انقذوني

الطالبات

مساء الورد هايات بنات كيفكم انا اليوم محتاجه لكم المعلمه طالبه منا خطبه وابغى خطبه مختصره عن اي موضوع مافيه مشكله والله لدعيلهامن كل قلبي ومشكورين وانا عارفه إنكم ماتقصرون

وجزاكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــم الله خير:):)
6
756

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حطموك ياقلبي ’
السسلاام علييكم ..$
هلاا اختي شوفي دوري بقوقل ولا اسمعي خطبة الجمعه منهاا فايده ومنهااا اخذتي فكره عن الخطبه ...:26:
عبيــــر الــــورد
أهمية الصحبة الصالحة

د. بدر عبد الحميد هميسه

قال تعالى في كتابه الكريم : ( الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ ( الزخرف:67. وقال سبحانه \" وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يلَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً. يوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً. لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي \" الفرقان:27.
يقول ابن عباس و سعيد بن المسيب : إن الظالم هاهنا يراد به عقبة بن أبي معيط وخليله أمية بن خلف وتذكر بعض الروايات أن سبب نزول هذه الآيات هو أن عقبة بن أبي معيط كان يكثر من مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعاه إلى ضيافته فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين، ففعل. وعلم بذلك أبي بن خلف وكان صديقَه، فعاقبه وقال له: صبأت؟ فقال: لا والله ولكن أبى أن يأكل من طعامي وهو في بيتي استحيت منه فشهدت له، فقال: لا أرضى منك إلا أن تأتيه فتطأ قفاه وتبزق في وجهه، فوجده ساجدا في دار الندوة ففعل ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا ألقاك خارجَ مكة إلا علوت رأسك بالسيف فأسر يوم بدر فأمر عليًّا قتله. أنامله .الدر المنثور , للسيوطي 6/ 249.
لقد حذر الإسلام المسلمين من سوء اختيار الصحبة و بالذات رفقاء السوء، الذين يجاهرون بالمعاصي ويباشرون الفواحش دون أي وازع ديني و لا أخلاقي لما في صحبتهم من الداء ،وما في مجالستهم من الوباء، وحث المسلم على اختيار الصحبة الصالحة و الارتباط بأصدقاء الخير الذين إذا نسيت ذكروك، وإذا ذكرت أعانوك.
ومن الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الصديق حتى يكون صديقاً صالحاً: الوفاء- الأمانة- الصدق- البذل- الإخاء.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « ‏مَثَلُ الجليس الصَّالِح و الجَليس السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ، وَكِيرِ الْحَدَّادِ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحاً خَبِيثَةً » ‏. متفق عليه.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضْلاً يَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ -قَالَ- فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ فَيَقُولُونَ جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الأَرْضِ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ, قَالَ وَمَاذَا يَسْأَلُونِي قَالُوا يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ, قَالَ وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا لاَ أَىْ رَبِّ, قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قَالُوا وَيَسْتَجِيرُونَكَ , قَالَ وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي؟ قَالُوا مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ, قَالَ وَهَلْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا لاَ, قَالَ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟ قَالُوا وَيَسْتَغْفِرُونَكَ -قَالَ- فَيَقُولُ قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا -قَالَ- فَيَقُولُونَ رَبِّ فِيهِمْ فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، قَالَ فَيَقُولُ وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جليسهم »‏ رواه مسلم .
وقد قال ابن الجوزي: رفيق التقوى رفيق صادق، ورفيق المعاصي غادر.
وعن سلمان: \"مثل الأخوين إذا التقيا مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى، وما التقى مؤمنان قط إلا أفاد الله أحدهما من صاحبه خيراً (إحياء علوم الدين).
وفي الحديث: \"المؤمن مرآة المؤمن\" (رواه أبو داود.
نوصيكم إخواني بالدعاء إلى الله عز وجل بأن يوفقنا وإياكم بصحبة صالحة تدلنا على الخير وتُعينُنا على الطاعات، وأن يصرف عنا أهل السوء ومجالستهم والتأثر بأعمالهم وأخلاقهم .
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم \" المرء على دين خليله فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يخالل\" خرجه أحمد 2/303(8015) و\"أبو داود\" 4833 و\"التِّرمِذي\" 2378 .
عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛أَنَّ رَجُلاً قََالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ : وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لِلسَّاعَةِ ؟ قَالَ : لاَ ، إِلاَّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ ، قَالَ : فَإِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.قَالَ أَنَسٌ : فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ ، بَعْدَ الإِسْلاَمِ ، فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قَالَ : فَأَنَا أُحِبُّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ ، لِحُبِّي إِيَّاهُمْ ، وَإِنْ كُنْتُ لاَ أَعْمَلْ بِعَمَلِهِمْ. رواه أحمد (13419 و13886) ، وعَبْد بن حُمَيْد (1296) ، ومُسْلم (7520) .
قال علي رضي الله عنه :

فلا تصحب أخا الجهل ***وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى*** حليماً حين آخاه
يقاس المرء بالمرء ***إذا ما المرء ماشاه
و للشيء من الشيء*** مقاييس وأشباه
وللقلب على القلب ***دليل حين يلقاه

