,,نسرين حسن ,,
,,نسرين حسن ,,




هي من ألبَسَتني الصبرَ عَباءة لا تُنتَزَع .. ولا دفء دونها
هي من علّمتني أنّ الآه قبل أن تَحرق .. تُضيء
وتُنيرُ درباً من يقينٍ مؤمن عِلمُهُ أنّ كل أمرِهِ خيرٌ عظيم
هي من أنبتَ في خاصِرة اليأسِ زهرة.. لا عطر لها .. بل دموعاً من رجاء
علّمتني الحياة ..كيف أتكوّر على نفسي قابضةً على الجمر لأخمد أنفاسه اللاهثة.....

ومنها تعلّمت ..أن الجمر سلامٌ للروح إن هدهدناه بصبرٍ مرير !
هي من أوجَدَتني ضعيفةً إلَا من استعانتي بخالقي..
يائِسةً إلّا من رجائي برحمةِ ربي..
راضيةً إلّا من سَخَطي على مظالمٍ بَلَغَت وتجاوَزَت السماء.. واتكأت بِتجبُّر..
قد حَمّلتُها أكفّ الغمام احتساباً..

أمي يا وجه النور..
يا نداءً يمتدّ ليعود فارِغاً إلّا من الخيبة .. يئنّ صداه
أهربُ إليكِ كي لا أكون وحدي..
أناجيكِ بصوتِك لألبّي طاعةًَ وبر..
أُناجيني بكِ ولَكِ لِتَغمُرَني سَكينَةُ الآن
وأمسك زِمام أنفاسي قبل فواتِ الأوان..

أمي ..
خذيني إليكِ .. فقد عَلِمتُ ما ينتاب الجورِيّات حين تطالُها يدُ الخريف الجانية!
ما أجدَبَ عمري .. بل آلَ لذلك
لم يعُد الفرح بحجم النور .. فأيادي الديجور عصيّة

يا أمي .. بتروا حلمي .. تناوبوا والعمرَ على زهوري حصاداً..
أزمانُهُم غائرة ًأمّاه..
وحده قلبك ـ وإن كان في حضن الثرى ـ يصلح لكلّ الأزمنةِ حباً وتحنانا..
وحدك يا أمي من توقظين في ضلعِ الوهن منّي قوة التماسك
وروح الإحتمال ..
ضمّيني حيث أنتِ أمّاه
لم يعد لي متّسعاً للكلام ولا فضاءً للحلم
لم يعد في وسع الغصن منّي سوى حمل النداء الأخير ..
" ضميني أمي فثراكِ دفء .. والكون صقيع ".


رشا عرابي " الوردة البيضاء "
,,نسرين حسن ,,
,,نسرين حسن ,,



قد ظننتُ..



الطير يجمع ُقَشّة ًمن عمر عشٍّ كي ينام..
وظننتُ..
الأرض َتحكي قصة الدوران للشمسِ محاكاة الغمام..
وظننتُ.....

القلب دقاتٍ .. تزف لنا من الفوضى سكوناً لا يرام..
وظننتُ..
الطفل يبكي مبتغاه بحاجةٍ..
من حيث قد خانَ الكلام..
كان ظنّي جاهلا.ً.
إذ أنَّ بعضي رغم وعيي في خصامٍ واحتدام..
هو ذا الطير دؤوباً..
يجمع القشّات ظِلاًّ
قد يقيه من الهجير..
والأرضُ تحكي عمرها للشمسِ في أيقونةِ الوعد المسجّى .. فوق أعقاب المسير..
والقلبُ ينبضُ هامساً..
وصداه ُيملأ ُمقلتي أصداءَ وهمٍ مستطير..
والطفلُ يبكي من زهورٍ في الكلام تفتحت..
لكنه يجهل شذاها..
من أيّ لونٍ هي صيغت..؟!
كيف تحكيها حروفه؟!
ليس يدري .. غير أنّ الدمع في العين دعاها..
وأفاق في العمر صغيراً ليس يدرك كنه َحرفٍ..
ليس يُدرك في الحنايا مبتغاها..
أواّه يا طفلا ًتهادى في ثنايا المهد يطرق سفر أحلام ٍحواها..
فلتبقى يا طفلي بقلبٍ..
يصغر الهمّ به إن كان يندى في ضفاف المهد وعداً ما وفاها



رشا عرابي "الوردة البيضاء"
,,نسرين حسن ,,
,,نسرين حسن ,,



هي روح وكالنسيم نقاءً
بين طياتها بنات الزهور
كلما حركت من الشعر غصنا
داعب الورد جيدها بالعطور

