إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب العاشر
من كتاب البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي


في الصنائع والصُّنَّاع(1)
__________

(1) رأيت من باب الفائدة أن أورد مختصرًا لكل صنعة وما تدل عليه :البناء باللبن والطين: رجل يجمع بين الناس بالحلال . والبناء بالآجر والجص وكل ما يوقد تحته النار ، فلا خير فيه . ومن رأى أنه يبني فإن كان ذا زوجة وإلا تزوج وابتنى بامرأة . والطيان رجل يستر فضائح الناس ، فمن رأى أنه يعمل عملا في الطين ، فإنه يعمل عملا صالحا . والجصاص رجل منافق مشعب معين على النفاق . والنقاش إن كان نقشه بحمرة ، فإنه صاحب زينة الدنيا وغرورها ، وإن كان نقشه للقرآن في الحجر ، فإنه معلم لأهل الجهل . وإن كان نقشه بما لا يفهم في الخشب ، فإنه منقص لأهل النفاق ، مداخل أهل الشر . وناقض البناء ناقض العهود وناكث للشروط. وضارب اللبن ، جامع للمال . فإن رأى أنه ضرب اللبن وجففه وجمعه ، فإنه يجمع مالا . فإن مشى فيها وهي رطبة ، أصابته مشقة وحزن والنجار : مؤدب للرجال مصلح لهم في أمور دنياهم ،. والخشاب يترأس على أمل النفاق . والحطاب ذو نميمة وشغب . والحداد ملك مهيب بقدر قوته وحذقه في عمله ، ويدل على حاجة الناس إليه لكون السندان تحت يده . والسندان ملك . والحديد رأسه وقوته ، فإن رأى كأنه حداد يتخذ من الحديد ما يشاء ، فإنه ينال ملكا عظيما. وربما دل الحداد على صاحب الجند للحرب . لأن النار حرب وسلاحها الحديد . وربما دل على الرجل السوء العامل بعمل أهل النار ، لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، شبه الجليس السوء بالحداد إن لم يحرقك بناره أصابك من شره . وإن قيل في المنام : إن فلانا دفع إلى حداد أو دفع أمره إليه ، فإنه يجلس إلى رجل لا خير فيه ، فكيف به إن أصابه شيء من دخانه أو ناره أو شراره ، فضر بذلك ببصره أو ثوبه أو ردائه . فأما من عاد في منامه حدادا ، فإنه ينال من وجوه ذلك مات يليق به مما تأكدت شواهده . والخباز : صاحب كلام وشغب في رزقه ، وكلي صنعة مستها النار فهي كلام وخصومة . وقيل : الخباز سلطان عادل ، الحناط : ملك تنقاد له الملوك ، أو تاجر يترأس على التجار . أو صانع تطيعه الأجراء . فمن رأى كأنه ابتاع من حناط حنطة ، فإنه يطلب من سلطان ولاية فإن رأى كأنه باعه من غير أن رأى الثمن ، فإنه يتزهد في الدنيا ويشكر ا لله تعالى على نعمه ، لأن كل شيء شكره . ومن رأى كأنه يملك حنطة ولا يمسها ولا يحتاج إليها ، فإنه يصيب عزا وشرفا ، لأن الحنطة أشرف الأطعمة.فإن رأى كأنه سعى في طلبها واحتاج إليها أو مسها ، أصابه خسران وهوان ، وعزل إن كان واليا ، وفرق بينه وبين أقاربه ، بدليل قصة آدم عليه السلام .وبياع الدقيق والشعير مثل الحناط والطحان رجل مشغول برمة نفسه ودنياه ، فإن رأى شيخا طحانا فإنه جد الرجل ، وتدل رؤياه على أنه يصيب رزقه من جهة صديقه. فإن رأى شابا طحانا فإنه ينال رزقه بمعاونة عدوه إياه . فإن رأى أنه طحان وقد طحن طعاما بقدر كفايته ، فإن معيشته على حد الكفاية . فإن طحن فوق الكفاية كانت معيشته كذلك . ومن رأى أنه طحان ، فإنه قيم نفسه وقيم أهله. والقصاب : ملك الموت ، فمن رأى كأنه أخذ من قصاب سكينا أصابه مرض ثم يبرأ ،ويصيب في حياته قوة ، فإن رأى كأنه ذبح ما لا يحل ذبحه من البهائم ، فهو دليل ظلمه والتباس عمله فيما بينه وبين الله تعالى . فإن رأى كأنه ذبح أباه ، فإنه يبره وصله إذا لم ير دما ،وإن رأى دما لم تحمد رؤياه ،وقيل : إن القصاب دليل الشدة في جميع الأحوال ، إلا في الحالين ، حال الدين فإنه يدل على قضائه ، وحال القيد فإنه يدل على فكه . والقصاب المنسوب إلى ملك الموت هو المجهول ، وأما المعروف فهو قاسم الأموال بين الأيتام والورثة . وقيل : هو السفاك ، وقيل : هو صاحب السيف .ومن رأى أنه يقسم اللحوم فإنه يمشي بين الناس بالنميمة . ومن رأى كأنه يقسم لحم بقر بين أقربائه ، فإن كان من أهل الخير والصلاح ، فإنه يصل رحمه ويقسم ماله بين ورثته بالعدل في حياته ، ويزوج أولاده . والسلاح : رجل ظالم كالشرطي أو التاجر الذي يمنع الحقوق عن الناس ، ويذهب بأموالهم . والشواء مؤدب ، فمن رأى كأنه يشتري قطعة من شواء ، فإنه يستأجر حاذقا . وقيل : إن الشواء رجل في كلامه شغب . والطباخ وكل من يعالج في صناعته النار ، أصحاب كلام وخصومات وشر وآثام ، كخدمة السلطان وأعوان الحكام وسماسرة الأسواق. والكيس : يدل في الأشياء على الأسرار ، وانكشافها إظهار اليسر وخيانة في الأمانة . والبقلي : رجل دنيء الكلام صاحب هموم وأحزان .والبطيخي رجل ممراض . و الباقلاني يسمع كلام السوء ويسمعونه أسوأ منه . وحلاب الأغنام جماع الأموال . وحالب البقر رجل يطالب العمال . وحالب الغنم رجل حسن الذكر عامل بالفطرة ، جامع للمال الحلال طالب للعلم . والهراس رجل مشغب وقيل : هو ضراب لسلطان جلاد وعيشه من ذلك . والسماط خائن أو عيار ظالم، لسمطه الناس من أموالهم ، لأن الصوف والشعر والوبر والريش أموال . وهو وصي يأكل أموال اليتامى ظلما . والناطفي والحلاوي ذوو كلام حلو وخلق لطيف ، وقيل : هو مصنف العلوم ، وقيل : هو رجل يسوق لنفسه بإلقاء العداوة بين الناس والنميمة. والكامخي ممراض . وعصار الدهن إن كان من سمسم ، فإنه رجل ذو رياسة ومال ، وإن كان من حبوب ، فإنه رجل يجمع مالا يتعب فيه ومشقة . والسماك رجل نخاس الرقيق ، لأن السمكة جارية أو امرأة ، والسكري رجل لطيف فإن رأى أنه يبيع سكرا ويأخذ ثمنه دراهم ، فإنه يلطف الكلام للناس فيتلطفون له بالجواب . والسمان رجل موسر يعيش في ظلمه من تبعه ، والرأس رئيس الرؤساء ، فإن رأى كأنه اشترى رأسا من رآس ، فإنه يطلب من رئيس أن يشغله بخدمة ينتفع ويرتفق بها . والذباح : رجل ظالم. والإسكاف المجهول رجل قاسم المواريث عادل فيها . وكذلك الصرام ، فإن جلود الحيوان مواريث . والحذاء نخاس الجواري يزين أمور النساء ، لأن النعل امرأة ، والخياط رجل مؤلف في صلاح تعم بركته الشريف والوضيع، وتلتئم على يديه أمور متفرقة ، فإن خيط لنفسه ، فإنه يصلح دنيا نفسه في صلاح الدين ، فإن رأى كأنه يخيط ثوب امرأته ، فإنه يصيبه محنة . والبزاز : رجل يحسن ويهدي الناس إلى الرشاد في أمر المعاش والمعاد ما لم يأخذ عنه ثمنا ، فإن أخذ عنه ثمنا دراهم ، دل على أنه يعمل الإحسان رياء . وإن أخذ ثمنه دنانير ، دل على قال وقيل وغرامة . والخلقاني رجل متوسط الحال، وابتياعه الخلقان يدل على فقر ، وبيعه يدل على زوال الفقر ، والجزار مثل الإسكاف ،وقيل مثل الحذاء . وبياع الطيور نخاس الجواري والخواص . والطرائفي والأكافي أيضا نخاس الجواري ، لأن الأكاف امرأة عجمية . والبيطار رجل يعين الجند وكبراء الناس على أمورهم ، وقيل : هو طبيب ومصلح وجابر وحجام وشعاب ، لأنه بيطار الأجسام . والتاجر : فإن رأى رجل أنه قاعد على حانوت وخوله متاع التجار وعليه زي التاجر وهو يتجر ويأمر وينهى ، فهو رياسة في تجارته ، وإذا لم يكن التاجر من أكابر التجار فرأى بيده شيئا من أدوات التجار ، ميزان أو رزمانج أو رمانة قبان أو دواة أو قلم ، فإنه يأمن من الفقر. والجوهري : صاحب نسك وعبادة . وحكاك الفصوص رجل يسيء القول للناس . والسمسار رجل يدعي السخاء وتأمن الناس به . والحلواني رجل بار لطيف إذا لم يأخذ ثمنا ، فإن أخذ ثمنا فهو مراء . والخمار : صاحب مال حرام ومكسب فاسد يحث الناس على الأباطيل . والحمال صاحب هموم وحمل . والجمال والحمار والمكاري والبغال ولاة أمر الجند والتدبير . وكذلك السائس والجوشني داعي الناس إلى الألفة وحسن الصحبة . والنبلي : زاهد عابد ، وقيل : جاسوس . والقواس رئيس الفرج . والتراس سلطان قوي يغري العساكر بأعدائهم . والرماح صاحب ولاية . والزراد معلم دال إلى الخير ،وقيل ذو سلطان . والسراج نخاس لأن السرج امرأة أو جارية ، لأنه مقعد الرجل . والجوالقي رجل يحرض الناس على السفر ،وقيل : هو رجل يفشي الناس إليه أسرارهم . وجزار الشعور : رجل يضر الأغنياء وينفع الفقراء . وجالب الأمتعة جامع الدنيا . والنحاس صاحب عشور . والحارس يدل على ظهور الأسرار . والحمام جامع بين الناس على معصية ، وهو أيضا قيم من يدل الحمام عليه ، لأن الحمام يدل على أشياء كثيرة. والحفار : رجل صاحب مكر وخديعة حتى يظهر الماء ، فإن ظهر الماء فهو حينئذ عقده إن كان ذلك له ،والأصل في الحفر المكر . وحفار الجبال رجل يزاول رجالا عظاما ، وقيل : إن الحفار رجل في عناء ومشقة لا ينجو من ذلك ما عاش ،فإن رأى كأنه يحفر في الثرى ، فإنه يشرع في باطل لا ينتفع به ، وقيل : إن الحفار رجل حقود مكار . والحجام : رجل يدل على متحكم في رقاب الناس ومهجهم وشعورهم وأبشارهم، كالسلطان والعالم والحاكم والطبيب . وكاتب الشروط والصكاك في الأعناق ، فمن رأى حجاما حجمه نظرت في أمره ، فإن كان مطلوبا بدم أو في جهاد ، قتل وسال منه دم بالحديد من عنقه ، وإذا كان مريضا شفي على يد الطبيب ، فإذا كان مطلوبا بمال في عنقه كالأمانة والدين ، أداه على يد حاكم ، وإن كان يرغب في النكاح تزوج امرأة وكتب كاتب الشروط في عنقه ، وإلا باع سلعة أو اشتراها أو قبض دينا أو عامل بدين ، وكتب عليه شروط. والحراث : ذو أخطار ،وقيل : مشتغل بعمل صالح . والحلاق رجل يصلح أمور الناس عند السلطان . ورائق الجراحات داعي الناس إلى خير وألفة ، وراقي الحيات رجل غدار ، والرقية في المنام إذا كان فيها اسم الله تعالى نجاة من الهموم. والخازن : رجل منافق يجمع عنده مال حرام . والخراط رجل يقاتل رجالا فيهم نفاق ويسرق أموالهم . والدلال غير محمود ، والريحاني رجل صابر على المصائب راض بالقضاء. والرفاء معتذر بعد الرمي بما لا عذر فيه ، وصاحب خصومة ، فإن رفأ ثوب امرأته بعد أن ظهرت عورتها، فإنه ينسبها إلى فاحشة ثم يعتذر إليها من الكذب . فإن رفأ ثوب نفسه خاصم بعض أقربائه وصاحب من لا خير فيه . والراعي صاحب ولاية ، ويدل على معلم الصبيان ، وعلى من يتولى أمر السلطان أو الحاكم ، ومن رأى أعرابيا يرعى الغنم فإنه يقرأ القرآن ، ولا يحسن معانيه ، وراعي البخاتي وال على العجم . والرائض : صاحب ولاية . وبياع الرصاص صاحب أمر ضعيف . والزجاج نخاس الجواري . والسقاء رجل ذو دين وتقوى يجري على يديه الخير ما لم يأخذ عليه أجرا ، فإن ملأ سقاء الملاء وحمله إلى منزله ولم ينو شربه ، فإنه يجمع مالا يأكله غيره . فإن حمل الماء إلى رجل وأخذ عليه ثمنا ، فإنه يحمل وزرا وينال المحمول إليه مالا من جهة سلطان ، لأن النهر سلطان ، والماء في الإناء مال مجموع والذي يسقي الناس بالكؤوس والكيزان صاحب أفعال حسنة ودين كالعالم والواعظ ، وأما من يحمل القرب والجرار فهو المأمون على الأموال والودائع . والوراق : محتال . والسقطي عالم بالترهات . والصيرفي عالم لا ينتفع بعلمه إلا في غرض الدنيا ،وهو الذي صنعته تصاريف الكلام والجدل والخصام والسؤال والجواب لما في الدنانير والدراهم التي يأخذها ويعطيها من الكلام المنقوش ، كالقاضي ، وميزانه حكمه وعدله ، وربما كان ميزانه نفسه ولسانه ، وكفتاه أذناه ، وصنجتاه ، وأوزانه عدله وأحكامه ، والدراهم والدنانير خصومات الناس عنده ، وقيل : هو الفقيه الذي يأخذ سؤالا ويعطي جوابا بالعدل والموازنة ،وهو المعبر أيضا لاعتباره ما يرد عليه ، ووزنه وعبارته ، فيأخذ عقدا كالدنانير ويعطي كلاما مصرفا كالدراهم ، أو يأخذ كلاما متفرقا كالدراهم ، ويعطي عبارة مجموعة كالدنانير ، فمن صرف في منامه دينارا من صيرفي وأخذ منه دراهم نظرت في حاله ، فإن كان في خصومة نقصت . وإن كان عنده سلعة باعها وخرجت من ملكه ، وإلا نزلت به حادثة يحتاج فيها إلى سؤال فقيه ، أو يرى رؤيا يحتاج فيها إلى سؤال معبر ، ويأتيه في عواقب ما ذكرناه ما يكرهه ويحزنه ، لأخذه الدراهم ، لأنها دار الهموم فاتنة القلوب والهم يشتق من اسمها ، إلا أن يكون له عادة حسنة في رؤيا الدراهم قد اعتادها في سائر أيامه وماضي عمره . وكذلك لو قبض ذهبا ودفع دراهم ، لأن الذهب مكروه وغرم في التأويل لاسمه ، ومنفعته لا تصلحه ، وكذا عادة الذي رآه . والناطور : صاحب ولاية وإن كان على شجرة جوز كانت ولايته على عجم بخلاء . والسكاكيني رجل يعلم الناس والحذق والكياسة. والسائل الفقير : طالب علم ، فإن أعطي ما سأل نال ذلك العلم ، وخضوعه وتواضعه ظفر . والسابح طالب العلوم ، وأمور الملوك . والساحر فتان . والشعاب رجل شريف مصلح نفاع مؤلف بين الشريف والدنيء . والصياد قد قيل : إنه رجل يميل إلى النساء ويحتال في طلبهن ، لأن كسبه في صورة خادع ، وربما دل الصياد على النخاس ، وربما دل على صاحب الحمام ، ومعلم الكتاب ، وكل من يترصد الناس ويصيدهم بما معه من الصناعة والحلية . وربما دل الصياد على القواد ، فمن خالط صيادا أو عاد صيادا ، فاستدل على صلاح ما يدل صيده عليه من فساده ، وبصفة صيده وزيادة منامه وقدرة في نفسه ، وما يليق بمثله . فإن كان صيده في البحر أو بما يجوز له في البر، فدلالة الصيد صالحة . وإن كان في الحرم أو بما لا يجوز في البر من التعذيب فهو رديء . وصياد السباع سلطان قوي عظيم يكسر العساكر ويقهر السلاطين الظلمة . وصياد البزاة والبواشق سلطتن عظيم بمكر وخداع للسلاطين الغشمة الماردين . وصياد الطيور والعصافير رجل تاجر يمكر ويخدع أشراف الناس . وصياد الوحوش يمكر بأقوام عجم ويقهرهم . وصياد السمك مع النساء والجواري خاصة ومعاملتهم . والشاهد : المعدل رجل يظفر بالأعداء . والكاتب رجل ذو حيلة كالحجام ، وقلمه مشرطه ، ومداده دمه . وكالرقام ونحوهم ، وربما دل على الحراث ، فقلمه سكته ومداده البذر والكتاب المطوي خبر مخفي ، والكتاب المنشور خبر مشهور. والصفار : رجل صاحب دنيا يؤثر الشر على الخير ، وقيل : هو رجل غاش خائن، وقيل رجل صاحب خصومة . فإن رأى من كان يريد التزويج أنه يعمل عمل الصفارين ، دلت رؤياه على حسن خلق المرأة على أنها تكون لسنة . والصباغ : صاحب بهتان ، فمن رأى صباغا في منزله يتخذ له الصبغ فهو الموت ، وربما كان الصباغ يجري على يديه الخير . والصائغ شرير كذوب لا خير فيه ، لأنه يصوغ الكلام مع دخانه وناره ، وإن كان معه ما يدل على الصلاح ، وإن كان في مسجد أو تاليا القرآن ، فهو دال على كل حائك وجابر وعلى كل من صناعته إخراج شيء من شيء . والصقيل : وزير مهيب له أمر ونهي ممن يضر وينفع ، كالسلطان وسيوفه جنده ، ورجاله أوامره . ويدل أيضا على الفقيه أو الحاكم ، وسيوفه فتواه وأحكامه والواعظ ، وسيوفه قلوب الناس عنده يجلوها ويزيل صدأها ويدل على الطبيب وسيوفه عقاقيره القاطعة للأمراض . فمن عاد في المنام صقيلا ، عمل من وجوه ذلك ما يليق به . ومن جرت بينه وبين صقيل مجهول معالجة أو معاملة حراما ، يدل على اليقظة بينه وبين من يدل عليه الصقيل في التأويل مثله ، بما يطول شرحه . وأما ضراب الدراهم والدنانير : فقد قال ابن سيرين : إنه صاحب نميمة وغيبة ينقل ا لكلام . وقيل : إن الضراب رجل بار لطيف الكلام إذا لم يأخذ عليه أجرا ، وقيل : هو رجل يفتعل الكلام جيدا حسنا . فإن رأى أنه يضرب الدنانير والدراهم بباب الإمام وكان أهلا للولاة نالها. وقيل : إن ضراب الدنانير يحافظ على الصلوات ويؤدي الأمانة وضرب الدراهم الرديئة كلام رديء وقول بلا عمل . والطبيب : عالم فيه الدين ، ويدل على كل مصلح ومدار لأمور الدين والدنيا كالفقيه والحاكم والواعظ الذي وعظه مرهم ودرباق ، مثل المؤدب والسيد والدباغ المصلح لجلود الحيوان . ويدل أيضا على الحجام لما في الحجم من شفاء. فمن رأى قاضيا أو عالما عاد طبيبا كثر رفقه وعظم نفعه . ومن رأى طبيبا عاد قاضيا أو فقيها فإن كان مسلما حكيما زاد ذكره وعظمت مرتبته وعلت درجته في صناعته ، وإن كان على خلاف ذلك نزلت به بلايا ، ولعله يهلك أحدا بطبه لجهله وجراءته ، لأنه سما في المنام إلى ما ليس له. ومن رأى طبيبا يبيع الأكفان فليحذر منه ، فإنه سفاك خائن في طبه ، لا سيما إن كانت الأكفان التي باعها مطوية ، فهو أدل على تدليسه في دوائه وغلط عامة الناس فيه ، ومن رأى طبيبا عاد دباغا للجلود فهو دليل على حذاقته وكثرة من يبرأ على يديه ، إلا أن يرى أن دباغه فاسد عفن ، فهو جاهل مدلس . والمطرز : عالم مكار مزوق كلام ، والعلاف رجل كثير المال . والعطار أديب أو عالم أو عابد ، والأصل أنه رجل يثنى عليه الثناء الحسن . والشعار رجل دخل في أمور غيره . وبيع الغزل يدل على السفر . والغواص ملك أو نظير ملك ، فمن رأى أنه غاص في البحر فإنه يدخل في عمل ملك أو سلطان . فإن رأى كأنه استخرج لؤلؤة ، فإنه ينال من الملك جارية تلد له ابنا حسنا ، لقوله تعالى ( كأنهم لؤلؤ مكنون ) ـ الطور : 24 . وتدل رؤيا الغواص على طلب العلم الغامض ، وعلى طلب مال في خطر ، ويصيب ما يطلبه على قدر ما يطيب اللؤلؤ . والقصار رجل مذكر واعظ يتوب بسببه قوم من معاصيهم . وقيل : هو رجل يجري على يديه صدقات الناس أو يفرج الكربات ، لأن الوسخ في الثوب ذنوب أو هموم . وأما القفال : فإنه رجل دلال ، فمن رأى أنه قفل باب حانوته فإنه دلال متاع . فإن رأى أنه قفل باب دار ، فإنه دلال تزويج . والقلانسي رئيس . وأما الفراش : فنخاس الرقيق ، وهو الذي يلي أمور النساء . والفحام : سلطان جائر يفقر رعيته ، لأن الأشجار رجال ، والنار سلطان . فإن رأى كأن الفحم نافق في سوقه ، فإنهم أقوام قد افتقروا من جهة السلطان ، ويرد عليهم أموالهم. والقدوري: رجل طويل العمر ، لقوله تعالى ( وقدور راسيات ) ـ سبأ : 13 . والقطان رجل صاحب مال وتعب . والكيال : وال عادل لم يبخس في كيله . والكاهن رجل صاحب أباطيل وغرور. والكحال : رجل داع إلى الخير مصلح للدين. والمساح : رجل يتفقد أحوال الناس ويحب الوقوف عليها ، فإن رأى كأنه مسح أرضا مزروعة فإنه يتفقد أحوال أهل الصلاح ، وإن مسح كرما فإنه يتفقد حال امرأته ، فإن مسح شجرا فإنه يتفقد أحوال رجال فيهم دين ، فإن مسح شارعا فإنه يسافر بقدر ذلك الطريق الذي مسحه . وإن كان في وجه الحج فإنه يحج ، فإن مسح مفازة فإنه يفوز منغم ، وإن مسح أرضا مخضرة لم يعرف صاحبها فإنه يصير ذا نسك وصلاح . واللص : هو الرجل المغتال الطالب ما ليس له ، وربما دل على المفسد لنساء الرجال ، والمخالف إلى فرشهم ، أو الصائد لدواجنهم أو حمامهم . واللص المجهول دال على ملك الموت لاختفائه في حين قبضه ، ونزوله في المنزل بغير إذن. والأموال والأرواح شركاء في التأويل . وربما دل اللص على السبع والحية والسلطان ، وقيل : إن اللص الأسود سوداوي ، والأبيض بلغم ،والأحمر دم ، والأصفر صفراء . وإن رأى لصا دخل منزلا فأصاب منه شيئا وذهب به ،فإنه يموت إنسان هناك . فإن لم يذهب بشيء فإنه إشراف إنسان على الموت ثم ينجو. والمصور : كاذب على ا لله تعالى ذو البدعة ، وربما دل على الشاعر والزامر والمغني وأمثالهم ، ممن يأخذ المال على الباطل الذي يختلقه بيده أو فمه . والمعلم سلطان ذو صنائع ، والمعلم للصبيان المجهول ، يدل على الأمير والحاكم والفقيه ، وعلى كل من له صولة ولسان وأمر ونهي ، وربما دل على السجان لحبسه لأهل الجهل ، وعلى صياد العصافير وبائعها وأمثال ذلك . ومن رأى كأنه عاد معلما نظرت في حاله وأي شيء يليق به مما ينسيه إليه المؤدب ، وقد يدل المعلم المجهول على الله تعالى كما دل القاضي ، لقوله تعالى ( الرحمن * علم القرآن ) ـ الرحمن : 1 ـ 2 . فهو معلم الخلق أجمعين. والبحاث : يقاتل أقواما منافقين ،ويأخذ منهم أموالا بالمكر . والنباش طالب علم غامض،وإن لم يكن من أهله فهو قواد ، ويدل أيضا عن الباحث عن الأمور المستورة المخفية والكنوز . والسائل عن الناس في الشهادات ، فإن نقل الموتى فإنه ينال ما يتمناه ، وإن نبش عن ميت فهو وباحث عن علم في طلب الدنيا . وإن كان مالا فهو حرام . فإن كان الميت حيا فإن ا لعلم زيادة في الدين ، وإن كان مالا فهو حلال . ومن رأى كأنه يحدث الموتى في حوائجه قضيت حوائجه . ونخاس الجواري صاحب أخبار ، لأن الجواري أخبار . ونخاس الدواب صاحب ولاية ، والنداف صاحب خصومات تجري على يديه أهوال ، فإن رأى أنه يندف دخل في خصومة ، فإن رأى أنه لا يحسن الندف غلبه خصمه . والناقد : رجل يختار من كل شيء أجوده ، كالحاكم العادل ، والفقيه العالم والورع ،والعابر الحاذق ، والعابد المحترس من خداع الشيطان ، ومثل من لا يجوز عليه التدليس . والنعال رجل يعذب الناس لأجل المال ، فإن رأى كأنه ينعل كما ينعل الدواب ، فلم يجد له ألما نال مالا ، فإن ناله ألم ناله ضرر . والمعبر : يدل على الحاكم والفقيه والطبيب وكل من يحزن الإنسان عنده ويفرح ، وربما دل على المسجد ، وقارئ القرآن لأنه مبشر ومنذر . وربما دل على الوزان وعلى كل من يعالج الميزان والأوزان كصاحب المعيار والصيرفي ، وربما دل على من تولى الكشف للحاكم ، فإنه يبحث عن عورات الناس ، وربما دل على القصار والغسال وجزاز الشعور وكل من يسلي هموم الناس على يديه ، وربما دل على قارئ كتب الرسائل وسجلات الملوك القادمة من البلدان ، لأنه يعبر عن الرؤيا المنقولة عن المنام فيخبر بما يؤول إليه فمن عاد في النوم عابرا فإن حاق به القضاء ناله ، وإن كان طالبا للعلم والقرآن حفظه ، وإن كان موضعا للكتابة نالها ، فإن كان طالبا لعلم الطب حذقه ، وإلا عاد صيرفيا أو مكثفا أو قصارا أو غسالا أو وجزازا أو قارئا على قدر الأيام وزيادة الأحلام. وأما من قص في المنام مناما على معبر ، فما عبر له فهو ما كان موافقا للحكمة جاريا على السنة ، وإن لم يعقل سؤاله ولا فهم عبارته ، فلعله يحتاج إلى بعض من يدل العابر عليه في صناعته ، فيقف إليه في حاجته . وقال بعضهم : المعبر رجل يطلب عثرات الناس . المجبر : ملك و صنائع يؤلف الحقوق والحكام على الاستقامة ، وهو في الأصل صالح لاسمه دال على كل من تجري الخيرات على يديه في الدين والدنيا ، كالسلطان والحاكم والفقيه والكثير الصدقة ، وكالإسكاف والخياط والشعاب والبناء والبيطار وأمثالهم . فمن رأى أنه وقف إلى جابر في داء نزل به أو كسر أصابه ، فانظر إلى حال السائل وحقيقة الداء ومكانه ، حتى تعلم من الجابر بذلك من إشراكه في التأويل ، فإن قال رأى قرحة خرجت في عنقه ، فوقع على جابر ففتحها له بالحديد حتى سال جميع ما فيها ، فيكون ذلك شهادة في عنقه أو نذرا أو دينا يفرج عنه منه على يد حاكم أو عالم . ومن رأى مفاصله تفصلت أو عظامه تفرقت فضمها المجبر بعضها إلى بعض حتى عاد جسمه صحيحا ، دل على أنه يفصل ثوبا ويدفعه إلى خياط يخيطه ، وإن كان ذاك في اليد اليمنى خاصة فعمل عليها المجبر جبارة وربطها إلى عنقه ، فإنه رجل يجبره بمعروفه فيعتق يديه عن الصانع والأعمال ويمنعها عن قبول الصدقات . وإن كان ذلك في رجليه جميعا أو في إحداهما ، فإن تأويله في نحو ذلك إلا أن يكون له دابة فإني أخشى أن تنزل بها حادثة ،فيحتاج فيها إلى البيطار . والمغازلي رجل يفشي أسرار الناس . والمشاط رجل يجلي هموم الناس . والفصاد إن فصد بالطول ، فإنه يتكلم بالجميل ويؤلف بين الناس ، وإن فصد بالعرض فإنه يلقى العداوة بينهم وينم ويطعن على أحاديثهم. والفتح مساح كما أن المساح فتح . والخوزي رجل يلي أمور الناس ويعمل في ترتيبها . وجلاء الصفر رجل يزين متاع الدنيا ويحببه إلى نفسه ، والملاح رجل سجان ،وقيل : هو سائس الملك ،وقيل : هو وزيره وصاحب جنده ومدبر عسكره والمتوسط بينه وبين رعيته ، وربما دل على الجمال والبغال والحمار والمكاري والسائس . وبياع الملح صاحب أموال من الدراهم . والمساميري : يأمر الناس بالتودد . والبائع والمشتري مختلفين ، فمن رأى أنه يبيع شيئا أو يشتريه فإنه مضطر محتاج ، لأن الإنسان لا يبيع إلا وقت اضطراره فإذا اضطر باعه واشترى شيئا ، والاضطرار يخرج الإنسان إلى الحيل . ومن رأى أنه باع شيئا من نوع محبب فإنه يقع في تشويش واضطراب ومخاطرة ويرجو بذلك ظفرا ونجاة من المهلكة . فإن رأى أنه باع شيئا مكروها فلا خير ف يه . فإن اشترى شيئا من نوع محبوب فإن ذلك التدبير نجاة مما يحاذره . فإن كان من نوع مكروه فإن ذلك التدبير خطأ ويناله منه هم وحزن . وأما محيي الموتى فهو رجل يخلص الناس من يد السلطان ،وقيل : إن محيي الموتى دباغ الجلود ، وصانع الموازين حتى يعلق الكفتين ويعتدلا ، هو بمنزلة الحداد . وأما النساج : فهو الجماع الكداد في عمله ، الذي يسعى في طلبه أو يحث في عمله ، كالمسافر ، والمجالد بالسيف فوق الدابة ورجله في ا لركاب ، وربما دل النساج على البناء فوق الحائط ، المؤلف للطاقات المناول من تحته من بينه في حائط الذي علا عليه ، ووزنه بميزانه وخيطه ، وضربه بفأسه . وربما دل على الناسج والمصنف والحراث . وقد دل المنسج على ما الإنسان فيه من مرض أو هم أو سفر أو خصومة أو قراءة أو كتابة . فمن قطع منسجه فرغ همه وعمله وسفره وما يعالجه وإلا بقي له بقدر ما بقي من تمامه في النول ، وقيل : النسج سفر ، وقيل النسج خصومة ، وأما المسدي فهو الذي لا يستقر به قرار ، والذي عيشه في سعيه كالمنادي والمكاري ، وقد يدل على الساعي بين الاثنين ، وعلى ذو الوجهين . والفتال هو الماسح والسائح والمسافر ، وربما دل على كل من يبرم الأمور ويحكم الأسباب ، كالمفتي والقاضي وذي الرأس ، فمن فتل في المنام حبلا سافر إن كان من أهل السفر ، أو مسح أيضا إن كانت تلك صناعته ، أو أحكم أمرا هو في اليقظة على يديه أو يحاوله أو يؤلمه ، إما شركة أو نكاحا أو اجتماعا على عهد وعقد أو ائتلافا. والمكاري : والجمال والبغال والحمار ، فإنهم ولاة الأمور ومقدمو ا لجيوش ، والمكلفون بأمور الناس ، كصاحب الشرطة والسعاة ، لأنهم يدبرون الحيوان ويحملون الأموال. وضارب البربط : يفتعل كلاما باطلا . والطبال يفتعل كلاما باطلا . والزامر ينعى إنسانا . والراقص رجل تتابع عليه مصيبات . وصاحب البستان قيم امرأة . والحطاب ذو نميمة . وصاحب الدجاج والطير نخاس الجواري . والفاكه ينسب إلى الثمرة الذي باعها . ومن باع مملوكا فهو صالح له ولا خير فيه لمن اشتراه ، ومن باع جارية فلا خير فيه وهو صالح لمن اشتراه . وكل ما كان خيرا للبائع فهو شر للمبتاع . وأما الدهان : فهو يعمل أعمالا خفيفة يزين بها ، ومطرز مصلح ومفسد ، كالمنافق المرائي والمتصنع المداهن والمدلس والمادح والمطري يستدل على صلاح عمله من فساده ونفعه وضره ، بحسب دهنه واعتداله وموافقته للمدهون ، وبالمكان الذي يعالج فيع ، وبلون الدهن وما جرى فليه من الكتاب والصور ، فإن كان قرآنا أو كلام بر فهو صالح ، وما كان سورا أو شعرا من باطل فهو فاسد. والسباك : هو المسبوك في صناعته ، والمبتلى بالسنة أهل وقته للفظ ا لسبك والسنة النار ، فربما دل على المحتسب الفاصل بين الحق والباطل . وربما دل على الغاسل والقصار ومصفي الثياب وأمثالهم .

كل من عمل عملاً أرفع من عمله نال عزاً ، ورفعة ، وغنى. كالفقيه ، يرى أنه يدرس ، أو يخطب ، أو يؤم بالناس ، أو كأنه يقضي. وكمن يكتب على الطرقات ، أو خطاً دوناً ، فيرى أنه يكتب أحسن مما يكتب ، أو في ورق أحسن من ورقه. أو كخياط ، يخيط القماش الردي ، يرى أنه يخيط الرفيع. وكبائع الخلقان ، يرى أن له دكاناً ، فيها بز مليح. وكبائع الحلاوة الدونة ، يرى أنه يبيع حلواء السكر ، وكناسج المشاق ، يرى أنه ينسج الكتان ، أو الحرير. وأمثالهم.

قال المصنف : قال لي إنسان : رأيت أنني أخطب على منبر حجر وكأنني قد تحولت منه إلى منبر خشب مليح ، قلت له : خطبت امرأة فقيرة وما تم مرادكم ، ثم تحولت إلى خطبتة امرأة غنية ، قلت له : أين كان المنبر قال : كان في غير جامع ، قلت له : صنعة ابنها نجار ، أو يخدم البساتين وربما يتاجر في الخشب ، قال : صحيح المجموع فيه ، ودليله لو كان المنبر في أماكن العبادة قلنا : بيت عالم ، أو جليل القدر ونحو ذلك فلما لم نجده كذلك أعطى أنه التزق إلى من يعمل الخشب ، أو يربح منه. وقال لي خطييب : رأيت أن منبري صار جديداً ، قلت له : يتجدد لك توقيع بمنصب جديد وربما تتولى قطراً ، فجاءه توقيع بالنظر. وقال لي ناسخ : رأيت أنني أكتب في ورق فيصير ألواحاً ، قلت له : تنتقل من النسخ وتصير معلم مكتب. وقال آخر : رأيت أنني آخذ نبتاً من الأرض وأكتب عليه ، قلت : تتولى على دار الخضر ، أو موضع تباع فيه الفواكه ، فصار كذلك. ومثله رأت امرأة ، قلت : تصيرين ماشطة تكتبين للنساء والبنات في الأفراح وتنقشينهن ، فصارت كذلك. فافهمه.
فصل : من عمل عملاً دون عمله دل على الفقر ، والنكد ، ونزول المرتبة ، والتنقل من حال إلى حال أردى منه. كمن نعته صياغة الفضة ، أو الذهب ، فيرى أنه يصوغ الحديد. أو كطباخ ، يطبخ لحوم الغنم ، فيطبخ لحوم الإبل ، أو البقر. وكبائع الجواهر ، واللؤلؤ ، يرى أنه يبيع الخرز ، أو الخزف. وكتاجر القماش المليح يرى أنه يبيع الأكسية ، أو المشاق ، وأمثال ذلك. لأن كل من فعل فعلاً ، لا يليق به فهو شهرة ردية في حقه.
قال المصنف : وأما إذا عمل دون عمله فاعتبره. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أكتب الورق مقلوباً قلت : إن كنت مزودجاً فأنت تأتيها مقلوباً وإلا تعايثت الذكران. وقال آخر : رأيت أنني أمد بذنب قلم ثم ألعق ما عليه فأجده حلواً ، قلت له : عندك غلام وهو يفسد ويجيب لك من كسب فساده وأنت تأكل من ذلك ، فسأل عن كسب غلامه فوجده كما ذكرت له ، فامتنع. وقالت امرأة : رأيت كأنني قاعدة على ورق فجاء قلم يكتب على الورق فدخلت في القلم وهي تمشي بي ، قلت لها : تتزوجين برجل فقيه أو كاتب ويسافر بك. وقال آخر : رأيت أنني صرت قلماً وأنا أكتب ، قلت : تصير سقاءً تحمل الماء وتسقي. ومثله قال آخر : قلت : كان قصباً مليحاً ، قال : نعم ، قلت : تصير كاتباً جليل القدر على قدر حسنه. وقال لي صائغ : رأيت أنني كلما عملت ذهباً ، أو فضة يصير نحاساً ، قلت له : أنت تبدل الجيد بالردي ، قال : صدقت ، وأنا تائب إلى الله تعالى. وقال آخر – وكان طباخاً - : رأيت أنني أخذت رأس غنم بالحياة فرميته في القدر ، قلت له : أنت طبخت مرة رأسا فطيساً وأخفيت أمره ، قال : صدقت ، ثم تبت من ذلك. وقال آخر : رأيت أنني ذبحت جملاً في قدري ، قلت له : عملت حيلة على جمال ، أو بدوي وقدرت عليه ، وأخذت ماله وروحه خفية ، وكان في غير هذا البلد ، قال : صحيح ، وقت الجهل. وقال آخر : رأيت أنني أتيت إلى بطن بقرة من داخل فأخذت كبدها وطنحته في بطنها ، قلت له : عملت حيلة على امرأة وداخلتها في البواطن وأفسدت ولدها – وربما كانت بنيتاً – وسرقت لهما أعز متاعهما من حمام وهي عريانة ، وأهريت كبدها ، قال : صدقت. وقال آخر : رأيت أنني آخذ القماش المليح وأطوي في باطنه الجوز واللوز ، قلت ، أنت تتجر في القطايف والخشكنانك ، قال : صحيح ، قلت : تبطل فائدتك ، لأن القماش لا يؤكل فبطلت. فافهم ذلك إن شاء الله تعالى.
فصل في الصنائع : من صار قاضياً ، أو طبيباً ، أو كحالاً ، أو مجبراً ، أو جرائحياً ، أو عطاراً ، ونحو ذلك : وتولى منصباً ، على قدر ما يليق به. أو درّت معيشته ، أو ربحت تجارته ، أو أفادت أملاكه ، وترادفت راحته. فإن قاضياً ؛ وعليه لبس حسن ، أو طبيباً ؛ وهو يفرق على الناس في المنام أدوية نافعة ، أو إذا رأى كأنه جرائحي وهو يداوي الجراحات بما صلح لها ، أو مجبر ؛ وهو يجبر كسر الناس ، أو كحال ، وهو يداوي أبصار الناس : فإن جعلنا ذلك متولياً ، كان حسناً ، فيه خير وراحة وعدل. وإن جعلناه مالاً فمال مفيد. وإن جعلناه راحة كانت راحة مترادفة ، أو معيشة دارة ، من وجه جيد.



