هدية مختلفة تماما

الملتقى العام

هدية جدتي
(قصة واقعية للفتيات)

(بقلم:سهام خالد العامر)
احداث القصة 2007م

وقفت امام المرآة اتحدث معها:ما رأيك في هندامي اليوم لزيارة جدتي؟ تنهدت بقوة وأكملت:الله يعينني...منذ شهور لم ازر جدتي بعد الموقف الذي حدث امام عمتي.

خرجت الى صالة المعيشة وأمي تنتظرني،فقلت لها:ما رأيك في ثيابي؟لا اريد مشاجرة اخرى مع جدتي على نفس الموضوع لولا مرضها وتعبها لا أفكر...
قطعت امي جملتي وقالت:أماني...مهما حدث فيما بينك وبين جدتك لا تكون ردة فعلك في عدم زيارتها.صلة الرحم عبادة لا تتأرجح على هوى نفسك أفهمتي؟فقلت على مضض:ولكن جدتي لا تدرك ما تقوله او تفعله.
فقالت امي بعد ان وضعت العباءة على رأسها:لاتدرك!؟ بل هي على صواب عندما ترى لبسك ومكياجك!فكما تعلمين جدتك جامعية ومثقفة.
ركبت السيارة مع امي وأحدث نفسي:الله يعينك يا اماني على زيارة جدتك.

دخلت بيتها وهاهي تتمعن النظر في ثيابي،صافحتها فضغطت على يدي بقوة ، خفت ان توبخني على ثيابي ، فقالت:اين انت يا اماني منذ شهور لم ارك؟! ابتسمت ابتسامة حياء فجلست بقربها..اخذت تتمعن النظر في وجهي ولتوها تريد ان تتحدث،رن هلتفي فكبست زر الإستقبال هربًا من سماع ما ستقوله.وإذ بالطرف الأخر صديقتي قلت:yes,i just came now,i think no, ok see you bye.
أرى نظرات جدتي الغاضبة نحوي تعلن عن حرب ستدار بعد قليل وأنا طرف فيها لا محالة، وأمي تشير بيدها نحوي بأن انهي المكالمة. فقالت جدتي بعد ان اقفلت الخط بغضب:ثيابك وسكت عنها والآن تأتين بشيء جديد تتحدثين اللغة الإنجليزية،لما انت مختلفة عن بنات اعمامك ؟ قلت لها:جدتي..جيلكم غير جيلنا،جيل اليوم جيل التطور والإنفتاح،جيل التكنولوجيا..كما انا لي شخصيتي وكياني..ما لي ببنات أعمامي قالت بإعتراض قولي جيل التقليد الأعمى،جرفكم شيءٌ اسمه التطور وكأن تاريخنا وديننا خالٍ من التطور والإنفتاح،نسيتم أصالتنا وقيمنا التي نادت بها حضارتنا العريقة،ما الذي ستتركون لأبنائكم حضارتنا ام حظارتهم؟أظن لاشيء،لا هوية ولا قيم،أدرتم رأسنا بإسم العولمة والتطور،وأنتم بعيدين عن ذل بل قولوا قلدنا لأنكم لم تضيفوا شيئًا على التطور. غضبت على حديثها وأخذت حقيبتي وقلت لأمي:أنتظرك في السيارة. صاحتا جدتي وامي تناديا علي،لم أعرهما اهتمامًا ادرت ظهري وخرجت ، جلست في السيارة لحين ما خرجت امي فقالت لي وهي غاضبة:ما الذي صنعتيه؟؟؟!! ألا تتحلين بالهدوء؟ قلت وهي ألا تتحلى بالحكمة كلما أزورها وهي تعيد على اذني نفس الموال؟هذا ليس بثوبنا،لاتتحدثي الإنجليزية،لا تضعي المكياج.تريدني أن أرجع لزمنهم في لبسهم وعاداتهم وتقاليدهم ]؟
رجعت البيت وانا متعبة من الموقف الذي دار بيني وبين جدتي،حاولت لن انسى ، ولكن هم الموقف كبلني بالحزن.أخذت الهاتف وحدثت صديقتي فقالت:دعيها..دائما كبار السن يرون الحياة من زاوية اخرى،والأن اخبريني ما موضوع بحثك الذي ستعرضينه بمحاضرة د.وفاء؟ فقلت لها: الآن انا متعبة وتفكيري مضطرب من احداث اليوم!! سأخبرك لاحقا.


