أم رسولي...
أم رسولي...
جمالٌ يتلوه جمال
الصداقة... تلك الكلمة معانيها عظيمة وتزخمُ بالمفردات الجليله
فتحتِ يافيض باباً جميلاً نتذوق معك أطيب المعاني
ونبحرُ في خضمه.. فلتسقينا من جماله العذب
رعاك الله وسدد على الخير طريقك
متابعون لك بشغف وبانتظار المزيد
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
جمالٌ يتلوه جمال الصداقة... تلك الكلمة معانيها عظيمة وتزخمُ بالمفردات الجليله فتحتِ يافيض باباً جميلاً نتذوق معك أطيب المعاني ونبحرُ في خضمه.. فلتسقينا من جماله العذب رعاك الله وسدد على الخير طريقك متابعون لك بشغف وبانتظار المزيد
جمالٌ يتلوه جمال الصداقة... تلك الكلمة معانيها عظيمة وتزخمُ بالمفردات الجليله فتحتِ يافيض...




هذه صفحة جديدة نضع فيها بعض ماانتقيناه من عالم الصداقة والصديق
من وقائع وأشعار وحكم .. جمعها مداد أبو حيان الذهبي .. فهلمّ معاً ..


مرض قيس بن سعد بن عبادة، فأبطأ إخوانه عنه، فسأل عنه ، فقيل :
إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدَّين ،
فقال : أخزى الله مايمنع الإخوان من العيادة،
ثمّ أمر منادياً فنادى: من كان لقيس عليه حق فهو في حلٍّ وسعة ،
فكسُرت درجته بالعشي لكثرة من عادهُ..!


وقيل لابن المقفع : الصديق أحب إليك أم القريب ؟
قال : القريب أيضاً يحب أن يكون صديقا.



قال أبو الدرداء: معاتبة الأخ خير من فقده، ومن لك بأخيك كله؟
أطع أخاك ،
ولن له ،
ولا تسمع فيه قول حاسد وكاشح ،
غداً يأتيك أجله فيكفُّك فقده،
وكيف تبكيه بعد الموت وفي الحياة تركت وصله؟!



وقال شاعر :
بيني وبين لئام الناس معتبةٌ - ماتنقضي ، وكرام الناس إخواني
إذا لقيت لئيم القوم عنّفني - وإن لقيتُ كريم القومِ حيّاني ...


قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
الإخوان بمنزلة النار،
قليلها متاع ،
وكثيرها بوار ..!



قال أحدهم : إياك وقرناء السوء ؛
فإنك إن عمِلت قالوا : راءيت،
وإن قصرت قالوا : أثمت ،
وإن بكيت قالوا : شهّرت (1)
وإن ضحكت قالوا: جهِلت ،
وإن نطقت قالوا تكلّفت ،
وإن سكتّ قالوا : عييت (2)
وإن تواضعت قالوا : افتقرت ،
وإن أنفقت قالوا أسرفت ،
وإن اقتصدت قالوا : بخلت .

وقال آخر :
وإذا صفا لك من زمانك واحدٌ
فهو المرادُ، وأين ذاك الواحدُ ؟



وقال كاتب :
قد أهديت لك مودتي رغبة،
ورضيت منك قبولها مثوبة،
وأنت بالقبول قاضٍ لحق ، ومالك لرِقّ ، والسلام .

والمعنى : أنه قد أهدى إليه مودته وصداقته عن رغبة في أن تنعقد بينهما الصلة،
ويقوم بينهما الوداد ، فإن رضي بها وقبلها، فإن ذلك يكون له ثواباً وجزاءً حسناً.





وإلى الملتقى ..!


_____*___________*____________*________
(1) شهرت : فضحتَ
(2) عييت: عيَ في المنطق - حصر ، ولم يقدر على النطق.
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
أحبائي :
هيا لنختلس جولة صباحيّةٍ خاطفة في روض الصداقة ..
لنستنشق قليلاً من عبق الأصدقاء :


في كليلة ودمنة قيل :
صحبة الأخيار تورث الخير ، وصحبة الأشرار تورث الشر،
كالريح إذا مرّت على التبن حملت تبناً،
وإذا مرّت على الطِّيب حملت طيباً.


وقال أعرابيّ لصديق :
كُن ببعضك ليْ ؛ حتى أكون بكُلّي .. لك .


قال عثمان بن عفان رضي الله عنه :
ماملك رفيقاً ، من لم يتجرٌع بغيظٍ .. ريقاً. (1)



قال ابن مبادر : كنت أمشي مع الخليل فانقطع شسع نعلي (2)
فخلع نعله ، فقلت : ماتصنع ؟
قال : أواسيك بالحفاء .


وقال شاعر : فلا تقطع أخاً من أجل ذنبٍ * فإن الذنب يغفره الكريم


وقال آخر : أعاتب ليلى إنما الهجر أن ترى * صديقك يأتي ماأتى لاتعاتبْـــــــهُ


ونغلق كتاب أبي حيان لأجل أن نعوده لاحقاً ..
لنقطف على مهلٍ وروداً من رياض الأصدقاء .. طبتم !





_______*_________*________*________

(1) تجرع الغيظ : كظمه.
(2) الشسع : قِبال النعل ، وهو زمامٍ بين الأصبع الوسطى والتي تليها .
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ

والحديث عن الأصدقاء يتنوع ويتشعب،
فمنهم من يخلص المودة في كل حال،
ومنهم من ينطبق عليه قول الشاعر :
فما أكثر الأخوان حين تعدّهم * ولكنهم في النائبات قليلُ
فلنعد إلى بساتين الآصدقاء .. مع التوحيدي ونقرأ هذه المقتطفات :


قال " الحسن بن وهب " معتذراً لصديقه:

ماأحسن العفو من القادر
لاسيما عن غير ذي ناصرِ
إن كان لي ذنبٌ - ولا ذنب لي -
فماله - غيرك - من غافر ِ
أعوذ بالود الذي بيننا
أن يفسد الأول بالآخر ِ




قال بعض السلف :
أبذل لصديقك دمك ومالك ،
ولمعرفتك رفدك ومحضرك ،
ولعدوك عدلك وإنصافك .



