وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ..

ملتقى الإيمان








السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة







يقول الله تعالى : " وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون " ،


وقال تعالى : " إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون " .





ولقد مر النبي صلى الله عليه وسلم بالسوق والناس كنفتيه ( عن جانبيه ) ، فمر بجدي أسك ( صغير الأذن ) ميت ، فتناوله فأخذ بأذنه ، ثم قال أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم ؟ قالوا : ما نحب أنه لنا بشئ وما نصنع به ؟ ثم قال : أتحبون أنه لكم ؟ قالوا : والله لو كان حياً كان عيباً ، إنه أسك فكيف وهو ميت ! فقال : " فوالله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم " .




فهاهي الدنيا في كامل زينتها وأبهى حلتها وأجمل بهجتها تعرض نفسها لمشتريها وحق لها ذلك ، لكثرة الغافلين واللاهين والعابثين والمشترين ،


فكم نشاهد اليوم من تهافت كثير من الناس على هذه الدنيا الفانية ، وزهدهم في الآخرة الباقية ، وما ذاك إلا لبعدهم عن معرفة الحقيقة ، والبعد عن منهج الله تعالى والخوف منه سبحانه .


تهافتوا وتنافسوا وتصارعوا من أجل الدنيا وبهرجتها ، اشرأبت نفوسهم حب الدنيا والركون إليها ، فتاقت لها قلوبهم وهوت إليها أفئدتهم فأصبحت محط أنظارهم على اختلاف أجناسهم وطباعهم ، رضوا بالحياة الدنيا من الآخرة




أصبح الكثير من الناس لا يحب ولايكره إلا من أجل الدنيا ، ولا يوالي ولا يعادي إلا من أجلها ، أما الله الواحد القهار فلا يوالون ولا يعادون فيه أبداً وهذا هو الجهل العظيم
نسوا الله فنسيهم وأنساهم أنفسهم ، تركوا الآخرة والعمل لها وركنوا إلى الدنيا وزخرفها .


عندما سئل علي رضي الله عنه سيفه لقتل عدوه بصق ذلك العدو في وجه علي رضي الله عنه فما كان منه إلا أن أعاد سيفه ، فلما قيل له في ذلك ، قال : خشيت أن أنتقم لنفسي .


فلله در أولئك الرجال الذين عرفوا لماذا خلقوا ؟ ومن أجل أي شئ وجدوا ؟
أولئك الرجال الذين رغبوا فيما عند الله والدار الآخرة، تركوا الدنيا في كامل زينتها وأبهى حلتها تركوا الفاني وأقبلوا على الباقي .






قال تعالى : " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً " ،
أولئك الذين اعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله الذين عرفوا الله حق معرفته فلم يخشوا أحداً إلا الله والله أحق أن يخشى.



صدقوا مع الله فصدقهم الله عزوجل ، إذا عملوا فلله ، وإذا أحبوا فلله ، وإذا أبغضوا ففي الله ، أعمالهم وأقوالهم خالصة لله دون سواه .







أما من ركنوا إلى الدنيا وأحبوا أهلها ، وزهدوا في الآخرة وبقائها فأولئك محبتهم وعداؤهم وولاؤهم فمن أجل الدنيا وأهلها ومناصبها
وما يحصلون عليه من كراس ومراتب ودرجات ، فكانت المفاجآت أن حلت عليهم النكبات ودارت عليهم الدائرات ، وجعل الله بأسهم بينهم شديداً ،
فإذا اجتمعوا أظهروا خلاف ما يبطنون ، وإذا تفرقوا أكل بعضهم بعضاً ،


قال تعالى : " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " ،


وما حصل كل ذلك إلا لبعدهم عن منهج الله القويم ، وانحرافهم عن صراطه المستقيم ، فضلوا وغووا وركنوا إلى ما لم يؤمروا به ، فاتبعوا الهوى والشهوات ، فلا إله إلا الله رب الأرض والسموات ، كلٌ من أولئك يريد البقاء له وله وحده ، وكأنه لم يخلق إلا للبقاء والخلود في هذه الدنيا وعمارتها ،
والله تعالى يقول في محكم التنزيل : "كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور" ،

ويقول تعالى : "وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون * كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون"


وقال تعالى : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " ، هذه هي والله الغاية السامية التي من أجلها خلق الله الخلق ، خلقهم من أجل العبادة ،عبادته وحده لاشريك له في ذلك فهو سبحانه المستحق للعبادة دون سواه ، فهل عَقِل ذلك كثير من الناس ؟ وكل ماعدا العبادة فهو وسيلة لا غاية ، وعجباً لمن حول وبدل الغاية إلى وسيلة والوسيلة إلى غاية ، فلا حول ولا قوة إلا بالله .





قال صلى الله عليه وسلم : " الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً ومتعلماً "

وقال عليه الصلاة والسلام : " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء " ( أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ) .





لقد أنسى الناس حب الدنيا والتشاغل بها عن طاعة الله عزوجل والخوف منه ، ألا يعقل أولئك قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما لي وللدنيا ؟ ما أنا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها " ،

وقال صلى الله عليه وسلم : " ليس الغنى من كثرة العَرَض ، ولكن الغنى غنى النفس " ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء " ،

وقال عليه الصلاة والسلام : " إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته " ثم قرأ : " وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد " .



وكان الواجب على المؤمن تجاه الدنيا ودناءتها ألا ينظر إلى من هو فوقه بل ينظر إلى من هو دونه حتى لا يزدري نعمة الله عليه فيقع في الإثم والمعصية ، أما في أمور الدين والآخرة ففي ذلك فليتنافس المتنافسون بلا حقد ولا حسد ولا كراهية ولا تقاطع ولا تدابر


عن أنس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم لاعيش إلا عيش الآخرة " ،

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " ( أخرجه مسلم ) .


ودونك يا من أحببت الدنيا وزينتها وركنت إليها وقاتلت من أجلها ، واهتممت بالمناصب والشياخة ، والكراسي والرئاسة ، والانتخابات وحب الظهور ، أقول : دونك هذا الحديث الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه ،
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة ، فيصبغ في النار صبغة ، ثم يقال : يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول : لا والله يارب ، ويؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهل الجنة ، فيصبغ في الجنة ، فيقال له : يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟ فيقول : لا والله ما مر بي بؤس قط ، ولا رأيت شدة قط " (أخرجه مسلم)





فيا بشرى من اشترى الآخرة بالدنيا ، ويا حسرة من اشترى الدنيا بالآخرة .



اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا ،
اللهم اجعلنا نخشاك حق خشيتك واجعلنا اخوة متحابين فيك ياذا الجلال والإكرام ، امين


من روائع ما قرأت ...
7
917

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

( شمس الجنوب )
( شمس الجنوب )
اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا ،
اللهم اجعلنا نخشاك حق خشيتك واجعلنا اخوة متحابين فيك ياذا الجلال والإكرام

اللهم آآآمـــين
الدنيا لاتساوي عند الله جناح بعوضة
والأنسان يركض لها وينسى ماتخبئ له
جــزاك الله خير على هذا الموضوع الرائع
يا أخت كبرياء سعودية
أديــــبـــة
أديــــبـــة
أهلا عزيزتي ... حنان اليوسي ...

كم أحترمك وأقدرك ...

لا تسأليني لماذا فردودك ومواضيعك تعجبني وتستحقِ الإحترام ..

وهذا ديدن العقلاء ...

أسأل الله لك التوفيق والسداد في دنياك وأخراك ...
رنيم.R
رنيم.R
بارك الله فيك
الاناقه فن
الاناقه فن
الاناقه فن
الاناقه فن
رفع