حكاية لص . . .

الأدب النبطي والفصيح

هذه ليست مجرد خواطر من دفاتري العتيقة انها اشبه بروايات مختصرة او قصص قصيرة, عاصرت احداثها وابطالها خلال سنوات عمري وكنت آنذاك مغرمة بتدوين مايعجبني من قصص اسمعها او اعاصرها وساكتب هذه المذكرات ليس لنشرها فقط بل لأخذ العبرة ....
الاختصار الاول , , , , ,
( اللص )
قد تعتقدون ان الاشرار ليس لهم ضمائر ولا احاسيس ومشاعر ,وهذه المعتقدات تزيدهم شراً وتبلداً, فهكذا أنا مع الاخرين ابدوا لهم بالصورة التي كونوها عني وهي انه لايعنيني شيء إلا أن اعيش بأي طريقة كانت, وعندما اخلد مع نفسي اعاني المرارة والحسرة واكثر ما يؤذي مشاعري اسمي (نبيل) انه غريب عني كغربة السجين المظلوم ,انه لا يمت لي بصلة وكل من عرفني سخر منه لانه لا يمثلني, فانا شخص فاسق مارق ذميم,طبعا انا لم اولد كهذا. فنحن لم نختار مصائرنا, ولكن الشيطان اختارني ونفسي الأمارة بالسوة اتخذت قرار بإتباع الشيطان وتنفيذ عدوانه,وكانت الظروف اقوى مشارك لهذا الظلم الذي اوقع عليّ .
فقد ولدت في قـن(بيت الدجاج)كان زئير الاسد يحكمه وتزدان جدرانه بالسوط والكرباج وانواع الخيزران, كان ابي جباراً طاغياً لايعرف إلا الصراخ والصوت العالي لتنفيذ أوامره , وله سمة بمسميين متناقضين. فقد كان ابي رجل ذو يد طويلة تنالنا وأمي بالضرب الشبه يومي لاتفه الاسباب, فهو صاحب مزاج عكر يعاقر الخمرة والمسكرات مما جعله ذو يد قصيرة لا تلبي احتياجاتنا اليومية ولا حتى الشهرية أو السنوية, فكانت امي تحنو علينا وتتوسل كل قريب لتلبي هذه الإحتياجات, فتعودت على الاخذ من اي شخص وافتقرت لعزة النفس وأعتدت على استجداء المحيطين لاحصل على ما اريد . وان لم استطع الحصول على ما اريد تسول لي نفسي على اقتنائه بأي طريقة كانت, وهكذا حصلت على اول مغلف حلوى من المتجرخلسة وكنت ابن ست سنوات ولم اكشف حين ذاك واعتبرت ان ذلك من اشكال الفهلوة والشطارة, وبهذه الطريقة وفرت على امي مصروفات الرفاهية الزائدة,
عندما دخلت المدرسة كنت اخرج آخر طالب من الصف لجمع كل بقايا الاقلام والمساطر وغيرها من مستلزمات الدراسة وهكذا توفر بند المصروفات المدرسية .
ذات يوم شاهدت قلم فاخر عند احد الطلبة وطبعا لم يكن من الممكن امتلاكه, ولكني قررت ان اقتنيه بطريقتي الخاصة وفي نهاية الدوام كنت سعيداً بما غنمت به من مستلزمات بما فيها القلم الفاخر . وفي الصباح التالي حضرت اتبختر بقلمي الجديد ولكن هيهات ان تكتمل الفرحة الطلبة عرفوا القلم وكانت فضيحتي الاولى الطالب بلغ المعلم ومع الاصرار بالبراءة شهد الجميع ضدي ونلت نصيبي من التوبيخ واللوم وطلب المعلم حضور والدي, وكانت هذه القشة التي قصمت ظهر البعير لم اعرف كيف اتصرف وكيف ساخبره ان عقاب المدرسة اهون علي من اخبار والدي ,فهو مفاهمته لا تتم إلا بالسوط والكرباج بعد يومين ومع الحاح المعلم اضطررت