دبه تسوي ريجيم
لماذا المرأة ؟

يتبادل إلى أذهان الجميع لماذا التركيز على المرأة من قبل الغرب ومن قبل إتباعه المستغربين العلمانيين ؟

والسر أن هؤلاء قد فطنوا لمكانة المرأة الأساسية ودورها في صنع الأمة وتأثيرها على المجتمع ولذلك أيقنوا أنهم متى ما أفسدوا المرأة ونجحوا في تغريبها وتضليلها فحين ذلك تهون عليهم حصون الإسلام بل يدخلونها مستسلمة بدون أدنى مقاومة .
يقول شياطين اليهود في بروتوكولاتهم : علينا أن نكسب المرأة ففي أي يوم مدت إلينا يدها ربحنا القضية .
ولذلك نجح اليهود في توجيه الرأي العام الغربي حينما ملكوا المرأة عن طريق الإعلام وعن طريق المال .
وقال آخر من ألد أعداء الإسلام : كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع فأغرقوها في حب المادة والشهوات .
وهذا صحيح ؛ فإن الرجل الواحد إذا نزل في خندق وأخذ يقاوم بسلاحه يصعب اقتحام الخندق عليه حتى يموت ، فما بالك بأمة تدافع عن نفسها ، فإذا هي غرقت في الشهوات ومالت عن دينها وعن طريق عزها استسلمت للعدو بدون أي مقاومة بل بترحيب وتصفيق حار .
ويقول صاحب كتاب تربية المرأة والحجاب : ( إنه لم يبق حائل يحول دون هدم المجتمع الإسلامي في المشرق – لا في مصر وحدها – إلا أن يطرأ على المرأة المسلمة التحويل ، بل الفساد الذي عم الرجال في المشرق )

ما هي العلمانية وما حكم هذه العلمانية ؟
العلمانية في الأصل يراد بها فصل الدين عن التدخل في تنظيم شئون الحياة ، فلا تتدخل الشرائع السماوية في تنظيم أمور البيع والشراء والمعاملات ولا في مسائل الاقتصاد والسياسة ومسائل الحرب والسلم ومسائل التربية والتعليم وهكذا ، هذا هو أصل كلمة علمانية عند الغرب ، فهي اللادينية ، والاعتراف والتعامل مع الشيء المشاهد ونفى الظواهر الغيبية وتدخلها في صياغة الحياة ، ولذا يسمحون بتدين الإنسان الشخصي ، أما أن يكون للدين تأثير في تدبير شئون الأمة فلا ، ثم انتقل هذا الوباء إلى الأمة المحمدية .
والعلمانية بالمفهوم الإسلامي أعم من ذلك المفهوم الغربي ، فلو وجد شخص ينادي بتطبيق شريعة الإسلام كلها إلا مسألة واحدة يرفضها مما أجمع عليه المسلمون ، وعلم من الدين بالضرورة فإنه يكون كافراً مرتداً ، فعلى سبيل المثال لو وجد شخص ينادي بتطبيق الشريعة في الحدود وفي الاقتصاد وفي السياسة وفي التعليم إلا أنه يقول يجب في الميراث أن نساوى بين الرجل والمرأة، فإنه بهذا يكون علمانياً في الحكم الشرعي، لأنه رد حكما معلوماً من دين الإسلام بالضرورة .
إذاً هذه هي العلمانية في اصطلاحنا حين نتحدث ، وحكمها بهذا الاصطلاح كفر أكبر مخرج من الإسلام لأنها تكذيب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وهي إشراك بالله ما لم ينزل به سلطاناً ، إذ أنها تجعل الحكم في بعض المسائل لغير الله وفي بعضها لله .
وهنا مسألة مهمة يلزم التنبيه عليها وهي الفرق بين الوصف وبين التعيين ، ففرق أن نقول : إن العلمانية كذا ، وأن القول بكذا وكذا علمانية ، وبين أن نقول إن فلاناً علماني فينبغي أن نفرق فقد يكون هذا الشخص قاله جاهلاً وقد يكون غرر به ، وقد يكون أخذ بقول شاذ وأنت لا تعرفه وهكذا . لكن من علم عنه أمر مع وجود الشروط وانتقاء الموانع حكم عليه بما يستحقه شرعاً من ردة أو غيرها . ثم ينبغي التنبيه إلى أن بعض المسلمين قد يفعل بسبب غفلته أو بسبب جشع مادي أو حتى بحسن قصد بعض ما يفعله أو يريده العلمانيون ، وقد يفعل ما يخدم أهدافهم ؛ فهذا الشخص لا يعد منهم – أي لا يقال عنه : علماني – ومع ذلك لابد من التحذير من عمله ، ولابد من بيان خطئه وخطره ، ولابد من نصحه ورده عن ما هو عليه .

التغريب
أما التغريب : فقد نشأت عند ساسة الغرب ومخططيه أيام الاستعمار بعد فشل بعض الحملات العسكرية فكرة شيطانية ، وهي أنه ينبغي أن تكون الجيوش الاستعمارية بعيدة عن المواجهات لأنها تثير ردود فعل عنيفة ، وأنه ينبغي عليهم أن يبذلوا الأسباب لتستسلم الأمم المسلمة للثقافة والحضارة الغربية بنفسها طواعية ، وبذلك نشأت فكرة التغريب ، وأساسها تذويب الشخصية المسلمة في الشخصية الغربية بحيث لا ترى إلا بالمنظور الغربي ، ولا تعجب إلا بما يعجب به الغرب ، وتبتعد عن قيمها وعقائدها وأخلاقها المستمدة من شريعة الإسلام وتعتنق هذه الديانة الجديدة التغريبية ، وتدخل في عجلة الاستهلاك الاقتصادي التي يروج لها الغرب ،( فبرامج التغريب تحاول أن تخدم هدفاً مزدوجاً ، فهي تحرس مصالح الاستعمار بتقريب الهوة التي تفصل بينه وبين المسلمين نتيجة لاختلاف القيم ونتيجة للمرارة التي يحسها المسلم إزاء المحتلين لبلاده ممن يفرض عليه دينه جهادهم ، وهي في الوقت نفسه تضعف الرابطة الدينية التي تجمع المسلمين وتفرق جماعتهم التي كانت تلتقي على وحدة القيم الفكرية والثقافية ، أو بتعبير أشمل وحدة القيم الحضارية ) ...... الخ(1).
فهذا هو التغريب : أي تذويب الأمة المحمدية بحيث تصبح أمة ممسوخة : نسخة أخرى مكررة من الأمة الغربية الكافرة ، غير أن هناك فرق فالأمة الغربية هي الأمة القائدة الحاكمة المتصرفة والأمم الأخرى هي الأمم التابعة الذليلة المنقادة لما يملى عليها ، فهذا هو التغريب .
وتغريب المرأة المسلمة جزء من مخطط شامل لتغريب الأمة في كل أمورها .
يقول الدكتور محمد محمد حسين – رحمه الله تعالى -(2) : وكانت برامج التغريب تقوم على قاعدتين اساسيتين – يعني عند المستعمرين الأولين : -
الأولى : اتخاذ الأولياء والأصدقاء من المسلمين وتمكينهم من السلطة ، واستبعاد الخصوم الذين يعارضون مشاريعهم ، ووضع العراقيل في طريقهم ، وصد الناس عنهم بمختلف السبل .
القاعدة الثانية : التسلط على برامج التعليم وأجهزة الإعلام والثقافة عن طريق من نصبوه من الأولياء وتوجيه هذه البرامج بما يخدم أهدافهم ويدعم صداقتهم .

بداية التغريب :
يؤرخُ لبداية الدعوة لتغريب المرأة المسلمة في مصر في أوائل القرن التاسع عشر ، ولحقتها بلاد العرب الأخرى بعد ذلك .
وكانت البداية أن رجلا اسمه رفاعة الطهطاوي ابتعث من قبل محمد علي باشا حاكم مصر في أوائل القرن التاسع عشر ، ورفاعة هذا من خريجي جامعة الأزهر ومؤهل تأهيلا شرعياً ، وقد ابتعث ليقوم بإمامة البعثة المصرية إلى فرنسا في الصلاة ومرشداً لهم ، ولكنه ما لبث أن ذاب وتأثر بالأفكار الفرنسية ، وفتن فتنة عظيمة ، وعاد إلى مصر ليعرض بضاعته الخبيثة فيها : داعياً للتغريب ، ورافعاً للواء تحرير المرأة ، ونحو ذلك من ركائز التغريب ، وألف كتاباً أودع فيه خلاصة إعجابه بالغرب ( فرنسا بالذات ) أسماه ( تلخيص الأبريز في تلخيص باريز ) ومما قاله فيه : ( السفور والاختلاط بين الجنسين ليس داعياً إلى الفساد ) .
ثم ظهر في عام 1894 م في مصر كتاب (( المرأة في الشرق )) يشن حملة على النظام الإسلامي مهونا الرقص والاختلاط ، ألفه رجل نصراني صليبي يدعى مرقص فهمي .
وبعد ذلك ظهر قاسم أمين الذي ولد في مصر ورحل إلى فرنسا ليتم تعليمه لينبهر بفرنسا كما انبهر رفاعة من قبل حتى صرح قاسم بأن أكبر الأسباب في انحطاط الأمة المصرية تأخرها في الفنون الجميلة : التمثيل والتصوير والموسيقى )(3) .
وقد ألف قاسم أمين كتاب ( تحرير المرأة ) عام 1899 م حمل فيه على الحجاب ودعا إلى السفور ، وذلك بترديد أن الحجاب عادة وليس تشريعا ، وقد تناول في كتابه أربع مسائل :
- الحجاب .
- اشتغال المرأة بالشئون العامة .
- تعدد الزوجات .
- الطلاق .
وذهب في كل مسألة إلى ما يطابق مذاهب الأوربيين زاعماً أن ذلك هو مذهب الإسلام .
وانجر في كتابه إلى التهكم بالفقهاء وعلماء الشريعة وقد ألبس آراءه هنا لباسا مخادعا حتى قال بعض معاصريه : ( ما رأيت باطلاً أشبه بحق من كلام قاسم أمين ) . وقد أوضح قاسم في مقدمة كتابه أنه ممن يرى التدرج في التغيير شيئاً فشيئا ، وكأنه كان يشير إلى كتابه ( المرأة الجديدة ) الذي صدر بعدئذ ، وأبان فيه عن جانب خطير من فكره وطرحه ، فهو كما يقول العنوان يبحث عن امرأة جديدة : كالأوروبية تماماً ، وقال بأقوال لا تقبلها حتى النساء فهو لا يقبل (حق ملكية الرجال للنساء ) ويرى ترك حرية النساء للنساء حتى لو أدى الأمر إلى إلغاء نظام الزواج حتى تكون العلاقات بين الرجل والمرأة حرة لا تخضع لنظام ولا يحدها قانون ) (4) .
وقد أثار الكتابان ردة فعل واسعة ، وصدرت ردود تبلغ مائة كتاب ، ومنها كتاب للشيخ مصطفى صبري هو ( قولي في المرأة ) ودافع البعض عن قاسم أمين منهم جرجى نقولاباز(5) .
وكأني بمحمد فريد وجدي يتكلم عن واقعنا اليوم ليقول في رده على قاسم أمين : ( إذا أشرنا اليوم بوجوب كشف الوجه واليدين ، فإن سنة التدرج سوف تدفع المرأة إلى خلع العذار للنهاية في الغد القريب كما فعلت المرأة الأوربية التي بلغت بها حالة التبذل درجة ضج منها الأوربيون أنفسهم وبدلا من أن نضرب أمثلة بالغرب دائماً ينبغي أن نولي وجوهنا إلى عظمة مدنيتنا الإسلامية الماضية ) وقد ترجم الإنكليز الكتاب واحتفوا به وبثوا قضاياه .
وقد قال أحمد محرم رحمه الله في هذا الكتاب :

أغرك يا أسماء ما ظن قاسم *** أقيمي وراء الخدر فالمرء واهم
تضيقين ذرعاً بالحجاب وما به *** سوى ما جنت تلك الرؤى والمزاعم
سلام على الأخلاق في الشرق كله *** إذا ما استبيحت في الخدور الكرائم

وقال الشاعر العراقي البناء يهاجم أهل السفور :.

