تغريد حائل

تغريد حائل @tghryd_hayl

عضوة شرف في عالم حواء

قصة صديقتي(صفاء بعمقها وفاء)

الأدب النبطي والفصيح


طفلة تناغي حضن أمها المجهولة....
عنيدة تأبى مغادرة مهد الطفولة...
اتسمت بالعار وذاتها من ذلك براء...
المجتمع نعتها بوصمة عار...وسلب منها حق الإنتماء.
ذرفت دموعاً...وشربت كأس من الحرمان.
كانت صغيرة لاتبرق عيناها سوى بالبكاء...
مقلتاها ذابلتان تشعران بوحشة المكان...
ترتدي فستاناً وردياً شبيهاً بمستقبلها الملطخ بالسواد..
بيدها قطعةُ حلوى تذوب وتنصهر قبل أن تصل للشفاه..وتشكو برد الشتاء.
تفرح بدمية أتتها هدية من امرأة تُدعى رقيقة الأحساس..
إنها(ماما حنان)
صاحبة الفرحة التي جعلت صغيرتنا ترقص وتُقبل دميتها وتداعب شعرها حالك السواد...
لا تعلم بأن أمامها منحدر من الألم!!
لا تعرف من هويتها سوى أسم متعدد الحروفِ...وملامح جميلة بعمر الورودِ!!
أي ورود؟؟؟
بل أشواك تطئها بقدمها الصغير..وبقلبها المثكول.
ليست هذه بقصة خيالية أو سرد أكاذيب...
فلتعلموا يا ساده يا كرام!!!
بأن الدنيا بطولها وعرضها صفعت بطلة قصتي التي أسميتها(صفاء بعمقها وفاء)
واقعية قصتها...وحزنها ثائر كالبركان.
طفلة بدايتها تتهجى حروف الحرمان...وفي نهايتها ترتوي دموعاً وآهات.
وحدها فريدة تمتلك أسمين بصفتين...ومعنيين متضادين...حزن وفرح بمرحلتين.
إنها صديقتي (اللقيطة)
عذراً ...فهي من اصرت على النعت الصريح...
تعلمون لماذا؟؟؟
لإنها تكره أن تُلبس المعاني خلخال التباهي...وتنبذ زخرفة النصوص.
فالأيام لم تكن منصفةً لقلبها المصاب بالسهام!!
الكل نعتها باللقيطة...مجهولة النسب والمكان.
فاصبح مستقبلها حطام...
فلم تعد تغضب من تجاويف العقول العقيمةِ ..
رفيقتي قصتها قصة حزن سرمدي...قاسي الطباع.
يجول خارطة الذات ..
هأنا ساحكي فصول قصتها بشرط أن لاتدمع أعيونكم مثلي واستبدلوها بأصدق الدعوات.
عند بزوغ فجر يوم الأثنين...5 ذي الحجة...
علت المنابر بذكر الله ..وتأهب المصلون للخروج من فناء مسجد الحارة القديمة..
شاء القدر أن تنظر أعينهم على أعتاب الباب طفلة باكيةً بمهد ملطخ بالظلم والضيم...
وتصرخ ضحية ذنب لم تقترفه..
التفوا حولها الرجال والصبيةِ وعاملي النظافة...
منهم من بكى وتقطع قلبه وتحسب على الجاني والظالم!!
ومنهم من عتب على قسوة الأيام معدومة الأحساس!!
ومنهم من نظر بعين غير مبالية...ورجع يخلدُ بفراشهِ...ويكمل ِسناريو الأحلام.
وكأنه لم يرى سوى قطعة رداء...
أو مسرحية هزلية تُعرض فصولها فوق خشبة الحياة...
عاد الجميع...والطفلة البريئة بين ذراعي المؤذن المسكين العم(عبدالله)
حارَ وفكرَ ماهو الحل؟؟
وكيف الخلاص؟؟
فتوجه لقسم الشرطةِ...وأخبرهم حكاية طفلة وحيدة تفترش الطرقات..بمهدً رثً قديم.
فيا ساده يا كرام.....
تم البحث والتحري ...فلم يجدوا خيط ولو ضئيل يقودهم لبر الأمان...
وزادَ الصراخ والبكاء..
احتاروا !!
أهي جائعة؟؟ أم خائفة من غدر الأيام؟؟
كيف لا؟؟!!
وهي يتيمة تعض اصابع الخيبة والإستسلام...
الأرض حصيرها...والسماء غطاءها...ورحمة الله فضاءها الوسيع...
ونجومه رفيقات درب...وشاهداتُ لوعة وحزن مرير...
وفي وسط هذا البكاء ...حملتها يد طاهرة بيضاء...
يد امرأة ...ورجل..لم يرجعا للنوم ...كما فعل(فلان وعلان)
متسائلين أين الرحمة والضمير؟؟؟
كيف لأم يستطع قلبها أن ترمي فلذة كبدها في معترك الحياة!!
وحيدة خارج بستان الإنسانية...وخلف أسوار الأحساس...
ذرفت عيناها...وهي تفكر...ماحال هذه المسكينة؟؟ وأين ستعيش؟؟
الكل سيحتقرها وينبذها ...بذنب رجل وامرأة ومعهما الشيطان.
رفيق شهوة ...وانحراف دين وأخلاق..
وكان مابين الأقواس حديث نفس تُحاكي عاطفة وامومة..
خيم الصمت لبرهة على المرأة المذهولة...
ويداها ترتجفان شفقة ..وترنيمة إحساس...
وإذا بصوت زوجها يقطع حبل الأفكار..
ويُذكرها بأن الله لطيف بالعباد...
