الوتين66

الوتين66 @alotyn66

عضوة فعالة

عرس في مستشفى الولادة ( شاركونا بأرآئكم )

الملتقى العام

عند دخولك لأحد المستشفيات الخاصة - قسم الولادة – قد يتبادر إلى ذهنك مباشرة الأعراس والحفلات.. فرائحة البخور والعطور منتشرة في أرجاء المكان.. والأواني المذهبة والمطعمة بالكريستال مهمة الموظفة المسؤولة عن تقديم القهوة والشاي والتي أصبح وجودها من الضرورات لاستقبال المعازيم أو المهنئات بالسلامة.. الحلوى والفطائر والتمور والمكسرات تملأ أركان الغرفة...
أما بالنسبة للأم الوالدة فذاك حديث آخر .. فهي أشبه ما تكون بالعروس ليلة زفافها ..غير أن العروس تجلس على كرسي الكوشة أما هنا فهي على سرير ذي فرش راق يتناسب مع ملابسها وملابس وليدها.. فاللباس من أفخر الجلابيات أو بدل الاستقبال .. والشعر لا بد له من تسريحة مناسبة .. كما أن الماكياج أصبح ضروري لتكتمل الزينة بما يتلائم والمناسبة..
نظرة إلى الأجنحة والغرف في المستشفيات الخاصة .. وخصوصا في أقسام الولادة ..نجد فيها العجاب.. فالأجنحة عبارة عن شقق مصغرة ذات فرش فاخر وديكورات مزخرفة.. تشبه إلى حد ما صالات الأفراح ولكن بشكل مصغر..ومع ذلك قد تعمد بعض النساء إلى تغيير الديكور لتتميز عن غيرها وليكون لولادتها حديث بين الناس.
لن أتحدث عن المبالغ المصروفة لإقامة مثل هذه الحفلات والاستقبالات التي لم تكن معروفة في الماضي والتي بدأت بالانتشار في أوساط النساء.. فالجميع بلا شك لديه علم بالتكاليف والمصروفات وخاصة في ظل ارتفاع الأسعار..
هذا آخر ما توصل إليه بذخ النساء.. ظاهرة حفلات الاستقبال في مستشفيات الولادة أو في المنزل بعد عودتها إليه بالسلامة.. بوفيه عامر مما لذ وطاب من الماكولات والمشروبات التي تتعدى الشاي والقهوة العربية.. ملابس بأغلى الأثمان .. طاقم تضييف على مستوى عال من الشياكة والخبرة..وهدايا توزع على الحاضرات... وغير ذلك الكثير..
حول هذا الموضوع كان لنا في رسالة المرأة هذا التحقيق ..
تقول نورة الشريف وهي طالبة ماجستير في جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية:
انتشر في مجتمعاتنا التكلف الشديد في كل مظاهر الحياة , صرنا نلبس , ونسكن , ونأكل , ونتسوق , ونعيش من أجل التفاخر والتباهي , صارت حياتنا مشوهة , خالية من الألفة والمحبة , لم يعد للمناسبات الاجتماعية طعمها ومتعتها التي كانت , لأنها ببساطة فقدت بساطتها.
الحامل تحتاجُ إلى رعاية صحية , وراحة نفسية , لن تتوفر لها إذا ألزمت نفسها بهذه التكاليف الباذخة , فضلا عن المشاكل التي قد تتسبب
بينها وبين زوجها بسبب الأموال التي ستتطلبها مثل هذه الاستعدادات المتكلفة
أما في حال كان هذا هو العرف السائد في الأسرة المحيطة , فيمكنها بالتسديد والمقاربة , أن توفق بين الأمرين , البساطة مع خلق جو جميل في زفة مولودها , بمعنى أن تعتني بهذه المناسبة بشكل جميلٍ ومرتب , على ألا تكلف نفسها مصروفات فوق الطاقة .
ويبقى عرس المولود مناسبة حميدة , لشكر الوهاب على نعمة المولود , لا التباهي وخلقِّ جو من التحاسد والإسراف الذي نهينا عنه , والذي لا يتجرع مراراته سوى أصحاب هذه المناسبات الفارهة .
