روح الفن
روح الفن






بسم الله الرحمن الرحيم



منفذ جميل يحيلنا على مرايا تنعكس على سطح الذاكرة
لنبصر تلك العوالم الغابرة برؤية مختلفة و بنظرة مغايرة

ويكفينا متعة النبش حتى و إن كان هناك بعض الخدش
لنحرك بعض ما اختزن وما أُحتفظ به في أرشيف الزمن


أعتبرها نوعا من التريض و التزحلق على جليد الذكريات

أخيتي دونا أسجل بين كثبان الغبار الزاحف وبين نسيج الأحرف
متابعتي و استمتاعي بسحـــــر المــــــــرايا و هذا الزخرف




و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

مـــوهـــومـــه*
ها أنا ذا مغمضة عيني ,, لأختار ورقة تعكسها لك المرآة


يا مرآتي يا مرآتي
يا كتاب حكايتي
و صور ذكرياتي




خبريني..
ذكريني..
عن أحلى مغامراتي..



ذكريني بــ (الخروف اللعوب)..


توهجت المرآة


وتلامعت صور صفحات القصة ..




*


كان عمري وقتها ست سنوات .. كان وقتها نهاية فصل الصيف .. بشمسنا الحارقة .. ونهارنا الطويل ..


كنت أستيقظ باكراَ من السابعة تقريبا ..وأنطلق إلى حديقة منزلنا, موقظة من يقطن أي حجرة بطريقي .. يومياَ هذا الأمر . كان الطريق إلى السلالم يمر بثلاث حجرات.. بعد حجرتي.. أما بقية الحجرات فكانت قبل حجرتي .. كان المنطق يخبرني وأنا بذلك العمر ألا أتراجع بل أتقدم ومحظوظ من كانت حجرته قبل حجرتي ..


وأبدأ بطقوس الإيقاظ اليومية ؛ لأبد بحجرة أخي الحنون فيبتسم ويقول قليلا من الوقت وألحق بك ,, أحيانا لايأتي والأكثر يصدُق وينزل ..ثم حجرة المشاكس الأصغر وكان صغيراً وقتها ربما لا يفيدنا أن أيقظه ولكن هذا هو النظام ليصرخ باكياً ويتوعدني بصوت صارخ أنه سيخبر أمي .. الحجرة الأخيرة التي في طريقي كانت لأختي الكبرى وكانت قد تزوجت والغرفة شبه مهجورة و بزيارتها تنير ...


أهبط عبر السلالم قفزاً وبخطوات مسرعة وكأني لا أعرف المشي إلى الحديقة راكضة لاعبة كل يوم لنا مغامرة ,وحكاية ,,وألعاب لاتتكرر,, ولكن الفراغ والملل ببعض الأوقات يأسرني لأن حبيبتي لاتزال نائمة تماماً كالأميرة النائمة .. وحجرتها من حسن حظها وسوء حظي قبل حجرتي ,, وأنتظر إستيقاظها متى شاءت إلى أن لمعت فكرة ذكية برأس أخي الكبير الذكي وأشار علي بأن أتحايل كل يوم بحيلة لكي أوقظها ,, مرة أسعل عند باب حجرتي بصوت مرتفع قليلاً دون طرق بابها, ومرة أقذف نافذتها بألعاب بلاستيكية ودمى منوعة , ومرة آخذ منها الوعد قبل النوم بأن توقظني هي لأظل أنتظر إيقاظها لي رغم أني فعليا مستيقظة ولكن لا أفرح بإحراجها وبأني سبقتها , ومرة بأن أرسل الخادم أخي الأصغر الذي كان يتعب من المجهود صاعدا وهابطا على السلالم ,, و ببراءة ممزوجة بمكر عملنا له غسيل دماغ فقد بثثنا في عقله مقولة _ صغير القوم خادمهم _ وعندما يسألنا عن المعنى كنا نقول أي {ملكهم وسيدهم .... وكان يسعد وكأنه فعلا سيد مطاع ... كانت أوامرنا متنوعة له وأستمر الحال على ماهو عليه إلى أن أخبره أبي بحقيقة المثل والحمد لله أنه كان متأخراً بأشهر إذ أبى وأستعصى علينا بعدها أن يلبي لنا أي خدمة ...


