حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
أنتهت الجلسة الاولى وعدت لبيتي ولدي رغبة كبيرة


كي اقاوم المرض والذي زاد من عزيمتي الاستقبال الكبير


الذي وجدته من اسرتي وبعض اصدقائي


فبرغم الالام والمتاعب التي اشعر بها إلا انني


اشعر بنشوة القائد العائد من ارض المعركة


التقيت بأخي الاكبر مني فهو احد المشائخ


وقال لي ابشرك انني احضرت لك علاج جيد


وصفه لي احد المجربين للمرض وهو عبارة


عسل نحل الجبال وماء زمزم وحبة سوداء


ولبن الابل


وطلب مني ان استخدمها بشكل يومي


اضافة للرقي الشرعية ارقي نفسي


وأن اكثر من قراءة سورة البقرة كاملة


وأن اكون معتقداً أن الشفاء بيد الله وماهذا العلاج


إلا وسيلة


بدأت في اخذ العسل وماء زمزم والحبة السوداء


ولبن الابل وقراءة القرأن فشعرت بتحسن كبير


وحين ذهبت للمستشفى للجلسة الثانية


وبعد اجراء فحوصات مخبرية تبين ان الهرمون نزل بشكلِ كبير


وهذا شيء غريب ولكنها رحمة الله وفضله سبحانه وتعالى


حتى نشاطي الجسماني تحسن واستطعت ان اتحمل


قسوة العلاج الكيميائي فمرت الجلسة الثانية بيسر


رغم ان هنالك ألم وتعب لكنه اقل مما سبق .


تعلمت من المرض الصبر وقوة التحمل


تعلمت من المرض أن اقاوم بكل الوسائل


تعلمت من المرض أن اكون انسان كما انا


تعلمت من المرض أن الحياة رغم قسوتها بها نسائم فرح


تعلمت من المرض إذا رحل عنك صديق سيأتيك الف صديق


تعلمت من المرض أن اواجه الحقائق كما هي دون تزييف


تعلمت من المرض أن ازرع وردة الحب في كل ارضٍ اقف عليها


تعلمت من المرض أن افتح قلبي للعالم باسره


تعلمت من المرض معنى الالم ومعنى الابتسامه


وتعلمت وتعلمت وسأظل اتعلم لاخر يومِ في عمري


واقول لكل من يعاني من المرض عليك بسهام الليل


وهو الدعاء والالحاح فيه فلا تيأس ولا تتعثر


واهمس في إذن كل انسان له حبيب او قريب او صديق


مصاب بهذا المرض أن يقف بجانبه وان يحمل همومه عنه


فالوقف بجانب المرض بالكلمة والموقف هي سر مقاومته


وهو سر صبره وتحمله


فكن بشوشاً حين تقابله وامنحه ناشيرة الدخول لقلبك


اسمع منه بكل عناية واستحسان وتاكد ان كلمة واحده منك


ربما تكون اقوى من اي علاج فلا تبخل عليه


وابتعد عن نظرات الشفقة والعطفه بل اجعل نظراتك


نظرات محب ونظرات واثق انه سينتصر على المرض


فلدينا حالات كثيرة شفيت تماماً بفضل الله اولاً


ثم بفضل عزيمة واصرار المرضى ومن بجانبهم


لا تجعل العجز والتغاعس سبيل لك في المواجهه .






ياابوي غصني من قسى البعد ذاوي


وسود الليالي كست قلبي وروحي


غيم الحزن صار لعيوني مخاوي


مالي ونيسٍ غير دمعي ونوحي


يومك معي عمري بالحب ضاوي


وينه زمانك يا ابو الوجه الصبوحي


بعدك تراها اتعبت فكري الهقاوي


مهما اداري الهم عيني تبوحي


تمضي سنين العمر وانا في رجاوي


واقول باكر جعل زولك يلوحي


خذني معك خلاص مانب بقاوي


ماعاد انا اتحمل خلاص كثرة جروحي .



انتهت الجولة الثامنة عشر





استودعكم الله
حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
معكم اخوكم سفير الحب تحية معطره للجميع


استاذي غازي راشد عرفته عن قرب وتعلمت على يديه



ابجديات الحياة وتعلمت معنى العطاء الحقيقي


فهو بالنسبة لي الاب الروحي


رأيته إنساناً بماتعنيه هذه الكلمة تجده يهتم بشئون غيره


متعلقاً قلبه بقضايا مجتمعه وامته الاسلاميه والعربيه


لم يكن شاعراً يكتب الشعر فقط بل متحدثاً بارعاً


يجيد فن التعامل مع الأخر ويحترم اختلاف وجهات النظر


وأنا هنا لا لكي امدحه او اعطيه شهادة حسن سلوك


ولكني هنا كي اقف احتراماً وتقديراً له


فكلماتي قليلة في حقه وشهادتي فيه مجروحه


فقد سطر بصبره على المرض ملحمة بطولية


ففي كل مرة اقابله فيها اجده جبلاً شامخاً بوجه المرض


مهما تكلمت عن معاناته مع المرض فلن اوصلها لكم


وكل الذي ارجوه من الله ان يعطيه الصحة والعافيه


وأن يخفف عنه هذا المرض ويشفيه كي يكمل لكم


الدروس التي تعلمها من هذا المرض


اليوم قابلته وشاهدت اثار المرضي على وجهه


التعب وشحوب الوجه رايته وهو يأخذ ابرة مخدرٍ للألم


يالله كم يعاني هذا الرجل


تبسم لي وقال اطمنك اني بخير واوصاني ان اطمنكم عليه


وانه سيعود عن قريب جداً لكم فنتظروه .


اخواني لهذا الرجل كلمات تحرك الجبال وتذيب الثلج


فقد قرأت له هذه الكلمات حين وقع العدوان الغاشم


على اهلنا في غزة الصابره فكتب كلمات تحت عنوان


( غزة تصرخ ولا من مجيب )


ولكم هذه الكلمات :


توقفت نبضات المشاعر داخل قلبه الصغير


فما عادت تهزه دموع اليتامى


ولا صرخات الثكلى


ولا أنين الحيارى


أحاسيسه أصبحت في صقيع من الثلج


ووصلت درجة حرارة عدم مبالاته بمن حوله


إلى مائةتحت الصفر !


فلا كلمات الحب والعطف تعني له شيئاً


ولا شكوى المظلومين تحرك فيه ساكنا


حتى انتفاضة المقهورين تزيده جمودا وخمولاً !


هل اغتيل بداخل روحه الضمير ؟!


أم اغتيل في عقله التفكير ؟!


أكاد أشك أن إحساسه بغيره أضحى ضرير !!


أين هو ذلك المناضل في نفسه


الذي يمتطي جواد الخير والعطاء؟!


وأين القبطان المغامر


الذي أتعب بحار المعرفة حباً ووفاءً؟!


الأكيد أنه ما عاد ذلك الفارس


إنه بقايا إنسان يعيش تحت أنقاض الأحزان !


ليس هناك من بارقة أمل للرجوع للوراء


فالقافلة ماضية نحو المجهول


وليس من المعقول أن يبحر عكس التيار


فلا قوى لديه تعينه على العودة للخلف


ولا من يسعفه لمواصلة المشوار


إنه انتحار


في زمن الخوف والانكسار !


انهض أيها القائد الساكن في أعماقه


وحطم زنزانة صمتك


واكسر قضبان جمودك


وافتح أسوار حدودك


فالوقت يمضي وأنت قابعُ في تابوتك !


إلى متى ستضل ساكناً لا تحركك الأحداث؟!


الكل ماضيٍ في طريقة وأنت تسير داخل دائرةمغلقة !


إليك آخر الأنباء


لقد سقطت جميع مدن مبادئك


بعدما ضلت زمناً طويلاًتقاوم


احتل المغتصبون لمجهودك وانجازك


انقاد وانغمس شعب أفكارك في ملذاتهم وشهواتهم


متناسين ذلك النعيم الذي عاشه في أيامك !


أتعلم أيها القائد ماذا صنعواأيضاً


لقد دنسوا طهر عقلك


ووئدوا بنات أفكارك


واغتصبوا عذريةإحساسك


ما الذي تنظر ؟؟!


قم وأنفض غبار صمتك


وأجمع قواك وأمتطي خيلك الذي تاق لركوبك عليه


وصل


وجول


ومزق صفوف الغزاةالمغتصبين لمبادئك


وحرر شعب أفكارك من غفلة التسويف


وتتزين الملذات المؤقتة !


فما دام في الوقت متسع بإمكانك النهوض


واستعادة حقوقك المسلوبة فلم الانتظار !



لا نخفيك سراً أيها القائد الساكن في أعماقه


أننا تمنينا أن الفارس مات


بعد تلك الإنجازات التي حققها في حياته


لكان أهون علينا


من أن نراه ميت يعيش بين الأحياء !


وراعيٍ تقوده الرعاة !!


عذراً أيها القائد الساكن في أعماقه


فالتاريخ لن يرحمنا إذا لم نواجهك وتواجهنا


فنحن بقايا فلول مقاومي مبادئك وأفكارك


نحتاجك قائداً ومحرراً لنا


فهيا نعلنها ثورةً مخلصة لكي نعيد ذلك الفارس من جديد


إمضاء فلول مقاومي أفكار فارس
حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
معكم اخوكم سفير الحب في زيارتي الاخيرة
للاستاذ غازي راشد ابلغته سلامكم
واطلعته على ماذكرتوه من دعاء له بالشفاء
وتواصلكم مع موضوعه واهتمامكم الدائم بحالته
فحملني السلام لكم وتقديم الشكر لكل فرد
فحالته الان صعبه وتحتاج لوقت فعلاجه طويل
فمازال ينتظر نتائج التطورات الجديده
فالاسبوع القادم حافل باشياء كثيرة منها انتظار رد المستشفى
الالماني او البريطاني على التقارير الطبيه التي ارسلت لهما
وكذلك بداية جلسة علاج كيميائي
في مستشفى التخصصي بالرياض
احداث متتالية عنوانها الالم تهاجمه من كل اتجاه
وهو يردد دائماً سوف اقاوم لاخر لحظة
ويقول لا استسلام لهذا المرض
اخواني جلست لديه لمدة ساعة كامله وشاهدته
كيف يعاني من الالم ابر مخدره ياخذها يومياً
كي يخفف الالام الشديده التي تغزوه
روحه المرحه واسلوبه العذب لم يتغيرى
يتحدث معك وكانه لا يقاسي لوعات المرض
اوصاني بان اوصل لكم شكره العميق لوقوفكم بجانبه
وقال ان شاء الله اعود واكتب لهم بنفسي عن رحلتي
فبمجرد مااشعر ببعض التحسن سوف اعود للكتابه .
غازي راشد وإن غبت عنا فأنت في القلب موجود
فكلماتك هي رسولك الصادق الذي يبقينا في عالمك
اخواني اهديكم هذه الكلمات لشاعرنا غازي راشد :




كفاهم أن يقرؤوا


حروفي وكلماتي


فإنهم لن يفهموا


معنى عباراتي !!




إنني العاشق الثملُ



في الحبِ تفضحني




خطواتي وآهاتي !!







آهٍ حبيتي كمحاولوا وحاولوا



أن يعرفوا حكايتي !!






تغلغلوا في شراييني



وتسللوا بين مسم جلدي !!






باحثين عنكِ أين تكوني ؟؟؟!!




أيجدونكِ هيهات هيهات ؟؟!!!




فأنتِ تستوطنين عقلي



وتتجولي في حديقةحياتي !!






في كل لحظة قلبي يقيم لكِ



حفلاً فاخراً تترقص به نبضاتي !!






معكِ تحلو وتأنسُ أيامي



وتصحو على ضراعيكِ أمنياتي !!






تنتشي روحي يا روحي أملاً



حين تقرأ عيناكِ نظراتي !!!!






مهما فعلوا يا حبيبة قلبي



لن يجدوا سوى صمتي !!!!






فوحدكِ حبيبتي


من تستطيعين


فك رموز لغاتي !!!!!

بقلم غازي راشد





اللهم يا منزل الكتاب ومجري السحاب
وهازم الاحزاب اشفي عبدك الفقير
وأتأسف لكم عن مشاركاتي باسم الاستاذ غازي راشد
لاني اعرف اني اكتب عن شخصاً لا استطيع
أن اعطيه حقه فربما أن يتضايق احد مني
فالعذر والسموحه منكم إذا كنت ضيف ثقيل
لكنها امانه حملتها وهي ثقيلة
اخواني الافاضل
على ضفاف الجرح يقف وحده يتأمل
يخفي داخل قلبه طعناة نجلاء
يحاول أن يسرق جزءً من الثواني
كي يعطي غيره مما حرم منه
إنه الغازي لقلوب محبيه وأسر لمشاعرهم
زرته ليلة البارحه فكان يعتصر من شدة الالم
وكل همه ان لا يظهر للموجدين معاناته
استئذن مني وذهب لغرفة مجاورة للغرفة التي أنا بها
فسمعت اناته وأهاته وبعد مرور دقائق
عاد لي مبتسماً خطواته مثقله عرفت بعدها
انه أخذ ابرة مخدر ليخفف عنه الألم
فسألني عن أخر الاخبار وعن احوالي
فقلت في نفسي انك انت من احق ان اسألك
عن اخر احوالك
قلت له إني ولله الحمد بخير وعافيه
وسألته عن حاله فقال حالي كما ترا
أبر مخدرة يومياً وانتظار للمجهول
وامل اعيشه كل لحظة أن تزول هذه الغمة
سألته عن التقارير التي ارسلها للخارج
فقال ربما اخر هذا الاسبوع ياتي رد منهم
فالاسبوع القادم سوف أأخذ علاج كيميائي
وأنت تعرف صعوبة العلاج لاسباب كثيرة
وقال يااخي سفير ارجوك ان تخفي كل ماسأقوله لك
فلدي امور اود ان اضعها امانة في عنقك
قلت له تفضل ولا تخف فصاحبك كما عهدته
فتحدث لي بحديث طويل جداً
لم استطيع ان اوقف دموعي من صعوبة ماسمعت
احتضنني كمن يودعني فوالله ان ضلوعي بكت معي
قال يااخي اريد منك أمراً أخراً تفعله
فقدم لي اوراق مكتوب فيها كلام
قرأتها فصعقت من هول ماقرأت
قال لي اريدك ان تضعها في المنتدى
سألته لماذا ومن تعني بهذه الكلمات
قال أنت ضعها في المنتدى ولا تسألني لمن
فهذه الكلمات خرجت من قلبي
وهي رسالة سوف تصل لمن اعنيه
قلت له خير ان شاء الله لك ماتريد .
وهذه الرسالة التي اعطاني اياها :


أي جرم فعلته أيديهم


وأي سذاجة أهدتهم عقولهم


أهكذا يفعلون بالشجرةِ المثمرة



يرمونها بالحجارة !


ويقطعون أوراقها


يحاولون في ظلمة الليل استئصال جذورها


إنهم خفافيش الظلام أفاعي الرمال


تناسوا كم تحملت حرارة الشمس


كي تضلل عليهم


تجاهلوا كل ثمرة أعطتهم إياها


لكِ الله يا شجرة


لم تنحني يوماً لرياح الإشاعات


ولم تبالي بشح أمطار المسرات


فلطالما وقفت وحدها في أحلك الظروف


شامخة النفس تعلو هامتها العزة


ويلف جوانبها الكبرياء


أيظن هؤلاء أنهم بعدما أخذوا ثمارها


وتمتعوا باخضرارها


أنها انتهت وأصبحت نسيا منسيا


وغير قادرة على العطاء


وأنها تاريخُ لا يودون الرجوع إليه


أقول لهم لا وألف لا


فالشجرة لم تنتهي ولم تمت فهي


كالضياء للقمر ,


وكالهواء للبشر ,


وهي أنشودة الحب لعشاق السهر


فمهما قطعوا أغصانها أو مزقوا أوراقها


فإن جذورها باقية يصعب عليهم اجتثاثها


عذراً أيتها الشجرة


إذا خذلكِ الربيع ولم يوفي بموعد قدومه


وإذا اجتمع على ظلمكِ الصيف والشتاء والخريف


فأذاقوكِ أشد وأقسى أنواع القهر


لكنكِ لم تتغيري ولم تتأثري


حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
اخوكم غازي راشد مر ويمر في ظروف قاهره


وهو يقاوم ومازال ودائماً يقول لي طمني عن الاخوة



وأنا اوصل له بشكلٍ يومي كل تحياتكم وسلامكم


فوعدني انه سيتواجد خلال هذه الايام في المنتدى


كي يواصل معكم تفاصيل رحلته الشاقة مع المرض


أخي وصديقي غازي راشد جميعنا ننتظرك


ونفرش دروبنا ورداً ورياحين لاستقبالك


فتعال لتروي عطش القلوب من رحيق حروفك


فأعذروني على غيابي الطارئ




والمفاجأ والخارج عن إرادتي




فأنا أعيش هذه الأيام ظروف صعبه




وتكاد أن تكون حاسمه لمعاناتي




لا أخشى شيئاً بل سأظل




واقفاً على قدماي لأخر لحظة




وسأكمل معكم أحداث تجاربي




مع المرض بكل تفاصيلها




ولكن أعذروني أن تأخرت عليكم




فذلك راجع لتعبي من العلاج




لدي كلمات كثيرة أود أن أقولها لكم




لكنها تتبخر أمام سمو أخلاقكم




ويبقى الأمل معقوداً




وتبقى راية التحدي مرفوعة




فوق هامة الظروف








نعود للجولة التاسعة عشر





بدأت الجلسة الثالثة تحولات غريبة تحصل لي




ففي اليوم الأول




أحسست بألم فضيع في الكلية اليسرى




فكأنها تتقطع أخبرت الممرض




فأستدعى الطبيب وبعد الكشف




قال لي أن الورم يضغط على الحالب




وهذا ما يسبب لك الألم




وعلينا أن نجري عملية عاجله




لتغيير الأنبوب الذي وضع في الحالب




حتى يخفض الضغط الناجم عن الورم




فقال لي أن العملية لا تستغرق إلا وقتاً بسيطاً




ولابد إجراءها في أسرع وقت




قلت له لا بأس توكل على الله




المهم ينتهي هذا الألم وأرتاح




أجريت العملية والحمد الله تكللت بالنجاح




وعدت لإكمال الجلسة




مر اليوم الثانية والثالث على خير




برغم التعب والإرهاق




وفي اليوم الرابع جاءني اتصال من زوجتي




وبعد أن أطمئنت على حالتي




قالت يا أبا تركي أن ابنتك أثير




منذ أمس وهي تبكي لا تأكل ولا تشرب




فهي ممسكة بصورتك وتردد أريد بابا أريد بابا




قلت لها أعطني إياها




فكلمتها فإذا بها تصرخ وتجهش بالبكاء




صوتها لا يزال إلى يومنا هذا لا يفارق مسمعي




فهي تبكي بشكل جنوني ويصعب وصفه




وتقول لي تعال يا بابا




وقتها لم أتمالك نفسي فشاركتها البكاء




وشعرت أن الدنيا تبكي معنا




توسلت لها أن تكف عن البكاء




وحاولت لكنني لم أستطع




كانت تردد لمن تتركني يا بابا




تحركت داخلي العاطفة الأبوية




والتي موجودة لدى كل منا




فكان تحركها يشبه تحرك الأمواج




التي لا يوقفها شيء




أغلقت الهاتف واتجهت إلى الممرض




وقلت له أريد أن أكلم الطبيب




قال لي لماذا هل لديك مشكلة ؟!




قلت له أريد أن أوقف العلاج




قال لماذا تريد وقف العلاج فمازال باقي لك يوم في العلاج ؟!




قلت له أرجوك أخبر الطبيب أو دعني أكلمه




وبعد إلحاح مني أتصل بالطبيب واخبره




فتحدث معي الطبيب




قال لماذا تريد إيقاف العلاج ؟




قلت له الموقف الذي حصل لي مع أبنتي




فقال هذا الشيء لا يجعلك تترك العلاج




قلت له والله لن أكمل العلاج




ولو كان هذا أخر يومٍ لي في الدنيا




علي أن أذهب مهما كلف الأمر




قال لي هذا القرار على مسئوليتك




قلت نعم




أنهيت اليوم الرابع وخرجت من المستشفى




متوجها إلى بيتي




وأنا أحمل هموم العالم داخل صدري




لم أبالي بصحتي كل ما كان يدور في خاطري




أن أرى أبنتي




وصلت للبيت وأنا أعاني من السفر




ومضاعفات العلاج




توجهت إلى غرفة صغيرتي




أريد أن أحتضنها وأشتم رائحتها




رأيتها فانكببت عليها باكياً




وهي تقول ببراءة الأطفال لقد جعلت أبي




يعود من السفر بعد أن كلمته




فكانت كلماتها ابلغ من أي علاج




وأنا هنا لا أبالغ في وصف ما حدث




فهو موقف راسخ في عقلي وكياني




من الممكن من يأتي ويلومني




على تصرفي وتركي للعلاج




لكنني أقول له أن ذلك الموقف صعب




لا يتحمله ولا يشعر به إلا من كابده .







انتهت الجولة التاسعة عشر





أستودعكم الله
حبيبتهم (أم عبدالعزيز)
نعود للجولة العشرون






لم يبقى سوى جلسة واحدة وينتهي العلاج الكيميائي




وبعدها يقرر الطبيب الخطوة التالية




يوم الجمعة ليلاً كان موعد مغادرتي لبيتي




وأثناء توديع أسرتي رأيت في عين زوجتي




نهر من الدموع تحاول أن تخفيه عني لكنها لم تستطع




فبادرتها بالسؤال لما هذه الدموع يا أم تركي ؟!




قالت إني خائفة من هذه الجلسة فليلة البارحة




لم أذق طعم النوم كوابيس وأحلام مزعجة




قلت لها استعيذي بالله من الشيطان الرجيم




وتوكلي على الله فلن يحدث إلا ما هو مكتوب




قبلت رأسها وهمست في إذنيها قائلاً




بإذن الله سوف تجدني بعد أسبوعٍ أمامكِ




وثقي أن وجودكِ في حياتي هو من يدفعني للأمام




فلا تشغلي بالكِ وأهتمي بأبنائنا وبنفسكِ




ابتسمت بابتسامة مصطنعة كي تخفي حزنها




فهو قلب المرأة الحنون حين يمطر دفءً وحنان




وأنا في السيارة متوجهاً إلى الرياض




سافر فكري إلى البعيد فتذكرت موقف زوجتي




فقلت في نفسي ما هذا البرود الذي أصابني




لماذا لم أحتضنها وأخفف عنها قلقلها




فنفجر بركان من الدموع جرح خدي من لهيبه




وارتميت بأحضان أوراقي التي معي




فكتبت لها هذه الكلمات :







قومي




أنهضي




ثوري يا مشاعري




فلما التبلد والسكون ؟؟!!!





هذا هو حبيبكِ




الذي هجرتي الدنيا من اجله




وحاربتِ الكون أملاً في الوصل لقلبه




الآن يقف بين يديكِ




كله شوق وحنين لسماع صوتكِ !!




أعلم جيداً أن مشاعري




قست




وتجمدت




وباتت كتلة جامدة




غير قادرة على العطاء




تصلبت جميع أنابيب الوفاء بداخلي




والغريب أن شمس حبه




لم تفارقني لحظة




لكنها لم تستطع أن تذيب جليد مشاعري !!




حتى خلجان دموعه لم تحرك ساكن أشواقي !!




ما الذي أصابني ؟!




هل يعقل أن يموت الحب ؟!




وتستشهد الأشواق بداخلي بهذه السهولة ؟؟!!




آهٍ يا حبيبي اشعر بصرخة نائمةُ في أعماقي




تأخذني لذلك الماضي البعيد




عندما التقيت بك




فارتمت يداي على يداك




كارتماء الماء المالح بين أحضان الماء العذب !!




وذابت أشواقي لهفاً لعيناك




كذوبان حبات المطر داخل أحشاء الأرض




العطشى الخالية من معالم الحياة !!




كانت أزقة عمري لا توحي بالحياة قبل رأياك




الصمت يخيم على الحيطان والنوافذ والأبواب !




الحواري مهجورة