غيم

الأدب النبطي والفصيح

غيم


غيم أبيض وكأنها قطع قطن
وزعت في سماء زرقاء تتراقص
بإحترافية شديدة وتتمايل كعذراء خجلى ..



تسافر تلك الغيم بين بلاد الله
فتمطر خيراً هنا وتمطر سوءاً هناك !!

على حسب أقوامٍ قطنوا هنا وهناك ..



تلك الغيوم البيضاء إستقرت يوماً
فوق أرض خضراء وارفة الظلال
يسكنها قوم قلوبهم خضراء مثل بكر أراضيهم ..
يعبدون الله ليلاً ونهاراً ..
ويسود الحب والوئام بينهم ، كبيرهم يرأف على صغيرهم ..
وقويهم يمد يد العون لضعيفهم .. وهكذا ..



إبتسمت تلك الغيم لما رأت من خير تلك البلاد
فأمطرت عليهم صيباً نافعاً زادهم خيراً
على خيرهم فحمدوا الله حمداً كثيراً ..



وتمايلت الغيم ورحلت في صفاء سمائها
وهي جذلى وحبلى بمزيد من الخير
( لا أعلم اذا كنتم وقفتم يوماً فوق تلةٍ
مرتفعة أو جبل وأحسستم أنكم للغيوم أقرب
إنه شعور أخاذ)



ووصلت الغيم لمحطتها التالية فجزعت
وإكفهرت وتحول بياضها القطني إلى سواد ..
وفرح أهل تلك الأرض بسوادها
الذي ينم عن خير قادم ..
فلولا سواد الغيوم لم تفرح النفوس بالغيث ..
ولولا رعدها وبرقها المخيف الذي
هو بمثابة مخاض عسير لما إرتوت
الحقول والبساتين ومن قبلها العباد ...



وإستبشر أهل البلدة خيراً ولكن ..
كان للغيم رأي آخر فسوادها هذه المرة
لم يكن مخاض خير بل مخاض عقوبة
وغضب من الله عز وجل لأُناسِ
عاثوا فساداً في الأرض ولم يراعوا
حرمة الله فوجدوا ما يستحقون
فالجزاء من جنس العمل !!
لم تكن تلك الغيم سقيا رحمة بل كانت غيم عذاب ونقمة.


قوم عاد وقصتهم مع الغيم



لما تجبّر قوم هود عليه السلام
ولم يستجيبوا لدعوة نبيهم هود عليه السلام
بل عصوا رسول الله هودًا وكذبوه وجحدوا
بآيات الله التي أقامها هود عليه السلام
دلالة على صدقه في أنه مرسل من ربّه
واتبعوا أمر كل جبار عنيد من ملإ قومهم
وأصروا على عبادة الأصنام،
أحلَّ الله تبارك وتعالى بهم نِقمته وعذابه
في الدنيا بعد أن أنذرهم سيدنا هود عليه السلام
بالعذاب القريب الذي ينتظرهم،
قال تعالى :{قال رب انصرني بما كذبون (39)
قال عما قليل ليصبحنَّ نادمين(10)} (سورة المؤمنون)،
وقال تعالى إخبارًا عن هود :
{فانتظروا إني معكم من المنتظرين}،
فأمسك الله عنهم المطر حتى جهدوا،
وكان كلما نزل بهم الجَهد ذكَّرهم
هود بدعوة الله وأنه لا ينجيهم
من البلاء والعذاب إلا الإيمان والاستماع
لنصائحه بالقبول، فكان ذلك يزيدهم عتوًّا
وعنادًا فازداد العذاب عليهم وصاروا
في قَحْط وجفاف شديدين فطلبوا السقيا والمطر
وأوفدوا وفدهم إلى مكة يستسقون لهم،
فأنشأ الله سحابًا أسود وساقه إلى عاد
فخرجت عليها من واد فلما رأوها استبشروا
أنه سحاب مطر وسُقيا رحمة فإذا
هو سحاب عذاب ونقمة قال تعالى :
{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا
هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ
رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمّرُ كُلَّ شَىْءٍ
بِأَمْرِ رَبّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ
كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25)} (سورة الأحقاف)،
أي أن الله أرسل عليهم ريحًا شديدةً عاتية
حملت رحالهم ودوابهم التي في الصحراء
وقذفت بها إلى مكان بعيد، فدخل قلوبهم
الفزع وهرعوا مسرعين إلى بيوتهم
يظنون أنهم ينجون، ولكن هيهات
إذ حملتهم هذه الرياح الشديدة وأهلكتهم.





