كدوشة
كدوشة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى..( ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من انفسهم كمثل جنة بربوة أصابها وابل فئاتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل والله بما تعملون بصير)0

هذا مثل المؤمن المنفق ابتغاء مرضات الله وهو متحقق ومتثبت أن الله سيجزيه أوفر الجزاء 0ويوافق ذلك(من صام رمضان إيمانا واحتسابا)0
الحديث أي يؤمن أن الله شرعه ويحتسب عند الله ثوابه0أي تصديقا ويقينا0(كمثل جنة بربوة)أي بستان مرتفع عن الارض وتجري فيه الانهار(أصابها وابل)المطر الشديد فآتت أكلها أي ثمرتها(ضعفين)أي بالنسبة إلىغيرها من الجنان (فإن لم يصبها وابل فطل)وهو الرزاز اللين من المطر أي هذه الجنة بهذه الربوة لا تمحل لأنهاإن لم يصبها وابل فطل وأياما كان فهو كفايتها وكذلك عمل المؤمن لا يبور أبدا بل يتقبله الله ويكثره وينميه كل عامل بحسبه فهو تعالى لا يخفى عليه من أعمال عباده شىء0
كدوشة
كدوشة

من اذكـــــار المســـاء
سيــد الاستغفار


(اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك مااستطعت اعوذ بك من شر ما صنعت ابوء لك بنعمتك علي وابوء لك بذنبي فااغفرلي فإنه لايغفر الذنوب إلا أنت)

( اللهم إني أمسيت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك)

(اللهم إني أمسيت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك)

(اللهم إني أمسيت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك)
سبحان الله وبحمده
سبحان الله العظيم
(100 مره)
كدوشة
كدوشة
ما أجمل الكلام عن رجل عظيم ، عن قدوة مربي ، في زمن قل فيه القدوات الصالحة . هذا الرجل نتخذ من حياته سمات حياة الطهر والكرامة ، في حين أن من بيننا من يقتفي أثر الأعداء حذو القدة بالقدة ..