وجوه الغانيات بلا نقاب *** تصيد الصيد في شرك العيون
إذا برزت فتاة الخدر حسرى *** تقود ذوي العقول إلى الجنون (6)

وبعد أن توفي قاسم أمين صدرت مجلة السفور بعد دخول الإنجليز إلى مصر وكتب فيها مصطفى عبد الرازق وعلي عبد الرازق – صاحب كتاب الإسلام وأصول الحكم – وكان النساء حتى ذلك الوقت محجبات يرتدين البراقع البيض ، ولا يخالطن الرجال .
وعندما جاء عهد الثورة في مصر انتقلت الحركة إلى طور التنظيم بمؤازرة الزعيم الوطني المزعوم سعد زغلول الذي رتب البريطانيون نفيه ثم أعادوه رئيساً للوزراء ليوقع معهم معاهدة تجعل الاحتلال شيئاً متفقاً عليه ، وقدم سعد وبرفقته زوجته صفية زغلول التي تسمت باسم زوجها اقتداء بالغربيات ، وهي ابنة لمصطفى فهمي الذي كان رئيساً لوزراء مصر أيام الاحتلال وعرف بصداقته الحميمة للإنجليز وبخدمته لهم وبعلاقته الشخصية باللورد كرومر ، وقد قَدِمَ سعد زغلول وزوجته هذه على باخرة ، وكان هناك احتفاء بهم فكان من شأن سعد أن بدأ بالدخول على سرادق الحريم حيث استقبلته هدى شعراوي – الفاعلة المهمة في التحرير المزعوم وهي محجبة فمد يده فنزع الحجاب عن وجهها تبعا لخطة معينة وهو يضحك فصفقت هدى وصفقت النساء لهذا الهتك المشين ( .......... ونزع الحجاب ....... ففعل سعد بيده ما دعا إليه اليهودي القديم بلسانه فكلفه دمه ....... ) (7)
وهدى شعراوي ابنة محمد سلطان باشا العميل لجيش الاحتلال الإنجليزي والذي رافق جيش الإنجليز خلال زحفه على القاهرة وطالب الناس بعدم مقاومته ، وقدّم مع فريق من أمثاله هدية من الأسلحة الفاخرة لقادة جيش الاحتلال شكراً لهم على إنقاذ البلاد ، وقد قادت هدى شعراوي وصفية زغلول المظاهرة النسائية الشهيرة عام 1919 م والتي كان هدفها المعلن الاحتجاج على الوجود الإنجليزي في مصر ، فلما وصلت المتظاهرات إلى ميدان الإسماعيلية في القاهرة قمن بإحراق الحجاب وسمي الميدان بعد ذلك ميدان التحرير ، ويا ليت شعري ما علاقة المحتل بالحجاب ؟! بل إن إحراق الحجاب هو ما يريده المحتل ؛ لأن معناه التخلي عن القيم الخاصة بالمجتمع الإسلامي المصري ليتحول إلى مجتمع غربي مصري هجين .
وقد وصف حافظ إبراهيم – رحمه الله – هذه المظاهرة بأبيات رائعة مطلعها :
خرج الغواني يحتججن *** ورحت أرقب جمعهنه
فإذا بهن اتخذن من *** سود الثياب شعار هنه

وبعد ذلك بدأت سلسلة الأحداث المتلاحقة ومنها تأسيس الاتحاد النسائي المصري على يد هدى شعراوي عام 1923 م مع نبوية موسى وسيزا نبراوي شريكاتها في هذه المرحلة .
وقد احتفلت الدوائر الغربية بالاتحاد النسائي المصري وحضرت الدكتورة ريد رئيسة الاتحاد الدولي إلى مصر لتدريس تطور الحركة النسائية فيها . وقد التقت هدى شعراوي هذه بموسوليني عام 1922 وأتاتورك 1935 ، وفي عام 1944 نجحت هدى شعراوي وزميلاتها في إقامة مؤتمر نسائي عربي أصدر عدة قرارات ومطالبات منها :.
- تقييد الطلاق وتعدد الزوجات والحد من سلطة الولي !!.
- المساواة التامة بين الرجل والمرأة !!.
- المطالبة بحذف نون النسوة !!!.
- المطالبة بالجمع بين الجنسين في التعليم الابتدائي !!.
وقد بارك الغرب هذا المؤتمر وأرسلت زوجة الرئيس روزفلت الأمريكي برقية تحية للمؤتمر .
ثم تكون الحزب النسائي عام 1945 م ، وعام 1949 م تكون حزب بنت النيل على يد الدكتور درية شفيق والذي طالب بمنح المرأة حق الاقتراع وحق دخول البرلمان ، والمطمع الثاني كان إلغاء تعدد الزوجات وإدخال قوانين الطلاق الأوربية في مصر وباركت هذا وزيرة الشئون الاجتماعية في انجلترا ، وقامت مظاهرة نسائية واعترفت الدكتورة درية شفيق بأنها – المظاهرة- بتحريض من الوزيرة البريطانية ، وتوالت مباركات الدوائر الغربية لهذا الحزب ، والذي أكتشف أنه كان يمول من قبل السفارة الأمريكية والإنجليزية بألفين من الجنيهات سنوياً عدا الورق المصقول وتقديم المشورة .
ثم توالت الأحداث وانتقلت العدوى لبلاد عربية أخرى(8) وتكاثرت المجلات الهادمة للحجاب والعفاف الداعية إلى السفور والتبرج ولا تزال تزداد يوماً بعد يوم .
وهذا الأسلوب الذي اتبع في مصر اتبع في غيرها من البلاد وكان مدفوعاً من الغرب وحظي التغربيون بحماية الغرب لهم ولا يشبه تدخل إنجلترا لحماية درية شفيق إلا لقاء رؤساء الغرب بسلمان رشدي الذي تعدي على شريعة الإسلام .
والعجب أن الغرب لا يتواني في ملاحظة زلات التغربيين بانحرافهم عن المنهج المرسوم لهم ومن ذلك أن كاتباً عربياً محسوباً على الغرب كتب مقالاً في جريدة عربية وحمل على مواقف الغرب في البوسنة ثم نقل كاتب آخر من مقاله نقلا في جريدة ناطقة بالانجليزية ففوجئ الكاتب العربي خلال زيارته لأمريكا بسياسي أمريكي يعاتبه ويقول له : لماذا تكتب ضدنا وتثير الرأي العام .

مظاهر تغريب المرأة المسلمة

مظاهر تغريب المرأة المسلمة كثيرة جداً يصعب استقصاؤها ولكن نذكر من أهمها :.
1. من مظاهر التغريب التي وقعت فيها المرأة المسلمة والتي نراها ولا تخفى عن كل ذي عينين : الاختلاط في الدراسة وفي العمل ، إذ أنه في معظم البلدان العربية والإسلامية ؛ الدراسة فيها دراسة مختلطة ، والأعمال أعمال مختلطة ، ولا يكاد يسلم من ذلك إلا من رحم الله ، وهذا هو الذي يريده التغريبيون ، فإنه كلما تلاقى الرجل والمرأة كلما ثارت الغرائز ، وكلما انبعثت الشهوات الكامنة في خفايا النفوس ، وكلما وقعت الفواحش لاسيما مع التبرج وكثرة المثيرات وصعوبة الزواج وضعف الدين ، وحين يحصل ما يريده الغرب من تحلل المرأة ، تفسد الأسرة وتتحلل ، ومن ثم يقضى على المجتمع ويخرب من الداخل ، فيكون لقمة سائغة .
وإذا بدأ الاختلاط فلن ينتهي إلا بارتياد المرأة لأماكن الفسق والفجور مع تبرج وعدم حياء ، وهذا حصل ولا يزال فأين هذا من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم حين خرج من المسجد فوجد النساء قد اختلطن بالرجال فقال لهن : ( استأخرن ........... عليكن بحافات الطريق ) رواه أبو داود وحسنه الألباني / الصحيحة 854 .
2. ومنها أيضاً : التبرج والسفور : والتبرج أن تظهر المرأة زينتها لمن لا يحل لها أن تظهرها له . والسفور : أن تكشف عن أجزاء من جسمها مما يحرم عليها كشفه لغير محارمها . كأن تكشف عن وجهها وساقيها وعضديها أو بعضها ، وهذا التبرج والسفور فشا في كثير من بلاد المسلمين ، بل لا يكاد يخلو منها بلد من البلدان الإسلامية إلا ما قل وندر ، وهذا مظهر خطير جداً على الأمة المسلمة ، فبالأمس القريب كانت النساء محتشمات يصدق عليهن لقب : ذوات الخدود . ولم يكن هذا تقليداً اجتماعياً ، بل نبع من عبودية الله وطاعته ، ولا يخفى أن الحجاب الشرعي هو شعار أصيل للإسلام ، ولهذا تقول عائشة – رضي الله عنها - : ( يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لما أنزل الله{ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } شققن مروطهن فاختمرن بها ) البخاري 4758.
ولهذا كان انتشار الحجاب أو انحساره مقياساً للصحوة الإسلامية في المجتمع ودينونة الناس لله ، وكان انتشاره مغيظاً لأولئك المنافقين المبطلين .
3. من مظاهر التغريب : متابعة صرعات الغرب المسماة بالموضة والأزياء ، فتجد أن النساء المسلمات قد أصبحن يقلدن النساء الغربيات وبكل تقبل وتفاخر ، ولذلك تقول إحدى النساء الغربيات ممن يسمونها برائدة الفضاء لما زارت بلداً من بلدان العربية ، قالت : إنها لم تفاجأ حينما رأت الأزياء الباريسية والموضات الحديثة على نساء ذلك البلد .
ولم يسلم لباس الأطفال – البنات الصغيرات – إذ تجد أن البنت قد تصل إلى سن الخامسة عشر وهي لا تزال تلبس لباساً قصيراً ، وهذه مرحلة أولى من مراحل تغريب ملبسها ، فإذا نزع الحياء من البنت سهل استجابتها لما يجدّ ، واللباس مظهر مهم من مظاهر تميز الأمة المسلمة والمرأة المسلمة ، ولهذا حرم التشبه بالكفار ، وهذا والله أعمل لما فيه من قبول لحالهم وإزالة للحواجز وتنمية للمودة ، وليس مجهولا أن تشابه اللباس يقلل تمييز الخبيث من الطيب ، والكفر من الإسلام ، فيسهل انتشار الباطل وخفاء أهله .
والموضة مرفوضة من عدة نواحي منها :
أ- التشبه بالكافرات . والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : (( من تشبه بقوم فهو منهم )) ( رواه أبو داود والإمام أحمد وهو صحيح ) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: والصراط المستقيم : هو أمور باطنة في القلب من اعتقادات وإرادات وغير ذلك ، وأمور ظاهرة من أقوال وأفعال ، قد تكون عبادات ، وقد تكون عادات في الطعام واللباس والنكاح ........الخ .
وهذه الأمور الباطنة والظاهرة بينهما ولابد ارتباط ومناسبة ، فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أموراً ظاهرة ، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعوراً وأحوالاً ....) انتهى من اقتضاء الصراط المستقيم ، فعلم من هذا خطورة هذا التشبه وتحريمه .
ب – الضرر الاقتصادي للتعلق بالموضة ، ومعلوم كم تكلف هذه الموضة من أموال تنقل إلى بلاد الغرب الكافرة .
وللعلم فإن 30% من ميزانية الأسرة العربية تنفق على احتياجات المرأة نفسها من ملبس وأدوات تجميل ومكياج وتزداد هذه النسبة بازدياد الدخل ومستوى التعليم وينخفض بانخفاضهما(9) .
ج – كثرة التحاسد بين النساء لأنهن يجذبهن الشكل الجميل ، فيتفاخرن ويتحاسدن ، ويكذبن ، ومن ثم قد تكلف زوجة الرجل - قليل المال - زوجها ما لا يطيق حتى تساوي مجنونات الموضة، ولا حول ولا قوة إلا بالله . وغير هذا من المخالفات الشرعية الكثيرة .
4. ومن مظاهر التغريب : الخلوة ، خلوة المرأة بالرجل الأجنبي الذي ليس لها بمحرم ، وقد تساهل الناس فيها حتى عدها بعضهم أمراً طبيعياً ، فالسائق والطباخ أصبحا من أهل البيت ولا غرابة في ذلك ، حتى ذكر أنه شوهدت امرأة مع رجل أجنبي ليس من أهل بلدها ، فحينما سئل هذا الرجل : كيف تمشى مع هذه المرأة وهي ليست لك بمحرم ؟ قال : إنه من أهل البيت ، لأن له خمس عشر سنة وهو عند الأسرة فهو منها بهذا الاعتبار على حسب زعمه .
فالخلوة المحرمة مظهر من مظاهر التغريب التي وقعت فيها الأمة المسلمة حيث هي من أفعال الكافرين الذين ليس لهم دين يحرم عليهم ذلك ، وأما احترام حدود الله فهو من مميزات الأمة المسلمة الأصلية . والجرأة على الخلوة تجاوز لحد من حدود الله وخطر عظيم وقد حرمه الشارع بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : (( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم )) رواه البخاري ومسلم .