تتفق الأخت مريم الزهراني ( موظفة) مع نورة الشريف في رأيها حول هذه الظاهرة وتقول:
الحامل المفترض فترة حملها ترعى نفسها وصحتها وتحاول تبتعد عن كل ما نهى الله عنه فهي مقبلة على أمر عظيم وكربة لن تنجو منها إن لم يساعدها الرحيم المنان (ومن ذلك الإسراف المنهي عنه وخصوصا فيما لا فائدة منه كما نرى )...ثم أنها بعد الولادة يجب أن تحمد الله أن أنجاها ورزقها المولود السليم المعافى وأن تتصدق ولا تغضب الله بهذا العمل ...لأن من شكر الله على نعمه ألا نبذر فيها ونسرف فيما لا نفع منه ...أضيفي إلى ذلك ما يثيره هذا البذخ الذي يحدث من حسد وغبن وضغينة عند البعض وما يثيره من إعجاب ومنافسة وتمادي لدى البعض الآخر
تشاركهن الرأي منال وترى أن هذه الظاهرة تقتصر على فئة قليلة جدا في نظرها حيث أنها لم تر أحدا بهذا التبذير .. وتؤكد أنها لا تفكر أبدا بعمل مثل هؤلاء النساء مع أن حالتها المادية ممتازة حسب قولها.. ولكن أهم شيء في نظرها أن يسهل الله ولادتها وأن يرزقها بالطفل السليم المعافى.. وأن تكرم ضيوفها وتستقبلهم بالشيء المتعارف عليه بعيدا عما يغضب الله.
وكذلك الأخت- ح ن هـ - وهي وكيلة مدرسة توافقهن الرأي وتحمد الله أنها من النساء اللاتي لا تهتم بهذه الأشياء لأنها كما تقول تافهة وتدل على نقصان العقل وأن أغلب من يقمن بها يكون مقصدهن من ذلك المباهاة والتميز عن الآخرين بما وضعت وقدمت.. ونحن جميعا نعيش في هذه الدنيا لكي نرضي الله لا أن نرضي الناس.
أما أم غسان تختلف عن سابقاتها قليلا في رأيها حول هذه الظاهرة.. فهي ترى من وجهة نظرها أن ذلك أمراً مقبولاً إن كان في حدود المعقول .. والمعقول يختلف بين الناس.. وتضيف أن المرأة لا تحمل وتلد كل يوم وهذه فرحة تحب أن يشاركها الناس فيها لذلك من حقها أن تفرح ولبس وتتزين بهذه المناسبة السعيدة، لكن كل بحسب ظروفه وإمكانياته.
ومن رمزت لنفسها بـ م ب د فنظرتها لهذه الظاهرة قريبة من نظرة أم غسان إلى حد ما فتقول:
كل واحدة حسب مقدرتها وحسب مجتمعها أيضا.. فبعض المجتمعات تهتم بأدق التفاصيل لذلك من الصعب على المرأة أن تشذ عنهم وهي مقتدرة على ذلك
وتذكر تجربتها في ولادتها بابنها الأول.. فقد تمنت أن تفرش الأرض وردا من فرحتها بقدومه، فهو أول حفيد للعائلتين.. وعملت له حفل استقبال حسب ميزانيتها..
فالأم من وجهة نظرها لها الحق أن عمل ما يحلو لها وليس من حق أحد أن ينتقدها لأنها هي من فعلت ذلك من أجلهم ولم تطلب منهم أن يدفعوا قيمة التكاليف.
وتضيف أن الولادة مناسبة سعيدة مثلها مثل أي مناسبة أخرى مفرحة كالخطوبة والزواج وغيرها .. ولا أحد يستنكر على الآخرين احتفالهم بها.. لذلك ينبغي ألا نستنكر الاحتفال بقدوم المولود الجديد والفرحة به.
تشاركنا في هذا الموضوع الأستاذة بدرية العبد الرحمن - المختص الاجتماعي بالثقافة والصحافة والمجتمع – وترى أن من الخصائص الاجتماعية التي يتسم بها المجتمع الخليجي هي احتفاؤه بالكثرة والفخامة من كل شيء، ولا أعلم إن كانت هذه الخصيصة طارئة على مجتمع الخليج بسبب حالة الرخاء النفطية المفاجئة أم كانت أصيلة في وعينا الاجتماعي، لكن مايهمنا هنا هو أن الفخامة والكثرة والتفنن فيهما بشكل خال من المعنى أصبحا ظاهرين بشكل قد لايكون مفهوما ولامقبولا.
