شرح حديث( أن الله يرضى عن العبد أن يأكل الأكلة..) من رياض الصالحين للعثيمين رحمه الله

ملتقى الإيمان

عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها ) رواه مسلم(161) . والأكلة بفتح الهمزة هي الغدوة أو العشوة .



الشرح


قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها ) وفسر المؤلف ـ رحمه الله ـ الأكلة بأنها الغدوة أو العشوة ، أي الغداء أو العشاء . ففي هذا دليل على أن رضا الله ـ عز وجل ـ قد ينال بأدنى سبب ، قد ينال بهذا السبب اليسير ولله الحمد . يرضى الله عن الإنسان إذا انتهى من الأكل قال : الحمد لله ، وإذا انتهى من الشرب قال : الحمد لله ؛ وذلك أن للأكل والشرب آداباً فعلية وآداباً قولية .

أما الآداب الفعلية : فإن يأكل باليمين ويشرب باليمين ، ولا يحل له أن يأكل بشماله أو يشرب بشماله ، فإن هذا حرام على القول الراجح ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب بشماله ، وأخبر أن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ، وأكل رجل بشماله عنده فقال : ( كل بيمينك ) قال : لا أستطيع ، فقال : ( لا استطعت ) ، فما استطاع الرجل بعد ذلك أن يرفع يده اليمنى إلى فمه(162) ؛ عوقب بهذا والعياذ بالله . وأما الآداب القولية : فإن يسمي عند الأكل ، يقول : باسم الله، والصحيح أن التسمية عند الأكل أو الشرب واجبة ، وأن الإنسان يأثم إذا لم يسم الله عند أكله أو شربه ، لأنه إذا لم يفعل ، إذا لم يسم عند الأكل والشرب ، فإن الشيطان يأكل معه ويشرب معه .

ولهذا يجب على الإنسان إذا أراد أن يأكل أن يسمي الله ، وإذا نسى أن يسمي في أول الطعام ثم ذكر في أثنائه فليقل : باسم الله أوله وآخره ، وكذلك إذا نسى أحد أن يسمي فذكر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عمر بن أبي سلمة وهو ربيبه بن زوجته أم سلمة رضي الله عنها ، حينما تقدم للأكل فأكل ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا غلام سم الله ، وكل بيمينك ، وكل مما يليك )(163) وهذا فيه دليل على أن التسمية ـ إذا كانوا جماعة ـ تكون من كل واحد ، فكل واحد يسمي ، ولا يكفي أن يسمي واحد عن الجميع ، بل كل إنسان يسمي لنفسه .

أما عند الانتهاء فمن الآداب أن يحمد الله عز وجل على هذه النعمة حيث يسر له هذا الأكل ، مع أنه لا أحد يستطيع أن ييسره ، كما قال تعالى : ( أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) (الواقعة:63 ،64) ، ( أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) (الواقعة (86،96) لولا أن الله عز وجل نمى هذا الزرع حتى كمل ، وتيسر حتى وصل بين يديك ، لعجزت عنه .

وكذلك الماء ، لولا أن الله يسره فأنزله من المزن وسلكه ينابيع في الأرض حتى استخرجته لما حصل لك هذا ، ولهذا قال في الزرع : ( لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) (الواقعة:65) ، وقال في الماء : ( لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ) (الواقعة:70) ، فلهذا كان من شكر نعمة الله عليك بهذا الأكل والشرب أن تحمد الله إذا انتهيت من الشرب أو من الأكل ، ويكون هذا سبباً لرضا الله عنك .

وقوله ( الأكلة ) فسرها المؤلف بأنها الغدوة أو العشوة ، ليست الأكلة اللقمة ، ليس كلما أكلت لقمة قلت : الحمد لله ، أو كلما أكلت تمرة قلت : الحمد لله ، السنة أن تقول إذا انتهيت نهائياً . وذكر أن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ كان يأكل ويحمد على كل لقمة ، فقيل له في ذلك فقال : أكل و حمد خير من أكل وسكوت ، ولكن لا شك أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وأن الإنسان إذا حمد الله في آخر أكله أو آخر شربه كفى ، ولكن إن رأى مصلحة مثلاً في الحمد ؛ يذكر غيره أو ما أشبه ذلك ، فأرجو ألا يكون في هذا بأس ، كما فعله الإمام أحمد رحمه الله . والله الموفق .
7
6K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

المشتاقة لجنةربها
بوركتِ ياغاليهـ ع الطرح القيم جداً
ربي يسعد قلبكـ ويرضى عنكـ
ويجعلني واياكـ ممن يتبع سنة الحبيب المصطفى بأبي هو وأمي
صلوات ربي وسلامهـ عليهـ ,,
تستحقي التقييم ع الأداب القيمه
مودتي ..
Ms.NoLa
Ms.NoLa
الله يجزيكِ الف خير
666 بدون اسم
666 بدون اسم
جزل الله خيرا
rory33
rory33
سبحان الله
شفته بفرح
شفته بفرح
يجزاك الله خير
سبحان الله
دائما نذكر الاهل عند الاكل ان يقولو بسم الله
وما يجي على بالنا نذكرهم بان يحمدوا الله سبحانه وتعالى
يجزاك الله خير