وأن كافل اليتيم يصاحب رسولنا الكريم بالجنة...
وأن الله لا يضيع أجر المحسنين..
وبينما هو كان يحاورها كنتُ أنظر إليها وفي عيناي ذل وإنكسار..
وتوسل ورجاء...وسطوراً غاضبة مكتوبة بدمع المقل..
فتباً لمن سلب البسمة من فم الرضيع...
تباً لمن غاب عن قلبه مراقبة الله..ومات في أعماقه صوت الضمير.
تباً لجسد كالحرباء يتلون ويمشي بقلب صناعياً ضرير وحقير..
لا تألموني...
فعقلي مصدوم...وقلبي يتأججُ باللهيب.
فعندما كنتُ العب مع أطفال الحارة...
وكنتُ أختبئ خلف الجدار الذي كان من طين...
سمعتُ حواراً هامس برئ...
بين طفلتين جميلتين...ذات ضفائر من حرير..
واحدة أسمها هيفاء...والأخرى نوال.
تقول هيفاء لنوال: تعرفين صفاء بعمقها وفاء؟؟
نوال: نعم أتقصدين رفيقتنا إبنة الجيران!!
هيفاء : من قال لكِ بإنها إبنتهم،فلقد سمعتُ أمي تقول ذلك لجارتنا (أم ركان)
نوال: مامعنى ذلك؟؟
هيفاء: معناه إنه ليس لها أب وأم مثلنا يحبونها..ويشترون لها الألعاب!!
ولأبد أن نبتعد عنها..فهي كذبت علينا وستدخل النار...
وابتعدوا الأطفال عني ...وبقيتُ وحيدة..
لم يبقى لي سوى الله ومن ثم دميتي...ودمعتي...وأمي (ماماحنان)
فلا تألموني....فأنا لم العب معهم(فتاحي يا وردة ....سكري ياوردة)
ففضلتُ النظر من بعيد ...خوفاً من الإصتدام البرئ....
فلا تألموني يا ساده يا كرام...
فعندما لاح الصباح،تجملتُ وتعطرتُ ...وأخذتني النشوة لمدرستي الصغيرةِ...
فأنا في الصف الأول الإبتدائي...وأنتقلتُ للفصل الدراسي الثاني..
اذاً أنا كبيرة..وفرحتي عظيمة...يالي سذاجة الطفولة!!
وفي نشوة فرحي ...صحوتُ على صوت معلمتي...غاضبة ناهرة.
تقول وتنادي: صفاء بعمقها وفاء بنت فلان بن فلان الفلاني...موجودة.
فلم أرد!!
وكانت صدمتي قوية...
فاقتربت منا ...وأخذت تبحث عن قلب جاهل الحقيقة...
فرمقتني بتلك النظرة العجيبة...
وقالت: ألا تسمعين أسمكِ ياجميلة؟؟
فقلتُ: ليس بأسمي يامعلمتي الكريمة!!
قالت بسخرية: ربما كان أسمي ياصغيرة!!
مبروك...هذه شهادتكِ خالية من الرسوب..ولا ينسى والدكِ الكريم أن يضع توقيعه اللطيف.
حينها ذُهلتُ ..ودارت بي الأرض...وندمتُ إنني اصبحتُ كبيرة.
وعدتُ لمنزلي ..وبإنتظاري...القلب العظيم (أمي الغالية)
حضنتني فكان حضنها بلسماً كالربيع..بكيتُ وسقطتُ كالشجرِ وقت الخريف.
فقالت: لاتبكي ياحلوتي..فدموعكِ علي غالية...
فاالله موجود حيّ لايموت...فلما تذرفين الدموع؟؟
وخالقنا يرى ويسمع سرائر النفوس..
ألم أقل لكِ دعي القرآن رفيقكِ ...وقنديلكِ المنير.
فلا تألموني...
ولا تأخذكم الظنون بأن الظلم والحرمان...ذلني وكسرني.
وأضاع مفاتيح السعادة...فلم يتحقق شيء من ذلك!!
بل زادني إيماناً بالله وصرامة...
وجعلت مني شخصية مهابة ذات صبر وجلادة...
أحببتُ الله وأحبني...فأنزل بقلبي شفافية وطهارة..
فلم أنكس رأسي يوماً من أجل عقولاً جاهلة اللباقة...
هكذا أمي علمتني..كيف أوجه الأمواج العالية..وأكون صامدة كجبال أجا وسلمى العريقة...
وأن أكون قوية ورقيقة كالفراشة...
فاسمحوالي ياساده ياكرام أن يكون بوحي الأخير...رد جميل ولو بالقيل لا سرتي..
أمي الغالية..ياقصيدة تُلحن على قمم السعادة.
يارواحاً ساميةً تعشق الإيثار..
أمي يأغلى من الدر...وأصدق من الابتسام...
جزاكِ الله خيراً..وأثابكِ على قدر النوايا...
فليس لي أماً غيركِ،حتى وأن ظهرت تلك الغمامة..
فأمي من حضنتني وربتني ...وأغدقت حب ودلال..
ومن أهدت لي دمية على شكل يمامة..
لا من رمتني على اعتاب ذلك المسجد وهربت كالجبانة..
أمي من جعلت الشرف والعفاف ...تاج أخلاقي..
لا من سقتني الظلم والقهر قبل الولادة...
أحبكِ أمي...فليس لي أماً غيركِ تروي حنايا قلبي صبراً وشجاعة..
ولكم اسرتي..أخواتي..وإخوتي..جميل محبتي وبافة عرفاني..
فأنتم زهوري وبستاني..
جزاكم الله خيراً بقدر مأساتي...وبقدر سعادتي..