هذا الرجل العظيم ، هو الذي أحيا أمة وأعلن دولة وأقام شرعة ، أذل الله به الكفر وأهله ، ونصر به الحق وجنده ، الحديث عن رجل نصر بالرعب مسيرة شهر وجعل رزقه تحت ظل رمحه وجعل الذل والصغار على من خالف أمره .
هذا الرجل صاحب لسان صادق وقلب سليم، هذا الرجل العظيم هو: محمد صلى الله عليه وسلم ، الذي كان أمة في الخلق والدعوة ومنهاج الحياة ..
أليس رينا تبارك وتعالى أثنى عليه فقال : { وإنك لعلى خلق عظيم } .
وإننا وإن تاقت أنفسنا لرؤية حبيبنا صلى الله عليه وسلم وتباعدت الأيام والسنين بيننا وبينه إلا أن رجائنا أن نكون فيمن قال فيهم صلى الله عليه وسلم وهو جالس عند أصحابه : " وددت أنا قد رأينا إخواننا " قال الصحابة مستفهمين : ألسنا إخوانك يا رسول الله ؟ فرد عليهم بأبي هو وأمي قائلاً : "أنتم أصحابي ، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد " فتساءلوا كيف يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يره في حياته فقالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟
فوضح رسولي صلى الله عليه وسلم مقصده بأعظم توضيح قائلا : " أرأيتم لو أن رجلاً له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دُهم بُهم ألا يعرف خيله ؟"
ومعنى تساؤله : أنه لو كان واحد من الناس عنده خيل بيضاء بين خيول أخرى تفرق عنهم أوليس يعرف خيله من بينها ؟ قالوا : بلى يا رسول الله..
تأملي ماذا رد رسول الله عليه وسلم بعدها واستشعري عظم هذا الرد في حياتك وهل أنت ممن يداوم على ما سيقوله صلى الله عليه وسلم أم لا إذ قال صلى الله عليه وسلم : " فإنهم يأتون غراً محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض " رواه مسلم.
فلو جلسنا بعض أوقتنا لنلمس من هذا الحديث تجارة رابحة يوم القيامة ، لطال بنا الأوقات ..
فإن الوضوء يشتكي منا .. ويشتكي من عجلتنا ، ويفتقد من أهل الإسلام من يطبق السنة في وضوءه ..
أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يقتفي أثره ويتبع سنته ، لننال الجزاء العظيم من العظيم تبارك وتعالى ..
فإننا بحاجة ماسة ضرورية لأن نعرف حياته ونعيش تفاصيلها صلى الله عليه وسلم ..
لأمور متعددة سنعرفها لتكون لنا طريقاً ممهدا منذ هذا اليوم لتلقف كل سنة واتباع كل أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أول هذه الأسباب التي تدعونا لاقتفاء أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم :
1. أن الله أمرنا بالاقتداء به فقال سبحانه : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر }
فمعرفه سننه وإتباع أوامره وترك نواهيه دليل على محبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي دليل على حبنا لمن أحبه الله تعالى ..
فبإتباع السنة نتيجة أوردتها الآية إن كنا قد تمعناها إذا أن من كان يرجو الله واليوم الآخر فليكون له من رسول الله أسوة حسنة ..
وبمعرفة حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم سلوك لطريق آمن ، ولنيل الفوز العظيم ..
الأمر الثاني الذي يدعونا لسلوك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
2. أن حياته صلى الله عليه وسلم حياة المعصوم عن الخطأ والضلال فهو القدوة وقد جعلها ربي تبارك وتعالى هي (الأسوة الحسنة) فهو الصورة التطبيقية العملية لهذا الدين وجميع الطرق الموصلة إلى الله تعالى ثم إلى الجنة موصودة إلا من طريقه صلى الله عليه وسلم .
ويمتنع أن يعرف دين الله ويصح الإسلام بدون معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف كان هديه وعمله وأمره ونهيه ومنهجه وسنته .
فهي غنيمة ما بعدها غنيمة أن يكون لنا رسول قدم لنا منهاج حياة عادل ويدعو إلى الفلاح في الدنيا والآخرة ليكون لنا نبراساً في التطبيق والعمل ..
وإن من الخسارة الفادحة أن نترك سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عصمه ربي من الزلل ، لنتجه إلى غيره من القدوات التي تعتريها النقص والزلل والخطأ ما يعتريها ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه دستور الحياة الصحيح ..
الأمر الثالث الذي يدعونا لمعرفة هديه وحياته صلى الله عليه وسلم :
3. <أن حياته صلى الله عليه وسلم مدرسة كاملة خرجت الأجيال تلو الأجيال ، فنتأمل من سيرته المتكاملة أنه سالم وحارب ، وأقام وسافر ، وباع واشترى ، وأخذ وأعطى وما عاش صلى الله عليه وسلم وحده ولا غاب عن الناس يوماً واحداً . ولقد لاقى أصناف الأذى ، وقاسى أشد أنواع الظلم ، وكانت العاقبة والنصر والتمكين له .
فنرى أنه استطاع بعون الله له أن يخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ومن الضلال إلى الهدى ومن الشقاء إلى السعادة </B>، فأحبوه وفدوه بأنفسهم وأهليهم وأموالهم واقتدوا به في كل صغيرة وكبيرة ، فأصبحوا أئمة وقادة البشرية

هل تطلبون من المختار معجزة ** يكفيه شعب من الأجداث أحيا
من وحد العرب حتى كان واترهم ** إذا رأى ولد الموتور أخـاه