نقضي بقية اليوم خارجا .. دخولنا للمنزل كان محدودا بطعام أو ماشابه ذلك إلى المغرب وكأننا طيور تتلهف قبيل الغروب لأحضان أعشاشها,, نتطاول بأجسادنا الصغيرة إلى المائدة ونتناول ما أ‘عد لنا , ونأخذ حماما هانئا وإلى أسرتنا وكأننا من حرب عائدون ...




**


وهكذا دواليك إلى أن جاء يوم بغاية الروعة مازلت أذكر والله ماكنت أرتديه ذلك اليوم ,, كنت أرتدي فستان أزرق بلون السماء مزينا بزهور بيضاء صغييرة, رافعة شعري_ ذيل حصان _ بشريطة بيضاء وحمراء.. زارنا ضيف محبب صديق لحبيبي والدي على الغداء , تحلقنا أنا وإخوتي حوله قبل خروجه عصرا, كنت أحبه جدا ولا أزال .. كان يسألنا عن أمورنا وأحوالنا وما نريد ليحضر لنا المرة القادمة فالكل طلب شيئا مختلفا بإستحياء تحت إصراره ,, وعندما جاء دوري {وأنت يا حلوة ما تريدين طلبته خروف صغير فضحك وقال : ألا تخافين فأجبته بالنفي .. طلب مني فتح كفي ثم وضع خنصر كفه على خنصري الصغير وقال_ الله لايعوق بشر_ خروفك عند المغرب سيصلك ,, طبعا وبقية إخوتي وعدهم كذلك بإحضار ماطلبوا وكانت طلباتهم لاتقارن بطلبي الغريب ... بمجرد دخولي إلى المنزل رأيت أمي عابسة غاضبة ... تسألني كيف تجرأت لأطلب هذا الطلب ..كان هذا بعد وشاية من أحد إخوتي ليس الحنون ولا المشاكس إنما الصعب السهل ,, لأن صباح عاكرا مر بيني وبينه .. فركضت إلى أبي ودموع الخوف ليس من أمي إنما من ضياع حلمي في إمتلاك خروف ,, وأخبرته فضحك بصوته الحنون وقال_ مايخالف قولي له أبوي بيشريه منه _ وارضي أمك وقبلي رأسها وهذا ماحصل ..




***


لا أخفيكم سعادتي وطبول بقلبي ترقص من الفرح ,, حتى نعست الشمس ليجيء المغرب وأذن الأذان وانطلق الجميع لأداء الصلاة .. وأنا على درجة أمام مدخل المنزل أنتظر عم ... وخروفي الصغير حتى إنتهت الصلاة بالجامع القريب ,, وبدأت دموعي بالتساقط حسبت أنه خذلني وكانت حبيبتي تهدء من مخاوفي مرة ,,ومرة تقلد ملامح وجهي وتضحك محاولة إضحاكي ,, ومرة تقلد صوت الخروف ,, ومرة تصارحني برغبتها الصريحة بعدم إحضاره لأنها تخاف كل شي وأي شي باستثناء طائرها الأخضر, وحصان أسود .. وأمسكت بيدي وقالت سنقنع أبي بأن يشتري الكثير من الخراف ولكن , يضعها بالمزرعة !! ودعي خروف عم { .. .. لصاحبه ,,وسحبت يدي وهممنا بالدخول وإذا بالباب يفتح ويدخل أبي وعم {.... والسائق حاملاً خروف صغير أبيض اللون عيناه لامعتان .. شهقت بقوة وركضت بدموع الفرح لأحتضن أبي ليذكرني بأنه ليس صاحب الفضل إنما صديقه الكريم ,, ولي عذري فأبي كان كالعصا السحرية ,, ومارد إبريق علاء الدين بالنسبة لي ...





\\


معذرة يا صاحبة المرآة ولكن أبت ذكرياتي أن تختزل أو تختصر فكل همسة فيها محببة لدي ..إن كان هذا لايؤثر على جمال متصفحك وخيالك المرسوم له أكملت إن رغبتن أو أعجبتكن ,,وإن كان العكس فلا بأس وهذه صفحة من قصتي وأتوقف بلا عتب ...


