عارفتهم

عارفتهم @aaarfthm

محررة برونزية

انا اكره امي

الأسرة والمجتمع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أعاني من أنني لا أستطيع أن أحب أمي، فطريقة تفكيرها مختلفة عن طريقة تفكيري، وهي دائمة الانتقاد لي ودائماً تحبطني وتشعرني بالفشل مع أنني مهندس ناجح. دائماً ما تحدِّث الآخرين عني بأنني شخص غير سوي. ودائماً ما تحس بأنني مضطهدها ولا أرد عليها وأعاملها معاملة سيئة، مع أنني لو عاملتها بنفس الطريقة التي تعاملني بها فلن أكلمها بقية حياتي؛ لما تضعني فيه من مواقف وأزمات نفسية، فكلما يحل بالأسرة مشكلة أو مصيبة تنسبها لي، وأنا أعاني من التهابات عصبية في المعدة بسبب هذا الموضوع. وأحياناً أتعصب عليها.فهل هذا حرام؟ علماً بأنني استشرت طبيباً نفسانياً، وقال لي: إن من أسباب حالتي عدم التعبير عما بداخلي من غضب، وسببه ضغط نفسي معين في حياتي، وهو لا يعرف هذا الموضوع. وأنا لا أدري ماذا أفعل. علماً بأنني لا أستطيع أن أرضيها؛ لأنها تريد التحكَّم بي فقط. أحس بفقدان حنان الأم التي تدافع عن أولادها في كل المواقف، والتي توفر لأبنائها الجو الهادئ بالمنزل حتى يبدعوا في أعمالهم، باختصار (أنا أعيش في جحيم) خصوصاً عندما أسمعها تدعو علي، وتهددني بعدم رضاها عني ومسامحتي، وذلك لعلمها أني أخاف الله جداً، آسف؛ لأنني قد أطلت عليكم. أرجو إفادتي جزاكم الله خيراً.



الجواب الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
أيها الابن الكريم:
لا شك أن معاناتك مع والدتك معاناة صعبة، وذلك أنك تواجه هذه الشدة من المخلوق الذي هو مصدر الحنان والرحمة والشفقة، وبدلاً من أن تنعم بحنان الأمومة أصبحت تعاني هذه المصاعب والله يعينك ويعظم أجرك.
أذكرك أولاً بأن بر الوالدين من أعظم القربات إلى الله -عز وجل- ومن أعظم الأسباب لدخول الجنة، كما في الحديث الصحيح أن جبرائيل قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- "رغم أنف عبد أدرك أبويه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة" أخرجه مسلم (2551) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، يعني أنه لو برهما دخل الجنة، واعلم أن من أسباب مضاعفة أجر بر الوالدين أن يكون الأب أو الأم لا يعينان الابن على برهما، فإن الأب والأم إذا كان يعين كل منهما ابنه على بره، فلا فضل للابن في هذا البر، بينما إذا بر الابن أباه أو أمه مع أن حاله لا تعينه على البر، كأن يكون أحدهما –أو كلاهما- سيئ الخلق أو مضطرب النفسية، كما في حال أمك أو نحو ذلك فإن ذلك أعظم للأجر، وتكون نتيجته أن يوفى هذا الابن جزاءه موفوراً كاملاً، وهو أعظم أجراً ممن يبر أباً حنوناً وأماً حنونة.
وتذكَّر أن الله قد أمر ببر الأبوين اللذين يجاهدان ولدهما على الكفر، ومع ذلك أمر أن يقابل هذا كله بالقول المعروف (وإن جاهداك على أن تشرك بما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا).
فإذا كان الأب المشرك الذي يأمر الولد بالشرك ويجاهده على ذلك يصاحب بالمعروف، فكيف بالأب والأم المسلمين، مهما كان سوء أخلاقهما؟
ثانياً: الذي يظهر لي أن والدتك تعاني من اضطراب نفسي، وهي التي كانت بحاجة إلى الذهاب للطبيب النفسي وليس أنت، ولذلك كان عليك أن تذهب إلى طبيب نفسي تشرح له معاناتك مع أمك، وتطلب منه أن يشخِّص لك طريقة العلاج والتعامل معها. فهذا التصرف من أمك ليس تصرفًا سويًا؛ لأن كل الأمهات جبلت على رحمة الأبناء والشفقة عليهم، فإذا خالفت الأم هذه الطبيعة فإن ذلك يدل على أنها مصابة باضطراب نفسي يحتاج إلى علاج.
ثالثاً: أطمئنك بأن هذا الدعاء الذي تدعو به أمك عليك ليس مما يخيفك، فإذا دعت الأم أو الأب دعاءً بغير حق فهو لا يجاب ولا يقبل عند الله -عز وجل- وليس كل دعاء من الوالدين مقبولاً، وإنما الدعاء الذي ينبغي أن يخشى منه هو الدعاء الذي سببه العقوق وسببه التقصير في حق الوالدين، أما إذا دعا الوالد أو الوالدة على ابنهما لأنهما في حالة غضب واضطراب نفسي، من غير أن يكون من الابن تقصير فإن الله -عز وجل- حكيم عدل لا يضع الأمور في غير مواضعها (إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون) فأحسن علاقتك بالله، وثق بأن الله -عز وجل- أحكم وأعلم من أن يعاقبك باستجابة دعوة دعيت عليك بغير وجه حق، ولو كان الداعي أمك.
رابعاً: أنصحك بأن يكون لك صديق تفضي إليه بمعاناتك، وتبثه شجونك فقد قالت العرب قديماً:
ولابد من شكوى إلى ذي حفيظة *** يواسيك أو يسليك أو يتوجع.
فليكن لك صديق تبثه شجونك وتفضي إليه بمعاناتك، وليس هذا من العقوق، ولا يعتبر هذا من إفشاء الأسرار، فإن الإنسان بطبعه يميل إلى التنفيس عن معاناته وفضفضة همومه، لعل ذلك يكون من أسباب التنفيس عنك.
أسأل الله أن يثيبك على صبرك ومصابرتك، وأن يجعل لك من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا، وأن يعظم لك الأجر والمثوبة، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته

17
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

عاشقةالجنان
عاشقةالجنان
الله يجزاك خير موضوع مفيد جدا

الله يجعله بميزان حسناتك
حصحصاني
حصحصاني
تصدقون نفس حالتي مع أمي..بس مو دايم هي كذا لا مرات.. ومرات كثيرة بعد بس هي ما كانت كذا زمان ..بس مستحيل أكره أمي بس المشكلة هي اني مرات أعصب وأرد عليها وهذا اللي يزعلني ومالي غير الدعاء والصبر والله يخليها ويحفظها لي ..
اللهم لا تكتبني عندك عاقة..
جزاك الله خير عالموضوع..
عارفتهم
عارفتهم
مشكورين خواتي على المرور
حصحصاتي الله يوفقك لبر امك
كليوباترا الشام
الله يجزيك الخير عن موضوعك
تميمية2006
تميمية2006
الله يهدي امه ويحنن قلبها عليه

والله يعطيك العافيه على النقل