زهرة سرف

زهرة سرف @zhr_srf

محررة ذهبية

تعرف على هذا الرجل

ملتقى الإيمان

تعرف على هذا الرجل!

--------------------------------------------------------------------------------

قال أبو إبراهيم ،كنت أمشي في صحراء ، فضللت الطريق ، فوقفت على خيمة قديمة فنظرت فيها فإذا رجل جالس على الأرض بكل هدوء ، وإذا هو قد قطـّعت يداه ، وإذا هو أعمى ، وليس عنده أحد من أهل بيته ، رأيته يتمتم بكلمات ، اقتربت منه وإذا هو يردّد
قائلاً : الحمد لله الذي فضّلني على كثير ممـّن خلق تفضيلاً ، الحمد لله الذي فضّلني على كثير ممـّن خلق تفضيلاً .
فعجبت من كلامه وجعلت أنظر إلى حاله ، فإذا هو قد ذهبت أكثر حواسه ، وإذا هو مقطوع اليدين ، أعمى العينين ،وإذا هو لا يملك لنفسه شيئاً ، نظرت حوله ، أبحث عن ولد يخدمه ، أو زوجة تؤانسه ، لم أر أحداً ، فأردتُ أن أمضي ، شعر بحركتي ، فسأل : من ؟ من ؟

قلت : السلام عليكم ، أنا رجل ضللت الطريق ، ووقفت على خيمتك ، وأنت الذي من أنت ؟ ولماذا تسكن وحدك في هذا المكان ؟ أين أهلك ؟ ولدك ؟ أقاربك ؟

فقال : أنا رجل مريض ، وقد تركني الناس ، وتوفـّي أكثر أهلي

قلت : لكني سمعتك تردد : الحمد لله الذي فضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً !! فبالله عليك ! فضلك بماذا ؟!! وأنت أعمى ، فقير ، مقطوع اليدين ، وحيد ،

فقال : سأحدثك عن ذلك ، ولكن سأطلب منك حاجة ، أتقضيها لي ؟
قلت : أجبني ، وأقضي حاجتك .

فقال : أنت تراني قد ابتلاني الله بأنواع من البلاء ، ولكن : الحمد لله الذي فضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً ..أليس الله قد أعطاني عقلاً ؟ أفهم به ، وأتصرف وأفكر ؟ قلت : بلى ، قال : فكم يوجد من الناس مجانين ؟ قلت : كثير .. قال : الحمد لله الذي فضلني على هؤلاء الكثير تفضيلاً .

أليس الله قد أعطاني سمعاً ؟ أسمع به أذان الصلاة .. وأعقل به الكلام .. وأعلم ما يدور حولي ؟ قلت : بلى .قال : فكم يوجد من الناس .. صمٌ لا يسمعون ؟ قلت : كثير ..

قال : الحمد لله الذي فضلني على هؤلاء الكثير تفضيلاً .أليس الله قد أعطاني لساناً ؟ أذكر به ربي وأبين به حاجتي ؟ قلت : بلى .. قال : فكم يوجد من الناس بكمٌ .. لا يتكلمون ؟قلت : كثير .. قال : فالحمد لله الذي فضلني على هؤلاء الكثير تفضيلاً ..

أليس الله قد جعلني مسلماً ، أعبد ربي .. وأحتسب عنده أجري .. وأصبر على مصيبتي ؟؟ قلت : بلى ..قال : فكم يوجد من الناس من عباد الأصنام والصلبان .. وهم مرضى .. قد خسروا الدنيا والآخرة ..؟!!قلت : كثير .. قال : فالحمد لله الذي فضلني على هؤلاء الكثير تفضيلاً .

ومضى الشيخ يعدّد نعم الله عليه .. وأنا أزداد عجباً من قوة إيمانه .. وشدّة يقينه .. ورضاه بما أعطاه الله ..كم من المرضى غيره .. ممن لم يبتلوا ولا بربع بلائه ..ممن شلـّهم المرض .. أو فقدوا أسماعهم أو أبصارهم ..أو فقدوا بعض أعضائهم ..ويعتبرون أصحاء لو قارناهم به .. ومع ذلك .. عندهم من الجزع والتشكي .. والعويل والبكاء ..بل وضعف الصبر وقلـّة اليقين بالأجر .. ما لو قـُسّم على أمـّة لوسعهم ..سبحت بتفكيري بعيداً .. ولم يقطعه عليّ إلا قول الشيخ ..

هاه ..!! أأذكر حاجتي ..؟ هل تقضيها .. ؟

قلت : نعم .. ما حاجتك ؟!