دمتم بود
دونا
دونا
مـــوهـــومـــه*
رائعة أنت بكل ما تحمله هذه الكلمة من روعة
مازالت البسمة تأبى أن تغادر ثغري حتى بعدما فرغت من الكتابة
معك شعرت أنني أعيش حياة تشبه حياة (هايدي)
حياة لطالما حلمت بها كل طفلة
على الرغم من أنني أخاف جميع أنواع الحيونات ماعدا العصافير

موهومة
فلتكتبي و لتنثري ريحيقك
فقد لامستِ وجداني
دونا
دونا
.. صباحكِ ورد .. كانت متعة كبيرة وفائدة قضيتها هنا .. بارك الله المداد دونا .. وأسعدك دوما وأبدا ..
.. صباحكِ ورد .. كانت متعة كبيرة وفائدة قضيتها هنا .. بارك الله المداد دونا .. وأسعدك دوما...
يا مرآتي يا مرآتي
ياكتاب حكايتي
و صور ذكرياتي


خبريني..
ذكريني..
عن أحلى مغامراتي..


ذكريني بــ "قصة الحمّام"


توهجت المرآة
و بدأت تحكي القصة
-----------------------------

عندما نجحت في الصف السادس
قامت أمي بتسجيلي في دورة صيفية لتعليم اللغة الإنجليزية
حتى تساعدني في المرحلة المتوسطة
وسجلت معي أختي
-على فكرة أختي هذه هي شريكتي في جميع مغامراتي-

و لأنها كانت إجازة فقد كنا أنا و أختي نسهر ليلاً
و نستيقظ مرهقتان صباحاً
وعوضاً عن أن تكون الدورة متعة
باتت نقمة

وفي يوم من الأيام
ونحن نبيت في بيت جدتي
حيث كان والدي مسافرا
أيقظتنا امي من أجل الدوام الصباحي

وفي يوم أيقظتنا أمي متأخرتين
ذلك اليوم كنت في غاية التعب

نظرت إلى خالاتي النائمات بجواري
وقلت في خلدي
((ياحظهم.. ياريت اليوم تصير معجزة و ما أروح المعهد))
وسط إصرار أمي
قمنا واتجهنا إلى الحمامات

كان هنالك حمام قريب
هو الذي نستخدمه عادة
أسرعت إليه

وذهبت أختي إلى الحمام التابع لقسم الضيوف حتى تختصر الوقت

ذهبت إلى الحمام و فرشت أسناني
لبست ملابسي و سرحت شعري
و مضت الدقائق
انتظرتها و انتظرتها
ولم تخرج
وعندما فاض الكيل
طرقت عليها باب الحمام

فأجابتني متلهفة
((انا محبوسة.. انكسر مفتاح الحمام و أنا أفتحه))
وقتها وبلا شعور أجبتها
(( عن جد أجل ما راح نروح المعهد))

طرت عند أمي وجدتي وأخبرتهما بالحدث الجلل
أذكر يومها أن جدتي الله يرحمها ظلت تنتظر عند باب الحمام
تحادث أختي
و تقص عليها حتى لا تشعر بالخوف
إلى أن جاء النجار
الذي خلع مقبض الباب
ومن ثم فتح الحمام
لتخرج من خلفه أختي و كأن شيئاً لم يكن
حيث أسرعت لفراشها و أكملت نومها

المضحك في الأمر أنني ظللت أسخر منها لأيام
و بعدها انكسر علي نفس المفتاح في نفس الحمام
وحُبست هناك

و لم تنتهي قصة المفاتيح إلى هذا الحد

قبل عامين كنت اعمل في مكتب نسائي صغير
الآن أنا عاطلة
:(
المهم كان المكتب في عمارة سكنية كلها شقق للإجار
فكنا نعمد لقفل الباب بالمفتاح من الداخل

اذكر في يوم أن اثنتان من الموظفات حضرن متأخرات
بعدان أقفلنا الباب بنصف ساعة
حاولن أن نفتح لهم دون جدوى
المفتاح علق
لا يتحرك يمينا و لا شمالا
بحثنا هنا و هناك
إلى أن وجدنا مفكاً
فككنا المسامير عن مقبض الباب
فوقع و بقي المفتاح في مكانه
كل هذا حدث ونحن في حالة ضحك هستيري
محبوسات و نضحك!!
و في الأخير فطنا لحل
و اتصلنا على حارس العمارة
اللذي أحضر نجاراً أنقذ الموقف

فلتحذروا المفاتيح
فهي مرآة بوجهين
مـــوهـــومـــه*
****


مشاعر متراقصة مختلفة شعرتها برؤيته ,, وإبتدات الأفكار تنهال علي ...أين ينام ؟ ماذا أطعمه ؟ هل أستطيع أن أصنع له سرير ؟ قاطع أفكاري المتلاحقة صوت عم { .... قائلا : عز الله ماذاقت النوم الليله _ خذي أسدك ولاتهملي أمورك لأجله


قلت له : إبشر تم تم ما تطلبه يا أحسن عم , وعندما تزورنا المرة القادمة ستراه مختلف وكبير, فقال : إذا غدا ازوركم ؟؟!! لم أعلق لأ ني علمت أنه يمازحني ,, فحتى لو كنت صغيرة أعلم إستحالة ذلك ..


