بحور 217
بحور 217
من هذه الفتاة التي تقف هناك تراقب من راح وجاء ؟؟؟

لابد أن لها قصة .. سأرى .

- السلام عليكم .. أنا مراسل صحفي هل يمكن أن تحدثيني عن تجربتك في الحرب ..

- تجربتي ؟؟ ههه . حسنا سأحكي لك عن تجربتي ربما يعود لك الإحساس فتسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية ..

هي إن شئت الدقة ليست تجربتي وإنما مذبحتي ... كنت مع أختي في حجرتنا نتبادل الأحاديث ونتحدث عن أحلامنا وسط أصوات الانفجارات والصرخات .. أبي كان يجلس في ردهة المنزل وحده ربما يتذكر أمي التي ماتت بسبب المرض والهزال عندما لم يجد لها الدواء الذي تحتاجه ..

وفجأة سمعنا أصواتا غريبة هي خليط بين طلقات وصرخات ميزنا بينها صوتا يقول لقد دخل المحتلون مدينتنا وهرعت مع أختي إلى أبي لنراه لكننا وصلنا إليه في اللحظة التي اقتحم فيها الجنود المنزل وقف أبي أمامهم يمنعهم من الدخول لكنهم انتهوا من الأمر بسرعة !!! ومن فوق جثته وصلوا إلينا وسحبونا إلى الخارج ونحن نستغيث ولا مغيث ..

وأخذنا على أعين الناس حتى استأثر بنا أحد الجنود وأخرجنا من العمار ووصل بنا إلى حيث دباباتهم وعتادهم وهناك نظر إلى أختي نظرة فهمتها لقد كانت هي الأجمل !!! فهمت بالهرب لكنه صفعها صفعة أوقعتها أرضا ونادي رفيقا له فقيدني وابتسم لصاحبه وذهب !!

وبدأ الجندي .. نزع حجابها وهي تصرخ وتبكي وهو يلطمها ويضربها كلما قاومته ...

وكانت المذبحة أمام ناظري وبدأت أشعر أنني سأجن وأنا أشاهد ما يدور أمامي وتمنيت لحظتها أن أموت وأصبت بحالة من الهياج الشديد وصارعت قيدي الذي لم يكن محكما وذلك لاستهانتهم بي حتى تخلصت منه وأطلقت ساقي وأنا أصيح ولم أشعر إلا وأنا أصطدم برجل .. نظرت إليه فرأيت فيه ملامح عربية .. حاول تهدئتي فهدأت .. أخذني إلى بيته فإذا عائلة عراقية اعتنت بي حتى عاد لي بعض رشدي ...

وها أنا ذا أخرج كل يوم أبحث عنها في وجوه المارة ... وأتمنى أن لاأراها ...

لقد ماتت .ز أليس كذلك ؟؟؟ أتمنى أن تكون ماتت ... لأنها لو عاشت فستموت كل يوم مائة مرة ...

أرجوك اسأل الله معي أن تكون ماتت ... أرجوك ...



وذهبت الفتاة تجري باكية فاقدة صوابها وأنا في ذهول يمنعني من الحركة .. كأن كل الحركة التي أستطيعها استنفذت في غليان قلبي ...



للأسف مازلت مراسلا ... ولم يعد لي الإحساس بعد !!!!


...............................................................................


موضوع رائع يا تيمة .. ووصف موت الطفلة أبكاني ..

وللأسف مازلت أكتب .... ولم يعد لي الإحساس بعد !
تــيــمــة
تــيــمــة
رائعة يا بحور ..

حين تتدفق مشاعرك يتردد صداها قويا بين جوانحها ..

ليس كوننا نكتب أننا لانملك الاحساس .. بل اننا نملك الاحساس لذلك نكتب ..

أما مراسلنا ... فشأنه آخر .. ولو كنت مكانه لأصبت باكتئاب دائم .. لا يفارقني حتى لو اعتزلت عملي وأهلي والعالم بأسره .. وحتى لو اكتسحت الأيام ذاكرتي .. فلن يمكنها أن تمحو صورة الحروب وضحاياها ..

أواااه يا شاكر ... زدنا من آلامك .. فساحة عملك تكاد تختنق بالقصص ..
صباح الضامن
صباح الضامن
اسمي
طارق أيوب

من فلسطين
مراسل
خرجت اليوم
لأحكي لأتقل من قلب الحدث لكم قصة (( عذرا مأساة))

رأيت بئرا أمامي

أسود مثل تلك القلوب التي أراها هنا

امتحنت جرأتي في التقدم
وراجمات النار فوق رأسي
وراجفات القلوب أقوى تأثيرا
استطعت الاقتراب
لا اعتقد ان بالبئر ماء فأهل الحي يموتون عطشا
اقتربت أكثر أكثر يا إلهي ماذا أرى

أعطوني المشاعل أضيء الحقيقة هنا

وأغمي علي من الرائحة
واستفاق القلب مني
حيث غاب الضمير
جثث أطفال مدفونة في غياهب البئر وأنين لأطفال لا زالوا على قيد الحياة لم أستطع أن أتبين من كان فيه يتنفس هواء بئر بلاده
صورتهم عدستي الصماء
ونقلت الخبر حيا
صعدت إلى السطح أمارس حرية ضبابية
ومن خلف المجهول أرى هواء فيه سموم الحال المفروض لم أستطع أن أتنفسه
انقض الوحش على بقية من حقيقتي الحية وأطلق الرصاص
علي
وها أنا أحدثكم من الجنـــــــــــــــة
بعد أن قتلوني

إيه يا جنة الله ما أروعك
لا تحزني يا ديمة
لا تحزني يا زوجي الحبيب
فقد اتخذني الله شهيدا

فاطمة يا ابنتي الحبيبة

احكي لرفاقك ان اباك مات شهيدا
أمي لا تبكي
فقد استشهد الآف منا وها أنا معهم في جنان الخلد

لا تبكوا يا صحبي علي وابكوا علىأطفال العراق وفلسطين وكل مسلم

أنا الآن في الجنة

انا الآن في الجنة

طارق أيوب

خرجت عن اسم مراسلك
فالكل
مراسلك
والكل طارق ايوب
نــــور
نــــور
الغالية صباح

لم أستطع إلا الرد

بل لم أستطع الرد

فكلامك حكى الكثير الكثير من الآلام التي حملناها

آلام أسكتتنا ....وأحزان مزقتنا

كم بكينا عليك يا طارق ..

وكم تعلمنا منك يا ديمة ...

فاطمة الحلوة ...

أي شعاع رأيناه في عينيك

وأي بريق شع من قسماتك

إنه ذلك الوميض الذي نجده يشع في فلسطين ..

طارق أيوب .. أيها المراسل ..

لقد أوصلت الخبر ...

بحقيقته الكاملة .




اعذروا اقتحامي الموضوع .. بغير موضوع ...
فالصباح أرغمني ..

اعتبروه إذن .. تعليق على الخبر !!!
تــيــمــة
تــيــمــة
لا عليك يا نور .. فهذه القصة تستحق بالفعل أن تثير فيك كل ذلك ..

أكثر صورة عذبتني هي أنين الأطفال الأحياء .. القابعين وسط كومة الجثث المتعفنة .. دون رعاية .. دون أمل بالانقاذ .. دون نسمات تشعر بالحياة أيضا ..

أشكرك يا صباح على قصتك المروعة ..

والآن يا شاكر .. هل عندك المزيد من القصص .. بعدما سادت الظلمة بغداد .. واختنقت أنفاسها بأيدي بريطانية .. وغامت سماؤها بأعلام أمريكية ؟؟