لقمان ))


* ومن الأساليب التربوية التي حث عليها الإسلام في معاملة البالغين والمراهقين حثهم على الزواج المبكر .
وقد اجمع العلماء وأهل التربية على أهمية الزواج وفوائدة العظيمة للبالغين والمراهقين كالمحافظة على الشباب من الضياع و الانحراف وسكن نفسي وروحي يعصمهم من خواطر السوء وهواجس الشر . وقد حث الإسلام على تيسير الزواج ورغب فى ذلك أشد الترغيب .

* أيضًا هناك : الإقتداء بالصالحين وعلى رأس من يقتدى بهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم فالإقتداء به واتباع سنته من أصول ديننا الحنيف قال الله عز وجل : (( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً {21} )) (( سورة الأحزاب ))

* كما أعتبر الإسلام أن أحد أهم المعالم التي تهدي إلى الانضباط في مرحلة المراهقة : التعاون والتراحم والتكافل لأنه يجعل الفرد في خدمة المجتمع ويجعل المجتمع في خدمة الفرد والدليل على ذلك ما رواه أحمد فى مسنده
عن النعمان بن بشير رضى الله عنه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال :: (( مثل المؤمن كمثل الجسد إذا اشتكى الرجل رأسه تداعى له سائر جسده ))

* ولم ينس الإسلام دور الأب في حياة أبنه وكذلك تأثير البيئة التي ينشأ فيها الفتى في تربيته ونشأته فقد روى في الصحيحين عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه )) .
ويشير الدكتور محمد سمير عبد الفتاح أستاذ علم النفس مدير مركز البحوث النفسية بجامعة المنيا إلى أن : المراهق يحتاج إلى من يتفهم حالته النفسية ويراعي احتياجاته الجسدية ولذا فهو بحاجة إلى صديق ناضج يجيب عن تساؤلاته بتفهم وعطف وصراحة ، صديق يستمع إليه حتى النهاية دون مقاطعة أو سخرية أو شك كما يحتاج إلى الأم الصديقة والأب المتفهم .
ويدعو الدكتور سمير عبد الفتاح أولياء الأمور إلى التوقف الفوري عن محاولات برمجة حياة المراهق ويقدم بدلاً منها الحوار والتحلي بالصبر واحترام استقلاليته وتفكيره والتعامل معه كشخص كبير وغمره بالحنان وشمله بمزيد من الاهتمام .
وينصح الدكتونر عبد الفتاح الأمهات بضرورة إشراك الأب في تحمل عبء تربية أولاده في هذه المرحلة الخطيرة من حياتهم ويقول للأم شجعي ابنك وبثي التفاؤل في نفسه وجملي أسلوبك معه واحرصي على انتقاء الكلمات كما تنتقي أطايب الثمر وأنت أيه الأب أعط لولدك قدرًا من الحرية بإشرافك ورضاك لكن من المهم أن نتفق معه على احترام الوقت وتحديده وكافئه إن أحسن كما تعاقبه إن أساء حاول تفهم مشاكله وابحث معه عن حل اهتم بتوجيهه إلى الصحبة الصالحة كن له قدوة حسنة ومثلاً أعلى احترم أسراره وخصوصياته ولا تسخر منه أبدًا .
ويضيف عبد الفتاح موجها كلامه للأب : صاحبه وتعامل معه كأنه شاب اصطحبه إلى المسجد لأداء الصلاة وخاصة الجمعة والعيدين أجب عن كل أسئلته مهما كانت بكل صراحة ووضوح ودون حرج ، وخصص له وقتًا منتظمًأ للجلوس معه وأشركه في النشاطات الاجتماعية العائلية كزيارة المرضى وصلة الأرحام نم لديه الوازع الديني وأشعره بأهمية حسن الخلق .
كما ينصح الدكتور عبد الفتاح المهات بمراعاة عدد من الملاحظات المهمة في التعامل مع بناتهن في مرحلة المراهقة فيؤكد بداية أن على الأمهات أن يتعلمن فن معاملة المراهقات ويقول للأم أعلميها أنها تنتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة جديدة تسمى مرحلة التكليف وأنها كبرت وأصبحت مسؤولة عن تصرفاتها قولى لها : إنها مثلما زادت مسؤولياتها فقد زادت حقوقها وإنها أصبحت عضوًا كاملاً في الأسرة تشارك في القرارات ويؤخذ رأيها فيما يخصها وتوكل له مهام تؤديها للثقة فيها وفي قدراتها علميها الأمور الشرعية كالأغتسال وكيفية التطهر سواء من الدورة الشهرية أو من الإفرازات .
ويضيف عبد الفتاح : ابتعدي عن مواجهتها بأخطائها أقيمي علاقات وطيدة وحميمة معها دعمي كل تصرف إيجابي وسلوك حسن صادر عنها ، أسرى لها بملاحظات ولا تنصحيها على الملأ فإن ( النصيحة على الملأ فضيحة ) أقصري استخدام سلطتك في المنع على الأخطاء التي لايمكن التجاوز عنها واستعيني بالله وادعي لها كثيرًا ولا تدعي عليها مطلقًا وتذكري أن الزمن جزء من العلاج .
ويضيف الدكتور سمير عبد الفتاح قائلاً : افتحي قناة للاتصال معها ، اجلسي وتحاورى معها لتفهمي كيف تفكر وماذا تحب من الأمور وماذا تكره ؟ واحذري أن تعامليها كأنها ند لك ولا تقرني نفسك بها وعندما تجادلك انصتي لملاحظاتها وردي عليها بمنطق وبرهان إذا انتقدت فانتقدي تصرفاتها ولا تنتقديها هي كشخص .
وقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى فى الاستماع إلى المراهق ... والنصح والإرشاد والتقرير بالخطا ومعالجة السلوك الخاطئ الذى أتى به .. والدعاء له والرفق به ... وقد كان لهذا السلوك النبوى أثره الفعال فى إقلاع الفتى عن سلوكه الخطأ واتباعه سنة النبي
صلى الله عليه وسلم .