دخلنا إلى المنزل لأن أمي حفظها الله طلبتنا ,,, وقلبي مع ذاك الخروف في الخارج وإخوتي تحلقوا حولي .. { هاها :S_45:.. فأنا المطاعة اليوم ...أنا أمتلك مالايمتلكون ,, ووضعت قوانين من يرد أن أدعه يلعب معه ,عليه أن يستمع لأوامري ..ويساعد في ترتيب حجرتي فحتى لو لدينا خدم تأبى أمنا الفاضلة إلا أن نرتب أسرتنا بأنفسنا .. وهكذا ومن يخدمني أكثر أترك له حرية ووقتا مع خروفي أطول ...


*****


لا أعلم كيف نمت تلك الليلة ,, وأستيقظت مبكرا جدا قبيل خروج حبيبي إلى صلاة الفجر ,فقال لي : صلي وعودي للنوم وإلا ستغضب أمك منك .. فقلت له : سأنتظرك حتى تعود لتعيد لي تسميع سورة \ لا أعلم ماهي السورة حاليا فمن يكذب سينسى فحبل الكذب قصير \:icon32: فقد نسيت تجويدها ضحك وقال :حسنا .. كنت أشعر أن الشمس ثقيلة بشروقها هذا اليوم , وأتى أبي وقرأ معنا وأعاد لي السورة مراراً وتكراراً.. إلى أن صعد إلى حجرته مع أمي ... وأنطلقت إلى خروفي نسيت إنضباطي اليومي ,, وقانون الإيقاظ .. فأنا في الأسفل ولاحاجة لي لإيقاظ أحد... الغريب بعد برهة قصيرة من خروجي رأيت أخوتي إلى الخارج راكضين ,, وحبيبتي تلحق بهم ولكن على الدرج تظل مسمرة واقفة ,, فلا تزال خائفة من الخروف


قررنا أن نطلق عليه إسم هايدي ,, وإلى هذا اليوم الذي أسجل فيه لا أعلم هل كان ذكراً أم أنثى ... أخذناه إلى وسط الحديقة.. وعملنا له حماماً معتبراً وغسلنا صوفه الجميل بشامبو ثم جففناه بمنشفة سرقناها من المطبخ ... تعرضنا بسببها إلى توبيخ مروع ,, ثم وضعنا عليه بودرة برائحة عطرة أيضا سرقناها من غرفة أختي المتزوجة .. ثم أطعمناه خبزاً فلم يأكل .. طماط مغسول ومقطع فأبى .. وجبناً فرفض ,, وكان يصيح بصوته إلى أن أحضرت إحدى الخادمات له حليبا فيه قطع خبز مفتت فأكل حتى شبع ثم بدأنا نعلمه ألعابا مختلفة ..


كنا نتغدى بجواره ,, ونقرأ ونحفظ القرآن بجواره .. تغيرت بشرتنا وتلونت بحروق من الشمس ,, فغضبت أمي كثيرأ,, ومنعتنا أن نظل بقربه من الساعة 11 صباحا وحتى الرابعة عصراً .. فكنا نسرق النظر إليه من النوافذ ,,ونحن ندعوا أن يؤذن العصر قريباً .. وتغشانا نسمات السرور لو خرجت والدتي إلى تأدية واجب أو موعد في فترة الحظر ..


******


أصبح هايدي يحبنا ونحبه ,, لحظات رائعة جمعتنا ,,أصبحنا نكره زيارة أحد لنا لأننا سنضر إلى ربطه بعمود الأرجوحة .. أو أن نزور أحد لئلا نترك هايدي وحيداً .. كنا نشعر به يحزن إذا جاء الليل ..ودخلنا إلى المنزل ,, وينادي إلى أن ييئس ثم ينام.. صنعنا له بعد مرور ثلاثة أيام على تواجده بيننا بيتا صغيراً بمساعدة أبي الحبيب بطوب دون إسمنت أو فواصل وباب من خشب حتى يحميه ... وحذرنا أبي الحبيب بإصرار أن نتكأ على منزله لئلا يقع أو نتضرر .. بدأت حبيبتي رويدا رويداً تتقرب منه ولاتخافه ,, وأصبح يلعب معنا فنحن نهرب وهو يلحق بنا ومن يمسكه يصبح عليه الدور بأن يقوم بملاحقتنا وهلم جرى ..


