.•°« ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ..) حملة كل يوم آية»°•.

الملتقى العام


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السموات وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ‏}

‏ سورة البقرة





هذا شروع في ذكر فضل آدم عليه السلام أبي البشر أن الله حين أراد خلقه أخبر الملائكة بذلك‏,‏ وأن الله مستخلفه في الأرض‏.‏
فقالت الملائكة عليهم السلام‏:
{‏أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا‏} بالمعاصي
{‏وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ‏}‏ ‏‏هذا تخصيص بعد تعميم‏,‏ لبيان ‏‏ مفسدة القتل، وهذا بحسب ظنهم أن الخليفة المجعول في الأرض سيحدث منه ذلك‏,‏ فنزهوا الباري عن ذلك‏,‏ وعظموه‏,‏ وأخبروا أنهم قائمون بعبادة الله على وجه خال من المفسدة فقالوا‏:‏
{‏وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ‏} أي‏:‏ ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك،
{‏وَنُقَدِّسُ لَكَ‏}‏ يحتمل أن معناها‏:‏ ونقدسك‏,‏ فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص، ويحتمل أن يكون‏:‏ ونقدس لك أنفسنا، أي‏:‏ نطهرها بالأخلاق الجميلة‏,‏ كمحبة الله وخشيته وتعظيمه‏,‏ ونطهرها من الأخلاق الرذيلة‏.‏
قال الله تعالى للملائكة‏:‏ ‏{‏إِنِّي أَعْلَمُ‏}من هذا الخليفة
{‏مَا لَا تَعْلَمُونَ‏} ؛ لأن كلامكم بحسب ما ظننتم‏,‏ وأنا عالم بالظواهر والسرائر‏,‏ وأعلم أن الخير الحاصل بخلق هذا الخليفة‏,‏ أضعاف أضعاف ما في ضمن ذلك من الشر فلو لم يكن في ذلك‏,‏ إلا أن الله تعالى أراد أن يجتبي منهم الأنبياء والصديقين‏,‏ والشهداء والصالحين‏,‏ ولتظهر آياته للخلق‏,‏ ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة‏,‏ كالجهاد وغيره‏,‏ وليظهر ما كمن في غرائز بني آدم من الخير والشر بالامتحان‏,‏ وليتبين عدوه من وليه‏,‏ وحزبه من حربه‏,‏ وليظهر ما كمن في نفس إبليس من الشر الذي انطوى عليه‏,‏ واتصف به‏,‏ فهذه حكم عظيمة‏,‏ يكفي بعضها في ذلك‏.‏
ثم لما كان قول الملائكة عليهم السلام‏,‏ فيه إشارة إلى فضلهم على الخليفة الذي يجعله الله في الأرض‏,‏ أراد الله تعالى‏,‏ أن يبين لهم من فضل آدم‏,‏ ما يعرفون به فضله‏,‏ وكمال حكمة الله وعلمه فـ{‏عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا‏}أي‏:‏ أسماء الأشياء‏,‏ وما هو مسمى بها، فعلمه الاسم والمسمى‏,‏ أي‏:‏ الألفاظ والمعاني‏,‏ حتى المكبر من الأسماء كالقصعة، والمصغر كالقصيعة‏.‏
‏{‏ثُمَّ عَرَضَهُمْ‏}أي‏:‏ عرض المسميات
{‏عَلَى الْمَلَائِكَةِ‏}‏ امتحانا لهم‏,‏ هل يعرفونها أم لا‏؟‏‏.‏
{‏فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ‏} في قولكم وظنكم‏,‏ أنكم أفضل من هذا الخليفة‏.‏
‏{‏قَالُوا سُبْحَانَكَ‏}أي‏:‏ ننزهك من الاعتراض منا عليك‏,‏ ومخالفة أمرك‏.
{‏لَا عِلْمَ لَنَا‏}بوجه من الوجوه
{‏إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا‏} إياه‏,‏ فضلا منك وجودا،
{‏إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ‏}العليم الذي أحاط علما بكل شيء‏,‏ فلا يغيب عنه ولا يعزب مثقال ذرة في السموات والأرض‏,‏ ولا أصغر من ذلك ولا أكبر‏.‏
الحكيم‏:‏ من له الحكمة التامة التي لا يخرج عنها مخلوق‏,‏ ولا يشذ عنها مأمور، فما خلق شيئًا إلا لحكمة‏:‏ ولا أمر بشيء إلا لحكمة، والحكمة‏:‏ وضع الشيء في موضعه اللائق به، فأقروا‏,‏ واعترفوا بعلم الله وحكمته‏,‏ وقصورهم عن معرفة أدنى شيء، واعترافهم بفضل الله عليهم‏;‏ وتعليمه إياهم ما لا يعلمون‏.‏
فحينئذ قال الله‏:‏{‏يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ‏}أي‏:‏ أسماء المسميات التي عرضها الله على الملائكة‏;‏ فعجزوا عنها،
{‏فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ‏} تبين للملائكة فضل آدم عليهم‏;‏ وحكمة الباري وعلمه في استخلاف هذا الخليفة،
{‏قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السموات وَالْأَرْضِ‏}وهو ما غاب عنا‏;‏ فلم نشاهده، فإذا كان عالما بالغيب‏;‏ فالشهادة من باب أولى،{‏وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ‏} أي‏:‏ تظهرون
{‏وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ‏}