قاعدة مهمة

إن كل مبطل على وجه هذه الأرض لابد أن يُلبس باطله بثوب الإصلاح وزخرف القول ؛ حتى يروج بين الناس ، لأن الباطل قبيح ومستر ذل ومكروه وبشع ، فحينما يظهر الباطل على حقيقته ، ويعرى على صورته ، لا تقبله النفوس ، ولا ترضى به الفطر السليمة والمستقيمة . ولذلك يلجأ العلمانيون التغريبيون إلى إلباس طرقهم وأساليبهم وأهدافهم وأفكارهم لبوس الإصلاح والحرص على المصلحة وغير ذلك ، فالتوظيف المختلط ، والتعليم المختلط ، كل ذلك بدعوى مصلحة الأمة ، وبدعوى تشغيل نصف المجتمع ، ولأن فيها مردوداً اقتصادياً وهذه هي زخارف القول التي يوحيها شياطين الإنس والجن ، ويقول الله – تبارك وتعالى - : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} فيخدع به ضعفاء الإيمان وناقصوا العقول .
ثم إن العلمانيين قد وجدوا عادات في مجتمعات المسلمين ليست من الإسلام فاستغلوها ووظفوها لينفثوا من خلالها سمومهم وينفذوا مخططاتهم ثم أسقطوها على الإسلام ، بمعنى أنهم قالوا : إنما من الإسلام فهاجموا الإسلام من خلالها ، مثال ذلك : قد تجد بعض المجتمعات المسلمة تظلم المرأة في الميراث ، قد تعطي المرأة ميراثها من المنقول من الأموال والمواشي لكنها لا تعطيها حقها من العقار من الأرض والشجر كفعل الجاهلية ، قد تجد زوجاً لا يعدل بين زوجاته مخالفاً بذلك أمر الله – تعالى - ، فهذه الثغرات يتعلق بها العلمانيون مع أنها ليست من الإسلام في شيء ، ولم ينزل الله بها سلطانا ، بل هي في نظر الإسلام : ظلم محرم وجور ، يجازى عليه صاحبه عند الله يوم القيامة إذا لم يتب منها أو لم يعف الله عنه .
دبه تسوي ريجيم
أساليب العلمانيين في تغريب المرأة المسلمة كثيرة ، ويصعب حصرها ، والمقصود التذكير بما يتيسر من أهمها ومن أخطرها ، ليحذرها المسلمون ، وينكروها ، ويعلموا على إفشالها ، ولتكون منبهة على غيرها . فمن هذه الأساليب :


1. وسائل الإعلام بمختلف أنواعها ، من صحافة وإذاعة وتلفاز وفيلم ومجلات متخصصة في الأزياء والموضة ومن مجلات نسائية وملحقات نسائية ومن غير ذلك ، إذ أن الإعلام يصنع الآراء ، ويكيف العقول ، ويوجع الرأي العام خاصة إذا كانت هذه العقول عقولاً فارغة لم تملأ ولم تحصن بما أنزل الله – عز وجل – على رسوله ، أما الصحافة والمجلات فتجد فيها أمور فظيعة منكرة منها فتاة الغلاف التي أصبحت أمراً لازماً لا تفرط فيها أي من تلك المجلات ، وفتاة الغلاف هذه لا تتكرر إذ يؤتى في كل أسبوع أو في كل شهر بفتاة جميلة عليها أنواع الزينة والأصباغ ثم بعد ذلك لا تأتي مرة أخرى ، وهذا إذلال للمرأة وإغراق في الرق وعودة حقيقية إلى عصر الظلم لها إذ تعامل كجسم ليس له روح مقابل دريهمات معدودات . وتسأل في المقابلة معها أسئلة تافهة : هل حدث وأن أحببتي يوماً من الأيام ؟ ما هواياتك المفضلة ؟ وهل صادقتي شاباً ؟ وغير هذا من الكلام الساقط الذي يراد منه إفساد المرأة المسلمة ، وليس المراد هذه الفتاة – فتاة الغلاف – إذ أنها ما رضيت بالخروج على صفحات المجلات إلا وهي قد انحرفت عن الطريق المستقيم ، لكن المراد غيرها من المحصنات العفيفات اللاتي قررن في البيوت ، ويملكهن الحياء الذي ربين عليه ، فتزيل هذه المجلات الحواجز والضوابط شيئاً فشيئاً . كما تجد في هذه المجلات الصور الماجنة الخليعة إما بحجة الجمال والرشاقة أو بحجة تخفيف الوزن والرجيم أو بحجة ملكات الجمال أو بحجة أخري مما يمليه الشياطين . ثم تجد فيها من مواضيع الحب والغرام الشيء المهول ، وهذا يهدف إلى تهوين أمر الفواحش وقلب المفاهيم الراسخة ، وإحلال مفاهيم جديدة مستغربة بعيدة عما تعرفها هذه الأمة المحمدية ، فمن هذه العبارات :
في مجلة سيدتي في عدد 510 : قالت من عيوب الزوج العربي ( الغيرة ) !!! .
في مجلة كل الناس عدد 58 : قالت إحدى الكاتبات : ماذا لو قالت امرأة : ( هذا الرجل صديقي ) !!!.
في مجلة الحسناء عدد 81 : الفضيلة والكرامة تعترضان مسيرة النجاح . أ .هـ .
فعلى هذا مسيرة النجاح لابد فيها من الفحش والدعارة حسب مفهومهم المريض .
مجلة سلوى عدد 1532 ( لقاء مع راقصة شابة ) ، تقول هذه الراقصة : في حياتنا اهتمامات لا داعي لها ، ويمكن أن يستغنى عنها ، ثم تقول هذه العبقرية التي جاءت بما عجز عنه الأوائل والأواخر – تقول : كمعامل الأبحاث الذرية لأننا لم نستفد منها شيئاً ، يعنى حتى يبقى الأعداء يهددون المسلمين بالأسلحة الذرية . اليهود والهندوس والنصارى والبوذيون – كما تقول - ! سوف نستفيد كثيراً لو أنشأنا مدرسة للرقص الشرقي تتخرج منها راقصة مثقفة لجلب السياح .أ.هـ .
وهكذا تستمر المسيرة لنحارب أعداءنا بالرقص ، كما حاربهم جمال عبد الناصر بأغاني أم كلثوم .
في مجلة فرح عدد 43 ، تقول : الزواج المبكر إرهاق للمرأة وصداع للرجل .
ولا ننسى مجلة روز اليوسف وهي من أخبث المجلات ومن أوائل مصادر التغريب النسائي في العالم العربي ، في هذه المجلة تجد الخبث والخبائث ، وبمجرد أن تأخذ أحد الأعداد سوف تجد العجب . وكذلك مجلات ( اليقظة ، والنهضة ، صباح الخير ، هي ، الرجل ، فرح ..... الخ تلك القائمة الطويلة ، كما تجد أيضاً داخل هذه المجلات مقالات طبية ونفسية واجتماعية : كأنها تحل مشاكل الفتيات ، فتراسلها الفتيات من أنحاء العالم العربي ، ثم بعد ذلك يدلها ذلك المتخصص – لكنه ليس متخصصاً في حل المشاكل حقيقة إنما متخصص في التغريب – يدلها على الطرق التي تجعلها تسلك مسالك المستغربات السابقات ، كما تجد مقابلات مع الفنانات والممثلات ومع الغربيات ومع الداعيات لتحلل المرأة واللاتي يسمين بالداعيات لتحرير المرأة ، وتجد فيها الانشغال بأخبار : ديانا ، وكلبها ، ولباسها ، وفساتينها ، وتزلجها فوق جبال الهملايا ، وغير ذلك من الغثاء الذي لا ينقضي ولا ينتهي ، ترهق به المرأة المسلمة ، ويصدع به الرجل المسلم . ثم تجد في هذه المجلات بريد المجلة أو ركن التعارف من أجل التقريب بين الجنسين وتلك خطوة لإفساد المجتمعات الإسلامية ، وهكذا دواليك .
وهناك أبحاث منشورة ، عن حقيقة الدور الذي تقوم به هذه المجلات ، ففي دراسة عن مجلة سيدتي نشرتها مجلة المغترب(10) ذكرت أنها يقصر طرقها على شرائح اجتماعية بعينها ، وكثيراً ما تحمل الطابع الأوربي المبهر في طياتها ، وتقدم الحسناوات والشقروات كنماذج تحتذي ، وإذا ما حاولت معالجة مشكلات المرأة العربية تعمد في أغلب الأحيان إلى استعارة النموذج الغربي .
وتقول الدكتورة فوزية العطية التي أعدت دراسة أخرى عن هذه المجلات النسائية : إنها غالباً ما تعرض في صورة الإغراء والإثارة .
وتستشهد الباحثة بدراسة مشابهة للدكتورة عواطف عبد الرحمن من مصر تقول فيها : أن التركيز في هذه المجلات منصب على النماذج الغربية للمرأة ويروج القيم الاستهلاكية الغربية من خلال المواد الإعلامية والإعلانات التي تقدمها : كالأزياء والمكياج والعطور ........ إلى آخر ما ذكرته هذه الدراسة المهمة .
ونشرت مجلة زهرة الخليج الظبيانية بتاريخ 20/10/ 1979 م نتائجا لبحث علمي طبق على مجموعة من المجلات النسائية وصفحات المرأة واتضح أن الصحافة النسائية العربية ركزت على الصورة العاطفية للمرأة العربية أكثر من الصورة العقلانية .


ويقول الشيخ العلامة محمد بن عثيمين رحمه الله في خطبة قيمة له عن فتن المجلات :


وانفتحت طامة كبرى وبلية عظمي ، تلك الصحف والمجلات الداعية إلى المجون والفسوق والخلاعة في عصر كثر فيه الفراغ الجسمي والفكري وسيطرت الفطرة البهيمية على عقول كثير من الناس فعكفوا على هذه الصحف والمجلات فأضاعوا بذلك مصالح دينهم ودنياهم .... الخ .

ثم يقول رحمه الله : وجدت هذه المجلات هدّامة للأخلاق مفسدة للأمة لا يشك عاقل فاحص ماذا يريده مروجوها بمجتمع إسلامي محافظ .
ويقول أثابه الله : ومن مفاسد هذه الصحف والمجلات أنها تؤثر على الأخلاق والعادات بما يشاهد فيها من صور وأزياء فينقلب المجتمع إلى مجتمع مطابق لتلك المجتمعات الفاسدة .
ويقول أيضاً : فاقتناء مثل هذه المجلات حرام وشراؤها حرام وبيعها حرام ومكسبها حرام واهداؤها حرام وقبولها هدية حرام وكل ما يعين على نشرها بين المسلمين حرام لأنه من التعاون على الإثم والعدوان .أ.هـ .

والذي يباع في بلادنا من هذه المجلات عدد هائل جداً ربما لا يخطر على بال ، فمثلاً يدخل إلى أسواقنا أكثر من أربعين صحفية أسبوعياً وشهرياً في غلافها فتاة لا تتكرر أبداً ، وبلغ عدد الصحف الوافدة إلى أسواقنا شهرياً ما يزيد عن خمسة ملايين نسخة شهرياً ، بل إن إحدى المجلات النسائية الشهيرة وهي مجلة يقصد بها تغريب المرأة توزع شهرياً أربعمائة وأربعين ألف نسخة ، فمعنى ذلك أنه سيقرئها ما يقارب من أربعمائة ألف فتاة(11) .
أما التلفزيون وتأثيره فقد جاء في تقرير لليونسكو : إن إدخال وسائل إعلام جديدة وبخاصة التلفزيون في المجتمعات التقليدية أدى إلى زعزعة عادات ترجع إلى مئات السنين وممارسات حضارية كرسها الزمن – واليونسكو مؤسسة دولية تابعة للغرب وتدعو إلى التغريب - .
وتبين من خلال إحدى الدراسات التي أجريت على خمسمائة فيلم طويل أن موضوع الحب والجريمة والجنس يشكل 72% منها ، يعني تقريباً ثلاثة أرباع الأفلام كلها للحب والجريمة والجنس ، وتبين من دراسة أخرى حول الجريمة والعنف في مئة فيلم وجود 68% مشهد جريمة أو محاولة قتل ، وجد في 13 فيلم فقط 73 مشهداً للجريمة ، ولذلك قد تجد عصابات جريمة من الأحداث والصغار لأنهم تأثروا من الأفلام التي يرونها(12) .
أما الأفلام فيقول الدكتور هوب أمرلور وهو أمريكي يقول إن الأفلام التجارية التي تنشر في العالم تثير الرغبة الجنسية في موضوعاتها ، كما أن المراهقات من الفتيات يتعلمن الآداب الجنسية الضارة – فإذا كانت ضارة بميزان هذا الأمريكي فكيف بميزان الشرع - .
ثم يتابع الأمريكي فيقول : وقد ثبت للباحثين أن فنون التقبيل والحب والمغازلة والإثارة الجنسية والتدخين يتعلمها الشباب من خلال السينما والتلفزيون .

2. ومن وسائل العلمانيين الخطيرة التي يسعون من خلالها إلى تغريب المرأة المسلمة التغلغل في الجانب التعليمي ومحاولة إفساد التعليم ، إما بفتح تخصصات لا تناسب المرأة وبالتالي إيجاد سيل هائل من الخريجات لا يكون لهن مجال للعمل فيحتاج إلى فتح مجالات تتناسب مع هذه التخصصات الجديدة التي هي مملوءة بالرجال ، أو بإقرار مناهج بعيدة كل البعد عن ما ينبغي أن يكون عليه تدريس المرأة المسلمة . وفي البلاد العربية من المناهج ما تقشعر له الأبدان وقد نجد في التعليم المناداة بالمساواة بينهما وبين الرجل في كل شيء ، ودفع المرأة إلى المناداة بقضايا تحرير المرأة كما يسمونها ، وفيها أيضاً الاختلاط فمعظم البلاد العربية التعليم فيها مختلط إلا ما قل فالشاب بجانبه فتاة ، هذا التعليم المختلط سبب كبير من أسباب تحلل المرأة ، ومن ثم من أسباب تغريب المرأة . ولذا فإن أحسن الحلول أن تقوم البلاد الإسلامية بإنشاء جامعات متخصصة للنساء ، وقد نادي بذلك بعض الباحثين الباكستانيين في دراسة جميلة جيدة بين فيها أن ذلك أفضل سواء في نسب النجاح أو في التفوق في التخصص أو في إتقان العمل سواء للرجال الشباب أو حتى للشابات في جميع أنواع الدراسة من دراسات إنسانية أو دراسات تطبيقية من طب وهندسة وغيرها مما ذكر في رسالته ، وقد لا نوافقه في بعض التخصصات التي نرى أن المرأة لا تحتاجها .