كان يلعب معنا لعبة الإختباء وما أجمله فمكانه واحد لايغيره .. وراء كرسي بالحديقة أشفقنا عليه لأننا نمسكه بهذا المكان الغبي دائماً ,, وأصبحنا نمر من أمامه ونتعمد ألا نراه وكان يثير غضبنا بحمقه ,, إذ يقف ويصرخ ليقول ها أنا هنا


كبر خروفي وأصبح يأكل من شجر الحديقة وخفنا أن يغضب هذا والداي ,, فأصبحنا نعمل حاجزاً حتى لايصل إلى الحديقة الأمامية .. سيئاته لدى أمي زادت وحسناته لديناتضخمت ...


تعلق بنا وما أن يرانا حتى يركض إلينا ويصعد إلى الدرج محاولاً , متوسلاً الدخول للمنزل .. وجاءت المدرسة وأصبح الجو بارداً ليلاً وقلت مع واجباتنا فرصة إلتقائنا به ,, كنت أكمل حل واجباتي سريعاً لأخرج إليه وكذلك أخوتي


كنت أرى أبي يمسح على صوفه ؛ وأمي تبتسم إن رأته يقفز ويلعب ,, وفرحنا فمادامت أكبر رؤوس المنزل أحبته إذا لن يرحل أبداً


أتم معنا ثلاثة أشهر أو أربعة لا أذكر بالتحديد


*******


وهنا جاءت القاصمة كنا نجلس في أحد أمسيات الشتاء وكنا سنسافر إلى المدينة المنورة فقال الحبيب : ومانعمل بالخروف ,, أجابه الحنون : يذهب معنا ..علت ضحكات الكبار علينا لا أنكر كنت أود ذهابه معنا ولكن كيف سيسافر كيف سندخله للحرم :rolleyes:إجابة أخي غير مقنعة حتى لي وضحكت عليه معهم ...


فقال أبي لا سنجعل السائق يذهب به إلى مزرعة فلان ...وعم فلان هذا أيضا صديق لأبي ولديه مزرعة كبيرة مليئة بالخراف , والدجاج , والحمام , والخضار , والتمور أيضا إلى أن نعود ثم نجلبه ..


وافقت على مضض فمن سيهتم بهايدي في غيابنا


وفعلا بالغد وقبل الظهر ذهب هايدي بعيون حزينة :frown:,,وكان ينافح لينزل من أيدي السائق ليعود إلينا ,, بكينا كثيراً لفراقه واعتصمنا داخل صالة داخلية بالمنزل .. لقد كرهنا الحديقة والأرجوحة التي كنا نجلسه بها .. كرهنا تلك اللعبة التي كنا نتزحلق عليها وهو رابض فوقنا ..


كرهنا الزهور التي توردت لأنه ماعاد يقظمها.. كرهنا هدوء الحديقة وكرهنا بيته الخالي


سافرنا لأاسبوعين وزيادة ثم عدنا ,, كان موعد دخولنا إلى المنزل متاخراً وهذا ينبأ بإستحالة إحضاره الليلة .. وهكذا لثلاث أو أربع أيام وأمي تخبرنا بأن صديق الوالد مسافر.. ومن العيب أن نرسل أحداً دون وجوده، خاصة وأنه خروف !! :huh:فماذا لو تأخر الأمر قليلاً..


حتى جاء يوم تعيس أخبرني والدي وكنا نتحلق حوله عصراً نتناول الشاي ونتحدث .. بأن خروفي لن يعود


لماذا ؟؟ صرخت أنا وأخوتي وعم المكان فوضى ..فقال هذا أمر الله .. تحدثت حبيبتي وقالت: أنت وعدتنا أن تعيده إن عدنا من سفرنا وهانحن عدنا ولم تعده لنا .. فقال : نعم دعوا أمكم تخبركم وغادر المكان ,, مات الخروف هذا ماقالته أمي .. كيف مات ؟؟ ولماذا مات؟؟ فقالت أمي : لعمكم فلان بئر بداخل المزرعة وكان يوما ماطرا فركض دون أن ينتبه وسقط في البئر ومات .. نهاية مأساوية أنهت حياة خروفي الحبيب .. بكيت بكاء مراً,,:icon36:


