قصة مبكية

الملتقى العام

قصه مبكيه
قصة ابكتني..لم أقرأ مثلها في حياتي
احببت ان انقل لكم هذه القصة التي ابكتني .. هذه اقوى قصة مرت علي من حيث التأثير ارجوا ان تكملوا قراءتها
تقول صاحبة القصة :
لقد كان نهاري ضائع مابين غناء فاحش واستهتار كبير وتسكع في الشوارع والأسواق فالرقيب داخل نفسي مختفي ، أما ليلي فينقضي في سهرات تافهة ، ومناظر سافلة أمام القنوات الفضائية ، ورنين الهاتف وسماعته كانت غذاء لروحي الهزيلة بضعف الإيمان ، الدنيا من حولي أضواء وصخب ومصابيح ولكنها كلها زائفة ، لأنني كنت أشعر بالظلام يحاصرني ودياجير التيه والضياع والنصب تحيط بي من كل جانب ، تتقاذفني الأمواج من كل حدب وصوب ، وأنا صريعة أغرق في كل يوم ، بل في كل ساعة حتى النهاية أتأرجح برغم سعادتي الزائفة ، حياة لا معنى لها سوى الضياع والغفلة والنسيان بكل ماحملت هذه الكلمة من معنى ، اهتماماتي كانت دنيئة جداً إلى حد الخسة ومع ذلك كله كنت عنيدة المراس بل متغطرسة ، مكابرة ، فقد غطت الغفلة قلبي ، كنت لا أقبل نصح الناصحين لي ، ولا ألتفت لدعوة الداعين لي ، حتى أشفق علي والدي من سوء حالي ، وبت معروفة بسوء تصرفاتي وخلقي .
لا أنسى كلمات أبي - والذي كان مشغولاً بشركاته وعقاراته وأمواله والتي أخذت جل وقته - عندما أخذ يوبخني ويصفني بالعقوق وقلة الحياء و الأدب ، وقال من سيفكر بالزواج من فتاة سيئة مثلك .. لقد جلبت لي العار ، لو لم يكن حرام لقتلتك ، ومع هذا كله كنت لا أبالي ، أما والدتي المسكينة فقد ملت وسئمت من كثرة توجيهاتها لي ، بل لم تترك سبيلاً في تقويم اعوجاج نفسي إلا وسلكته ، فمرة باللين ومرة بالتهديد وكنت في كل مرة أزداد شراسة وعناداً حتى دمعات أمي الغالية لم تشفع عند نفسي المتجبرة ، زاد الأمر سواءاً بعدما انتهيت من المرحلة الثانوية وتخرجت بنسبة ضئيلة جداً بعد رسوب دام عدة سنوات ، فلم تؤهلني تلك النسبة للالتحاق بأي كلية أو جامعة ، فمكثت في المنزل وكان خبر مكوثي في المنزل كالصاعقة لوالدي ، فمعنى ذلك أن الفراغ في حياتي سيزداد ، وسأزداد تبعاً لذلك سوءاً ، وهذا ماحصل بالفعل .
عكفت في أثناء إجازتي المفتوحة على مالا تحمد عقباه أغاني ماجنة ، موسيقى غربية ، أفلام مقززة ، مجلات خليعة ، روايات هابطة ، حتى تخيلت نفسي من أرباب هذا العفن الفني ، بل تخيلت نفسي أنني راقصة أو مغنية مشهورة لا يشق لها غبار ، وتناسيت الحكمة التي لأجلها خلقنا الله في هذه الدنيا .
هكذا هو حالي في المنزل وفي خارجه مقابلة من أشاء .. لهو ، عبث ، زيارات لصديقات يفقنني سوءاً ، استهتار وغفلة ، ولكن الله تعالى دائماً في مواكبة عباده ولا تغفل عينه مهما بلغ الإنسان عنان العتو والكبرياء والضلال ( والله يهدي من يشاء ) .
ذات يوم وبينما أنا كعادتي في غرفتي أستمع لمزامير الشيطان وأترنح طرباً تارة وأنا واقفة ، وتارة وأنا مستلقية ، أو راقصة ، أردد أطراف الغناء مع المطرب وقد سلب لبي ، بينما أنا كذلك إذ بأختي الصغيرة ذات الأعوام السبعة تدخل علي غرفتي وتجلس وتنظر لشكلي المضحك ولحركاتي البهلوانية ، وقد اعترتها الدهشة ، بل والضحك .. فما كان مني إلا أن أغلقت المسجل وصرخت في وجهها : ماذا تريدين ؟
فقالت : مها الصغيرة بكل خوف وتلعثم - فهي تعرف مدى بطشي - أريد .. أريد أن أجلس معك .. إني خائفة .. حدثيني بقصة .. فليس في البيت أحد سوانا والخادمة هيا معي لنخرج للحديقة فإني أحس بالكآبة والحزن ..
ازددت حنقاً وغيظاً ، وقلت لها بصوت دوى في الأرجاء بعد أن فتحت باب غرفتي : اغربي عن وجهي .. هل ضاق بك المنزل إلا في غرفتي .. اذهبي إلى الخادمة والعبي معها لا أريد أحداً عندي هل تفهمين !!
