احذروووووووووووووووووووووووووو ا هذه**********

الملتقى العام

وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا


مقدمة :

الحمد لله فاطر السموات و الأرض . الحمد لله القائل في كتابه الكريم : { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ } .

فإن الحسنات و الذنوب هي أمراض قلبية ، كما أن الحمى والأوجاع و السرطان أمراض بدنية ، وكما الأمراض السرطانية تمثل تهديداً خطيراً فعلياً لحياة الإنسان المُصاب بها ، فكذلك من الذنوب والمعاصي ما يؤدي إلى حبوط الأعمال الصالحة و بطلانها ، و كما أن الأرام السرطانية تنتقل عبر الدم أو العقد الليمفاوية إلى بقية أعضاء الجسم ، فإن محبطات الأعمال تنتقل إلى القلب و تؤدي إلى بطلان ثواب الأعمال .

و المريض إذا عُوفِيَّ من مرضه عافية تامة عادت إليه قوته و أفضل منها حتى كأنه لم يضعف قط .
فالقوة المتقدمة بمنزلة الحسنات ،و المرض بمنزلة الذنوب ، و الصحة العافية بمنزلة التوبة.

و كما أن من المرضى من لا تعد إليه صحته أبداً لضعف عافيته ،و منهم من تعود صحته كما كانت لتقاوم الأسباب و تدافعها يعود البدن إلى كماله الأول ،و منهم من يعد أصح مما كان أقوى و أنشط لقوة أسباب العافية قهرها و غلبتها لأسباب الضعف المرض حتى ربما كان مرض هذا سبباً لعافيته

و كما أن على المرء معرفة الأسباب التي تؤدي إلى إصابته بالأمراض فيتقيها ، فعليه أيضاً معرفة محبطات الأعمال و مفسداتها ، لأن الشأن ليس في العمل ،إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه .

معنى حبط :

حبط عمله : حَبْطاً :بَطَلَ .
قال الراغب الأصفهاني :
أصل الحبط : من الحبط، وهو أن تكثر الدابة أكلاً حتى ينتفخ بطنها.

حبط العمل على أضرب:

أحدها: أن تكون الأعمال دنيوية: فلا تغني في القيامة غناءاً: كما أشار إليه بقوله: { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا } .

والثاني: أن تكون أعمالا ً أخروية: لكن لم يقصد بها صاحبها وجه الله تعالى: كما روي : عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها ؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: فلان جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار... ) .

والثالث: أن تكون أعمالا صالحة: ولكن بإزائها سيئات توفي عليها، وذلك هو المشار إليه بخفة الميزان .


ثانيهما إحباط الموازنة :

إذا جعلت الحسنات في كفة والسيئات في كفة فمن رجحت حسناته نجا ومن رجحت سيئاته وقف في المشيئة إما أن يغفر له وإما أن يعذب فالتوقيف إبطال ما لأن توقيف المنفعة في وقت الحاجة إليها إبطال لها والتعذيب إبطال أشد منه إلى حين الخروج من النار ففي كل منهما إبطال نسبى أطلق علي اسم الإحباط مجازاً وليس هو إحباط حقيقة لأنه إذا أخرج من النار وأدخل الجنة عاد إليه ثواب عمله.

الحبط في الاصطلاح الشرعي :

قال ابن عاشور رحمه الله :
" وحبط الأعمال: زوال آثارها المجعولة مرتبة عليها شرعاً، فيشمل آثارها في الدنيا والثواب في الآخرة وهو سر قوله "في الدنيا والآخرة ".

فالآثار التي في الدنيا : هي ما يترتب على الإسلام من خصائص المسلمين وأولها آثار كلمة الشهادة من حرمة الأنفس والأموال والأعراض والصلاة عليه بعد الموت والدفن في مقابر المسلمين.

وآثار العبادات وفضائل المسلمين بالهجرة والأخوة التي بين المهاجرين والأنصار وولاء الإسلام .

وآثار الحقوق: مثل حق المسلم في بيت المال والعطاء وحقوق التوارث والتزويج فالولايات والعدالة وما ضمنه الله للمسلمين مثل قوله { من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة } .

وأما الآثار في الآخرة: فهي النجاة من النار بسبب الإسلام وما يترتب على الأعمال الصالحات من الثواب والنعيم.

والمراد بالأعمال : الأعمال التي يتقربون بها إلى الله تعالى ويرجون ثوابها بقرينة أصل المادة ومقام التحذير؛ لأنه لو بطلت الأعمال المذمومة لصار الكرم تحريضاً، وما ذكرت الأعمال في القرآن مع حبطت إلا غير مقيدة بالصالحات اكتفاء بالقرينة " .

من وظائف الأعمال الصالحة :

• النجاة من النار .
• سرعة دخول الجنة .
• تبؤ الدرجات العُلا في الجنة .

و إحباط العمل قد يمنع من دخول الجنة ، أو يبطئ في دخولها ، أو يمنع نيل الدرجات العلا .
قال تعالى : { انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } .

هل الكبائر تُحبط الأعمال ؟

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى : و" الخوارج والمعتزلة يقولون‏:‏ إنه من فعل كبيرة أحبطت جميع حسناته،وأهل السنة والجماعة لا يقولون بهذا الإحباط، بل أهل الكبائر معهم حسنات وسيئات، وأمرهم إلى الله تعالى " .‏

وإذا كانت السيئات لا تُحبط جميع الحسنات، فهل تُحبط بقدرها وهل يحبط بعض الحسنات بذنب دون الكفر‏؟‏

قال ابن تيمية - رحمه الله - فيه قولان للمنتسبين إلى السنة‏:
• منهم من ينكره.
• ومنهم من يثبته. كما دلت عليه النصوص، مثل قوله‏:‏ { لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى‏ } . دل على أن هذه السيئة تبطل الصدقة، وضرب مثله بالمرائي، وقالت عائشة‏:‏ ابلغي زيدًا أن جهاده بطل .. عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت لأم ولد زيد بن أرقم :" أخبري زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب ". رواه الدارقطني في سننه ،كتاب البيوع ،(3/52) ] .‏

وأما قوله‏:‏ { أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ } ‏، وحديث صلاة العصر ففي ذلك نزاع‏.‏
وقال تعالى‏:‏ { ‏وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } .
• قال الحسن‏:‏ بالمعاصي والكبائر.
• وعن عطاء‏:‏ بالشرك والنفاق.
•وعن ابن السائب‏:‏ بالرياء والسمعة.
• وعن مقاتل‏:‏ بالمن‏.‏ وذلك أن قومًا منوا بإسلامهم.
فما ذُكر عن الحسن يدل على أن المعاصي والكبائر تُحبط الأعمال " .‏

خوف المؤمن أن يُحبط عمله:

أولاً : الخوف من النفاق :

قال إبراهيم التيمي: ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذباً.
وقال ابن أبي ملكية: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل.

ويذكر عن الحسن قال : ما خافه إلا مؤمن ولا أمنه إلا منافق. وما يحذر من الإصرار على النفاق والعصيان من غير توبة، لقول الله تعالى: { ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون } .

ثانياً : الإشفاق على العمل أن يصير إلى الضياع

قال ابن القيم في منزلة الإشفاق :".. إشفاق على العمل أن يصير إلى الضياع .فيخاف على عمله أن يكون من الأعمال التي قال الله فيها : { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا } .و هي الأعمال التي كانت لغير الله و على غير أمره و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم و يخاف أيضاً أن يضيع عمله في المستقبل ،إما بتركه ،و إما بمعاصي تفرقه و تحبطه فيذهب ضائعاً .و يكون حال صاحبه كحال التي قال الله تعالى عن أصحابها : " { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاء فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } .

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للصحابة – رضي الله عنهم - : " فيمن ترون هذه الآية نزلت ؟فقالوا :الله أعلم .فغضب عمر و قال : قولوا : نعلم أو لا نعلم .فقال ابن عباس : في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين . قال : يا ابن أخي قل و لا تحقرن نفسك . قال ابن عباس :ضُربت مثلاً لعمل .قال عمر : أي عمل ؟ قال ابن عباس :لعمل .قال ابن عمر قال ابن عباس :لرجل غني يعمل بطاعة الله فبعث الله إليه الشيطان .فعمل بالمعاصي حتى أغرق جميع أعماله " .

قال القرطبي : " روي عن ابن عباس وغيره: " إن هذا مثل ضربه الله تعالى للكافرين والمنافقين, كهيئة رجل غرس بستاناً فأكثر فيه من الثمر فأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء - يريد صبياناً بنات وغلماناً - فكانت معيشته ومعيشة ذريته من ذلك البستان, فأرسل الله على بستانه ريحاً فيها نار فأحرقته, ولم يكن عنده قوة فيغرسه ثانية, ولم يكن عند بنيه خير فيعودون على أبيهم. وكذلك الكافر والمنافق إذا ورد إلى الله تعالى يوم القيامة ليست له كرة يُبعث فيُرد ثانية, كما ليست عند هذا قوة فيغرس بستانه ثانية, ولم يكن عنده من افتقر إليه عند كبر سنه وضعف ذريته غنى عنه".

ثالثاً : توفير الحسنات :

قال ابن القيم في منزلة الورع : توفير الحسنات من وجهين :
أحدهما : توفير زمانه على اكتساب الحسنات .فإن اشتغل بالقبائح نقصت عليه الحسنات التي كان مستعداً لتحصيلها .

و الثاني : توفير الحسنات المفعولة عن نقصانها ،بموازنة السيئات و حبوطها .لأن السيئات قد تحبط الحسنات ،و قد تستغرقها بالكلية أو تنقصها .فلابد أن تضعفها قطعاً ،فتجنُبِها يوفر ديوان الحسنات .وذلك بمنزلة من له مال حاصل .فإذا استدان عليه ،فإما أن يستغرقه الدين أو يكثره أو ينقصه ،فهكذا الحسنات و السيئات سواء " .

رابعاً : غيرة العبد لربه :

غيرة العبد لربه نوعان :ٍ

أحدهما : غيرة من نفسه : أن لا يجعل شيئاً من أعماله و أقواله و أوقاته و أنفاسه لغير ربه ".
والثاني : غيرة من غيره : أن يغضب لمحارمه إذا انتهكها المنتهكون ،و لحقوقه إذا تهاون بها المتهاونون " .

خامساً :الدعاء بعدم إضاعة العمل :

{ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِ مْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ } .

ومعنى نفي إضاعة عملهم نفي إلغاء الجزاء عنه: جعله كالضائع غير الحاصل في يد صاحبه. فنفي إضاعة العمل بالاعتداد بعلمهم وحسبانه لهم، فقد تضمنت الاستجابة تحقيق عدم إضاعة العمل تطميناً لقلوبهم من وجل عدم القبول، وفي هذا دليل على أنهم أرادوا في قولهم :{ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ } . تحقيق قبول أعمالهم والاستعاذة من الحبط "
منقول

وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
5
570

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

اكثري *الاستغفار*
ررررررررررررررررررررفع
اكثري *الاستغفار*
رررررررررررررررررررررررررررررررررفع
الناعمة.نت
الناعمة.نت
مشكورة على الموضوع الطويل
عذوووب!
عذوووب!
جزاك الله خير