مطوع حارتنا غييييير!!!!

"مطوع" حارتنا غير!
بعد صلاة العشاء في مسجد حارتنا استأذن أحد المصلين من الصالحين، الإمام وأخذ الـ (ميكروفون) وخاطب الشباب عن الفراغ والسهر اللذين يحاصرانهم في إجازة الصيف، محللا كيف أن جل الوقت يمضي بصحبة الأجهزة الإلكترونية عبر التعامل مع تطبيقات ومراسلات الهواتف الجوالة وتصفح النت وما يحتويه من ألعاب وبرامج ومزايا، واقترح عليهم استثمار تقنية الجوالات عبر تفعيل خاصية ساعة التنبيه في هذه الأجهزة لتعطي تنبيها في كل ساعة وعند سماع هذا التنبيه يقوم الشباب بذكر الله تعالى حتى لا تذهب ساعات يومهم كلها بدون ذكر الله تعالى، ثم طلب منهم أن يصلوا ركعة واحدة فقط في الليل حتى لا يكونوا بعيدين عن ربهم في ساعات فضيلة في كل ليلة، ثم توسل إليهم القبول بعرضه وتطبيقه وخوض تجربة تحد مع الذات، وسوف يشعرون بفارق يصب في خانة الرضا يوم أن ينتصروا على ذواتهم ويستثمروا جزءا من وقتهم في جانب مهم يعود عليهم بالنفع في الدنيا والآخرة.
جاري (أبو سعد) غير المصنف ـ طبعا ـ على أنه من الشباب (!) قال لي بعد عدة أيام من حديث ذلك الرجل الصالح إنه أخذ بالنصيحة الموجهة للشباب، رغم أنه ليس منهم، وطبقها على نفسه، بحيث أصبح هاتف الجوال يذكره في كل ساعة برنة تنبيه على إثر سماعها يذكر الله ويستغفره ويسبح باسمه. وقال إن ذلك لا يأخذ من وقته سوى عدة ثوان، وإنه بات يصلي قيام الليل عبر ركعة واحدة (وتر)، ولكنه وجد نفسه مع الأيام يصلي ما تيسر له مع الشفع والوتر..
الشاهد من هذه القصة أن (أبو سعد) يقول: "الله يفتح على هذا (المطوع) ويجزيه عنا ألف خير، ففي عشر دقائق أفادني بنصحه وأفكاره ما سينفعني عند ربي، بينما لي سنوات أحضر خطب الجمعة ولم أسمع شيئا عمليا يفيدني ويفيد الشباب بعيدا عن التنظير والسرد الممل، فمعظم الخطب تصرخ بالقضايا السياسية والحروب والصراعات والمؤامرات، أو أنها تتحدث عن واقع تاريخي مكرور يصعب تحقيقه في مرحلتنا، أو أنها خطب مضمونها لا يحاكي ولا يراعي الواقع الذي نعيشه، ولهذا عندما كان حديث هذا الرجل الصالح للشباب له علاقة بواقعهم المرتبط بألعابهم والتقنية التي يستخدمونها لاقى قبولا ليس عند الشباب فقط، بل عند (الشياب) أيضا".. وهي نصيحة تستحق التجريب والعمل بها بلا تردد وفق حديث جاري (أبو سعد)، وأنا بدوري أتمنى من خطباء الجمعة القرب من الشباب ومن الواقع الذي يعيشونه، وألا تطغى على خطبهم سطور منقولة من خطب وأقوال وقصص كتبت وقيلت في زمن غير زماننا، وهي ليست قرآنا ولا حديثا نبويا لنظن أنها صالحة لكل زمان ومكان.
طارق إبراهيم (جريدة الوطن)