وقال الشاعر :
عَنْ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ * * * فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي
إذَا كُنْت فِي قَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَارَهُمْ * * * وَلَا تَصْحَبْ الْأَرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي

يقول أهل العلم: هل كان أفسد على أبي طالب من صحبة السوء؟! أراده صلي الله عليه وسلم أن يقول: ( لا إله إلا الله) فقال: (( يا عمي قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله))، متفق عليه.
فأراد أن يتلفظ بها.. لينجو من العذاب ويدخل في رحمة الواحد القهار.فقال له أبو جهل: كيف ترغب عن ملة آبائك وأجدادك !.
فالصاحب باب من أبواب الخير كما أنه باب من أبواب الشر يدخل الشيطان إلى القلوب بواسطة الأصحاب.
عبيــــر الــــورد
من أسباب زيادة الإيمان ونقصانه

عبدالله بن حمود الفريح

الحمد لله الذي حث على الذي حث على الإكثار من الطاعات لينال العبد بذلك انشراح الصدر وسعة العيش وهناء الحياة , فقال تعالى : "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
والصلاة والسلام على خير الورى وخير من وطئ بقدمه الثرى , صلاة وسلاما دائمين إلى يوم الدين ثم أما بعد .
أعلمُ أخي المبارك أننا صرنا نعيش زماناً يعزُّ على الإنسان أن يستمسك بإيمانه حينما يزيد ولربما شكا كثيرا من قلبه المتقلب , ولربما تذكر زماناً عاشه مرت عليه لحظات كان قلبه في سعادة تمنى تكرارها , ولربما تفكر وتذكر طاعات بدأت تزول شيئا فشيئا , ورأى من نفسه تهاوناً في كثير من الطاعات , فتارة ينظر في وتره , وتارة في صيامه , وأخرى في صلاته للضحى , وأخرى في بقية نوافله , وتارة في أذكاره , وأخرى في أخلاقه وقلبه , فإذا بقلبه يتحسر هنا ويزيد حسرة هناك , وأعظم منه حسرة من لم يحاسب نفسه ولم يتدارك قلبه , فيغيثه بما يغذيه ويقويه , وأحببت أخي أن أذكر نفسي قبل أن أذكرك بما يقوي الإيمان ويزيده في القلب , ويساعد العبد على الثبات , فجمعت أسباباً عشرة راجياً من الله تعالى بها سبيل الدلالة لقلبي وقلبك فإليك هذه الأسباب رعاك الله .

اعلم أخي المبارك أن الإيمان يزيد بأمور وبضدها ينقص الإيمان ، فمما يزيد الإيمان عشرة أسباب أسوقها لك مع أدلتها:-

أولاً : معرفة الله جل وعلا بأسمائه والحسنى وصفاته العلى .
ومما يدل على ذلك : قول الله عز وجل : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} فاطر: ٢٨ ووجه ذلك أن العلماء أعرف الناس بأسماء الله تعالى وصفاته ، فاستحضروها في دعائهم وفي جميع شؤون حياتهم حتى كانوا أخشى الناس ، والخشية أثر لقوة الإيمان في قلوبهم ، وإلا فالعلم الذي لا يورث هذه الخشية علم مدخول نسأل الله السلامة والعافية .
قال ابن رجب : " العلم النافع يدل على أمرين : أحدهما : على معرفة الله وما يستحقه من الأسماء الحسنى والصفات العلى والأفعال الباهرة ، وذلك يستلزم إجلاله وإعظامه وخشيته ومهابته ، ومحبته ، ورجاءه والتوكل عليه والرضاء بقضائه والصبر على بلائه ، والأمر الثاني : المعرفة بما يحبه ويرضاه ، وما يكرهه وما يسخطه من الاعتقادات والأعمال الظاهرة والباطنة والأقوال ، فيوجب ذلك لمن علمه المسارعة إلى ما فيه محبة الله ورضاه والتباعد عما يكرهه ويسخطه فإذا أثمر العلم لصاحبه هذا فهو علم نافع ، فمتى كان العلم نافعاً ووقر في القلب فقد خشع القلب لله وانكسر له ، وذل هيبة وإجلالا وخشية ومحبة وتعظيما "
وقال أيضاً في ص ( 67 ) " فالعلم النافع ما عَّرف العبد بربِّه ، ودلَّه عليه حتى عرفه ووحَّده وأنس به واستحى من قربه وعَبَده كأنه يراه " أ.هـ .
وإذا وصل العبد إلى عبادة ربه كأنه يراه لا شك أنه وصل إلى مرتبة عظيمة من الإيمان لأنه وصل إلى أعظم المراتب وهي الإحسان .

ثانياً : طلب العلم الشرعي

ويدل عليه ما تقدم : قول الله عز وجل : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}فالعلم طريق للخشية التي هي علامة لما وقر في القلب من إيمان وذلك يأتي بالعلم النافع كما تقدم ، ولذا يقول الأمام أحمد : " أصل العلم الخشية "
وأيضاً لما تكلم أحد الناس عن الإمام الزاهد العابد " معروف الكرخي " رحمه الله في مجلس الإمام أحمد وقال عنه : " إنه قصير العلم " نهره الإمام أحمد وقال : " أمسك عافاك الله وهل يراد من العلم إلا ما وصل إليه معروف " ولذا جعله النبي طريقاً إلى الجنة فقال : " من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة " رواه مسلم .

