إشراق 55
إشراق 55
المكون الثالث: أخلاقيات أو ضوابط العلم
Ethics of Science

* يتم الحكم المعلومات الجديدة حديثة الاكتشاف (أي دخولها إلى بنية العلم) في ضوء عدد من المعايير أو الضوابط المتفق عليها لدى المشتغلين بالعلوم الطبيعية، وأهم هذه المعايير:

المعيار الأول: القابلية للاختبار Testability
* في العلوم الطبيعية لا سلطان إلا للعقل، ومعنى ذلك أن أي معلومة جديدة يجب أن تخضع لاختبار مصداقيتها، ولا تُضاف إلى الرصيد البشري من المعرفة العلمية إلا بعد هذا الاختبار .

@ مثال: فرض الفلوجستون:
- عندما يُسخن العنصر في الهواء فإنه يفقد الفلوجستون .
- عند الاختبار: وُجد أن مركباً جديداً يتكون وكتلة المركب الناتج أكبر من كتلة العنصر منفرداً .
- الفلوجستون كتلة سالبة .
- الاختبار النهائي: يؤكد عدم مصداقية فرض الفلوجستون .

المعيار الثاني: الموضوعية Objectivity
* الموضوعية عكس الذاتية، وتعني انتزاع الذات من الموقف أو من الظاهرة، أو من الحدث موضوع الدراسة .

* معيار الموضوعية هام للغاية لأسباب أهمها: أن الملاحظة عملية انتقائية، وبالتالي تتأثر بذاتية الملاحظ، ومصداقية الملاحظة تتحقق من خلال تكرار الملاحظة من جهة، ووجود أكثر من ملاحظ من جهة أخرى .

* الموضوعية تتطلب:
1 – الدقة: أي وصف الملاحظات وتسجيلها كما هي دون إضافة أو حذف من جانب الملاحظ.

2 – الشمولية: أي أخذ جميع الأبعاد والمتغيرات والمكونات في الاعتبار .

المعيار الثالث: العالمية Universality
* المعرفة العلمية ليس لها دين أو وطن أو جنس أو عرق، وهذا يتطلب بالضرورة تبادل المعرفة العلمية بين العلماء .

* العرب والمسلمون ترجموا عن اليونان وأضافوا، ثم أخذت أوروبا عن العرب والمسلمين وأضافت، وهكذا ..

* العالمية تحقق ما سبقها من معايير، فهي تحقق القابلية للاختبار والموضوعية .

*يرى البعض أن العالمية كمعيار ينطبق فقط في حالة العلوم البحتة، أو العلوم على المستوى النظري فقط، أما في حالة العلوم التطبيقية، فإن المحلية تتدخل بقيمها ومحدداتها، فبعض التطبيقات العلمية تقبلها مجتمعات وقد تتحفظ عليها مجتمعات أخرى . فتطبيقات الهندسة الوراثية على البشر مثلاً قد تجد طريقها في مجتمعات معينة، ولكن المجتمعات الإسلامية لها موقف منها .
إشراق 55
إشراق 55
المعيار الرابع: الأمانة العلمية Scientific Honesty
* الأمانة العلمية تقتضي أن يتوخى العالم الدقة في وصف وتسجيل الظواهر والملاحظات العلمية، وأن يُرجع العالم المعرفة العلمية إلى مكتشفيها .

* لكي تتحقق الأمانة العلمية لا بد من أن يتحرى ما قام به الآخرون، وبذا تبرز إحدى الخصائص الأساسية للعلم وهي التراكمية .

* ملاحظة ختامية: من العرض السابق لمكونات العلم الثلاثة (بنية العلم – عمليات العلم – أخلاقيات العلم) نجد أن داخل كل مكون يوجد عناصر متداخلة ولا يمكن وضع فواصل بينها، وأن ما تم عرضه هو وجهة نظر لتبسيط الدراسة وإلى الإفادة منها في تعليم وتعلم العلوم .

طبيعة العلم وانعكاسها في أوجه تعلم العلوم
بعد استعراض بنية العلم (نتائجه – عملياته – أخلاقياته وضوابطه) يمكن القول أن أوجه تعلم العلوم تتضمن:
أولاً: الجانب المعرفي:
* يتضمن هذا الجانب قسمان رئيسان، الأول: المعرفة، والثاني: توظيف المعرفة العلمية، بمعنى آخر يتضمن الجانب المعرفي: المعرفة والمهارات المعرفية:

(أ) المعرفة: تشمل تعلم الحقائق والمفاهيم والقوانين والمبادىء والنظريات .
(ب) المهارات المعرفية: وتشمل الملاحظة والتصنيف والتفسير والقياس والتجريب والتنبؤ والاستقراء والاستنباط .

