الهجوم على العلماء .. بين تيارين!! التيار المتشدد والتيار الليبرالي ــــــــــــــــ

الملتقى العام





لجينيات ـ نحن في مجتمعنا نعيش بين تيارين متناقضين تيار يمضي بنا نحو التشدد وتكفير الناس ، وتيار يدعو إلى التحلل بكل أبعاده ويسعى لسلخ المجتمع عن قيمه ..

وهذان التياران للأسف نسبة وجودهما قليلة ونادرة ندرة "الضبان" على قول أحدهم في وصف تياره .. بينما الغالبية العظمى والنسبة الكبرى التي تتجاوز التسعين بالمئة هم من ذوي الأخيار ومن وسطيي الفكر والتدين بمعناه الحقيقي.

التياران اشتركا في أشياء واختلفا في أشياء ، وكل فريق لديه أسس ينافح عنها وشعارات يزايد عليها.. فمن الأمور التي اشتركا فيها وإن اختلفا في تعاطيها .. قضية الهجوم المبيت والمدبر على العلماء والفقهاء والدعاة ، ففي كل مرة نشهد "تشريحا" لشخصية ما بدعاوى ممقوتة..

فالتيار المتشدد اليوم تطالع في كتاباتهم هجوما شرساً على "سلمان العودة" فهم يصيدون من فتاويه ما يروق لهم أو ما يختلفون معه فيه ومن ثم يشنعون على الرجل ويطلقون عليه "قاسم أمين" الجديد أو يشبهونه بمحمد عبده "الشيخ" ، ويتهمون الرجل بأنه منافق أو متزلف إلى الحكام .. ومؤخرا شن هجوما على الشيخ "صالح المغامسي" ، وقس على ذلك الأذى الذي تعرض له عائض القرني حتى راهن بعضهم على أنه سيكون شاعر المطربين!! ، وهوجم الشيخ السديس بسبب خطأ في الوصف حيث وصف المفسدين في قضية "أحداث جدة" بأنهم أحفاد ابن اللتبية" رضي الله عنه ، صحيح أنه أخطأ في الوصف لكن صور على أنه سب صريح للصحابة وأقدم على ذلك إرضاء للشيعة!!

هذا التيار واقع في خطأين الأول ضعف واضح في الثقافة الإسلامية فالمتضلع في الثقافة وفي الفقه الإسلامي يدرك أن الاختلاف في المسائل الاجتهادية وقع حتى بين الصحابة الكرام فماذا هم قائلين لابن عمر الذي كان يفتي بوجوب الوضوء على من "قبل" امرأته وعلى النقيض من ذلك ابن عباس وعائشة .. وماذا هم قائلون لابن عمر الذي كان يأخذ من لحيته وكذا أبو هريرة!!

فالمسائل الفرعية من الصعب حسمها ، وكل العلماء يختلفون حولها من قديم ومن حديث ومن هنا نشأت المذاهب الفقهية الأربعة المشهورة فكلهم متفقون على الأصول والثوابت ولكنهم اختلفوا في الفروع والجزئيات ، فالشخص الأريب والمطلع يدرك كيفية التعامل مع هذا الاختلاف وأنه مهما اختلفت معك ستظل بيننا مشتركات فلم لا نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر كل منا صاحبه فيما اختلفنا عليه ، والعلماء في كل عصر يردون على بعضهم بعض ففي النهاية كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، لكن المتشدد لا يقبل بهذا الرأي بل تجده يجرح ويخطيء كل من يفتي على غير مراده أو تجد لديهم غلو في الأتباع والرموز فالحق ما قالوه وما عداه سقط لا يلتفت إليه ، وفي عصور مضت عاش الناس تحت وطأة ما يسمى بالتشدد المذهبي لدرجة أن الحنفي لا يتزوج من شافعية والمالكي لا يأتم في الصلاة بحنبلي ، مع أن أصحاب المذاهب الأساسيين كل منهم يحب الآخر ويترحم عليه ويعلي من شأنه وقدره.

في المقابل وعند التيار المتحرر هناك هجوم على علماء أجلاء يستتر حيناً ويظهر أحيانا ، فالشيح اللحيدان هوجم حينما أدلى برأيه حول ملاك القنوات السحرية الذين لبسوا على الناس وكأنهم يقولون له لا تنكر المنكر !!