ثالثاً : التأمل في آيات الله الكونية ومخلوقاته جل وعلا

ويدل على ذلك : قول الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} عمران: ١٩٠ وقوله تعالى : {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ}الذاريات: ٢١ وقوله {قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} يونس: ١٠١فإن العبد إذا تفكر في آيات الله تعالى في هذا الكون عرف عظمة الله تعالى فازداد إيمانه
قال عامر بن عبد قيس : " سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون : " إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر "

رابعاً : قراءة القرآن وتدبره

ففي قراءته وتلاوته يزداد الإيمان ويدل على ذلك : قول الله عز وجل في وصف المؤمنين الصادقين : {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}
فإذا تدبر العبد آيات الله تعالى وما فيها من وعد ووعيد وجنة ونار والأعمال التي تسوق إليهما زاد إيمانه ويقينه بوعد ربه ووعيده .

خامساً : الإكثار من ذكر الله تعالى

ويدل على ذلك : قول الله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}الرعد: ٢٨ وقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي موسى : " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت " رواه البخاري ، فذكر الله عز وجل فيه حياة للقلب فيزداد إيمان العبد كلما أكثر من ذكر ربه ، ويموت القلب وينقص إيمان العبد كلما كان بعيداً عن ذكر ربه وفي هذا علامة على الغفلة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}المنافقون: ٩ وقال في وصف المنافقين الذين ملئت قلوبهم كفراً وبعداً عن الله تعالى : {وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً} النساء: ١٤٢ قال أبو الدرداء رضي الله عنه " : لكل شيء جلاء ،وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل " قال عمير بن حبيب : " الإيمان يزيد وينقص . فقيل فما زيادته وما نقصانه ؟ قال : إذا ذكرنا ربنا وخشيناه فذلك زيادته ، وإذا غفلنا ونسيناه وضيعنا فذلك نقصانه " وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " الذكر للقلب مثل الماء للسمك ، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء "

سادساً : تقديم ما يحبه الله ورسوله على هوى النفس

ويدل على ذلك : حديث أنس قال صلى الله عليه وسلم : " ثلاث من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" متفق عليه
قال ابن حجر : " قال البيضاوي : وإنما جعل هذه الأمور الثلاثة عنواناً لكمال الإيمان لأن المرء إذا تأمل أن المنعم بالذات هو الله تعالى ، وأن لا مانح ولا مانع في الحقيقة سواه ، وأن ما عداه وسائط ، وأن الرسول هو الذي يبين مراد ربه ، اقتضى ذلك أن يتوجه بكليتيه نحوه : فلا يحب إلا ما يحب ، ولا يحب من يحب إلا من أجله ... " ومن أعظم علامات محبة الله ورسوله تقديم ما يحبه الله ورسوله على هوى نفسه ، قال تعالى : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}آل عمران: ٣١ وكذا مما يزيد الإيمان الحب في الله ، وكراهة الوقوع في الكفر فيبتعد عن كل ما يهوي به إلى ذلك .

سابعاً : حضور مجالس الذكر والحرص عليها

ويدل على ذلك حديث حنظلة الأُسيدي قال : " قلت : نافق حنظلة يا رسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : " وما ذاك ؟ " قلت يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة ، حتى كأنّا رأي عين ، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ، نسينا كثيراً ، فقال صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة " رواه مسلم
والضيعات : هي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة .
وقال معاذ بن جبل لأحد أصحابه يتذاكر معه : " اجلس بنا نؤمن ساعة " رواه البخاري في صحيحه معلقاً ، وقال ابن حجر في الفتح : " وهو عن الأسود بن هلال قال : قال لي معاذ بن جبل : " اجلس بنا نؤمن ساعة " وفي رواية : " كان معاذ بن جبل يقول للرجل من إخوانه : " اجلس بنا نؤمن ساعة فيجلسان فيذكران الله تعالى ويحمدانه "
قال أبو الدرداء : " كان ابن رواحة يأخذ بيدي ويقول : " تعال نؤمن ساعة ، إن القلب أسرع تقلباً من القدر إذا استجمعت غليانها "
وفي شعب الإيمان للبيهقي : " عن عطاء بن يسار أن عبد الله بن رواحه قال لصاحب له : " تعال حتى نؤمن ساعة " قال أو لسنا مؤمنين ؟ قال : " بلى ولكنا نذكر الله فنزداد إيماناً "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى : " كان الصحابة رضي الله عنه يجتمعون أحياناً : يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : يا أبا موسى ذكرنا ربنا فيقرأ وهم يستمعون "
ولأن العبد في مجالس الذكر يسمع ما يحثه على طاعة غفل عنها وما يذكره في معصية وقع فيها لينتهي .
- ويدخل تحت هذا السبب سبب آخر من مقويات الإيمان وهو مصاحبة الأخيار ، وتقدم نماذج للصحابة في ذلك
ويدل عليه : قول الله تعالى : {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} الكهف: ٢٨ ، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل " رواه أحمد و أبو داود والترمذي ، و الحديث صححه الحاكم ، وصحح إسناده النووي
قال المباركفوري : " (على دين خليله ) أي على عادة صاحبه وطريقته وسيرته ( فلينظر ) أي فليتأمل وليتدبر ( من يخالل ) من المخالة وهي المصادقة والإخاء ، فمن رضي دينه وخلقه خالَلَه ومن لا تجنبه ، فإن الطباع سراقة والصحبة مؤثرة في إصلاح الحال وإفساده . قال الغزالي : مجالسة الحريص ومخالطته تحرك الحرص ومجالسة الزاهد ومخاللته تزهد في الدنيا لأن الطباع مجبولة على التشبه والاقتداء "

