غريب أحلام الأطفال!!!!!!

الأدب النبطي والفصيح

تطايرت شرارات التحدي من عيني سلمى وهي تجر أذيال الهزيمة.. بعدما سبقها زيد وسعد إلى الشاطئ .. سأسبقكم المرة القادمة أيها الأوغاد.. من يجرؤ على التقدم علي..إلا أنتما أيها الشقيان... وأخذت بعدها زفيرا بعمق.. علها تسترد شيئا من أنفاسها المتلاحقة.. ثم جلست على الشاطئ.. وفتحت الكيس الذي ابتاعته قبل مجيئها.. والذي حوى أصدافا بلاستيكية.. ولآلىء صناعية.. ثم أخذت تفرغها على الشاطئ.. وبعدها.. أخذت تسلي نفسها.. بجمعها.. وهي تحلم بأنها بحار.. يجمع اللآلىء والأصداف.. ولكنها ليست كأي بحار!! فلن تبيع.. ما لديها ولو ساومها التجار بأبهظ الأثمان.. حسب قولها.. فهي ستهدي ما لديها..لأمها وأبيها.. ومعلمتها!! أما زيد..فقد أشغلته صنارته البلاستيكية بمحاولات عابثة..ليعلق بها الطعم.. وتصيد له السمك.. لكنه لم يفلح.. برميها بحركاته العشوائية.. فتارة تعلق.. بشعر سلمى..فتتوعده بأنها بعد دقائق..ستنسفها كالتراب..الذي تحت قدميها.. وتارة تعلق بقميص سعد الذي لم يشعر بسنارة زيد.. وذلك في خضم معركته مع الأمواج.. حيث يقفز..كلما تقدمت نحوه موجة.. ولكن القفز أنهكه..والأمواج لم تتعب بعد!! فصرخ بأعلى صوته!! ألم تتعبي مثلي بعد..!! لن أدعك تهزميني..وحاول أن يقاوم.. ولكنه يأس.. وعندما تقدمت نحوه موجة جديدة..ركلها بعنف.. فسقط على ظهره متألما.. وسط ضحكات سلمى وزيد..فنهض..قائلا: سلمى..وزيد.. ما رأيكم في أن نبني بيوتا من الرمل الذي يملأ الشاطئ ؟؟ قفز زيد من مكانه وهو يقول لا بأس بها.... على الأقل أفضل من هذه الصنارة الكسولة!! ونفضت سلمى التراب عن ردائها.. وهي تقول..كل منا يبني منزله الذي يحلم أن يكون له عندما يكبر!! قال سعد..أنا أريده كبيرا..كبيرا.. يتوسطه فناء واسع..يكون إسطبلا للخيول..أما زيد فقال لا أريد سوى أن يكون به مسبح واسع.. ولن أغادره صبح مساء.. ثم توجهت الأنظار نحو سلمى.. فبادرتهم..أنا لن أفصح لكم عما أريده..ثم غمزت بعينها..قائلة: إنه سر..أحتفظ به لنفسي..تمتم زيد: دوما مخادعة مشاكسة..همس له سعد..بل وسليطة اللسان.. صاحت بهم..فيم تتهامسان؟؟ أجاباها لا، لا شيء..
وتقاسموا فيما بينهم الأعمال..فسعد يملأ الدلو بالماء.. وسلمى تحمل فوق ظهرها كيسا ملأته بالرمال..فهم على الثرى بللته الأمواج..وزيد هيأ لهم المكان.. وفي غمرة انشغالهم..بالبناء..فاجأهم.. رجل لم يعرفوه..ألقى عليهم التحية فأجابوه على وجل لكنه سرعان ما أظهر لهم البشاشة والود. ..فاستأنسوا بالحديث معه.. فقال لهم كل منكم يحدثني عما يريد أن يكون عليه في المستقبل.. صرخت سلمى كعادتها في شغب..أنا من سيبدأ الحديث.. فانا أتمنى أن أكون عندما أكبر..سكتت لحظة ثم نهضت وأخذت شهيقا..ثم زفيرا.. ورفعت عنقها عاليا وأفردت يديها ثم بسطتهما وهي تنظر لذراعها..وتقول انظروا لعضلاتي وهي تشير إلى كم ردائها المزركش.. فضحك منها زيد وسعد.. وقالوا ليس هذا إلا كم ردائك.. فقال الرجل وهو يكتم ضحكاته..أكملي يا سلمى ماذا تتمنين أن تكوني؟؟ قالت: غولا هكذا ثم عادت تبسط يديها وتفردهما من جديد..ثم قاطعها سعد قائلا وأنا أتمنى أن أصبح قزما!!! وأعقبه زيد وأن أتمنى أن أكون غريبا بين من أكون معهم..فكلما يرونني يتهامسون..هو ذا الغريب!!!
تعجب الرجل!! ما هذه الأحلام؟؟؟ غولا..قزما..غريبا..!!!
أين من يتمنى أن يكون المهندس والطبيب!! البحار والضابط!! المعلم والمدير!!