فقد جاء شاب فى مقتبل العمر إلى النبي
صلى الله عليه وسلم تفوح منه رائحة الشهوة ... وقف الشاب أمام النبي
صلى الله عليه وسلم فى جرأة غير معهودة والصحابة جلوس ينظرون .
قال الشاب : يا رسول الله رخص لى فى الزنا .
وقعت الكلمات على الصحابة وقوع الصاعقة .. فكادوا يقتلون الشاب الجرئ الوقح ... الذى يطالب بإعطائه الحق فى ارتكاب هذه الفاحشة المحرمة تحريمًا قطعيًا
فراحوا يصيحون : مه مه .. ولكن النبي
صلى الله عليه وسلم كان له موقف آخر .

ما ثار وما غضب .. وما صفع الشاب على وجهه .. وما نهره .. وما أخرج عصا من خلف ظهره وانهال بها على الشاب ضربًا .. إنما أقبل إليه إقبال الأب الرحيم على ولده .. إقبال المربى الحكيم على تلميذه وراح يلقنه درسا يقوم على العقل .. والإقناع بدلا من القهر والنهر ..
فقال النبي للشاب : أجلس أيها الشاب .. فجلس الشاب جلسة فى مستوى جلسة النبي وهى جلسة توحى بالود والمحبة ( سنعرض لأنواع الجلسات فى فصل تغيير سلوك المراهق ) ..
قال النبي : أتحبه لأمك ؟
قال الشاب : لا والله جعلني الله فداءك .
قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم .
قال النبي : أتحبه لأختك ؟
قال : لا والله جعلنى الله فدائك .
قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم .
قال النبي : أتحبه لعمتك ؟
قال : لا والله جعلنى الله فدائك .
قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم .
قال النبي : أتحبه لخالتك ؟
قال : لا والله جعلنى الله فدائك .
قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم .

ثم أقبل عليه داعيًا له بالهداية والسكينة و الطهر وضع يده الشريفة على صدره فى رفق وحنان بالغ وراح يدعو له قائلاً :

(( اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه ))

فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إلى شئ ولا ينظر لا مرأة قط أخرجه الإمام أحمد في مسنده .