وقفة تأمل


لماذا لا نصلح حالنا قبل أن يأتينا عقاب ربنا ؟!
لماذا لا نستفيد من تجارب من
سبقونا فنحن لسنا أحسن منهم ؟!



هناك في بلادنا الإسلامية الكثير الكثير
من الفساد والمعاصي سواء كانت ظاهرة أو باطنة !!
فمتى الرجوع عما نحن فيه؟! ومتى تكون اليقظة؟!


17
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نور يتلألأ
نور يتلألأ
بارك الله في قلمك أختي نعمه

بالفعل عندما يتأمل الإنسان يعجب من نفسه في أمور كثيرة

أنا أعجب من إنسان يعلم علم اليقين بأنه لن يمكث في هذه الأرض لمدة طويلة
وأنه ميت لا محالة
ومع هذا فإنه يسوف العمل ويسوف الإصلاح

فعلا أمرنا عجيب
أسأل الله لنا الهداية عاجلا غير آجل فالعمر أقصر مما نتخيل
المحامية نون
المحامية نون
إطلالة جميلة ...والأجمل هي المقدمة
الرمزية وما لها من معنى رائع
فمن يعمل خيراً يجزي به ومن يعمل
سوء فلا يجزى إلا بالمثل
ولنا الكثير من الأمثلة في القرآن الكريم
عن امم طغت وتجبرت فنالت أشد العقوبات
من الله سبحانه وتعالى جزاءً على أعمالها
واليوم ... تلوثت أوطان بأدران الجبارين المستبيحين للدماء الطاهرة
وندعوا الله تعالى أن يزيح عن المظلومين أوجاعهم وينصرهم
سلمت غاليتنا أم أحمد ودام لنا قلمك السخي



فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
إطلالة جميلة ...والأجمل هي المقدمة الرمزية وما لها من معنى رائع فمن يعمل خيراً يجزي به ومن يعمل سوء فلا يجزى إلا بالمثل ولنا الكثير من الأمثلة في القرآن الكريم عن امم طغت وتجبرت فنالت أشد العقوبات من الله سبحانه وتعالى جزاءً على أعمالها واليوم ... تلوثت أوطان بأدران الجبارين المستبيحين للدماء الطاهرة وندعوا الله تعالى أن يزيح عن المظلومين أوجاعهم وينصرهم سلمت غاليتنا أم أحمد ودام لنا قلمك السخي
إطلالة جميلة ...والأجمل هي المقدمة الرمزية وما لها من معنى رائع فمن يعمل خيراً يجزي به ومن يعمل...

الغالية نعمة :
خاطرة معبرة ذات مغزى
أجدت التصوير وإيراد المثل ..
وهكذا إذا أخذ الله القرى وهي ظالمة
إن أخذه أليمٌ شديد ..
ويضرب الله الأمثال للناس
لعلهم يتفكرون ..
غيومك يانعمة تظلل عالمين
وتعكس وجهين .. الخير والشر
وتبين عاقبتين .. النماء والهلاك
بوركتِ وازدهر حرفك ..!

نعمة ام احمد
نعمة ام احمد
بارك الله في قلمك أختي نعمه بالفعل عندما يتأمل الإنسان يعجب من نفسه في أمور كثيرة أنا أعجب من إنسان يعلم علم اليقين بأنه لن يمكث في هذه الأرض لمدة طويلة وأنه ميت لا محالة ومع هذا فإنه يسوف العمل ويسوف الإصلاح فعلا أمرنا عجيب أسأل الله لنا الهداية عاجلا غير آجل فالعمر أقصر مما نتخيل
بارك الله في قلمك أختي نعمه بالفعل عندما يتأمل الإنسان يعجب من نفسه في أمور كثيرة أنا أعجب من...
ما أجمل إطلالتك يانورٌ يتلألأ ..
تنثرين النور الآخاذ أينما حل مدادك
لك مني كل الود والمحبة أختي الحبيبة
أم رسولي...
أم رسولي...
كلمات رائعة وتصوير خلاب
سطرتِ لنا أجمل المعاني بغيومك
دائماً الإنسان في غفلةٍ من أمره لايتعظ إلا عند العقاب
ولكن متى نتعظ ؟؟ هذا هو السؤال
نسأل الله أن يعطر أيامك بالرياحين ياأم أحمد
لكِ مني كل التقدير على جمالية طرحك