3. ومن أساليبهم التأليف في موضوع المرأة وإجراء الأبحاث والدراسات التي تُمْلاُ بالتوصيات والمقترحات والحلول في زعمهم لقضايا المرأة ومشاكلها تقول إحداهن في رسالتها للدكتوراه والتي عنوانها :

التنمية الاقتصادية وأثرها في وضع المرأة في السعودية ) تقول وهي تعد المبادئ الإسلامية التي هي ضد مصلحة المرأة كما تزعم : إن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل(13) ، وقوامه الرجل على المرأة ثم تعد الحجاب من المشاكل التي هي ضد مصلحة المرأة(14) ثم تشن هجوماً على هيئات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وتلوم الرئاسة العامة لتعليم النبات لموقفها من الإبتعاث للخارج(15) ثم بعد ذلك تنتهي في دراستها أو في رسالتها للدكتوراه إلى التوصيات ، ومن توصياتها :

‌أ- الإقلاع من عمليات الفصل بين الجنسين – يعنى التعليم المختلط الذي ذكرناه سابقاً - .

‌ب- إنشاء أقسام للنساء في كل مؤسسة حكومية وإنشاء مصانع للصناعات الخفيفة(16) وهذه النقطة الأخيرة وهي إنشاء مصانع نادي بها آخرون أيضاً ونادوا بفتح مجالات دراسة مهنية للمرأة .


كما قدمت امرأتان من الخليج ( دراسة استقصائية بشأن البحوث المعدة عن المرأة في منطقة الخليج ) هذه الدراسة قدمت لمؤتمر عقد في تونس عام 1982 م بإشراف اليونسكو ، حضر المؤتمر كما تقول مقدمة الكتاب 17 عالمة اجتماعية من 12 بلد ونشرت اليونسكو 7 دراسات مما قدم للمؤتمر بعنوان : ( الدراسات الاجتماعية عن المرأة في العالم العربي ) ، والذي يقرأ هذا الكتاب يدرك خطورة الأمر وضخامة كيد الأعداء للمرأة المسلمة ، ومما ذكرته هاتان الكاتبتان عن المرأة في الخليج تحت عنوان : ( الحلول المقترحة للعقبات الرئيسية التي تواجه المرأة في الخليج ) ما يلي :
- ذكرتا أن دراسة أعدها الاتحاد الوطني لطلبة البحرين تطالب بالتعليم المختلط حتى يمكن التغلب على الحواجز النفسية بين الجنسين .
ويلاحظ أن قضية التعليم المختلط تتكرر عدة مرات مما يؤكد أن تغريب التعليم هدف رئيسي للعلمانيين .
وتنقلان أيضاً اقتراحاً بتخطيط السياسات التعليمية من أجل تشجيع مزيد من النساء للانضمام للميادين العلمية والمهنية بدلا من تركيزهن على الميادين الإنسانية والعلوم الاجتماعية ، والسبب في نقلها لميادين مهنية وعلمية حتى تفتح مصانع وبالتالي يحصل الاختلاط المطلوب .
ثم تنقلان عن باحثين آخرين قولهما بضرورة أن تعتبر المرأة في الخليج تحررها بمثابة تحرير وطني – يعني كأنها في استعمار – وعليها أن تناضل من أجل التحرير الوطني .
ثم تنقلان عن باحثين وباحثات من دول الخليج ضرورة منح المرأة في الخليج فرصاً متعادلة في ميدان العمل .

4. ومن أساليبهم عقد المؤتمرات النسائية أو المؤتمرات التي تعالج موضوع المرأة ، أو إقامة لقاءات تعالج موضوعاً من المواضيع التي تهم المرأة سواء كان موضوعاً تعليمياً أو تربوياً أو غير ذلك ، ففي هذه المؤتمرات واللقاءات تطرح دراسات وأفكاراً ومقترحات تغريبية كالمؤتمر السابق في تونس وغيره كثير .


وقد عقد المؤتمر الإقليمي الرابع للمرأة في الخليج والجزيرة العربية في 15/2/1976 م(17)، في إحدى دول الخليج وكان التركيز على ما يسمى بقضية تحرير المرأة وأصدر قرارات منها :


‌أ- لابد من مراجعة قوانين الأحوال الشخصية في ضوء التحولات الاقتصادية والاجتماعية لدول المنطقة ومحاولة الدفع بدراسة قانون الأحوال الشخصية العربية الموحدة – يريد إيجاد قانون علماني والأحوال الشخصية في مصطلحهم يراد بها مسائل النكاح والطلاق - .


‌ب- التأكيد على أهمية وضرورة النظر في الكتب والمناهج التربوية عند تناولها لقضية المرأة بما يضمن تغيير النظرة المتخلفة لأدورها في الأسرة والعمل .
ثم تتابع هذه الدراسة فتقول : إن القوانين والأنظمة التي كانت تخضع لها الأسرة قبل ألف عام ( لاحظي قبل ألف عام) ما تزال تطبق على العلاقات الأسرية في عصرنا الحاضر دون النظر إلى مدى ملائمتها لنا .



ما هي القوانين التي من ألف عام ؟ إنها شريعة الإسلام .

فهؤلاء النسوة من نساء الخليج يردن تغيير الشريعة الإسلامية التي تطبق على المرأة من ألف عام .


5. ومن وسائلهم في تغريب المرأة المسلمة إبتعاثها للخارج وهذا حصل كثيراً في كثير من بلدان المسلمين وإن كان يختلف من بلد إلى بلد قلة وكثرة ،

وحينما تذهب امرأة مسلمة إما لم تدرس شيئاً عن الدين كما في بعض البلدان العربية والإسلامية ، أو ليس معها محرم ، ثم ترمى في ذلك المجتمع المتحلل ، فماذا تتصور لها ؟ وماذا تتوقع لها أن تفعل ؟ ، إنه أمر خطير إذا كان الشاب المسلم يُخشى عليه من الذوبان فيذهب كثيرون مسلمون ويرجعون منحرفين ، فما بالك بفتاة تذهب في بحر متلاطم من الفساد والإفساد .
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء
فإذا رجعت هذه الفتاة المبتعثة كانت رسول شر للعالم الغربي من أجل تغريب المسلمات ونقلهن من التمسك بالشرع والخلق الإسلامي إلى التمسك بالمناهج والأفكار والآراء الغربية ، كما فعل أسلافها في مصر والكويت ، وكثير من المستغربات هن من هذا النمط الذي أشبع بالثقافة الغربية في غياب علم بالدين واعتقاد به مما أدى إلى استغرابها – أي كونها متبعة للغرب في نمط حياتها - .

6. ومن أساليب العلمانيين : التعسف في استخدام المنصب ،

فقد تجدون أحدهم في منصب ما ، ثم بعد ذلك يبدأ يصدر قوانين أو قرارات يمنع فيها الحجاب كما حصل في مصر وفي الكويت ، أو يفرض فيها الاختلاط ، أو يمنع عقد ندوات ونشاطات إسلامية ، أو يفرض فيها اختلاطا في مجالات معينة ، وبالتالي يحصل احتكاك الفتاة بالشاب ، ومن ثم يسهل هذا الأمر ، وكلما كثر الإمساس قل الإحساس ، ثم بعد ذلك تتجاوز الحواجز الشرعية وتبتعد عن حياتها تذوب كما ذاب غيرها .


7. ومن أساليبهم أيضاً : العمل والتوظيف غير المنضبط ، يعني إما باختلاط بتوظيف الرجال والنساء سواسية أو بتوظيف المرأة في غير مجالها ،

ويكون هذا على طريقة التدرج ، على الطريقة التي يسميها الشيخ محمد قطب : بطيء ولكنه أكيد المفعول . وعلى طريقة فرض الأمر الواقع ، على سبيل المثال تجد في المستشفيات الكثير من الاختلاط في الوظائف ، وتجد ذلك في الطيران وبعض الشركات ، وتجد ذلك في أماكن كثيرة في بلاد المسلمين ، ومن ذلك التوظيف في بعض المستشفيات الذي حصل في الأقسام الإدارية وفي أقسام العلاقات العامة والمواعيد وفي الأقسام المالية ، بل وصل الأمر إلى توظيف النساء حتى في أقسام الصيانة والهندسة التي يختص بها الرجال . وهنا يحصل الاختلاط ساعات طوال في مكتب واحد في بعض المكاتب الإدارية والمالية .
ومن ذلك أيضاً المشاركة والاختلاط في الأندية التي تكون في المستشفيات أندية ترفيه أو أندية اجتماعية أو غير ذلك ، بل لقد وصل الفساد وعدم الحياء ببعضهن إلى المجاهرة بالتدخين أمام الآخرين من الزملاء ، وليس ذلك في غرف القهوة والمطاعم فحسب ، بل على المكاتب الرسمية .

8. الدعوة إلى إتباع الموضة والأزياء وإغراق بلاد المسلمين بالألبسة الفاضحة ، ومسألة الموضة كما سبق ذكره والأزياء مسألة خطيرة ،

فإن اللباس من شعارات الأمم ، وكل أمة لها لباس يخصها ، صحيح أن الإسلام لم يعين للرجل أو المرأة لباساً معيناً لا يجوز له أن يلبس إلا هو ، لكنه وضع ضوابط الشرعي في لباس المرأة وليس فيه تشبه فلا بأس من أي لباس كان مادام مباحاً ، أما إذا لبست المرأة المسلمة لباساً غربياً تقليداً للغربيات ، وتشبهاً بهن ، وإتباعا لهن ، وأخذا بالموضات كما هو حاصل فهذه المحظور الذي نخشاه ، وإن التشبه في الظاهر يؤدي إلى تشبه في الباطن ، وإلى تأثر بالأخلاق والعادات والعقائد كما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) ولذا فإن المرأة المسلمة مطالبة بالابتعاد عن اتباع الغرب في موضاتهم وأزيائهم ، ولنعلم جميعاً أن المستفيد من ذلك هم تجار اليهود الذين يملكون بيوت الأزياء ومحلات صناعة الألبسة في باريس وفي لندن وفي غيرها .
كما أن من خطط العلمانيين إغراق بلاد المسلمين بالألبسة الفاضحة والقصيرة ، فأحدنا لا يستطيع أن يجد لابنته الصغيرة ، لباس ساتراً فضفاضاً إلا بشق الأنفس ، ولذا فنحن بحاجة إلى حماية لدين المستهلك مثل حماية المستهلك من جشع التجار فيحمى المستهلك من الغزو التغريبي للمرأة المسلمة في لباسها وفي لباس ابنتها ، وعلى التجار المسلمين أن يفرضوا ويشترطوا اللباس المقبول عند المسلمين الذي لا يحمل صوراً ولا كتابات وليس بلباس فاضح ولا بضيق ولا بكاشف ، والشركات الصانعة إنما تريد المال ولأجله تصنع لك أي شيء تريد فإذا ترك لها الحبل على الغارب صنعت ما يضر بأخلاق المسلمين .

9. ومن أساليبهم القديمة والتي وجدت في مصر وفي العراق وفي لبنان وفي غيرها :
إنشاء التنظيمات والجمعيات والاتحادات النسائية
،

فقد أنشأ الاتحاد النسائي في مصر قديماً جداً على يد هدى شعراوي كما سبق وذلك بدعم غربي سافر ، وكذلك أنشئت الجمعيات النسائية في العراق وفي غيره في وقت مبكر من الحملة التغريبية ثم تبعتها البلاد العربية الأخرى ، هذه الاتحادات النسائية والتنظيمات والجمعيات ظاهرها نشر الوعي الثقافي والإصلاح وتعليم المرأة المهن كالشك والتطريز والخياطة والضرب على الآلة وغير ذلك ، ولكن قد يكون باطنها سما زعافا فتعلم المرأة الأفكار والقيم الغربية الخبيثة التي تنقلها من الفكر الإسلامي النير المستبصر إلى الفكر المظلم من الغرب الكافر ، ولا ينكر أنه يوجد بعض الجمعيات التي تعمل بجد لتحقيق مصلحة المرأة على ضوء الإسلام الصحيح والتي نرجو الله – عز وجل – أن يوفقها لسلوك الطريق المستقيم ، وإذ نقول هذا نسأل المولى أن يمن على جميع الاتحادات والتنظيمات النسائية في العالم الإسلامي بالرجوع إليه – سبحانه – والرجوع بالمرأة المسلمة إلى الصواب الذي أراد الله – عز وجل – أن تسير عليه .

10. ومن أخبث أساليبهم وهي التي يثيرونها دائماً على صفحات الجرائد والمجلات وغيرها التظاهر بالدفاع عن حقوق المرأة وإثارة قضايا تحرر المرأة خاصة في الأوقات الحساسة التي تواجهها الأمة ، وإلقاء الشبهات ، فمرة يلقون قضية تحرير المرأة ومساواتها بالرجل ، ومرة يبحثون في موضوع التعليم المختلط وتوسيع مجال المشاركة في العمل المختلط وغير ذلك ، قد يتم ذلك باسم الدين ، وقد يتم ذلك باسم المصلحة ، وقد يتم ذلك بعبارات غامضة وهذه طريقة المنافقين التخفي خلف العبارات الغامضة الموهمة في كثير من الأحيان .