قال المصنف : انظر ما صار إليه من المناصب والصنائع واعتبره بحكم يليق به. كما قال لي إنسان : رأيت أنني صرت إماماً أصلي بالناس ، قلت : عزمت على حفظ القرآن العزيز ، قال : نعم ، قلت : تحفظه ، فحفظه. وقال آخر : رأيت أنني صرت قاضياً أحكم على البراري ، قلت : تقتل في سفر ، فقتل. وقال آخر : رأيت أنني أنا واثنان نمشي فوقع رفيقي في بستان ووقعت أنا والآخر في أتون نار ، قلت : تتولون ثلاثتكم القضاء لأنكم علماء ، أما الذي وقع في البستان فيقع في منصب حسن ؛ وربما يكون يحكم بالحق ، وأنت ورفيقك قاضيان في النار فتتوليان منصبين رديين ؛ وربما تحكمان بغير الحق ، لأن البستان يسمى جنة وأنتما في النار ، فاتقيا الله فيما تتوليان ، فعن قليل تولوا كما ذكرنا. وقال لي إنسان : رأيت أنني صرت حائكاً وأنا أنسج قلت : في أي شيء كنت تنسج ، قال : ما كان قدامي شيء ؛ إلا أنا أحرك يدي ورأسي كالحائك ، قلت : يقع بك مرض ارتعاش في الرأس واليدين. ومثله قال آخر غير أنه عقل على المكوك في يده يرميه إلى اليد الأخرى ، قلت له : لك غريم قد سرق لك شيئاً من الملبوس ، وأنت كثير الالتفات في طلبه ؛ أنت وآخر ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت كأن في يدي قلماً وأنا ألقط به قلوباً من صحن فيه طعام ، وآخذ به لحماً أيضاً ، قلت : تصير كاتباً على بحر. ومثله قال آخر ، قلت : تصير صياداً من الماء ، فصار كذلك. وقال لي كاتب : رأيت أنني صرت جرائحياً وعندي أنواع من المراهم وهي زفرة ، قلت : عندك من المرأة التي عندك همٌّ عظيم لأجل طلوعات بها ، قال : نعم ، قلت : ستعافى ، فعوفيت. وقال آخر : رأيت أنني أعمل عنبراً والناس يشترون مني ذلك ، قلت : تعجن الطين وتعمل منه إما أواني وإما طوباً وتفيد في ذلك ، وقال آخر : رأيت أنني أستخرج الماورد بأواني زجاج ونار على العادة ، والناس يزدحمون على الأخذ مني ، قلت له : تضمن حماماً. ومثله قال آخر – وكان كبير القدر - ، قلت : تملك أو تبني حماماً ، وتكون فائدته كثيرة. ومثله قال آخر ؛ وزاد فيه أنه يكتوي من الماء الخارج ، قلت له : كي ماء أنت تعاني الكيمياء ، قال : نعم. وقال آخر : رأيت أنني صرت مجبراً ، قلت : أنت رجل بناء ماهر في صنعتك ، إذا وقع بالنباء عيب ترده ، قال : صحيح ، قلت : يعلو قدرك في ذلك. وقال آخر : رأيت أنني صرت كحالاً ، قلت له : صنعتك في عمل الآبار والعيون والسواقي ونحو ذلك ، ولك خبرة في صرف المياه وكنس الآبار وإدرار جريان المياه ، قال : نعم ، قلت : ستحتاج الناس إليك ، فجرى ذلك.

فصل : وأما إن كانت رائحة من صار قاضياً ردية ، أو كان يطعم الناس
الميتة ، أو الجيف ، أو كان لبسه ، ردياً ، أو كان الطبيب يفرق السمومات ، أو العقاقير الردية ، أو كان الكحال يقلع أعين الناس ، أو يكحلهم بالحجارة ، أو التراب ، أو الخشب ، أو المجبر يكسر أعضاء الناس ، أو عظامهم ، أو الجرائجي يمزق لحوم الناس ، أو يُسَيّل دماءهم من الأعضاء الصالحة ، أو العطار يبيع الأشياء الردية ، أو الشرابات الردية. فإن جعلناه متولياً ، كان ظالماً. وإن جعلناه مكسباً ، كان مكسباً حراماً. وإن جعلناه فائدة ، كانت بنكد. ونحو ذلك.



قال المصنف : وأما من صار فعله ، أو صفته ردية فيما صار إليه من الصنعة في المنام فأعطه ما يليق به. كما قال لي طبيب : رأيت أنني صرت قاضياً ولبسي ما هو جيد ، قلت له : تقضي على المرضى في طبك بما لا يصلح لهم ، وأخشى عليك. وقال آخر : رأيت كأنني طبيب وأنا أفرق السمومات والناس يأخذون منها ، قلت له : أنت رجل حاوى تجمع الحيات ونحو ذلك ، قال : نعم ، قلت : تفيد من ذلك. ومثله قال آخر ؛ غير أنه قال : أبيع هذه السمومات وما أرجع أبيع شيئاً ، قلت له : كان السم سائلاً ، قال : نعم. كأنه زيت ، قلت : والذي أعطيتهم تعرفهم ، قال : لا ، لكنهم أشكال ردية ، قالت له : أنت ملك ستظفر ببعض أعدائك بأن ترسل عليهم المياه فتهلكهم في منازلهم ، فما مضى قليل إلا غرق جماعة وهرب جماعة وقعوا في الماء فهلكوا ، وأرسل على بعضهم ماء في مكان ما قدر يصل بنفسه إليهم فأهلكهم ، وكان دليله أن عبور السم في الأبدان يتلفها من داخل كالماء في البنيان. وقال آخر : رأيت أنني صرت كحالاً وكلما أتيت إلى عين أذر عليها ذروراً فتعجبني فآكلها ، قلت : أعين بني آدم ، قال : لا ، قلت : فادوا فؤادك ، قال : انتفخ نفخاً شديداً نبهني من كثرة ألمه ، قلت له : أنت مغرم بأكل البيض عيوناً ، وسيحدث لك منه قولنج. وقال لي ملك : رأيت أنني أكحل العيون التي تنظر إليّ بالتراب ، قلت : تظفر بجواسيس ، قال : صدقت. وقال إنسان : رأيت أنني جرائحي وأنا أفرق لحوم الناس وغيرهم ، قلت : أنت قاطع طريق بالسلاح. ومثله قال آخر : قلت : أنت رجل شاعر تمزق أعراض الناس بمبضع لسانك. وقال آخر : رأيت أنني أعمل الشراب فيتلف ويجيء شراباً ردياً ، قلت : إياك أن تتجر في الثمار ، أو السكر والعسل ونحو ذلك تخسر فيه ، فما قبل مني ، فقال لي أنه غرم كثيراً. فافهم ذلك.

فصل : كل من يتعانى عمل الحديد ، كالحدادين ، والمسامريين فهم أصحاب أمر ، ونهي ، وقوة ، وبأس. النحاس صاحب أخبار. والنجار رجل يقمع المنافقين. والشواء ، والقلاء ، والرواس ، والطباخ ، وبائع الخبز ؛ أصحاب ولايات على الأرزاق ، ولهم ذكر دون. والصائغ رجل يعاشر الأكابر ، ويتصرف فيهم. وربما كان كذاباً كالدهان والمزوق.
قال المصنف : اعتبر أصحاب الصنائع وغلمانهم. كما قال لي إنسان : رأيت أنني صرت حداداً ، قلت : الساعة تصير في باب جليل القدر وتكون تضرب الناس ، لأن نزول المطارق على الحديدة الممسوكة بالكلبتين يشبه الممسوك والناس يضروبونه. وقال آخر : رأيت أنني أنفخ في كير حداد بلا نار ، قلت له : لك زوجتان ، أو سريتان ، فإن كنت عملت حديداً ، أو عمل على نفخك رزقت منهن الأولاد وإلا فلا ، لأن الكير فيه أبنوبان عابران في بيت النار كالذكر في فرج المرأة واستواء الحديد كاستواء الولد.
وانظر ما يعمل وتكلم عليه فالذي يعمل السكك للزرع يخدم من دلت الأراضي عليه وسكك الخيل للأجناد ، والذي يعمل ذلك لأجل القباقيب يخدم من يلبس أولئك ، والذي يعملهم لأجل المراكب فلذوي الأمانة والحفظ ، ونحو ذلك. وشبه الخشب بالمنافق لكونه يسوس ويقع على غفلة فيحسبه الإنسان ثابتاً ولا ثبات له ، وكذلك أيضاً تهرى أطرافه في البنيان فيقع على غفلة ، وأيضاً يبصر ظاهر الخشبة مليحاً فيكشفها النجار فما يجدها تنفع. وقال إنسان : رأيت أنني صرت
قلاء ، قلت : تحت يدك ولاية ترمي الناس في عذاب ويكثرون صراخهم. وقال آخر : رأيت أنني صرت شَوَّى ، قلت : أنت سجان وتدخل بعضهم الجب وتنزع
قماشهم ، فارجع عن ذلك ، فتركه. وقال آخر : رأيت أنني صرت رواساً ، قلت : أنت تصطاد من المياه وتتعيش ، قال : صدقت. ومثله قال آخر ، قلت : تصير قيماً في حمام تحلق رؤوس الناس ، فصار كذلك.
لما أن كان باطن ما يعمله الدهان والمزوق والصائغ خلاف ظاهره أشبه الكذب.
فصل : النقاش ، والرفاء ، والمشعب ، والخياط : أصحاب مداراة ، واجتماع متفرق. فإن نقش ما لا يليق ، أو رفأ ثوباً بخيط دون ، أو خاط قطعة مع أخرى لا يليق بها انعكس ذلك. وربما دلوا في هذا الحال على القوادين.



قال المصنف : دل النقاش والرفاء والمشعب والخياط ونحوهم على ما ذكرنا لإصلاح ما عملوه ، وجمع ما افترق ، وحفظ ما خشي إتلافه. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أشعب الأواني للماء ، قلت : تصير بناء ، وتحسن تصلح المصانع. وقال إنسان : رأيت أنني أنقش ألواحاً ، قلت : أنت معلم مكتب ينصلح على يديك جماعة من المتعلمين إن كان نقشك جيداً. وقال آخر : رأيت أنني صرت رفاء ، قلت : تصير جرائحياً تصلح أجسام الناس ويبقى مكان ذلك أثره في الجسد ، فصار كذلك. ومثله قال آخر : قلت له : فما رفيت ، قال : قماشاً رفيعاً ، قلت : أنت تصلح ما تشعث من دور الأكابر ، قال : نعم. ومثله قال آخر : قلت : فما الذي رفيت ، قال : الأمتعة للغطاء ، قلت : أنت تتعلم إسقاف البيوت. وقال لي إنسان : رأيت أنني أخيط فيصير شبكة ، قلت له : تتعلم عمل الحزاكي. ومثله قال آخر : قلت : تتعلم عمل الغرابيل والمناخل. ومثله قال آخر : قلت : تصير صياداً بالشباك. ومثله قال آخر : قلت : تتعلم عمل التكك ، فصار كذلك.

والفراء : صاحب مال ، وفوائد ، في زمن الشتاء. وهموم في الصيف. صانع الزجاج ، والفخار : أصحاب تدبير ، ومراراة ، وطب. وبائع ذلك : يدل على بائع الغلمان ، والجوار. وكذلك كل بائع أواني ، أو أدوات ، أو ملبوس مخيط.
قال المصنف : دل الزجاج والفاخوري على ما ذكرناه للطف صنعتهم وحسن مداراتهم فيما يعملونه.
الدباغ : رجل مصلح ، أو طبيب ، أو متصرف ، في تركات الهالكين.
قال المصنف : قال لي إنسان : رأيت أنني صرت دباغاً ، قلت : تصير قيماً تغسل الثياب للمرض ، فصار بالمارستان. ومثله قال آخر : قلت تصير تنقي الأراضي الدُونة من الدغل والحشيش الذي بها ، فصار كذلك. فافهمه.
فصل : الجزار رجل مهاب ، يقهر أرباب الجهل. وربما دل على الظالم ، أو قاطع الطريق ، وذلك لما يفنى على يديه من الأرواح. ومعلم المكتب مصلح لأهل الجهل ، أو سجارن. وحلاج القطن ، والمغربل ، والذي ينخل الدقيق : مصلح ، مفرق بين الجيد والردي. والمنجم : رجل خبير بأحوال الأكابر ، ويدل على الكذاب. والحجار : رجل خبير ، بمداراة قساة القلوب والأكابر.
قال المصنف : قال لي إنسان : رأيت أنني صرت جزاراً ، قلت : تتعلم الشعر وتتكلم في أعراض الناس ، أو تمشي بالنميمة ، فصار كذلك. ومثله قال آخر ،
قلت : تصير فاصداً ، أو حجاماً وتريق دماء الناس لأجل المنفعة ، فصار كذلك. ومثله قال آخر ، قلت : تنبش القبور وتأخذ ما في داخلها. ومثله قال آخر غير أنه قال : كأنني أنفخ في كعب المذبوح وما علمت أنني ذبحته ، قلت : أنت تفرق بين المجتمعين والأقارب بكلامك. ومثله قال آخر ، قلت : أنت تعمل الزجاج وتنفخ فيه. ومثله قال آخر : قلت : أنت تتعانى عمل الظروف وتربح منها ، فصار كذلك. وقال لي إنسان : رأيت أن عندي قفصاً فيه عصافير وقد أطلقتهم ، قلت : أنت معلم مكتب سيبطل مكتبك ويتفرق صغارك ، فجرى ذلك. ومثله قال آخر : قلت : أنت سجان وسيروح من في سجنك ، فجرى ذلك. وقال لي آخر ؛ وكان لا يعرف الخط : رأيت أنني معلم مكتب والصبيان يقروؤن بصوت طيب ، قلت : أنت تعلم الناس الغناء والزمزمة ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أحلج القطن ، قلت : أنت متولي حسن ، طول نهارك تكبس المفسدين وتخرجهم من بلادك ، قال : نعم. وقال إنسان : رأيت أنني أغربل قمحي ، قلت : أنت عزمت على إخراج زكاته ، قال : نعم. ومثله قال آخر ، قلت : عزمت على أنك تجهز جماعة إلى جليل القدر يعزرهم ويؤدبهم ، فضحك وقال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أنخل الدقيق ، قلت : عزمت على عمل معجنة طين وتعملها لبناً بالنارٍ تعمل دورك به ، قال : نعم ، وتعجب من ذلك. وقال إنسان : رأيت أن الأمطار بحكمي ، قلت : تصير مغربلاً ، أو تنخل الدقيق ، وتفيد من ذلك ، فصار كذلك.
ودل المنجم على الكذاب لكونه يتكلم على من لا عاشره ولا خبره حق خبرته. وقال آخر : رأيت أنني صرت منجماً أتصرف في النجوم وأرتبها ، قلت : أنت تصير خبيراً بعمل جامات الحمام وستفيد من ذلك ، فصار كذلك. فافهمه موفقاً إن شاء الله.
فصل : المكاري ، والمسدي ، والحمال ، والساعي ، والحراث ، وأمثالهم : أصحاب سفر ، وتعب.


قال المصنف : دل المكاري ومن بعده على ما ذكرنا لكثرة رواحهم ومجيئهم. وقال إنسان : رأيت أنني صرت مسدياً ، قلت : تصير خطاطاً ، فصار كذلك. ومثله قال آخر : قلت : كان في يديك قصب عليه غزل ، قال : نعم ، قلت : كان لذلك صوت ، قال : نعم ، قلت : تتعلم اللعب بالبنّازات ، فصار كذلك. وقال آخر : رأيت أنني صرت مكارياً ، قلت : تتعلم علم هندسة الأراضي ، فصار كذلك. وقال آخر : رأيت أنني صرت حمالاً ، قلت : على رأسك ، قال : نعم ، قلت : يقع برأسك ألم يوجعه. وقال آخر : رأيت أنني حملت على رأسي رؤوساً في إناء فوقعوا مني ، قلت : تحمل فخاراً يقع منك ، فيتكسر ، فجرى ذلك. وقال آخر : رأيت أنني صرت ساعياً أحمل الكتب ، قلت : أنت جاسوس ومعك كتب خفية ، فأراني ذلك. وقال إنسان : رأيت أنني صرت حراثاً ، قلت : لك مال عزمت على دفنه. ومثله قال آخر : قلت : عزمت على تسيير مالك إلى بلد في
بحر ، أو تقطع ماءً ، قال : نعم ، قلت : تربح. فافهم ذلك.
ومُوِقد النار لمصلحة : خادم الأكابر ، المتقرب إليهم في نفع غيره. فإن كان ذلك في زمن الشتاء ، كان بلا تعب ، وينال راحة. وإن كان في زمن الصيف ، كان بتعب ، وغرامة. ولكثرة عرقه ، الذي هو بمنزلة المال.
فصل : وأما موقدها للمضرة ، كمن يريد يحرق مال الناس ، أو دُورَهم ، أو ثيابهم : فهو رجل ردئ مثير الفتن. وأما موقدها للهداية : فرجل أشبه شيء بالعلماء ، وأرباب الخير.
قال المصنف : انظر إذا أوقد النار وتكلم عليه. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أوقدت ناراً لأطبخ عليها رؤوساً ، قلت : عزمت على أنك تتعانى عمل الفخار ، أو الطوب المشوي ، أو الجير ونحو ذلك ، قال : نعم ، قلت : تفيد. وقال آخر : رأيت أنني أوقدها لأضيء على الناس ، قلت : تصير خادم مسجد ، أو بيعة تعدّل القناديل لذلك. وقال آخر : رأيت أنني أوقدها لأحرق بها الدور ، قلت : تتكلم في أملاك الناس وتؤذيهم ، فارجع عن ذلك.
البستاني : رجل يخدم من دلت الأشجار عليه ، من الدنيا والدين.
قال المصنف : قال لي إنسان : رأيت أنني صرت بستانياً وكان البستان ما هو لي ؛ وأنا أربط حزم البقل ، قلت : عزمت في ولايتك على أنك تكبي بلداً ، وتجيء بهم أسارى مربوطين وتبيعهم ، قال : صحيح ، قلت : اعزم تأخذهم.
وثقات اللؤلؤ ، والجواهر ، والخرز : رجل ممهد ، ومصلح ، ومؤلف بين الأكابر ، وأصحاب الخير.
فصل : دقاق القماش : مصلح لمن دل القماش عليه. والرسام : رجل صاحب أمر ، ونهي ، وربما كان مهندساً. والمطرز : رجل بناء ، أو حراث ، أو خادم ، لمن دلت الثياب عليه. والبناء : رجل لا يشبع من الدنيا ، لكثرة قوله » هات ، هات « المبيض ، والمطري ، والصيقل ، والجلاء رجال أصحاب صلاح ، وسداد. وربما دلوا على المدلس.
وعلى هذا فقس باقي أصحاب الصنائع. والله تعالى أعلم.
قال المصنف : قالت لي امرأة : رأيت أنني صرت أدق القماش ، وأخرى
قالت : أنني صرت رسامة ، قلت لكل واحدة : تصيرين ماشطة ، فصارتا كذلك. ومثله قال آخر : قلت : قطعت القماش ، قال : نعم ، قلت : تصير جلاداً قدام جليل القدر وتمزق جلود الناس ، فصار كذلك. وقال آخر : رأيت أنني أرسم على صوف ، قلت : تأمر فلا يسمح منك ، لأن الصوف غالباً لا يثبت عليه الرسم. وقال آخر : رأيت كأنني أرسم على أرض مليحة ، قلت : تصير بستانياً تسقي الزرع.
ودل المطرز على البناء لأن التطريز كالبناء شيء جانب بعضه إلى بعض ، وعلى الحراث لعبور الإبرة في الثوب كالسكة العابرة في الأرض وطلوع الخيط والإبرة كالنبات ، وعلى خادم من دلت عليه الثيات لأن الثوب المقصود منه الطراز لا تميل النفوس إليه حتى يتم ذلك. وقال إنسان : رأيت أنني تعلمت التطريز ، قلت : تتعلم الكتابة. وقال آخر : رأيت أنني أطرز أشكال الحيوان ، قلت : تصير دهاناً وتصور في صنعتك تصويراً على حسن ما طرزت. وقال آخر : رأيت أنني صرت أطرز بالزركش ، قلت : تصير بناءً للملوك الأكابر. وقال آخر : رأيت أنني أعمل بيدي زركشاً في قماش غيري والذهب من عندي ، قلت : تغير متاعك كذلك في فرح وتجمله به ، فجرى ذلك. وقال صبي : رأيت أنني صرت بناءً ، قلت : تتعلم صنعة التطريز ، فصار كذلك. وقال آخر : رأيت أنني صرت أبيض الغزل في مرجل وهو يتلف ، قلت : تتحايل على النسوان وتأخذ ما تعبوا عليه وتتلفه عليهم ، فجرى ذلك. وقال إنسان : رأيت أنني أصقل السيوف ، قلت : تصير مغسلاً ، فصار كذلك. وقال آخر : رأيت أنني صرت مطرياً ، قلت : تصير تتعانى عمل الجلود البانية. وقال آخر : رأيت أنني صرت مبيضاً ، قلت : تتعلم صنعة الورق ، فصار كذلك. ومثله قال آخر : قلت : تتعلم عمل الرقاق والكفافة ، فصار كذلك. وقال آخر : رأيت أنني صرت جلاء ، قلت : تصير كحالاً تجلي أبصار الناس ، فصار كذلك. فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى.
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب الحادي عشر
من كتاب البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي


في الأدوات(1)
__________

(1) الطست : جارية أو خادم . فمن رأى كأنه يستعمل طستا من نحاس ، فإنه يبتاع جارية تركية ، لأن النحاس يحمل من الترك . وإن كان الطست من فضة ، فإن الجارية رومية . وإن كان من ذهب ، فإنها جميلة تطالبه بما لا يستطيع وتكلفه ما لا يطيق . وقيل : إن الطست امرأة ناصحة لزوجها تدله على سبب طهارته ونجاته . والباطية : جارية مكرة غير مهزولة . والبرمة : رجل تظهر نعمه لجيرانه . وقيل : إن القدر قيمة البيت . والكانون زوجها الذي يواجه الأنام ويصلي تعب الكسب ، وهو يتولى في الدار علاجها مستورة مخمرة . وقد يدل الكانون على الزوجة ، والقدر على الزوج ، فهي أبدا تحرقه بكلامها وتقضيه في رزقها ، وهو يتقلى ويتقلب في غليانها داخلا وخارجا . ومن أوقد نارا ووضع القدر عليها وفيها لحم أو طعام ، فإنه يحرك رجلا على طلب منفعة . فإن رأى كأن اللحم نضج وأكله ، فإنه يصيب منه منفعة ومالا حلالا ، وإن لم ينضج فإن المنفعة حرام ، وإن لم يكن في القدر لحم ولا طعام ، فإنه يكلف رجلا فقيرا ما لا يطيقه ولا ينتفع منه بشيء . وقدر الفخار : رجل تظهر نعمته للناس عموما ولجيرانه خصوصا . والمرجل : قيم البيت من نسل النصارى . والمصفاة : خادم جميل . واللجام : هو حبيب الرجل والمحبوب منه يقدم عليه من ا لحلاوة ، وذلك لأن الحلو على اللجام يدل على زيادة المحبة في قلب حبيبه له . فإن قدم اللجام وعليه شيء من البقول أو من الحموضات فإنه يظهر بلي بيت حبيبه منه عداوة وبغضاء. والزنبيل : يدل على العبيد . والسلة : في الأصل تدل على التبشير والإنذار ، فإن رأى فيها ما يستحب نوعه أو جنسه أو جوهره فهي مبشرة ، وإن كان فيها ما لا يستحب فهي منذرة . الصندوق : امرأة أو جارية . وذكر القيرواني الصندوق بلغته وسماه التابوت ، فقال : إنه يدل على بيته وعلى زوجته وحانوته وعلى صدره ومخزنه ، وكذلك العتبة . فما رؤي فيه أو خرج منه إليه رآه فيما يدل عليه من خير أو شر على قدر جوهر الحادثة ، فإن فيه بيتا دخلت صدره غنيمة . وإن كانت زوجته حاملا ولدت ابنا . وإن كان عنده بضاعة خسر فيها أو ندم عليها وعلى نحو هذا . والتابوت : ملك عظيم ، فإن رأى أنه في تابوت نال سلطانا إن كان أهلا له لقوله تعالى ( إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت ) الآية ــ البقرة : 248 . وقيل : إن صاحب هذه الرؤيا خائف من عدو وعاجز عن معاداته ، وهذه الرؤيا دليل الفرج والنجاة منشر بعد مدة . وقيل إن رأى هذه الرؤيا من له غائب قدم معليه . وقيل من رأى أنه على تابوت فإنه في وصية أو خصومة ، وينال الظفر ويصل وإلى المراد . والحقة : قصر ، فمن رأى كأنه وجد حقة فيها لآلئ ، فإنه يستفيد قصرا فيه خدم . والسفط : امرأة تحفيظ أسرار الناس . والصرة : سر ، فمن رأى أنه استودع رجلا صرة فيها دراهم أو دنانير أو كيسا ، فإن كانت الدراهم أو الدنانير جيادا فإنه يستودعه سرا حسنا ، وإن كانت رديئة استودعه سرا رديئا . فإن رأى كأنه فتح الصرة فإنه يذيع ذلك السر . والقربة : عجوز أمينة تستودع أموالا . والقارورة والقنينة : جارية أو غلام ،وقيل : بل هي امرأة ،لقول النبي ، صلى الله عليه وسلم ،(رفقا بالقوارير ). والكيس : يدل على الإنسان ، فمت رآه فارغا فهو دليل موت صاحب الكيس . وقيل إن الكيس سر كالصرة . وقيل من رأى كأن في وسطه كيسا ، دل على أنه يرجع إلى صدر صالح من العلم ، فإن كانت فيه دراهم صحاح فإن ذلك العلم صحيح ، وإن كانت مكسرة فإنه يحتاج في عمله إلى دراسة. وحكي أن رجلا أتى أبا بكر رضوان الله عليه فقال : رأيت كأني نفضت كيسي فلم أجد فيه إلا علقة . فقال : الكيس بدن الإنسان ، والدرهم ذكر وكلام ، والعلقة ليس لها بقاء ، فإن رأى الإنسان أنه نفش كيسه أو هميانه أو صرته ، مات وانقطع ذكره من الدنيا . قال : فخرج الرجل من عند أبي بكر ، فرمحه برذون فقتله . الهميان : جار مجرى الكيس . وقيل : إن الهميان مال ، فمن رأى كأن هميانه وقع في بحر أو نهر ، ذهب ماله على يدي ملك . وإن رأى كأنه وقع في نار ، ذهب ماله على يد سلطان جائر. والمقراض : رجل قسام ، فمن رأى كأن بيده مقراضا اضطر في خصومة إلى قاض . وإن كانت أم صاحب الرؤيا في الأحياء فإنها تلد أخا له من أبيه . وقيل : إن المقراض ولد مصلح بينا لناس ، وقال القيرواني : من رأى بيده مقراضا فإن كان عند ولد أتاه آخر ، وكذلك في العبيد والخدم ، وإن كان عازبا فإنه يتزوج ، وأما من سقط عليه من السماء مقراض في مرض أو في وباء ، فإنه منقرض من الدنيا . وأما من رأى أنه يجز به صوفا أو وبرا أو شعرا من جلد أو ظهر دابة ، فإنه يجمع مالا بفهمه وكلامه وشعره وسؤاله أو بمنجله وسكينه . وأما من جز به لحى الناس وقرض به أثوابهم ، فإنه رجل خائن مغتاب . وأما الإبرة : فدالة على المرأة والأمة لثقبها ، وإدخال الخيط فيها بشارة الوطء وإدخال غير الخيط فيها تحذير ، لقوله تعالى ( ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط )ـ الأعراف : 40 . وأما من خاط بها ثياب الناس فإنه ينصحهم أو يسعى بالصلاح بينهم ، لأن النصاح هو الخيط في لغة العرب،والإبرة المنصحة ، والخياط الناصح . وإن خاط ثيابه استغنى إن كان فقيرا ، واجتمع شمله إن كان مبددا ، وانصلح حاله إن كان فاسدا . وأما إن رأفأ بها قطعا فإنه يتوب من غيبة أو يستغفر من إثم إذا كان رفوه صحيحا متقنا ، وإلا اعتذر بالباطل وتاب من تباعة ولم يتحلل من صاحب الظلامة ، ومنه يقال من اغتاب فقد خرق ، ومن تاب فقد رفأ . والإبرة رجل مؤلف أو امرأة مؤلفة ، فإن رأى كأنه يأكل إبرة فإنه يفضي بسره إلى ما يضره به . وإن رأى كأنه غرز إبرة في إنسان فإنه يطعن ويقع فيه من هو أقوى منه . وحكي أن رجلا حضر ابن سيرين فقال : رأيت كأني أعطيت خمس إبر ليس فيها خرق . فعبر رؤياه بعض أصحاب ابن سيرين فقال : الإبر الخمس التي لا ثقب فيهن أولاد ، والإبرة المثقوبة ولد غير تمام ، فولد له أولاد على حسب تعبيره . وقال أكثر المعبرين : إن الإبرة في التأويل سبب ما يطالب من صلاح أمره أو جمعه أو التئامه ، وكذلك لو كانت اثنتين أو ثلاثة أو أربعة ، فما كان منها بخيط فإن تصديق التئام أمر صاحبها أقرب ، ومبلغ ذلك بقدر ما خاط به . وما كان من الإبر قليلا يعمل به ويخيط به ، خير من كثير لا يعمل بها ، وأسرع تصديقا ، فإن رأى أنه أصاب إبرة فيها خيط أو كان يخيط بها ، فإنه يلتئم شأنه ويجتمع له ما كان من أمره متفرقا ، ويصلح . فإن رأى أن إبرته التي يخيط بها أو كان فيها خيط انكسرت أو انخرمت ، فإنه يتفرق شأنه من شأنه . وكذلك لو رأى أنه انتزعت منه أو احترقت ، فإن ضاعت أو سرقت فإنه يشرف على تفريق ذلك الشأن ثم يلتئم. والخيط : بينة ، فمن رأى أنه أخذ خيطا فإنه رجل يطلب بينة في أمر هو بصدده لقوله تعالى ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ) ـ البقرة : 187 . فإن رأى كأنه فتل خيطا فجعله في عنق إنسان وسحبه أو جذبه ، فإنه يدعو إلى فساد ، وكذلك إذا رأى أنه نحر جملا بخيط . وأما الخيوط المعقدة فتدل على السحر . ومن رأى أنه يفتل حبلا أو خيطا أو يلوى ذلك على نفلسه أو على قصبة أو خشبة أو غير ذلك من الأشياء أو غير ذلك من الأشياء ، فإنه سفر على أي حال كان . فإن رأى أنه يغزل صوفا أو شعرا أو مرعزا مما يغزل الرجال مثله ، فإنه يصيب خيرا في سفره ، فإن رأى أنه يغزل القطن والكتان أو القز وهو في ذلك متشبه بالنساء ، فإنه ينال ذل ويعمل معملا حلالا غير مستحسن للرجال ذلك . فإن رأت امرأة أنها تغزل من ذلك شيئا ، فإن غائبا لها يقدم من سفر . فإن رأت أنها أصابت مغزلا فإن كانت حاملا ولدت جارية ،وإلا أصابت أختا ، فإن كان في المغزل فلكة تزوجت بنتها أو أختها ، فإن انقطع سلك المغزل أقام المسافر عنها ، فإن رأت خمارها انتزع منها أو انتزع كله فإنها يموت زوجها أو يطلقها . فإن احترق بعضه أصاب الزوج ضر وخوف من سلطان . وكذلك لو رأت فلكتها سقطت من مغزلها ، طلق ابنتها زوجها أو أختها . فإن كان خمارها سرق منها وكان الخمار من ينسب إليه في التأويل إلى رجل أو امرأة ، فإن إنسانا يغتال زوجها في نفسه ، أو في ماله أو في بعض ما يعز عليه من أهله . فإن كان السارق ينسب إلى امرأة ، فإن زوجها يصيب امرأة غيرها حلالا أو حراما ، وكذلك مجرى الفلكة . . وقال القيرواني : الحبل سبب من الأسباب ، فإن كان من السماء ، فهو القرآن والدين وحبل الله المتين الذي أمرنا أن نعتصم به جميعا ، فمن استمسك به قام بالحق في سلطان أو علم . وإن رفع به مات عليه ، وإن قطع به ولم يبق بيده منه سلطانه وبقي عقده وصدقه وحقه. فإن وصل له وبقي على حاله عاد إلى سلطانه ، فإن رفع به من بعد ما وصل له غدر به ومات على الحق . وإن كانا لحبل في عنقه أو على كتفه أو على ظهره أو في وسطه ، فهو عهد يحصل في عنقه وميثاق ، إما نكاح أو وثيقة أو نذر أو دين أو شركة أو أمانة ، قال الله تعالى ( إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) ـ آل عمران : 112 . وأما الحبل على العصا فعهد فاسد وعمل رديء وسحر ، قال الله تعالى(فألقوا حبالهم وعصيهم) ــ الشعراء : 44 . وأما من فتل حبلا أو قاسه أو لواه على عود أو غير ، فإنه يسافر ، وكذلك كل لي وفتل . وقد يدل الفتل على إبرام الأمور والشركة والنكاح . وأما مغزل المرأة ولفاظاتها : فدالان على نكاح العزب وشراء الأمة وولادة الحامل أنثى . وأما من غزل من الرجال ما يغزله الرجال ، فإنه يسافر أو يبرم أمرا يدل على جوهر المغزول ، أو يتغزل في شعر . فإن غزل ما يغزله النساء ، فإن ذلك كله ذلة تجري عليه في سفر أو في غيره ، أو يعمل عملا ينكر فيه عليه ، وليس يحرام، وأما غزل المرأة فإنه دليل على مسافر يسافر لها أو غائب يقدم عليها ، لأن المغزل يسافر عنها ويرجع إليها ، وإلا أفادت من عمل يدها وصناعتها . وقد حكي عن ذي القرنين أنه قال : الغزل عمر الرجل . فإن رأى كأنه غزل أو نسج وفرغ من النسج ، فإنه يموت . وفكه المغزل زوج المرأة ، وضياعها تطليقه إياها ، ووجودها مراجعته إياها ، ونقضها الغزل نكثها العهد . وأما المشط : فمنهم من قال يدل على سرور ساعة لأنه يظهر وينظف ويزين زينة لا تدوم . وقيل : المشط عدل . وقيل : إن التمشيط يدل على أداء الزكاة والمشط بعينه يدل على العلم وعلى الذي ينتفع بأمره وكلامه كالحاكم والمفتي والمعبر والواعظ والطبيب ، فمن مشط رأسه أو لحيته فإن كان مهموما سلى همه ، وإلا عالج زرعه ونخله أو ماله مما يصلحه ويدفع الأذى عنه من كلام أو حرب ونحوه . وأما المرآة : فمن نظر وجهه فيها من العزاب فإنه ينكح غيره ويلقى وجهه ، وإن كان عنده حمل أتى مثله ذكرا كان الناظر أم أنثى ، وقد يدل على فرقة الزوجين حتى يرى الناظر في بيته وجها غير وجهه . وأما المسافر فإن ذلك دليل له على الرحلة حتى يرى وجهه في أرض غيره وفي غير المكان الذي هو فليه ، وقد تفرق فيه بنية ا لناظر فيها وصفته وآماله ، فإن كان نظره فيها ليصلح وجهه أو ليكحل عينيه ، فإنه ناظر في أمر اخوته مروع متسنن وقد تدل مرآته على قلبه ، فما رأى عليها من صدأ كان ذلك إثما وغشاوة على قلبه . والناظر في مرآة فضة يناله مكروه في جاهه . والنظر في المرآة للسلطان عزله عن سلطانه ، ويرى نظيره في مكانه ، وربما فارق زوجته وخلف عليها نظيره . وقيل : المرآة مروءة الرجل ومرتبته على قدر كبر المرآة وجلالتها ، فإن رأى وجهه فيها أكبر فإن مرتبته فيها ترتفع ، وإن كان وجهه فيها حسنا فإن مروءته تحسن ، فإن رأى لحيته فيها سوداء مع وجه حسن وهو على غير هذه الصفة في اليقظة ، فإنه يكرم على الناس ويحسن فيهم جاهه في أمر الدنيا . وكذلك إن رأى لحيته شمطاء مكهلة مستوية . فإن رآها بيضاء فإنه يفتقر ويكثر جاهه ويقوى دينه . فإن رأى في وجهه شعرا أبيض حيث لا ينبت الشعر ، ذهب جاهه وقوي دينه ، وكذلك النظر في مرآة الفضة يسقط الجاه . وقال آخر : المرآة امرأة ، فإن رأى في المرآة فرج امرأة أتاه الفرج . والنظر في المرآة المجلوة يجلو الهموم ، وفي المرآة الصدئة سوء حال . فإن رأى كأنه يجلو مرآة فإنه في هم يطلب الفرج منه . فإن لم يقدر على أن يجلوها لكثرة صدئها فإنه لا يجد الفرج . وقيل : إذا رأى كأنه ينظر في مرآة فإن كان عازبا تزوج ، وإن كانت امرأته غائبة اجتمع معها . وإن نظر في المرآة من ورائها ارتكب من امرأته فاحشة ، وعزل إن كان سلطانا ،ويذهب زرعه إذا كان دهقانا . والمرأة إذا نظرت في المرآة وكانت حاملا فإنها تضع بنتا تشبهها أو تلد ابنتها بنتا . فإن لم يكن شيء من ذلك تزوج زوجها أخرى عليها نظيرها ، فهي تراها شبهها . وكذلك لو رأى صبي أنه نظر في مرآة وأبواه يلدان ، فإنه يصيب أخا مثله ونظيره . وكذلك الصبية لو رأت ذلك أصابت أختا نظيرتها ، وكذلك إذا رأى رجل ذلك وكانت عنده حبلى ولد له ابن يشبهه . والمذبة : دالة على الرجل الذاب والرجل المحب . وأما المروحة : فتدل على كل من يستراح إليه في الغم والشدة . والدرج : بشارة تصل بعد أيام ، خصوصا إذا كان فيه لؤلؤ وجوهر . وكذلك تحت الثياب . والخلال : لا تستحب في التأويل لتضمنه لفظ الخلل ،وقيل : إنه لا يكره لأنه ينقي وسخ الأسنان ، وهي في التأويل أهل البيت ، فكأنه يفرج الهموم عن أهل البيت . فإن فرق به شعره افترق ماله وأصابته فيه ذلك ، وإن خلل به ثوبه انخل ما بينه وبين أهله وحليلته. والمكحلة : وأما من أولج مرودا في مكحلة ليكحل عينه ، فإن كان عازبا تزوج ، وإن كان فقيرا أفاد مالا ، وإن كان جاهلا تعلم ، إلا أن يكون كحله رمادا أو زبدا أو رغوة أو عذرة أو نحوه ، فإنه يطلب حراما من كسب أو فرج أو بدعة . والمكحلة في الأصل امرأة داعية إلى الصلاح . والميل : ابن ،وقيل : هو رجل يقوم بأمور الناس محتسبا . والمقدمة : خادمة . والمهد : بركة وخير وأعمال صالحة . والصفحة والطبق : حبيب ا لرجل ، والمحبوب ما يقدم عليه شيء حلو وأما السكين : فمن أفادها في المنام أفاد زوجة إن كان عازبا ،وإن كانت امرأته حاملا سلم ولدها ، وإن كان معها ما يؤيد الذكر فهي ذكر ، وإلا فهي أنثى . وكذلك الرمح . وإن لم يكن عنده حمل وكان يطلب شاهدا بحق وجده . فإن كانت ماضية ، كان الشاهد عدلا ، وإن كانت غير ماضية أو ذات فلول ، جرح شاهده ، وإن غمدت له ستر له أو ردت شهادته لحوادث تظهر منه في غير الشهادة . فإن لم يكن في شيء من ذلك فهي فائدة من الدنيا ينالها ، أو صلة يوصل بها ، أو أخ يصحبه ، أو صديق يصادقه ، أو خادم يخدمه ، أو عبد يملكه على إقرار الناس . وإن أعطى سكينا ليس معها غيرها من السلاح ، فإن السكين حينئذ من السلاح هو سلطان ، وكذلك الخنجر . والسكين حجة ، لقوله تعالى ( وآتت كل واحدة منهن سكينا ) ـ يوسف : 31 . وقيل : من رأى في يده سكين المائدة وهو لا يستعملها ، فإنه يرزق ابنا كيسا. فإن رأى كأنه يستعملها ، فإنها تدل على انقطاع الأمر الذي هو فيه . والشفرة : اللسان ، وكذلك المبرد . وأما المسن : فامرأة ، وقيل : رجل يفرق بين المرء وزوجه وبين الأحبة . وأما الموسى : فلا خير في اسمها من امرأة أو خادم أو رجل يتسمى باسمها أو مثلها ، إلا أن يكون يشرح بها لحما أو يجرح حيوانا ، فهي لسانه الخبيث المتسلط على الناس بالأذى. والميسم : يدل على ثلب الناس ووضع الألقاب لهم ، وقيل : إنه يدل على برء المريض . وأما الفأس : فعبد أو خادم ، لأن لها عينا يدخل فيها غيرها . وربما دلت على السيف في الكفار إذا رؤيت في الخشب ، وربما دلت على ما ينتفع به لأنها من الحديد . وقال بعضهم : هو ابن . وقال بعضهم : هو أمانة وقوة في الدين ، لقوله تعالى في قصة إبراهيم ( فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم ) ـ الأنبياء : 58 . وإنما جذذهم بالفأس . وأما القدوم : فهوا لمحتسب المؤدب للرجال المصلح لأهل الاعوجاج ، وربما دل على فم صاحبه وعلى خادمه وعبد . وقيل : هو رجل يجذب المال إلى نفسه ، وقيل : هو امرأة طويلة اللسان . والساطور : رجل قوي شجاع قاطع للخصومات . والمنشار : يدل على الحاكم والناظر الفاصل بينا لخصمين ، المفرق بين الزوجين ، مع ما يكون عنده من الشر مع اسمه وحسبه ، وربما دل على القاسم وعلى الميزان ، وربما دل على المكاري والمسدي والمداخل لأهل النفاق ، والجاسوس على أهل الشر المسيء بشرهم ، وربما دل على النكاح لأهل الكتاب لدخوله في الخشب . وقيل : هو رجل يأخذ ويعطي ويسامح . والمطرقة : صاحب الشرطة. وأما المسحاة : فإنها خادم ومنفعة أيضا ، لأنمها تجرف التراب والزبل ، وكل ذلك أموال ، ولا يحتاج إليها إلا من كان ذلك عنده . وهي للعزب ولمن يؤمل شراء جارية نكاح تسر ، ولمن تعذر عليه رزقه إقبال ، ولمن له سلم بشارة يجمعه ، ولمن له في الأرض طعام دلالة على تحصيله . فكيف إن جرف بها ترابا أو زبلا أو تبنا فذلك أعجب في الكثرة ، وقد يدل الجرف بها على الجبانة والمقتلة ، لأنها لا تبالي ما جرفت ، وليست تبقى باقية . وربما دلت على المعرفة . وقيل : هي ولد إذا لم يعمل بها ، وإن عمل بها فهي خادم . والمثقب : رجل عظيم المكر شديد الكلام ، ويدل على حافر الآبار ،وعلى الرجل النكاح ، وعلى الفحل من الحيوان . والأرجوحة المتخذة من الحبل ، فإن رأى كأنه يتأرجح فيها فإنه فاسد الاعتقاد في دينه يلعب. والجواليق والجراب : يدلان على حافظ السر ، وظهور شيء منها يدل على انكشاف السر ، وقيل : إنها خازن الأموال . والزق : رجل دنيء ، وإصابة الزق من العسل غنيمة من رجل دنيء وكذلك السمن . وإصابة الزق من النفط مال حرام من رجل شرير . والنفخ في الزق ابن ، لقوله تعالى ( فنفخنا فيه من روحنا ) ـ التحريم : 12 . والنفخ في الجراب كذلك . والنحى : زق السمن والعسل ، فإنه رجل عالم زاهد . والوطب : رجل يجري على يديه أموال حلال يصرفها في أعمال . وأما النطع : فهو دال على الرجل ، لأنه يعلو على الفراش ويقيه الإدناس . وقد يدل على ماله الذي تتمعك في المرأة وولدها . وربما دل على السرية المشتراة ، وعلى الحرة المؤثرة عليها . وقد يدل على الخادم لأن خادم الفراش يدفع الأوساخ عنه . والوضم : رجل منافق يدخل في الخصومات ويحث الناس عليها . والسفود : قيم البيت ،وهو خادم ذو بأس يتوصل به المراد . والتور : خادم : والجونة : خازن . والمنخل : رجل يجري على يديه أموال شريفة ، لأن الدقيق مال شريف ، ويدل على المرأة والخادمة التي لا تحمل ولا تكتم سرا . والغربلة : تدل على الورع في المكسب ، وتدل على نفاد الدراهم والدنانير ، والمميز بينا لكلام الصحيح والفاسد . وقفص الدجاج : يدل على دار ، فإن رأى كأنه ابتاع قفصا وحصر فيه دجاجته ، فإنه يبتاع دارا وينقل إليها امرأته . وإن وضع القفص على رأسه وطاف به في السوق فإنه يبيع داره وتشهد به الشهود عليه . والقبان : ملك عظيم ، ومسماره قيام ملكه ، وعقربه سره ، وسلسلته غلمانه وكفته سمعته ، ورمانته قضاؤه وعدله . والميزان : دال على كل من يقتدي به ويهتدي من أجله كالقاضي والعالم والسلطان والقرآن ، وربما دل على لسان صاحبه ، فما رؤي فيه من اعتدال أو غير ذلك عاد عليه في صدقه وكذبه وخيانته وأمانته ، فإن كان قاضيا ، فالعمود جسمه ، ولسانه لسانه ، وكفتاه أذناه ، وأوزانه أحكامه وعدله ،والدراهم كلام الناس وخصوماتهم ،وخيوطه أعوانه ووكلاؤه . والمكيال : يجري مجراه . والعرب تسمي الكيل وزنا . والميزان عدل حاكم ، وصنجاته أعوانه ، وميل اللسان إلى جهة اليمين يدل على ميل القاضي إلى المدعي، وميله إلى اليسار يدل على ميله إلى المدعى عليه،واستواء الميزان عدله ، واعوجاجه جوره ، وتعلق الحجر في إحدى جهتيه للاستواء دليل على ككذبه وفسقه . وقيل إن وفور صنجاته دليل على فقه القاضي وكفاءته ، ونقصانها دليل على عجزه عن الحكم . فإن رأى كأنه يزن فلوسا فإنه يقضي بشهادة الزور . وميزان العافين خازن بيت المال . والميزان الذي كفتاه من جلد الحمار يدل على التجار والسوقة الذين يؤدون الأمانة في التجارات . والمهراس : رجل يعمل ويتحمل المشقة في إصلاح أمور يعجز غيره عنها . والمسمار : أمير أو خليفة ،ويدل على الرجل الذي يتوصل الناس به إلى أمورهم كالشاهد وكاتب الشروط ،ويدل على الفتوة الفاصلة ، وعلى الحجج اللازمة ،وعلى الذكر . ويدل على مال وقوة . وأما الوتد : فمن رأى كأنه ضربه في حائط أو أرض ، فإن كان عازبا تزوج ، وإن كانت له زوجة حملت منه . وإن رأى نفسه فوقه تمكن من عالم ، أو مشى فوق وجبل ،وقيل : الوتد أمير فيه نفاق . وإن رأى كأنه غرسه في حائط فإنه يحب رجلا جليلا . فإن غرزه في جدار بيت فإنه يحب امرأة . فإن غرسه في جدار من خشب فإنه يحب غلاما منافقا . فإن رأى كأن شيخا غرز في ظهره مسمارا من حديد ، فإنه يخرج من صلبه ملك أو نظير ملك أو عالم يكون من أوتاد الأرض . فإن رأى أن شابا غرز في ظهره وتدا من خشب فإنه يولد له ولد منافق يكون عدوا له . فإن رأى كأنه قلع الوتد فإنه يشرف على الموت . وقيل : من رأى أنه أوتد وتدا في جدار أو أرض أو شجرة أو اسطوانة أو غير ذلك ، فإنه يتخذ أخبية عند رجل ينسب إلى ذلك الشيء الذي فيه وتد . والحلقة : دين . والجلجل : خصومة وكلام في تشنيع . والجرس : رجل مؤذ من قبل السلطان . والراوية والركوة : للوالي عامرة ، وللتجار تجارة شريفة . المندفة : امرأة مشنعة ، ووترها رجل طنان ،وقيل هو رجل منافق . والمنفخة : وزير . والعصا : رجل حسيب منيه فيه نفاق . فمن رأى كأن بيده عصا فإنه يستعين برجل هذه صفته ، وينال ما يطلبه ويظفر بعدوه ويكثر ماله . فإن رأى العصا مجوفة وهو متوكئ عليها فإنه يذهب ماله ويخفي ذلك من ا لناس . فإن رأى كأنها انكسرت فإن كان تاجرا خسر فلي تجارته ، وإن كان واليا عزل . وإن رأى كأنه ضرب بعصا أرضا فيها تنازع بينه وبين غيره ، فإنه يملكها ويقهر منازعه . وإن رأى كأنه تحول عصا مات سريعا . وأما الكرسي : لمن جلس عليه فإنه دال على الفوز في الآخرة إن كان فيها ، وإلا نال سلطانا ورفعة شريفة على قدره ونحوه . فإن كان عازبا تزوج امرأة على قدره وجماله وعلوه وجدته . ولا خير للمريض ولا لمن جلس داخلا فيه لما في اسمه من دلائل كرور السوء ، لا سيما إن كان ممن قد ذهب عنه مكروه مرض أو سجن ، فإنه يكر راجعا . وأما الحامل فكونها فوقه مؤذن بكرسي القابلة التي تعلوه عند الولادة عند تكرار التوجع والألم ، فإن كان على رأسها تاج ولدت غلاما ، أو شبكة بلا رأس أو غمد سيف أو زوج بلا رمح ولدت جارية. وقيل : من رأى أنه أصاب كرسيا أو قعد عليه ، فإنه يصيب سلطانا على امرأة وتكون تلك في النساء على قدر جمال الكرسي وهيئته . وكذلك ما حدث من الكرسي من مكروه أو محبوب فإن ذلك في المرأة المنسوبة إلى الكرسي . والكرسي امرأة أو رفعة من قبل سلطان . وإن كان من خشب فهو قوة في نفاق ، وإن كان من حديد فهو قوة كاملة . والجالس على الكرسي وكيل أو وال أو وصي إن كان أهلا لذلك ، أو قدم على أهله إن كان مسافرا ، لقوله تعالى ( وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب ) ــ ص : 34 . والإنابة الرجوع . والقمع : رجل مدبر ينفق على الناس بالمعروف . ودخول الكندوخ مصيبة . واللوح : سلطان وعلم وموعظة وهدى ورحمة ، لقوله تعالى (وكتبنا له في الألواح )ـ الأعراف:145. وقوله ( في لوح محفوظ ) ـ البروج :22 . والمصقل منه يدل على أن الصبي مقبل صاحب دولة ، والصدئ منه يدل على أنه مدبر لا دولة له . وإذا لوحا من حجر فإنه ولد قاسي القلب ، وإذا كان من نحاس فإنه ولد منافق ، وإذا كان من رصاص فإنه ولد مخنث . والمحرضة : خادم يسلي الهموم. والمسرجة : نفس ابن آدم وحياته ، وفناء الدهن والفتيلة ذهاب حياته ، وصفاؤها صفاء عيشه ، وكدرهما كدر عيشه ، وانكسار المسرجة بحيث لا يثبت فيها الدهن علة في جسده . بحيث لا تقبل الدواء . والمسرجة قيم البيت . والمكنسة : خادم . والخشنة : خادم متقاض . وأما من كنس بيته أو داره فإن كان بها مريض مات ، وإن كان له أموال تفرقت عنه ، وإن كنس أرضا وجمع زبالتها أو ترابها أو تبنها ، فإنه يفيد من البادية إن كانت له ، وإلا كان جابيا أو عشارا أو فقيرا سائلا طوافا . الممخض : رجل مخلص ، أو مفت يفرق بين الحلال والحرام . فإن رأى كأنه ثقب الممخض فإنه لا يقبل الفتوى ولا يعمل بها. وأما القصعة : فداله على المرأة والخادم ، وعلى المكان الذي يتعيش فيه وتأتي الأرزاق إليه . فمن رأى جمعا من الناس على قصعة كبيرة أو جفنة عظيمة ، فإن كان من أهل البادية كانت أرضهم وفدادينهم ، وإن كانوا أهل حرب داروا إليها بالمنافقة ، وحركوا أيديهم حولها بالمجادلة على قدر طعامها وجوهرها ، وإن كانوا أهل علو تألفوا عليه إن كان طعامها حلوا ونحوه .. وإن كانوا فساقا أو كان طعامها سمكة أو ولحما منتنا تألفوا على زانية . وأما الطاجن : فربما دل على قيم البيت ، وربما دل على الحاكم والناظر والجاني والعاشر والماكس . والسفافيد أعوانه ، وقد يدل على السجان وصاحب الخراج والطبيب وصاحب البط . والحصير : دال على الخادم ، وعلى مجلس الحاكم والسلطان . والعرب تسمي الملك حصيرا ، فما كان به من حادث فبمنزلة البساط . وأما التحافه : فدال على الحصار ، والحصر فيا لبول ، وأما من حمله أو لبسه فهو حسرة تجري عليه وتناله ويحل فيها من تلك الناحية ، أو امرأة أو مريض أو محبوس . وأما الزجاج : وما يعمل منه ، فحمله غرور ، ومكسوره أموال . والظرف : منه آنية أو زوجة أو خادم أو غيرهن من النساء . وككثرته في البيت دالة على اجتماع النساء في خير أو شر . وأما العروة : فمن تعلق بعروة أو أدخل يده فيها فإن كان كافرا أسلم واستمسك بالعروة الوثقى ، وإن استيقظ ويده فيها مات على الإسلام . ويدل على صحبة العالم وعلى العمل بالعلم والكتاب . والمنقار : دال على ذكر صاحبه وفمه ، وعلى عبده وخادمه الذي لا يستقيم إلا بالصفع ، وحماره الذي لا يمشي إلا بالضرب . القفل والمفاتيح : وأما من فتح قفلا فإن كان عازبا فهو يتزوج ، وإن كان مصروفا عن عروسه فإنه يفترعها ، فالمفتاح ذكره ، والقفل زوجته . إلا أن يكون مسجونا فينجو منه بالدعاء ، قال الله تعالى ( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ) ـ الأنفال : 19 .أي تدعوا فقد جاءكم النصر . وإن كان في خصومة نصر فيها وحكم له ، قال الله تعالى ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) ـ الفتح :1 . وإن كان في فقر وتعذر فتح له من الدنيا ما ينتفع به على يد زوجة ، أو من شركة أو من سفر ، وقفول . وإن كان حاكما وقد تعذر عليه حكم ، أو مفت وقد تعذرت عليه فتواه ، أو عابر وقد تعذرت عليه مسألة ، ظهر له ما انغلق عليه وقد يفرق بين زوجين أو شريكين بحق أو باطل على قدر الرؤيا . وأما المفتاح : فإنه دال على تقدم عند السلطان والمال والحكمة والصلاح . وإن كان مفتاح الجنة نال سلطانا عظيما في الدين ، أو أعمالا كثيرة من أعمال البر ، أو وجد كنزا أو مالا حلالا ميراثا . فإن حجب مفتاح الكعبة حجب سلطانا عظيما أو إماما ، ثم على نحو هذا في المفاتيح. والمفاتيح سلطان ومال وخطر عظيم ، وهي المقاليد . قال الله تعالى (له مقاليد السموات والأرض)ـ الزمر:63.يعني سلطان السموات والأرض وخزائنهما . وكذلك قول الله تعالى في قارون ( ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة ) ـ القصص : 76 . يصف بها أمواله وخزائنه ، فمن رأى أنه أصاب مفتاحا أو مفاتيح فإنه يصيب سلطانا أو مالا بقدر ذلك . وإن رأى أنه يفتح بابا بمفتاح حتى فتحه ، فإن المفتاح حينئذ دعاء يستجاب له ولوالديه أو لغيرهما فيه ، ويصيب بذلك طلبته التي يطلبها ، أو يستعين بغيره فيظفر بها . ألا ترى أن الباب يفتح بالفتاح حين يريد ، ولو كان المفتاح وحده لم يفتح به ، وكان يستعين في أمر ذلك بغيره . وكذلك لو رأى أنه استفتح برجا بمفتاح حتى فتحه ودخله ، فإنه يصير إلى فرج عظيم وخير كبير بدعاء ومعونة غيره له . والقفل : كفيل ضامن ، وإقفال الباب به إعطاء كفيل ، وفتح القفل فرج وخروج من كفالة . وكل غلق هم ، وكل فتح فرج ، وقيل : إن القفل يدل على التزويج ، وفتح القفل قد قيل هو الافتراع ، والمفتاح الحديد رجل ذو بأس شديد ومن رأى أنه فتح بابا أو قفلا ، رزق الظفر لقوله تعالى ( نصر من الله وفتح قريب ) ــ الصف : 13 ..

المذكر منها رجال. والمؤنث نساء. فالمسبحة امرأة صالحة ، أو معيشة حلال ، أو عساكر نافعة ، لمن ملكها ، أو سبح بها. والدواة منصب وعز ، أو امرأة ، أو مركب ، أو معيشة. وأما إن تلوث بها صارت نكداً ، ممن تدل عليه. من كتب بقلم ، أو ملكه تحكم من جليل القدر ، أو يرزق ولداً كاتباً. وهو ولاية ، ومنصب. ويدل على العبد ، والجارية ؛ لكثرة الرواح والمجيء ، والمطّلع على الأسرار.

قال المصنف : اعتبر الأدوات واحكم فيها على ما يليق بالرائي في وقته. وتدل المسبحة أيضاً على .... وقال لي تاجر : رأيت أن في يدي سبحة من لؤلؤ ، قلت : أنت تسافر في طلب مماليك وتكسب فيها. وقال آخر : مثله ؛ غير أنه قال : سبحة من أَنبوش ، قلت : أنت متولي وستغير على بلاد وتأخذ جماعة أسارى مربوطين في الحبال ، فجرى ذلك. وقال آخر : رأيت كأن في يدي سبحة عقيق ، قلت : ستعمل ساقية بدولاب وتكون بقواديس حمر ، وتفيد من ذلك. وقال آخر : رأيت كأن في يدي سبحة من دموع داود عليه السلام وهي معمولة في وسطي ، قلت : عندك امرأة صالحة كثيرة البكاء ، قال : صدقت.
ودلت الدواة على المناصب لأن أرباب المناصب لا يستغنون عنها ، وعلى المرأة لأن القلم كالذكر فيها ولكونها تحمل في بطنها ، وكذلك أيضاً دلت على المركب والأقلام فيها شبه المقاذيف. وقال إنسان : رأيت أنني أتيت إلى دواة عليها غطاء ففتحتها ورميت ما فيعا من الأقلام ، قلت له : نبشت قبوراً مدفونة ورميت ما بها من الموتى لتعمل لك قبراً ، أو بئراً ، أو بركة ونحو ذلك ، قال : صدقت. وقال لي إنسان : رأيت أنني أعطي كل من يجيء إلى عندي دواة مليحة ، قلت له : تتعلم الطب وكل مريض يجيء إلى عندك يلقى دواءه كما يجب ، فصار كذلك. وقال إنسان : رأيت أن فلاناً وقع في دواة بغطاء وانطبقت عليه ، قلت : الدواة قبره فمات ثاني يوم. وقال آخر : رأيت أني سرق من بيتي دواة بغطاء ، قلت : يروح من عندك صندوق فراح. وقال آخر : رأيت أنني نفضت دواة فيها أقلام وقع ما فيها ، قلت : ضربت حاملاً وأسقطت ما في بطنها ، قال : صحيح. وقال لي
متولي : رأيت أني كسرت رأس قلم ، قلت : قطعت لسان إنسان وربما كان
كاتباً ، قال : صدقت. وقال آخر : رأيت أنني قطعت قلمي ورميته ، قلت له : تعرف الخط ، قال : لا ، قلت : قد خصيت نفسك ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني صرت قلماً مبرياً ، قلت : تصير سباحاً وتكون كثير الغطاس على
رأسك ، وتصير في ذلك أستاذاً ، فصار كما ذكرنا. فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله.
فصل : الأسرة والمنابر والكراسي والمراتب : عز وجاه ، لمن ملكهم ، أو جلس عليهم. أو تزويج ، ومال ، وفائدة. وكذلك من تحكم فيهم. كما أنهم : هم ، ونكد ، لمن لا يليق به الجلوس عليهم. الشمعة : امرأة ، أو جارية حسناء. فإن كانت على نور كانت بجهاز ، أو من بيت كبير ، وهي غنى للفقير ، وهداية للجاهل. وكذلك القنديل والسراج. ويدلون على الأولاد ، والعلماء ، والأقارب ، لمن ملكهم ، أو اهتدى بنورهم ، في الظلام. وإن كانوا موقودين بالنهار دل على ضياع المال ، بلا فائدة أو علم ، عند من لا يحتاج إليه. وهم بالنهار ، وبلا وقود تجائر ، أو علوم. أو أولاد ، ومعايش ، ومتاجر ، ترجى منفعتهم فيما بعد.



قال المصنف : دلت الأسرة والمنابر والكراسي ونحو ذلك على العز والجاه لاختصاص الأكابر بهم في خاصتهم ، ويدلون على غير ذلك. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أمير على سرير مشبك وهو على وجه الماء ، قلت : تصير أمينًا على مركب حطب ، فصار كذلك. وقال آخر : رأيت أن فلاناً على سرير ، قلت : هو مريض ، قال : نعم ، قلت : يحمل على سرير المنايا ، فمات عقيب المنام. وقال آخر : رأيت أنني راكب على سرير صغير على جمل في برية ، قلت : تسافر في تجارة. وقالت امرأة : رأيت أنني أخطب بالرجال ، قلت : تشتهرين بمحبة واعظ ، أو خطيب ، أو فقيه ، وتتنكدين من ذلك ، فجرى عليها نكد بذلك السبب. ومثله قالت أخرى غير أنها قالت : أخطب بالنساء ، قلت : تتزوجين برجل كذلك ، فتزوجت. وقال إنسان : رأيت أنني صرت شمعة ، أو قنديلاً ، قلت له : بين الناس ، قال : نعم ، قلت : بالنهار ، قال : نعم ، قلت : تُعَزّر ، أو تُضرب وتسيل دموعك. وقال آخر : رأيت أنني صرت سراجاً على منارة نحاس مليحة ، قلت : بالليل ، قال : نعم ، قلت : تصير مؤذناً ، أو واعظاً وينتفع بك الناس. ومثله قال آخر ، قلت : أين كنت ، قال : في دكان ، قلت : تصير منادياً ، أو حارساً على .... للذي كان في الدكان وتجلب الناس إلى ذلك الجنس. وقال آخر : رأيت أنني صرت سراج معصرة أدور حيث دار الحجر ، قلت : تصحب جليل القدر وتسافر حيث يسافر وربما تحمل قدامه نوراً وتكون لا تفارقه ، فصار يحمل الشمع قدام الملك. وقال إنسان : رأيت أنني أسبح في قناديل ملآنة حتى آتي إلى فتائلها آكلها وطعمها طيب ، قلت : ترزق من أخذ النوفر الذي تحارف في برك الماء رزقاً جيداً. فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى.

فصل : لبس الحلي لمن يليق به دليل على تزويج العزاب ، وأولاد للمزوجين ، وغنى للفقراء. أو أعمال حسنة ، وعز ، وجاه ، ومعايش ، وعبيد ، ودور ، ونحو ذلك. وأما الحياصة : فخدمة للبطال ، وعساكر ، وغلمان ، لمن يليق به ذلك. وتعاليقها : كبراء غلمانه. وإن جعلناها امرأة ، فتعاليقها : جهازها. فمن عدمت حياصته ، أو انكسرت ، أو تلف شيء منها : دل على نكد. وإن كانت للملك : ذهبت جيوشه ، أو بعضها. ولغيره : غلمانه ، وللمزوج : زوجته ، أو جاريته ، أو معيشته ، ونحو ذلك.
والمذكر من الحلي ، كالسوار والخلخال ، والقرط : ذكور. والمؤنث ،
كالحلقة ، والجوهر ، ونحوها : إناث.
قال المصنف : اعتبر ما كان عليه من الحلي والحلل. كما قال لي إنسان : رأيت أن في يدي سواراً والناس يبصرونه ، قلت له : سوء يبصره الناس في يدك ، فعن قليل طلع في يده طلوع. ومثله قال آخر ؛ لكن لم يبصره الناس ، قلت : تتزوج امرأة حسنة وتكون رقيقة. ومثله قال آخر غير أنه قال كان منفوخاً ، قلت : عندك امرأة بها مرض الاستسقاء. وقال لي إنسان : رأيت أني أتيت إلى شجرة لآكل من ثمرتها فلم أقدر فلقيت على الأرض دملجاً مرمياً فجعلته تحت رجلي وأكلت من الثمرة ، قلت : أنت تطلب حاجة من جليل القدر وتخاف أن لا تقضى ، قال :
نعم ، قلت : دم ولج في طلبها تقضى ، وتكون على يد امرأة وخادم ، فجرى ذلك.
ودلوا على تزويج العزاب لكونهم من آلات التزويج ، وأولاد لتجمل الناس بهم وطول بقائهم عنده ، وعلى الغنى لأن ذلك لا يعمل إلا بعد فضله وغنى عنه ، ويدل على الأعمال لأنه غالباً لأنه من أعمال الرائي إما بنفسه ، أو بامرأة ، وعلى العز والجاه لأن ذلك غالباً مختص بذوي القدر ، وعلى المعايش لكونهم يباعون ، وعلى العبيد لخدمتهم لمالكهم باستعماله لذلك ، وعلى الدور لكون الأعضاء تغبر في ذلك. ودلت الحياصة على الخدمة لأنها غالباً لا تكون إلا في وسط من يخدم ، والبطال لا يلبس ذلك ، وعساكر وغلمان لمن يصلح له ذلك لكونه يشد وسطه
بها ، ومنها الأعمدة الواقفة إلى جانب بعضها بعض كالجيوش والغلمان ، وعلى جهاز المرأة لأنها مؤنثة ، وعمدها والتعاليق كالسيور والأواني المصفوفة والمعلقة ، وتدل أيضاً للمرأة على زوجها وللرجال على ملبوسه. وقال لي إنسان : رأيت كأن في عنقي .... لازماً ، قلت له : في رقبتك حق لإنسان وسيلازمك في طلبه ،



فقال : صحيح. وقال آخر : رأيت كأن في رجلي خلخالاً ، قلت : تتخلخل رجلك بألم ، فكان كذلك. وقال آخر : رأيت أني قد سرق لي خلخال ، قلت : يعدم لك قبقابُ ، أو مداس لها صوت. وقال آخر : رأيت كأن في يدي خلخالاً وآخر قد مسكه وأنا ماسكه وأزعق عليه وأقول اترك خلخالي فتركه ، قلت : فكان الخلخال أملس في يدك ، قال : بل كان خشناً تألمت منه مرة بعد مرة وفيه شراريف ، قلت : أمك شريفة وكذلك خالك ، وأنت لست بشريف ، قلت : واسمك عبد القاهر ، قال : صدقت ، قلت : ولسان خالك لسان نحس ردي يتكلم في عرضك ويأخذ مما في يدك ، قال : نعم ، قلت : ثم إنه يقع في يد ظالم متعدًّى فيحتمي بك فتشد أنت منه وتقول : خلَّ خالي ، فعن قليل جرى ذلك. وقال آخر : رأيت أن الشمس عندي وكأن سحاباً أخفاها عني فَدَوَّرت عليها فلقيتها مخبوءة في وسط عقد جواهر ، قلت له : كان عندك قطعة ذهب فيها نقش أشبه شيء بالدينار ، والنقش منفعة كبيرة ، جعلتها في شيء معجون لتأكل ، ذلك ، والمعجون لمنفعة ، فطلبتها فلم تجدها ، فبعد قليل عرفت أن سنوراً ابتلع ذلك فصار الضائع جواهر ، فراح من عندي ، فوجد ذلك صحيحاً. وقال إنسان : رأيت أن في أنفي حلقة ذهب وفيها حب مليح أحمر ، قلت له : يقع بك رعاف شديد ، فجرى ذلك. وقال آخر : رأيت كلاب كلابنذ معلق في شفتي ، قلت له : يقع بك ألم تحتاج إلى الفصد في شفتك لأجل ذلك فجرى ذلك.

وقد مضى بعض الكلام في الخاتم خاصة ، وذكر ما فيه في » الحلي «.
وكل موضع دل الحلي والحلل على الخير والشر فطول ذلك وقصره على قدر ثبات ذلك وذهابه ، كما تقول الحلي من الزجاج لا ثبات له ، وكذلك من الرصاص ، وكذلك من الشمع ، ونحوه ذلك. بخلاف الذهب والفضة والنحاس والحديد استعمله أكثر الناس. كما قال لي إنسان : رأيت أن في يدي خاتماً من الرصاص ، قلت : عندك امرأة تلوث عرضك – لأن الرصاص يلوث الإنسان – ولا ثبات لها عندك – لعدم بقائه -.فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى.
فصل : ولبس الحلي ، والحلل ، لمن لا يليق به دال على النكد ، والذلة من الأكابر. وأما لبس الخاتم ، فيدل لمن لبسه ، ممن يصلح له على تزويجه ، إن كان أعزب. أو يتسرى بجارية. فإن كان بفص رزق ولداً. وربما تكون المرأة ذات جهاز ومال. ويد على الولاية ، لختم الأموال ، والكتب ، ونحوها. فمن كسر خاتمه ، أو ضاع : زالت ولايته. وإلا فارق زوجته ، أو جاريته ، أو بعض أولاده ، وأقاربه ، أو معارفه. أو تعطلت معيشته. ونحو ذلك.
فصل : ربط اليدين ، أو الرجلين ، أو القيد ، أو اللبنة ، ونحو ذلك ، دال على عزل المتصرفين ، وتعويق المسافرين ، وطول سجن المسجونين ، ومرض المرضى ، وتزويج العزاب ، وتعطيل عبادة العابدين ، وتوبة الفاسقين وكف أكف الظالمين. وذلك في اليدين ، فقر الأغنياء.
وأما الغل ، والربط ، في العنق ، دال على الذنوب ، والأنكاد.
قال المصنف : دل الربط والقيد على ما ذكرنا من العزل وترك السفر وطول المرض والسجن لكون ذلك يمنع الحركات ، ومن ذلك أيضاً ترك عبادة العابد ، ودل على التزويج لكون اليدين ، أو الرجلين اجتمعا وهما ذكر وأنثى ، ودل على توبة الفاسقين وكف ظلم الظالمين لكون كل واحد انكف عما هو فيه من الحركات. وانظر صفة القيد والذي ربط به وتكلم عليه. كما قال لي إنسان : رأيت أن في رجلي قيد ذهب ، قلت : يمنعك عن سفرك شيء يذهب لك ، فجرى ذلك. ومثله قال آخر ، قلت : يمنعك جليل القدر. ومثله قال آخر : قلت : تتزوج من بيت جليل القدر.
والقيد أهون من اللبنة كما رآها إنسان في رجله ، قلت : تتقيد بجليل القدر ويمنعك عن تصرفك كما تريد. وقال آخر : رأيت أن يدي مربوطة بخيط حرير ، قلت : يذهب مالك على إنسان جليل القدر. ومثله رأى آخر ، قلت : تتوب على يد رجل هين لين. فافهم ذلك موفقاً.
فصل : الذهب ، والدراهم ، والفلوس ، ونحوهم ، لمن ملكهم ، ممن يليق به : دليل على أخبار ، أو غائب ، أو ولد ، أو معرفة. ويكون فيهم نفع. وأما من أخذهم ، ممن لا يليق به ، أو كانوا في الكثرة خارجاً عن العادة : فأنكاد ، وهموم ، ونحو ذلك.
قال المصنف : دل الذهب والدراهم والفلوس وشبههم على الكتب لكون الكتابة عليهم ، وعلى الأخبار لأن بهم يعلم الإنسان ذلك ، وعلى مجيء الغُيّاب لأن الحاجة غائبة حتى يروح أحد من أولئك يحضر ، وعلى الأولاد والأقارب لنفعهم ، وعلى المعارف النافعين لما ذكرنا. فإن خرجوا في الكثرة عن عادة مثل ذلك أعطوا الأنكاد لوجوه : الأول : لثقل حملهم ، ولتعسر حفظ مثل ذلك على من ملكه ممن لا يصلح له ذلك ، الثالث : لكون الحقوق ترتب فيها ، الرابع : لطلب اللصوص والحرامية والطماعين لمن معه ذلك.
وكذلك الحكم إذا كانوا في القلة عند من لا يليق به ذلك ، كالفلوس والدراهم والدنانير في يد ملك وهو يفتخر بين الناس بذلك ، وكذلك من دونه من ذوي الرتب الذين لا يصلح لهم ، يدل على : الأنكاد والفقر ونزول المرتبة ونحو ذلك. فافهم ذلك.