قال الشاعر :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه --- فكل قرين بالمقارن يقتدي

وقال آخر :

فصاحب تقياً عالماً تنتفع بـه --- فصحبة أهل الخير ترجى وتطلبُ
وإياك والفسـاق لاتصحبنهم --- فقربهمُ يُعدي وهذا مجَّــربُ
فإنا رأينا المرء يسرق طبعه --- من الألف ثم الشرُ للناس أغلبُ

وفي المثل (الصاحب ساحب ) فصاحب الإيمان يسحبه إلى ما فيه زيادة الإيمان والعكس بالعكس .
وفي الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما تجد ريحاً خبيثة " ويحذيك أي يعطيك ، والأدلة وأقوال السلف كثيرة في أثر الصحبة الصالحة في زيادة الإيمان .

ثامناً : البعد عن المعاصي

لا شك أن اقتراف المعاصي سبب في نقصان الإيمان والبعد عنها ومدافعتها سبب زيادته فمن عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، وإن من طاعة الله تعالى أن يبتعد الإنسان عن المعاصي ، والفتن ، فأي عبد أراد أن يعيش قلبه سليماً من الأمراض لا تضره الفتن ما دامت السماوات والأرض فليبتعد عنها ولينكرها .
ويدل عليه : حديث حذيفة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عودا ، فأي قلب أُشربها نكت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين ، على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة مادامت السموات والأرض ، والآخر أسود مُرباداً كالكوز مجخيا لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكرا إلا ما أَشرب من هواه " رواه مسلم ، ومرباداً أي مخلوطاً حمرة بسواد ، كالكوز مجخيا أي كالكأس المنكوس المقلوب الذي إذا انصب فيه شيء لا يدخل فيه .
قال القاضي عياض : " ليس تشبيهه بالصفا بياناً لبياضه ، لكن صفة أخرى لشدته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل ، وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه كالصفا وهو الحجر الأملس "
وهكذا المؤمن كلما كان من الفتن والمعاصي أبعد كان حفاظه على سلامة قلبه وازدياد إيمانه أكثر ، وكلما تهاون بالذنوب وتعرض للفتن كلما نقص إيمانه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " غض البصر يورث ثلاث فوائد : حلاوة الإيمان ولذته ، نور القلب والفراسة ... قوة القلب وثباته وشجاعته "
قال ابن المبارك :

رأيت الذنوب تميت القلوب --- وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب --- وخير لنفسك عصيانها


تاسعاً : الإكثار من النوافل والطاعات

فكلما أكثر العبد من النوافل نال ثمرات كثيرة منها محبة الله له ومعيته فلا يصدر من جوارحه إلا ما يرضي الله جل وعلا ، وأيضاً يكون مجاب الدعوة ، وإذا نال العبد هذه الثمرات زاد إيمانه لأنه نال محبة الله ورضاه عنه مع ما في النوافل من ثمرات .
ويدل عليه : حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل : " وما يزال عبدي يقترب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه " فليجتهد العبد ويكثر من النوافل في الصيام والصلاة والذكر وسائر أعمال البر .

عاشراً : سؤال الله تعالى زيادة الإيمان وتجديده

ويدل عليه : حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه و عبد الله بن عمر رضي الله عنه قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ، فا سألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم " رواه الطبراني عن ابن عمر وقال الهيثمي : " إسناده حسن " ورواه الحاكم عن ابن عمرو وقال : " رواته ثقات " وأقره الذهبي وحسنه الألباني في الصحيحة (1585) ، وقوله : " إن الإيمان ليخلق " أي إنه ليبلى ، فالمؤمن إذا أحس بقسوة في قلبه وفتور ونقص في الإيمان سأل الله تعالى أن يجدد الإيمان ويزيده في قلبه ، فقد كان السلف يحرصون على هذا الجانب فيسألون الله عز وجل زيادة الإيمان ، فهذا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول : " اللهم زدنا إيماناً ويقيناً وفقهاً " قال الحافظ في الفتح (1/48) " رواه أحمد في الإيمان وإسناده صحيح " وتقدم قول معاذ لبعض أصحابه : " اجلس بنا نؤمن ساعة " وكذلك قول ابن رواحة لأبي الدرداء : " تعال نؤمن ساعة " وكان أبو الدرداء يقول : " من فقه العبد أن يعلم أمزداد هو أو منتقص – أي من الإيمان – وإن من فقه العبد أن يعلم نزغات الشيطان أنى تأتيه "