تمتم الرجل عجبا لأحلام هؤلاء الصغار..لم تبدو أحلامهم على النقيض من أحلام أقرانهم؟؟؟؟
ثم عاود النظر إليهم بالسؤال.. لم تمنيتم هذه الأحلام؟؟؟
تصدرت سلمى الحديث باندفاعها المعهود تمنيت أن أكون غولا يا عماه.. لأسافر إلى أرض فلسطين بدون أن يطلبوا مني جواز سفر كما يطلب من بني الإنسان ثم لا يسمح لهم بالدخول..وإذا كنت غولا فسوف أدخلها بأيسر طريق وسأهرع بعدها لشارون وسآخذ الثأر لكل لأطفال فلسطين.. وسأمزقه بين يدي..ثم أدوسه بالأقدام كما مزق أحلام الأطفال.. وداس بقدميه على أجمل معاني الطفولة والبراءة في عمر الزهور..!!!!!!
ثم تناول سعد طرف الحديث بقوله.. تمنيت أن أكون قزما ثم تسألني بعدها يا عماه لم تمنيت هذا..فخذ مني هذا الجواب..
تمنيت ذلك لأبدو قزما.. لا تراني أعين بني الإنسان..فأبدو متواريا عن الأنظار..وأتنقل حينها في كل مكان .. وأجوب البلدان.. وأجول بين الأركان.. لا هم لي سوى أن أكسر القيود..وأحطم السلاسل.. وأحرر أسرى المسلمين.. الذين ما أودعهم السجن.. إلا أن قالوا ربي الله.. وديني الإسلام وذروة سنامه الجهاد.. وقد شغلنا الهوى عنهم.. فنسيناهم في غياهب السجون..
أكمل الحديث من بعده زيد بقوله.. ما أروعه من لقب ((الغريب)) حقا لو وصفت به، فحينها سأكون أسعد إنسان.. بل أخاف أن يحلق بي الجذل على جناحي السعد فأصل ملوحا بيدي إلى هام السحاب.. ثم تسألني بعجب لم تتمنى ذلك
أولم تسمع يا عماه بحديث المصطفى عليه السلام..
(لقد بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء)
وقف الرجل متسمرا وهو لم يستوعب أحلام الصغار حتى يستوعب عللهم..
ثم تبسم الأولاد وأكملوا البناء على الطين... وهم ينشدون أنشودة حطين... رفعت سلمى رأسها الصغير ووجهت خطابها نحو الرجل قائلة: ألا تشاركنا البناء يا عماه؟؟؟
تبسم الرجل وأردف قائلا.. ولكنها بيوتكم.. وأحلامكم الجميلة.. فلا يجوز أن أشارككم فيها..
قاطعه سعد قائلا: لا يا عماه.. قد قررنا أن نحيلها بيتا كبيرا يسع جميع أيتام المسلمين..
ثم عاودوا البناء وهو يتمتم من جديد.. يا لهؤلاء الصغار.. ما فعل بهم الزمان.. بدل التفكير في اللعب والهدايا.. يثقلون رؤوسهم الصغيرة بهموم أحق أن ينشغل بها الكبار.. أدار ظهره بصعوبة.. وهو يرقب وجوه الصغار البريئة عند غروب الشمس..
ويحدث نفسه قائلا.. ستشرق شمس النصر على الأمة بكم أيها الأبطال..
ثم مضى بخطى متثاقلة.. وقد ارتسمت على ملامحه سمات الفخر.. وهو يشق ظلال الشفق الأحمر.. هرع الأطفال إليه.. يا عم.. يا عم.. ومن تكون أنت إذن؟؟
فأجاب بعد أن أشاح بوجهه نحو الشفق.. ما أنا إلا المستقبل...
قفزت سلمى نحوه وهي تمد كفها الصغيرة مودعة إياه قبل الرحيل: وماهي أمنيتك يا عم؟؟
ربت على كتفها وقال.. أتمنى أن أرى أحلامكم واقعا على أرض الحقيقة بأن أسمع وقع أقدامكم على ترب فلسطين فاتحين منتصرين محققين ما عجز عنه الكبار..
تعالت أصوات الصغار.. الأقصى حتما ستعود.. حتما ستعود.. والعود أحمد بإذن الله..
عندها سمعوا صدى حداء المستقبل يردد معهم النشيد،،
رفعوا أعناقهم الصغيرة متتبعين صوت الرجل الندي.. فما وجدوا له اثرا...
صرخت سلمى .. ربما أعناقنا قصيرة...ليس بوسعها أن ترى نور المستقبل!!!
أتبعها زيد بقوله: بل هو المستقبل شامخ في برجه لا يصل إليه إلا أصحاب النفوس الطموحة!!
قاطعه سعد..بل هو المستقبل منا قريب..أرأيتم كيف كان بقربنا نحادثه ويحادثنا..
أرأيتم كيف سر بأحلامنا؟؟!!
صرخوا في صوت واحد.. إذن،، لنعمل على تحقيق الحلم!!
11
776