فصل : أواني البيت ، كالمسرجة ، والزبدية ، والطبق ، والقدرة ، والمكنسة ، وأمثالهم : كل واحد منهم دال على صاحب الدار ، وزوجته ، وأولاد ، وعبيده ، ودوابه ، وفوائده ، ومعايشه. كما أن المطارق ، والمنفخ ، والكلبتين ، وأمثالهم ، للبيطار ، والحداد ، والنجار ، والصائغ ، وأمثالهم : دال على معايشهم ، وغلمانهم ، وأولادهم. وربما كان المنشار ، والمثقب ، والمنقار ، والإبرة ، ومكوك الحائك ، وسهم المنسج ، وأمثالهم : أصحاب سفر ، ومداخلات في الأمور. وربما دلوا على الجواسيس ، لدخولهم في البواطن ، وخروجهم.

قال المصنف : اعتبر ما في البيوت ، وهم دالون على صاحب الدار والزوجة والأولاد والعبيد والدواب والمعايش ، ونحو ذلك ، لانتفاع أهل المنزل بذلك ، والأواني المعمولة من النحاس دالة على طوال الأعمار وذوي القدر ، ودون ذلك الحديد لكونه لا يستعمل غالباً ، وأضعف من ذلك وأرفع منزلة الرصاص في الأواني. كما قال لي إنسان : رأيت أن عندي قدراً برأسين ، قلت : عندك امرأة حامل بتوأم ، فعن قليل وضعت توأماً. وقال لي إنسان : رأيت أن قدامي زبدية كبيرة وأنا أعمل فيها الشعر في رق ، قلت : تصير تبيض الغزل. ومثله قال آخر ، قلت له : تملك مبلة كتان. وقال آخر : ريت أن قدامي بركة وقد انكسرت وراح الماء الذي فيها ، قلت له تنكسر منك زبدية ويذهب ما فيها. وقال آخر : رأيت أن قدامي طبقاً فيه ططماج وأنا آكل منه دراهم ودناير ، قلت له : أنت صنعتك تعمل الورق ، قال : صحيح ، قلت : تفيد منه. وقال آخر : رأيت أنني أعمل في ورَّاقة وتنكسر في ضمانها ، فجرى ذلك كله. وقال آخر : رأيت أن منفخي انكسر ، قلت تقع باذهنجك. ومثله قال آخر : قلت يقع في أنفك زكام. وقال آخر : رأيت أني قد راح منه كلبتين ، قلت : يموت لك أولاد توأم ، فماتا. وقال لي ملك : رأيت أن منشاراً لي إنكسر ، قلت تقع بعض شراريف السور ، فوقع ذلك. وقال آخر : رأيت أنني صرت منشاراً واثنان ينشران بي ، قلت : تقع بين اثنين في رسالة وتتعب بينهما ، فجرى ذلك. فافهمه موفقاً إن شاء الله تعالى.
فصل : المبرد ، والفأرة ، والمصقلة ، وآلة التبييض ، وأمثالهم : يدلون على المصلحين ، والمهدين. والمفتاح : دال على الحاكم على الأموال ، وغيرها. وعلى الخبير بفتح الأماكن ، وتسهيل الأمور الصعاب. ويكون صاحب أمر ، ونهي. كما أن الميل : صاحب سفر لكونه يغيب ، ويجيء بالمطلوب. وأما المغرفة ، والغربال ، والمنخل ، والمصفاة : فأقوام متوسطون بالخير.
قال المصنف : قال إنسان : رأيت أنني صرت مبرداً ، قلت : يطلع عليك جرب ، فطلع. ومثله قال لي جليل القدر ؛ قال : كنت أبرد الحديد ، قلت : تلبس جوشناً في حرب وتنتصر. ومثله قال آخر ؛ غير أنه قال : كنت أبرد حوافر الخيل ، قلت له : تصير بيطاراً. ومثله قال آخر : قلت : تصير ركاب دار. ومثله قال آخر ؛ غير أنه قال : كنت أبرد خشباً قرب السيوف والسكاكين ، قلت : تعمل الحصون والعدد للأكابر. وقال إنسان : رأيت أنني صرت مفتاحاً لباب ، قلت : تصير
بواباً ، فصار كذلك. ومثله قال جليل القدر ، قلت : تتولى منصباً عالياً على قدر حسن الباب. وقال آخر : رأيت أنني صرت سناً في مفتاح ، قلت : فتحت شيئاً ، قال : نعم ، قلت : ستعبر نقباً وتقاوم أصحاب المكان وهم من فوقك ثم تأخذ النقب من أسفل وتصعد وينفتح لك المكان. وقال لي إنسان : رأيت أن مفتاحي بلا أسنان ، قلت : تتلف أصابع يديك ، فجرى ذلك. ومثله قال آخر : قلت : تذهب أسنانك ومثله قال آخر : قلت : يعدم بستانك.
والمنقار إنسان مغصوب على الدخول في الأماكن الصعبة ، وإبر الذي يعمل الجلود كالخفاف والمداسات ونحو ذلك دال على الغلامين الذي يمشي كل واحد ضد ما يمشي صاحبه في طلب المصلحة. والميل الذهب أجود من الفضة ، والفضة أجود من النحاس ، ودونهم الميل من الزجاج. وقال لي إنسان : رأيت أن عندي بعض ميل ذهب وأنا أكحل به أعين الدواب ، قلت : عندك صبي تعلمه بيطاراً فاسأل عنه فهو ابن ملك ، فسأل عنه فوجده كذلك. قال آخر : رأيت أن معي ميلاً من ذهب وأنا ألعب به في التراب ، قلت : عندك جليل القدر تستعمله فاعلاً في عمل التراب. وقال آخر : رأيت معي أميالاً عديدة ، قلت : يكثر الرمد ووجع العيون عندكم ، فجرى ذلك. ومثله قال آخر : قلت : عندك جماعة عزمت على سفرهم. ومثله قال آخر : قلت : عزمت على أخذ مطامير. وقالت امرأة : رأيت أن ميلي ضاع ، قلت : يأخذ زوجك غيرك ، فيهجرك في الفراش ، فجرى ذلك. والله أعلم.
فصل : كل ما كان معداً للخبايا ، أو للحفظ : فهو دال على الأمناء ، والحراس ، والأماكن الحصينة. كالخزائن ، والصناديق ، وأمثالهم. والقبان ،
والميزان : يدلان على القضاة ، والولاة ، وكل من يقبل قوله. فلسانه : هو
المتوسط ، والشاهد بالحق. والصنع : غلمانه ، وأعوانه.



قال المصنف : وقال لي إنسان : رأيت أنني أزن ذهباً قبان ما هو معدٌ له ، قلت : تسلم أقواماً أكابر إلى من لا يغرف قدرهم ، ولا يلتفت عليهم ليختبرهم ، وما يحصل لك مقصود. وقال لي إنسان قيم مسجد : رأيت أنني أزن في ميزان الدراهم فلوساً وقد تلف ، قلت : تبدل القناديل الجياد بدونها ، فارجع إلى الله عن ذلك. والله أعلم.

فصل : النظر في الأشياء الصقلة ، كالزجاج ، والماء ، والمرآة ، وأمثالهم : دال على تزويج العزاب ، وموت المرضى ، والأسفار. وربما رزق الرائي ولداً ، على شكله. وأما إن نظر ليصلح وجهه ، أو حاله ، فإن أصلحه : تعافى المريض ، وخلص المسجون ، وقدم الغائب ، وقضيت حاجة المحتاج.
قال المصنف : دل النظر في الأشياء الصقلة على : تزويج العزاب لكونه يبقى وجه مقابل وجه يحبه ، وعلى موت المرضى لكونه صار وجهه في مكان لا تصل يده إليه ولا يقدر عليه ، ومن ذلك دل على السفر. فإذا جعلته تزويجاً ، أو تسرياً فهي امرأة دونه ، وإن جعلته موتاً فحذره من الآخرة الردية ، وإن جعلته سفراً فامنعه من ذلك ؛ فهو غير مرضي. وقولنا : يرزق الناظر مثله إن كانت امرأة وهي حامل فالحمل أنثى ، وإن كان الناظر رجلاً وعنده حمل فالولد ذكر ، وإن لم يكون حمل فالمرأة تحمل بذلك.
فصل : كل ما يغتسل به ، من الأواني كالإبريق ، والطاسة ، والشربة ، وأمثالهم : دال على الأصحاب ، المطلعين على الأسرار ، الكاتمين لها ، الدافعين الأذى. والغلاية : امرأة ، أو بنت ، أو جارية ، فيها نفع. وربما تكون تعرف صنعتين. وربما تكون كثيرة الأمراض ، لجمعها الماء والنار في بطنها.
قال المصنف : قد سبق الكلام في الأواني ، والإبريق دال على الكثير السجود والخدمة. كما قال لي إنسان : رأيت أنني آكل إبريقاً ، قلت له : بعت ديكاً وأكلت ثمنه ، قال : صحيح. وقال إنسان : رأيت أنني صرت إبريقاً ، قلت : تصير صاحب صوت كالمؤذن والحارس والمغني ونحو ذلك ، فصار مؤذناً ، وكان دليله أن الماء إذا قلب فيه يبقى له صوت.
دلت أواني الاغتسال على المطلعين على الأسرار لقربه من العورات ، الدافعين الأذى لزوال الوسخ بهم ، الكاتمين الأسرار لكونهم لا ينطقون بما يجاورونه. واعتبر الجمع في الأواني. كما قال لي إنسان : رأيت إنساناً أهدى لي شربات ، قلت : كانوا ملاحاً ، قال : لا ، قلت : احترز منه فإنه بيَّت لك على شر. وقال إنسان : رأيت أنني ملكت غلاية ، قلت : تملك حماماً ، فملكه. وقال إنسان : رأيت أن ولدي يشرب من غلاية ، قلت : تمرض أمه بالحمى ويرضع ذلك. ومثله قال آخر ، قلت : ابنك مريض بالحمى الباردة ، قال : نعم ، قلت : فشرب من الغلاية ماءً حاراً ، قال : نعم ، قلت : يتعافى ، فعوفي. وقال آخر : رأيت أنني جاءني غلاية ، قلت له : أهدي لك نعامة ، قال : نعم. وقال آخر : رأيت أن عندي نعامة آكلها ، قلت : : عندك غلاية ، والساعة تبيعها وتأكل ثمنها ، فجرى ذلك. وأشبهت النعامة لأن النعامة تأكل النار ، وتشرب الماء في بطنها ، فأشبهت الغلاية التي جمعت في بطنها بين الماء والنار. وقال إنسان : رأيت أنني صرت غلاية ، قلت : تمرض بوجع الفؤاد ، وتصير أيضاً ضامن حمام ، فجرى له ذلك. ومثله قال آخر ، قلت
له : تأكل أموال اليتامى ، فكان كذلك ، لأن الله تعالى يقول { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } ] النساء:10
فصل : الجرار ، والخوابِي ، وآنية الماء : دالون على أهل النفع ، والخير والقبقاب : ولد ، أو عبد ، أو دابة ، أو مال طويل الإقامة. وهو لمن لا يعتاده : نكد ، وتعويق من أمور. ويدل على إظهار الأمور الخفية. وهو لمن يمشي به في الطين : خلاص من نكد ، أو سفر فيه راحة. فجميع ما ذكرنا فهم أيضاً : دالون على الدواب ، والدور ، والعبيد ، والملابس ، والمعايش ، والأقارب. وهم للعزاب زوجات. وكذلك كل ما أشبههم. فما حدث فيهم من صلاح ، أو فساد عاد إلى من ذكرنا.



فصل : وأما الملاهي(1) ، كالطبل ، والزمر ، والدف ، وشبههم : فلهو ، وأخبار باطلة. وأما العود ، والجنك ، وأمثالهم : فأناس مسموعو القول ، لا دين لهم. وأما النقارات : فأخبار ، وتجهيز جنود. وكذلك البنود. وأما من غنى في المنام : فكل من سمع صوته ، اطلع على أسراره. وأما الرقص ، لمن لا عادة له به : هموم ، وأنكاد ، وأسفار مشقة.

__________
(1) ضرب العود فكلام كذب ، وكذلك استماعه . ومن رأى كأنه يضرب العود في منزله أصيب بمصيبة ، وقيل : إن ضرب العود رياسة لضاربه ، وقيل : إصابة غم . فإن رأى كأنه يضرب فانقطع وتره ، خرج من همومه . وقيل : إن فقره يدل على ملك شريف قد أزعج من ملكه وعزه . وكلما تذكر ملكه انقلبت أمعاؤه ، وهو للمستور عظة ، وللفاسق إفساد بشيء يقع على أمعائهم . وهو للجائر جور يجور على قوم يقطع به أمعاءهم . ومن رأى أنه يضرب بباب الإمام من الملاهي شيئا من المزمار والرقص مثل العود والطنبور والصنج ، نال ولاية وسلطانا إن كان أهلا لذلك ، وإلا فإنه يفتعل كلاما . والمزمار ناحية ، فمن رأى : إن ملكا أعطاه مزمارا نال ولاية إن كان من أهلها ، وفرجا إن لم يكن من أهلها . ومن رأى أنه يزمر ويضع أنامله على ثقب المزمار ،فإنه يتعلم القرآن ومعانيه ويحسن قراءته . وقيل : إن رأى مريض كأنه يزمر فإنه يموت . والصنج المتخذ من الصفر يدل على متاع الحياة الدنيا ، وضربه افتخار بالدنيا . وصوت الطبل صوت باطل ، فإن كان معه صراخ ومزهر ورقص ، فهو مصيبة ، والطبال رجل بطال ويفتخر بالبطالة ، والطبل رجل صفعان، فمن رأى أنه تحول طبلا صار صفعانا . وطبل المخنثين امرأة لهيا عيوب يكره تصريحا لأنها عورة وفضيحة ، إذا فتش عنها شنعة كانت عليها ، لأن ارتفاع صوته شناعة ، وكذلك حال هذه المرأة ، وطبل النساء تجارة في أباطيل قليل المنفعة كثيرة الشنعة . وضرب الدف : هم وحزن ومصيبة وشهرة لمن يكون معه ، فإن كان بيد جارية ، فهو خير ظاهر مشهور على قدر هيئتها وجوهرها ، وهو ضرب باطل ومشهور ، وإن كان مع امرأة فإنه أمر مشهور وسنة مشهورة في السنين كلها . وإن كان مع رجل فإنه شهرة ، والمعازف والقيان كلها في الأعراس مصيبة لأهل تلك الدار . وأما الغناء فإن كان طيبا دل على تجارة رابحة ، وإن لم يكن طيبا دل على تجارة خاسرة . وقال بعضهم : إن المغني عالم أو حكيم أو مذكر ، والغناء في السوق للأغنياء فضائح وأمور قبيحة يقعون فيها . وللفقير ذهاب عقله . ومن رأى كأن موقعا يغنى فيه ، فإنه يقع هناك ككذب يفرق بين الأحبة ، وكيد حاسد كاذب ، لأن أول من غنى وناح إبليس لعنه الله . وقيل : الغناء يدل على صخب ومنازعة ، وذلك بسبب تبدل الحركات في المرقص . ومن رأى كأنه يغني قصائد بلحن وصوت عال ، فإن ذلك خير لأصحاب الغناء والألحان ولجميع من كان منهم . فإن رأى كأنه يغني غناء رديئا فإن ذلك يدل على بطالة ومسكنة . ومن رأى كأنه يمشي في الطين ويغني ، فإن ذلك خير ، وخاصة لمن كان يبيع العيدان . والمغني في ا لحمام كلام متهم . وقيل : الغناء في الأصل يدل على صخب ومنازعة . وأما الرقص فهو هم ومصيبة مقلقة ، والرقص للمريض يدل على طول مرضه . وقيل : إن رقص الفقير غنى لا يدوم . ورقص المرأة وقوعها في فضيحة . وأما رقص من هو مملوك فهو ويدل على أنه يضرب . وأما رقص المسجون فدليل الخلاص من السجن وانحلاله من القيد ، لانحلال بدن ا لراقص وخفته ، وأما رقص الصبي فإنه يدل على أن الصبي يكون أصم أخرس . ويكون إذا أراد الشيء أشار إليه بيده ويكون على هيئة الرقص . وأما رقص من يسير في البحر ، فإنه رديء ويدل على شدة يقع فيها . وإن رقص إنسان لغيره ، فإن المرقوص عنده يصاب بمصيبة يشترك فيها مع الراقص ، ومن رأى كأنه يرقص في داخل منزله وحوله أهل بيته وحدهم ليس معهم غريب ، فإن ذلك خير للناس كلهم بالسواء . والضارب الطنبور : رجل رئيس صاحب أباطيل مفتعل في قوم فقراء ، أو ساعي الدراهم السكية ، أو زان يجتمع مع النساء ، لأن الوتر امرأة . وضرب الطنبور مصيبة وحزن تلتف له الأمعاء وتلتوي ، لأن صوته يخرج من الأمعاء التي فتلت وجففت وأخرجت من الموطن . ونقره ذكر ما رأى من الرفاهية والعز والدلال ، فإن رأى سلطان أنه يسمع الطنبور ، فإنه يسمع قول رجل صاحب أباطيل . .



قال المصنف : دلت أصوات الطرب على الباطل من القول لأنه لا حقيقة لذلك فالطبل يدل على الرجل الجسيم المنظر العديم المخبر ؛ باطنه ولاشٍ. والزمر : ناقل للكلام ، لكونه مختصاً بالفم ، ويكون كلاماً غير مفيد ، وربما كان الزمر ترجماناً. والدف : رجل مرفوع على الرؤوس. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أسجد لدف ، قلت : تحب غلاماُ في آذانه حلق وهو كثير الضحك مدور الوجه وكثير البكاء أيضاً لكثرة ما يضرب ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أسجد لجنك ، قلت : أنت تحب إنساناً تركمانياً أو بدوياً على رأسه طرطور ، قال : صحيح. وقال لي ملك : رأيت أنني نصبت جنوكاً على البلد ، قلت : تحاصر بلداً وتنصب المناجنيق عليه ، لأن الأوتار فيه شبه حبال المنجنيق. وقالت امرأة : رأيت في حجري عوداً أضرب به ، قلت : ترزقين ولداً وتناغنه وهو في حجرك. وقال آخر : رأيت أنني صرت عوداً ، قلت تلوى عليك المعاصير وتزعق من ذلك.

والمغني في المنام هو شاكي مظهر لما في قلبه من الأسرار ، فإن كان يغني لغيره بصوت مليح فهو رجل حلو اللسان ، خبير بإخراج ما في القلوب والبواطن من الأسرار ، ويدل أيضاً على أنه يقع بفؤاده ألم ، أو بحلقه ، أو برأسه ؛ لتألم أولئك من كثرة الغنى. كما دل الرقص على كثرة التعب من كثرة الترداد ، وعلى وجع الرأس لغلبة الدوخة في الرأس عند كثرة الحركات ، والأسفار. فافهم ذلك موفقاً.
فصل : اللعب بالنرد ، والشطرنج ، ومثله : يدل على المقاتلة مع غيره ، وعلى الشبه في المكاسب. وعلى تعطل العبادة ، والانتقال من مكان إلى آخر في طلب غريم. وإن كان مريضاً ، وتم اللعب مات ، لأن آخره شاه مات. وإن كان سليماً بلغ مراده. وروية الملاهي ، والنوائح ، أو الصوائح ، أو اللطم ، أو السواد ، في المكان الذي ليس له عادة بذلك ، فهو دال على الهموم ، والأحزان ، وخراب المكان ، وفراق الأحبة.
قال المصنف : دل اللعب بالشطرنج والنرد وشبهه على المقاتلة لكون كل خصم مجتهداً في غلب غريمه ، وعلى الشبهة في المكاسب لكون أخذ الرهن عليه بغير حق ، وعلى ترك العبادة لكون لعباً واللعب ضد العبادة ، وعلى كثرة الأسفار في طلب الغرماء لأن اللاعب ينقل ما بين يديه شبه الغرماء الطالبين بعضهم بعضاً ، فافهمه. ودلت الملاهي على الأنكاد لما يغرم عليها ، ولما يحصل من تغير العقل والحركات عند سماعها ، ولما يلهي الإنسان عن أشغاله ، ولأن العقلاء يرون تركها إلا من ضرورة ، وتذهل سمع السامع ، وترجف من لا عادة له بها ، وإذا كانت هذه مع استعمال الناس لها تعطي الأنكاد فمن طريق الأولى علامات الحزن التي ذكرناها على الأفراح. كما قالت لي امرأة حامل : رأيت عندي زمراً وطبلاً ، قلت : ترزقين ولداً ذكراً ، وتفرحين به. وقال إنسان : رأيت عندي نقارات وبنوداً ، قلت : أنت جندي تتقدم وترزق الإمرة ، فجرى ذلك. وقال آخر : رأيت أن عندي جنكاً وعوداً يضربان خفية ، قلت : أنت تشرب خفية ، قال : نعم.
فصل : وأما السكر(1) من أكل شيء ، أو شرب شيء ، لمن يحرمه : هموم ، وأحزان ، وزوال عز ، ومطالبات بديون ، وغيرها. لكون فاعل ذلك يطلب بالتعزيز ، أو بالحد. وأما السكر ، من غير شيء يدل على قضاء الديون ، والخلاص من الشدائد. لكونه لا يكلف في حال سكره بشيء. هذا إذا لم يتخبط. وأما إن تخبط كان ردياً.
__________
(1) من رأى أنه يعصر خمرا فإنه يخدم سلطانا ويجري على يديه أمور عظام . والخمر في الأصل : مال حرام بلا مشقة ، فمن رأى أنه يشرب الخمر فإنه يصيب إثما كثيرا ورزقا واسعا ، لقوله عز وجل ( يسألونك عن ا لخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) ـ البقرة : 219 . ومن رأى أنه شربها ليس له من ينازعه فيها ، فإنه يصيب مالا حراما ، وقالوا : بل مالا حلالا . فإن شربها وله من ينازعه فيها فإنه ينازعه في الكلام والخصومة بقدر ذلك . فإن رأى أنه أصاب نهرا من خمر ، فإنه يصيب فتنة في دنياه . فإن دخله وقع في فتنة بقدر ما نال منه .
وقال بعض ا لمعبرين : ليس كثرة شرب الخمر في الرؤيا رديئة
فقط ، فإن رأى الإنسان كأنه بين جماعة كثيرة يشربون الخمر ، فإن ذلك
رديء ، لأن كثرة الشراب يتبعه السكر ، والسكر فيه سبب الشغب والمضادة
والقتال . وقال : الخمر لمن أراد الشركة والتزويج موافقة بسبب
امتزاجها.



قال المصنف : اعتبر السكر من الجامدات والسائلات ، وتكلم عليه. ومن الأصوات أيضاً. كما قال لي إنسان : رأيت أن هدهدًا يترنم بصوت مليح وأنا أطرب ، قلت : تمايلت ، قال : نعم ، قلت : قدام الناس ، قال : نعم ، قلت : خلاف عادتك ، قال : نعم ، قلت : تحصل لك نكد من جليل القدر ، وربما تكون رسولاً بكلام يهددك به ، قال آخر ، عير أنه قال ما كان بين الناس ، قلت : قدم عليك بشارة على يد إنسان على رأسه طرطور ، ومعه كتاب ، قال : نعم. وقال آخر : رأيت أنني أكلت من رطب نخلة فسكرت منه ، قلت : يحصل لك نكد من امرأة ، وربما تكون اسمها مريم ، أو لها بنت اسمها كذلك ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أكلت زيتاً فسكرت منه ، قلت له : تتنكد بمرض في رأسك أصله صفراء. وقال آخر : رأيت أن نخلة ضربتني فسكرت من ضربتها ، قلت له : يقع في رأسك سهم نشاب ، أو حجر فتتنكد منه ، فجرى ذلك. وعلى هذا فقس.

وأما السكر من خوف الله تعالى ، أو قراءة قرآن ، أو سماع موعظة : فدال على العبادة ، والرفعة.
قال المصنف : دل السكر من خوف الله تعالى وقراءة كلامه العزيز واستماعه الموعظة على العبادة والرفعة لاشتغال الباطن وحجب الظاهر عن أمور الدنيا ، ويدل على الراحة ، وقضاء الديون ، وتوبة الفاسق ، والانتقال من دين إلى دين أحسن مما هو عليه في حق الكافر ، ويدل في ذلك أيضاً على أنه ينال راحة ممن دل الباري عز وجل عليه ، ومن أهل قراءة كلامه العزيز. كما قال لي بعض المتعبدين : رأيت أنني سكران من خوف الله تعالى وأنا أتواجد ، قلت : تزداد عبادة وبراً ويتجدد لك في اعتقادك أحسن مما كنت عليه ، قال : صحيح ، قلت : وتموت شهيداً ، فمات قتل الكفار في سبيل الله تعالى. ومثله رأى آخر ، قلت : يأتي إليك أحد نواب الملوك ويعطيك راحة من الدنيا تبقى فرحان بها ، فجرى له ذلك. وقال آخر : رأيت أنني أقرأ { تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا } ] القصص:83
وأما الجنون : فدال على النكد ، وأقوام كفار ، أو فساق.
قال المصنف : دل الجنون على النكد من قوم كفار لكونهم مستورين ؛ والكفر في اللغة هو الستر ، أو من لأن الغالب على الجن الذين يؤذون الفسق.
فصل : الإغماء ، والنوم(1) : كل منهم دال على راحة التعبان ، وخلاص من هو في شدة. وتعطيل المسافر عن سفره ، وللعابد عن عبادته. وعلى نكد يقع بالحراس. وعلى أمن الخائف. فإن نام في موضع لا يليق به : دل على النكد. وربما دل ذلك على السفر.
قال المصنف : دل النوم والإغماء على ما ذكرناه لما علمنا أنه يريح الأبدان ، ونكد بالحراس لأن من شأنهم السهر فإذا ناموا عوقبوا ، ودل على السفر لكون روح النائم تسرح في أماكن غير مكانه الذي هو فيه.
فصل في الطاعات :
الصلوات المشروعة : دالة على التقرب إلى الله تعالى ، وعلى العز والجاه ، والرفعة ، والغنى ، وقضاء الحوائج ، والديون. فإن تمت له : تم له ما ذكرنا.
وأما النوافل ، والتطوعات يدلون على زيادة الخيرات ، ودفع البلايا من حيث لا يحتسب. ويدلون على ما دلت عليه الفروض .
__________
(1) النعاس : أمن ، لقوله عز وجل ( إذ يغشيكم النعاس أمنة منه ) ـ الأنفال : 11 . والنوم غفلة ، وقد قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ( الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا) وورد في الدعاء نبهنا من نوم الغافلين. ومن رأى كأنه مستلق على قفاه قوي أمره وأقبلت دولته وصارت الدنيا تحت يده ، لأن الأرض مسند قوي ، ولأن من استلقى على قفاه وكان فمه منفتحا فخرج منه أرغفة ، فإ‘ن تدبيره ينتقص ، ودولته تزول ، ويفوز بأمره غيره . فإن رأى كأنه منبطح ، فإنه يذهب ماله وتضعف قوته ، ولا يشعر بجري الأحوال ، ولا يدري كيف تصرف الأمور . وذلك أنه إذا نام على هذه الصفة جعل وجهه في الأرض فلا يدري ما وراءه . والانتباه من النوم : يدل على حركة الجد وإقباله ، وقال القيرواني : إن النوم على البطن ظفر بالأرض والمال والأهل والولد .. والرقاد على الظهر : تشتيت وذلة وموت ، وربما دل على فراغ الأعمال والراحة من الأحزان إذا كان حامدا لله عز وجل . والنوم على الجنب خير أو مرض أو موت . ومن رأى أنه مضطجع تحت أشجار كثر نسله وولده.



وأما الوضوء : فدال على شرح الصدر ، وقضاء الدين والحوائج ، وخدمة الأكابر. وعلى التوبة. فإن صلى حصل له ما ذكرنا ، وإلا تأخذ أكبر مطلوبه.

قال المصنف : دلت الطاعات على التقرب إلى الله تعالى ، دليلها ظاهر. ودلت على العز والرفعة لكون مخدومه راضياً عليه ، ومن واضب ذلك أحبه الله وأحبه الناس ، وأعطى العز والرفعة. ودل على الغنى لأن الطاعات مدخرة للإنسان إلى يوم الحاجة ، فهو كالغني الذي له ذخائر يجدها. ودل على قضاء الحوائج لتقربه من ربه عز وجل ، أو لمن دل الباري عليه ، ومن تقرب قبل في غالب الأحوال. وعلة قضاء الديون لأنها واجبة في ذمته ، وقد برأت ذمته بأدائها.
وإذا رأى كأنه يقضي ما فاته من الفروض دل على استدراك ما فاته من
الفوائد ؛ كالخاسر في مكاسبه دل على الخلف عليه مما فات ، وكالغافل عن زكاته وحفظ ماله دل على براءة ذمته بعد شغلها وحرز ماله بعد ضياعه ، وإيصاله بالخدم والأكابر بعد انقطاعه عنهم وإدراك من سبقه في العمل. حتى قال لي إنسان : رأيت كأنني أقضي فوائت كثيرة ، قلت : تهاونت في عمارة مكان حتى سبقك خصمك وعمر ، قال : نعم ، قلت : عزمت على العمارة ، قال : صحيح. ومثله قال آخر ، قلت : طلبت سفراً وكسلت فسبقك القوم ثم تجهزت للسفر ، قال : تعم ، فلت : يحصل لك. ومثله قالت جارية ، قلت لها : كنتِ بعيدة من مولاكِ مهجورة غافلة عن خدمته ، قالت : صحيح ، قلت : تُقربين بَعد ، وتُوصَلِين بعد هجر.
والنوافل دالة على زيادة الخيرات لأن الفروض رؤوس الأموال والنوافل زيادة على ذلك فهو ربح ، ودفع البلايا ، فإن كان له أولاد رزق عليهم ولدين ذكرين ، وربما يكونان توأماً ؛ لقوله تعالى { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً }
] الأنبياء:72
ودل الوضوء على شرح الصدر لزوال الوسخ ، وحسن البدن بعد رداءة منظره. وكذلك الغسل من الجنابة والحيض. ودل على باقي أحكامه من قضاء الديون والحوائج ونحو ذلك كما دلت الفروض. فإن صلى لما توضأ له بلغ مراده وإلا فلا. وتكلم على ما توضأ. كما قال إنسان : رأيت أنني أتوضأ لأصلي صلاة الكسوف ، قلت : عزمت على السعي في خلاص مسجون ، قال : نعم. ومثله قال آخر ، قلت : صليت ، قال : نعم ، قلت : خلصت غريقاً. ومثله قال آخر ، قلت : سعيت في رد معزول إلى منصبه ، قال : نعم. ومثله قال آخر ، قلت : شفعت في عود إنسان إلى بلده ، أو منزله ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني توضأت لأصلي على جنازة ، قلت : شفعت في مسافر إلى عند مخدومه ، قال : نعم. وقال آخر : توضأت لأصلي صلاة الاستسقاء ، قلت : أنقذت إنساناً من ألم العطش ، قال : نعم. وقلت لآخر : شفعت في خلاص حق لإنسان من المياه ، قال : نعم.
وإذا فسد وضوءه ، أو صلاته بما سيأتي لم يتم له شيء مما قصده.
فصل : فإن توضأ بما لا يصح الوضوء به ، أو صلى إلى غير القبلة ، أو على غير طهارة ، أو قرأ بالأعجمية لمن يقدر على العربية ، أو بالأشعار ، لم يتم له شيء من ذلك. ويكون على بدعة ، أو ضلالة ، وهو يعتقد أنه على الصواب.
وأما التيمم : دال على ما دل عليه الوضوء ، إلا أنه أنقص منه. ويدل على السفر ، وعلى مرض السليم ، وعافية السقيم. وأما التيمم ، مع وجود الماء : يدل على الأعمال الباطلة.
قال المصنف : قال إنسان : رأيت أنني أقرأ في الصلاة بالأشعار ، قلت : تتقرب إلى الأكابر بالشعر ، ولا يقبلونك. وآخر قال : كنت أقرأ بالأعجمية ، قلت : تصير ترجماناً ، وتقف قدام جليل القدر ، وتتكلم بخلاف المقصود منك. وقال آخر : رأيت أنني أصلي إلى غير قبلتي ، قلت : يأمرك كبيرك بأمر تفعل
خلافه ، وتعتقد أنك ممتثل. ومثله قال آخر ، قلت له : ينتقل دينك إلى الجهة التي صليت إليها.
ودل التيمم على ما دل الوضوء عليه لكونه تُؤَدَّى به الفروض والنوافل ، ودل على السفر لأن الغالب استعماله في الأسفار ، ولمن هو في عافية دال على مرضه إذا لم يكن مسافراً ؛ لأن المريض يباح له استعمال ذلك إذا عجز عن الوضوء كما قلت لمن صلى جالساً إنذار بمرض ، ودل التيمم على عافية المريض لأن التعب في حركات الوضوء كثير والتيمم أنزل منه ، وإذا بطل عنه التعب زال عنه تعب المرض فافهم ذلك.
فصل : من قرأ القرآن ، أو شيئاً من الكتب التي يعتقد فيها : فانظر فإن كانت آيات رحمة فبشره ، وإن كانت تخويفاً فحذره ، وإن لم يعرف ما كانت فذلك خير وفائدة. خصوصاً إن كان بصوت مليح ، والناس يستمعون ، ويتلذذون به : فإنه يدل على المنزلة ، والصيت الحسن.
وأما الأذان ، أو رفع الصوت بذكر الله تعالى ، وهو مكشوف العورة : دال على اشتهار ، ونكد ردي.



قال المصنف : إنما دل الأذان والذكر على ما ذكرنا لكثرة ميل النفوس الشريفة إلى استماعه والعمل به ، فإن فعل ذلك من لا يليق به دل على النكد. كما قال لي إنسان : أرى كثيراً أنني أُؤَذن في غير الوقت ، قلت له : أنت كثير الكذب في أقاويلك. وقال آخر : رأيت أنني أذنت على دار عالية في بلد كفر بصوت

ردي ، قلت له : يقع لك نكد بطريق امرأة في ذلك المكان. وقال آخر : رأيت أنني أُؤَذن فجاء إنسان فقطع عليّ الأذان وضربني وأسال دمي ، قلت له : تقع في حرب وتذهب أذناك ، فجرى ذلك. وقال آخر : رأيت أن امرأتي تؤذن ، فقلت : هي عجوز ، قال : نعم. فافهمه.
فصل : الحج ، أو زيارة الأماكن الشريفة ، كالقدس ، وقبور الأنبياء والصديقين : فهو دال على ما دلت عليه الصلوات. وعلى رفع المنزلة ، والأمن من الخوف ، وعلى خدمة الأكابر ، والتقرب منهم. وعلى التزويج ، وكثرة الفوائد. وقضاء الديون ، والحوائج. فإن تم ذلك : تم له مراده ، وإلا فلا.
قال المصنف : اعتبر بما يليق أن تفعل كل أمة في حجها ، وأعطه من أحكامه على ما يليق به. كما قال مسلم : رأيت أنني سجدت لقبر موسى بن عمران ، قلت له : تذل في خدمة ليهودي ، أو سامري. قال لي يهودي : رأيت أنني أكنس حول قبر محمد - صلى الله عليه وسلم - ، فقلت له : تسلم وتجاور عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكان كما ذكرت. وقال آخر : رأيت أنني أبني قبر أيوب عليه السلام ، قلت له : أصحلته جيداً ،
قال : نعم ، قلت له : أنت تداوي مريضاً ، وهو يتعافى ، فكان كذلك.
فصل : وأما السجود إلى غير جهة العبادة ، أو ممن هو جالس ، أو نائم ، وهو قادر على القيام ؛ فدليل على فساد دينه ، وبدعته. وربما دل السجود للأصنام ، أو الشجر ، أو القبور ، على الخدمة لمن لا ينفعه.
قال المصنف : إذا سجد لغير جهة العبادة من غير عذر ، دل على التقصير في دين الساجد ، وربما دل ذلك على السفر ، أو المرض الذي يوجب ذلك. كمن رأى أنه سجد بين قبلتي المسلمين والنصارى ، قلت له : تخدم مكاناً فيه مسلم وذمي ، قال : نعم. وقال آخر : رأيت أنني أسجد لصنم وأنا أبكي ، قلت له : تخدم ميتاً ، وتبكي عليه. ومثله قال آخر ، قلت : تخدم رجلاً جاهلاً لا ينفع معه الخير. ومثله قال آخر ، قلت له : كان الصنم لك ، قال : نعم ، قلت : عندك
ولد ، أو قرابة أخرس ، أو زمن ، وأنت تعبان في خدمته ، ضيق الصدر لأجله ، قال : صحيح.
وأما صلاة الخوف : فتدل على الحروب ، والمخاوف. وأما صلاة الكسوف : فتدل على أن المصلي يسعى في خلاص من دل الشمس ، أو القمر ، عليه.
قال المصنف : اعتبر الخوف هل هو من بني آدم ؛ أو من غيرهم ، أو خاف أن يدركه غريمه ؛ أو يفوته بهربه ، فاحكم عليه بما يليق به. كما رأى إنسان أن غزالة تطلبه وهو هارب منها وصلى صلاة الخوف ، قلت : تسافر من خوف امرأة. وقال آخر : رأيت أنني صليت كذلك من خوف أشجار تطلبني ، قلت : تهرب من ضمان بستان ، أو ثمن خشب ، أو فواكه ، فكان كذلك. قال آخر : رأيت كأنني صليت صلاة الخوف في طلب نجوم تهرب مني حتى أمسك واحداً منهن ، فقلت
له : لك على أحد من أرباب نجامة حق وقد هرب منك ، قال : نعم ، قلت : إن كنت مسكت منهن شيئاً حصل لك قصدك وإلا فلا. ومثله قال آخر ، قلت له : لك حق على منجم بأشهرٍ وقد استحق وهو يهرب منك ، فكان كذلك.
وأما الصلاة من خوف الله تعالى تدل على الأمن والظفر بالحاجة فافهم ذلك.
واعتبر صلاة الكسوف. كمن رأى أن الثريا انكسفت ، قلت له : تسعى في خلاص امرأة من شدة. وقال آخر : رأيت الهقعة كسفت وصليت لذلك ، قلت : يذهب لك ميزان ، ثم تلقاه. ومثله قال آخر ، قلت : يعدم لك صغير ثم تلقاه ، فكان كذلك ، لأنها كالميزان عند العامة وشكلها كابن آدم. فافهم ذلك.
فصل : الصيام : يدل على ما دلت العبادات عليه. وهو لمن يطلب سفراً : بطالة من سفره ، أو شدة يلقاها في سفره. ويدل على عافية المريض ، الذي لا يصلح له الأكل. ولمن يصلح له الأكل : موت. وربما دل الصيام على قطع علائق الدنيا ، أو بطلان المعايش.
قال المصنف : واعتبر حال الصائم. كمن رأى أنه كثير الصوم وهو لا يليق به ذلك ، قلت له : يقع في فمك عيب يمنعك الأكل. وقال آخر : رأيت كل من عندي صياماً ، قلت له : دوابك وكل من عندك لم يحصل لهم شيء من الأكل ، فقال : نعم ، لأن الشاعر يقول :
خيلٌُ صيامٌُ وخيلٌُ غيرُ صائمةٍ
وكآخر قال : رأيت أنني صمت يوم العيد ، قلت : تفعل مكروهاً عكس ذلك. وقال إنسان : رأيت أنني استفرغت جميع أواني البيت وبطون الأولاد
والأهل ، قلت : ألزمتهم جميعاً بالصوم ، قال : صحيح. ومثله قال آخر ، قلت له : غضبت على من عندك فمنعتهم الأكل ، قال : نعم. وعلى هذا فقس.
فصل : وأما الاعتكاف والرباط : فيدلان على ما دلت عليه العبادات. وعلى خدمة الأكابر ، ممن فيهم الراحة. وعلى تعطيل المعايش. وربما دل الرباط على حدوث حروب.



