عواصف الحياة ..وأمواجها ..وقطارها..

الأدب النبطي والفصيح

في مواسم العمر وعلى جنبات قطار الحياة تتلاعب بنا عواصف لتحرك أغصاننا

وترمينا أمواج لنجد أنفسنا بين حبات الرمل

فمن الأغصان ما يصمد ومنها ما يتمايل يمنة ويسرى ومنها ما ينكسر ويسقط

تهدأ عواصفنا تارة وتهيج تارة أخرى لتختبر صمود الصامدين الثابتين لتحاول ضمهم لمن تكسرت أغصانهم وتساقطت أوراقهم حتى تعروا وصاروا فرجة للمارين على دروب الحياة

فنصمد أيضا كي لا تشمت بنا الغصون المنكسرة وكذا المارين على دروب الحياة

وحتى لا نكون حزمة حطب صارت وقودا لنيران مستعرة تتدفأ بها بعض المشاعر الحاقدة








تهدأ عواصف الحياة حينا لتترك الدور المتبقي لأمواج الحياة

فتداعبنا مسلية لنا فنشتم عبق بحرها فنأنس وتنشرح النفس ونتفاءل ونقول لقد زال زمن العواصف العاتية التي حاولت عبثا كسر أغصاننا لتجردنا من أوراقنا البهية النضرة وتشمت بنا أعدائنا

ها هي الأمواج الهادئة الحانية تحضننا تمنينا لنسكن إليها ونطمئن

اقتربنا منها واقتربت منا كعزيز يسارع لمعانقة عزيز عاد من سفر بعيد

جلسنا سويا نتبادل الحديث وتكلمنا عن مشوار الحياة وما فعلته بنا العواصف العاتية التي كانت تعترضنا أثناء كل مشوار من مشاوير الحياة فقلنا للأمواج عسى أن لا تفعلي ما فعلت صاحبتك المرافقة لك

اهتزت بسخرية قائلة : كلا بل سأدغدغ مشاعركم

جلسنا نتأمل بحر الحياة ونحن في مأمن

شرد ذهننا في هموم هذا البحر الذي لا ساحل له فغصنا في التفكير وما يخبأه لنا هذا البحر من مسرات ومنغصات

استرسلنا في التفكير والتصور

فجأة تلعب الأمواج لعبة الاختفاء لتصفعنا تارة على القفا وتارة أخرى على الوجه لنصاب بالدوار بعدها بالإغماء






سقطنا مغشيا علينا من هول المصاب وما كنا نضن أن الأمواج تغدر بنا بعدما شعرنا بالأمن معها

تصفعنا مرة أخرى لنستفيق من هولنا استحيت الأمواج وولت للخلف هاربة اشتد وجهها زرقة

وقلنا لها أو تستحي وأنت تخبئين في جوفك مواجع وفواجع وحكايات وأسرار لمن مروا عبر بوابة الزمن وكم ابتعلت في جوفك من أناس وأجناس؟

لا نلومك بل نلوم أنفسنا حين ضيعنا أنفسنا فيك وبينك ونسينا وتناسينا أن الموج يستحيل أن يهدأ

خرجنا من على شاطئ هذا الموج ونحن مبللين بماء الهموم والمتاعب

زادت حبات الرمل من تعبنا حين غاصت أقدامنا المبللة فيها استعجلنا رؤية شاطئ الآمان كنا نلمحه من بعيد كطيف يترائي ثم يتلاشى

أسرعنا الخطى المثقلة أصبنا بظمأ جفت له حلوقنا كنا نبحث عن قطرة ماء وسط كومة من الرمال



تناسينا الظمأ وواصلنا المسير علنا ننجو بجلدنا قبل ما يعترضنا عارض آخر

وبأعجوبة وجدنا أنفسنا على ساحل البحر ودعنا العاصفة والموج متجهين صوب طريق آخر لا نعرفه ولا نعرف ما يخبأه لنا مشينا ومشينا حتى وجدنا أنفسنا في محطة أمامها جمع غفير من الناس كلهم ينتظرون وصول قطار الحياة




استرحنا على كرسي المحطة لنستجمع قوانا ونواصل المسير حيث هدفنا المنشود

غفونا قليلا حتى ذبلت أطرافنا وكأننا دمى تتلاعب بها الأيادي

بعدها استفقنا على صفير قوي لقطار الحياة معلنا قدومه نحو المحطة

أسرع القوم ليحصل كل على مقعد في قطار الحياة






ركبنا كما ركب القوم وكل يتطلع لوجه الآخر صرنا نقرأ الوجوه فوجدنا وجوه بشر لكن ملامحها ملامح لفصول أربع منها ملامح للخريف وأخرى للشتاء وأخرى للربيع وأخرى لصيف

فصرنا نقيس الفصول على وجوهنا فما وجدنا لوجوهنا فصل

قلنا لا علينا فالأيام ستكشف لنا عن أي فصل تتسم به وجوهنا

حين تهدأ عواصفنا وأمواجنا المتلاطمة وحين يصل قطار الحياة لمحطة الوصول

فلا داعي لننقب عما يخفيه الغد لنا






رغم ما لاقينا ونلاقي من عثرات على درب الحياة فلنتفاءل ولنستبشر بالغد خيرا فلا نعاتب الرياح ولا الأمواج ولا الفصول ولا ننزعج من
صفير القطار بل نواصل المسير حتى نلج دارنا المنتظرة والتي ستكون حسب مقاسنا وأعمالنا

بقلم أم حازم الجزائرية
مغرب يوم السبت 22-04-1433هـ
الموافق لـ :17-03-2012مـ



12
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

قلم مبدعه
قلم مبدعه
مااجمل ماتكتبين ....
شكرا لك على تلك الكلمات الجميله .
أم حازم الجزائرية
مااجمل ماتكتبين .... شكرا لك على تلك الكلمات الجميله .
مااجمل ماتكتبين .... شكرا لك على تلك الكلمات الجميله .
العفو عزيزتي بل أنا من أشكرك على وقفتك الجميلة
أعذب وأرق تحية لك
روح الفن
روح الفن



بسم الله الرحمن الرحيم


رحلة تصويريّة شيّقة رغم أنها شاقة .. ..

وقلم غاص بعمق وتأني،وحلق بتأمل وتمعّن

أم حازم شكرا على هذه الوقفات الفــارهة



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربا بنت خالد
ربا بنت خالد


..
أم حازم الجزائرية
بارك الله فيك هذا العطاء الرائع ..
وحفظ الله قلمك الرائع ..
أم حازم الجزائرية
بسم الله الرحمن الرحيم رحلة تصويريّة شيّقة رغم أنها شاقة .. .. وقلم غاص بعمق وتأني،وحلق بتأمل وتمعّن أم حازم شكرا على هذه الوقفات الفــارهة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم رحلة تصويريّة شيّقة رغم أنها شاقة .. .. وقلم غاص بعمق وتأني،وحلق بتأمل...
نعم إنها شاقة ورب الكون
لكن نسأله تعالى أن يهونها علينا في الدار الخالدة وأن يرضى عنا ويبلغنا جنات النعيم
غاليتي بارك الله فيك على وقفتك الجميلة هنا
اسعدك الله وبارك في مسعاك