وهوجم الشيخ سعد الشثري لأنه قال رأيه في حكم الاختلاط ، فالتهم الرجل بتهم الرجعية والتشدد والتزمت مع أن رأيه ليس رأيا شاذا بل هو رأي هيئة كبار العلماء وكل علماء البلاد يقولون بهذا الرأي فما الذي عابوه على الرجل؟

فعند التأمل في الهجوم المنظم يخيل إليك أن الأمر مبيت بليل وأنها مؤامرة حيكت خيوطها للنيل من رموز البلاد العلمية؟

الداعية محمد المنجد هو الآخر حديث الناس بل بعضهم يستقوي بالسلطة لكسر الرجل والطعن في ذاته بأنه سوري الجنسية وكأن الحق يتبع الجنسية فقط!!

والشيخ محمد العريفي لم يسلم من أقلامهم بسبب هجومه على السيد "السيستاني" فهم يرون في رأي العريفي تهييجاً للطائفية بينما آيات الشيعة الذين يرون أن "السني" نجس" ذاتياً ويجب الوضوء عند ملامسته فًأصحاب هذا التيار يرون أن هذا الرأي لا عبرة به ..

هذا التيار وقع في ثلاثة أخطاء ..

أولها: التناقض الحاد الظاهر فهم يدعون إلى حرية الرأي وهؤلاء العلماء كاللحيدان والشثري قالوا رأياً فلم أشهروا الأقلام في وجه هؤلاء ؟ فأين حقيقة الرأي والرأي الآخر حتى أن شخصا بحجم "خالد الدخيل" – الليبرالي كما يصف نفسه هو - أنكر عليهم هجومهم على الشثري واعتبر ذلك تصرفا خاطئاً!
فأين الليبرالية الحقيقية وأين مبادئها يا دعاتها؟ أم أنها على قاعدة حلال لنا حرام على غيرنا؟؟!!

ثانيها: العلماء لهم مكانتهم الحقيقية لدى جماهير الناس وهو يستشعرون ذلك وأن رأي فقيه اليوم يحرك المجتمع وعليه فلجوؤهم إلى هذه الحملات الضارية يأتي من باب "هز" الصورة أو تشويهها وإظهار هؤلاء على أنهم "رجعيين" أو لا يواكبون العصر أو فيهم نزعة التشدد!

ثالثا: مشكلة الليبرالية "المحلية" تكمن في عدم وجود مرجعية لديهم ، فعامة المسلمين مرجعهم القرآن والسنة ، وهؤلاء إن قالوا القرآن والسنة صارت مشكلة أخرى فمن المتعارف عليه أن القرآن الكريم يحتاج إلى تفسير لتوضيح الناسخ والمنسوخ والمطلق والمقيد .. الخ ، وهؤلاء لا يرضون العلماء لأنهم "احتكروا" التفسير في نظرهم ، ثم أيضا عامة الليبراليين يشنعون على العلماء أنهم السبب في "العنف" فكيف يرجعون إليهم ، فحينما سئل أحدهم في لقاء مباشر عن مرجعيتهم قال الإسلام مبني على الاجتهادات فهناك إسلام شيعي وسني وأمريكي!!!!!!! وهنا تكمن المشكلة إذ أنهم لا يفرقون بين المذاهب والاختلاف في الفروع وبين الأصول والمنطلقات ..

أخيراً ..
إنني على يقين أن مثل هذا الهجوم أزمة وستنجلي ، فهذا الهجوم من قديم فقط اختلفت الوسائل والطرق ، فللعلماء مكانتهم السامقة فهم كالعافية للبدن وكالشمس للدنيا ، فحتى القنوات الليبرالية لا يروق لها إلا أن تضع برنامجا دينياً لأنها تعرف توجه الناس ، والبرامج الدينية التي قدمها علماء هي التي تحقق أرقاما فلكية في نسبة المشاهدة ، ودع عنك خداع بعض القنوات في الترويج لبرامجها ، فالزبد يذهب جفاء أما ما ينفع العباد والبلاد فيمكث في الأرض ويبقى ما بقي الليل والنهار.
ولكم تحياتي..



منقول ..


لكاتبه الفاضل: علي بطيح العمري
16
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

لأنك تعلم!
لأنك تعلم!
جزيت الخير أيــا غالية

بورك فيكـِ
لأنك تعلم!
لأنك تعلم!
الحمد لله
وردة ذات شوك
وردة ذات شوك
فللعلماء مكانتهم السامقة فهم كالعافية للبدن وكالشمس للدنيا
فالزبد يذهب جفاء أما ما ينفع العباد والبلاد فيمكث في الأرض ويبقى ما بقي الليل والنهار
جزيتِ خيراً
ترانيم قلبي
ترانيم قلبي
لا حول ولا قوة الا بالله

حسبنا الله ونعم الوكيل

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك
ترانيم قلبي
ترانيم قلبي
.........