قال المصنف : اعتبر الاعتكاف والرباط. كما قال ذمي : رأيت أنني اعتكفت في مسجد قلت : يحبسك مسلم على حق ، فكان كذلك. ومثله قال آخر ، قلت له : فكنت تخدم المسجد وأنت فرحان في النوم ، قال : نعم ، قلت : تحب مسلماً ؛ إما مقرئ ، أو مؤذن ، فقال : صحيح. وقال آخر : رأيت كأنني مرابط في مركب في بحر ، قلت : فأعجبك المركب ، قال : نعم ، قلت : تحب إما رئيس مركب ، أو نوتياً ، فقال : أنا أحب صبياً نوتياً. فافهم.

وأما الجهاد للكفار ، أو لعدو ظاهره ردي : فدليل على تعب ، ونكد ، من ذوي البدع. لكن العاقبة سليمة ، لمن كان له الغلب.
قال المصنف : اعتبر المجاهد ولمن يجاهد. كمن قال : رأيت أنني أجاهد مسلمين وأعتقد أنهم قد صاروا مجوساً ، قلت : يحصل لك خصام مع أقوام يعتقدون حل نكاح المحارم ؛ كالأم والأخت ونحو ذلك ، قال : جرى ذلك. ومثله قال آخر ، قلت له : يقع لك نكد مع منجمين وممن يتعانى الشمس والنار ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أقاتل الملائكة ، قلت له : أنت تتعانى صيد الطيور ، قال : صحيح. ومثله رأى آخر جليل القدر ، قلت له : يقع لك خصام مع حاشية الملك ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أجاهد الحواريين ، قلت له : تخاصم أقواماً قصارين ، فكان كذلك. وقال لي نصراني : رأيت أنني أقاتل النصارى وكأنني مسلم ، قلت له : أنت تتعانى العلوم ، قال نعم ، قلت له : تخاصم أرباب دينك على التوحيد ، قال : صحيح.
فصل : وأما الزكاة ، والصدقة ، والهداية ، يدلون لمن فعلهم على كثرة الفوائد ، والراحات ، ورفع المنزلة. وعلى دفع البلايا ، لأنه يقال في المثل السائر : الهدية تدفع بلاء الدنيا ، والصدقة تدفع بلاء الدنيا والآخرة.
قال المصنف : واعتبر المخرج للزكاة ، وعمن زكى ، ومن أين أخرج. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أخرج بعيراً من ثلاثة أبعرة زكاة ، قلت له : أنت متولي ، قال : نعم ، قلت : سلمت غزلاً إلى غير مستحقه ، أو عبداً إلى غير مالكه ، لأن الثلاثة لا زكاة فيها. وقال آخر : رأيت أنني أسرق وأخرج منه الزكاة ، قلت : أنت تتقرب إلى الله عز وجل بالحرام. وقال آخر : رأيت أنني أخرج من الفضة والذهب حيواناً ، قلت له : عندك عبيد أو ماشية للتجارة وأنت تكاسر عن الزكاة فأخرجها ، ففعل ذلك. وقال آخر : رأيت أنني أخرج الزكاة تمراً وأرجع آكله ، قلت : تعمل حيلة على الفقراء فيما تعطيهم وتصالحهم عليه ، فقال : ما بقيت أعود إليه. وقال آخر : رأيت أنني أخرج الزكاة وأزرعها ، قلت : أنت حاكم تتصرف في أموال الأيتام والمساكين بما لا يحل لك. فافهمه.
وأما من أخذ الصدقة ، ممن لا تحل له : دل على عزل المتولي ، وفقر الغني. وعلى الأموال الحرام.
قال المصنف : اعتبر من أخذ الصدقة. كمن قال : رأيت أنني أخذت غنمة من الصدقة ، قلت : يحصل لك نكد لأجل امرأة. وأما دلالته على عزل المتولي وما ذكرناه ؛ فلكونه فعل ما لا يليق به. ورأى بعض الأكابر أنه عبر إلى غنم للحسين رضي الله عنه فأخذ منها رأساً قهراً وقال : هذه زكاة ، قلت له : تظلم بعض الأشراف وتأخذ ما ليس لك ، فكان كذلك. ورأى شريف أنه أخذ ناقة من الزكاة وأعجبته وركب عليها مقلوباً ، قلت : أنت تحب امرأة أصلها من البوادي وتركب منها ما لايليق ذكره ، فقال : صحيح ، ورجع عن ذلك. فافهمه.
فصل : وأما من تصدق ، أو أهدى ما لا نفع فيه كالجيف ، واللحوم المحرمة ، فإن كان متولياً كان ظالماً ، يحصل للناس منه أنكاد ، وعلى بدعة المهدي إليه : نكد من المهدي. وأما الوديعة : فهي سر المودع ، يطلع عليه المستودع.
قال المصنف : اعتبر ما أودع ، ولمن أودع. كما قال لي إنسان : رأيت أن إنساناً أودعني قضيباً وهو يغني ، قلت : أجَرَك صغيراً غير أنه يضرب بالعود ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أن إنساناً أودع عندي شيئاً فيه جماعة من الحيوان وبني آدم ؛ وقال : هذا عملي ، قلت : اطلعت على أنه يصور ، قال : نعم. وقال آخر : أودع عندي إنسان أقفاصاً فيها طيور ذوات صوت ، قلت : اطلعت على أن عنده أرباب طرب وغناء ، قال : نعم. ومثله قال آخر ، قلت : اطلعت على أنه يحكم على سجون ومعتقلين ، قال : صحيح. فافهمه.
فصل : الدعاء ، والاستغفار ، والتسبيح : دال على النصر ، ودفع البلايا ، ورفع المنزلة ، وغنى المحتاجين ، وقضاء الحوائج. لقوله تعالى : { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ] غافر:60 الأنعام:43


قال المصنف : اعتبر بما دعى ، ولمن دعى ، وأعطه ما يليق به ، كما ذكرنا. وإن دعى بغير الله تعالى كان الأمر مما ذكرنا. كما قال لي إنسان : رأيت كأنني أدعو الشمس وأطلب منها ، قلت : تذهب إلى اعتقاد عباد الشمس. ومثله قال آخر ، قلت : تطلب من امرأة حاجة ، ويبعد أن تقضى. وقال آخر : رأيت أنني أدعو إلى الفلك ، قلت له : تحتاج إلى أرباب طواحين ، أو دواليب تدور ، فكان كذلك.
وأما إن استغفر ، أو طلب المغفرة من الله تعالى فاعتبر ذلك على ما يليق ، كمن رأى أنه يستغفر من صنم ويقول : اغفر لي ؛ فإنه يعتذر إلى من لا يفعل معه ذلك. وقال إنسان : رأيت أنني أقول لشجرة : اغفري لي ، قلت له : أنت أفسدت بمكان فيه شجر ، فاستغفر الله تعالى ، قال : صحيح ، قال آخر : رأيت أنني أقول لحيوان اغفر لفلان ،
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب الثاني عشر
من كتاب البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي


في رؤية بني آدم(1)
__________

(1) قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله : من رأى رجلا يعرفه، دلت رؤياه على أنه يأخذ منه أو من شبيهه أو من سميه شيئا. فإن رأى كأنه أخذ منه ما يستحب جوهره نال منه ما يؤمله، فإن كان من أهل الولاية، و رأى كأنه أخذ منه قميصا جديدا فإنه يوليه. فإن أخذ منه حبلا، فإنه عهد. فإن رأى كأنه أخذ منه مالا يستحب جوهره أو نوعه، فإنه يأس منه، و يقع بينهما عداوة و بغضاء. ورؤيا الشيخ و الكهل المجهولين، تدل على جد صاحبها. فإذا رآهما أو أحدهما ضعيفا، فهو ضعف جده. و إذا رآهما أحدهما قويا، فهو قوة جده. فإن رأى شابا كأنه تحول شيخا، فإنه يصيب علما و أدبا، فإن رأى كأنه اتبع شيخا، اتبع خيرا و خصبا، فإن رأى شيخا رستاقيا ( أسودا ) اتخذ صديقا غليظا. و من رأى شيخا تركيا، اتخذ صديقا فإن كان مسلما سلم من شره. و الشاب في التأويل عدو الرجل، فإن كان أبيض، فهو عدو مستور. و إن كان أسود فهو عدو غني، و إن كان أشقر، فهو عدو شيخ. و إن كان ديلميا ( بلاد معروفة ) فهو عدو أمين و إن كان رستاقيا فهو عدو فظ . فإن كان قويا فهو شدة عداوته و إن كان مجهولا. و إن كان معروفا فهو بعينه، فمن رأى أنه تبعه شاب، فإنه عدو يظفر به، فإن رأى شيخا أشرف عليه، فإنه يمكنه من الخير. و إن كان شابا أشرف عليه، فإنه عدو يتمكن منه، لأنه علاه. و إن رأى شيخا كأنه صار شابا فقد اختلف في تأويل رؤياه، فقال بعضهم: إنه له سرور، و قال بعضهم: إنه يظهر في دينه و دنياه نقص عظيم، و قال بعضهم : إن رؤياه تدل على حرصه، لأن قلب الشيخ شاب على الحرص و الأمل. فإن رأى شابا مجهولا فأبغضه، فإنه يظهر له عدو بغيض إلى الناس. فإن أحبه فإنه يظهر له عدو محبوب. فإن رأى جارية متزينة مسلمة، سمع خبرا سارا من حيث لا يحتسب. و إن كانت كافرة، سمع خبرا سارا خنا ( فحش ) فإن رأى جارية عابسة الوجه، سمع خبرا وحشا، فإن رأى جارية مهزولة، أصابه هم و فقر. فإن رأى جارية عريانة خسر في تجارته و افتضح فيها . فإن رأى أنه أصاب بكرا ملك ضيعة ( أرض ) مفلة (أي مغتصبة) و أتجر تجارة رابحة، و الجارية خير على قدر جمالها و لبسها و طيبها، فإن كانت مستورة فإنه خير مستور مع دين، و إن كانت متبرجة فإن الخير مشهور. و إن كانت متنقبة ، فإن الخير متلبس. و إن كانت مكشوف، فإنه خير يشيع، و الناهد خير مرجو، و من رأى امرأة حسناء دخلت داره، نال سرورا و فرحا، و المرأة الجميلة مال لا بقاء له، لأن الجمال يتغير. فإن رأى كأن امرأة شابة أقبلت عليه بوجهها أقبل أمره بعد الإدبار. و المرأة العربية الأدماء ( السوداء ) المجهولة الشابة المتزينة، يطول وصف خيرها و نفعها في التأويل، و السمينة من النساء في التأويل خصب السنة، و المهزولة جدبها، و أفضل النساء في التأويل العربيات الأدم ، و المجهولة منهن خير من المعروفة، و أقوى. و المتصنعات منهن في الزينة و الهيئة، أفضل من غيرهن. و كل موتاة العربيات و الأدم و معاملتهن في التأويل خير بقدر مواتاتهن، و لهن فضل على من سواهن من النساء. و إذا رأت امرأة في منامها امرأة شابة، فهي عدوة لها على أية حال رأتها. و إذا رأت عجوزا فهي جدها. و أما العجوز فهي دنياه، فإن رآها متزينة مكشوفة نال دنياه مع بشارة = عاجلة . و إن رآها عابسة دلت على ذهاب الجاه لأجل الدنيا. و إن رآها قبيحة انقلبت عليه الأمور ، و إن رآها عريانة فإنها فضيحة. و إن رآها متنقبة فإنه أمر مع ندامة. فإن رأى كأن عجوزا دخلت داره، أقبلت دنياه، و إن رآها خرجت عن داره زالت عنه دنياه. فإن لم تكن العجوز مسلمة، فهي دنيا حرام. فإن كانت مسلمة فهي دنيا حلال. و إن كانت قبيحة فلا خير فيها. و العجوز المجهولة في التأويل أقوى. فإن رأت امرأة شابة في منامها كأنها قد تحولت عجوزا، دلت رؤياها على حسن دينها. فإن رأى الرجل عجوزا لا تطاوعه و هو يهم بها فهي دنيا تتعذر عليه، فإن طاوعته نال من الدنيا بقدر مطاوعتها. و أما الصبي في التأويل، فعدو ضعيف يظهر صداقة ثم عداوة. فإن رأى رجل كأنه صار صبيا، ذهبت مروءته، إلا أن رؤياه تدل على الفرج من هم فيه. فإن رأى كأنه يحمل صبيا، فإنه يدير ملكا. و من رأى كأنه يتعلم في الكتب القرآن أو الأدب، فإنه يتوب من الذنوب و من رأى كأنه ولد جملة أولاد، دلت رؤياه على هم، لأن الأطفال لا يمكن تربيتهم إلا بمقاساة الهموم. و حكي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن في حجري صبيا يصيح فقال: اتق الله و لا تضرب بالعود، و قيل من رأى له ولدا صغيرا بعد لا يخالط جسده، فهو زيادة ينالها أو يغتم. و قيل الصبيان الصغار يدلون على هموم يسيرة. و الصبية في المنام خصب و فرج، و يسر بعد عسر ينمو و يزيد، و الوصيفة خير محدث فيه ثناء حسن و خير مرجو، و من رأى كأنه اشترى غلاما، أصابه هم، و من اشترى جارية أصابه خير، و إن رأى العبد غير البالغ كأنه أدرك الحلم فإنه يعتق، فإن رأى كأنه أدرك و طرح عليه رداء أبيض، فإنه يتزوج امرأة حرة. و إن رأى كأنه طرح عليه رداء أسود، فإنه يتزوج مولاة. و من رأى كأنه طرح عليه رداء أرجواني (اسم بلدة يجلب منها الثياب) تزوج بامرأة شريفة الحسب، فإن رأى مثل هذه الرؤيا شاب دلت رؤياه على أن ابنه يبلغ و إن رآها شيخ ، دلت رؤياه على موته، و عن رآها مرتكب لمعصية خفية، فإنه يفتضح. و من رأى أنه أصاب ولدا بالغا، فهو له عز و قوة، و أمه أولى به في أحكام التأويل من أبيه. و إذا رأت امرأة ذكرا أمرد فهو خير يأتيها على قدر حسنه أو قبحه، و قيل: من كان له ابن صغير، و أي أنه قد صار رجلا، دلت رؤياه على موته، و قيل: من كان من الصبيان قد أدرك و لحق بالرجال . فإنه يدل على تقوية و مساعدة، و من الناس من يرى أنه ولد له غلام وكانت امرأته حبلى، فإنها تلد جارية، و يرى أنها ولدت جارية فتلد غلاما. و ربما اختلفت الطبيعة في ذلك، فيرى أنه ولد له غلام، أو يرى أنه ولد له جارية فهي جارية، فسل عن ذلك الطبائع، فإنها تخبرك.

وهي على خمسة أقسام :

فالصغير الذى لا ينفع – كأربع سنين فما دونها – من حمله ، أو صار له ، أو تحول في صفته : دل على نكد ، لأنه صغار ، ويحتاج إلى كلفة ، ولا ينفع في شيء ، ولأن عنده من الجهل ما لا يعرف الجيد من الردئ.
قال المصنف : الكلام في رؤية بني آدم يحتاج إلى فكرة كثيرة لكثرة ما يجب فيه من الجنايات والديات ونحو ذلك. كما قال لي إنسان : رأيت أنني ملكت جماعة من بني آدم ، قلت : تحسن إلى الناس. ومثله قال آخر - غير أنه - قال : صاروا تماسيح ، قلت : يكافؤك من تحسن إليه مكافأة التمساح. وقال آخر : رأيت أنني ملكت جماعة صغاراً عرايا ، قلت : عليك نذر كسوة الصغار ، أو المحتاجين ، قال : صحيح. ومثله قال آخر ، قلت : تفتح مكتباً ، أو دكاناً تعلم فيه صغاراً ، فكان كذلك. وقال آخر : رأيت إنساناً قد ملكوه جماعة من الصغار ، قلت : يقع به جنون ويعبث به الصغار. ومثله قال آخر ، قلت له : تبتلى بحب الصبيان ويحصل لك نكد ، فكان كذلك. وقال آخر : رأيت أنني صغير ، قلت : يخشى عليك زوال عقل ، أو سجن ، فكان كذلك.
القسم الثاني : من له خمس سنين فصاعداً : فهو دال على الفوائد والراحة ، لكونه ينفع في قضاء الحوائج.
قال المصنف : إذا ملك ابن الخمس فصاعداً إن كانت له حوائج قضيت وتيسرت أموره. فإن خرجوا في الكثرة عن عادة لا يليق بمثله دل على النكد والغرامة ، لكونه يجب عليه نفقتهم. وأما إن ملك جماعة من الشباب تمكن من أعداء وأطاعوه.
القسم الثالث إذا بلغ : صار عدواً ، لكونه لا يلتفت على قول من تأمر عليه وينهاه.
القسم الرابع : الكهل : إن كان السواد في لحيته أكثر فالجهل فيه أكثر وإن كان الشيب أكثر ، فالخير والعقل أكثر.
قال المصنف : إذا حكم على كهول إن كان يطلب حاجة تيسر بعضها ، وإن كان يحكم على جيش ، أو جماعة حصل له نكد من بعضهم ، وإن كان يطلب علماً ، أو صنعة حصل له أكثرها.
القسم الخامس : الشيخ ؛ من صاحبه ، أو كلمه ، أو حكم عليه وكان في صفة حسنة ؛ دل على العز والجاه ، لكونه في منزله العارف بالأمور ، المجرب الذي لا يأمر إلا بما فيه نفع ، هذا كله في الآدمي المجهول.
قال المصنف : المشائخ يدلون على كمال ما يطلب ، واتفاق أصحابه وجنده ، هذا إذا كان المشائج في صفة حسنة. وأما إن كانوا في الضعف ، أو المرض إلى حال ردئ ؛ انعكس ذلك كله. وأما إن رأى الشيخ أنه اسودت لحيته سواداً ملحيًا كان جيداً. كما قال لي شيخ : رأيت أن لحيتي اسودت ، قلت له : لك بساتين ، أو زراعات أشرفت على التلف من عطش ، أو غيره وقد رجعت انصلحت ، قال : صحيح. ومثله قال آخر ؛ وكان مريضاً - : قلت : تعافى من مرضك ، فكان كذلك ، لأنه عاد من بعد الضعف قوة. فافهم ذلك.
فصل : من رأى من الصبيان ، أو النساء له لحية مليحة ، ولم يستحي بها ولا أبصرها من ينكر عليه ذلك ؛ فإن كان أعزب تزوج ، وهي للحائل حمل ، وللحامل ولد ، ولمن له غائب يقدم عليه ، وللفقير كسوة ، أو زراعات ، أو أقارب ، أو معارف يعتز بهم ؛ لأن اللحية جمال وهيبة. وأما إن رآها ردية ، أو في مجامع
الناس ، أو بين من ينكر عليه ظهورها ، فهي والعياذ بالله هموم ، وأنكاد ، وأمر يستحي فيه.
قال المصنف : وأما أن يتعانى حلق اللحية فطلوعها لهم دال على الردي. كما قال لي إنسان يتعانى حلقها : رأيت أن لحيتي طالت : قلت له : بقع بزرعك ، أو بستانك خراب ويكثر فيه الشوك والحشيش. ومثله قال آخر ، قلت : يضيع الموسى ، أو المقص الذي تحلق به ، قال : ضاع. ومثله قال آخر ، قلت : تسافر إلى بلد لا تتمكن من حلق ذلك. واعتبر الرداءة في اللحية واحكم بذلك. كما قال لي إنسان : رأيت أن أولادي شيوخ بذقون طوال ، قلت : تمرضون مرضاً طويلاً ثم تعافون. وقال آخر : رأيت أنني عبرت على نسوة ولهن ذقون ردية ، قلت له : تدخل على نساء مفسدات ، فكان كذلك. وقال آخر : رأيت لحيتي قد طالت زائدًاًً عن الحد وبها قمل وصيبان ، قلت : ينزل بزرعك ، أو بستانك ، أو دورك مفسدون وتتألم لذلك ، فكان كذلك. فافهمه.
فصل : من رأى من الشباب من يصلح له الشيب – كالعلماء والفقراء وأرباب الدين – أن لحيته قد شابت : حصل له خير وجاه ورفعة ، لأن الخليل عليه السلام لما رأى ابتداء الشيب في لحيته قال : يارب ما هذا ؟ فأوحى الله إليه أن أشقك وقاراً يا إبراهيم ، فقال : اللهم إن كان هذا وقاري فزدني وقاراً ، فأصبحت لحيته بيضاء كالقطنة.
وأما من لا يؤثر الشيب – كالجند والنساء وأمثالهم – فذلك له هموم ونكد ، وتبطيل معايش ، وخصام بين الزوجين ، لكراهية النساء في الشيب.



قال المصنف : اعتبر من شاب في المنام على ذكرنا. وكمن رأى أنه شاب – وكان ممن يليق به ذلك – قلت : يحصل لك ثوب أبيض ، فكان كذلك. ومثله قال آخر ، قلت : يحصل لك من جليل القدر ملبوس. ومثله قال آخر – وكان لا يؤثر ذلك – قلت : يحصل لك ثوب أبيض ، فكان كذلك. ومثله قال آخر ، قلت : يحصل لك من جليل القدر ملبوس. ومثله قال آخر – وكان لا يؤثر ذلك – قلت : يموت من تلبس عليه أبيض للحداد. ومثله قال آخر ، قلت : يشتغل لك مكان بالنيران. ومثله قال صبي ، قلت : يتلف لكم زرع. وقال آخر : رأيت أنني آكل شيبتي ، قلت : تبيع شجرك وقت نواره ؛ أو زرعك قبل استوائه ، وتأكل ثمنه ، فكان كذلك.

فصل : من جاءه بنت ، أو ملكها ، أو افتضها – ولم ينزل في اليقظة - دل على دنيا طائلة ، على قدر حسنها ، وتكون هنية ، لذاذة افتضاض الأبكار ، وربما كان فيها صعوبة ، لكثرة ممانعتهن. وكذلك حكم المرأة إلا أنها أهون. وأما العجوز فدنيا ذاهبة ، أو فائدة قليلة.
قال المصنف : انظر من أين جاءته البنت ، وفسر له على قدر ذلك. كمن
قال : رأيت أنني وضعت بنتاً مليحة ، قلت : تفيد من زرع ونبات ، قال : عزمت على ذلك. وقال آخر : رأيت أنني جاءتني بنت من فيله والبنت حامل ، قلت : يقدم مركب موسق من بلاد فيها سودان. وقال لي بعض الملوك : رأيت أن خنازير حبالاً وقد وصنعوا لي بنات ملاحاً ، قلت له : تفتح عدة أماكن للكفار وتغنم ما فيها من مال ، فكان كذلك. وقال لي مرة أخرى : رأيت أنني أخرج من بطون الخنازير غزلاناً ، قلت : تأخذ جماعة من الأسرى. وقال آخر : رأيت أن بنتاً خرجت لي من إناء الماء وهي وحشة وقد كسوتها بقماش مليح ، قلت : إلى جانب دارك بحر ، أو بئر ، قال : نعم ، قلت : يطلع إليك من ذلك لص يأخذ أثاث البيت ، فجرى له ذلك. وقال آخر : رأيت أن قد جاءتني بنت وحشة من قوس القطن ، قلت : يحصل لك نكد من جنكي ، أو جمكية ؛ قلت : وهي كبيرة وصوتها متغير ، قال : صحيح.
وأعط لمن ملك العجائز على ما يليق به. كما قال لي إنسان : رأيت أن لي عجائز كثيرة ، قلت : ييبس شجرك ، أو زرعك ، أو يبطل حمله. وقال آخر : رأيت أن لي بنات وقد وطأهن إنسان ، قلت : أنت تبيع الأوانِ ، قال : نعم ، قلت : ينكسر لك أوانٍ على قدر عددهن. وقال آخر : رأيت أنني أطأ العجائز كثيراً ، قلت : أنت مغرم بوطئ الأعاجز ، قال : ما بقيت أعود إلى ذلك. وقال آخر : رأيت أن عجائز يقطعونني ، قلت : نخشى عليك في أيام الأعجاز إما موت ببرد ، أو مرض بارد يمنعك من الحركات ، فكان كذلك.
فصل : وأما وطئ المحرمات عليه – كالأم ، والأخت ، والبنت ، والعمة ، والخالة ، ونحوهن - يدل على الحج ، لكون كل واحدة حراماً ، كالبلد الحرام. وإن كان عليه ديون قضاها. أو عنده ودائع ، أو أمانات ، أو نذور أَدَّاها ، لكون الذكر عاد إلى أهله. وإن كان غائباً عن بلده اجتمع بهم ، أو رجع إلى بلده ، لأنه اجتماع. وإن كان مريضاً مات ، لقوله تعالى : { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } ] طه:55
له ، لأن النكاح من ملاذ الدنيا.
قال المصنف : اعتبر صفة وطئ المحرمات. كما قال لي إنسان : رأيت أنني قد وطئت أمي وتلوثت بدمها ، قلت : تحج ويجب عليك دم. ومثله قال آخر ، قلت : عليك نذر ذبح حيوان ، قال : صحيح. ومثله قال آخر مريض ، قلت : يموت ويذبح في عزائه دم. وقال آخر : رأيت أنني أطأ جدتي وبنتي وأختي ولا أجد لذة لكثرة الدم فيهن ، قلت : بينك وبين أقاربك خصام لأجل دماء وقتلى بينكم وكلما أردت الصلح كما ينفق كما ينبغي ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أطأ أمي وهي بمسجد وآكل ما يخرج من فرجها ، قلت : تحج وتأكل الحرام في حجك ، قال : صدقت. وقال رجل متعبد : رأيت أنني أطأ عدة من نساء المحارم ، قلت : تبطل عبادتك بزرع أشجار ونبات وسقي ذلك ، فكان كما قلت. فافهم ذلك.
فصل : وطئ الميت للمرأة الحية : راحة وفائدة ، من جهة ذلك الميت ، أو من ورثته. وأما وطئ الحي للميتة : فدليل على برها ، وصدقته عنها ، أو قرآن يهديه
لها ، أو ديون يوفيها عنها ، أو إحسان إلى ورثتها.
قال المصنف : أما كٍون الوطئ من الميت للمرأة الحية راحة لأن المني يمنزلة المال ، ولأنه يخلق منه الولد الذي يفرح به. وربما دل أيضاً على النكد ، كما قالت لي امرأة : رأيت أن ميتاً وطأني وحبلت منه ، قلت : يقدم عليك غائب يحصل لك منه كلام يؤلم باطنك ، فجرى ذلك. ومثله رأت أخرى إلا أنها قالت : ولدت منه غلاماً ، قلت : لك ولد غائب وقد أيست منه ، قالت : الساعة يقدم عليك ، فكان كذلك.


وربما دل وطئ الحي للميتة على ضياع مال ووضع الشيء في غير محله. كما قال لي إنسان : رأيت أنني وطئت امرأة ميتة وأنزلت فيها منياً كثيراً ، قلت : تدفن مالاً لك في مقبرة ويروح عليك ، فكان كذلك. ومثله قال آخر ، قلت : عزمت على أنك تسير مالاً إلى غائب ، قال : نعم ، قلت : لا تفعل يروح عليك ، فسيره فعدمه.
فصل : وأما وطئ الميت للميتة فورثة كل واحد منهما ، تحصل له راحة من الآخر. وأما من وطأهم في الدبر ، فدليل على أن الواطئ يسيء إلى ورثة الموطأ ، أو يتكلم في عرضه.
فصل : وأما من وطئ ذكراً في الدبر : فإن كان معروفاً أساء إليه ، أو تكلم في عرضه ، أو اطلع منه على عيب. وإن كان مجهولاً : أحسن إلى من لا ينفع معه الإحسان ، وربما انتصر على عدوه.
قال المصنف : وربما دل وطئ الدبر على ضياع المال فيما لا فائدة فيه ، وعلى تلاف ما يبذره ، أو يغرسه ، لكون النطفة وقعت في مكان لا ينفع. وقال لي إنسان : رأيت أنني أطأ في الدبر وآكل مما يخرج منه ، قلت : أنت صنعتك كنس المراحيض ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أطأ دبراً وانقطع ذكري فيه ، قلت : يقع لك ولد في مرحاض ، فكان كذلك. فافهمه.
فصل : وأما المساحقة بين النساء : فهي كوطئ الذكر للذكور ؛ يحسن كل واحد منهما إلى من لا يتفع معه ذلك ، أو يطلع كل واحد منهما على عيب الآخر ، أو تقع بينهما خصومة.
وأما التزويج – بغير ملاهٍ ولا لعب - فخير وفائدة ، على قدر حسن الزوجة.
قال المصنف : إنما دلت المرأة على الدنيا لكثرة ميل الناس إليهن ، وكذلك الزوج للمرأة. كما قال لي إنسان : رأيت أنني تزوجت امرأة وحشة وعليها ثوب أصفر ، قلت : تغرم في شيء للصبغ. وقالت امرأة : رأيت أنني تزوجت رجلاً قبيح المنظر وعليه زردية ، فقلت : يحصل لك نكد ممن يقاتل ، أو من حداد ، فجرى ذلك. وقال آخر : رأيت أنني تزوجت امرأة مليحة ، قلت : أنت مشتغل بالآخرة ، قال : نعم ، قلت : ستترك العبادة وتشتغل بالدنيا ، فكان كذلك.
فصل : حَبَلُ الرجل : هموم ، وأحزان ، وكلام ردي في قلبه ، أو عدو وسط داره.
والولادة – إذا لم تكن بعياط ولا بين الناس - خلاص وفرج ، وإن كان بين الناس زال النكد بنكد. وأما حبل المرأة ، أو الطلق في مكان يليق بها ، فذلك للعزبة زوج ، وحمل للحائل ، وللحامل ولد. والولادة خلاص من شدة ، أو يقدم عليها غائب.
قال المصنف : وربما دل الحبل على المرض ، كما قال لي رجل : رأيت أنني حبلت ، قلت : نخشى عليك مرض الاستسقاء ، فمرض بذلك. وأما الولادة – بالصراخ ، أو في المكان الذي لا يليق به - فهم ونكد. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أطلق بصراخ ، قلت : يحصل لك مغص في فؤادك. ومثله قال آخر ، قلت : ينزل بمكانك لص ، ويقع ثم عياط ، فكان كذلك.
والولادة قدوم غائب. كما قال لي إنسان : رأيت أنني ولدت ثوراً ، قلت : لك حيوان غائب وسيحضر ، فكان كذلك. وقالت امرأة : رأيت أنني ولدت غزالاً ، قلت : لك ولد غائب سيقدم ، فقدم.
ويدل الطلق على الطلاق. فافهمه.
فصل : في الفرج : دال على الفرج ، لمن هو في شدة. وأما من صار له فرج : إن كان أعزب تزوج. وإن رآه الناس : نزلت به آفة ونكد ، وربما رزق بنتاً. وأما الذكر للمرأة ؛ زوج ، وللحائل حمل ، وللحامل ولد ذكر ، وإن أبصره الناس فشهرة ردية.
قال المصنف : واعتبر الفرج والذكر ؛ إن كان في مكانه ففسره بما يليق به. كما قالت لي امرأة : رأيت أن قد طلع في رأسي ذكر ، قلت : يطلع به طلوع ، فجرى ذلك. وقالت أخرى : رأيت أن ذكراً طلع في رجلي ، قلت : تطئين على ثعبان. وقال رجل : رأيت قد طلع لي فرج بين كتفي وفيه نمل ، قلت : تنقب دارك وينزل بها سراق ، فكان كذلك. وقال آخر : رأيته صار في رأسي قلت : يقع به ضربة تفتحه ، فجرى ذلك. وقال آخر : رأيت أن ذكري في داخل فرجي ، قلت : عندك ولد مريض يعبر قبره ، فمات من ليلته. وقالت امرأة : رأيت فرجي في كفي ، قلت : تشتكين أنت ، أو بنت لكِ في برج ، له شرافات. وعلى هذا فقس موفقاً إن شاء الله.
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب الثالث عشر
من كتاب البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي


في أعضاء بني آدم
وما يحدث منهم(1)
__________
(1) قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله : بشرة الإنسان و جلده ستره، و سواد البشرة في التأويل سؤدد في ترك الدين، فمن رأى كأنه أسود وجهه و هو لابس ثيابا بيضا دلت رؤياه على أنه يولد له ابنة، فإن رأى أن وجهه أسود و ثيابه وسخة، دلت رؤياه على أنه يكذب على الله. فإن رأى كأن وجهه
أسود مغبر، دلت رؤياه على موته ، و قيل: إن الشجاع إذا رأى في منامه أن وجهه أسود، دل ذلك على أنه يصير جبانا. و حمرة اللون وجاهة و فرح، و قيل: إن كان مع الحمرة بياض، نال صاحبها
عزا، و صفرة اللون مرض، و قيل: من رأى وجهه أصفر فاقعا، فإنه يكون وجيها في الآخرة، و من المقربين. و أما بياض اللون ، فمن رأى كأن وجهه أشد بياضا مما كان، حسن دينه و استقام على الإيمان. فإن رأى أن لون خده أبيض، فإنه ينال عزا و كرما. و حكي أن رجلا شابا رأى كأنه وجهه قد لطخ بالحمرة مثل النساء و كأنه قاعد في مجمع النساء، فعرض له من ذلك أنه زنى فافتضح.
و أما الرأس في التأويل فرئيس الإنسان الذي هو تحت يده، و رأس ماله وجده، فمن رأى كأن رأسه أعظم مما كان، ذاد شرفه، و من رأى كأن رأسه أصغر مما كان نقص شرفه، و من رأى كأن له رأسين أو ثلاثة، فإنه ينال ظفرا بالأعداء، إن كان مبارزا، و إن كان فقيرا استغنى، و إن كان غنيا يكون له أولاد بررة، و إن كان عزبا يتزوج و ينال ما يريد. فإن رأى تاجر كأنه منكوس الرأس، خسر في تجارته، فإن رأى الرجل أنه منكوس الرأس معلق، طال عمره، في جهد و توبيخ، لقصة هاروت و ماروت، فإن رأى كأنه منكوس الرأس منحن في ملأ، فقد عمل خطيئة و هو نادم عليها تائب
منها. و اصل هذه الرؤيا تدل على طول العمر، لقوله تعالى ( و من نعمره ننكسه في الخلق ) يس 68. وقيل من رأى رأسه مقلوبا، فإن ذلك يدل ، فمن يريد سفرا، على مانع يمنعه من خروجه، على أنه لا يرى ما يتمناه عاجلا لكن آجلا ، ويدل لمن كان مسافرا غريبا على رجوعه إلى بلده بعد إبطاء على غير طمع و الرأس و العنق، إذا رآهما الإنسان و كان فيهما قرحة أو ألم، فإن ذلك مرض يمون في جميع الناس بالسوية. فإن رأى أن رأسه مثل رأس الكلب أو الحمار أو الفرس أو غيرهما من الأنعام، فإنه يصير إلى الكد و التعب و العبودية. و من رأى كأن رأسه استحال رأس فيل أو أسد أو نمر أو ذئب، فقد قيل: إنه يأخذ في ***** أمور أرفع من قدره و ينتفع بها و ينال الرياسة و الظفر على الأعداء. فإن رأى أن رأسه رأس طير دلت رؤياه على كثرة الأسفار. فإن رأى رأسه مطيبا مدهونا، دلت رؤياه على حسن جده. فإن رأى رؤوسا مقطوعة، دلت رؤياه على خضوع الناس له. فإن رأى كأنه أكل رأس إنسان نيئا، فإنه يغتاب رئيسا، ويصيب مالا من بعض الرؤساء. فإن رأى كأنه أكله مطبوخا، فهو مال ذلك الرجل إن كان معروفا و إلا فهو مال نفسه يأكله. فإن رأى كأنه أخذ رأسه
ماله بيده، فهو مال يصير إليه، أكثره دية و أقله ألف درهم، و هذه الرؤيا تدل على وقوع صلح بينه و بين رجل له عليه دين، لقوله تعالى ( وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم ) البقرة 279. فإن رأى كأنه رأسه بان عنه من غير ضرب، فإنه يفارق رئيسه، فإن حمل رأسه من ذلك الموضع ، ذهبت رياسته. فإن كان رأسه قطع، فأخذه و وضعه فعاد صحيحا كما كان، فإنه يقتل في الجهاد. و من رأى كأن رأسه بان عنه فأحرزه، أصاب مالا بقدر ديته، وعوفي إن كان مريضا. والرأس على الرمح أو خشبة رئيس مرتفع الشأن، و من رأى كأن رأسا من رؤوس الناس في وعاء عليه دم، فهو رجل رئيس يكذب عليه، و من رأى كأن رقبته ضربت و بان رأسه عنه، فإن كان مريضا شفي، أو كان مديونا قضي
دينه، أو صرورة حج، و إن كان في كرب أو حرب فرج عنه، فإن عرف الذي ضربه ذلك يجري على يدي من ضربه، فإن كان الذي ضربه صبيا لم يبلغ، فإن ذلك راحته و فرجه مما هو فيه من كرب أو مرض ، و هو موته على تلك الحال. وكذلك لو رأى و هو مريض قد طال مرضه، و تساقطت عنه ذنوبه أو معروف بالصلاح، فهو يلقى الله على خير حالاته و يفرج عنه. و كذلك المرأة النفساء، و المريض المبطون، أو من هو في بحر العدو، مما يستدل به على الشهادة. فإن رأى ضرب العنق لمن ليس به كرب و لا شيء مما وصفت، فإنه ينقطع ما هو فيه من النعيم، و يفارقه بفرقة رئيسه، و يزول سلطانه عنه، و يتغير حاله في جميع أمره. فإن رأى أن ملكا أو واليا يضرب عنقه، فإن الوالي هو الله ينجيه من همومه، و يعينه على أموره. فإن رأى ملكا ضرب رقاب رعيته، فإنه يعفو عن المذنبين و يعتق رقابهم. و ضرب الرقبة في المماليك، يدل على العتق. وقيل: من رأى أن رقبته تضرب، إما بحكم الحاكم، و أما بقطع الطريق، و إما في الحرب أو غيره، فإن ذلك مذموم لمن كان أبواه باقيين، و كان له ولد وذلك أن الرأس يشبه بالوالدين، لأنهما سبب الحياة، و يشبه أيضا بالأولاد من أجل الصورة. فإن رأى ذلك خائف، أو من حكم عليه بالقتل، فهو محمود، لأن البلاء يصيب الإنسان مرة واحدة، ليس يصيبه مرة ثانية، فأما في الصيارفة و أرباب رؤوس أموالهم، و يدل في المسافرين على رجوعهم، و في المخاصمين على الغلبة،لأن البدن إذا قطع رأسه عدم الشفاء. و إن رأى أن رأسه في يده، فذاك صالح لمن لم يكن له ولد، و لم يقدر على الخروج في سفر. و إذا رأى كأن في يده رأسه و رأس آخر طبيعي، دل ذلك على أنه يقاوم شيئا من الآفات التي تكتنفه، و يصلح شيئا من أموره الرديئة التي في
تدبيره. ومن رأى رؤوس الناس مقطوعة بيده في محله، فإن الناس ينقادون إليه ويأتون ذلك الموضع، و ربما اجتمع الناس هناك. فإن رأى أنه ملك رأسا، فإنه مال يصير إليه أقله ألف درهم و أكثره ألف دينار. فإن رأى الإمام في رأسه عظما فهو زيادة و قوة في سلطانه. فإن رأى كأن رأسه كبش، فإنه
يعدل و ينصف. فإن رأى كأن رأسه رأس كلب، فإنه يجور و يعامل رعيته بالسفه. و شعر الرأس مال و طول عمر، و الجمة ( مجتمع شعر الرأس ) تختلف بإختلاف صاحب الرؤيا، فإن رآها صاحب صلاح على رأسه، فهو زيادة و وقاية و هيبة له، و إن رآها غني فهو ماله. و إن رآها فقير فهي ذنوبه، و حسن شعر الرأس شرف و عز، فإن رأى شعره جعدا و سبطا فإنه يشرف و يعز، فإن رأى شعره الجعد سبطا فإنه يتضع و يصير دون ما كان. و إن رآه سبطا طويلا متفرقا، فإن مال رئيسه يتفرق، و إن كان ناعما لينا فإنه زيادة مال رئيسه. و قيل: من رأى كأن له شعرا طويلا و هو مسرور به، فإنه محمود و خاصة في النساء، فإنهن يستعملن شعور غيرهن في الزينة.
و أما المرأة إذا رأت شيب جميع رأسها دلت رؤياه على فسق زوجها. فإن كان زوجها صالحا، فإنه يغايرها بامرأة أخرى أو جارية. و إن لم يكن كذلك فإنه يصيبه منها غم أو حزن، و أما الذؤابة ( المضفور ) للرجل، فإنه ابن مبارك إن كان متزوجا، و إن كان عزبا فهي جارية جميلة يشتريها بعد كل ذؤابة. كذلك هي للمرأة ابن رئيس، و تدل على خصب السنة، و أما سواد شعر المرأة، فيدل على شيئين: أحدهما:
محبة زوجها لها، و الثاني استقامة أحوال زوجها. فإن رأت كأنها كشفت شعرها، فإن زوجها يغيب عنها. فإن رأت كأنها لم تزل مكشوفة الرأس فإن زوجها لا يرجع إليها. و إن لم يكن لها زوج، لم تتزوج أبدا فإن رأت شعرها كثيفا و أبصر الناس ذلك منها، فإنها تفتضح في أمر ، فإن رأى الرجل كأن على رأسه قرونا، فإنه رجل منيع، فإن رأى كأنه شعر مقدم رأسه انتثر، أصابه ذل في الوقت. فإن رأى كأن شعر مؤخر رأسه قد انتثر دل على هوان يصيبه في حال شيبه. فإن رأى كأنه شعر الجانب الأيسر من رأسه انتثر، دل على أنه بالذكور، و من أقربائه، فإن كان شعر الجانب الأيسر انتثر، فإنه يصاب بالإناث من أقربائه. فإن لم يكن له قرابة من الرجال و النساء رجع الضرر إلى نفسه ، وأما حلق الشعر للرجال في الحج، و تقصيره، فهو التأويل أمن و فتح وقضاء دين و فرج، لقوله تعالى( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم و مقصرين لا تخافون ) الفتح 27. و في غير الحج كذلك، إلا أنه في الحج أقوى هذا إذا لم يكن صاحب الرؤيا رئيسا، فإن كان رئيسا وحلق في غير الموسم، دلت رؤياه على إفتقاره أو عزله أو هتك ستره، فهذه الرؤيا للفقير قضاء دين، و للغني نقصان مال. و إن كان صاحب الرؤيا من أهل الصلاح، ضعف بطشه، و إن لم ير أنه لم يحلق رأسه، لكن رأى أنه محلوق الرأس، ظفر بالأعداء و نال قوة و عزا. و قال بعضهم: إنما يصلح الحلق في
التأويل، لمن عادته الحلق، و لا يصلح لمن عادته غير الحلق. و قيل: إن حلق الرأس للمحارب يوجب الشهادة في التأويل. فإن رأت امرأة شعرها محلوقا، يخلعها زوجها، أو تموت. فإن رأت كأن زوجها حلق رأسها، أو جز شعرها في الحرم، دلت رؤياها على قضاء دينها و أداء أمانتها. و إن رأت أن زوجها حلق رأسها في غير الحرم، دلت رؤياه على أنه يحبسه في منزله، فإن الطائر يبقى في عشه إذا قطع جناحه. و قيل: إن حلقه إياها، يدل على هتك سترها. و إن رأت كأن إنسانا دعاها إلى جز شعرها، فإنه يدعو زوجها إلى غيرها من النساء سرا منها، و يقع بينها و بين ذلك الإنسان عداوة و شحناء و قيل: من رأى ذوائب امرأة مقطوعة، فإنها لا تلد ولدا أبدا. أما الدماغ فإنه يدل على العقل، و من رأى أن له دماغ كبيرا، دل على كثرة عقله، فإن رأى كأنه لا دماغ له، دل على جهله و قلة عقله. و قيل: إن الدماغ مال نزر مدخور طاهر . فإن رأى كأنه أكل دماغه أو مخ بعض عظامه، فإنه يأكل ماله، و قال بعضهم: أكل دماغ الميت ، يوجب سرعة الموت. والطرة ( كفة الثوب ) الحسنة مال و عز، و قيل إن صاحب الرؤيا يتزوج امرأة، جمالها حسب جمال الطرة التي رآها. والجبهة جاه الرجل و هيبته، و العيب فيها نقصان في الجاه و الهيبة. والزيادة فيها إذا لم تتفاحش، توجب أن يولد له ابن يسود أهل بيته، و قيل : من رأى جبهته من حديد أو نحاس أو حجر، فإن ذلك محمود للشرط أو
السوقة. و لمن كان تدبير معاشه من قمحه، و أما الباقون فهذه الرؤيا تبغضهم إلى الناس. وأما الصدغان فابنان شريفان مباركان و الحاجبان سمت ( هيئة ) الرجل وحسن دينه و جاهه و النقصان فيهما نقصان في هذه. و قيل : إذا كان الحاجبان متكاثفي الشعر فهما محمودان، من أجل النساء يسودن حواجبهن طلبا للزينة. وأما العين فدين الرجل و بصيرته التي يبصر بها الهدي و الضلالة، فإن
رأى في جسده عيونا كثيرة، دل على زيادة صلاحه و دينه. فإن رأى كأن بطنه انشق فرأى في باطنه عيونا، فإنه زنديق، لقوله تعالى ( ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ) الأحزاب 4. فإن رأى كأن عينيه عينا إنسان آخر غريب مجهول، دلت رؤياه على ذهاب بصره، و يكون غيره يهديه الطريق، فإن كان معروفا فإن صاحب الرؤيا يتزوج ابنته و تصيب منه خيرا، فإن رأى كأن عينيه ذهبتا ، مات أولاده، و من رأى أنه أعمى العينين و هو في غربة، دل على امتداد غربته إلى أن يموت. فإن رأى كأن عينيه من حديد، ناله هم شديد يؤدي إلى هتك ستره، فإن رأى أنه فتح عينيه على رجل، فإنه ينظر في أمره يعينه و إن رأى كأنه نظر إليه شزرا، فإنه يحقد عليه، و من رأى كأنه يسمع بالعين و ينظر بالأذن، فإنه يحمل أهله و ابنته على ارتكاب المعاصي و من رأى على كفه عين رجل أو عين بهيمة، نال مالا عيناً، و من رأى كأنه نظر إلى عين فاستحسنها، فإنه يعمل يضر بدينه، و العين السوداء الدين، و الزرقاء البدعة، والشهلاء مخالفة الدين، و الخضراء دين يخالف الأديان، فإن نظر أنه زنى
بالعين، فإنه ينظر النساء، فإن رأى أن عينه مسمرة، فإنه ينظر بريبة إلى امرأة صديقه، و حدة البصر محمودة لجميع الناس و من كان له أولاد و رأى هذه الرؤيا، دل على أنهم يمرضون، لأن الأولاد بمنزلة العينين محبوبتان وأهداب العينين في التأويل و قاية للدين. فإنه أوقى للعينين من الحاجبين و قيل: الصلاح و الفساد فيهما راجعان إلى الولد و المال، فإن رأى كأن أهداب عينيه كثيرة حسنة، فإن دينه حصين، فإن رأى كأنه قعد في ظل أهداب عينيه، فإن كان صاحب دين و علم، فإنه يعيش على ظل دينه، و إن كان صاحب دنيا، فإنه يأخذ أموال الناس و يتواري، فإن رأى كأنه ليس لعينيه هدب، فإنه يضيع شرائع الدين. فإن نتفها إنسان، فإن عدوه ينصحه في دينه، فإن رأى كأن أشعاره ابيضت دل ذلك على مرض يصيبه من الرأس أو العينين أو الأذنين أو الضرس. وحسن الوجنة في النوم دليل الخصب و الفرج، و قبحها دليل السقم و الضر ، والخذلان عمل الرجل، فإن رأى الإمام في وجنته فوق القدر فهو زيادة وعزة و بهائه ، أما الأنف فيقال: إنه جمال للرجال، و يقال: هو قرابة الرجل، فإن رأى كأنه لا أنف له، فلا رحم له. فإن رأى كأن له أنفين، فإنه يدل على اختلاف يقع بينه و بين الأهل، لأن الأنف ليس بغريب، فإن شم له رائحة طيبة، دلت على فرج يصيبه. و إن كانت امرأة صاحب الرؤيا حبلى، فإنها تلد ولدا سارا. و يقال: إن الأنف ولد، و يقال الجاه و الحسب. و يقال:
الأبوان، و تأويل ما يدخل في الأنف يجري مجرى الدواء، و ما يدخل فيه مكروه، فهو غيظ يكظم، و من رأى كأن له خرطوما دل على أن له حسبا قويا ، والفم فاتحة أمر صاحبه، و خاتمته، فإن رأى كأنه خرج من فمه شيء، فهو يدل على الرزق من خير أو شر، فإن رأى فمه متعلق أو مقفل عليه، دلت
رؤياه على الكفر. و الشفة صديق الرجل الذي يتجمل به، و عونه و معتمده.
و السفلى أقوى في التأويل من العليا، و قيل: الشفة في التأويل القرابة، والعليا صديقه الذي يعتمد عليه في جميع أموره فما حدث فيهما من حدث فيما وصفت، فإن رأى فيهما الماء، فإن أمر الأصدقاء ليس يجري على ما ينبغي ، أما اللسان فترجمان صاحبه، و مدبر أمره، و المؤدي لما قلبه و جوارحه، من صلاح أو فساد، يجري ذلك على ترجمته بما ينطق. فإذا كان فيه زيادة من طول أو عرض، أو انبساط في الكلام عند الحجج، فهو قوة و ظفر. وإن رأى كأن لسانه طويلا لا على حال المخاصمة و المنازعة، دل على بذاءة اللسان ، وقد يكون طول اللسان ظفر صاحبه في فصاحته و منطقه و علمه و أدبه و
عظته، فإن رأى الإمام كأن لسانه طال، فإنه يكثر أسلحته، و يدل على أنه ينال مالا بسبب ترجمان له ، واللسان المربوط في التأويل، دليل على الفقر و دليل المريض، فإن رأى كأنه نبت على لسانه شعر أسود، فهو شر عاجل. و إن كان شعرا أبيض فهو شر آجل ، فإن رأى كأن له لسانين، رزق علما على علمه، و حجة إلى حجته و ظفرا على أعدائه، و قيل المعتدل المقدار في الفم الصحيح، محمود لجميع الناس. أما اللهاة، فإذا رأى أنها زادت حتى كادت تسد حلقه، دلت رؤياه على حرصه
على جمع المال، و تضيق النفقة على نفسه، و قد دنا أجله. وأما الأسنان فإنهم أهل بيت الرجل، فالعليا هم الرجال من أهل البيت والسفلى هم النساء، فالناب سيد بيته، و الثنية اليمنى الأب، و الثنية
اليسرى العم و إن لم يكونا فأخوان و ابنان، فإذا لم يكن فصديقان شقيقان، و الرباعية ابن العم، و الضواحك الأخوال و الخالات، و من يقوم مقامهم في النصح، و الأضراس الأجداد، و البنون الصغار، و الثنية السفلى اليمنى الأم، و اليسرى العمة.فإن لم يكونا فأختان أو ابنتان أو من يقوم مقامهما، و الرباعية السفلى بنات العم و بنات العمات، و الناب السفلى سيدة أهل بيتها، و الضواحك السفلى بنات الخال و الخالة و أضراس السفل الأبعدون من أهل بيت الرجل، من النساء و البنات الصغار.
و حركة بعض الأسنان، دليل على من هو تأويله في المرض، و سقوطه و ضياعه دليل على موته أو غيبته غيبة من لا يعود إليه، فإن أصابه بعدما فقده فإنه يرجع. وتآكله دليل على بلاء يصيب من ينتسب إليه. و اصطكاك الأسنان دليل على جدال بين أهل بيته. فإن رأى في أسنانه قلحا ( صفرة ) فهو عيب بأهل بيته يرجع إليه،و نتن الأسنان قبح الثناء على أهل البيت، و كلال ( ضعفها ) الأسنان ضعف حال أهل بيته و تنقية الأسنان من القلوحة ( صفرة ) يدل على بذل المال في نفي الهموم عنهم، و بياض الأسنان و طولها وجمالها، زيادة قوة و مال و جاه لأهل البيت، فإن رأى كأنه نبت مع ثنية
مثلها، فإن أهل بيته يزيدون، فإن رأى كأن النابت معها يضرها، كأن الزائد في أهل البيت عارا و وبالا عليه. فإن رأى كأنه قلع أسنانه، دلت رؤياه على قطع رحمه ، أو ينفق ماله على كره منه . فإن رأى كأنه يرمي أسنانه بلسانه، فسدت أمور أهل بيته بكلام يتكلم به، فإن رأى كأن أسنانه من ذهب، فإن كان من أهل العلم و الكلام حمدت رؤياه، و إلا فلا تحمد، لأنها تدل في غير العلم و أهله، على مرض أو حريق، فإن رأى كأنها من فضة، دلت على خسران في المال. فإن رآها من زجاج أو خشب، دلت على الموت، فإن رأى مقاديم أسنانه سقطت فنبتت مكانها أخرى، دلت على تغيير أموره و تدابيره ، وقيل : أن من رأى أسنانه العليا سقطت في يده، فهو مال يصير إليه. فإن رآها سقطت في حجره، فهو ابن، لقوله تعالى ( و يكلم الناس في المهد ) آل عمران 46. يعني في الحجر. فإن رآها سقطت إلى الأرض، فهي الموت. فإن رأى كأنه أمسك الساقط من أسنانه فلم يدفنه، فإنه يستفيد من هو مثله في الشفقة و النصيحة. و كذلك التأويل في سائر الأعضاء إذا أصابتها آفة فلم يدفنها. فإن رأى أنه نبت في قلبه أسنان، دل على موته، و قيل: إن سقوط الأسنان يدل على عائق يعوق فيما يريده، و قيل: هو دليل قضاء الديون. فإن رأى كأن جميع أسنانه سقطت و أخذها في كمه أو حجره، فإنه يعيش عيشا طويلا حتى تسقط أسنانه، و يكثر عدد أهل بيته، و إن رأى كأن جميع أسنانه سقطت و ذهبت عن بصره، فإن أهل بيته يموتون قبله، و ربما كان ذلك موت ذوي سنه من الناس، و أقرانه في العمر، فإن رأى كأن الناس يلوكوه بأضراسهم أو يعضوه، فإنه يمكنه أن يتضع للناس فلا يتضع، و قيل: ينبغي أن يجعل الفم بمنزلة المنزل، و الأسنان بمنزلة السكان، فما كان فيها من ناحية اليمنى فهو يدل على الذكور، و ما كان من اليسرى فهو يدل على الإناث، في جميع الناس إلا قليلا منهم. و قيل من رأى أسنانه تنكسر فإنه يقضي دينا قليلا قليلا. فإن تساقط أسنانه بلا وجع، يدل على أعمال تبطل. فإن رأى كأنها تسقط مع وجع، دل على ذهاب شيء مما في منزله، و مقاديم الأسنان إذا سقطت، منعت من أن يفعل الإنسان شيئا مما يعمل بالكلام و القول. فإن كان مع ذلك وجع أو خروج دم أو لحم، فإن ذلك يبطل أو يفسد الأمر الذي يراد. و أما الأصحاء و الأحرار و المسافرون، إذا سقطت جميع أسنانهم، دل على مرض طويل و وقوع في السل من غير أن يموتوا، و ذلك أن الإنسان لا يمكنه أن ينال الغذاء القوي بلا أسنان، لكنه يستعمل الاحساء و العصارات، وإنما لا يموتون لأن الموتى لا تسقط أسنانهم، و الشيء الذي لا يعرض للموتى هو ملخص للمريض فلهذا السبب صار محمودا في المرضى و إن تساقطت أسنانهم جميعا يدل على سرعة نجاتهم من المرض، و أما التجار المسافرون فيدل على خفة حملهم، و خاصة إن رأى كأن بعض أسنانه قد طال عظما، و دل على جدال و خصومة في منزل. و من كانت أسنانه سودا متآكله، معوجة، فرأى سقوطها، فإنه ينجو من جميع الشدائد، فإن رأى كأن أسنانه تسقط و هو يأخذها بيده أو بلحته و في حجره، فذلك يدل على أن أولاده تنقطع، فلا يولد له، و ما يلد ما يبقى و لا يتربى . والذقن في التأويل سيد عشيرته، و صاحب نسل كثير. و الأذن امرأة الرجل أو ابنته، فإن رأى كأن له ثلاث آذان، دلت على أن
له امرأة و ابنتين، فإن كان له أربع آذان، دلت على أحد خصلتين، إما أن يكون له أربع نسوة، أو أربع بنات لا أم لهن ، فإن رأى كأن أذنه بانت ( قطعت ) منه فإنه يطلق امرأته أو تموت ابنته. فإن رأى كأن له أذن واحدة، فلا يعيش له قريب فإن رأى كأن له نصف أذن، دلت الرؤيا على موت
امرأته و تزويجه بأخرى. فإن رأى كأن في أذنه خاتما معلقا، فإنه يتزوج ابنته رجلا فتلد له ابنا. و قيل: الدين الأذن فإن رأى كأن حشا أذنيه بشيء، دلت رؤياه على الكفر. و إن رأى كأن له آذانا كثيرة، فإنه يعرض عن الحق فلا يقبله، لقوله تعالى ( أم لهم آذان يسمعون بها ) الأعراف 195 ، وقيل: إن الغني إذا رأى آذانا حسانا متشاكلة، سمع أخبارا حسانا سارة، فإذا لم تكن متشاكلة حسانا، سمع أخبارا كثيرة كريهة، و من رأى كأن في أذنيه عينين فإنه يعمى و يعاين الأشياء التي كان يعاينها بعينيه ويسمعها بأذنيه، و قيل من رأى كأن له آذان كثيرة، فذلك محمودا لمن أراد أن يكون له إنسان يطيعه، مثل المرأة و الأولاد و المماليك و أما الأغنياء فإنها تدل على أخبار تأتيهم محمودة إذا كانت الآذان حسانا أشكالا. و إذا لم تكن حسانا و لا جيدة الأشكال، فإنها أخبار مذمومة . وأما المماليك و أصحاب الخصومات المدعي منهم، فإنها تدل على أن عبوديته تدوم، و يسمع و يطيع، و يدل المدعي على أن الحكم يلزمه. وحكي أن إنسانا رأى أن له اثني عشر أذنا أو أكثر، فقص رؤياه على معبر، فقال: إن كان صاحب مماليك و حشم، فإنه دليل خير كثير يناله، و إن كان غنيا، فإنه يأتيه أخبار على قدر عدد الآذان من البلدان، بسبب المعاش، و إن كان مملوكا أصابه مذمة و غم و إن كان له خصوم، حكم عليه القاضي بأحكام كثيرة، و سمع كلاما رديئا، و إن كان في خصومة، ظفر
بخصمائه, وأما اللحية فمن رأى كأنها طالت فوق قدرها، دلت رؤياه على أنها دين و غم. فإن طالت حتى سقطت على الأرض، دلت على الموت، لقوله تعالى ( منها خلقناكم و فيها نعيدكم ) طه 55. فإن طالت حتى التصقت ببطنه، أصاب مالا وجاها يتعب فيه بقدر ما كان منها على بطنه، فإن رأى طولها قدر حسن موافق، نال مالا و جاها و عيشا طيبا، و قيل: إنها إن طالت حتى بلغت السرة، دل على أنه في غير طاعة الله. فإن رأى أن جوانبها طالت دون وسطها، فإنه ينال مالا يستمتع به غيره. و لا تحمد اللحية في التأويل للصبي غير البالغ، فإن رأى أنه أخذ لحية غيره بيده و جرها، فإنه يرث ماله و يأكله. و نقصان اللحية إذا لم يكثر، دليل على اليسر و قضاء الدين و الفرج، و إذا كثر نقصانها، دل على الهوان و ذهاب المال و الجاه، فإن رأى كأن كوسجا يكلم امرأته، تشوش عليه أمره بقدره، و يفرق بينه و بين أحبابه، لأن إبليس لعنه الله كلم حواء في صورة كوسج. وسواد شعر اللحية يدل على الاستغناء إذا كان حالكا، فإذا ضرب السواد إلى الخضرة، نال ملكا و مالا كثيرا، لكن يكون طاغيا، لأنها صفة لحية فرعون، و صفرتها دليل على الفقر و القلة، و أما الحمرة فدليل الورع، وإذا رأى كأنه تناول لحيته و انتثر شعرها بيده، و امسكه و لم يرم به، فإنه يذهب من يده مال ثم يعود إليه، فإن رأى كأنه رمي به، ذهب منه مال ولا يعود إليه. وزيادة شعر الشارب مكروهة، و نقصانه و تأويل نتف اللحية للغنى إسرافه في ماله، و للفقير يدل على غمين يجتمعان عليه، و يدل على أنه يستقرض من إنسان شيئا فيقرضه لآخر، و حلق اللحية ذهاب المال و الجاه. فإن رأى كأنه قطع من لحيته، ما فضل عن قبضته، فهو يؤدي زكاة ماله، و الشيب في اللحية و قار و هيبة. والخضاب ستر، و إذا كان الخضاب بالحناء، دل على تمسكه بالسنة. فإن رأى كأنه خصب رأسه دون لحيته، فإنه يحفظ سر رئيسه،فإن رأى كأنه خضبهما جميعا فإنه يجتهد في إخفاء فقره، و يطلب القدر عند الناس، و إن قبل
الشعر الخضاب فإنه يرجع جاهه و لا يبقي كثيرا، و يتجمل بالقناعة ثم ينكسف، فإن رأى كأنه يخضب بطين أو جص فإنه يطلب محالا و يشتهر أمره، ولحية المرأة تدل على أنها لا تلد أبدا، و قيل: تدل على مرضها، و قيل: تأويلها زيادة مال زوجها و ابنها و شرف ولدها، و قيل: إنها إن كانت
متزوجة دلت على غيبة زوجها. و إن رأت ذلك حبلى فإنها تلد ابنا و يتم أمره، و قيل: من طالت لحيته و كثر شعره طال عمره و زاد ماله.
و قيل: إن الشيء الذي يكون قبل وقته، يدل على الشر، مثل أن يرى للصبيان الذكور لحية أو بياض في الشعور، و للإناث من الصبيان الصغار عرس أو ولد، و كذلك جميع ما يكون في غير وقته ما خلا النطق، فإن النطق هو دليل خير، لأن الإنسان بالطبيعة حيوان ناطق، فإن رأى غلام لم يبلغ الحلم أن
له لحية، فإنه يموت و لا يبلغ الحلم، و ذلك أنه قد سبق الوقت الذي كان ينبغي أن يكون له فيه، لحية. فإن لم يكون الغلام بعيدا من وقت نبات اللحية، فذلك دليل على أنه ينفرد و يقوم بأمر نفسه،
و من رأى نصف لحتيه محلوقة، فإنه يفتقر و يذهب جاهه. فإن حلقها شاب مجهول، ذهب جاهه على يد عدو يعرفه، أو سميه أو نظيره، فإن حلقها شيخ، ذهب جاهه بحده المقدور، و إن كان مجهولا، فإنه يذهب جاهه على يدي رئيس مستغل قاهر، لا يكون له أصل، فإن رأى أنها حاقت، فهو ذهاب وجهه في عشيرته، و مقدرته من ماله. و الحلق أيسر من النتف، و ربما كان النتف صلاحا لبعض أمره، و إذا لم يشن الوجه، إلا أن ذلك الصلاح فيه مشقة عليه ، وحكي أن رجلا أتى ابن سيرين، فقال : رأيت كأني قابض على لحية عمي وقرضتها حتى استأصلتها، فقال: إنك تأكل ميراث عمك و لا يكون له وارث غيرك، فإن تناولت منها شيئا ورث بقدر ذلك، و من رأى أن لحيته بيضاء براقة نال عزا و جاها و اسما و ذكرا في البلاد،لأن لحية إبراهيم عليه السلام كانت بيضاء. فإن رأى أنها شمطاء فإنه يصيب جاها و وقارا. فإن رأى أنها أشد سوادا و أحسن مما كانت في اليقظة فإن يصيب هيبة و عزا وجاها و جمالا. فإن رأى أنها شابت و بقي من سوادها شيء، فإنه وقار. فإن لم يبق من سوادها شيء، فإنه يفتقر و يذهب جاهه. و أتى ابن سيرين رجل فقال رأيت أن لحيتي بيضاء و أني أخضبها فلا يعلق بها الخضاب. و كان الرجل شابا أسود اللحية، فقال: البياض نقص في ملكك، و أنت تريد ستره، و
قد علم به. قال: صدقت. وأما العنق فموضع الأمانة، و زيادتها زيادة في الدين و أداء الأمانة،
ونقصانها نقصان في أداء الأمانة، فإن رأى كأن في عنقه حية مطوقة، فإنه لا يزكي ماله، لقوله تعالى ( سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ) آل عمران 180. فإن رأى كأن ودجيه ( عرقين في العنق ) انفجرا دما، فإنه يموت. فإن رأى الإمام في عنقه غلظا، فهو قوته في عدله، و قهره لأعدائه، والغلظ في القفا قوة على ما قلده الله، و حسن القفا يدل على الفرار والهرب، و شعر القفا يدل على أن له مالا و عليه مال. و حلق القفا أداء الأمانة و قضاء الدين، فإن رأى كأن لا شعر عليه، دل على إفلاسه، و رأى رجل كأن عنقه لا بطويل و لا بقصير، فقص رؤياه على معبر، فقال: إن كنت سيئ الخلق حسن خلقك، و إن كنت شجاعا ازدادت شجاعتك، و إن كنت رديء الطبع كرمت ، وأما العاتق فصديق أو شريك أو أجير و كتفه امرأة و منكبه زينته وجماله فما رأى بهما من حال أو حدث، فهو بهؤلاء. و قيل: إذا كانت العواتق غلاظا حسنة اللحم، دل على رجولة و قوة في الأعمال، و يدل في المحبوسين على طول اللبث، في الحبس، حتى يمكنهم أن يحملوا ثقل قيودهم. فإن رأى كأن في عاتقه علة، فإنه يدل على مرض الاخوة أو موتهم لأن العاتقين إخوان. و رأى رجل كأنه يريد أن يرى أحد كتفيه فلا يقدر على ذلك، فعرض له أنه انعور، ذلك بالواجب، لأنه لم يقدر أن يرى الكتف في جانب العين العوراء.
و أما اليد اليمنى فسبب لمعاش الرجل و ماله و احسانه، و طول اليد في التأويل للوالي ظفر، و للتاجر ربح، و للسوقي حذق، و قيل: إن طول يدي الإمام و قوتهما يدل على قوة أعوانه و زيادة عمره، و رؤية عظمها زيادة في ماله. فإن رأى كأنهما تحولتا رخاما، طال عمره في سرور. وقيل: صحة اليدين في التأويل و حسنهما يدل على حسن الأخذ و حسن الإعطاء، و قيل: اليمنى تدل على الأقرباء من الرجال، و اليسرى تدل على النساء منهم، فإن رأى كأنه فقد إحدى يديه، فإن ذلك يدل على فقد بعض أقربائه، بغيبة أو موت. فإن رأى كأنه أدخل يده تحت إبطه، فأخرجها و لها نور، فإنه ينال
علما و إن كان من أهله، أو ربحا إن كان تاجرا، و إن خرجت و لها نار، فإنه ينال قوة و غلبة و عز في أمره الذي يتعاطاه، و إن أخرجها و لها ماء، فإنه مال. وأما اليد الزائدة مع اليدين، فإنها زيادة دولة و قوة، و تدل على ولد أو قدوم غائب، أو يولد له أخ. فإن رأى كأنه أعسر، فإنه يعسر عليه أمره،
فإن رأى أنه يعمل بيده اليسرى على جهد منه، نال حاجته أخيرا. و بسط اليدين يدل على السخاء، فإن رأى كأنه يمشي على يديه، فإنه يعتمد أمره على بعض أقاربه. فإن رأى كأنه يبصر بيديه كما يبصر بعينيه، فإنه يعتمد في أمره على بعض أقاربه. فإن رأى كأن يده اليمنى كلمته كلاما حسنا، فإن
معيشته تحسن. فإن رأى كأن الشمال كلمته بالخير، شكرته أقاربه، و إن كلمتاه أو إحداهما بالتوبيخ، دل ذلك على سوء فعله، فإن رأى كأن يمينه من ذهب، مات شريكه أو امرأته. و من رأى يده تحولت يد سلطانه، فإنه ينال سلطانا، و يجري على يديه ما يجري على يد ذلك السلطان، من عدل أو جور.
فإن رأى كأن له جناحين، ولد له ابنان. وأما العضد فإنه أخ، فمن رأى في عضده زيادة، فهي صلاح أمر أخيه أو ابنه البالغ، و من رأى في عضده نقصانا، فهو مصيبة فيهما بقدر النقصان والزيادة. و رأى إنسان كأنه نقص العضد، فقص رؤياه على معبر، فقال قليل العقل كثير الزهو. وأما الساعدان في التأويل، فقريبان أو صديقان مثل الأخ و الولد البالغ، ينتفع منهم و يعتمد عليهم. فإن رأى رجل امرأة حاسرة الذراعين، فإنها الدنيا، لحديث النبي صلى الله عليه و سلم ليلة المعراج. و الذراع إذا ألمت، فإنها تدل على حزن، و بطلان الأشياء التي تعمل باليد و على عدم الخدم. و الشعر على الذراعين دين.
و انبساط الكف سعة الدنيا، و انقباضها ضيق الدنيا، و الشعر على الكف دين و حزن. و قيل هو مال ينبو عن يده، و الشعر على ظاهر الكف، ذهاب مال. وأما الأصابع، فولد الأخ، على القول الذي قيل: إن اليد أخ. و تشكيلها من غير عمل بها ضيق اليد، و الاشتغال بشغل أهل البيت، و بني الأخوة،