11. ومن أخبث طرقهم ووسائلهم : شن هجوم عنيف على الحجاب والمتحجبات وعلى العفاف والفضيلة وتمجيد الرذيلة في وسائل الإعلام بأنواعها وفي غيرها أيضاً ، سواء كان في المنتديات والأندية الثقافية والأدبية ، أو كان في الجلسات الخاصة وفي غيرها ،

فهذه جريدة الوطن الكويتية في يوم السبت 19 صفر 1414هـ تكتب مقالاً بعنوان ( نحن بين الحجاب والسفور ) وهو مقال يقطر سماً وخبثاً ، والمقال بيد كاتب كويتي يقول : اختلفت الأقاويل في الحجاب والسفور ، فمنهم من يؤيده ، ومنهم من يعارضه ، فملؤوا صفحات الجرائد المحلية بآراء متضاربة فيها مندفع اندفاع كلياً نحو التحرر من الكابوس الثقيل وهو الحجاب ، والفئة الأخرى وهي التي تمثل الرجعية البغيضة تعارض بقوة شديدة السفور وتعتقد بل تجزم أنه سوف يفضي إلى نتائج مريعة تصيب المجتمع بأمراض جسيمة – ثم يقول برأيه التافه الساقط – وكل هذا وذاك لن يقف في الطريق ، ولن يحد من قوة التيار ، فالسفور آت لا محالة على فترات متتابعة شاءت التقاليد أم أبت .
نسأل الله عز وجل – أن يرده من الضلال إلى الهدى ومن الخطأ إلى الصواب .
وقد تولى كبر هذا الهجوم العنيف على الحجاب والمحجبات المجلات والجرائد المصرية والمجلات والجرائد الكويتية ، حتى كتب رئيس تحرير مجلة مصرية مشهورة يقول : إن المحجبات أو اللاتي تبن من الممثلات وتمسكن بالحجاب يعطين أموالاً من دولة أجنبية . وقد رد عليه مجموعة من هؤلاء التائبات على صفحات مجلة المجتمع وقلن فيه : إنهن رجعن إلى الله – عز وجل – وتركن ذلك العفن الفني إلى غير رجعة ، وإنهن قبضن من الله وعداً بأن من تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى غفر الله له وأدخله الجنة .
وكتبت جريدة المسلمون(18) تحت عنوان رائدات العلمانية والحوارات الوهمية تقول :
سنوات طوال والحوارات الوهمية بين رائدات التبرج والمجبرات على الحجاب لا تنقطع – طبعاً هذا حوار وهمي يعني ليس بصحيح ، بل تقصد العلمانية أو ذلك الكاتب العلماني الذي يبقى على مكتبه ويتخيل حواراً يشن فيه هجوماً على الحجاب ويظن أن المحجبات مكرهات فيكتب مقالة ثم ينشرها وهو هراء محض – من أبرز هذه الحوارات ذلك الذي جري بين كاتبة صحفية شهيرة ، زارت مدينة عدن ثم انتقلت لمدينة صنعاء وفي الأخيرة أجرت حواراً خيالياً مع فتاة يمنية نهرتها عندما مدت يدها محاولة كشف غطاء رأسها ، ثم ينتهي الحوار بضحكة عالية دوت في سماء صنعاء معلنة قرب ميلاد الفجر الجديد – يعني السفور والتحلل – قالت الجريدة : وما بين البداية القاسية للحوار والنهاية السعيدة به ، قالت فتاة صنعاء ضمن ما قالت : إنها مجبرة على ارتداء هذا القيد ، وأنها تتحايل من أجل الفكاك منه ، وأنها عندما تتوارى عنهم سرعان ما تخلعه ، أما الفجر الجديد فهو ذلك اليوم الذي ينزاح فيه المطالبون بتطبيق شرع الله وترك الناس للشرائع الغريزية بدعوى الحرية .
ولعل صاحبة هذا الحوار كانت بدورها تنتظر هذا الفجر – بفتح الفاء وضمها يعني الفُجر – غير أن ما حدث قد أصابها بسكتة صحفية نتمنى أن تدوم ، لقد تمكن اليمنيون بفضل الله ثم بفضل رؤية أصحاب العقول السليمة من تحديد طريقهم في الحياة وتسابق الجميع وفي مقدمتهم أبناء عدن في تأييد الأخذ بقوانين الشريعة الإسلامية ، إن داعيات التبرج ورائدات العلمانية يهاجمن الحجاب ، ويهاجمن المتحجبات ، ويفترضن أحاديث مكذوبة يزعمن فيها أن المحجبات ، يتمنين اليوم الذي يلقين فيه هذا الحجاب ، وهذا كله كذب ، فالحمد لله العالم الإسلامي كله من أقصاه إلى أقصاه يشهد رجعة وتوبة إلى الله العزيز الحكيم – جل وعلا- سواء من الرجال أو النساء ، وحينما تنظر إلى الجامعات وتدرس حالها قبل سنوات تجد قلة المتحجبات ثم انظر إليها الآن ، في كل جامعات الدول العربية الأخرى تجد كثرة المتحجبات في هذا الوقت بحيث أصبحن يشكلن الأغلبية في كثير من الجامعات بحمد الله وهذا ما أوغر صدور أولئك العلمانيين والعلمانيات .

12. ومن أساليب العلمانيين أيضاً تمجيد الفاجرات من الغربيات والممثلات والراقصات والمغنيات وغيرهن ،

فتذكر بأنها النجمة الفلانية ، وأنها الشهيرة فلانة ، وأنها الرائدة في مجال كذا ، وأنها التي ينبغي أن تحتذي ، وأنها القدوة في مجال كذا ، وأنها حطمت الرقم القياسي في الألعاب الفلانية أو الطريقة الفلانية ، وهذه الصحف ، وهذه الكتابات العلمانية توهم المرأة المسلمة بأن هذا هو الحق وهذا هو الطريق الذي ينبغي أن تسلكه ، فتتمنى أن تكون مثلها وتحاول أن تتشبه بها ، ولهذا ضاق صدر أولئك بتلك الفنانات التائبات لأنهن سيمثلن قدوة مضادة لما يريدون .

13. ومن أساليبهم : الترويج للفن والمسرح والسينما ، وهذا من أخطر الأساليب العلمانية التي نجح العلمانيون في إغواء المرأة المسلمة من خلالها ،

فهم قد ينشرون قصصاً لبعض الكاتبات ويقولون بقلم القاصة فلانة ، وأحياناً ينتشرون قصيدة للشاعرة فلانة ،ومرة أخرى ينشرون مقالة للأديبة فلانة ، وكذلك ينشرون دعاية لمعارض تشكيلية تقيمها الفنانة فلانة ، وقد يدعونها للمشاركة في التمثيل أو في المسرح أو غير ذلك مما يؤدي إلى أن تبهر هذه الفتاة وتغير أفكارها وينغسل عقلها ، ومن ثم تكون داعية للتغريب وللعلمنة ولتحلل المرأة المسلمة ، إذ أنها لابد لها من الانسياق كي تحافظ على مكانتها الوهمية فتنغمس – وهي لا تدري – في ذلك الخبث حتى تصبح لا تدرك خبثه ، ويصبح الطيب خبيثاً لديها ، والعياذ بالله من الانتكاس .

14. ومن أخبث أساليبهم المنتشرة : استدراج الفتيات المسلمات – خاصة النابغات – للكتابة أو للتمثيل أو الإذاعة لاسيما إذا كن متطلعات للشهرة أو للمجد أو لغير ذلك فتدعى هذه الفتاة للكتابة في الصحيفة وتمجد كتاباتها ،

وقد تكتب قصة ثم يأتي مجموعة من الفنانين أو من الحداثيين أو من غيرهم فيقومون بتحليل هذه القصة وفي أثناء هذا التحليل ، يلقون في أرواع الناس أن هذه القاصة قد وصلت إلى المراتب العليا في هذا المجال وأنها أصبحت من الرائدات في مجال القصة ، ويلقون عليها هالة عظيمة – والشواهد معروفة – فتندفع بعض الفتيات المغرورات للكتابة والاتصال بهؤلاء من أجل أن ينشروا لهن ما يكتبن ، وقد يقوم بعضهم بكتابة مقالات بأسماء نسائية مستعارة ، ومثل هذا كثير من أجل إيقاع النساء المسلمات في حبائل هؤلاء الشياطين .

15. ومن أساليبهم أيضاً : تربية البنات الصغيرات على الرقص والموسيقى والغناء من خلال المدارس والمراكز وغيرها
،

ثم إخراجهن في وسائل الإعلام فتجد فتيات في عمر الزهور يخرجن للرقص والغناء وهن يتمايلن وقد لبسن أجمل حلل الزينة ، فكيف يا ترى سيكون حال هذه الفتاة إذا كبرت ! إلى أين ستتجه إن لم تتداركها عناية الله ورحمته ؟والتالي يكون ذلك سبباً من أسباب اجتذاب عدد آخر من الفتيات اللاتي يتمنين أن يفعلن مثل هذه التي ظهرت على أنها نجمة ثم قد تكون في المستقبل مغنية أو ممثلة شهيرة ، عافانا الله والمسلمين .



16. ومن وسائلهم إشاعة روح جديدة لدى المرأة المسلمة تمسخ شخصيتها من خلال إنشاء مراكز يسمونها مراكز الطبيعي للسيدات

، وقد قامت مجلة الدعوة مشكورة بكتابة تقرير عن هذه المراكز في عدد 1328 الصادر في 3/8/1412 هـ ، إذ زارت إحدى الكاتبات بعضا من هذه المراكز وكتبت تقول : في ظل التغيرات والمستجدات التي تظهر بين وقت وآخر ظهر تغير سلبي وهو افتتاح مراكز تسمى مراكز العلاج الطبيعي للسيدات ، والحقيقة أن هذا المركز يخفي ورائه كثير من السلبيات من أبرزها فتح المجال للنساء لممارسة الألعاب الرياضية مقابل قيمة مالية ، وذلك بدعوى إيجاد وسيلة جديدة تمضي فيها المرأة وقتها وتجعلها تحافظ على رشاقة جسمها – كل مبطل يغلف دعواه بالإصلاح ويزخرف القول – قالت : ومع أن هذا سبب مرفوض أيضاً إلا أن هذه المراكز قد تؤدي إلى صرف اهتمامات المرأة المسلمة المحافظة على دينها وتغيير واجهة اهتماماتها وواجباتها الشرعية . ثم تمضي الأخت فتقول : ولمعرفة واقع تلك المراكز وما يدور فيها وما تقدمه لمرتادها قمت بزيارة بعضها والاتصال بالبعض الآخر منها كأي امرأة أخرى تسأل عنها قبل الالتحاق بها وذلك في محاولة للوصول للحقائق الكاملة ومعرفة ما يدور فيها ، وخلاصة التقرير :
- انتشار اللباس الغير ساتر في هذه المراكز ، بل واشتراطه .
- قيام بعض المراكز بتعيين أطباء من الرجال لابد من مرور المتدربات عليهم .
- انتشار الموسيقى الغربية في هذه المراكز ومن شروط بعض المراكز عدم اعتراض المتدربة على ذلك .
- وضع حمامات جماعية للسونا تلبس فيها النساء ملابس داخلية فقط ، ويكن مجتمعات داخله .
- انتشار هذه المراكز حتى في الفنادق والكوافيرات والمشاغل وتقديمها كخدمة مشتركة .
وكل هذا نمط جديد لم نعرفه من قبل ولو قامت النساء بعملهن في بيوتهن لما احتجن لهذا ، والله المستعان .

17. ثم أختم هذه الأساليب بهذا الأسلوب الخطير وهو إشاعة الحدائق والمطاعم المختلطة للعائلات والتي انتشرت مؤخراً :


فقد زار بعض المشايخ بعضا من المطاعم والحدائق العائلية والتي فيها محاذير كثيرة وفتح بها أبواب للشياطين جديدة ، مع أنها دخيلة على نمط الحياة الإسلامية وهي سمة غربية بحتة ، وبدأ النسوة يرتدنها إما منفردات أو يدعو بعضهن بعضا لتناول العشاء أو الغداء – ومن هؤلاء فضيلة الشيخ محمد الفراج جزاه الله تعالى خير الجزاء – ثم كتبوا تقريراً بينوا فيه ما تخفيه هذه المطاعم المختلطة ، وذكروا أن هذه المطاعم يكون فيها اختلاط الشاب بالفتاة ، وأنه قد تدخلها المرأة بدون محرم وجواز المرور بالنسبة للرجل أن يكون معه امرأة سواء كانت خادمة أو كانت طفلة أو غير ذلك ، وبذلك أصبحت مكاناً صالحاً للمواعيد الخبيثة ولغير ذلك ، وذكروا أن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تواجه من هذه الحدائق وهذه المطاعم مشاكل كبيرة للغاية لأنها يجتمع حولها الشباب وبعضهم قد يدخل وبعضهم قد يبقى خارجها ، ثم بعد ذلك كتب فضيلة الشيخ العلامة عبد الله بن جبرين تأييداً لكلام هؤلاء الأخوة ، يقول فيه : الحمد لله وحده وبعد ، رأيت أمثلة مما ذكر في هذا التقرير مما يسترعى الانتباه والمبادرة بالمنع والتحذير )) ا.هـ .
وقد تكون هذه الحدائق والمطاعم أوجدت بحسن نية لكنها سبب مهم من أسباب تغريب المرأة إذ أنها تشيع مظاهر التغريب من اختلاط أو خلوة بالرجل الأجنبي عن المرأة ومن فتحها لباب الفواحش والدخول على النساء الشريفات فيفتن في دينهن وعفتهن مع غلبة الداعي للفحش بسبب كثرة المثيرات والله المستعان .
دبه تسوي ريجيم
مما يحير المرء في شأن معشر العلمانيين : جماعات الشغب الثقافي ، والتفلت الأخلاقي في العالم العربي :

أن مشاغباتهم تأتي دائما في مغامرات من اللغو الذي لاطائل تحته ، ويحاولون أن يصنعوا من أنفسهم أبطالا للحرية ، من بطولات وهمية ليس من ورائها اختراع نافع ولا نقد بناء ولا كلمة حق أمام سلطان جائر ولا موقف شجاع ينصر فيه المظلوم من الظالم ، فمن أين يريدون أن يصيروا أبطالا ؟ لا أدري .

