امي والزمن الجميل

الملتقى العام

( أمي والزمن الجميل)




جلست إحدى زميلاتي واجمة البال، كسيفة الحال ، ويدها على خدّها وتنهدت بصوت مسموع فسألناها عن شكواها فأجابت ؛ خادمتي تصّر على السفر خلال هذا الأسبوع لظروفها الطارئة  ورمضان قادم ولاأدري ماأفعل ؟!
طبعاً تفاعل معها الجميع وتعاطفوا مع حالتها البائسة وبدأوا بتقديم الحلول لها فهذه تقول : زيدي راتبها حتى لو وصل إلى الضعف! وأخرى تقول: ابحثي عن خادمة مؤقتة وتداركي نفسك قبل رمضان !
والثالثة قالت : ضعي أفراد أسرتك أمام الأمر الواقع  وريحي نفسك وأعطتها قائمة طويلة بأفضل المطاعم للأكلات الرمضانية ، وأرقام النساء اللاتي يقمن بعمل المفرزنات والمعجنات. 
المهم أن الموضوع استوقفني قليلاً وقلتُ لزميلاتي : لِمَ لمْ تعاني أمهاتنا سابقاً مع رمضان مثل معاناتنا الآن ؟!.
 فضحكت إحداهن وقالت : لايوجد مجال للمقارنة لقد كانت الأمور سهلة والوضع مختلف!! 
فرجع بي الزمن إلى الوراء حيث كان الوضع بالفعل مختلفٌ تماماً حيث لم تكن هناك خادمة تعين أمي  على العمل ، تذكرت كيف كنّ****ركها ترتيب أغراض رمضان بسعادة غامرة 
تذكرت كيف كانت تعجن العجين من أول النهار استعداداً لتجهيزه بعد العصر. 
تذكرت صورتها وهي تقص شرائح السمبوسة من القرصان الذي قامت بإعداده بنفسهامسبقاً.
  تذكرتها وهي تقلي لنا أقراص التاوة في مطبخ شديد الحرارة وقطرات العرق تعلو جبينها ، تذكرتها وهي تحرص على إعداد الكاسترد ( المحلبية ) يومياً لأنها تعلم كم نحبّها 
تذكرت سعادتنا وهي تدفع لنا بقدر الكسترد لنقوم بلعق ماتبقى لنا منه تذكرت حرصها على إعداد الجلي في أواني معدنية محفورة لأنها تعلم مدى سعادتنا عندما نقوم بقلبها في صحن آخر 
تذكرتها وهي تحاول إعداد بعض الطبخات الجديدة التي لمحتها في شاشة التلفزيون ولم تسعفها كتابتها البطيئة لتدوينها . 
تذكرت سعادتها الغامرة ونحن نتحلق حول سفرة الإفطار ووالدي يثني على أحد الأطباق التي أعدّتها.
تذكرت كيف كان شكل المطبخ مرعباً بعد وقت الإفطار! 
تذكرت معاناتها في أول رمضان في إيقاظنا للسحور عدّة مرات بالرغم من تضجرّنا من ذلك! 
 تذكرت رائحة كبسة اللحم على رز العنبر الذي تميزّت أمي بطبخه .وإلحاحها علينا بالأكل 
ونحن لم نفكريوماً متى قامت بإعداد السحور؟ وهل نامت تلك الليلة ؟وهل ساعدهاأحد في ذلك ؟ 
 تذكرت كمية الأطباق والصحون التي نقوم بغسلها عندما يكون عندناوليمة في رمضان . 
تذكّرت أننا لم نعرف المطاعم يوماً، ولم نستخدم أطباق البلاستيك مطلقاً .
تذكرت مفرش السفرة الذي  كنّا نقوم بمسحه وغسله بعد كل استعمال.
لم أذكر يوماً أن أمي  طلبت منّا الإقتصاد في استخدام الأطباق والصحون توفيراً للتعب في غسلها.




لم أذكر يوماً أنّها تضجرت من العمل أو الطبخ في أجواء شديدة الحرارة !




 لم أذكر يوماً أنها تضايقت من ضيوف والدي الذي يستقبلهم طيلة الشهر بل على العكس كانت تحاول جاهدة أن تظهر بأفضل صورة وتقدم أقصى ماعندها .




لم أذكر يوماً أنها طلبت مساعدة من جدّتي أو إحدى خالاتي عندما يكون عندهاعمل مضاعف !




وفوق ذلك كلّه تذكّرت أن أمي في ذلك الوقت إما أن تكون حاملاً أو عندها رضيع يحتاج إلى رعاية واهتمام وهناك اثنين أو أكثر مازالوا في مرحلة الطفولة المبكرة 




قد تختلف أوتتفق  تفاصيل حياتكم قليلاً عمّا ذكرته سابقاً لكن أنا واثقة  أن لكم أُمهات رائعات عشن في زمن صعب كابدن فيه الكثير من الظروف العصيبة ولكن ذلك لم يمنعهن من استشعار السعادة بإسعاد الآخرين ( الزوج، الوالدين ، الأبناء، الأقارب) 




وأخيراً .....تأكدت أن الوضع فعلاً كان مختلفاً وذلك لأن النساء كن مختلفات أيضاً! 




تحية لأمي العظيمة 
ولكل أمهاتكم أمهات الزمن الجميل
الله يرزقنا رضاهن وبرّهن ويحرّم أجسادهن على النار



منقوووووول
21
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ام حنان الشهري
ام حنان الشهري
جزاك الله خيرا كلمات رائعة
أحب الكرز
أحب الكرز
مقال رووووعة
من جد أمهاتنا كانت ظروفهم صعبة ورغم كذا لا شغالة ولا يشتكون
أما إحنا كل شي متوفر الكترونيات للطبخ والمطاعم ومكيف في المطبخ وفوق ذا شغالة
الله يجزي أمهاتنا بالجنة.
زائرة
حلو مره المقال
مــــتـــرفــــة
ولا كانوا يعانون من السكر والضغط ولا تسقيط الحمل ولا شي

وكان في وقتهم بركة ولا كان في مشاكل زوجية مثل مانشوف الحين

الحين من زود الفراغ اللي عند بعض الحريم ماهمها غير تراقب زوجها

حتى واجباتها الدينية اتركتها اقول الله يرحم زمان اول
كرزة بيضاء
كرزة بيضاء
الله على أيا اااايام زمان
تذكرت قدر الشوربة والجريش
والقيمات وسبوسة اللحم
والتطلي
ذكريات ررررررروعة واياااام لن تعود
رحم الله والدينا وادخلهم فسيح الجنان