ثم أمرهم تعالى بالسجود لآدم‏;‏ إكراما له وتعظيما‏;‏ وعبودية لله تعالى، فامتثلوا أمر الله‏;‏ وبادروا كلهم بالسجود،
{‏إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى‏}‏ امتنع عن السجود‏;‏ واستكبر عن أمر الله وعلى آدم، قال‏:‏ ‏
{‏أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا‏} وهذا الإباء منه والاستكبار‏;‏ نتيجة الكفر الذي هو منطو عليه‏;‏ فتبينت حينئذ عداوته لله ولآدم وكفره واستكباره‏.‏



وفي هذه الآيات من العبر والآيات‏;‏

إثبات الكلام لله تعالى‏;‏ وأنه لم يزل متكلما‏;‏ يقول ما شاء‏;‏ ويتكلم بما شاء‏;‏ وأنه عليم حكيم،
وفيه أن العبد إذا خفيت عليه حكمة الله في بعض المخلوقات والمأمورات فالوجب عليه‏;‏ التسليم‏;‏ واتهام عقله‏;‏ والإقرار لله بالحكمة،
وفيه اعتناء الله بشأن الملائكة‏;‏ وإحسانه بهم‏;‏ بتعليمهم ما جهلوا‏;‏ وتنبيههم على ما لم يعلموه‏.‏

وفيه فضيلة العلم من وجوه‏:‏
منها‏:‏ أن الله تعرف لملائكته‏;‏ بعلمه وحكمته ،
ومنها‏:‏ أن الله عرفهم فضل آدم بالعلم‏;‏ وأنه أفضل صفة تكون في العبد،
ومنها‏:‏ أن الله أمرهم بالسجود لآدم‏;‏ إكراما له‏;‏ لما بان فضل علمه،
ومنها‏:‏ أن الامتحان للغير‏;‏ إذا عجزوا عما امتحنوا به‏;‏ ثم عرفه صاحب الفضيلة‏;‏ فهو أكمل مما عرفه ابتداء،
ومنها‏:‏ الاعتبار بحال أبوي الإنس والجن‏;‏ وبيان فضل آدم‏;‏ وأفضال الله عليه‏;‏ وعداوة إبليس له‏;‏ إلى غير ذلك من العبر‏.‏





( تفسير السعدي )


وفقكنَّ الباري لكل خير




شاركي أخيتي معنا في حملة
( كل يوم آية )
للأخت الغالية ترانيم قلبي


http://forum.hawaaworld.com/showthread.php?t=2321373
24
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

يآقلبي آبتسم
يآقلبي آبتسم
جزاك الله خير .. موفقه
ღღ زهـــــرة الــبــيــت ღღ
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) (البقرة:34)

قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله تعالى :

استدل بعض العلماء بهذه الآية على كفر تارك الصلاة؛ قال: لأنه إذا كان إبليس كفر بترك سجدة واحدة أُمر بها، فكيف عن ترك الصلاة كاملة؟!
محتاره1
محتاره1
بارك الله فيك وسلمت يداك......
محد مثلي أنا
محد مثلي أنا
الله يجزاك الجنة حبيبتي ......... وبارك الله فيك وكل القائمات على حملة الخير
ماشاءالله عليكم ربي يحفظكم
سوسو عمة مشاري
جـــــــــــزاكـ الله ,,ونور لكـ طريقك ,,ولا حرمك اجر ما كتبتي