بأمر قد حز بهم يخافون منه على أنفسهم، و قد تظاهروا في دفعة و كفايته. وقيل: أصابع اليد اليمنى، هي الصلوات الخمس، و الإبهام صلاة الفجر والسبابة صلاة الظهر، و الوسطى صلاة العصر، و البنصر صلاة المغرب، و الخنصر صلاة العتمة، و قصرها يدل على التقصير و الكسل فيها، و طولها يدل على محافظته على الصلوات، و سقوط واحدة منها، يدل على تلك الصلاة. ومن رأى إحدى الأصابع موضع الأخرى، فإنه يصلي تلك الصلاة في وقت الأخرى. فإن رأى كأنه عض بنان إنسان، يدل على سوء أدب المعضوض، ومبالغة العاض في تأديبه، فإن رأى كأنه يخرج من إبهامه اللبن، و من سبابته الدم، و هو يشرب منهما يباشر أم امرأته أو أختها. و فرقعة الأصابع تدل على كلام قبيح بين أقربائه. فإن رأى الإمام زيادة في أصابعه، كان ذلك زيادة في طعمه و جوره و قلة إنصافه ، الأظافر مقدرة الرجل في دنياه، و بيض الأظافر يدل على سرعة الحفظ و الفهم، و رؤية الأظافر فِي مقدارها صلاح الدين و الدنيا. و المعالجة بها دليل الإحتيال في جمع الدنيا، و طولها مع حسنها مال و كسوة، و إعداد سلاح للعدو، أو حجة مال، يتقي بذلك شرهم. و طولها بحيث يخاف انكسارها، دليل على تولي غيره إفساد أمر بيده، لإفراطه في استعمال مقدرته، فإنه يخرج زكاة الفطر. فإن رأى كأن شيخا أمره بقلمها، فإن وجده يأمره بالقيام بتعهد نفسه و صيانة جاهه. و خضاب أصابع الرجل بالحناء، دليل على كثرة التسليح، و خضاب أصابع المرأة بالحناء يدل على إحسان زوجها إليها. فإن رأى كأنها خضبتها فلم تقبل الخضاب فإن زوجها لا يظهر حبها. فإن رأى الرجل كفه مخضوبه خضابا وحشا، نال كدا في معاشه، فإن كانت يده اليمنى مخضوبة خضابا وحشا، دلت رؤياه على أنه يقتل رجلا. فإن رأى كأن يديه مخضوبتان بالحناء، فإنه يظهر ما في يده من خير أو شر، أو من ماله أو من مكسبه أو صناعته، فإن رأى يديه منقوشتين بالحناء، فإنه يحتال حيلة من البيت، ليصرف بعض أثاث البيت في نفقته لقلة كسبه، و يشمت الأعداء به عدوة، و يناله ذل. فإن رأت امرأة يدها منقوشة، فإنها تحتال لزينتها في أمر هو حق، فإن كان النقش بالطين، دل على كثرة تسبيحها. فإن رأت نقش يديها قد أختلط بعضه ببعض، أصيبت بأولادها، فإن رأت كأنها يدها مخضوبة بالذهب أو منقوشة به، فإنها تدفع مالها إلى زوجها أو يصيبها منه فرح، فإن رأى رجل أنه مخضوب أو منقوش بالذهب، فإنه يحتال حيلة يذهب فيها ماله أو معيشته. و أما شعر الإبط فإن طوله دليل على نيل الحاجة، لقوله تعالى ( و اضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء ) طه 22. و يدل على دين صاحبه و كرمه. فإن رأى شعر إبطه كثيرا، فإنه رجل يطلب بجلادته جمع المال في العلم و الولاية و التجارة و غيرها، و لا يرجع إلى المروءة و الدين. فإن كان فيه قمل كثير دل على كثرة العيال. و أما الظهر فظهر الرجل و سنده و قيمته و ملتجؤه الذي يستظهر به، و موضع قوته. فإن رأى أن ظهره منحن، أصابته نائبة، و قيل: هو دليل الشيب. و رؤية ظهر الصديق، إعراضه و هجرانه، و رؤية ظهر العدو الأمن من شره، و رؤية ظهر المرأة النصف ( أي متوسطة العمر ) دليل على طلب أمر قد تعسر عنه، و تولى عنه الأمر. و الصلب موضع الرزانة، و موضع الولد و القوة، فمن رأى صلبه قويا، رزق عقلا، و قيل: ولدا قويا، و قيل: الصلب رجل شديد يعتمد عليه. و طول القد ( القامة ) بالمقدار محمود، و فوق الحد دليل على قرب الأجل، و ذهاب الحياة، و كذلك قصر دليل على قصر العمر و الجاه. و السمن و القوة في البدن قوة الدين و الإيمان، فإن رأى كأن جسده جسد حية فإنه يظهر ما يكتم من العداوة. فإن رأى كأن له ألية كألية الكبش، فإن له ولدا مرزوقا يعيش بعده. و من رأى أن جسده من حديد ـو من حجارة، فإنه يموت. فإن رأى زيادة في جسده من غير مضرة، فهو زيادة، في النعمة عليه، و جاء رجل خامل الذكر، قليل المال لمعبر فقال: رأيت كأن جسدي ازداد و تضاعف، فقال المعبر ستكون أهلا لذلك، و تصيب ملكا و تصير ذا مال و عز. فلم يلبث أن خرج مع الغزاة، و كان شجاعا، فهزم المشركين و نال مالا و غنائم. و أما شعر الجسد فبنيانه للرجل حمل امرأته، و كثرة شعر الجسد للمكروب زيادة كربة و تساقطه ذهاب كربه. و كثرة شعر الجسد للمسرور زيادة سرور و غنى، و سقوطه ذهاب غناه، و زيادة شعر البدن للغني مال، و للفقير دين يجتمع، من تنور و كان غنيا، فإنه يذهب ماله بالاستيلاء، و إن كان فقيرا، فإنه يقضي دينه بالجد و التعب، و المطالبة فإن رأى شعر جسده أبيض، فإنه إن كان غنيا نال خسرانا في ماله، و أشرف على الفناء. و إن كان فقيرا فإن دين يمكنه قضاؤه. و أما استحالة شعر جسده شعر بهيمة أو سبع، فتدل على وقوعه في الشدائد. ضيق الصدر ضلال. فإن رأى ذمي أن صدره ضيق، نال خسرانا في ماله، و قيل: إن سعة صدر الإنسان سخاوة، و ضيقه بخله، و كثرة الشعر على الصدر دين يركبه، فإن كأن صدره تحول حجرا فإنه يكون قاسي القلب. و قيل: إن رأى رجل في ثديه لبنا، فإن كان عذبا فإنه يتزوج و يولد له، و إن كان فقيرا دل على يساره، و إن كان شابا دل على طول عمره، و أما المرأة الشابة إذا رأت ذلك دلت على حملها و ولادتها، و أما العجوز فإن رأته دل على فقرها و ذهاب مالها، و العذراء إذا رأته دل على عرسها، و الصغيرة إذا رأته دل على موتها. و طول ثدي الرجل حتى يضرب صدره، دليل على هوى في غير رضا الله تعالى ، و قيل: هو دليل على الموت للأولاد. فإن لم يكن له ولد دل على الفقر و الحزن. و طول ثدي المرأة فوق الحد، دل على غاية الحزن. فإن النساء إذا أصابهن حزن جذبن أثدائهن و خدشنها، و من رأى كأنه يرتضع امرأة فإنه يمرض، و إلا تكون امرأته حبلى فإنها تلد ابنا، و إن كان صاحب الرؤيا امرأة تلد بنتا. و البطن: من ظاهر و من باطن مال الرجل و ولده، أو قرابة من عشيرته، أو خزانه و مأوى عياله، و صغره قلة هؤلاء و كبره كثرة هؤلاء. و صغره من غير جوع قلة المال، فإن رأى أنه جائع، فإنه يكون حريصا، و يصيب مالا بقدر من الجوع منه. و قيل : إن عظم البطن أكل الربا، و المشي على البطن اعتياد على المال. فإن رأى أن بطنه صار صغيرا، فإنه يكون كثير الأمتعة. و الشبع ملاله من المال، و العطش سوء حال في دينه، و الرأي صلاح دينه. و القلب: شجاعة الرجل، و سماحته و جراءته و جلادته و جوده، و سخاؤه و غلظته و صلاحه و فساده راجع للبدن، لأن ملك البدن، و القائم بتدبيره. و خروج القلب من البطن، حسن الدين و الإخلاص و التفريغ عنه هو الإهتداء إلى الحق. و قيل: القلب يدل على امرأة صاحبة الرؤيا، فإنها هي المدبرة لأموره، فإن رأى كأن قلبه تقطع، فإن كان عليلا برئ و شفى و فرج عن كربه. و الكبد: موضع الغضب و الرحمة، و قيل: الكبد تدل على الأولاد و الحياة و خروج الكبد من البطن ظهور مال مدفون. فإن رأى أنه يأكل كبد إنسان و أصابها، فإنه يصيب مالا مدفونا و يأكله. فإن كانت أكبادا كثيرة مطبوخة و مشوية و نيئة، فهي كنوز تفتح له و يصيبها. و أكباد البهائم و الآدميين سواء، و أكل كبد الإنسان المعروف أكل ماله، فإن نظر في كبده فرأى وجهه فيها كما يفعل بالمرآة، فإنه يموت. و قوة الطوحال : فرج فإنه قوام البدن، و من رأى كأن إنسانا قطع مرارة إنسان بأسنانه فمات فيه، فإن القاطع يحقد عليه حقدا عظيما يهلكه فيه، فإن خرج دمه و شربه القاطع، فإنه يحلل ماله على نفسه لجهله و شره. و أما صلاح الرئة : فهو طول العمر، و فسادها قصر العمر، لأنها موضع الروح. و الكليتان : موضع الغنى و الصواب و البيان و الخطأ، فإن رآهما شحميتين فإنه رجل غني صاحب نطق و صواب. و هزالهما فقر، و خطأ رأيه. و قيل، الكلى القربات، و صلاحها و فسادها يرجعان إلى ذلك. و ظهور الأمعاء: أو شيء منه مما في جوفه، ظهور ماله المدخور ، أو يظهر من أهل بيته أحد يسود. أو هو بنفسه، و أكل الرجل أمعاء نفسه، دليل على أنه يأكل مال نفسه، و كذلك لو رأى أنه يأكل أمعاء غيره، أو شيئا مما فيه فهو يصيب من ذلك مالا مدخورا و يأكله. و قيل خروج الأمعاء يدل على أن ابنته تخطب، و من رأى كأن أمعاء بطنه أو سائر ما في بطنه خرج فغسل بطنه و أعيدت إليه أو لم تعد، فهو موته في رضا الله تعالى. فإن خروج شيء من جوفه، فإن عنده وصية لرجل، و بنتا لصاحب وصية و هو على تزويجها. و قيل: إن خرج ما في البطن، دل على هتك الستر. فإن رأى كأن شق بطون رعيته، فإنهم تفتش بطونهم، فإن أخذ ما في بطونهم، أخذ أموالهم. فمن رأى كأن كأنه يشق بطنه أو أحشاؤه في موضعها المعروف فإن ذلك محمود لمن لا ولد له، و للفقير ، لأنها تدل على أن من لا ولد له يولد له و تدل للفقراء أن يستغنوا؛ لأن الأولاد بمنزلة الأحشاء. و قياس الأحشاء في البطن كقياس متاع المنزل في المنزل. و إذا رأى إنسان كأن غيره يكشف أحشائه و يظهرها، فإن ذلك أمر رديء، يدل على أنهم يسيرون إلى الخصومات، و تكشف أمور مستورة من أمورهم، فإن رأى الإنسان أن جوفه انشق و هو فارغ ليس فيه شيء فإن ذلك يدل على خراب منزله و وحشته و هلاك أولاده. و في المريض على أن يموت. و أما السرة فامرأة الرجل و حبيبته من جواريه و همته. فما رأى بسرته من قبح الحال أو جمال أو سوء حال، فهو فيهن. و قيل: من كان له والدان فرأى سرته عليلة، فإن ذلك يدل على علة الوالدين، و من لم يكن له والدان، فإن ذلك يدل على أوطانهم التي ولدوا فيها، و أما من كان في غربة، فإنه يدل على رجوعه. و أما المراق و ما يلي السرة، فإن أعلاه و أسفله يدل على قوة البدن و على الملك. فمتى كان في شيء من أجزائه وجع، فإن ذلك مرض لصاحب الرؤيا و فقره. و أما الضلع: فهو المرأة ، لأنها خلقت منها فما حدث فيها فهو في النساء. و أما العورة: فظهورها هتك الستر، و شماتة الأعداء، و هي ما بين السرة و الركبة، فمن رأى أنه أبداها أو كشفت عنها ثيابه أو بعضها، فإنه يظهر منه بقدر ما بدا منها. و إذا كانت عليه من الثياب شيء قليل قدر ما يسترها خاصة، فإنها قدر قد تجرد في أمر أمعن فيه، و إن كان كذلك في معصية، فإنه يبلغ في معصية، و كان الموضع الذي تجرد فيه مثل السوق أو وسط الملأ، و العورة بارزة يراها بعينه، كأنه مستح منها، و عليه بعض ثيابه، و لم ير مع ذلك شيئا يدل على أعمال البر، فإنه يهتك ستره، و لا خير فيه. و إن كان تجرده على ما وصفت، و لم ير العورة بارزة، و لم يصر على الإستيحاء منها، و لم يكن عليه من ثيابه شيء، فإنه يسلم من أمر هو به مكروب، و إن كان مريضا شفاه الله، و إن كان مديونا قضى دينه، و إن كان خائفا أمن، و إن لم يكن عليه من الثياب شيء، فهو يسقط من رجاء من كان يرجوه، أو يعزل من سلطان هو فيه، أو ينتقض عليه أمر هو مستمسك به. و كل ذلك إذا كانت عورته بارزة ظاهرة، و هو كالمستحي منها. فإن لم تكن العورة ظاهرة، و لا مستح منها، فإن تحويل حالته التي وصفت، يدل على حال السلامة، و لا يشمت به عدو إن شاء الله. و التجرد مع الاشتغال بعمل، دليل على تجلده فيه و ظفره بمراده. فمن رأى كأنه عريان متجرد من ثوبه، فإن له أعداء في الموضع الذي رأى فيه، و هو يغلبهم. فإن لم تكن عورته مكشوفة، فإنه لا يغلبهم. فإن غطى عورته بشيء أو بيده، فإنه ينقاد لهم و يهرب منهم. فإن رأى على وسطه مئزرا فقط، فإنه يجتهد في العبادة. و إن رأى نفسه متجردا في طال شيء، نال ذلك الشيء بقدر تجرده. و أما العرى إذا لم يكن معه اشتغال بعمل، فهو محنة و ترك طاعة و هتك ستر. و أما الذكر : فإنه ذكر الرجل في الناس و شرفه أو ولده. و الزيادة و النقصان فيه في ذلك. و قيل إنه إذا رآه طال فوق المقدار، نال هما. فإن رأى له ذكرين أصاب ولدا مع ولده، و ذكرا في الناس مع ذكره، و شرفه، فإن كان قلعة بيده أو قلع بعضه، ثم أعاده إلى مكانه، مات له ابن و استفاد بدله، و ذهب ماله ثم رجع إليه. و انقطاعه حتى تبين منه دليل على موته أو موت ولده، لأن ذكره ينقطع بموته. و قيامه قوة الجد، و حركته نشاطه، و سعة دنياه، و ربما انقطاع ذكره، و انقطاع اسمه و ذكره من ذلك البلد أو المحلة. و ذلك مع انقطاع ما يدل على السلامة و الخير، و لا يكون معه ما يدل على موت. و الذكر إذا نقص أو زاد أو عظم أو صغر، بعد أن يكون له طرف واحد، فإن عامة تأويله في الولد و النسل. و إذا تشعب فكانت له شعب كثيرة أو قليلة، فإن عامة تأويله في شرفه و ذكره في الناس، بقدر ذلك، لأن شعبه انتشار ذكره. و ضعف الذكر، دليل على مرض الولد أو إشرافه على سقوط جاهه. فإن رأى كأنه مص ذكر إنسان أو حيوان، عاش الماص بذكر صاحب الذكر، و اسمه، فإن رأى أنه خنثى حسن دينه. و من رأى كأن عورته ظاهرة و لم ينظر إليها و لم يستحي منها، ولم يلتفت إليها أحد، فإنه يسلم من أمر هو فيه مكروب من مرض أو هم أو خوف أو دين. و الإمناء دليل على نيل المنى، من دينار إلى مائة ألف على قدر الرجل في الناس، فإن رأى كأنه قد عقد على ذكره، اشتد عليه عيشه، و تعسر عليه أمره، و سخر بولده. و من رأى كأنه كأن ذكره دخل جوفه، دل ذلك على أنه يكتم شهادة. و من رأى كأنه يقبل إحليله، فإن لم يكن له ولد فإنه يولد له ولد، فإن كان له أولاد هم مسافرون، فإنهم يرجعون إليه، و يقبلهم. و رأت امرأة كان الشعر على احليل ابنها، فقصتها على معبر، فقال لها: قد فني عمره، فلما لبث إلا قليلا حتى مات. و رأى آخر كأن على احليله شعرا كثيرا إلى طرفه، فقص رؤياه على معبر فقال: يدل على فجورك. و انهماكك في الفساد، و رأى آخر كأنه أطعم إحليله طعاما، فعرض له أنه مات ميتة سوء، لأن الطعام ينبغي أن يقدم إلى الفم، كأن لم يكن له وجه و لا فم. و فرج المرأة : فرج، فإن رأت كأن الماء دخل فرجها، رزقت ابنا. و رؤية فرجها من حديد أو صفر يدل على الإياس من نيل المراد. و من رأى أنه يعالج فرج امرأة بدون الذكر، فإنه ينال فرجا من قبلها فيه نقص و ضعف. و من رأى أنه عض فرج امرأة مجهولة، فإنه يأتيه فرج في أمر دنياه، فإن رأى فرج جارية يأتيه خير و فرج، فإن رأى أنه مس فرج امرأته و كان مصمتا من صفر، فإنه يطلب منها فرجا و ييأس منها. فإن رأى فرجها من خلفها، فإنه يرجو خيرا و مودة تصير إلى عدوه. فإن كان الفرج صغيرا غلب عدوه، و إن كان كبيرا غلبه عدوه. و من رأى أن ذكره استحال فرجا، عجز بعد القوة. فإن رأى لامرأة ذكرا كذكر الرجل، فإن كان لها ولد أو في بطنها، فإنه يبلغ و يسود أهل بيته. و إن لم يكن لها ولد ولا في بطنها ولد، فإنها لا تلد ولدا أبدا. و إن ولدت مات الولد قبل بلوغه و ربما انصرف التأويل في ذلك عنها إلى قيمها أو مالكها. فيكون له ذكر في الناس و شرف بقدر الذكر. فإن رأى للرجل سوأة كسوأة المرأة. فإنه يصيبه ذل و خضوع. فإن رأى أنه ينكح في ذلك الفرج، فإن الفاعل به يظفر بحاجته منه أو من سميه، إن لم يكن لذلك موضعا. و قيل: إن استحالة فرج المرأة ذكرا. دليل على بذاءة لسانها و تسلطها على زوجها بالكلام. و من رأى أنه يمتص فرج امرأة، نال فرجا ضعيفا قليلا. و من نظر إلى فرج امرأة أو غيرها نظر شهوة أو مسه، فإنه يتجر تجارة مكروهة. و الخصيتان عرى الأعداء التي يتصلون بها إليه، فإن رأى خصيتيه قطعتا من غير أن ينتنا أو ينالهما مكروه، فإن أعداؤه يظفرون بقدر ما نيل من خصيتيه، ولو رأى أن خصيتيه عظمتا أو لهما قوة فوق قدرهما، فإنه يكون منيعا لا يصل إليه أعداؤه بسوء. و ربما كان انقطاعهما انقطاع الإناث من الولد، إذا كان في الرؤيا ما يدل على الخير، لأن الخصيتين هما الأنثيين، و البيضة اليسرى يكون الولد منها، فإن رأى أنها انتزعت منه مات ولده، و لم يولد له من بعده. فإن رأى أنه وهبها لغيره بطيبة نفس منه، و بانت منه، فإنه يولد له لغير رشد و ينسب الولد إلى غيره. فإن رأى أن خصيتيه في يد رجل معروف، فإن ذلك الرجل يظفر به. فإن كان رأى الرجل شابا فهو عدوه، و من رأى أنه آدر ( فتق )، فإنه يصيب مالا لا يؤمن عليه أعداؤه. و رأى رجل كأن له عشر ذكور و ليست له خصية، فقص رؤياه على معبر فقال له: يولد لك عشر بنين ، و لا يولد لك أنثى. و أما العانة: فنقصانها صالح في السنة. و زيادتها مال و سلطان يناله من جهة رجل أعجمي. فإن رأى كأنه نظر إلى عانته فلم ير عليه شعرا كأنه لم ينبت قط. دل على حجر عليه في المال أو خسران يقع له. فإن كان عليه شعر كثير حتى تسحبه في الأرض، فإنه ينال مالا كثيرا مع فساد دين، و تضيع سنين و مروءة. و العجز: هو مال امرأة فإن كان كبيرا لامرأته مالا كثيرا. و إن رأى عجز نفسه كبيرا، فإنه يسود بمال امرأته، و يصيب من ذلك خيرا. و من رأى رجلا كشف له عن نفسه و رأى عجزه، فإنه يطعمه دسما و منفعة، ثم يشرف على أدبار فيها. فإن رأى دبره فإنه يناله من أدبار، إن كان شابا. و إن كان شيخا معروفا، فإنه يوقعه هو بعينه في أدبار، و إن كان مجهولا فإنه ينال إدبارا من حيث لا يشعر. فإن كشف عن رجل حتى أظهره عجزه. فإنه يفضحه في أهله. فإن رأى امرأته كشف عن عجزها حتى رأى دبرها، فإن الأمر ينسب إلى ذلك يشرف على الإدبار و يلحقه دين من تجارة أو ولاية، و من نكح امرأة في دبرها، فإنه يطلب أمرا من غير وجهه و لا ينتفع به، لأن النكاح في الدبر ليس له ثمر، و من رأى أنه يسحب على عجزه أو دبره، فإنه يضطر. و أما الفخذ: فعشيرة الرجل، فإن رأى أن فخذه قطعت و بانت، فإنه يتغرب عن قومه و عشيرته، حتى يكون موته في الغربة، لأن الفخذ إذا قطعت وبانت لا ينجبر صاحبها و لا يلتئم، فذلك لا يرجع إلى قومه أبدا. فمن رأى كأن فخذيه نحاسا فإن عشيرته تكون جريئة على المعاصي . و حكي أن رجلا أتى بان سيرين فقال : رأيت فخذي حمراء و عليها شعرا نابت، و أمرت رجلا فقص ذلك الشعر. فقال : أنت رجلا عليك دين يؤديه عنك رجل من قرابتك. و العصب : سيد قومه و المؤلف بين القربات. و العروق أهل بيته مما ينسب إلى ذلك العضو. و جمالها جمالهم، و فسادها فسادهم. فإن رأى أنه فصد عرقا بالعرض، فهو موت قريب من أقربائه بمنزلة ذلك العرق. و ربما كان هو نفسه المنقطع عن أقربائه بموت، و إذا كانت الرؤيا في تأويلها ما يدل على مكروه أو معصية. و إن كان ذلك في مكروه التأويل، فهو فراق ما بينه و بينهم. و ربما كان فراق بغير موت. و الركبة: كد الرجل و نصبه في معاشه و مطلبه، فإن رأى بها حدثا، فإنه تنسب إليه الركبة. و قوة جلدها قوة معيشته و انسلاخ جلدها زيادة كد و تعب. و غلظ جلدها قوة معيشته، أو ظهور الورم فيها إصابة مال من تعب، و قيل: أن المريض إذا رأى في ركبته الماء أو علة، دل على موته، و قيل: إن الركبتين ينبغي أن يجعل تأويلهما على قوة البدن و حركته و جودة عمله. و لهذا السبب متى كانتا صحيحتين قويتين، فإن ذلك دليل على سفر أو حركة أخرى، و على أعمال يعملها صاحب الرؤيا على صحة البدن، و إن رأى فيهما علة و ألما، فإن ذلك يدل على ثقل الركبتين في الأعمال . و الرجل: قوام الرجل و ماله و معيشته التي عليها اعتماده و ربما كانت الساق عمر صاحبها. فإن رأى أن ساقه من حديد، طال عمره و بقي ماله. و إن رأى أن ساقه من قوارير، لم يلبث أن يموت و يذهب ماله و قوامه؛ لأن القوارير لا بقاء لها. فإن رأى رجله قطعت، ذهب نصف ماله. فإن قطعتا جميعا ذهب ماله و قواه، أو مات كل ما بانت منه. و قيل: الرجلان الأبوان، و المشي حافيا يدل على التعب و المشقة، و قيل: من رأى له أرجلا كثيرا، فإن كان مسافرا سهل عليه سفره، و نال خيرا، و إن كان فقيرا نال ثروة ، و إن كان غنيا مرض، و رؤية الرجلين مخضوبتين منقوشتين للرجل، موت الأهل و المرأة موت بعلها. و من رأى كأنه رفع ساقا و مد ساقا فالتفت إحدى ساقيه بالأخرى، فإنه قرب أجله ، و يلقاه أمر صعب، و يدل على أن صاحب الرؤيا كذاب، و رؤية الرجل ساق امرأة دليل على التزوج، و كشف المرأة عن ساقها حسن دينها و إصابتها أمرا خيرا مما كانت فيه. و الكعب : ولد مقامر، و قيل الكعب موت أو غم. و انكسار عقب سعي في أمر يورث الندم. و القدم: زينة الرجل و ماله ، و أصابعها جواريه و غلمانه، فإن رأى بعض أصابعه صعد إلى السماء، مات بعض غلمانه أو جواريه. و الشعر على القدمين : دين غالب. و من رأى كأن رجليه صعدتا إلى السماء و بانا منه، مات ولداه، فإن رأى يزني برجله، فإنه يمشي خلف النساء حراما. و من رأى له أرجلا كثيرة، فقيل: إنه للغني مرض لأنه يحتاج إلى أرجل كثيرة تنوب عنه، و ربما دلت على ذهاب البصر حتى احتاجوا إلى من يقودهم. و دلت في الشرار على الحبس حتى يكون عليهم حفظة، فلا يمشون منفردين، و رأى رجل كأن إحدى رجليه صارت حجرا، فجفت تلك الرجل بعينها . و رأى رجلا كأنه يركل الملك برجله، فأصاب و هو يمشى دينارا و عليه صورة الملك. و حكي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال: رأيت كأن على ساقي رجل شعرا كثيرا، فقال: يركبه دين و يموت في السجن، فقال : لك رأيتها. فاسترجع ابن سيرين، ثم إنه مات في السجن و عليه ألف درهم، فقضاها عنه بعد موته. و رأى رجل كأنه معوق الساق، فعبره لها معبر فقال: إنك تصير زانيا. فأخذ بعد ذلك مع امرأة. و أتى ابن سيرين رجل فقال: رأيت كأن إصبع رجلي على جمر، فإذا وضعتها عليه طفئ، و إذا رفعتها عنه عاد كما كان، فقال : هذا صاحب هوى، فقال: ليس هو صاحب هوى و لكنه يتكلم في القدر. فقال: و أي شيء هو أشد من القدر؟. و رأت امرأة كأن إبهام رجلها قطعت، فقصت رؤياها على ابن سيرين فقال: تصلين قوما قطعتيهم . و أصابع القدمين زينة مال صاحبها، و أعمال البر، و عظام ماله الذي به اعتماده و معيشته.


الرأس : دال على رئيس الإنسان ، والحاكم عليه ، كوالديه ، وأستاذه ومعلمه ، ووصيه ، ويدل على الولد ، والأخ ، والقرابة ، والصديق ، وعلى رأس المال ، والدور ، والمعايش.

فمن رأى أن رأسه صار مليحاً : حَسُن حال من ذكرنا.
وإن قطع رأسه ، أو نزلت به آفة : فارق من ذكرنا ، أو تنكد ، أو افتقر بعد غناه.
وإن كان الرائي مريضاً ، أو في حرب : مات.
قال المصنف : إنما دل الرأس على ما ذكرنا لكونه قوام البدن ، وربما دل على غير ما ذكرنا. كما قال لي إنسان : رأيت أنني بعت رأسي وهو مقطوع ، قلت : تبيع ملبوساً على الرأس. وقالت امرأة : رأيت أنني قد قلعت رأسي وجعلت مكانه رأساً جديداً ، قلت : جرى لك ثلاثة أمور : حصل لك كسوة على الرأس ، ومات لكِ ولد ورزقت غيره ، وفارقت رجلاً وأخذت غيره ، قالت : صحيح ذلك كله. وقال فقير : رأيت رأسي قد تكسر ، قلت له : أنت ساكن في قبة والساعة تنهدم ، فكان كذلك. وقال لي صغير : رأيت أن قد وقع من يدي رأس وتكسر ، قلت له : وقع من يدك قدرة لها آذان وتكسرت ، قال : صحيح. ومثله قال آخر ، قلت له : وقع منك رأس بطيخ وتكسر ، قال : صحيح.
فصل : وأما حسن الشعر وطوله لمن يليق به : فائدة وراحة ، وكسوة ، وللأعزب : زوج ، وفائدة من زراعات ، أو بساتين. وأما إن دهنه دهناً معتاداً بحيث أنه لا يسيل على وجهه ، ولا ثيابه ؛ فإن كان الداهن متولياً : أحسن إلى غلمانه ، ورعيته. وإن أخرج القمل منه ، أخرج المفسدين من بلاده. وإن كان صاحب تجارة ، أو معايش ، أو زراعة ، انصلحت ، أو تنصلح أقاربه ، ومعارفه.
قال المصنف : إنما دل الشعر على ما ذكرنا لرغبة الناس فيه ، ودل على المعايش لكون الغلام والجارية يكثر الرغبة فيهم ؛ ويزيد ثمنهم ، فافهمه.
فصل : وأما إن سال الدهن حتى لوث ثيابه ، أو على وجهه ، أو طال شعره طولاً ردياً ، أو نزل على عينيه ، أو قصر شعره ، أو حلقه ، لمن لا يليق به ذلك : دل على الهموم ، والأنكاد. وأما إن كان يليق به حلق الشعر ، أو تقصيره ، أو مريض يصلح له ذلك : دل على فائدة ، وراحة ، وخلاص من شدة ، أو من مرض. وكذلك إذا سرح شعره : تساقط. وربما دل ذلك على طلاق الزوجة. وأما كثرة القمل ، والصيبان ، أو الوسخ : فهم ، ونكد ، وشدة ، وعيال. فإن غسله ، استراح من ذلك.
قال المصنف : وربما دل طلوع الشعر الردي على المرض. كما قال إنسان : رأيت قد طلع عليّ شعرة طويلة وحشة ، قلت : تقع في مرض فيه رعشة. وقال آخر : رأيت أنني يخرج من فمي شعر كثير والناس يأخذون منه ، قلت : تصير شاعراً. وقال آخر : رأيت أنني أسجد لشعرة وهي تتلون ، قلت : أنت تخدم النجم الذي يقال له الشعرى بالأبخرة ، قال : صحيح. وقالت امرأة : رأيت أن عليّ شعراً كثيراً وهو يطير بي ، قلت : تتزوجين بمن يسكن البادية وتبقين في بيت شعر. فافهم ذلك.
واعتبر لما دهن ولمن دهن. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أدهن رأسي وهو ينزل من فمي وأنفي ، قلت : ينزل برأسك نزلة. ومثله قال آخر ، قلت تلف عليك سقف البيت. وقال آخر : رأيت أنني أدهن رؤوس الناس بشيء يصبغ ، قلت : أنت تتعانى طلاء الخوذ. وعكسه قال إنسان : رأيت أنني أصبغ لون الخوذ ، قلت : أنت قيم حمام تعمل في رؤوس الناس شيئاَ من الصبغة. وقال آخر : رأيت أنني أدهن قبة بيت المقدس ، قلت : تغسل رأس ملك ، أو رجل صالح عظيم. وقال آخر : رأيت أنني أدهن رأس ملك دمشق ، قلت : تعمل عملاً في قبة الجامع بها ، فكان كذلك.
وأما كثرة القمل في الرأس والصيبان والوسخ فنكد لضرر الإنسان به. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أقتل قملاً من رأسي ، قلت : تقتل جماعة من المفسدين وربما كانوا في أرض ذات شجر ، أو قصب كثير. ومثله قال آخر ، قلت : يخرج عليك منك جماعة يؤذونك وتنتصر عليهم.
ودل القملُ والصيبان على الدين والمطالبة من العيال لكون لهم أقمام يطالبون ما عندهم من الدم. ودل الوسخ على الدين لأنه يقال عليّ شيء من وسخ الدنيا. وتساقط الشعر بالتسريح : طلاق ، لقوله تعالى : { تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }
] البقرة:229
فصل الجبهة : يدل حسنها على جاه الإنسان ، وغناه ، وثناه المليح ، وتمام فرائضه ، وعلومه. وقبحها ورداءتها دال على عكس ذلك.
قال المصنف : دلت على الفرائض لأن ما كتب على جبين الإنسان مطلوب به ، ولسجوده عليه الله عز وجل. وربما دلت على مكاتيبه. كما قال لي إنسان : رأيت أن جبهتي انكسرت ، قلت : يذهب لك كتاب ، أو لوح. ومثله قال آخر ، قلت : إن كانت وحشة يروح عندك مكتوب ردي. وعكسه قال إنسان : رأيت أن لوحي انكسر ، قلت : يقع بجبهتك ألم ، فكان كذلك.
فصل : الحاجبان يدلان على تجمله بولدين ، أو أبوين ، أو أختين ، أو زوجتين ، أو غلامين ، أو قرابتين ، ويدل للملك على حجابه وعساكره. فالميامن ذكور ، والمياسر إناث. وأما قبحهما فدال على فراق ، أو نكد ، ممن دلوا عليه.




وكذلك الحكم لكل ما في الإنسان منه اثنان كالأذنين ، والعينين ، والخدين ، والشفيتن ، واليدين ، ونحو ذلك.

قال المصنف : وربما دل حسن الحاجبين على عافية مريض مخصوص. كمن خيف عليه الجذام والعياذ بالله تعالى فرأى أن حاجبيه قويا وحسنا ، قلت : تعافى ، فعوفي. وآخر رأى أنهما قد سقطا ، قلت : نخشى عليك الجذام ، فكان كذلك.
وكذلك في الأهداب للعين والأنف حكم الحاجبين ، لأن علامة نزول الجذام تغير أولئك مع باقي الوجه. كما أن قوتهم وحسنهم يدل على العافية من ذلك غالياً. وقال لي إنسان : رأيت أن عيني صارت في أذني ، قلت : لك غائب وعينك إلى ما تسمع عنه من الأخبار. وقال لي ملك : رأيت أن عيني صارت فوق حاجبي ، قلت : تجعل على مقدم عساكر عيناً ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أن خدي قد تقطع ، قلت له : أنت تضرب بالبوق ، قال : نعم ، قلت : تبطل معيشتك لأن الخد يجمع لك الهواء وقد تمزق. وقال آخر : رأيت أن شفتي السفلى قد نبت عليها شعر ، قلت : تهجر دارك حتى تنبت في عتبتها الحشيش. ومثله قال آخر ، قلت له : ترزق عمل الأشعار. ومثله قال آخر ، قلت : يحصل لك نكد لأجل كلام.
وأما الأنف : فولد ، أو والد ، أو أخ ، أو زوج ، أو صديق ، أو منفعة ، أو قرابة ، أو مال ، أو صنعة. فما نزل من حسن ، أو قبح عاد إلى من دل عليه.
قال المصنف : وربما دل الأنف على مواضع الريح وبيت الراحة. كما قال لي إنسان : رأيت أن أنفي سقط ، قلت : تنهدم لك مرحاض. ومثله قال آخر ، قلت : ينهدم لك باذهنج ، فكان كذلك.
فصل : السمع والبصر والذوق والشم : كل واحد منهم دال على العز ، والراحة ، والهداية ، والمكاسب ، والفوائد ، والأمن ، والفرح ، والغنى. فإن ذهب أحدهم : خشي عليه من مرض ، أو سجن ، أو شدة ، أو نكد. كما أنهم إذا حَسُنوا ، أو أحدهم : نال صاحِبه عزاً ، وجاهاً ، وخلاصاً من شدة ، أو مرض.
وربما دلت الأذنان على أصحاب الأخبار. والعينان على الجواسيس.
قال المصنف : إنما دل السمع والبصر والذوق والشم على ما ذكرنا لزيادة قيمة من له ذلك ، ولتعب من يعدم أحدهما. كما قال لي واعظ : رأيت أن ذوقي قد عدم ، قلت : ما يبقى لكلامك ذوق. ورأى من يتعانى التجارات أن سمعه قد انسد ، قلت : يبطل سفر مركبك وتتعطل معيشتك ، لعدم الربح الذي تجد منه راحة. وكمسافر رأى أن بصره تلف ، قلت : يقطع عليك الطريق وتنهب وتقاسي شدة. كما أن حسنهم دال على الخير.
فصل : من رأى في عنقه ما يليق به كالقلائد ، والعنابر والهياكل ، ونحوهم أو قد حَسُن : فإن كان أعزب تزوج ، وللحائل حمل ، وللحامل ولد. فإن كان ذلك مذكراً كان الولد ذكراً ، وإلا فأنثى. وإن كان يصلح للولاية ، تولى ، وإلا درت أرزاقه ، ومعايشه. وأما إن رأى عنقه قد رق ، أو نبت فيه خراجات ، أو قروح ، أو في صفة ردية : فهموم ، وديون ، وأعمال ردية ، وتعطلت عليه معايشه ، وفوائده.
قال المصنف : واعتبر الحوادث في العنق. كما قال لي إنسان : رأيت أن عيني في عنقي ، قلت : يطلع فيه طلوعات. وقالت امرأة : رأيت شخصاً عينه في عنقي ، قلت : له أولاد عندك ؟ قال : نعم ، قلت : فاعملي معهم خيراً. ومثله رأت أخرى ، قلت : هذا عينه فيك. وقال آخر : رأيت أن جلد عنقي قد سقط ، قلت : تقع قناة دارك. ورأى قاضٍ أن عنقه قد راح ، قلت : تعزل ويؤخذ ما في عنقك من الأمانات والودائع. ورأى رجل مسخرة أن عنقه قد تمزق ، قلت : تتوب ويبطل صفعك عنقك. ورأت امرأة أن عنقها ملآن جدري ، وهو مليح ولم يؤلمها ، قلت : يفتح عليك برزق تشترين قلادة فيها جواهر ، أو خرز مليح ، فكان كذلك.
فصل : الكف والأصابع : يدلون على ما دلت عليه اليد ، وعلى الصلوات. فمن رأى أن أصابعه تقطعت ، أو نزل بها آفة ، فذلك ضعف في عساكره ، أو أولاده ، أو معايشه ، أو أقاربه ، أو معارفه. وربما بطلت عباداته.
فالإبهام : صلاة الظهر ، والسبابة : العصر ، والوسطى : عشاء المغرب ، والبنصر : عشاء الآخرة ، والخنصر : الصبح لقصرها.
وربما دل قطع اليد : على العزل من التصرفات ، وللفقير : يغنيه – من قطعها – على الطلب.




قال المصنف : واعتبر فضل الكف والأصابع لكل إنسان على قدره. كما قال لي امرأة : رأيت أنه قد صار على كل أصبع من أصابع يدي مئذنة مبنية ، قلت : كان لك أولاد وماتوا ، لكون الأصابع إذا دعى أحد ، أو تمنى رفعها ؛ فقد رفع أولادها على أعواد المنايا ، وقلت لها : نعم ، لأن المنارة مبنية كالسطور وكونها مصاحف الذي لم تم ، قلت : وقد بقي من الأولاد بنت ؛ لقصر الإبهام ، وأنت معك موآذن ستأذنون في تزويجها ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أكلت كف ابن آدم ، قلت : أخذت ملعقة ، أو مغرفة حراماً وبعتها وأكلت ثمنها. وقال آخر : رأيت أنني قطعت كفاً لمن لا أعرفه وأحرقته ، قلت : قطعت شجرة بغير أمر صاحبها. وقال آخر : رأيت أنني آكل كفي اليمين ، قلت : تحلف يميناً كاذبة. ومثله قال آخر ، قلت : ترث أخاً لك ، أو أولادك. وقال آخر : رأيت أنني بعت كفي ، قلت : عندك ترس ، أو طارقة تروح منك. ومثله قال آخر ، قلت : عندك شيء تعلق فيه الحوائج والكيزان يذهب منك.