استسلمت الصغيرة لأوامري المتعجرفة .. وانسحبت باكية .. وما زلت أصرخ كالمجنونة ( العبي بعيداً ولا تأتي مرة أخرى إلى هنا هل تسمعين ؟!! ) .
لقد كدر صفو حياتي قرار أبي الأخير بمنعي من الخروج إلى صديقاتي .. مازالت تهديداته يتردد صداها في مسامعي .. أوه معقدين .. ظلمة ..
عدت إلى عفني وأشرطتي .. واستكملت الغناء والمرح والطرب !!
ولكن
ولكن شعور غريب يخالجني .. فراغ كبير أحس به في داخل نفسي ، نظرت إلى ساعة الغرفة ، إنها الخامسة مساء ، الوقت مناسباً لسماعتي الحبيبة و مغامراتي الحلوة .. مع فلان و علان .. إنني أريد التسلية فقط فالحياة هكذا لا تطاق ، فكرت في تأجيل هذه المغامرات إلى منتصف الليل ، فهو أنسب الأوقات بالنسبة لي ، وحتى لا يفتضح أمري . الجمود يكتنف كل شيء ، ولكن ذلك الشعور بدأ يزداد في نفسي ، أحسست بالاختناق ورغبة شديدة في البكاء و الصراخ أغلقت المسجل فبدت الغرفة هادئة نوعاً ما ، استلقيت على السرير أفكر في أشياء بائسة أو مضحكة أحياناً ، حدثت نفسي لماذا لا أخرج إلىحديقة المنزل لعل في ذلك ترويحاً عن نفسي الملبّدة بسوء الطوية و التصرفات ، وبالفعل خرجت وكان الجو لطيفاً ولكنه يبدو كئيباً ، وبدا منظر الأزهار اليوم يحتضر حتى العصافير الصغيرة كانت تشدو حول الحديقة بلحن حزين وكأن شيئاً من ذلك الاكتئاب والحزن تسلل إلى قلبي ولكن لا أدري لماذا ؟ تسارعت خطواتي أكثر وأنا أتجول في حديقة المنزل وأردد :
أبكي وأضحك والحالات واحدة
أطوي عليها فؤاداً شقه الألم
إن رأيت دموعي وهي ضاحكة
فالدمع من زحمة الآلام يبتسم
ومع اقترابي من المسبح بدا المنظر مرعباً والصاعقة كان وقعها على نفسي كبيراً ، اقتربت أكثر لأنظر .. لأتأكد .. فما راعني إلا هول المصيبة وعظم الفاجعة .. إنها
إنها أختي الصغيرة البريئة مغمورة في مياه المسبح الضخم ، لقد غرقت فيه فهي لاتعرف السباحة مثلنا ، أصبحت في حيرة من أمري .. سرت رعشة في جسدي المتعب الكئيب وبدأت أصرخ كالمجنونة وأنادي مها .. مها ولكنها لا تجيب .. أتت الخادمة مسرعة مرعوبة من الصراخ والعويل .. فقد كانت في سباتها ونومها العميق .. شيبه بنومي وغفلتي ولكن من نوع آخر ، انتشلتها من المسبح وبيرعة .. أخذت أحركها .. أهزها .. أقلبها لعلها تتحرك ، لعلها تتنفس .. أتحسس نبضات قلبها الصغير ولكنه لاينبض ..مازالت بعينيك يامها دمعة من تلك الدموع البريئة التي سالت منذ ساعة ، إثر صراخي في وجهك ..وعلى ملامحك الهادئة مسحة من عتاب رقيق لي تعاتبينني .. حملتها بين ذراعي إلى داخل المنزل وفي تلك الأثناء هتفت الخادمة والدي فأتيا مسرعين وأخذاها إلى المستشفى . بينما كنت أمشي على غير هدى وأتخبط وأتعثر ، أرى في صورتها وهيئتها صورة لغفلة كانت من حياتي قد تودي بحياة طفلة بريئة .. كنت أبكي وأدعوا الله أن تعود أخيتي للحياة معافاة ولا أريد من متاع الدنيا شيئاً ، فالدنيا أمامي الآن من أحقر شيء ..تذكرت أيامي السالفة الضائعة .. مر في مخيلتي شريط حياتي البائس في ظل الشيطان وحزبه .. جلست بجانب سماعة الهاتف .. أنتظر وبفارغ الصبر.. قرار الطبيب في حالة أختي .. كانت نبضات قلبي تدق وبسرعة .. أخذت ألوم نفسي وأوبخها .. ليتني أذنت لها بالبقاء معي في غرفتي .. ليتني استمعت إلى ماتريد .. ليتني لم أنتهرها .. يا ترى أو كانت تريد أن تودعني الوداع الأخير .. لا .. لا .. ستعود مها نعم ستعود ..كم سأطير فرحاً إذا رأيتها .. سأضمها إلى صدري .. سأقبلها ..سأشتري لها لعباً .. حلوى .. كل ما تريد ولكن عودي إلي أيتها الحبيبة مها ..
يقطع حبل أفكارها جرس الهاتف وهو يرن .. رفعته وبسرعة جنونية .. ومن هناك من المستشفى