لاخبار والدتي, فخافت علي من سطوة والدي وهونت عليَ حيث كتبت للمعلم ورقة تفيد ان والدي مسافر ,وهكذا جمعت بين ماظننتهم المنقذين السرقة والكذب علمتني هذه الحادثة الكثير فمن لا يتعلم من الحياة سيضل كالحمار يحمل اسفاراً... وبعد ذلك مضت حياتي والطلبة يعرفون ان ما يضيع فهو عندي ولكنهم لم يهتموا فقد كان ذوهم يوفرون لهم البديل, ولأني خفيف الظل والروح ومضارب ومدافع من الدرجة الاولى كنت صديق الكل خاصة طبقة المرفهين حيث كنت ادخل مع خصومهم في مناورات حامية الوطيس وبعد كل فوز اغنم بمكافئة ما, وهكذا كونت لنفسي اسلوب معيشة خارجي حتى كبرت واصبحت في السابعة عشر طبعا لم انال قسطي من التعليم فكنت آخذ العام الدراسي بعامين أو ثلاث ولكني احتفظت بصداقاتي .
في هذه السن الحرجة انفصل والداي, فخربت العشة التى آوت طفولتنا وشهدت قسوة ايامنا وتفرق الشمل, ولم يعد احد يدري اين أنا واخوتي من اعاصير الزمن, وهكذا ازددت ضراوة وشقاوة فقد كنت اشعر بالمسؤولية تجاه اخوتي فأنا الاكبر وحاولت جاهداً أن اوفر لهم ما حرمتهم الحياة, وتوسعت مجالات تبريراتي فأنا مسؤول ولا احد سيسأل من أين لك هذا فوالدي اقتصد زيادة فلم يعد يسأل ظناً منه ان امي توفر لنا ما نريد ,وامي تلهت في حياتها تبحث عن حظ اوفر, فزاد إحترافي السرقة حتى عرفت بين الجميع بـ بلبل الخفة نسبة الى اسمي نبيل وخفة ايدي في اللطش والهبش.
في تلك الفترة اكتسبت من خبراتي ما هو اقسى وا عنف فوالدي يبعث بي لأصحاب السوء لاجلب له المخدرات ,وهو يستغفلني طبعا حيث يأمرني بان لا افتح الدواء ابداً فهو ليس له كان كل منا متاكد اننا نعرف الحقيقة, وهناك تعلمت الطريق الخفي للشيطان وبدأت موصل لكل اصدقاء السوء, وكنت اختلس كمية صغيرة كل مرة حتى اجمع كمية ابيعها لحسابي الخاص ووجدتها عملية مربحة, خصوصا ان زبائن الشيطان يكرموني بثمن التوصيلة نقدا او كمية ممنوعات, وتحولت مروجاً صغيراً ولصاً محترفاً .
وشاءت الاقدار ان اسطوا منزل فوقعت في المصيدة وسجنت وسجلت عليّ أول سابقة, بعد خروجي من السجن لم يردعني ماكنت اتعرض له من الجنود من قسوة وعدوان واعتداء بل ازددت وحشية وغلاظة وصلابة, فلم يعد يرهبني السجن انه اشبه بفترة النقاهة لأوضاعي المزرية, وهكذا اصبحت اسطوا على منازل جميع من ادخل بيتهم فاختار سلعتي واعود لاخذها ومن ثم بيعها واعيش الرفاهية حتى ينتهي المبلغ فأعاود الكرة من جديد.
عشت سنوات على وضعي هذا حتى التقيتها... كانت الضربة القاضية بالنسبة لحياتي وطيشي الذي احيا,وقعت اسير عينيها وحدثت نفسي :هذا هو الكائن الذي خلق من ضلعي وساسعى لنيله مهما كلفني من عمري الباقي, لقد بدأت احسب عمري من هذه اللحظة, وبدأت الحياة تتلون بلون وردي ان الدنيا في نظري مجموعة زاهية من الوان قوس قزح, وهكذا تعرفت اليها...