فصل : من رأى أنه يشرب من ثدييه لبناً ، أو عسلاً ، أو رأى كأنه يأكل منهما شيئاً حسناً : فإن كان أعزب : تزوج ، وإن كان مزوجاً : رزق أولاداً ، ومعايش ، وكان له أولاد : عاش حتى يأكل من كسبهم ، أو من كسب أقاربه ، أو معارفه ، أو من أملاكه. وأما إن أكل منهما ما لا يصلح كالمرارة ، والحوامض ، والدم ، والصديد ؛ حصل له نكد ممن دلوا عليه ، أو تعطلت معايشه. وأما إن أكلهما ، أو أحدهما ، مات من دلوا عليه ، وأكل ميراثه ، أو باع دوره ، أو بساتينه ، وأكل أثمانها ، أو رأس ماله.
قال المصنف : واعتبر رؤية الأبزاز. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أسقي الناس من بزي لبناً حلواً ، قلت : ستعمل أبزازاً في حائط يتجرع الناس منها الماء كاللبن من البز. وقال آخر : رأيت أنني أصنع للناس أبزازاً في صدورهم وهي تجري باللبن ، قلت : أنت تعمل نوفراً لبرك ينبع الماء منها. وقال آخر : رأيت أنني أشرب لبناً من أبزاز الناس متغيراً ، قلت : أنت تحجم الناس وتفصدهم ، قال : نعم. وقال آخر : رأيت أنني عبرت إلى دار وقطعت منها بزاً وأكلته ، قلت : سرقت نوفرة بركة ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أقطع أبزاز الناس وآكلها ، قلت : أنت جرائجي تأكل من قطع الطلوعات في البدن. فافهمه.
فصل : اتساع الصدر ، أو البطن ، وحسنهم : دليل على الفوائد ، والراحة ، والأخبار الحسنة ، والخلاص من الشدة. وضيقهما ، ورداءتهما : دال على الهم ، والنكد.
قال المصنف : واعتبر الصدر والبطن. كما قالت لي امرأة : رأيت أنني عبرت صدر رجل ، قلت : تقع محبتك في صدره. وقالت أخرى : رأيت أنني عبرت في صدر ديك ، قلت : يحبك رجل له صوت وعياط. وقال آخر : رأيت أنني أرمي في صدور الناس شيئاً أسود ، قلت : أنت تعلم الناس العقائد الردية وتلقي في صدورهم من الكلام الذي يغير خواطرهم. وقال آخر : رأيت أنني جلست على صدر إنسان ولم يؤذه ولا أعرفه ، قلت : يحصل لك منصب تصدير.
وأما البطن : فقال إنسان : رأيت أنني أكل من بطن إنسان شيئاً حسناً ، قلت : بغير أمره ، قال : نعم ، قلت : تأخذ له من كيس شيئاً وهو لا يعلم. وقال آخر : رأيت أنني أوقد ناراً على بطون الناس ، قلت : أنت تداوي أفئدة الناس بكي النيران. وقال آخر : رأيت أنني أضرب على بطون أناس لا أعرفهم ، قلت : أنت تضرب بالطبول. وقال آخر : رأيت أنني أخرق بطون الناس وهم لا يعلمون وآخذ ما فيها من دم ، قلت : أنت رجل بطاط فتب إلى الله تعالى.
فصل : طلوع الشعر على البدن : للأغزب : زوج ، وللمزوج : حمل ، ولمن عنده حامل : ولد. فإن أبصره على المرأة ، من لا يليق به أن يبصره عليها : فنكد ، وشهرة ردية. وأما إن طلع على الفقير – وكان ذلك في زمن الشتاء - فكسوة ، وفائدة ، وخلاص من مرض ، أو شدة. وطلوع ذلك في الصيف ، أو لمن مرضه بالحرارة : فهموم ، وديون ، أو طول مرض. وزواله : عكس ذلك كله.
قال المصنف : إذا طلع الشعر الردي ؛ كالشيب لمن لا يليق به. كامرأة رأت أنه طلع عليها شعر أبيض ، قلت : نكد من شيخ. ومثله قالت أخرى ؛ وكانت فقيرة غير أنها قالت : كان في زمن الشتاء ، قلت : يحصل لكِ كسا أبيض وربما يكون من عند شيخ. وقال إنسان : رأيت أن قد طلع في كفي شعر – وكان ممن يفتل الحبال والخيوط بكفه – قلت : تبطل معيشتك. وقال آخر : رأيت قد طلع شعر على جبيني وغطى عيني وهو شعر مليح ، قلت : ترمد وتحتاج إلى شعرية على عينك. وعكسه رجل رأى أن على جسده شعراً وهو يتساقط ، قلت : يذهب لك شيء من النبات. ومثله قال آخر – وكان في زمن الشتاء – قلت : يذهب لك ملبوس وربما يكون كساءً. فافهم ذلك.




فصل : ذكر الإنسان : دال على ذكره ، وجاهه ، وولده ، وزوجته ، وماله ، ومعايشه ، وحياته. فمن رأى ذكره قائماً ، أو طويلاً ، أو مليحاً ، - ولم يكن مكشوفاً عند من لا يليق به كشفه عندهم - دل على الرفعة ، والمنزلة ، وولد يرزقه ، وللأغزب : زوجة ، وللمريض : عافية ، وغنى للفقير ، وفرج لمن هم في شدة ، لكون انتشاره لا يكون إلا عند فراغ الخاطر. فإن شرب منه ما يدل على النكد : كان مكروهاً ، وأما إن أكله كله : كان كأكل الثديين. وأما إن نبت عليه ذكر آخر لا يمنع نفعه ، أو طلع عليه زرع ، أو شجر ولم يؤذه ، فذلك : أولاد ، وفوائد ، ورزق. وأما إن أضره ذلك : صار ردياً. وقطع الذكر : يدل على عكس ذلك. وأما إن انقطع في فرج امرأة : حملت ، أو أخذت ولد المذكور ، أو ماله.

قال المصنف : واعتبر الحوادث في الذكر. كما قال لي إنسان : رأيت أن ذكري حديد وهو قائم ولا أقدر أجامع به ، قلت : يقع به فالج ، أو يزمن لك ولد. وقال آخر : رأيت ذكري وعليه بناية ، قلت : يموت لك من تبني عليه مكاناً. وقال آخر : رأيت أن ذكري يشرب من دم حيوان ، قلت : أنت جامعت في الحيض ، أو وطئت دابة ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أكلت ذكري ، قلت : احتجت حتى بعت نوفرة بركة. ومثله قال آخر ، قلت : بعت ولدك وأكلت ثمنه. وقال آخر : رأيت أن ذكري في يدي وأنا أكنس به القنى ومجاري المياه ، قلت : أنت تداوي الناس بالحقن النافعة. ومثله قال آخر غير أنه تلوث بالوسخ ، قلت : أنت كثير النكاح ، وربما يكون أكثره حراماً. وقال آخر : رأيت أن معي ذكوراً عدة والناس يفزعون منها ، قلت : أنت تلعب بالحيات. وقال لي مزارع : رأيت ذكري قد قطع ، قلت تنكسر الحديدة التي تحرث بها. وقال آخر – وكان كاتباً - : رأيت أن ذكري قد ضاع ، قلت : يعدم لك قلم عزيز. ومثله قال كحال ، قلت : يعدم لك ميل. ومثله قال آخر – وكان نجاراً - ، قلت : يذهب لك مثقب. ومثله قال آخر ، قلت : يعدم لك مفتاح. وقال لي فقير : رأيت ذكري قد راح ، قلت : يذهب لك سواك. ومثله قال آخر ، قلت : يروح لك دبوس ، فكان كذلك.
فصل : طول العانة والشارب والأظفار ، أو شعر الإبط : هموم ، وأنكاد ، وديون ، لكون ذلك مخالفاً للشرائع. وحلق ذلك وقصه : فرج من الهموم ، والأحزان ، وزيادة في المال ، وقضاء الديون ، واتباع الشرائع وكذلك الختان عند من يرى أنه قربة.
قال المصنف : واعتبر النكد من العانة والشارب ونحوهما. كما قال لي إنسان : رأيت أن عانتي قد طالت كثيراً ، قلت : يقع بينك وبين زوجتك نكد. ومثله قالت امرأة ، قلت : تفارقين الزوج. ومثله قالت امرأة زانية ، قلت : ترزقين توبة.
وأما طول الشارب فنكد من كلام ، ويدل على المرض لكون طوله يمنع لذة الأكل. وأما الأظفار وزوالها ؛ كما قال لي إنسان : رأيت يدي بلا أظفار ، قلت : تصلي الفروض غير مكملة. ومثله قال بعض الأمراء ، قلت : يذهب لك عدد وربما تكون طوارق ، لأن الأظفار إذا عدمت ضعف حيل اليد ؛ لأنها وقاية لها. ومثله قال خياط ، قلت : تبطل معيشتك.
وأما طول ذلك ردي يدل على نقص في صلاته لكون الوسخ يبقى تحتهن يمنع وصول الماء إلى ذلك. وقال لي إنسان : رأيت أنني أقطع أظفار الناس ، قلت : أنت تخطف ما على الرؤوس.
وأما شعر الإبط فدون ذلك في النكد ، وكذلك الختان ، لأن غالب الناس يقصون الشارب والأظفار ويأخذون ما تحت الإبط ، وطوائف كثيرون لا يختتنون ولا يرونه قبيحاً فكان أخف في النكد.
فصل : والخصيتان والفخذان والساقان والقدمان : يدلون على ما ذكرنا ، وعلى العبيد ، والدواب ، والأشجار ، والغلمان. فما نزل بهم من قوة ، أو ضعف عاد إلى من ذكرنا. وأصابع الرجلين أولاد من دلوا عليه ، وقطع ذلك كقطع اليد على ما ذكرنا. وأما قطع القدم ، فيدل على موت المريض ، وفسق التائب ، وتوبة الفاسق ، وإسلام الكافر ، لكونه قطع القدم التي كان عليها. وقطعها للفقير : غتى عن السعي. كما أن حسنها : يدل على عكس ذلك كله.
قال المصنف : واعتبر ما في الإنسان منه اثنان. كما قال لي إنسان : رأيت خصيتي قد قطعت ، قلت : يعدم لك خرج. وقال صغير : رأيت أنني أخذت خصيتي رجل ، قلت : سرقت بيضاً من تحت دجاجة. وقال آخر : رأيت بيضتي الواحدة قد راحت ، قلت : عندك امرأتان تذهب أحداهما. وقال آخر : رأيت كأن خصيتي قد صارتا فوق ذكري ، قلت : تحكم عليك امرأتان. وقال آخر : رأيت أنني أحمل خصيتي على كتفي وقد التقطهما طائر أسود ، قلت : يخطف لك خرج عن كتفك وربما يأخذه أسود.




وأما الفخذان والساقان : فقال لي إنسان : رأيت أن فخذي قد وقعتا ، قلت : كان لك دار تحتها عمد ؛ وقد وقع العمد ، قال : صحيح. وقال آخر : رأيت أن ساقي الواحد قد ذهب ، قلت : يعدم من عندك رجل ساقي. ومثله قال آخر ، قلت : يذهب أحد عبيدك ، أو دوابك. وأما أصابع الرجلين : قلت : أنت معاشك من السفر ، قال : نعم ، قلت : أنت تتقوت من النبات الذي لم يزل في الأرض. ومثله قال آخر : وزاد أن لهم عيوناً ، قلت : أنت تأكل من الحيات التي رؤوسهن في الأرض دائماً ، قال : صحيح.

فصل : الأسنان : يدلون على الأولاد ، والأهل ، والأقارب ، والفوائد ، والغلمان ، والمعارف ، والدواب ، وكل شيء فيه نفع.
فالميامن : ذكور. والمياسر : إناث. وأما الأضراس : أكابر من دلوا عليه.
فمن رأى أن أسنانه حَسُنت ، أو قويت : فإن كان أعزب : تزوج ، وإلا فرح من جهة من دلوا عليه. وأما إن اسودت ، أو سوست ، أو سقطت ، أو انكسرت ، أو نزلت بها آفة : تنكد ممن ذكرنا. وكذلك إذا قلع واحد منهم : مات ، أو فارق من دل عليه. وأما تلافهم للمريض : موت. وربما كان سقوطهم : دال على السفار ، لكونه بطل رزقه من المكان الذي فيه.
قال المصنف : قد ذكرنا جميع ظاهر البدن فرجعنا إلى باطنه ، فابتدأت بذكر الأسنان والأضراس ، فاعتبر ما يليق بالرائي. كما قال لي إنسان : رأيت أن أسناني قد سقطوا ، قلت : يفرق أناس كانوا ينفعونك. وقال آخر : رأيت أنني عبرت فم إنسان فأخذت ما فيه من أسنان ، قلت : دخلت إلى بيت وقلعت ما به من مسامير وأوتاد ، قال : نعم. أما الأضراس : فرأى إنسان أن ضرسه انكسر ، قلت : يبطل لك طاحون. ومثله قال آخر ، قلت : يبطل لك حجر معصرة. عكس ذلك رأى إنسان أن طاحونه انكسرت ، قلت : يعدم لك ضرس. وكون سقوط الأسنان دل على المرض لامتناع الأكل غالباً ، ودل على السفر لكونه لما بطل أكله لعدمهم فهو ضرب مثل بانقطاع الرزق من ذلك المكان فدل على التحول منه.
فصل : وأما ضَرَس الأسنان : فإن جعلناهم جيوشاً ، أو غلماناً : فهم مخامرون ، لا ينفعون وقت الحاجة. وإن جعلناهم أقارب ، أو معارف : فلا خير فيهم. وربما دل ضرسهم على المرض. وأما وجع واحد منهم ، فنكد ممن ذكرنا.
قال المصنف : وأما ضرسهم فكما قال لي إنسان : رأيت أن أسناني ضرست ، قلت : يقع بدوابك مرض ، ثم يزول. ومثله قال آخر ، قلت : لك دواب وقد أمرت بإنعالهن ، قال : نعم ؛ هن حفاة إلى الآن.
فصل : اللسان دال على الوالد ، والولد ، والقرابة ، والصديق ، والجاه ، والكسب ، والعبادة. فما رؤي فيه من خير : عاد إلى من ذكرنا. وأما إن قطع ، أو اسود ، أو تعطل نفعه ، أو تقطع ، أو نزلت به آفة : بطلت عبادته ، أو فارق
ولده ، أو والده ، أو أستاذه ، أو صديقاً ، أو قرابة فيه نفع ، أو زال جاهه ، أو تعطلت معيشته ، أو غلب في مخاصمته. وأما الحلق فدال على ما دلت عليه العنق.
قال المصنف : واعتبر اللسان. كما قال لي إنسان : رأيت أنني عبرت فم إنسان وأكلت لسانه ، قلت : سرقت ميزاناً ، أو قباناً وبعته وأكلت ثمنه. ومثله قال آخر ، قلت : سرقت طائراً ناطقاً كالدرة ، أو من له صوت كغيرها من الطير. وقال
آخر : رأيت أن لي لسانين ملاح لم يمنعوني الكلام ، قلت : يبقى لك ترجمانان. ورأى آخر أن لساناً آذاه ، قلت : تتنكد لأجل كلام. ومثله قال آخر ، قلت : يلسعك حيوان. ومثله قال آخر ، قلت : ينفرك طائر له صوت كالديك ونحوه. وقال آخر : رأيت أنني أعمل للناس ألسنة ، قلت : تتعلم عمل المبارد. ومثله قال آخر ، قلت : تصنع الموازين. ومثله قال آخر ، قلت : تعلم الناس حجتهم في كلام. ومثله قال آخر ، قلت : تعمل أسنة الرماح. وقال آخر : رأيت أنني أخرج من الألسنة ماءً حلواً والناس ينتفعون به ، قلت : أنت تستخرج ماء اللسان والماورد ونحو ذلك ، قال : نعم. وقال آخر : رأيت أنني أجيء إلى أفواه الناس وأحتال على أخذ الألسنة ، قلت : أنت رجل حاوٍ تطلب الحيات في أمكانها ،
قال : نعم.
فصل : وأما القلب ، والكبد ، والطحال ، والمعدة ، والرئة ، والمصارين ، والأضلاع : فكل واحد منهم دال على الأولاد ، والمعايش ، والأقارب ، والأصدقاء ، والجاه ، والدور ، والدواب ، والعبيد ، والآباء ، والأستاذين. فمن رأى واحداً منهم تقطع ، أو سقط ، أو احترق ، أو اختطفه شيء ، أو نزلت به
آفة : عاد حكمه على ما ذكرنا ، وربما مات رائي المنام.
قال المصنف : اعتبر الحلق والقلب والكبد ونحو ذلك. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أعمل للناس حلوقاً ، قلت : أنت تحلق شعور الناس. وقال آخر : رأيت أنني وقعت في حلق إنسان ، قلت : تسقط في قناة. ومثله قال آخر ، قلت : تقع في تنور. وقال لي ملك : رأيت أنني أعمل للناس حلوقاً وأجعل فيها مأكولاً ، قلت : ستعمل حلقاً على الصيود وتطعم الناس منها.




وأما القلب فقال إنسان : رأيت أنني أغسل قلوب الناس ، قلت : تنفع وتطيب قلوبهم بخير تفعله. وقال آخر : رأيت أنني أبصر قلوب الناس ، قلت : أنت كثير الاطلاع على الأسرار.

وأما الكبد فقالت امرأة : رأيت أنني أدخلت رأسي في فرجي وأخذت بفمي من كبدي قطعة وقطعتها ثلاث قطع ، قلت : لك ولد بدمشق ، قالت : نعم ، لأن الكبد ولد ؛ وحواليها دم ؛ والفرج شق ؛ فدل على أن الولد في بلد في اسمه دم وشق ، قلت : وقد بلغك أنه مريض ، قالت : نعم ، لأن الكبد ولد وقد نقصت بأخذها منها ؛ والكبد إذا نقصت دلت على المرض ، قلت : وقد سير إليك شيئاً تقوتين به نحوه – وكانت يومئذ بمصر – قالت : نعم. قلت : ثلاثمائة الثلاث قطع ؛ والزائد لكون القطع لم يكن على حد سواء ، قلت : ووصل إليك ثوب أحمر وأبيض ، لأنها لما قطعت الكبد وهي رطبة تبقى حمرتها على بياض الأسنان ؛ شبه الثوب الأحمر والأبيض ، قلت : وربما يكون ولدك ساكناً عند باب الفرج ، قالت : صحيح. وقال آخر : رأيت أنني أكلت كبدي ، قلت : بعت مطبخاً ، أو فرناً ونحو ذلك. وقال آخر : رأيت أنني أطبخ كبود الناس ، قلت : تؤذي كبود الناس بكلامك.
وأما الطحال فهو يُروّح على الكبد. قال لي إنسان : رأيت أنني أبيع الأطحلة ، قلت : أنت تبيع المراوح. وقال آخر : رأيت كأنني حملت طحالي وأثقلني ، قلت : يحصل لك نكد من محبوبك ، لأن محبوب الإنسان يسمى طحالة.
وأما المعدة : فقال إنسان : رأيت أن معدتي تقطعت ، قلت : ينكسر لك قدر. ومثله قال آخر ، قلت : يخرب لك مطبخ ، لأن الكبد تطبخ كل ما يجيء إليها. ورأى إنسان أنه عبر دار إنسان أخذ منها مصارين ، قلت : سرقت خيوطاً ، أو حبالاً. وقال آخر : رأيت أنني آخذ من تحت التراب مصارين ، قلت : معاشك من نبش القنى.
وأما الأضلاع فقال إنسان : رأيت أنني آكل أضلاع إنسان ، قلت : عبرت إلى دار وأخذت خشبها وبعته وأكلت ثمنه ، قال : صحيح.
فصل : وأما ما رؤي فيهم من قوة ، أو حُسن ، أو صلاح : رجع إلى من دل عليه. وإن كان مريضاً تعافى. وربما دل زوال القلب ، أو قطعه على الخوف وترك العبادة. وكذلك إذا تكسر واحد من الأضلاع.
فصل : وأما الدبر : دال على منافع صاحبه ، ومواضع راحته. فإن انسد ، أو تقطع ، أو نزلت به آفة مات إن كان مريضاً ، وإلا حصل له نكد. وإن كان مما يفسد به دل ذلك على توبته. وإن وقع به نار ، أو دود ، أو حكة فدليل على الداء النحس. والعياذ بالله تعالى. وكذلك إذا وقع في فرج المرأة ذلك : دل على الزنا ، وعلى النكد ممن دل الفرج عليه.
قال المصنف : واعتبر الدبر والفرج. كما قال لي إنسان : رأيت أنني وقعت في دبر إنسان ، قلت : تسقط في مستراح. ومثله قال آخر ، قلت : نخشى عليك أن تجامع في الدبر. وقال آخر : رأيت أن دبري قد انسد ، قلت : تنسد قناة مرحاضك. وقال آخر : رأيت أنني آكل لحم الدبر ، قلت : معاشك من المراحيض. ومثله قال آخر ، قلت : أخذت خرزة بئر وبعتها وأكلت ثمنها.
وأما الفرج فقال لي بعض الملوك : رأيت أنني صرت دابة وكأنني آتي فروح النساء أقبلهن وآخذ الأولاد ، قلت : تتحايل على أخذ عدة حصون وتفتحها ، لأن المرأة كالقلعة ، والولد كمن فيها ؛ والفرج باب القلعة ؛ والقابلة كل من يخرج من بطن المرأة ويشده بالقماط مثل الأسارى الذين يخرجون من القلاع ويربطونهم ؛ ودم الولاة القتال. وقال إنسان : رأيت أنني عبرت فرج امرأة من الخوف ، قلت : تختبيء في واد من الخوف. ومثله قال مريض ، قلت : تموت ، لأنه قد عاد إلى موضع خلق منه. ومثله قال آخر ، قلت : تحبس في مكان عليه بابان.
فصل : في الحوادث في ابن آدم ومنه :
المرض : دال على تعويق المسافر ، وبطلان المعايش ، وعلى توبة الفاسق ، وفسق التائب ، لكون المريض يبطل عن فعله. وأما إن كان المرض في فرد عضو : نزلت آفة بمن دل العضو عليه.
قال المصنف : واعتبر كل مرض. كما قال لي إنسان : رأيت أن عيني عميت ، قلت : تروح لك مرآة تبصر بها. وقال آخر : رأيت كأن عيني رمدت ، قلت : تصدأ لك مرآة. وقال آخر : رأيت أن عيني انفقأت ، قلت : تنكسر لك مرآة. وقال آخر : رأيت أن عيني سالت ، قلت : يتلف شجرك ، أو زرعك ، لكون العين بقيت بلا م
إدارة الموقع
إدارة الموقع
الباب الرابع عشر
من كتاب البدر المنير في علم التعبير للإمام الشهاب المقدسي الحنبلي


في الموت والنزاع

النزاع: دال على قرب فرج من هو في شدة ، وعتق العبد ، أو بيعه ، وعلى توبة الفاسق ، وإسلام الكافر ، وعلى المنازعة ، وحدوث خوف للآمن ، وأمن للخائف ، والنقلة من مكان إلى آخر ، وربما دل على الاجتماع بالغياب.


فصل : الموت(1)

__________
(1) قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله: الموت في الرؤيا ندامة من أمر عظيم، فمن رأى أنه مات ثم عاش، فإنه يذنب ذنبا ثم يتوب، لقوله تعالى ( ربنا أمتنا اثنتين و أحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا ) غافر 11. و من مات من غير مرض و لا هيئة من يموت، فإنه عمره يطول. و من رأى كأنه يموت، فقد دنا أجله. و إن ظن صاحب الرؤيا في منامه أنه لا يموت أبدا، فإنه يقتل في سبيل الله عز وجل، و من رأى أنه مات، و رأى لموته مأتما و مجتمعا و غسلا و كفنا، سلمت دنياه و فسد دينه. و من رأى أن الإمام مات، خربت البلدة. كما خراب البلدة دليل على موت الإمام. و من رأى ميتا معروفا، مات مرة أخرى و بكوا عليه من غير صياح و لا نياحة، فإنه يتزوج من عقبه إنسان، و يكون البكاء دليل الفرج فيما بينهم. و قيل: من رأى ميتا مات موتا جديدا، فهو موت إنسان من عقب ذلك الميت و أهل بيته، حتى يصير ذلك الميت كأنه قد مات مرة ثانية. فإن رأى كأنه قد مات و لم ير هيئة الأموات و لا جهازهم، فإنه ينهدم من داره جدار أو بيت. فإن كانت الرؤيا بحالها، و رأى كأنه دفن على هذه الحالة. من غير جهاز و لا بكاء، ولا شيع أحد جنازته، فإنه لا يعاد بناء ما إنهدم، إلا إذا صار في يد غيره. و من رأى وقوع الموت الذريع في موضع، دل على وقوع الحريق هناك، فإن رأى كأنه مات و هو عريان على الأرض، فإنه يفتقر. فإن رأى كأنه على بساط، بسطت له الدنيا، أو على سرير نال رفعة، أو على فراش نال من أهله خيرا، فإن رأى كأنه وجد ميتا، فإنه يجد مالا. فإن غاب، فإنه يأتيه خبر بفساد دينه و صلاح دنياه. فإن رأى كأن ابنه مات، تخلص من عدوه، و إن رأى كأن ابنته ماتت، أيس من الفرج. فإن رأى كأن رجلا قال لرجل: إن فلان مات فجأة فإنه يصيب المنعي غم مفاجأة، و ربما مات فيه، فإن رأت حامل أنها ماتت و حملت و الناس يبكون عليها من غير رنة و لا نوح، فإنها تلد ابنا و تسر به، و قال بعضهم رؤيا العزب الموت دليل على التزويج، و موت المتزوج دليل على الطلاق، فإن بالموت تقع الفرقة و كذلك رؤيا أحد الشريكين موته دليل فرقة شريكه. و أما النياحة، فمن رأى كأنه موضعا يناح فيه، وقع في ذلك الموضع تدبير شؤم يتفرق به عنه أصحابه, و قيل إن تأويل النوح الزمر، و تأويل الزمر النوح. و أما البكاء: حكى عن ابن سيرين أنه قال: البكاء في النوم قرة عين، و إذا اقترن بالبكاء النوح و الرقص، فلم يحمد، فإن رأى كأنه مات إنسان يعرفه، و هو ينوح عليه و يعلن الرنة، فإنه يقع في نفس ذلك الذي رآه ميتا أو في عقبه مصيبة أو هم شنيع. فإن رأى كأنهم ينوحون على وال قد مات، و يمزقون ثيابهم و ينفضون التراب على رؤوسهم، فإن ذلك الوالي يجور في سلطانه. فإن رأى كأن الوالي و هم يبكون خلف جنازته من غير صياح، فإنهم يرون من ذلك الوالي سرورا. و من رأى كأنه بين قوم أموات، فهو بين أقوام منافقين يأمرهم بالمعروف فلا يأتمرون بأمره قال الله تعالى( فإنك لا تسمع الموتى ) الروم 52. و من رأى كأنه لقي معهم ميتا فإنه يموت على بدعة أو يسافر سفرا لا يرجع منه، و من رأى كأنه لقي معهم ميتا فإنه يموت على بدعة أو يسافر سفرا لا يرجع منه، و من رأى كأنه خالطهم أو لا مسهم، أصابه مكروه من قبل أراذل. و حكي عن بعضهم أن من رأى كأنه يصاحب ميتا، فإنه يسافر سفرا بعيدا، يصيب فيه خيرا كثيرا. فإن حمل ميتا على عنقه، نال مالا و خيرا كثيرا، و إن أكل الميت طال عمره، و رؤية موت الوالي دليل على عزله، و سكر الميت لا خير فيه، و أما غسل الميت فمن رأى ميتا يغسل نفسه، فهو دليل على خروج عقبه من الهموم، و زيادة في مالهم. فإن غسله إنسان تاب على يد ذلك الإنسان رجل دينه فساد. و المغتسل في الأصل تاجر نفاع ينجو بسببه أقوام من الهموم، و رجل شريف يتوب على يديه أقوام من المفسدين، فمن رأى كأنه على المغتسل، ارتفع أمره و خرج من الهموم. فإن رأى بعض الأموات يطلب من غسل ثيابه، فإن ذلك فقره إلى دعاء و صدقة، و قضاء دين، أو إرضاء خصم أو تنفيذ وصية. فإن رأى إنسانا غسل ثيابه، فإن ذلك خيرا يصل إلى الميت من الغاسل. و أما الكفن فقد قيل: هو دليل الميل إلى الزنا، فإن رأى كأنه لم يتم لبسه، فإنه يدعى إلى الزنا فلا يجيب، و من رأى كأنه ملفوف في الكفن كما تلف الموتى، دلت رؤياه على موته، فإن لم يغط رأسه و رجليه فهو فساد دينه، و كلما كان الكفن على الميت أقل، فهو أقرب إلى التوبة، و ما كان أكثر فهو أبعد من التوبة. و من رأى كأن قوما مجهولين زينوه و ألبسوه ثيابا فاخرة، من غير سبب موجب لذلك من عيد أو عرس، و إنهم تركوه في بيت وحيدا، فذلك دليل موته، و الثياب الجدد البيض تجديد أمره. و أما الحنوط فدليل التوبة للمفسد، و الفرج للمغموم، و الثناء الحسن، و من رأى ذلك كأنه استعان برجل يشتري له الحنوط، فإنه يستعين به في حسن محضر، و ذلك أن الحنوط يذهب نتن الميت. و أما النعش، فمن رأى كأنه حمل على نعش ارتفع أمره، و كثر ماله، لأن أصله من الإنتعاش. و من رأى كأنه على الجنازة فإنه يواخي إخوانا في الله تعالى؛ لقوله تعالى عز وجل (إخوانا على سرر متقابلين ) الحجرات 47. و قال بعضهم: إن الجنازة رجل موفق يهلك على يديه قوم أردياء. فإن رأى كأنه موضوع على جنازة و ليس يحمله أحد فإنه يسجن. فإن رأى كأنه حمل على الجنازة فإنه يتبع ذا سلطان، و ينتفع منه بمال، فإن رأى كأنه رفع و وضع على الجنازة، و حمله الرجال على أكتافهم، فإنه ينال سلطانا و رفعة، و يذل أعناق الرجال و يتبعه في سلطانه بقدر من رأى من مشيعي جنازته. فإن رأى أنهم بكوا خلف جنازته، حمدت عاقبة أمره، و كذلك إن أثنوا عليه، الجميل أو دعوا له. فإن رأى كأنهم ذموه و لم يبكوا عليه، لم تحمد عاقبته، فإن رأى كأنه اتبع جنازة، فإنه رأى كأنه اتبع جنازة، فإنه يتبع سلطان فاسد الدين. فإن رأى جنازة في سوق فإن ذلك نفاق ذلك السوق، فإن رأى كأن جنازة حملت إلى المقابر معروفة، فإنه حق يصل إلى أربابه، فإن رأى كأن جنازة تسير في الهواء، فإنه يموت رجل رفيع في غربة، أو رئيس أو عالم رفيع يعمى على الناس أمره، فإن رأى أنه على جنازة يسير على الأرض، فإنه يركب في سفينة. فإن رأى جنائز كثيرة موضوعة في مكان، فإن أهل ذلك المكان يكثرون ارتكاب الفواحش، فإن رأت امرأة أنها ماتت و حملت على جنازة، فإن لم تكن ذات زوج تزوجت، و إن كانت ذات زوج فسد دينها. فإن رأى أنه حمل ميتا أصاب مالا حراما. فإن رأى أنه جر الميت على الأرض، اكتسب مالا حراما فإن رأى ميتا تعلق بفاسد، فإنه يصيد فارا، فإن رأى أنه نقل ميتا إلى المقابر فإنه يعمل بالحق. فإن رأى أنه نقل ميتا إلى السوق نال حاجة و ربحت تجارته و نفقت.




: محقق لما دل عليه النزاع ، مما ذكرنا. ويدل : على سجن ، أو مرض الأصحاء ، وعلى التجهز إلى ملاقاة الأكابر ، وما أشبه ذلك. فإن كان في موته متوجهاً إلى جهة يعتقد أنها تقربه إلى ربه عز وجل ، أو كان صورته حسنة ، أو طيب الرائحة ، أو أن حواليه أرباب صلاح ، أو نور : حصلت راحة للمسافر ، وخلاص من مرض ، أو سجن ، أو ملاقاة الأكابر بكل خير ونحو ذلك. وإن كان خلاف ذلك : حصل له نكد فيما ذكرنا.

قال المصنف : الموت والنزاع : يدل على الشيء وضده فيهما ، لمن لا هو في شدة دال على النكد ، ولمن هو متنكد على قرب زوال ذلك ، لأن الموت خلاص والنزاع قريب من الموت. وعلى عتق العبد لكونه لم يبق عليه حكم لأحد ، وعلى بيعه لكونه ينتقل من موضعه. وعلى المنازعة للاشتقاق. وعلى التوبة لأن من قرب من هذه رجع غالباً عن الردي. وعلى الأسفار. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أنازع ، قلت : أنت تتجهز للسفر. وقال آخر : رأيت أنني مت ثم عشت ، قلت : سافرت ثم رجعت. ومثله قال آخر ، قلت : سجنت ثم خلصت. ومثله قال آخر إلا أنه قال : وقفت بين يدي رب العزة سبحانه ثم عشت – قلت : رحت اجتمعت بكبير القدر ثم رجعت ، قال : نعم. وقال آخر : كل وقت أبصر أنني أموت ثم اعيش ، قلت : تصرع كل وقت ثم تفيق ، قال : صحيح. ومثله قال
آخر ، قلت : أنت كثير الرمد حتى ما تبصر بعينك شيئاً ، ثم تعافى ، قال : صحيح.
وقد ذكرنا الشروط قبل الموت وبعده فافهم ذلك.
فصل : من اغتسل غسل الموت بماء نظيف بارد في الصيف ، أو يُسخن في الشتاء : دل على وفاء الديون ، وقضاء الحوائج ، وملاقاة الأكابر بكل خير. وأما إن اغتسل بالماء الكر ، أو بالبارد في الشتاء ، أو بالحار في الصيف : دل على النكاد ، والفقر ، والأمراض ، أو السجن ، أو سفر ردئ.
قال المصنف : دل غسل الموت بشروطه المذكورة على قضاء الديون والحوائج ، لذهاب الوساخ التي تضيق الصدر. وعلى حسن ملاقاة الأكابر ، لكونه يقف بين يدي ربه عز وجل بهذه الصفة المليحة.
وكذلك الحكم لكل ملة ودين يجهزون موتاهم بغير الغسل.
واعتبر الغاسل. كما قال لي إنسان : رأيت أنني أغسل الموتى ، قلت : تصير قيماً في حمام. ومثله قال آخر – وكان متعبداً – قلت : تكثر من تطلب التوبة والأعمال الصالحة على يدك ، وتطهر بواطنهم وظواهرهم بحسن مداراتك لهم ، لأن التلميذ بين يدي معلمه كالميت بين يدي الغاسل. ومثله قالت امرأة ، قلت : تصيرين قابلة تدورين بالصغار الذين لا حكم لهم ولا عقل فصارت كذلك.
فصل : من تكفن في المنام بكفن مليح : تزوج إن كان أعزب ، أو استغنى إن كان فقيراً ، أو اشترى جارية ، أو داراً ، أو اكتسى إن كان عرياناً. وإن كان مريضاً : مات. وأما إن كان الكفن ردياً ، أو كره الرائحة ، أو ممزقاً : انعكس ذلك كله.
قال المصنف : دل الكفن على التزويج لأنه لباس. والله تعالى يقول : { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ } ] البقرة:187
فصل : الحمل فوق النعش – صراخ ولا عياط - : دال على الولاية ، والرفعة ، والسفر المليح ، وعلى غنى للفقير ، وزيادة فائدة الغني ، والاجتماع بالأحبة. وكذلك الصلب. وجميع ذلك بالعياط ، أو اللطم ، أو سواد الوجه ، أو كونه مكشوف العورة ، أو كأنه يضحك ضحكاً مكروهاً ، أو يكون رأسه إلى موضع رجليه ، أو كأنه ملقى على وجهه ، وما أشبه ذلك. دل على الفضائح ، والأنكاد.
قال المصنف : واعتبر من حمل على النعش. كما قال لي إنسان : رأيت أنني على نعش وقد طارت به الريح ، قلت : تسافر في مركب. وقال آخر : كأنني على نعش تحمله الحيوانات : قلت تركب على عجل.
ودل ركوبه بالشروط المليحة على الولاية لكون الناس يمشون بين يديه ومن خلفه ، وعلى الرفعة لأنه ارتفاع ، وعلى السفر لكونه ينقل الأجساد إلى أماكن أخر ، وعلى غنى الفقير لكون الناس يعلمون ما يحتاج إليه ، وعلى الاجتماع بالأحبة والغياب لكونهم يؤديهم إلى المقابر التي هي منزل الأحبة والغياب.
ومثله الصلب : وربما دل الصلب على مرض يقع بالعنق ، كالخانوق ونحوه. والجميع في الصفات الردية دال على ما ذكرناه في باقي الفصل.



فصل : الدفن في القبر(1) : موت للمريض ، وتزويج للأعزب ، لأنه سترة ، وسفر ؛ لأنه انتقل إلى أرض أخرى ، وعزل للمتولي ، وفقر للغني ، ومرض للصحيح ، أو سجن. فإن كان قبراً واسعاً ، أو وجد رائحة طيبة ، أو خضرة مليحة ، أو ثوباً ، أو مأكولاً ، حسناً : كان عاقبة ذلك كله إلى خير. كما أنه إذا كان
ضيفاً ، أو فيه دخان ، أو حيوان مؤٍذ ، أو ضربه منكر ، أو نكير ، أو احترق بنار ، أو رأى جيفاً ، وما أشبه ذلك : كان ردياً. فإن جعلناه موتاً : كان عاقبته إلى العذاب. وإن جعلناه سفراً : قطعت عليه الطريق. وإن جعلناه تزويجاً : كان عاقبته خصاماً. وإن جعلناه أمراضاً : كانت أمراضاً مؤلمة ، أو موتاً.
قال المصنف : واعتبر القبر وأحواله. كما قال لي إنسان : رأيت أنني هارب من ثعبان كبير فرمتني امرأة في قبر ، قلت : عبرت عندها وخفت فجعلتك في صندوق خوفاً من عدو ، قال : صحيح. وقالت امرأة : رأيت أنني في قبر مليح ، قلت : الساعة تتزوجين. وقال آخر : رأيت أنني أدفن نساء كثيرة في قبور ، قلت : أنت كثيراً ما تجهز العرائس. وقال آخر : رأيت أنني أنبش صناديق الناس وأخرج ما
فيها ، قلت : أنت نباش القبور وترمي الموتى. وقال بعض الملوك : رأيت أنني نبشت القبور وأخرجت من فيها من الموتى : قلت : تطلق أهل السجون. وقال إنسان : رأيت أنني أكسر البيض وأرمي صفره وآكل بياضه ، قلت : أنت تأخذ أكفان الموتى وترمي بالموتى. وقال صغير : رأيت أنني أكلت عشرين قبراً ، قلت : تعرف أصحاب القبور قال : نعم ، قلت : سرقت لهم عشرين بيضة ، قال : صحيح.
فصل : حكم الحفائر إذا وقع فيها حكم القبر ، إلا أنها أهون منه. وأما إذا حفرها ليؤذي بها إنساناً ، أو في مواضع تؤذي الناس : فهو رجل ردي. وربما وقع في المكر ، والخديعة التي عملها . قال - صلى الله عليه وسلم - : » من حفر لأخيه قليباً أوقعه الله عز وجل فيه قريباً «. وقال الشاعر :
يَاحَافِرَ البِئْرِ وَسِّعْ في مَرَاقِيها
. ... مَن يحفِرِ البئرَ يُوشكُ أنْ يقعْ فِيهَا
والله أعلم(2).