لكن اليوم لا نرى نصرا كما كنا نعرفه في أمجاد سبقت كل السبب يعود إلا أن ما أصيب به المسلمون اليوم هو بسبب الإخلال بجانب الاقتداء به والأخذ بهديه واتباع سنته .
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشرع من عندهم ولم تصل دعوته للآفاق بسبب تخطيطه هو صلى الله عليه وسلم ..
إنما هو من وحي الله تعالى ، الذي خلق العباد وهو أدرى بمصالحهم ، وبما ينفعهم ، فحري بنا أن نستشعر ذلك ونتأمل ، وتتبنى دواخلنا قناعة عظيمة:
أن ما في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم من نجاحات هو بسبب طريقة حياته ونهجه التي كان ينهجها صلى الله عليه وسلم ..
فمن هنا تكون انطلاقتنا إلى تطبيق السنة لننال به فوز الدنيا بتحقيق مرادنا وفوز الآخر بالخلود في الفردوس الأعلى إن شاء الله من الفائزين .ستكون بداية الكلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. في الحديث عن العبادة في حياته :
فالخلق كلهم ما خلقوا إلا لعبادة الله تعالى كما قال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ..
لذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان له شأن عظيم مع العبادة ومواصلة القلب بالله عز وجل . فهو لا يدع وقتاً يمر دون ذكر الله عز وجل وحمده وشكره . و قد كانت حياته كلها عبادة لله سبحانه .
فحري بنا أن نكون كذلك ، وأن نصحح نواياً ونسلم أمر الدنيا لخالقها ، ونجعل دواخلنا في تعلق كبير بالله تعالى في كل الأوقات ..
فتأملي حين خاطب الله تعالى رسول صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى : { يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا * } .
لما خاطبه تعالى بهذه الآيات العظيمة استجاب لربه فقام حتى تفطرت قدماه.
فانظري كيف كانت استجابته بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم ، مع كل ما حفه ربي تعالى من البشارات العظيمة ..
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم يصلي حتى تنتفخ قدماه ، فيقال له : يا رسول الله تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : " أفلا أكون عبداً شكوراً " .
فلك أن تتأملي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطيل صلاته بالليل ويناجي ربه ويدعوه لأنه يستعين بهذا الورد الليلي في القيام بأعباء الدعوة وأمور الأمة . فقد حكوا عن صلاته العجيبة المطمئنة حكاها الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه إذ قال : (( صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فافتتح البقرة فقلت : يركع عند المائة ، ثم مضى! فقلت : يصلي بها في ركعة ، فمضى ، ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها ، يقرأ مترسلاً . إذا مر بآية فيها تسبيح سبح ، وإذا مر بسؤال سأل ، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول : سبحان ربي العظيم فكان ركوعه نحواً من قيامه ، ثم قال : سمع الله لمن حمده ، ربنا لك الحمد ، ثم قام طويلاً قريباً مما ركع ، ثم سجد فقال : سبحان ربي الأعلى قريباً من قيامه )) رواه مسلم 1/536.
والله لو طبقنا هذا الهدي في قيامنا لنلنا فوق ما نتمنى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نال ما نتلمس أثره حتى نحن وإلى الآن ، ففي الجنان هو ، ودعوته تصدح حتى الآن ، ورسالة محفوظة إلى يوم القيامة .
والله لو استشعرنا هذه السنة العظيمة لما فرطنا فيها ليلة واحده !
فشأن قيام الليل شأن لا يمكن وصفه ، فهو كالزاد لمن تريد أن تحقق ما تريد من أمور دنيوية أو أخروية .. فمناجاة الله وحدها لذة لا يستشعرها إلا من علق قلبه بالله تعالى ..ومن قام الليل كان في وجهه نورا وفي روحه رضا واطمئنان غير الشرف الرفعة التي ينالها من يقوم الليل ..فلنعقد العزم من هذا الوقت أن يكون لنا نصيب من قيام الليل ، حتى ننال أكثر من نتمنى نواله ..