هي شابة جامعية طموحة مستواها الاجتماعي متوسط, لذا تحلم ان تبدأ حياتها من النصف ليس لديها استعداد ان تبدأ من الصفر, والحياة متطلباتها كثيرة وهي ليس مصلحة اجتماعية, فلم تكذب وتدعي التضحية انها تريد ان تعيش وتواكب المجتمع الذي فيه لا ان تبدأ من جديد, استعدت شريط حياتي فلم اجد ما يشرف كيف لي ان افرمت ماضييّ المشين وابدأ معها من جديد , ذاك المساء بقيت ابكي واندب حظي العاثر حتى الفجر ومع صوت الاذان لأول مرة اشعر بعمق الايمان ,فهببت واغتسلت وذهبت للمسجد كانت تلك أول مرة من عشر سنوات او اكثر اصلي مع الجماعة ,جلست اقرأ في كتاب الله شعرت بعدها ان شيء ما غسلني من الداخل , خرجت وقد قررت ان احيا حياة نظيفة بحثت عن وظيفة وابتعدت عن اصدقائي, لانسى ماضييّ ,ولكن مؤهلاتي العلمية لن تؤمن لي وظيفة محترمة, فلم اجد غير وظيفة(( حارس أمن ,,, يال سخرية القدر . . . في الوظيفة كثير ما التقي اصدقائي فيسخرون مني(بلبل الخفة)حاميها حراميها كنت اشعر بالغصة ولم اجاوب لاني مصمم على التغير , وعاندتني الظروف فاسلوب حياتي القديم اثر على طريقة دوامي وفصلت, واضطررت ان اتدبر اموري بالسرقة حتى تتحسن الاحوال واجد وظيفة, وكنت اعزي نفسي باني لن ارتكب الجنح مرة اخرة وستكون هذه الاخيرة ,ولكن مع صدمات ولطمات الزمن اضطر للسرقة وتوصيل المخدرات من جديد ,واصبح السجن ملاذي الآمن من خطر الحياة خارج اسواره, كنت احدثها بالساعات, وكم من بطاقات الشحن اسرقها لأهاتفها بالجوال, عندما اسجن كنت اعلل غيابي بالسفر للبحث عن العمل وكانت تشجعني .
شهور طويلة مضت وانا ابحث عن البداية.. ولم يحالفني الحظ في اي بند من بنود الحياة, اصبحت اكره الحياة,فرحلة الماضي البئيسة ترافقني كظلي وقرين السوء يطاردني اينما حللت.
اليوم وبعد مرور سنتين على علاقتنا هي طبعا لاتعرف حقيقتي ما زالت تأمل ان اتقدم اليها ,وانا امنيها بالوعود وبجمع المال والمهر الذي سأقدمه,ولكني حتى هذه اللحظة لم اجد وظيفة او حتى مال انفقه على نفسي,
انني اعيش يومي كيفما تقرر الاقدار . . .
وسوف اخرج الان اتدبر امر بطاقة شحن ووجبة طعام .
6
890

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

سيدةحب
سيدةحب
يعطيك ربي ألف العافيه ياعسل
أخت رنو
أخت رنو
يوفقك ربي على الحكااااااااية
الصالحات
الصالحات
يوفقك ربي على الحكااااااااية
يوفقك ربي على الحكااااااااية
ماقصرتي حبيبتي ,,شكرا على القصه
بحور 217
بحور 217
قصة جميلة للغاية

لأهل الشر أيضا قلوب وقد يكون فيها خير مطمور

وقد يرزقهم الله يوما بمن ينفض عن قلوبهم غبارها أو يزيل عنها صخورها

وربما ينفضونه بأنفسهم في يوم ثائرعلى النفس ثورة حقيقية صادقة
iam-here
iam-here
البحث عن بداية قادمة يحتاج إلى من يرسم بإرادة صادقة جادة خط نهاية لحالة سابقة
قصة متقنة تحاكي الواقع ويبدو فيها جليا ضياع من لامبدأ يستند عليه في رحلة الحياة

بوركت روائع الحياة