ما تقدم من الأسباب العشرة هي من أهم أسباب زيادة الإيمان ، وهناك أسباب أخرى : كالأمر بالمعروف والنهي عن النكر ، وزيارة القبور ، وتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ، والقراءة في سير السلف ، الاهتمام بأعمال القلوب كالخوف والرجاء والمحبة والتوكل وغيرها ، والدعوة إلى الله تعالى ، والتقلل من الدنيا ومن المباحات والفضول في الطعام والكلام والنظر ، وتنويع العبادة ، وتذكر منازل الآخرة ، ومناجاة الله تعالى والانكسار بين يديه ، وتعظيم حرماته ، والولاء والبراء "
وبضد أسباب زيادة الإيمان نعرف أسباب نقصانه ، أسأل الله أن يزيدنا إيماناً ويجدده في قلوبنا .
عبيــــر الــــورد
إن ربي قريب مجيب
ماجد بن أحمد الصغير

اللهم لك الحمدأنت المستعان على كل نائبة ، وأنت المقصود عند كل نازلة ، لك عنت وجوهنا وخشعت لك أصواتنا ، أنت الرب الحق ... وأنت الملك الحق ... وأنت الإله الحق .
أنت المدعوّ في المهمات ، وإليك المفزع في الملمات ، لا يندفع منها إلا ما دفعت ، ولا ينكشف منها إلا ما كشفت .
ونصلي ونسلم على أشرف رسلك وخاتم أنبيائك وعلى الآل والصحب ومن تبعهم بإحسان . أما بعد ؛ فإن من حكمة الله أن يبتلى عباده بألوان من الهموم والأمراض والمصائب ؛ ليسألوه ، ويقفوا بين يديه ، فيجدوا رباً غنياً غير فقير ، وقريباً غير بعيد ، وعزيزاً غير ذليل لأن الابتلاء يسوق الإنسان إلى ربه سوقاً ، يتوسل إليه ويدعوه فيجده ربه قريباً مجيباً فيعرف العباد له قدرته وكرمه ورحمته وحكمته . ذلك هو اسم الله المجيب : ( إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ) .


مجيب السائلين حملت ذنبي *** وسرت على الطريق إلى حماكا
ورحت أدق بابك مستجيراً *** ومعتذراً ... ومنتظراً رضاكا
دعوتك يا مفرج كل كرب *** ولست ترد مكروباً دعاكـا