عزاءكم جميعاً في تلك الطفلة البريئة .. لقد تسرب الماء إلى جوفها بكثرة نتيجة مكوثها أكثر من ساعة تحته ..!!
مع تسلل هذه العبارات إلى أذني ووصولها مباشرة إلى قلبي لم أشعر بما حولي فقد سقطت مغمياً علي .. لقد دوت صرخات قوية مجلجلة في داخل نفسي المشتتة ، لا أدري بعدها مالذي حصل .. وماذا جرى ؟!! شيء واحد أدركته ( بإن كل نفس ذائقة الموت ) .
بعدها أفقت من إغماءتي وقبل ذلك أفقت من غفلتي وسباتي الذي كنت أعيشه مدة طويلة ..الكل اجتمع حولي .. والباكون حولي كثير .. سمعت أبي يقول :
لقد تركناها في المنزل بصحبة هذه .. فأكملت أنا بدلاً عنه : هذه الضائعة الغافلة التافهة .. عدت إلى غرفتي وقد أنهكني الهم والتعب والحزن .. عدت إلى وحدتي أبكي أختي ..وأندب تخاذلي وأصرخ من ضياعي .. أنادي : بالله عليكم لا تجمعوا علي بين عذاب القوم .. ومرارة اللوم .. ارحموني فإني ضائعة ..
إني أرى خيالك يا مها يداعب جفوني .. أرى صورتك أمامي عندما تعودين من المدرسة منهكة حزينة .. تركضين إلى غرفتي فتقبلينني .. أرى خيالك وأنت تفتحين حقيبتك لتستذكري دروسك فأسمع صوتك الطفولي العذب يردد ذلك النشيد المعتاد :
أمي أمي ما أحلاها ........ هي في قلبي لا أنساها
فتلتفتين إلي وتنادينني ماما ! .. أتخيل صورتك يا صغيرتي الحبيبة تقفين عند ألعابك تصاحبك براءتك ونظراتك الجميلة ..
وصوت ضحكاتك العذب في كل زاوية يجعلني أفكر في كل شيء ..مرحك .. دعابتك .. كم مرة انتهرتك .. كم مرة قسوت عليك ، بل كم مرة امتدت يدي لتضرب ذلك الجسد الغض .. و بدون سبب .. كنت تبكين ثم تبكين لحرقة الألم بينما أنا أضحك سعيدة .. وبعد قليل تنسين قسوتي عليك وتأتين لتحدثيني وكأن شيئاً لم يكن ، إنها براءة الطفولة التي لا تعرف الحقد أو الغل .. رحلت يا مها .زورحل معك ماضي البائس . أوه كم هي رخيصة حياة العبث والهوى والمجون .
رأيت أمي أمامي باكية .. فقلت لها : لماذا تبكين أيتها الأم الحزينة ؟ أتبكين رحيل أبنتك البريئة الحبيبة ؟! أم تبكين وترثين حال أبنتك الضائعة المكلومة – وليس لك من البنات سوانا – كفكفي دمعاتك يا أمي ففي جنبي لوعة لو أخرجتها لفجرت ما أمامي من ضياع .. كفكفي دمعاتك فحوادث الأيام وصروف الدهر وغيابات الزمن تقسو أحياناً ، وتضيق بأهلها أحياناً ، ولكن في نهايتها بشارة وغنيمة فقد أفقت – ولله الحمد – من غفلتي الطويلة بعدما رأيت الموت بعيني .. لقد أشرق قلبي بنور الإيمان بعد حياة الضياع و الضلال . بعدها تحاملت على نفسي المنهكة وأخذت ما كان من عفن في غرفتي وعلى مرأى من الجميع قذفت به بعيداً إلى غير رجعة بإذن الله ، وتحاملت على نفسي مرة أخرى وذهبت وتوضأت .ز ثم كبرت مصلية لله ، وعندما شرعت في الصلاة بكيت كثيراً ، بكيت لأيام سالفة من حياتي .. وبكيت أكثر عندما تذكرت أختي الحبيبة ، فدعوت الله أن تكون فرطنا إلى الجنة ..
6
809