..........

ما رايكن أخواتي فراشاتي...ببطلة قصتي.
الأ تستحق أن تكون سفيرة شجاعة في دنيا الأحلام...
23
4K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
ياغالية ياتغريد !! جعلتني أعيش حقاً في داخل تلك القصة وأتشربها بأحاسيسي ووجداني !!

رائعة السرد .. غزيرة العاطفة .. شجية المعاني أنت ..حقاً أسرني قلمك !! وأعجبتني أبعاده العميقة !!

هنا أنت تسطرين لك طريقاً آخر من رقيق شعورك في عالم القصة .. كما سطرته في الخواطر ...

إنها فكرة تصور واقع متكرر بثوب جديد .. . تقصر كلماتي عن التعبير عن مدى تأثري بالقصة ..

وإعجابي بفيض قلمك ونبض حروفك .التي ترتوي منها الأرواح الشفافة
تغريد حائل
تغريد حائل
ياغالية ياتغريد !! جعلتني أعيش حقاً في داخل تلك القصة وأتشربها بأحاسيسي ووجداني !! رائعة السرد .. غزيرة العاطفة .. شجية المعاني أنت ..حقاً أسرني قلمك !! وأعجبتني أبعاده العميقة !! هنا أنت تسطرين لك طريقاً آخر من رقيق شعورك في عالم القصة .. كما سطرته في الخواطر ... إنها فكرة تصور واقع متكرر بثوب جديد .. . تقصر كلماتي عن التعبير عن مدى تأثري بالقصة .. وإعجابي بفيض قلمك ونبض حروفك .التي ترتوي منها الأرواح الشفافة
ياغالية ياتغريد !! جعلتني أعيش حقاً في داخل تلك القصة وأتشربها بأحاسيسي ووجداني !! رائعة...
أختي اللطيفة فيض...
جميل هذا الشعور من حورية رقيقة...تُحفز قلمي دائماً نحو عطاء لامحدود الهدف والطريق.
أسعدني ثناءكِ ،وحملني فوق شمس الأمل بيوم جديد..
استطعتي انتشالي من بقايا تأثر وحزن عميق...اجتاحني بعد قصتي هذه....فكيف بصديقتي صاحبة القلب الجريح..
حفظكِ الله ...فتغريد بدون فيض تتوه..وتفقد الطريق...
ليالي الهمس
ليالي الهمس
غاليتي تغريد حائل انت بحرا من العطاء مليئ بكل ثمينا وغالي
لقد جعلتني ابحر في قصتك واعيش المها وحزنها قصة رائعه
روعتها كروعتك فيعطيك الف الف عافيه على هذه
القصه المميزه والمليئه بالمشاعر الفياضه
دلول&كوكو
دلول&كوكو
يالروعتك!‏
كم اذهلني نزف قلمك ‏
الذي عشت ‏
معه ‏
عالم ‏
اخر ‏
مليء ‏
بالظلم ‏
والحرمان ‏
اشكرك ‏
على ‏
ابداعك وجمال طرحك



كنت هنا،،دلول
تغريد حائل
تغريد حائل
غاليتي تغريد حائل انت بحرا من العطاء مليئ بكل ثمينا وغالي لقد جعلتني ابحر في قصتك واعيش المها وحزنها قصة رائعه روعتها كروعتك فيعطيك الف الف عافيه على هذه القصه المميزه والمليئه بالمشاعر الفياضه
غاليتي تغريد حائل انت بحرا من العطاء مليئ بكل ثمينا وغالي لقد جعلتني ابحر في قصتك واعيش المها...
أختي الغالية...
عطائي مستمد من عطاء اقلامكن الراقية،وأخلاقكن رفيعة المقام...
فشكري العميق على التجوال الذي اسعد القلب والوجدان..
حفظكِ الله...فراشة تطير في سماء الصفحات...