وفي خضم الحياة المادية يحتاج المؤمن إلى ملجئ يأوي إليه ، ومعين يعتمد عليه ، وقوي جليل يتقوى بقواه ، وعظيم كبير يحتمي بحماه ومفتاح ذلك الدعاء .
تسقط القوة ، وتعيا الحيلة فليس إلا الدعاء ...
تضيق الدنيا بأهلها حتى كأنها سم الخياط فليس إلا الدعاء .
بالدعاء تحل عقد المكاره ، ويفل حد الشدائد ، وبه يلتمس المخرج ، ومعه تفتح أبواب الفرج .
إن الدعاء معين من الخير لا ينضب ، ومدد من العون لا ينفد ؛ لأنه باب العطاء العظيم والله سبحانه يحب الداعين ولا يخيب السائلين !
إنه المُجِيب الذي يُقابِل السؤالَ والدُّعاء بالقَبُول والعَطاء .
إنه المجيب الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويغيث الملهوف إذا ناداه ، ويكشف السوء عن عباده ويرفع البلاء عن أحبائه .
كل الخلائق مفتقرة إليه ، ولا قوام لحياتها إلا عليه ، لا ملجأ لها منه إلا إليه ،وجميع الخلائق تصمد إليه وتعتمد عليه ، ولكن الله حكيم في إجابته ، قد يعجل أو يؤجل على حسب السائل والسؤال ، أو يلطف بعبده باختياره الأفضل لواقع الحال ، أو يدخر له ما ينفعه عند المصير والمآل ، لكن الله تعالى يجيب عبده حتماً ولا يخيب ظنه أبداً كما وعد وقال وهو أصدق القائلين (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَليَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) ، وقال : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )
إنه الإله العظيم القريب المجيب ... يدعى لكشف الضر ؛ فترسل السماء ماءها وتخرج الأرض بركاتها وزهرتها ...
خرج رجل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً فقال يا رسول الله : هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا . قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ، فقال : اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا . قال أنس : ولا والله مانرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئاً ، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار . قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت .قال : والله مارأينا الشمس ستاً ، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائماً ، فقال : يارسول الله هلكت الأموال ، وانقطعت السبل فادع الله يمسكها . قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ، ثم قال : اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والآجام والضراب والأودية ومنابت الشجر . قال : فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس ) . )
وفي كتاب ( الفرح بعد الشدة ) للتنوخي أن امرأة بالبادية ، جاء البرد فذهب بزرع كان لها، فجاء الناس يعزونها ، فرفعت طرفها إلى السماء ، وقالت : اللهم أنت المأمول لأحسن الخلف ، وبيدك التعويض عما تلف ، فافعل بنا ما أنت أهله ، فإن أرزاقنا عليك، وآمالنا مصروفة إليك . قال: فلم أبرح، حتى جاء رجل من الأجلاء ، فحدث بما كان ، فوهب لها خمسمائة دينار .
إنه الإله العظيم الكريم المجيب ... يدعى ويؤمل لصلاح القلب ، فتذهب عن النفوس شدتها ، وعن القلوب قسوتها، ويبتهل إليه لشفاء السقيم ومغفرة الذنب العظيم ، فيشفى المرض ويغفر الذنب .
إنه مجيب السائلين صاحب العطايا ، ومنزل البركات ...
وفي ساعات الاضطرار واليأس من كل قريب ، وانقطاع الأسباب عن كل مجيب فالله هو الذي ( يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) (النمل:62) .
أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب : (( المجابين )) عن الحسن – رحمه الله – أنه قال : كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يكنى أبا مغلق وكان تاجراً يتجر بمال له ولغيره يضرب به في الآفاق وكان ناسكاً ورعاً فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح . فقال له : ضع ما معك فإني قاتلك ! قال : فما تريد إلى دمي فشأنك والمال ؟ قال : أما المال فلي ، ولست أريد إلا دمك . قال : أما إذا أبيت فذرني أصلى أربع ركعات قال صلى ما بدا لك فتوضأ ثم صلى أربع ركعات فكان من دعائه في آخر سجدة أن قال : يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعالاً لما تريد أسألك بعزك الذي لا يرام ، وبملكك الذي لا يضام ، وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني ، يامغيث أغثني ، يا مغيث أغثني ، فإذا هو بفارس أقبل بيده حربة قد وضعها بين أذني فرسه فلما بصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله ثم أقبل إليه ، فقال : قم ، فقال : من أنت بأبي أنت وأمي فقد أغاثني الله بك اليوم ، فقال : أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت فسمعت لأبواب السماء قعقعة ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي دعاء مكروب فسألت الله أن يوليني قتله . قال الحسن فمن توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب . )
فإذا كنت في كرب وشدة فإن الفرج موصول بالدعاء فإنه سبحانه نعم المجيب ( ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ) ، ( وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (الأنبياء:76) .
وإذا كنت في ضر ومرض وألم فلا تضن على نفسك بالدعاء فبه يكشف الضر وبه يزول : (وأيوب إذ نادى ربه أني مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) (الأنبياء:84) .
وإذا دفعت إلى شدة شديدة ، وخوف عظيم ، لا حيلة لك فيها، ، فالجأ إلى الصلاة والدعاء ، وأقبل على التضرع والبكاء ، وأسأل الله عز وجل تعجيل الفرج فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول : ( لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش الكريم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم ) .)
وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك بن عبدك بن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحاً فقيل : يا رسول الله ألا نتعلمها ؟ قال : بل ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها ) . قال ابن مسعود : ما كرب نبي من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنبياء:88) )
وفي كتاب ( الفرج بعد الشدة ) أن الوليد بن عبد الملك بن مروان كتب إلى صالح بن عبد الله المزني، عامله على المدينة، أن أنزل الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فاضربه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، خمسمائة سوط.
قال: فأخرجه صالح إلى المسجد، ليقرأ عليهم كتاب الوليد بن عبد الملك، ثم ينزل فيضرب الحسن، فبينما هو يقرأ الكتاب، إذ جاء علي بن الحسين عليهما السلام ، مبادراً يريد الحسن، فدخل والناس معه إلى المسجد، واجتمع الناس، حتى انتهى إلى الحسن فقال له: يا ابن عم، ادع بدعاء الكرب . فقال : وما هو يا ابن عم قال: قل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع، ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين . قال: وانصرف علي، وأقبل الحسن يكررها دفعات كثيرة. فلما فرغ صالح من قراءة الكتاب ونزل عن المنبر، قال للناس: أرى سحنة رجل مظلوم، أخروا أمره حتى أراجع أمير المؤمنين، وأكتب في أمره . ففعل ذلك ، ولم يزل يكاتب ، حتى أطلق . قال: وكان الناس يدعون ، ويكررون هذا الدعاء ، وحفظوه . قال: فما دعونا بهذا الدعاء في شدة إلا فرجها الله عنا بمنه . )
اللهم إليك نفزع ، وعليك نتوكل ، وإياك نستعين .
سبحانك لا مغلق لما فتحت ، ولا فاتح لما أغلقت .
سبحانك لا ميسر لما عسرت ، ولا معسر لما يسرت .
اللهم اجعل لنا وللمستضعفين من المؤمنين من كل هم فرجاً ، ومن كل ضيق مخرجاً ، ومن كل بلاء عافية . دعوناك كما أمرتنا ، فاستجب لنا كما وعدنا وأنت القريب المجيب ، لا نخيب ونحن لك راجون ، ولا نذل ونحن بابك واقفون ، ولا نفتقر ونحن لك قاصدون .
عبيــــر الــــورد
آثــار صفة الرحمة
ماجد بن أحمد الصغير

الحمد لله رب العالمين . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا ينفع ذا الجد منه الجد . وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه .
أما بعد :
فإن من عرف ربه سبحانه وتعالى بالرحمة الواسعة لابد أن يحصل له عدد من الخيرات والثمرات والآثـار ...