قال أعرابيّ لصاحب له :
قد درن (1) ذات بيننا(2)
فهلمّ إلى العتاب لنغسل به هذا الدرن.

قال له صاحبه :
إن كان كما تصف؛
فذلك لبادرةٍ ساءتك منٌي،
إمّا لك ، وإمّا لي (3) فهلّا أخذت بقول القائل :

إذا ماأتت من صاحبٍ لك زلةٌ - فكن أنت محتالاً لزلّته عذرا؟
والله لاصفت مودتنا، ولا عذب شربها لنا
إلا بعد أن يغفر كل واحدٍ منّا لصاحبه مايغفره لنفسه من غير منٍّ ولا أذى .



قال شاعر:
إذا رأيت ازوراراً من أخي ثقةٍ - ضاقت عليّ برحب الأرض أوطاني
فإن صددتُ بوجهي كي أكافئهُ - فالعينُ غضبى وقلبي غير غضبانِ



وهذا شاعر عانى من جحود الأصدقاء فقال:
بين النجوم أناسٌ قد رفعتُهُمُ - إلى السماء، فسدّوا باب أرزاقي
وكنت نوحَ سفينٍ أرسلت حرَما - للعالمين ، فجازوني بإغراقـــي



ونختم هذه النزهة بقول كاتب :

عرّفني وقتك ،
أوافقك فيه خالياً،
لاتزاحمني الألسنُ فيه على محادثتك،
ولا الأعينُ عن النظر إليك؛ لأقضي حق المودّة ، وآخذ بثأر الشوق ..!


رحم الله أبو حامد ، وما أتحف رواد الكتب به من الفوائد والمباهج ..!!
وإلى اللقاء .. في ملتقى الأصدقاء .. هنا ..!




أصدقاء بالفطرة .. ومثقفون .. يالوداعتـــــــــــــهم !


(1) درن : أصيبت رئته بالدرن.
(2) ذات البين : الوصل والصداقة .
(3) إمّا لي وإمّا لك : أي إما أن تكون هذه الزلةخطأ منك إليّ
أو خطأ منّي إليك ، فتولى أنت البحث عن عذر له فيها كأنّما أنت فاعلها!
فذاك شأن كرام الناس الذين لايكتفون بقبول العذر إذا ماأبداه الجاني،
ولكنهم يقومون بتلمّس الأسباب والمعاذير له .
فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ


دعونا نتخيلنا وقد افترشنا رمال الواحة
تحت ظلال باسقاتها ذات الطلع النضيد
وبين وهج جمار موقدها تتصاعد أبخرة قهوة عربية
لنرتشف ونحن نلتف حوله فناجين المودة
وروح أبو حيان تنادمنا بالأصدقاء
ونحن نلقي الإصغاء
في ليلةٍ قمراء ..!


قال أبو حامد :
والله إن عداوة العاقل لألذ وأحلى من صداقة الجاهل ؛
لأن الصديق الجاهل يدلّ عليك بصداقته، ويصليك بحرّ جهله،
والعدو العاقل يتحامل بعداوته، ويهدي إليك فضل عقله ورأيه.
ومن نكد صداقة الجاهل أنك لاتستطيع مكاشفته حياءً منه وإيثاراً للرعاية عليه.
ومن فضل عداوة العاقل أنك تقدر على مغالبته بكل مايكون منه إليك .



وأنشد عمر بن عبد العزيز:
إنّي لأمنح من يواصلني - منّي صفاءً ليس بالمذقِ
وإذا أخٌ لي حال عن خلقٍ- داويت منه ذاك بالرّفــقِ
والمرءِ يصنع نفسه ، ومتى- ماتبلِهِ ينزع إلى العرقِ
والمعنى : إن الذي يواصلني ويحافظ على ودي سيجد منّي وداً خالصاً
صافياً لاتشوبه شائبة ، وإن ( حال ) تغيرت أحوال الصديق فإني لاأقطع
صلتي به ، ولكن أعالج هذا التغير بالرفق واللين عسى أن يرجع إلى وده. القديم
و( ينزع ) : يحنّ و ( العٍرق) : أصل كل شيء .


قال على بن أبي طالب كرم الله وجهه:
شر الإخوان من يُكلّف له ،
وخيرهم من أحدثت لك رؤيته ثقةً به ، وأهدت إليك غيبته طمأنينة إليه.


قال أبو العتاهية :
قلت لعلي بن الهيثم : مايجب للصديق ؟
قال : ثلاث خلال :
كتمان حديث الخلوة ، والمواساة عند الشدة، وإقالة العثرة .


قيل لبزر جمهر : مابال معاداة الصديق أقرب مأخذاً من مصادقة العدو ؟
قال : لأن إنفاق المال أهون من كسبه،
وهدم البناء أسهل من رفعه ،
وكسر الإناء أيسر من إصلاحه .

وننهي هذه الحلقة من السمر مع الصداقة بهذه الأبيات للعتابى:
ولقد أقول تصبُّراً وتكرّماً - لمّا تحرّم ودك الأيامُ
إن تجفني فلطالما قرّبتني - هذا بذاك وماعليك ملامُ

وإلى الملتقى قريباً معكنّ ومع الصداقة والصديق ..