اياك والاشتغال بعيوب الناس ’’^

ملتقى الإيمان

من المؤسف جدا انه ظهر في زماننا الحاضر فئات غلاظ من الناس يعبدون الله على حرف ، القوا جلباب الحياء ، فصار شغلهم الشاغل تصيد أخطاء الآخرين للتشهير بهم ، والتنفير ، والصد عن سواء السبيل ، واخذوا يغمسون ألسنتهم في ركام من الأوهام والآثام ، ثم بسطوها بإصدار الأحكام عليهم ، والتشكيك فيهم ، وخدشهم ، وإلصاق التهم بهم ، وطمس محاسنهم ، والتشهير بهم ، وتوزيعهم أشـتاتا وعزين ، في عقائدهم ، وسلوكهم ، ودواخل أعمالهم ، وخلجات قلوبهم ، وتفسير مقاصدهم ، ونياتهم ، ولعمر الله إن ذلك من اعظم التجني على أعراض المسلمين عامة ، وعلى الدعاة منهم خاصة 0

فعلى المشتغل بتصيد أخطاء الآخرين ، المجرح فهم ، المصنف لهم بغير حق أن يعلم جيدا أن فعله هذا شعبة من شعب الظلم ، وكبيرة من كبائر الذنوب والمعاصي ، فليحذر سلوك جادة يمسه منها العذاب ، وقد ثبت من حديث أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال : " سألت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي العمل افضل ؟ قال : إيمان بالله ، وجهاد في سبيله ، قلت : فأي الرقاب افضل ؟ قال : أعلاها ثمنا ، وأنفسها عند أهلها ، قلت : فان لم افعل ؟ قال : تعين ضائعا ، أو تصنع لأخرق " قال : فان لم افعل ؟ قال : تدع الناس من الشر ، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك ؟ 0

وثبت عن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام انه قال : " المسلم من سلم المسلمون لسانه ويده " 0

ومن محاسب شعر أبي الأسود الدؤلي :

لا ترسـلن مقالة مشـهورة *****لا تستطيع إذا مضت إدراكها
لا تبدين نميمة نبئتهــا *****وتحفظن من الذي انباكهـــا

ورحم الله الإمام محمد ابن سيرين الذي كان إذا ذكر في مجلسه رجل بسيئة بادر فذكره بأحسن ما يعلم من أمره ، فيذب عن عرضه 0

سمع يوما أحد الجالسين يسب الحجاج بن يوسف بعد وفاته ، فأقبل مغضبا ، وقال : صه يا ابن أخي ، فقد مضى الحجاج إلى ربه ، وانك حين تقدم على الله ستجد أن أحقر ذنب ارتكبته في الدنيا اشد من اعظم ذنب اقترفه الحجاج 0 ولكل منكما يومئذ شأن يغنيه ، واعلم يا ابن أخي إن الله عز وجل سوف يقتص من الحجاج فيمن ظلمهم ، كما سيقتص للحجاج من ظلموه ، فلا تشغلن نفسك بعد اليوم بعيب أحد 0

فيا أيها المشتغل بعيوب الآخرين ، الواقع في إعراض العلماء اعلم انك بهذا العمل قد خرقت حرمة الاعتقاد الواجب في موالاة علماء الإسلام ، فان الوقيعة فيهم عظيمة جد عظيمة ، لحومهم مسمومة ، وعادة الله تعالى في هتك أستار منتقصيهم معلومة ، ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب ، نعوذ بالله من الخذلان 0

أيها الاخـوة الدعــاة والمصلـحون :

إن التراشق بينكم برديء الكلام مما يفتح الباب لأعدائكم أن يجدوا منفذا لهم بينكم ، يحطمون صفوفكم ، وينشرون البغضاء والشحناء بينكم ، ثم ينصرفون وهم يتفرجون عليكم 0

نعم ينصرفون وهم قد أحدثوا في الأمة شرخا ، وبابا من الشر عريضا ، لا يعلم ما سيصير إليه من الهلاك إلا الله عز وجل وإنني بهذه المناسبة أدعو طلبة العلم والمصلحين أن يكونوا يدا واحدة على أعداء الله ، ليجمعهم الإسلام الذي نشأوا عليه ، والقران الذي اهتدوا بهداه ، واستضاؤا بنوره ، ولنسموا بأنفسنا عن فاحش القول ، وبذيء الكلام ، لنغلق بذلك كل منفذ يترصد به أعداؤنا علينا ، و الله تعالى أسأل أن يجمع المسلمين على الحق ، ويعيذهم من شرور المفسدين ، ونزغات الشياطين ، انه اكرم مسؤول واعظم مأمول 0


كتبه :
عبدالحميد بن عبدالرحمن السحيباني




* منقول من موقع منابر الدعوة *
5
445

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ماكنتوشه11
ماكنتوشه11
جزاكـــ الله ـــ كــ خيرـل

وجعلــ في ــه ميزــ اـن حسنــاتكــ
قلم مبدعه
قلم مبدعه
جزاك الله خير
ريري محد دلوع غيري
جزاك الله خير
الشررررسه
الشررررسه
جزاك الله خير