و مرت الأيام وذات يوم كنت جالسة مع صديقتي في الجامعة،رن الهاتف وإذ أرى الكلمات تظهر على الشاشة "بيت جدتي"شهقت وقلت:جدتي..ماذا تريد؟؟ ضغطت بسرعة على زر كاتم الرنين لأنني لا أريد التحدث معها.أخذت تعاود الإتصال لأربع مرات على التوالي ولكن لم ارد على اتصالاتها ، وبعد قليل اتصلت امي ، استقبلت اتصالها. فقالت جدتك تبحث عنك ،تريد أن تزوريها.قلت دون تردد:أزورها وهل تريد مشاجرة أخرى.لا لن أزورها ولا أريد نصحها وإرشادها.وليس ما تقوله صحيحا لأنني مقتنعة بنفسي تمامًا mom,thanks for calling أقفلت السماعة..ضحكت بقوة فقلت:أزورها لكي اسمع محاضرة عن القيم والأصالة.
مر أسبوع وكل يوم يتقبل هاتفي اتصال من جدتي، ولكني كنت مصرة على رأيي.لا أرد عليها .واتفقت مع الخادمة كلما اتصلت على هاتف البيت تخبرها بجملة واحدة "إنني نائمة".
وذات يوم وأنا في محاظرة تلقيت رسالة من والدتي تخبرني بأن جدتي في الستشفى، ارتبكت و فوجئت، اشعرتني الرسالة بالضيق والحزن استأذنت من أستاذ المادة ،وخرجت مسرعة حدثت والدتي في السيارة فقالت إنها اصيبت بجلطة في الرأس صباح اليوم.
وصلت المستشفى وإذ بالعائلة مجتمعه في ممر الجناح،إنها في العناية الفائقة،لا أحد يستطيع أن يزورها أثر من أثنين...إنتظرت دوري لزيارتها.تمشي خطواتي وتلاحقها عيوني للبحث عن مكانها.ها هي جدتي في سبات عميق،أرى وجهها النحيل الشاحب المتعب،الأجهزه كبلت جسدها الضعيف،ورنين الأجهوة تأز في أذني ، عيوني دامعة وقلبي حزين ، والنفس في ضيق كلما تذكرت زيارتي الأخيرة لها أبكي..نعم أبكي فالمنظر الذي أراه أكبر من تتحجر المدامع.
وقفت عند رأسها همست في اذنها:جدتي..جدتي.. ,فتحت عيناها بتعب تنظر الى السقف،بعدها دخل الطبيب فأخبرني:إنها تسمعك ولكنها لا تتستطيع أن تحدثك. أنزلت رأسي مرة ثانية عند اذنها فقلت:جدتي اني احبك برغم ما حدث انني احبك..انا اسفة على.. فقطعت حديثي بأصوات غير مفهومة وتتمتم بحروف غير معلومة،تنظر بعينها لعمي ومن ثم تنظر نحوي تارة أخرى،ولكن لا تستطيع الحركة.
فقال عمي:أظنها تريد أن تذهبي لبيتها ،لتأخذي شيئا جهزته لك منذ اسبوع،هذا ما اخبرتني به منذ أيتم,
ما إن سمعت حدي عمي حتى اوقفت عن اصدار الصوت.
قلت لها:حاضر جدتي سأذهب الآن الى بيتك وسآخذ الغرض وماذا تريدين ايضا