ولعل تفاقم ظاهرة تقديس المظاهر والبحث عن الفخامة والكثرة هو دائرة لانهائية ابتدأت بالمبالغة في ظهور حفلات الأعراس ..الولائم ...والتنافس المحموم بين العائلات في من أفضل من من، ومن ثم امتدت لتصل إلى حفلات التخرج ..وحتى العزاء...وبشكل ساخر حفلات الطلاق، وأخيرا التفنن في إخراج حدث الولادة بأفضل وأفخم شكل ممكن
الأمر مؤسف جدا في نظري، ووخيم، لأنه يدل قطعيا على تغلغل ثقافة الاستهلاك والخواء والبهرج والهدر في الوعي الاجتماعي في المجتمع الخليجي،
بمعنى أنه لو كانت المبالغ التي تصرف من أجل إخراج حدث الولادة تصرف في أمر ينفع الأم أو المولود ، لكان الأمر مفهوما ومقبولا ولأصبح من حقنا الاحتفاء بحدث الولادة كرمز لظهور حياة جديدة . لكن ما يحصل هو بعزقة بالمعنى الحرفي لهذه الكلمة من أجل الحصول على كلام واستحسان ، هدر واحتفاء بالهدر واللا حكمة في صرف المال رغم أن الوضع الاقتصادي العالمي والخليجي ينحدر ولا يحتمل الوضع إضاعة أموال كان حقها أن تنفق في تأمين مستقبل الأم والطفل معا
على كل حال، الجنون الاستهلاكي الذي تنغمس فيه مجتمعات الرخاء الفجائي ليس شيئا جديدا في التاريخ ، وليست المجتمعات الخليجية بدعا من الأمم في مجاراة موجة الاستهلاك التي تضخها وترعاها وسائط الإعلام الضخمة، لكن على كل أمة أن تظهر حكمتها ووعيها في تدبير المال وتدويره بدلا من هدره
كما أن على العائلة الخليجية كعائلة مسلمة بالدرجة الأولى أن تظهر ثقافتها الإسلامية والعربية في كل لحظاتها، ومن المؤكد أن ثقافتنا الإسلامية التي تحتفي بالإنجاز والزهد لن توافق على أي مظهر من الإسراف والهدر والاستهلاك المبالغ فيه..
وإذا كان الله تعالى قد جعل المبذرين إخوان الشياطين فإن واجب الخطاب الديني الاجتماعي إدانة هذه المظاهر والعمل على مكافحتها عبر مزيد من التوعية الدينية والحث على الحكمة في إنفاق المال، وإدانة ثقافة الهدر والمظاهر التي استهلكت طاقات مجتمعاتنا العربية وحدت من قدرتها على التقدم .



سمية السحيباني

موقع رسالة الإسلام
109
9K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

فــــلك
فــــلك
في مجتمعاتنا التكلف الشديد في كل مظاهر الحياة , صرنا نلبس , ونسكن , ونأكل , ونتسوق , ونعيش من أجل التفاخر والتباهي , صارت حياتنا مشوهة , خالية من الألفة والمحبة , لم يعد للمناسبات الاجتماعية طعمها ومتعتها التي كانت , لأنها ببساطة فقدت بساطتها
..
..
طرح مميز بارك الله فيك
ام فوزان
ام فوزان
كلام رئع وجميل وياريت الناس تسمع و يتركون التقليد السئ ومعظم الاحيان يكون من السلف او الدين
مثل العسل
مثل العسل
مقاله رائعه تضرب على الوتر الحساس لبنات حواء عموما

انا ضد التكلف الزائد يكفي ترتيب وتهيئة الجو للزوار بمكان نظيف وضيافه متواضعه ..
الموج الهادئ55
كلام رئع وجميل
حلاتي بحجابي
حلاتي بحجابي
طيب ياعزيزتي الناس أحرار في حياتهم وإنتي الله يهديك وش حارق رزك