وبعد هذا الجانب من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ننظر إلى حاله مع الذكر فإن الإمام القدوة صلى الله عليه وسلم كان وقته عامراً بالطاعة والعبادة .
فعن عائشة رضي الله عنها قالت : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله تعالى على كل أحيانه )) رواه مسلم .
وهذا دليل أن على المسلم أن يكون لسانه رطباً بذكر الله ..
فلا ينبغي أن تشغلنا هذه الدنيا عن ذكر الله ، وهل هناك أخف من أن نذكر الله تعالى على كل حال فإن ابن عباس رضي الله عنهما يذكر وجها مشرقاً آخراً من حياة رسول الأمة صلى الله عليه وسلم فيقول :
.. (( كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: " رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم "
.. وأما أبو هريرة رضي الله عنه فإنه يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" .. وتقول أم سلمة رضي الله عنها عن أكثر دعاء الرسول إذا كان عندها :
" يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " الترمذي .
فكل هذه الأحاديث التي رواها الصحابة الذين تعلقت قلوبهم بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتلمس منها أثراً عظيما ..
وهذا الأثر هو أن إمامنا وقائدنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم يجعل من العبادة زاداً يقضي بها حاجته في الدنيا والآخرة .. ونحن نرى أثر هذا الزاد في نجاح دعوته المحفوظة إلى يوم القيامة وما منّ الله عليه من فتوحات عامره ، وانتشار منقطع النظير لهذا الدين العظيم .
فلا بد أن نشعر أنفسنا أننا بحاجة ماسة إلى عبادة الله .
وأننا لن نجد طريقاً مسدوداً يفتح إلا بالإستعانة بالله عن طريق عبادته .وأن نؤدي العبادة كما أمرنا الله أن نؤديها ، لأنها هي الزاد التي سنصل بها إلى مبتغانا من رضا الله والفوز بالجنة ..
فحفظ دين الله بالإستمرار على عبادته والمداومة على ذلك حفظ لأنفسنا ، لأن في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك بالوصية العظيمة إذ قال: " احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك ……… "
فما أعظم تلك الوصية لو أحاطت بحياتنا ..
حتى هنا فإن الوصية الأخيرة التي أتمنى من أعماق قلبي أن تجد لها قبولاً في قلوبكم الطيبة .. أتمنى أن نكون فعلا قد قررنا أن ننبذ كل قدوة لا تعين على الخير بل نتجه لأعظم قدوة وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رسم لنا منهاج الحياة وقدمها لنا بنتائج مضمونة ، من فوز وفلاح ورفعة وشرف ..
فهل من مشمر قبل أن يقوم من هذا المجلس .. أتمنى فعلا أن نكون كلنا كذلك..
وسيكون حديثنا بإذن المولى عز وجل حديث يطوف بنا داخل بيت النبوة وكيف كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ، وننهل من معين السنن الرائعة ، والتي إن أحاطت حياتنا فستحيطها بحفظ ورضا وسعادة لا منتهى لها ..
سيكون هذا الحديث بتوفيق الله تعالى الأحد ما بعد الإجازة إن كتب الله لنا عمراً جديداً ..
اللهم تقبل هذا المجلس المبارك الذي ذكرنا فيه أحب الخلق إليك الذي اثنيت عليه في كتابك الكريم بخلقه العظيم ، اللهم وأجعل كل من جلست في هذا المجلس من المتبعين لسنة نبيك والداعين لها ، وجعل أقوى زاد نتزود به جميعاً لقضاء حوائج الدنيا والآخرة هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم ..
اللهم أنت المعين وأنت الميسر فإن التيسير من عندك وأنت الموفق فإن التوفيق من عندك فيسر لنا واهدنا لما تحبه وترضى وصل اللهم وسلم على محمد وعلى آل وأصحابه وأزواجه الطيبين الطاهرين وأتباعه إلى يوم الدين ونحن معهم يا أرحم الراحمين ..
كدوشة
كدوشة
إذا فشت الفاحشة سهل ارتكابها