ومن تلك الآثــار :
أنه على قدر حظ الإنسان من هذا الخلق الكريم ترتفع درجته عند الله ؛ ولهذا كان الأنبياء عليهم السلام أرحم الناس ، وكان خاتمهم وسيدهم محمد صلى الله عليه وسلم أوفرهم نصيباً من هذا الخلق حتى كانت رسالته رحمة للعالمين قال الله سبحانه (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )، (فبما رحمة من الله لنت وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) . وقد لازم هذا الخلق في أشد الأوقات، فلما آذاه أهل مكة وكذبوه وأخرجه أهل الطائف ورموه بالحجارة ؛ خرج كسير النفس ، مجروح الفؤاد يتلمس الفرج، جاءه ملك الجبال وعرض عليه إهلاكهم فقال صلى الله عليه وسلم : (( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا)).
رحمة لم تعرف البشرية نظيراً لها . والمؤمن الصادق له نصيب من هذه الصفة على قدر حبه لنبيه صلى الله عليه وسلم واتباعه له وأولى الناس بالرحمة الوالدين خاصة عند الكبر : ( وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً )، ثم ضعفاء المسلمين أيتاماً وأرامل ، فرحمة هؤلاء باب من أوسع الأبواب التي تنال بها رحمة الله . وإذا كانت امرأة بغي دخلت الجنة في كلب سقته شربة ماء فكيف بالإنسان المؤمن الكريم على الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( غفر لامرأة مومسة مرت بكلب على رأس ركي يلهث قال كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك ) . لقد كان صلى الله عليه وسلم رحيم القلب يرق للضعفاء ويرحم حتى الدواب والحيوانات ويوصي بها ، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : ( إني لأرحم الشاة أن أذبحها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن رحمتها رحمك الله ) .

ومن الآثـار:
أن الرحمة تفتح أبواب الرجاء والأمل ، وتثير مكنون الفطرة ، وتبعث على صالح العمل ، وتغلق أبواب الخوف واليأس ، وتشعر المؤمن بالأمن والأمان ؛ لأنه سبحانه الرحيم الذي سبقت رحمته غضبه ، ولم يجعل في الدنيا إلا جزءاً يسيراً من واسع رحمته يتراحم به الناس ويتعاطفون ، وبه ترفع الدابة حافرها عن ولدها رحمة وخشية أن تصيبه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا وَأَنْزَلَ فِي الأَرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا ، فَمِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ يَتَرَاحَمُ الْخَلْقُ حَتَّى تَرْفَعَ الْفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ ). وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً ، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً ، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ ).

ومن الآثــار :
الرحمة بالمخطئين والمذنبين بالأخذ بأيديهم إلى طريق الله بالموعظة الحسنة باللطف لا بالعنف والتعامل معهم على أنهم غرقى محتاجون من ينتشلهم فلا يتركهم يتعرضون لعذاب الله . ومن ثَّمّ النظر إليهم بعين الرحمة لا الشدة والنقمة ، ومعاملتهم معاملة الرُحماء لا معاملة أهل الكبر والازدراء والخيلاء .

ومن الآثــار :
أن المؤمن مع تقربه إلى الله بكل عمل ، وتوقيه لكل ذنب إلا أن قلبه خائف وجل من الآخرة ; متطلع إلى رحمة ربه وفضله . فهو على كل أحواله متطلع إلى رحمة الله وفضله ;مع مراقبته لله هذه المراقبة الواجفة الخاشعة . (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:9) . والأخيار من خلق الله ، من الملائكة ، أو الجن ، أو الإنس يحاولون بكل طريق أن يتقربوا إلى الله ، وأن يتسابقوا إلى رضاه ، يرجون رحمته ويخافون عذابه ، وقد كان بعضهم يدعو عزيراً ويأمله , وبعضهم يدعو عيسى ويرجوه ، وبعضهم يدعو الملائكة ويعبدهم ويسألهم , وبعضهم يدعو غير هؤلاء . . فأخبر الله عن أولئك جميعاً : بأن أقربهم إلى الله يبتغي إليه الوسيلة , ويتقرب إليه بالعبادة , ويرجو رحمته , ويخشى عذابه - وعذاب الله شديد يحذر ويخاف . ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً) حتى أولئك الذين يؤذون في سبيله هم على رجاء الرحمة لا على يقين منها ; ولا ييئس منها مؤمن عامر القلب بالإيمان ( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله ,والله غفور رحيم ) ...و إذا رجا المؤمن رحمة الله فإن الله لا يخيبه أبدا . . ولقد سمع أولئك النفر المخلصمنالمؤمنين المهاجرين هذا الوعد الحق , فجاهدوا وصبروا , حتى حقق الله لهم وعده بالنصر أو الشهادة . وكلاهما خير . وكلاهما رحمة ..) .