فخفض رأسه قليلاً .. ثم رفعه وهو يغص بعبرته وقال :لم يبق معي من أهلي إلا غلام لي .. عمره أربع عشرة سنة ..هو الذي يطعمني ويسقيني .. ويوضـّئني .. ويقوم على كلّ شأني وقد خرج البارحة يلتمس لي طعاماً .. ولم يرجع إلى الآن .. ولا أدري .. أهو حيّ يُرجى .. أم ميـّت ينسى ..وأنا كما ترى .. شيخ كبير أعمى .. لا أستطيع البحث عنه .
فسألته عن وصف الغلام .. فأخبرني ..فوعدته خيراً ثم خرجت من عنده .. وأنا لا أدري كيف أبحث عن الغلام .. وإلى أي جهة أتوجـّه ؟! فبينما أنا أسير .. ألتمس أحداً من الناس أسأله عنه إذ لفت نظري قريباً من خيمة الشيخ جبل صغير .. عليه سرب غربان قد اجتمعت على شيء .. فوقع في نفسي أنها لم تجتمع إلا على جيفة أو طعام منثور ..فصعدت الجبل .. وأقبلت إلى تلك الطيور فتفرقت ..

فلما نظرت إلى مكان تجمعها .. فإذا الغلام الصغير ميت مقطع الجسد .. وكأن ذئباً قد عدا عليه .. وأكله ثمّ ترك باقيه للطيور لم أحزن على الغلام بقدر حزني على الشيخ ..نزلت من الجبل .. أجر خطاي .. وأنا بين حزن وحيرة .. هل أذهب وأترك الشيخ يواجه مصيره وحده .. أم أرجع إليه وأحدثه بخبر ولده ..؟! توجهت نحو خيمة الشيخ .. بدأت أسمع تسبيحه وتهليله ..كنت متحيراً .. ماذا أقول .. وبماذا أبدأ ..

مرّ في ذاكرتي قصة نبي الله أيوب عليه السلام ..فدخلت على الشيخ .. وجدته كسيراً كما تركته ..سلمت عليه .. كان المسكين متلهفاً لرؤية ولده ..

بادرني قائلاً : أين الغلام ..

قلت : أجبني أولاً .. أيهما أحبّ إلى الله تعالى أنت أم أيوب عليه السلام ؟

قال : بل أيوب عليه السلام أحبّ إلى الله ..

قلت : فأيكما أعظم بلاءً .. أنت أم أيوب عليه السلام ؟

قال : بل أيوب عليه السلام..

قلت إذن فاحتسب ولدك عند الله .. قد وجدته ميتاً في سفح الجبل .. وقد عدت الذئاب على جثته فأكلته ..فشهق الشيخ .. ثم شهق .. وجعل يردد .. لا إله إلا الله .. وأنا أخفف عنه وأصبره ..ثم اشتد شهيقه .. حتى انكببت عليه ألقنه الشهادة .. ثم مات بين يدي ..غطيته بلحاف كان تحته ..ثم خرجت أبحث عن أحد يساعدني في القيام بشأنه ..فرأيت ثلاثة رجال على دوابـّهم .. كأنهم مسافرين .. فدعوتهم .. فأقبلوا إليّ .. فقلت : هل لكم في أجر ساقه الله إليكم .. هنا رجل من المسلمين مات .. وليس عنده من يقوم به .. هل لكم أن نتعاون على تغسيله وتكفينه ودفنه ..قالوا : نعم ..فدخلوا إلى الخيمة وأقبلوا عليه ليحملوه .. فلما كشفوا عن وجهه .. تصايحوا : أبو قلابة .. أبو قلابة ..وإذا أبو قلابة .. شيخ من علمائهم .. تكالبت عليه البلايا .. حتى انفرد عن الناس في خيمة بالية .. قمنا بواجبه علينا .. ودفناه .. وارتحلت معهم إلى المدينة ..فلما نمت تلك الليلة .. رأيت أبا قلابة في هيئة حسنة .. عليه ثياب بيض .. وقد اكتملت صورته .. وهو يتمشى في أرض خضراء ..سألته : يا أبا قلابة .. ما صيـّرك إلى ما أرى ؟!

فقال : قد أدخلني ربي الجنة .. وقيل لي فيها ( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) ..



م/ن
19
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

عمري majed
عمري majed
لا إله إلا الله ....... الله يعطيك العافية زهرة سرف من جد قصه رائعه من أروع ماقرأت
زهرة سرف
زهرة سرف
لا إله إلا الله ....... الله يعطيك العافية زهرة سرف من جد قصه رائعه من أروع ماقرأت
لا إله إلا الله ....... الله يعطيك العافية زهرة سرف من جد قصه رائعه من أروع ماقرأت
(عمري majed) الله يسعدك اختى الغاليه فى الدنيا والاخره امين
زهرة سرف
زهرة سرف
(عمري majed) الله يسعدك اختى الغاليه فى الدنيا والاخره امين
(عمري majed) الله يسعدك اختى الغاليه فى الدنيا والاخره امين
سبحان الله
دلوعه جنان
دلوعه جنان
لااله الاالله


جزاك الله خيرا


اللهم اجعلنامن الصابرين
عاشقة الحرمين11
جزاك الله خيرا