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نجوم الليل
نجوم الليل
مرحبا عيوني

مرة تجنن هذه القصة الصغيرة

فيها نتحسس بالامل المفقود .. نعم الاطفال .. الاحلام البريئة .. ياالهي انها ارقى من احلام الكبار .. ارقى من الواقع المر

سوف نشهد في يوم قريب النصر .. اذا كان هذا تفكير اطفالنا ..
بحور 217
بحور 217
جميلة جدا يا ذات السلاسل ...

بدايتها جذابة وتسلسلها مشوق...

ومفجآتها رائعة ...

والأمل الذي تنثره في النفس بارد كبرد اليقين على القلوب...

والجميل ايضا أن اللغة سليمة وقوية ...

هناك أخطاء طفيفة :

لن أدعك تهزميني .... الصواب تهزمينني

ولكنه يأس ..... الصواب يئس


بارك الله فيك أخيتي ... ونحن نسعد بانضمامك إلينا .
صباح الضامن
صباح الضامن
تحولك يا بنيتي في القصة من هرج الصغار إلى أفكارهم تحول جعلني أرفع حاجبي متعجبة
فهذه القفزة من تصوير لطبيعية الطفولة إلى أفكار ناضجة يقف عندها القاريء حائرا ولكنه معجب


طريقتك غير الاعتيادية في طرح الفكرة أعطت أسلوبك نوعا من الزخم

رمزيتك للمستقبل واختيار الصغار لها فيها إجادة

بارك الله فيك
ذات السلاسل
ذات السلاسل
أختي الفاضلة / نجوم الليل
شكرا لمرورك وتعليقك
كانت كلماتك مضيئة كما أنت مضيئة
سرني إعجابك للقصة....
دمت بخير
أختك :
ذات السلاسل..
ذات السلاسل
ذات السلاسل
المشرفة الفاضلة : بحور 217
الجميل يا أختي هو إطراؤك.. والأروع هو تعليقك...
ولي شرف بالإنضمام إلى واحة أدبية كهذه...
ولا سيما أنت إحدى مشرفاتها...
وشكرا على ترحيبك....فقد سعدت به...
أختك :
ذات السلاسل..