ابتسمت ابتسامة رضا وانشراح،قبلتها على جبينها واستأذنتها.ركبت السيارة وما زالت في عيني ابتسامتها.تلقيت اتصال من صديقتي تسألني عن الموضوع الذي سأعرضه في مقرر د.وفاء .فقلت لها انني مشغولة الآن بمرض جدتي ، وصلت بيتها أخبرت زوجة عمي عن الشيء الخاص بي من جدتي، فأحضرته وإذ هي علبة كبيرة تحملها، فقلت في نفسي: ما هذا الشيء الذي اهتمت به منذ اسبوع وكانت حريصة على ان استلمه، ففتحت العلبة وإذ بداخلها عباءة وغطاء رأس.فوجئت بالهدية،ذرفت دموعة وابكتني بحرقة،امسحها وانا انظر الى العباءة وغطائها واقول في نفسي: هذا ما كنت ستعطينني اياه...ظننت اتصالك لأمر اخر.
فقالت زوجة عمي:لقد طلبت مني ان اشتري العباءة وحرصت ان تكون على قياسك،كما قالت اريدها جميلة وغالية لترضي تطورها وتكنولوجيتها.
ازداد بكائي وحزني وخنقت عبرتي كلماتي:لم ادري انها تريد اهدائي...ظننتها تريد إقناعي بمبدئها.
فقالت:كل يوم تقول لي لم تمر اماني لتستلم هديتها.
وقفت فجأة وطلبت من زوجة عمي ان تكوي العباءة،سأرتديها وسأعود للمستشفى لتراها ولتفرح بهديتها.
وعند جناح المستشفى أوقفني مشهد لم اراه في حياتي ، الكبير والصغير يبكون حزنا،أصرخ بصوت عال :مالذي حدث لكم ما بكم ؟؟!!!
اخذتني ابنة عمي في حضنها وقالت:جدتي..جدتي تطلب منك الدعاء والرحمة. رخت بيأس وجزع،أحس المكان دار برأسي وانا اردد: لقد ارتديت هديتك.كنت اتمنى أن أخبرها انت على صواب ، أنت التطور والتقدم بل انت القيم والأصالة،انني اشم رائحتك من عبق الماضي جدتي ...آآآآآآآآآآآآآه جدتي.
وفي يوم دراسي وقفت امام د.وفاء والطلاب واخترت عنوان بحثي"هدية جدتي"أحضرت الهدية وفتحتها وأخرجت العباءة فقلت ودموعي في عيني أتذكر حديثها ووجها: هذه أصالتنا وقيمنا بل هنا تطورنا وتقدمنا . من لا قيم له لاحضارة له ، قد ترون داخل هذه العلبة عباءة ولكن في نظري ارى اصالة وتراث،من حضارتنا بنت الحضارات الأخرى ومن لغتنا كانت ولادة الأدب والشعر.
صفقت د.وفاء والطلاب ، فقالت لي : مبروك اماني بحثك نال المركز الأول.
القيت بجسدي على الكرسي،وضعت يدي على وجهي ، أجهشت بالبكاء وأقول:جدتي رحمك الله ...رحمك الله...علمتني شيئا افتخر به طول حياتي،وعهدا على سأعلمه لأبنائي وأحفادي،باننا نحن كبارا على هذه الأرض طالما تمسكنا بديننا وقيمنا وأصالتنا وهديتك لا أنظر اليها بانها عباءة ، انما هي قيم واصالة وجدارة ومبادئ.....

جدتي الى جنات الخلد فهديتك لا أظن تضاهيها هدية بعدها وٍسأكون دائما ثابته على قيمي.






5
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

أنـثـى
أنـثـى
قصة رووووووووووووووووعة
ريـمـيـه
ريـمـيـه
روووووعه
اسود وابيض
اسود وابيض
جميل جدا
لولي1400
لولي1400
لقد ذرفتي عيني بجد جزا الله كل شخص ترك بصمه علم لي رحم الله امواتنا واطال في عمر كبيرنا ع الطاعه
تقبلي مروري