تئملو هذا الحديث الخالد لنستخرج ما به من أسس التربية الحديثة التى طبقها النبي صلى الله عليه وسلم منذ 14 قرنًا من الزمان
البغدادية الاصيلة
أخطاء يرتكبها الآباء في تربية المراهق

لم تكن تربية الأبناءأبداً أمراً سهلاً على الأهل، لكن الصعوبة في التعامل مع سن المراهقة تكمن في انتقال الابن من الطفولة إلى عنفوان الشباب وتمرده، فقد صار أكبر حجماً، لغته أقوى،يستطيع مناقشة من هو أكبر منه بنفس المستوى، وهو بالتالي أجرأ على تجاوز الخطوط الحمراء.وهذا يتطلب منك أيها الأب أن تنتبه للأخطاء التي يقع فيها معظم الآباء دون وعي بل ممارساتهم أولاً: تؤذي أبناءهم وثانياً: لا تقوِّم سلوكهم.



نستعرض أكثر من عشرة أخطاء يقع فيها الآباء في تربية أولادهم المراهقين!

1- المحاضرات والأوامر بدلاً من لغة الحوار
يأتي هذا التصرف من اعتقاد الأب أن ابنه طائش، غير عقلاني في تصرفاته، ومن أكثر الجمل شيوعاً عندمايبدأ المراهق بالتحاور مع أبيه



(لا تناقشني أنا والدك وأنا أدرى بمصلحتك منك)، (أنت ما زلت صغيراً، ولا تدري ماذا تفعل)، جمل يقطع بها الوالد كل سبل التواصل الممكنةبينه وبين ابنه، ويحاول بها تسيير ابنه، والتحكم بأسلوب حياته، وهذا الأسلوب قد يمنع المراهق من أن يفكر حتى ببدء حوار مع أبيه، لأنه يعلم نتيجة ذلك الحوار مسبقاً، وأنه سينتهي بأوامر ونصائح هو في غنى عنها.

2- التجاهل، وضعف المقدرةعلى التواصل:
(ابني المراهق لا يكلمني، لا أستطيع التواصل معه، أتمنى أن أكسب ثقته ليفتح قلبه لي). من الغريب أن الآباء وعلى الرغم من إدراكهم لعمق الهوة بينهم وبين أبنائهم المراهقين، إلا أنهم لا يبذلون جهداً لمحاولة التواصل معهم، وتأتي الحجة بأنهم لا يستطيعون فهم أبنائهم المراهقين، وأبناؤهم كذلك لا يفهمونهم!
3- التركيز دوماً على سلبيات المراهق، وتجاهل إيجابياته:
وذلك يعود للمعتقدات السائدة المتعلقة بهذه الفترة العمرية، والتي تنظر للطفل وكأنه كتلة من الأفعال السلبية غير المقبولة أسرياً واجتماعياً، وقد لا تأتي هذه الفكرة من خبرة سابقةللأب، ولكن قد تكون نقلاً على ألسن بعض الآباء التي كانت لهم تجربة سيئة مع أبنائهم المراهقين.
4- تقييم المشاكل على أساس التفوق الدراسي:
قد تقتصر فكرة الأب عن المشاكل التي قد يواجهها ابنه المراهق في مشاكل الدراسة والتحصيل العلمي، فالأب يرى أن ما يجب أن يشغل بال المراهق هو دراسته وتحصيله العلمي، وغير ذلك لا يعد مشكلة فينظره، وذلك فيه ظلم للمراهق وللتغيرات الكبيرة التي يمر بها وتؤثر على طريقة تفكيره ومشاعره وسلوكياته، وتؤسس لبناء شخصيته.
5- الاعتماد التام على الأم في التربية:
صعوبة التفاهم بين الأب والمراهق، وقلة التواصل بينهما تجعل الأب يوكل امر تربية الابن أو الابنة في مرحلة المراهقة إلى الأم لظنه أن الأم أقدر على استيعاب التغيرات التي يمر بها المراهق، والتعامل معها. وهذا معتقد خاطئ، فشخصية الأب الديناميكية في هذه المرحلة تؤثر كثيراً على نضج ووعي المراهق وعلى الإشباع العاطفي والثقة بالنفس التي يحتاجها الأولاد والفتيات على حدسواء.