* هذا التصنيف يفرض على معلم العلوم ضرورة التأكيد في تدريسه – قولاً وفعلاً – على أن المعرفة العلمية ليست غاية في حد ذاتها، ولكنها وسيلة لتحقيق غايات أخرى وهي توظيف هذه المعرفة لخدمة المتعلم وحل مشكلاته .
إشراق 55
إشراق 55
ثانياً: الجانب النفسحركي:
* يتطلب هذا الجانب تناسقاً بين أعضاء الحس وأعضاء الحركة، فالعالم أثناء دراسته للظواهر الطبيعية المختلفة والمواد، حيث يعتمد بداية على حواسه، وإذا أراد أن يدقق أكثر فقد يستخدم أدوات مساعدة للحواس مثل المجهر والتلسكوب .. إلخ .

* قد تتطلب الدراسة إجراء بعض التجارب أو القيام بتشريح شيء وهذا يتطلب بدوره إتقان بعض المهارات مثل التشريح والتجريب .

* ما سبق يعني أن على معلم العلوم أن يعي أهمية تعلم وتمكن المتعلم من عمليات العلم أثناء تعلمه للعلوم حتى يمكنه أن يستمتع بتعلم العلوم من جهة، وأن يُعلّم نفسه بنفسه من جهة أخرى .

ثالثاً: الجانب الوجداني:
* يقابل هذا الجانب من أوجه تعلم العلوم جانب أخلاقيات العلم أو ضوابط في بنية العلم، ويمثل هذا الجانب موجهات لسلوك الفرد، ويتضمن هذا الجانب:

(أ) الاهتمامات العلمية: أي الإقبال على دراسة العلوم أو الإحجام عنها .

(ب) الاتجاهات العلمية: أي الموقف الذي يتخذه المتعلم من قضية علمية ما، - ويُشترط في هذه القضية أن تكون جدلية – هذا الموقف قد يكون إيجابياً أو سلبياً .

@ مثال: العلاج بأعشاب تُليت عليها بعض الكلمات السحرية قد يأتي بنتائج طيبة يؤيدها الدليل العلمي بأن هذه الأعشاب قد ساهمت في العلاج وليست الكلمات السحرية، من هنا يجب على المعلم أن يدرب تلاميذه كي يتخذوا مواقف علمية من مثل هذه القضايا التي يكون لها جانب علمي وآخر غير علمي .

(ج) القيم العلمية: هي المعايير التي يتم بها الحكم جيد أو رديء، حسن أو قبيح، مقبول أو مرفوض، وفي تعليم العلوم نستخدم:
- موضوعي مقابل غير موضوعي: أي انتزاع الذات من الموقف والحكم في ضؤ معايير مقبولة .

-عقلاني مقابل غير عقلاني:بمعنى الحكم على موقف ما في ضؤ ما يقبله العقل.

- علمي مقابل غير علمي: بمعنى الحكم على موقف ما في ضؤ نظريات وتفسيرات علمية .

- التريث في إصدار الأحكام مقابل التسرع في إصدارها: وهذا يتطلب جمع معلومات وبيانات حول الموقف والتأكد من صدقها ثم الحكم عليها .

* دور المعلم في تنمية هذا الجانب يتمثل في دوره كقدوة في سلوكه لتلاميذه، وينبغي أن يتسم هذا السلوك بالعلمية والموضوعية .

* الاهتمامات فردية، والاتجاهات جماعية إلى حد ما، بينما القيم الاجتماعية يشترك فيها المجموع . والاهتمامات أقل ثباتاً من سواها بمعنى أنها متغيرة .
إشراق 55
إشراق 55
رابعاً: أوجه التقدير :
* يُقصد به بيان دور العلم والعلماء في خدمة ورفاهية الإنسانية، ويمكن للمعلم أن ينمي هذا الجانب من خلال عرضه لتاريخ العلم والعلماء وإنجازاتهم .

* يجب أن يُقدم دور العلم والعلماء في إطار يوضح عظمة الخالق في خلقه فالله هو خالق الكون، وهو خالق العقل الذي توصل إلى العلم . أي أن العلم الحالي ليس علم الإنسان ولكنه علم الله الذي وهبه للإنسان من خلال العقل الذي أبدعه .

* الخلاصة: يجب أن يكون تعلم العلوم هو لب عملية تعلم العلوم وليس التعليم عن العلوم، وإذا كان هذا هو الهدف فإن تعلمنا سوف يتضمن مكونات العلم نفسه ناتجاً وعمليات وأخلاقيات، وهو ما ينعكس في تعليمنا في صورة معرفة ومهارات واهتمامات واتجاهات وقيم وأوجه تقدير .

والله عز وجل دائماً، وأجيالنا وتقدمنا التربوي من وراء الجهد والقصد
وهو الكامل المعين والسلام
د / يسري مصطفى السيد
ماريا...ماريا
ماريا...ماريا
الله يعطيك العافية ويزيدك علم ينفعك