قراءة:4818

--------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد: ما زلنا في رحاب سورة يوسف _عليه السلام_ والتي تعالج جملة من القضايا التربوية التي تحفظ الفرد والمجتمع،

ومن تلك القضايا أن إفشاء المنكرات وتدوالها بين الناس يسهل على ضعاف النفوس ارتكابها كذلك من القضايا المهمة، أن الشماتة مرتدة على صاحبها لا محالة، فمن لم يستطع أن يأخذ بيد المبتلى فليكف عنه شره، وليتق الخوض في أعراض الناس؛ لأنها سبيل البلاء في الدنيا والهلاك يوم الحساب، فالنسوة لما عمدن إلى التفكه بامرأة العزيز والشماتة بها بعد أن شاع خبرها وقعن في ذات البلاء.

يقول _تعالى_: "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ"(يوسف:30)..

فأولاً: في قوله: "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ"دليل على أن الخبر قد انتشر مع أن الأمر كان سراً، وحاول العزيز ولكن كانت محاولة ضعيفة عندما قال ليوسف ولامرأته – أي امرأة العزيز –"يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ" (يوسف:29) فانتشر الخبر، وكل سر جاوز الاثنين شاع ، وهذا جانب مهم جداً في التعامل مع الأخبار الخاصة.


ومن أخطر القضايا الاجتماعية إفشاء الأسرار الخاصة ,فكيف إذا كان مثل هذا الخبر الذي يلحق العار والشنار بصاحبه "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ"، ثم لا يصح إلا الصحيح. كيف؟ هؤلاء النسوة لم يقلن: إنه حدثت المراودة من يوسف، ولا مراودة بين يوسف وامرأة العزيز "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ"يعني هي التي تراود، وهذه شهادة ليوسف أن المراودة كانت من امرأة العزيز وليست من يوسف، وهذا يؤكد القاعدة المعروفة لا يصح إلا الصحيح ، والمرأة بهتت يوسف _عليه السلام_ ومع ذلك لا يصح إلا الثابت،ولذلك أقول لأصحاب المواقف، إذا كان موقفك سليماً وصحيحاً فاطمئن حتى لو بهتّ أو كذب عليك، سرعان ما يزول الكذب ويزول البهتان وتزول الإشاعة ولا يصح إلا الصحيح
"امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ".


وهنا وقفة عجيبة:الذي يسمع هذه الآية يتصور أن هؤلاء النسوة صالحات أو طيبات؛ لأنهن حكمن على امرأة العزيز أنها في ضلال مبين، لماذا تراود فتاها؟ ولماذا تراود يوسف؟ والواقع ليس كذلك. فهذا أولاً مكر، وكما بينالله _جل وعلا_ "فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ"ثم أيضاً بقية القصة تؤكد على أنهن واصلن المراودة مع امرأة العزيز، وطلبن من يوسف _عليه السلام_ أن يستجيب لامرأة العزيز، ألم يقلن قبل ذلك إنها في ضلال مبين؟ والعبرة هنا أن البعض يريد أن يفشي سراً لبعض إخوانه أو أن ينقل خبراً فيظهر في موقف المنكر، فيقول: أرأيت كيف فعل فلان _هداه الله_ وهو غير صادق في هذا الأمر، وإنما أراد أن يفشي السر، وأن ينقل الخبر لمن لم يسمعه، وإلا فلم يكن صادقاً ولا ناصحاً.


وهكذا فعلت النسوة عندما قلن:"إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ" (يوسف: من الآية30) وهذا نوع من المكر الذي يقع فيه بعض الناس، فإذا بلغه خبر خاص عن بعض إخوانه، قال: أرأيت فلاناً وقع في هذا الأمر، الله المستعان، يا إخوتي فلان صاحبنا وصديقنا وقع في أمر عظيم يجب أن نقف معه، وهو يكذب لا يريد أن يقف معه ولا أن يساعده، ولكن أراد أن يفشي سره وأن ينقل خبره للآخرين بهذه الطريقة التي هي نوع من المكر.
"فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ" (يوسف: من الآية31)، وهنا جاء مرة أخرى كيد النساء، وهنا جاء "إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ" (يوسف: من الآية28)، فلما سمعت بمكرهن ,
جعلت هذه الخطة العجيبة الغريبةمن أجل أن توقع هؤلاء النسوة وتبرئ نفسها لتعذر فيما فعلت، ففعلت ما فعلت، أي دعتهن وأعدت لهن هذا الإعداد للطعام ومتكأ، آتت كل واحدة منهن سكيناً، ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن، فلما خرج عليهن، لما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم. هذا نوع أيضاً نوع من مكر النساء ومكر امرأة العزيز، وهي امرأة قادرة تملك السلطة والقوة، ففعلت هذا الفعل.