ومن الآثــار :
أن ينقطع المؤمن إلى الله تعالى وأن يعرض عما سواه عز وجل فيرتاح باله ؛ فإن الرحمة بيد الله وحده فـ (ما يفتح اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) . وحين تستقر هذه العقيدة في قلب إنسان تتحول تصرفاته وتعتدل موازينه ؛ لأنها تقطعه عن كل قوة في السماوات والأرض وتصله بقوة الله . وتغنيه عن كل رحمة في السماوات والأرض وتصله برحمة الله . وتوصد أمامه كل باب في السماوات والأرض، وتفتح أمامه باب الله .
يجد هذه الرحمة من يفتحها الله له فيكل شيء ، وفي كل حال , وفي كل مكان . . يجدها في نفسه ,ويجدها فيما حوله , حيثما كان , وكيفما كان ، ولو فقد كل شيء مما يعد الناس فقده هو الحرمان . . ويفتقدها من يمسكها الله عنه في كل شيء , وفي كل وضع , وفي كل مكان ، ولو وجد كل شيء مما يعده الناس علامة الوجدان والرضوان !
وما من نعمة - يمسك الله معها رحمته - حتى تنقلب هي بذاتها نقمة . وما من محنة –تحفها رحمة الله - حتى تكون هي بذاتها نعمة . . ينام الإنسان على الشوك - مع رحمة الله - فإذا هو مهاد . وينام على الحرير - وقد أمسكت عنه - فإذا هو شوك القتاد .
ويعالج أعسر الأمور - برحمة الله - فإذا هي هوادة ويسر . ويعالج أيسر الأمور – وقد تخلت رحمة الله - فإذا هي مشقة وعسر . ويخوض بها المخاوف والأخطار فإذا هي أمن وسلام . ويعبر بدونها المناهج والمسالك فإذا هي مهلكة وبوار !يبسط الله الرزق - مع رحمته - فإذا هو متاع طيب ورخاء ; وإذا هو رغد في الدنياوزادإلى الآخرة . ويمسك رحمته , فإذا هو مثار قلق وخوف .
يمنح الله الذرية - مع رحمته - فإذا هي زينة في الحياة ومصدر فرح واستمتاع ,ومضاعفة للأجر في الآخرة بالخلف الصالح الذي يذكر الله . ويمسك رحمته فإذا الذرية بلاء ونكد وعنت وشقاء , وسهر بالليل وتعب بالنهار !
ويهب الله الصحة والقوة - مع رحمته - فإذا هي نعمة وحياة طيبة , والتذاذ بالحياة . ويمسك نعمته فإذا الصحة والقوة بلاء يسلطه الله على الصحيح القوي , فينفق الصحة والقوة فيما يحطم الجسم ويفسد الروح , ويدخر السوء ليوم الحساب !
ويعطي الله السلطان والجاه - مع رحمته - فإذا هي أداة إصلاح , ومصدر أمن ,ووسيلة لادخار الطيب الصالح من العمل والأثر . ويمسك الله رحمته فإذا الجاه والسلطان مصدر قلق على فوتهما , ومصدر طغيان وبغي بهما , ومثار حقد وموجدة على صاحبه مالا يقر له معهما قرار , ولا يستمتع بجاه ولا سلطان ,ويدخر بهما للآخرة رصيداً ضخماً من النار !والعلم الغزير . والعمر الطويل . والمقام الطيب . كلها تتغير وتتبدل من حال إلى حال . . . مع الإمساك ومع الإرسال . . وقليل من المعرفة يثمر وينفع , وقليل من العمر يبارك الله فيه . وزهيد من المتاع يجعل الله فيه السعادة .
ورحمة الله لا تعز على طالب في أي مكان ولا في أي حال .
وجدها إبراهيم – عليه السلام - في النار .
ووجدها يوسف - عليه السلام - في الجب كما وجدها في السجن .
ووجدها يونس - عليه السلام - في بطن الحوت في ظلمات ثلاث .
ووجدها موسى – عليه السلام - في اليم وهو طفل مجرد من كل قوة ومن كل حراسة , كما وجدها في قصر فرعون وهو عدو له متربص به ويبحث عنه .
ووجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور . فقال بعضهم لبعض: (فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته).
ووجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار والقوم يتعقبونهما ويقصون الآثار . .
ووجدها كل من آوى إليها يأساً من كل ما سواها . منقطعاً عن كل شبهة في قوة , وعن كل مظنة في رحمة , قاصداً باب الله وحده دون الأبواب .

ومن الآثــار:
إن المؤمن إذا علم أن الله إذا فتح أبواب رحمته لأحد فلا ممسك لها . ومتى أمسكها فلا مرسل لها . كانت مخافته من الله . ورجاء ه في الله .. إنما هي مشيئة الله . ما يفتح الله فلا ممسك . وما يمسك الله فلا مرسل .. يقدر بلا معقب على الإرسال والإمساك . ويرسل ويمسك وفق حكمة تكمن وراء الإرسال والإمساك . (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده).
لو استقر هذا المعنى في قلب إنسان لصمد كالطود للأحداث والأشخاص والقوى والقيم . ولو تضافر عليها الإنس والجن . وهم لا يفتحون رحمة الله حين يمسكها , ولا يمسكونها حين يفتحها . . (وهو العزيز الحكيم). .
إنها رحمة الله يفتح الله بابها ويسكب فيضها في آية من آياته . آية من القرآن تفتح كوة من النور . وتفجر ينبوعاً من الرحمة . وتشق طريقاً ممهوداً إلى الرضا والثقة والطمأنينة والراحة .
قال عامر بن عبد قيس : أربع آيات من كتاب الله إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وأمسي ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ) (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ) ( وسيجعل الله بعد عسر يسرا الطلاق) ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها هود ) .
اللهم لك الحمد منزل القرآن هداية وزكاة وشفاء ورحمة للمؤمنين ...« لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمةً ، إنك أنت الوهاب » ، « رحمتك نرجو ، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين » .