في علية منزلنا قطعة من الخيال..
مرآة تحمل في حناياها أشرطة مصورة...
لأيام حلوة قد مضت..
مرآتي مرآة سحرية قديمة..
حصلت عليها من إحدى حفيدات بياض الثلج..
لعلكن تعرفنها..
أو سمعتن عنها..
ربما في الأحلام و الروايات المختومة بــ
((وعاشوا في تبات و نبات و خلفوا صبيان و بنات))
أقف أمامها..
و أقول الكلمات السحرية..
فيكسوا البريق سطحها
ومن ثم تتلون بألوان الطيف..
و رويدا رويدا يبدأ العرض..
عرض ذكرى قديمة و لكنها جميلة لا تنسى
احيانا بريئة أضحك عليها
و أحيانا مثيرة و غامضة لا أمل من استرجاعها
قررت اليوم أن أعيركن مرآتي
لنتشارك معاً مرح الأيام الخوالي..
و هتا طريقة الأستعمال:
قفي أمام المرآة..
أغمضي عيناك و أنت تخاطبينها قائلة:
يا مرآتي يا مرآتي
ياكتاب حكايتي
و صور ذكرياتي
خبريني..
ذكريني..
عن أحلى مغامراتي..
ثم تختارين ذكرى مرحة و ممتعة و تطلبين منها أن تريك إياها
و لكن عليكن الحذر
فمرآتي رقيقة المشاعر
متى عرضت ذكرى حزينة أو سيئة فإن قطعة منها تنكسر
و تتهاوى على الأرض لتتفتت إلى مئات القطع
فتصبح عودة الحال من الحال
لذا
فلنتشارك قصص ممتعة
مفيدة
تضحكنا
و ترسم البسمة في عقولنا و قلوبنا
دقائق و سأعود
بصفحتي الاولى
ياكتاب حكايتي
و صور ذكرياتي
خبريني..
ذكريني..
عن أحلى مغامراتي..
ذكريني بــ " بيتـــي الأول "
توهجت المرآة
و بدأت تحكي القصة
-----------------------------
لا أعرف كم كان عمري وقتها
ربما كنت في السابعة أو الثامنة..
كنت أنا و أختي نقضي معظم ساعات اليوم في بيت جدتي رحمها الله
والدة أمي..
وهناك
كنا نعيث في الأرض فساداً
لا يبقى شيء في مكانه
المساند صيرناها سيارات
و الحديقة أصبحت مطبخ ولائمنا الطفولية
و كان لابد من أن تكون الوليمة في بيت إحدانا
أنا أو أختي
و حيث أننا لانملك واحدا خاصا بنا
فكنا مولعين بابتكارها
و تشكيلها من العدم
أمي كانت تربط طرف شرشف قديم بمكتبة غرفة الجلوس
ومن ثم تمسك الطرف الآخر بالباب
فيصبح لدينا أنا و أختي بيت صغير جدا
من ثلاثة جدران
نملؤه بألعابنا
و نحتسي فيه الشاي الأبيض
الذي لم يكن سوى ماءً
و أحيانا كنا نكتفي بأن نشعل مصباحا ضوئيا بالبطاريات تحت غطاء السرير
و نظل نلعب تحته بالساعات حتى يغلبنا النوم
و لكن بيتي الأول و الأعز إلى قلبي كان من الكرتون
حيث اشترت جدتي ثلاجة..
فأسرعنا أنا و أختي كالعادة لنصطاد الغنيمة
فاستولينا على كرتونها
و بدأنا العمل بدأب شديد
أنفسنا باتت تفتقده هذه الأيام
قصصنا نوافذ
و فتحنا بابا كنا ندخل من على أطرافنا الأربع
يدينا و رجلينا
زيناه بالرسوم
و أثثناه بمخدات سرقنها و نشلنها من هنا و هناك
و ملأناه بالحلوى و العصائر
أحلى ساعات النوم التي عرفتها كانت هناك
بين جدرانه الضيقة
وتحت تهديد خالتي اليومي بالتخلص منه
ماكنا لنخاف لأن جدتي كانت دوما في صفنا
و بالتالي نحن الجبهة الأقوى
و على الهموم كنا قد اخذنا احتياطاتنا
فبتنا في بيت جدتي أياما
و حرصنا على أن نتناوب أنا و أختي على حراسته
إلى أن جاء يوم و اختفى
نعرف الجانيات حق المعرفة
بكينا عليه ساعات
ثم عدنا بخية أمل إلى بيتنا ذي الجدران الثلاث
ومالبثنا دقائق حتى عشنا دور من نقل إلى منزل جديد
و على أي حال فسيبقى بيتي الأول الأحب إلى قلبي