...
هي قلباً زال ينبض حبًّا
ويواري بلهفة أشواقهْ
أنت يا ليل قد علمت مصابهْ
خفف الوطء فالمنى حراقةْ

هي ليست كما الغمام سموا
غير أن الأرواح تعلى وتنقى
في سماوات عالم بات يدنو
نحو قاع.. وروحها منه ترقى

التقتها شمس الصباح والقت
بين أهدابها حياة جديدة
لتحاكي نسائم الطهر حرفا
عانق النبض متنه في قصيدة

أوتدرين ما الذي يبقيك
في صفاء الضياء رغم الظلام
أنت روح .. والروح تنأى بعيدا
عن حضيض المنى
وسقط الكلام

قد كتمت الشعور حتى علوت
وجرعت الأسى ومرا سقيت
قد كفاك يا روح أنك بت
كالفراشات حول نور مميت

غير أن اللهيب رفقا أتاك
آثر الحب لن تكوني سجينة
ليس يلقاك غير طيف رقيق
أمطري النور يا سمائي سكينة



الوردة البيضاء (رشا عرابي)
,,نسرين حسن ,,
,,نسرين حسن ,,



كم تتقن الحضور في هيكل أيامي رغم الغيابات الرتيبة
كم تتقن الظهور في كل زاويةٍ من رؤاي..
فتنمو أعناق الحنين ويمتدُّ جذرها موقظاً في العمق وهم السكون
يا انت..تشتاقك جدائل الشمس وانت ما زلت تُحيك في الظلمة ثوباً من نور
انهض .وانفض عن جنبيك العتمة..وامسح برداء الآتي جبين الظلمة...

لن يخذلك الأمسُ تقدم.... هو ذاك قد لملم ما يلزمه وولَّى
بعضاً لي عندك احتاجه تفصيلاً اعمق من بوحي
حفنةُ احلامٍ تبعثني من فصل سبات
لك عندي كلَّاً من ذكرى من طقسٍ يورق في أعقاب اليأس بدفء الآت
لك عندي كلَّاً من كلّي يحفظك غياباً كالحاضر في احداق الصدق يبات
لك عندي كلّاً لا ينآى يحفظني عند ضفاف الانت وفاءً تُثمره السنوات
يا انت..هل تكفيك الشمس لهيباً مسكوباً في أصقاع اللهفة يوقد شوقاً لا ألقاه يبور
يا انت..هل تكفيك الروح حنيناً وانيناً تقتات باخيلة الديجور
يا انت..هل يُغريك الحرف شفيفاً منساباً من ماء العين إن جادت بالزفرات بحور
يا انت..فلتاتي ما عاد بأيدينا
ويراعي ينزف من حُرقة وحيٍ مبتور



رشا عرابي " الوردة البيضاء "
,,نسرين حسن ,,
,,نسرين حسن ,,




يُؤَرّقُ جفنيَ الباكي وِسادي
ويَطويني الظّلامُ بِلا رُقادي

وتَغدو لَيلَتي عُمراً طَويلاً
وَيَخطو الهَونَ هَوناً باتئادي

...
كأنّ الشمسَ في ميعادِ صُبحٍ
تَوارَت ليسَ يُغريها المنادي

يَطولُ اللّيلُ ليلاً فوقَ ليلٍ
ظلاماً والصّدى ظُلمٌ يُعادي

وَعينُ الليلِ تكتَحِلُ الحكايا
سواداً... والبليّةُ بالسوادِ

رَجوتُ النجمَ بعضاً من ضِياءٍ
ألا يا نجمُ أمعِن باتّقادي

على هَدبي تَداعَت كلّ حَرّى
من الحُرقاتِ لوعاتٍ شِدادي

وذاكَ النبضُ إيقاعاً يُحاكي
حَنيناً فرَّ من لبِّ الرشادي

وتلكَ الروح يا ليلي مُحيطاً
يُعانِقُ رؤيَتي والحلمُ زادي

إذا ما ضاقَ صدرُ الليل قَسراً
زرَعتُ الحرفَ عِطراً بالوهادِ

وسُقياهُ من العينِ زُلالاً
رُواءُ القلب إن كلّت أيادي

أيا ليلي كأنّكَ بِتَّ عُمراً
تَشي لوعاتِ قَهري وانفرادي

إليكَ أيا إله الكون أمري
دروبي قَد ضَللْتُ وأنتَ هادي

فيا ربّاه كُن قُربي وهَبني
لِجَمرِ الروح .. روحاً من رمادِ



الوردة البيضاء (رشا عرابي)