يقول محمد عابد الجابري في كتابه تكوين العقل العربي ( وانه لمما له دلالة خاصة في هذا الصدد أن تخلو الحضارة العربية الإسلامية مما يشبه تلك الملاحقات والمحاكمات التي تعرض لها العلماء ، علماء الفلك والطبيعيات ، في أوربا بسبب آرائهم العلمية ، ويكفي التذكير بما تعرضت له مؤلفات كبلر من بتر ومنع من طرف لاهوتيي عصره بسبب تأييده لنظرية كوبرنيك الفلكية المبنية على القول بثبات الشمس ودوران الأرض حولها ، عكس ما كان يعتقد قبل 00 أما في الحضارة العربية الإسلامية فعلى الرغم من أن فكرة كروية الأرض ودورانها كانت شائعة كغيرها من الأفكار العلمية المماثلة فإنها لم تثر أية ردود فعل لا من طرف الفقهاء ولا من جانب الحكام ) ص 345 مركز دراسات الوحدة .

وهذه ملحوظة مهمة جدا ، وهي من الأدلة والبراهين القاطعة على أن صراع العلمانيين مع الشريعة الإسلامية في بلادنا العربية ، ليس بسبب الجدل حول موقف الإسلام من التقدم الحضاري ولا العلوم العصرية النافعة ، وهي العلوم التي تدور في فلك دراسة الطبيعة واكتشافها واختراع ما يفيد الإنسان ، وتعتمد على المنهج التجريبي ، لان الشريعة الإسلامية لا تفرض أي تعارض بين الدين وبين هذه العلوم النافعــــــــــــة ـ بعكس ما كانت الكنيسة تفعل في افتراضها هذا التعارض في أوربا قبل الثورة على سلطان الكنيسة ـ بل الشريعة الإسلامية تدعو إلى تلك العلــــوم وتحض عليها ، وكلما كان العالم ملتزما بالإسلام كان أزكى عقلا فيها ، وأعظم نفعا للناس .

ولهذا لانكاد نجد أحدا في العالم العربي ــ مثلا ــ في مجال هذه العلوم النافعة نصب عداء للدين ، والسبب ببساطة أنه لم يـــر في الإسلام ما يشكل عائقا أمامه البتة ، وان وقع من أحد منهم مثل هذا العداء فانه بسبب انتماءاته السياسية أو الثقافية الأخرى لا بسبب الاكتشافات النافعة.

وانما غالب المعادين للشريعة الإسلامية وللتيار الإسلامي في العالم العربي هم قلة من جماعة (تجار الكلام ) ، جـــل ما لديهم مجرد الكلام المستمر، الممل والمكرور، في الصحف في السخرية والاستهزاء بالدين وأحكام الشريعة والتباهي بأنهم أصحاب قلم يدافعون عن التقدم والعصرنة.

فإذا فتشت عن عصر نتهم وتقدميتهم وجدتها تدور حول الدفاع عن كاتب طعن في القرآن لا من أجل أنه اكتشف شيئا يحرم القرآن اكتشافه ، بل لان المفكر الحر جدا !! الذي يدافعون عنه اكتشف فجأة أنه لم يرق له الإيمان بالبعث بعد الموت مثلا لانه تربى وهو صغير في مدرسة أجنبية أو تلقى ثقافة ملحدة ، فغرس في قلبه أن الأيمان بالغيبيات هو شيء سخيف لا يناسب الإنسان العصري .

كما تدور حول الدفاع عن حرية بيع كتب عن الجنس الرخيص ، أو أفلام من هذا النوع ، أو احترام رأي يدعو إلى اعتبار الرقص بين الجنسين اكتشاف عصري مذهل يعبر عن تقدم الدولة ، ونحو ذلك من القضايا في هذا المستوى أو دونه ، فلاجرم أن ينصبوا العداء للديـــــن إذن .

وقد أهدروا أوقاتهم في اختلاق صراع مع الدين بلا فائدة ، ويضيعون أوقاتنا معهم في قراءة ما يكتبون والرد عليهم خوفا على ضعفاء الأيمان من شبهاتهم .

أما الاكتشافات العلمية النافعة فلا ناقة لهم فيها ولا جمل ، ولاحتى يحسنون أن يضيفوا إليها شيئا مفيدا ، أولا لان هذه ليست صنعتهم إذ لو كانت لهم صنعة مفيدة لحجزتهم عن مشكلة الفراغ التي جعلتهم من تجار الكلام .

وثانيا لانهم انشغلوا بشيء آخر ، انشغلوا بمعاداة دينهم متوهمين أنهم أبطال المعركة مع التخلف يقودون الشعب إلى النور والمستقبل ، متخيلين أنهم سينقذون أمتنا من مثل قوى الظلام التـــــــــي اضطهدت (جاليلو)00 مساكيـــــن !

قرأت لواحد منهم ذات مرة مقالا يبكي فيه على العلماء ـ كما زعمهــم ـ الذين قتلوا لانهم صرحوا بمعتقدا تهم في غابر التاريخ ، وينادي من قلب يعتصر ألما لإنقاذ الأمة من اضطهـــاد العلمــاء والمفكرين ، أتدرون أي علمــاء يقصــد ؟؟ مثل الحلاج والسهر وردي وابن عربي 00 حفنة من الزنادقة والسحرة لم يحسنوا سوى الدعوة إلى الإلحاد ، ويعدونهم طليعة التفكير الحر في التاريخ الإسلامي 00 لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون .

فقلت في نفسي لاتخف أيها المخترع الكبير المضطهد والبطل القومي !!! انك متى قررت أن تكون مثل العلماء من الخوارزمي إلي السموأل في علوم الجبر ، وابن الهيثم في علوم البصريات ، وكل من اشتغل بالنافع من علوم الطب والفلك والجغرافيا 00الخ فلن يمسك سوء ، كما لم يمس أولئك سوء في تاريخ الإسلام كله ، بل كانت الحضارة الإسلامية هي التي احتضنتهم ـ حتى غير المسلمين منهم ـ وهيئت لهم أجواء حرية البحث العلمي ، لكن مصيبتنا معكم أنكم لا تحسنون سوى السخرية من الدين وحجاب المرأة ونحو ذلك وتعدون هذه علومكم الباهرة التي تخافون على أنفسكم من الاضطهاد بسبب اكتشافها؟؟

انهم لا يزيدون على استنساخ التناقض الغربي نفسه الذي صفق لنجيب محفوظ لاكتشافه العظيم !! في رواية (أولاد حارتنا) ، وصفق لنصر أبو زيد لاكتشافاته المذهلة في الاستهزاء باليوم الآخر !! وفعل مثل ذلك لسلمان رشدي ، وسائر الأذناب ، زاعما أنهم مفكرون أحرار ، ثم هذا الغرب نفسه يقتل 6000 طفل عراقي كل شهر بسبب الحصار ، ويسحق بدعمه للكيان الصهيوني شعبا بأكمله ، وينفق على التسلح لإرهاب العالم آلاف المليارات ، ويلقي بمليارات الأطنان من منتجاته الغذائية في المحيطات حفاظا على أسعارها ، بينما تموت شعوب تحت الفقر والجوع والتخلف ، ويدعي مع ذلك أنه العالم الحر المتحضر .

وخلاصة وصفهم أن الغرب أرادهم أحرارا عندما يطعنون في دينهم ، وأرادهم عبيدا لــه في كل ما سوى ذلك ، فكانوا كما أرادهم في كلا الأمرين ، ثم يتفاخرون علينا متباهين أنهم أبطال الحرية !!

المصدر موقع الشيخ حامد العلى حفظه الله تعالى
دبه تسوي ريجيم
مما يحير المرء في شأن معشر العلمانيين : جماعات الشغب الثقافي ، والتفلت الأخلاقي في العالم العربي : أن مشاغباتهم تأتي دائما في مغامرات من اللغو الذي لاطائل تحته ، ويحاولون أن يصنعوا من أنفسهم أبطالا للحرية ، من بطولات وهمية ليس من ورائها اختراع نافع ولا نقد بناء ولا كلمة حق أمام سلطان جائر ولا موقف شجاع ينصر فيه المظلوم من الظالم ، فمن أين يريدون أن يصيروا أبطالا ؟ لا أدري . يقول محمد عابد الجابري في كتابه تكوين العقل العربي ( وانه لمما له دلالة خاصة في هذا الصدد أن تخلو الحضارة العربية الإسلامية مما يشبه تلك الملاحقات والمحاكمات التي تعرض لها العلماء ، علماء الفلك والطبيعيات ، في أوربا بسبب آرائهم العلمية ، ويكفي التذكير بما تعرضت له مؤلفات كبلر من بتر ومنع من طرف لاهوتيي عصره بسبب تأييده لنظرية كوبرنيك الفلكية المبنية على القول بثبات الشمس ودوران الأرض حولها ، عكس ما كان يعتقد قبل 00 أما في الحضارة العربية الإسلامية فعلى الرغم من أن فكرة كروية الأرض ودورانها كانت شائعة كغيرها من الأفكار العلمية المماثلة فإنها لم تثر أية ردود فعل لا من طرف الفقهاء ولا من جانب الحكام ) ص 345 مركز دراسات الوحدة . وهذه ملحوظة مهمة جدا ، وهي من الأدلة والبراهين القاطعة على أن صراع العلمانيين مع الشريعة الإسلامية في بلادنا العربية ، ليس بسبب الجدل حول موقف الإسلام من التقدم الحضاري ولا العلوم العصرية النافعة ، وهي العلوم التي تدور في فلك دراسة الطبيعة واكتشافها واختراع ما يفيد الإنسان ، وتعتمد على المنهج التجريبي ، لان الشريعة الإسلامية لا تفرض أي تعارض بين الدين وبين هذه العلوم النافعــــــــــــة ـ بعكس ما كانت الكنيسة تفعل في افتراضها هذا التعارض في أوربا قبل الثورة على سلطان الكنيسة ـ بل الشريعة الإسلامية تدعو إلى تلك العلــــوم وتحض عليها ، وكلما كان العالم ملتزما بالإسلام كان أزكى عقلا فيها ، وأعظم نفعا للناس . ولهذا لانكاد نجد أحدا في العالم العربي ــ مثلا ــ في مجال هذه العلوم النافعة نصب عداء للدين ، والسبب ببساطة أنه لم يـــر في الإسلام ما يشكل عائقا أمامه البتة ، وان وقع من أحد منهم مثل هذا العداء فانه بسبب انتماءاته السياسية أو الثقافية الأخرى لا بسبب الاكتشافات النافعة. وانما غالب المعادين للشريعة الإسلامية وللتيار الإسلامي في العالم العربي هم قلة من جماعة (تجار الكلام ) ، جـــل ما لديهم مجرد الكلام المستمر، الممل والمكرور، في الصحف في السخرية والاستهزاء بالدين وأحكام الشريعة والتباهي بأنهم أصحاب قلم يدافعون عن التقدم والعصرنة. فإذا فتشت عن عصر نتهم وتقدميتهم وجدتها تدور حول الدفاع عن كاتب طعن في القرآن لا من أجل أنه اكتشف شيئا يحرم القرآن اكتشافه ، بل لان المفكر الحر جدا !! الذي يدافعون عنه اكتشف فجأة أنه لم يرق له الإيمان بالبعث بعد الموت مثلا لانه تربى وهو صغير في مدرسة أجنبية أو تلقى ثقافة ملحدة ، فغرس في قلبه أن الأيمان بالغيبيات هو شيء سخيف لا يناسب الإنسان العصري . كما تدور حول الدفاع عن حرية بيع كتب عن الجنس الرخيص ، أو أفلام من هذا النوع ، أو احترام رأي يدعو إلى اعتبار الرقص بين الجنسين اكتشاف عصري مذهل يعبر عن تقدم الدولة ، ونحو ذلك من القضايا في هذا المستوى أو دونه ، فلاجرم أن ينصبوا العداء للديـــــن إذن . وقد أهدروا أوقاتهم في اختلاق صراع مع الدين بلا فائدة ، ويضيعون أوقاتنا معهم في قراءة ما يكتبون والرد عليهم خوفا على ضعفاء الأيمان من شبهاتهم . أما الاكتشافات العلمية النافعة فلا ناقة لهم فيها ولا جمل ، ولاحتى يحسنون أن يضيفوا إليها شيئا مفيدا ، أولا لان هذه ليست صنعتهم إذ لو كانت لهم صنعة مفيدة لحجزتهم عن مشكلة الفراغ التي جعلتهم من تجار الكلام . وثانيا لانهم انشغلوا بشيء آخر ، انشغلوا بمعاداة دينهم متوهمين أنهم أبطال المعركة مع التخلف يقودون الشعب إلى النور والمستقبل ، متخيلين أنهم سينقذون أمتنا من مثل قوى الظلام التـــــــــي اضطهدت (جاليلو)00 مساكيـــــن ! قرأت لواحد منهم ذات مرة مقالا يبكي فيه على العلماء ـ كما زعمهــم ـ الذين قتلوا لانهم صرحوا بمعتقدا تهم في غابر التاريخ ، وينادي من قلب يعتصر ألما لإنقاذ الأمة من اضطهـــاد العلمــاء والمفكرين ، أتدرون أي علمــاء يقصــد ؟؟ مثل الحلاج والسهر وردي وابن عربي 00 حفنة من الزنادقة والسحرة لم يحسنوا سوى الدعوة إلى الإلحاد ، ويعدونهم طليعة التفكير الحر في التاريخ الإسلامي 00 لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون . فقلت في نفسي لاتخف أيها المخترع الكبير المضطهد والبطل القومي !!! انك متى قررت أن تكون مثل العلماء من الخوارزمي إلي السموأل في علوم الجبر ، وابن الهيثم في علوم البصريات ، وكل من اشتغل بالنافع من علوم الطب والفلك والجغرافيا 00الخ فلن يمسك سوء ، كما لم يمس أولئك سوء في تاريخ الإسلام كله ، بل كانت الحضارة الإسلامية هي التي احتضنتهم ـ حتى غير المسلمين منهم ـ وهيئت لهم أجواء حرية البحث العلمي ، لكن مصيبتنا معكم أنكم لا تحسنون سوى السخرية من الدين وحجاب المرأة ونحو ذلك وتعدون هذه علومكم الباهرة التي تخافون على أنفسكم من الاضطهاد بسبب اكتشافها؟؟ انهم لا يزيدون على استنساخ التناقض الغربي نفسه الذي صفق لنجيب محفوظ لاكتشافه العظيم !! في رواية (أولاد حارتنا) ، وصفق لنصر أبو زيد لاكتشافاته المذهلة في الاستهزاء باليوم الآخر !! وفعل مثل ذلك لسلمان رشدي ، وسائر الأذناب ، زاعما أنهم مفكرون أحرار ، ثم هذا الغرب نفسه يقتل 6000 طفل عراقي كل شهر بسبب الحصار ، ويسحق بدعمه للكيان الصهيوني شعبا بأكمله ، وينفق على التسلح لإرهاب العالم آلاف المليارات ، ويلقي بمليارات الأطنان من منتجاته الغذائية في المحيطات حفاظا على أسعارها ، بينما تموت شعوب تحت الفقر والجوع والتخلف ، ويدعي مع ذلك أنه العالم الحر المتحضر . وخلاصة وصفهم أن الغرب أرادهم أحرارا عندما يطعنون في دينهم ، وأرادهم عبيدا لــه في كل ما سوى ذلك ، فكانوا كما أرادهم في كلا الأمرين ، ثم يتفاخرون علينا متباهين أنهم أبطال الحرية !! المصدر موقع الشيخ حامد العلى حفظه الله تعالى
مما يحير المرء في شأن معشر العلمانيين : جماعات الشغب الثقافي ، والتفلت الأخلاقي في العالم العربي...
لا أدري ما هو السر في كثرة الكتابات التي تمجد العلمانية والليبرالية مؤخرا. فقد لاحظنا أن (بعض) أنصار العلمانية والليبرالية وكأنهم اكتفوا من المشاركة في العملية الإصلاحية بمهاجمة المتدينين، واستعراض العضلات، واستخدام أقسى الألفاظ في إثارة الرأي العام ضدهم، والتشكيك في إسلامهم (متأسلمين) ومرجعياتهم (موروثات الماضي) وذممهم (الطعن في توجيه التبرعات) واتجاهاتهم ونواياهم، بل لم يترك العلمانيون جزئية صغيرة أم كبيرة للإسلاميين إلا وأظهروها على أنها من مثالبهم، وأما بالنسبة للناخبين فهم أيضا لم يسلموا من غبار العلمنة فاتهموا بقلة الوعي السياسي.
ونلاحظ أيضا أن العلمانيين باتوا أكثر جرأة وأوضح لهجة من ذي قبل، فهم يصرحون اليوم بما كانوا به يُسرون، ويطالبون بما كانو به يحلمون. وقد بلغت الجرأة بهم أنهم يطعنون في نظام الحكم الإسلامي الذي أثبت صلاحيته في كل مكان وزمان طبق فيه تطبيقا إيجابيا، بكل صراحة وعلانية وهو أمر خطير، ومع ذلك فسوف أرجأ الحديث عنه، وأتناول بالنقد جزئية صغيرة مما نشر مؤخرا عن العلمانية. وسأبدأ بالتعريف، وسوف لن أستشهد لذلك بما ورد في تعريفات علماء الإسلام والذي أخطأ بعضهم في التعريف كما سيأتي، ولكن بتعريفات أهل العلمانية الذين ابتدعوها وصدروها لبقية العالم.

إن لفظة العلمانية ذاتها إنما هي ترجمة خاطئة لكلمة ( Secularism ) في الإنجليزية، أو(Secularite) بالفرنسية، وهي كلمة لا صلة لها بلفظ "العلم" ومشتقاته على الإطلاق. فالعلم في الإنجليزية والفرنسية معناه (Science) والمذهب العلمي (Scientism) والنسبة إلى العلم هي ( Scientific ) أو (Scientifique ) في الفرنسية. والترجمة الصحيحة لمفهوم العلمانية هي (اللادينية) أو (الدنيوية). تقول دائرة المعارف البريطانية مادة ( Secularism ) : (هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيهم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها). وكما يقول المختصون فقد ظل الاتجاه إلى الـ ( Secularism ) اللادينية يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله ، باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية.

وقد جاء في قاموس "العالم الجديد" لو بستر ، شرحاً للمادة نفسها :- بأنها الروح الدنيوية، أو الاتجاهات الدنيوية، ونحو ذلك. وعلى الخصوص: نظام من المبادئ والتطبيقات يرفض أي شكل من أشكال العبادة. ومن معانيها في ذات القاموس: الاعتقاد بأن الدين والشؤون الكنسية لا دخل لها في شئون الدولة وخاصة التربية العامة". أما معجم أكسفورد فيشرح الكلمة بمعاني عدة منها:
"1- دنيوي ، أو مادي، ليس دينيا ولا روحيا: مثل التربية اللادينية، الفن أو الموسيقى اللادينية، السلطة اللادينية، الحكومة المناقضة للكنيسة.
2- الرأي الذي يقول أنه لا ينبغي أن يكون الدين أساساً للأخلاق والتربية"
وفي "المعجم الدولي الثالث الجديد" جاء شرح مادة: ( Secularism) على أنها: "اتجاه في الحياة أو في أي شأن خاص يقوم على مبدأ أن الدين أو الاعتبارات الدينية يجب ألا تتدخل في الحكومة، أو استبعاد هذه الاعتبارات استبعادا مقصوداً، فهي تعنى مثلاً "السياسة اللادينية البحتة في الحكومة "
إذا العلمانية أو بمعنى أصح على مقاييس علماء الغرب اللادينية هي: "نظام اجتماعي في الأخلاق مؤسس على فكرة وجوب قيام القيم السلوكية والخلقية على اعتبارات الحياة المعاصرة والتضامن الاجتماعي دون النظر إلى الدين "
ويقول المستشرق " أر برى " في كتابة " الدين في الشرق الأوسط " عن الكلمة نفسها : " إن المادية العلمية والإنسانية والمذهب الطبيعي والوضعية كلها أشكال اللادينية ، واللادينية صفة مميزة لأوربا وأمريكا ... "

ويقول الشيخ سفر الحوالي: "والتعبير الشائع في الكتب الإسلامية المعاصرة هو "فصل الدين عن الدولة"، ويرى الشيخ سفر بأن هذا التعبير قاصر ولا يعطى المدلول الكامل للعلمانية. والمدلول الصحيح لها هو "إقامة الحياة على غير الدين" سواء بالنسبة للأمة أو للفرد، ثم تختلف الدول أو الأفراد في موقفها من الدين بمفهومه الضيق المحدود فبعضها تسمح به ، كالجماعات الديمقراطية الليبرالية، وبعضا يرفض الدين تماما كجماعات (العلمانية المتطرفة–Anti Religious )، المضادة للدين، ويعنون بها المجتمعات الشيوعية وما شاكلها.
هذه هي حقيقة العلمانية، وهذا هو وجهها الحقيقي الذي لا يزينه الماكياج ولا يخفي عيوبه التلاعب بالألفاظ، العلمانية تعني اللادينية ليس إلا.

مع خالص الشكر للكاتب
إبراهيم بوصندل
كاتب صحفي بحريني
دبه تسوي ريجيم
مما يحير المرء في شأن معشر العلمانيين : جماعات الشغب الثقافي ، والتفلت الأخلاقي في العالم العربي : أن مشاغباتهم تأتي دائما في مغامرات من اللغو الذي لاطائل تحته ، ويحاولون أن يصنعوا من أنفسهم أبطالا للحرية ، من بطولات وهمية ليس من ورائها اختراع نافع ولا نقد بناء ولا كلمة حق أمام سلطان جائر ولا موقف شجاع ينصر فيه المظلوم من الظالم ، فمن أين يريدون أن يصيروا أبطالا ؟ لا أدري . يقول محمد عابد الجابري في كتابه تكوين العقل العربي ( وانه لمما له دلالة خاصة في هذا الصدد أن تخلو الحضارة العربية الإسلامية مما يشبه تلك الملاحقات والمحاكمات التي تعرض لها العلماء ، علماء الفلك والطبيعيات ، في أوربا بسبب آرائهم العلمية ، ويكفي التذكير بما تعرضت له مؤلفات كبلر من بتر ومنع من طرف لاهوتيي عصره بسبب تأييده لنظرية كوبرنيك الفلكية المبنية على القول بثبات الشمس ودوران الأرض حولها ، عكس ما كان يعتقد قبل 00 أما في الحضارة العربية الإسلامية فعلى الرغم من أن فكرة كروية الأرض ودورانها كانت شائعة كغيرها من الأفكار العلمية المماثلة فإنها لم تثر أية ردود فعل لا من طرف الفقهاء ولا من جانب الحكام ) ص 345 مركز دراسات الوحدة . وهذه ملحوظة مهمة جدا ، وهي من الأدلة والبراهين القاطعة على أن صراع العلمانيين مع الشريعة الإسلامية في بلادنا العربية ، ليس بسبب الجدل حول موقف الإسلام من التقدم الحضاري ولا العلوم العصرية النافعة ، وهي العلوم التي تدور في فلك دراسة الطبيعة واكتشافها واختراع ما يفيد الإنسان ، وتعتمد على المنهج التجريبي ، لان الشريعة الإسلامية لا تفرض أي تعارض بين الدين وبين هذه العلوم النافعــــــــــــة ـ بعكس ما كانت الكنيسة تفعل في افتراضها هذا التعارض في أوربا قبل الثورة على سلطان الكنيسة ـ بل الشريعة الإسلامية تدعو إلى تلك العلــــوم وتحض عليها ، وكلما كان العالم ملتزما بالإسلام كان أزكى عقلا فيها ، وأعظم نفعا للناس . ولهذا لانكاد نجد أحدا في العالم العربي ــ مثلا ــ في مجال هذه العلوم النافعة نصب عداء للدين ، والسبب ببساطة أنه لم يـــر في الإسلام ما يشكل عائقا أمامه البتة ، وان وقع من أحد منهم مثل هذا العداء فانه بسبب انتماءاته السياسية أو الثقافية الأخرى لا بسبب الاكتشافات النافعة. وانما غالب المعادين للشريعة الإسلامية وللتيار الإسلامي في العالم العربي هم قلة من جماعة (تجار الكلام ) ، جـــل ما لديهم مجرد الكلام المستمر، الممل والمكرور، في الصحف في السخرية والاستهزاء بالدين وأحكام الشريعة والتباهي بأنهم أصحاب قلم يدافعون عن التقدم والعصرنة. فإذا فتشت عن عصر نتهم وتقدميتهم وجدتها تدور حول الدفاع عن كاتب طعن في القرآن لا من أجل أنه اكتشف شيئا يحرم القرآن اكتشافه ، بل لان المفكر الحر جدا !! الذي يدافعون عنه اكتشف فجأة أنه لم يرق له الإيمان بالبعث بعد الموت مثلا لانه تربى وهو صغير في مدرسة أجنبية أو تلقى ثقافة ملحدة ، فغرس في قلبه أن الأيمان بالغيبيات هو شيء سخيف لا يناسب الإنسان العصري . كما تدور حول الدفاع عن حرية بيع كتب عن الجنس الرخيص ، أو أفلام من هذا النوع ، أو احترام رأي يدعو إلى اعتبار الرقص بين الجنسين اكتشاف عصري مذهل يعبر عن تقدم الدولة ، ونحو ذلك من القضايا في هذا المستوى أو دونه ، فلاجرم أن ينصبوا العداء للديـــــن إذن . وقد أهدروا أوقاتهم في اختلاق صراع مع الدين بلا فائدة ، ويضيعون أوقاتنا معهم في قراءة ما يكتبون والرد عليهم خوفا على ضعفاء الأيمان من شبهاتهم . أما الاكتشافات العلمية النافعة فلا ناقة لهم فيها ولا جمل ، ولاحتى يحسنون أن يضيفوا إليها شيئا مفيدا ، أولا لان هذه ليست صنعتهم إذ لو كانت لهم صنعة مفيدة لحجزتهم عن مشكلة الفراغ التي جعلتهم من تجار الكلام . وثانيا لانهم انشغلوا بشيء آخر ، انشغلوا بمعاداة دينهم متوهمين أنهم أبطال المعركة مع التخلف يقودون الشعب إلى النور والمستقبل ، متخيلين أنهم سينقذون أمتنا من مثل قوى الظلام التـــــــــي اضطهدت (جاليلو)00 مساكيـــــن ! قرأت لواحد منهم ذات مرة مقالا يبكي فيه على العلماء ـ كما زعمهــم ـ الذين قتلوا لانهم صرحوا بمعتقدا تهم في غابر التاريخ ، وينادي من قلب يعتصر ألما لإنقاذ الأمة من اضطهـــاد العلمــاء والمفكرين ، أتدرون أي علمــاء يقصــد ؟؟ مثل الحلاج والسهر وردي وابن عربي 00 حفنة من الزنادقة والسحرة لم يحسنوا سوى الدعوة إلى الإلحاد ، ويعدونهم طليعة التفكير الحر في التاريخ الإسلامي 00 لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون . فقلت في نفسي لاتخف أيها المخترع الكبير المضطهد والبطل القومي !!! انك متى قررت أن تكون مثل العلماء من الخوارزمي إلي السموأل في علوم الجبر ، وابن الهيثم في علوم البصريات ، وكل من اشتغل بالنافع من علوم الطب والفلك والجغرافيا 00الخ فلن يمسك سوء ، كما لم يمس أولئك سوء في تاريخ الإسلام كله ، بل كانت الحضارة الإسلامية هي التي احتضنتهم ـ حتى غير المسلمين منهم ـ وهيئت لهم أجواء حرية البحث العلمي ، لكن مصيبتنا معكم أنكم لا تحسنون سوى السخرية من الدين وحجاب المرأة ونحو ذلك وتعدون هذه علومكم الباهرة التي تخافون على أنفسكم من الاضطهاد بسبب اكتشافها؟؟ انهم لا يزيدون على استنساخ التناقض الغربي نفسه الذي صفق لنجيب محفوظ لاكتشافه العظيم !! في رواية (أولاد حارتنا) ، وصفق لنصر أبو زيد لاكتشافاته المذهلة في الاستهزاء باليوم الآخر !! وفعل مثل ذلك لسلمان رشدي ، وسائر الأذناب ، زاعما أنهم مفكرون أحرار ، ثم هذا الغرب نفسه يقتل 6000 طفل عراقي كل شهر بسبب الحصار ، ويسحق بدعمه للكيان الصهيوني شعبا بأكمله ، وينفق على التسلح لإرهاب العالم آلاف المليارات ، ويلقي بمليارات الأطنان من منتجاته الغذائية في المحيطات حفاظا على أسعارها ، بينما تموت شعوب تحت الفقر والجوع والتخلف ، ويدعي مع ذلك أنه العالم الحر المتحضر . وخلاصة وصفهم أن الغرب أرادهم أحرارا عندما يطعنون في دينهم ، وأرادهم عبيدا لــه في كل ما سوى ذلك ، فكانوا كما أرادهم في كلا الأمرين ، ثم يتفاخرون علينا متباهين أنهم أبطال الحرية !! المصدر موقع الشيخ حامد العلى حفظه الله تعالى
مما يحير المرء في شأن معشر العلمانيين : جماعات الشغب الثقافي ، والتفلت الأخلاقي في العالم العربي...
أ. د. جعفر شيخ إدريس
رئيس الجامعة الأمريكية المفتوحة


أصبحت قضية فصل الدين عن الدولة، أو ما يسميه الغربيون فصل الدولة عن الكنيسة، من القضايا المسلَّم بها في الفكر الغربي السياسي، ومن ثم في الفكر السياسي العالمي الدائر في فلك الحضارة الغربية. ودعاة فصل الدين عن الدولة قد يعترفون بأن هذا أمر حدث لظروف تاريخية خاصة بالحضارة الغربية، وبالديانة النصرانية؛ لكنهم مع ذلك يرون أنه أصبح أمراً لازماً لكل دولة حديثة، ويسوِّغون هذا بأن الأساس في الدولة الحديثة هو المواطنة، وما دام المواطنون في الدولة الواحدة لا ينتمون في الغالب إلى دين واحد، بل تتقاسمهم أديان متعددة، وقد يكون بعضهم ملحداً لا يؤمن بدين؛ ففي التزام الدولة بدين واحد من هذه الأديان افتئات على حقوق المواطنين المنتمين إلى الأديان الأخـرى أو المنكرين لها كلها لأنه:
- يفـرض عليهم ديناً لا يؤمنون به.
- ويحرمهم من ممارسة الدين الذي اختاروه إما كله أو بعضه.
- ويحرمهم من حقهم في شغل بعض الوظائف الكبيرة كرئاسة الدولة، وقد يكون سبباً لخلافات ونزاعات عميقة تفقد الدولة معها الاستقرار اللازم لتطورها.
ويرون لذلك أن تكون الدولة دولة علمانية محايدة لا تلتزم بالدين ولا تحاربه ولا تنكره، بل تترك أمره للمواطنين يختارون ما شاؤوا من عقائد، ويلتزمون بما يريدون من قِيَم، ويمارسون ما يروق لهم من عبادات.
هذه الصورة للعلمانية التي حرصت على أن أجعلها براقة كأشد ما يريد المدافعون عنها أن تكون، تنطوي على افتراضات هي أبعد ما تكون عن الحقيقة. ومن ذلك:
أولاً: أنها تفترض أن العلمانية يمكن أن تكون محايدة بالنسبة لكل الأديان؛ لكنها لا تكون كذلك إلا إذا كان مجال الدين مختلفاً عن مجال الدولة، أي إذا كان الدين والدولة يعيشان في منطقتين مستقلتين لا تماسَّ بينهما، وأن دعاة الدولة الدينية يقحمون الدين في مجال غير مجاله، ولذلك يضرون به وبالدولة.
فهل هذا الافتراض صحيح؟ إنه لا يكون صحيحاً إلا إذا كان الدين محصوراً بطبعه في بعض المعتقدات وبعض الشعائر التعبدية، وبعض أنواع السلوك الشخصي الذي لا علاقة له بالجماعة، ولا يدخل لذلك في مجال الدولة، لكن الواقع أن هذا الوصف لا ينطبق على أي من الأديان الكبيرة المشهورة: اليهودية والنصرانية والإسلام؛ فما منها إلا وله حكم في العلاقات بين الجنسين، وفي العلاقات الأسرية، والاجتماعية، وفيما يحل أكله وشربه، وما يحرم، وهكذا. وكلها أمور تدخل بالضرورة في مجال الدولة.
كيف حل الغربيون هذا الإشكال؟ حلوه بنوع من المساومة: فهم قد أخذوا بعض القيم النصرانية وجعلوها قوانين للدولة، وهم يجعلون اعتباراً كبيراً لقيمهم الدينية في سياستهم الخارجية، ولا سيما في معاملة الإسلام. لكنهم في الجانب الآخر تركوا أشياء من دينهم، وساعدهم على ذلك تاريخهم المليء بتحريف الدين إما في نصوصه أو في تأويله، ثم جاءت في العصور الأخــيرة حـــركات فكرية تحررية أذاعت القول بأن ما يسمـــى بالكتاب المقـدس ليس كلام الله ـ تعالى ـ، وأنه من كتابة بشر عاديين تأثروا بالجو الثقافي في المرحلة التاريخية التي عاشوا فيها، ولذلك فإن ما قرره هذا الكتاب في مسائل مثل الشذوذ الجنسي ينبغي ألا ينظر إليها إلا على أنها قيم مجتمعات سابقة. هذا كلام لا يقوله السياسيون والحكام فحسب، وإنما يقوله كثير من رجال الدين، والمختصين بدراسته، لكن حتى هؤلاء المتحررون يشعر الكثيرون منهم الآن أن العلمانية لم تعد محايدة بين الأديان، بل صارت هي نفسها ديناً يدافع عنه أصحابه ويحاربون به النصرانية، وأذكـر أن أحدهم قال لي في أحد المـؤتمــرات ناصحــاً: لا تُخدَعوا كما خُدِعنا، فتظنوا أن العلمانية موقف محايد؛ بل هي الآن دين، أو كما قال ذاك الناصح.
فكيف تُحَل هذه المشكلة بالنسبة لأناس كالمسلمين يرون أن القرآن كلام الله ـ تعالى ـ لم يأته الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن ما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أيضاً وحي الله؟
وكيف إذا كان دينهم لا يقتصر على ما ذكرنا من أمور تدخل في نطاق الدولة، بل يتعداها إلى أخرى هي من أخص خصائص الدولة؟
ماذا يفعل هؤلاء؟ لا خيار لهم بين الحكم بما أنزل الله ورفض العلمانية، أو الحكم بالعلمانية والكفر بما أنزل الله تعالى.
إن أكثر ما يتعلل به دعاة العلمانية في بلادنا هو اختلاف الأديان في البلد الواحد. يقولون: بأي حق تفرض على أناس ديناً غير دينهم، وقِيَماً ليست قيماً لهم؟ ماذا إذا لم يكن في البلد إلا مسلمون، أو كان غير المسلمين أفراداً قلائل؟ لماذا يفصل هؤلاء بين دينهم ودولتهم؟
وحتى لو كان المنتسبون إلى غير الإسلام من أصحاب الديانات الأخرى يمثلون نسباً كثيرة، فإن العلمانية ليست هي الحل العادل؛ لأن أصحاب هذه الديانات إما أن يكونوا في السياسة علمانيين، وإما أن يكونوا ممن يريد للدولة أن تستمسك بعقائده وقيمه وتدافع عنها. فإذا كان من الفريق الأول يكون المسلمون قد تنازلوا عن دينهم بينما هو لم يتنازل عن شيء؛ لأن العلمانية هي مبدؤه سواء كان هنالك مسلمون أو لم يكن. أذكر أنني قلت ذات مرة لبعض الجنوبيين المثقفين عندنا في السودان: إنكم لا تعترضون على الحكم إذا كان اشتراكياً كما كان الحال في أوائل حكم الرئيس نميري ، ولا تعترضون عليه إذا أقر الرأسمالية أو الليبرالية؛ لأنكم تعتقدون أن الدين لا دخل له بهذه المسائل، فلماذا إذن تعترضون على الحكم الإسلامي؟ إن الإسلام لا يفرض عليكم ديناً بالمعنى الذي حصرتم الدين فيه، أعني العبادات والأحوال الشخصية، فلماذا لا تعاملون جانبه السياسي معاملتكم للاشتراكية والرأسمالية؛ لأنه يعطيكم أكثر مما تعطيكم إياه العلمانية؟
يقول أنصار العلمانية في الغرب وفي البلاد الإسلامية: إن هذا قد يكون صحيحاً؛ لكنكم في الحكم الإسلامي تفرقون بين الناس بسبب دينهم، فتمنعون غير المسلم من أن يكون رأس دولة، وأقول لهم دائماً: ولكن العلمانية هي الأخرى تفعل ما نفعل. إنها تشترط على الإنسان أن يكون علمانياً لكي يكون رأس دولة، تشترط عليه أن يؤدي القسم للولاء لدستور يفصل الدين عن الدولة، أي أنها تشترط على المسلم أن يعلن كفره بجزء من دينه. وإذا فعل هذا عن اعتقاد كان كافراً خارجاً عن الإسلام، وإذن فكما أن الإسلام يشترط في رأس الدولة المسلمة أن يكون دائناً بدين الإسلام؛ فإن العلمانية تشترط في رئيس دولتها أن يكون دائناً بدينها، فما الفرق؟
يقولون: لكن العلمانية ليست ديناً. ونقول هذا في مفهومكم أنتم. أما في لغتنا العربية، وديننا الإسلامي، فإن كل ما يلتزم به الإنسان من عادات وتقاليد، ومن باب أوْلى من قيم وعقائد، هو دينه، سواء كان مبنياً على إيمان بالله أو كفر به. ألم تسمع قول الشاعر العربي عن ناقته:
إذا ما قمت أرحلها بليل
تأوه آهة الرجل الحزين
تقول إذا شددت لها وضيني
أهذا دينه أبداً وديني؟
أكل الدهر حل وارتحال؟
أما... أما يقيني؟
فإذا كان دوام الحل والارتحال ديناً فما بالك باعتياد معتقدات وقيم وسلوك؟ ألم يقل الله ـ تعالى ـ عن سيدنا يوسف: ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك إلا أن يشاء الله {يوسف: 76}. يعني ما نسميه نحن الآن بقانونه؟ العلمانية ليست إذن حلاً لبلد يكون فيه المسلمون أغلبية، بل ولا حتى أقلية معتبرة؛ إذ إن ما تطلبه العلمانية من المسلمين إنمـا هــو التخلي عن دينهــم من أجــل ديــن العلمانيين.

المصدر مجلة البيان