ثم تأملوا شماتة هؤلاء النسوة من امرأة العزيز "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ" (يوسف:30)،
هذه شماتة وليست نصيحة، وهذا مزيد إفشاء للخبر فارتدت الشماتة عليهن، ولذلك حدث منهن ما حدث، فلما وضعت لهن ما وضعت وحدث ما حدث، قلن: حاش لله ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم. قالت: فذلكن الذي لمتنني فيه. يعني بينت أن هذا هو الذي أنتن أنكرتنه ولمتنني فيه، فإذن هن شريكات ويطلبن من يوسف _عليه السلام_ أن يستجيب للمرأة، فهذا دليل أن الشماتة ترتد على صاحبها، ولذلك يا أخي الكريم، إذا علمت أن أخاك قد ابتلي فلا تشمت به، وقلّ أن يشمت إنسان بإنسان إلا وقع في مثل ما وقع فيه، وقد ورد أثر قيل إنه حديث وهو ليس بحديث "لا تشمت بأخيك فيعافيه الله ويبتليك" هذه حكمة وهي صحيحة، كم من الناس شمت بأحد إخوانه فابتلاه الله _جل وعلا_، وعاقبه الله _جل وعلا_. فإذا رأيت المبتلى فاحمد الله _جل وعلا_، واسأله السلامة والعافية حتى لا تقع في مثل ما وقع فيه.


وفي موضوع الابتلاء، نجد هناك من يشمت فيمن ابتلي بدينه ويتعاطفون مع من ابتلي بدنياه، ومن ابتلي في دينه أعظم ممن ابتلي في دنياه؛ لأن الدنيا أمرها سهل، تذهب وتأتي، ولكن الدين أمره عظيم، فلنقف مع إخواننا ولا نشمت بأحد سواء كان في أمر دين أو أمر دنيا.

وقفة أخرى المكر لا يأتي إلا بالمكر، فلما مكرن بها مكرت بهن "وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ"(فاطر: من الآية43).


وهنا مسألة مهمة جداً.

إذا فشت المعصية سهل ارتكابها، وهذا باب يغفل عنه الكثير، إذا فشت المعصية في بلد أو مجتمع أو أسرة سهل ارتكابها. إذا استطعنا أن نفهم هذه الحقيقة استطعنا أن نتعامل مع كثير من القضايا، كيف؟ الأصل هو الستر على المسلم إلا من أفشى المعصية بشكل لا يصلح الستر عليه فيعاقب، ولذلك ذكر الله _تعالى_ في سورة النور "إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ" (النور:19)
إذا تساهل الناس فأفشوا المعصية ,ارتكبها كثير من الآخرين الذين لم يكونوا ليرتكبونها لو لم تفش، كانوا يتهيبون من الوقوع فيها.
فإدراك هذه القاعدة وهذا المفهوم يحصر المعصية، بينما إفشاؤها يسهل ارتكابها على كثير من الناس، مثلاً إذا علمت أن أحد أبنائك وقع في معصية، الأصل أن تستر عليه وتعالج الموضوع بحكمة؛ لأنه إذا أفشي بين أفراد الأسرة أنه يرتكب هذه المعصية كشرب الدخان مثلاً، يسهل ارتكاب المعصية منه ومن غيره ويزداد، ولذلك نلحظ أنه لو حكم وشهد رجلان بأن رجلاً قد قتل رجلاً فإنه تقبل شهادتهما ويقتص منه، بينما في موضوع الزنا، الفاحشة لابد من أربعة شهود، لماذا؟ لأن موضوع الزنا من ناحية الفاحشة أعظم وأخطر على المجتمع، ومن ارتكب الزنا وشهد أربعة فهذا قد أفشى وفضح نفسه، أما لو شهد ثلاثة بأنهم رأوه يفعل الفاحشة، لا تقبل شهادتهم بل يقام عليهم حد القذف. كل هذا من أجل ألا تفشو الفاحشة في الذين آمنوا، فمحاصرة الفحشاء والمنكر من عوامل استقرار المجتمع، هذا جانب يغفل عنه البعض ويتساهلون فيه ويخطئون في التعامل مع أبنائهم ومع من حولهم.


نسأل الله أن يحفظ مجتمعاتنا من الفساد، وأن يرد كيد الذين يسعون لإشاعة الفاحشة بين المسلمين عبر القنوات وغيرها من سائل الإعلام، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

فضيلة العلامة الشيخ / أ.د. ناصر بن سليمان العمر
http://www.almoslim.net
كدوشة
كدوشة
لا تنسوا صيام غدا الخميس بإذن الله
قال تعالى : {ومن عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ}( ).
وقال تعالى في الحديث القدسي : ( ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه )

اللهم اجعلنا ممن اسعدته بطاعتك ووفقته لكل خير

(سبحــان الله وبحمده)(سبحان الله العظيم)