وكرهت كل شي وكانت أعين أخوتي مليئة بالدمع مثلي .. كنا نبكي إن رأينا بيته ,, أو رأينا صحن طعامه .. كنت مشفقة عليه وعلى موته المرعب ..أذكر أني بكيت يوماً وأنا نائمة وأستيقظت وأبي يقرأ علي ويسمي ..:(


فعلا تعلقت بل تعلقنا جميعاً بذلك الخروف


وأقسمت أمي ألا يدخل دارنا خروفا غيره.. بعد مارأت من حزننا وتغير أطباعنا .. غضبت من صديق والدي صاحب المزرعة وعلى إهماله للخروف وماعدت أسلم عليه ..مات خروفي على الأقل يبدلنا بواحد غيره _ هذا ماكنت أفكر فيه _ :mad:وكنا نتخيل كيف عانى إلى أن مات وأخوتي كانوا يتخيلون لو كانوا بجواره .. أحدهم قال: أرمي له حبلاً .. الثاني قال :لا بل أقفز لإنقاذه .. الحبيبة قالت : بل نتصل بالشرطة ... حبيبتي البريئة عندما تذكرت حديثها ضحكت كثيرا .. لا أعلم حقيقة أي شرطي سيهبها وقتاً فقط لتشكوا له عن خروفنا الغريق ...


********


في ليلة عيد الحج كنا مجتمعين على العشاء وأختي المتزوجة معنا.. ونتحدث وتحكينا أمورا وقصص وبجانبي إبنها الرائع الذي يصغرني بثلاثة أعوام أطعمه وألعب معه ..


وبدون مناسبة علا صوت أخي الأكبر قائلا : موهومه، قلت: نعم، قال: أتعلمين مانأكل , قلت : رز ولحم قال :هذا اللحم هو خروفك ...:30:


بلا شعور نظرت للحم في طبقي .. ثم بالطبق الرئيسي الكبير... ثم نظرت إلى والدي الحبيب ,,هل كذب علي ؟! عض أبي على شفته وأخفض رأسه وقال : لاحول ولاقوة إلا بالله بصوت غاضب وبنظرة عتب وغضب وجهها لأخي الكبير .. وأكمل ماعليك منه ... أخي الحنون أخرج لقمة من فمه وقال : كذبت ,, أنهت أمي بقية الحوار وقالت: عيب كيف تكلم أخيك الأكبر هكذا... تغير وجه أخي الأكبر أظنه ندم ...


قمت من طعامي بعد ما صرخت وقلت لهم _ عيب عليكم والله حرام عليكم وأنت أوريك _ أعني أخي الكبير


ماذقت بعدها لحما قط ,, أنا والحنون فقد تجنبنا اللحوم وأي طعام تدخل فيه اللحوم


وكبرت أنا ومازال خروفي بذاكرتي أحبه ,, وأتذكر لعبي معه وأبتسم .. وما أن أتذكر ذاك العشاء إلا ويضيق صدري وأحزن...



بدون إنعكاس مرآة ...


_ الخادم الصغير متزوج الآن وله طفلين الغريب أنه يقول لإبنه : صغير القوم خادمهم


_ لدي صور كثيرة إلتقطناها مع هايدي وبثلاث صور فقط تقف حبيبتي رحمها الله بجواره ,, وأربع صور لأبي حفظه الله وهو يبني منزله , ومرة يطعمه


_ قبل أربع أو خمس سنوات من الآن قرأت حديث الرسول عليه الصلاة والسلام :( ...... وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني )


رجعت لأكل اللحم ولكن ليس قطعاً ولا وليمة إنما مفروم أو داخل شطائر ..


رغم أني ليس لزهد تركته ولكن لا أريد مخالفة سنته ..أما الحنون فلا زال مقاطعا له ..


_ أخي الكبير لانزال نعتب عليه وإن غضبنا لأمر ما ولو كان بعيداً عن خروفنا نطلق عليه إسم صدام حسين


_ أتوقع أن ماجرى من تدبير والدتي حفظها الله فقد كان الخروف مصدرا لإزعاجها ورحمة بأجسادنا التي انهكها الركض وراءه


_ مازال عم {... الذي أهداني الخروف يعلق على الخروف وحكى القصة قبل عام لطفلتي


_ أفكر أن أحضر خروفا لأطفالي فمارأيكم؟؟



وشكرا لقراءتكم

ودمتم بود