هذا الموضوع مغلق.

عطاء
عطاء
ياالله ماأرحمك!!

وماأعظمك!!

وماأعظم حلمك على عبادك00تلطف بهم00يذنبون 00ويعصون وترسل إليهم

النذر00نذر الحوادث المبكيات التي تنفض عن بعض القلوب الصدأة غبار

الغفلة0000

اللهم إنا نعوذ بك من الغفلة000


شكرا لك همسات القلوب على هذا النقل الموفق0000ذكرتنا ذكرك الله

بالشهادة
سنوكة حنين
سنوكة حنين
غالتي شكرا على هذه النقل الموفق
الذي يحمل العظة والعبرة والفائدة

تعبت من القراءة لأن الأسطر متقاربة
لكنني استفدت كثيرا
والغالي يرخصلك يا همسات

ننتظر جديدك

تقبلي تقديري واحترامي
همسات القلوب
همسات القلوب
مشكوررررررررين على الرد وانشاء الله مرة ثانية احاول ابعد السطور عن بعضها
بائعة الورود
بائعة الورود
بارك الله فيك وجزاك الجنة..وحفظك من كل مكروه أخيتي..

تحياتي لك وللجميع..لا تنسونا من صالح الدعاء..

وفقكم الله وحفظكم من كل مكروه أخواتي العزيزات..

دمتم..دعواتكم..أختكم في الله..
um Abdul-Aziz
um Abdul-Aziz
أختي همسات القلوب لم أكمل القصة إلا والدموع بعيني حقاً إنها قصة مؤثرة
الحمد لله أن بطلة القصة إستيقظت من سباتها
مشكورة على قصتك المؤثرة الوعظية