قصة (الجميلة والوحش) بأحداث جديدة مختلفة عن القصة الأصلية

الأدب النبطي والفصيح

تنويه: القصة هي من وحي خيالي لتعبر عن واقع ملموس




الجميلة والوحش


كم كانت الحياة صعبة على عُلا! كيف لا وبصحبتها وحش مريع لا يفارقها. ينام معها. يستيقظ معها. بل أسوء من ذلك يعيش بداخلها.

حبى الله سبحانه علا بحسن وجمال غير أنه لا يمكنها رؤية هذا الجمال مطلقا. ففي كل مرة تنظر فيها للمرآة ترى انعكاس صورة ذلك الوحش البشع عوضا عن صورتها. فيدب الحزن في قلبها وتخيم الكآبة بثقلها المضني على كاهليها.

لا تستطيع علا أن تتذكر متى سكن ذلك الوحش جسدها وروحها فيبدو وكأن هذه المصيبة حصلت منذ طفولتها المبكرة. كبرت وكبر معها.

كان تأثير ذلك الوحش على سعادتها وحياتها أكثر من أن تصفه الكلمات.

جعل منها شخصية ضعيفة خائفة حزينة. تخشى المستقبل وتبكي على الماضي. تجلد ذاتها كل يوم وهي تتذكر زلاتها صغيرها وكبيرها حتى باتت تنظر لنفسها على أنها شخص لا فائدة منه مطلقا. كان لاينفك عن تصويرها لنفسها بأبشع الصور ليزداد شعورها بالدونية يوما بعد يوم. أجج نيران الغضب و الكراهية داخلها من خلال وضعها في منافسات ومقارنات مع من حولها حتى حول حياتها إلى جحيم لا يطاق.

كم حاولت مراراالتخلص منه دون جدوى...

إلى أن أتى ذلك اليوم الذي تغير فيه مجرى حياتها بفضل الله عز وجل. ذلك اليوم الذي قتلت فيه الوحش الذي دمر حياتها لسنوات عديدة.

وإليكم ما حدث...

في أحد الأيام وبينما كانت تجلس علا في الحديقة تعلو على محياها سمات الكآبة المعتادة. فإذا بها تسمع صوتا رقيقا ينادي: ما بك؟ علام كل هذا الحزن؟

استدارت علا لتبحث عن مصدر الصوت فلم تجده. ظنت بأنها واهمة.فعادت لتجلس كما كانت ثم زفرت تنهيدة حزينة: آه.

عاد الصوت من جديد: ما بك؟ لم أنت حزينة؟

أيقنت علا بأنها ليست واهمة هذه المرة فأخذت تتلفت يمنة ويسرة باحثة عن مصدر الصوت. فإذا الصوت يعاود الكرة من جديد: هنا. أنا هنا.

لم تصدق علا عيناها فالمتحدث كان نحلة صغيرة حلقت بالقرب منها.

وبالرغم من الذهول الذي أصاب علا إلا أنها أخذت تحكي قصتها مع الوحش للنحلة الصغيرة.

قالت النحلة: يمكنني أن أخلصك منه بسهولة.

قالت علا: وكيف ذلك؟

أجابت النحلة: عليك أولا أن تنظري للحياة بعيناي وليست بعينا ذلك الوحش. سوف أعيرها لك لبعض الوقت حتى تتغيرنظرتك للأشياء وتنتصرين عليه بإذن الله.

وتمضي الأيام تتلألأ بنور البهجة والحبور بعد أن حصلت علا على عينا النحلة فأصبحت لا ترى إلا ما هو جميل فقط في ذاتها وفيمن حولها. كما تفعل النحلة تماما فلا يقع بصرها إلا على الجمال. تعلمت فيها كيف تقدر إنجازاتها الصغيرة والكبيرة ولسانها حامدا لله على أن وفقها لذلك العمل مهما صغر حجمه_ (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلق أخاك بوجه طلق) _نعم حتى الابتسامة الصغيرة الصادقة هي إنجاز يستحق أن نسعد من أجله ونقول: إنما أوتيته بفضل من ربي. لم تعد تتذكر أخطاؤها وتجلد ذاتها عليها. فأخطاؤنا هي مجرد تجارب نتعلم منها. نستغفرالله عليها ونثق بمغفرته فهو الغفور الرحيم.
تعلمت بأن تسامح من أجلها هي لا من أجل الآخرين. فهي وبكل تأكيد تستحق بأن تُسامِح. تستحق أن تحصل على ما عند الله فالله يعطي على العفو مالا يعطي على الحق. تستحق بأن تعيش في راحة بال وفي سكينة لا ينغصها غضب ولا يكدرها حقد. تعلمت كيف تجمع الصفات الحسنة فيمن حولها كما تجمع النحلة الرحيق لتقدم لهم العسل والشهد على صورة الثناء و المديح.

وهنا اضمحل الوحش وتلاشى من حياة جميلتنا لتشرق شمس السعادة ساطعة في دربها من جديد.
11
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نعمة ام احمد
نعمة ام احمد
عوداً حميداً يانور ..

وما تحمله قصتك ما بين سطورها فوائد عظيمة
ودروس ثمينة لكل واحدة نقصت من شأنها يوماً
دون قصد منها .. ولكل واحدة لم تشعر بجمال ولذة
إنجازاتها الصغيرة التي قد تكون منها حُسن تربية أبنائها
او الاهتمام بترتيب بيتها وإسعاد أهلها أو تقديم المساعدة لغيرها
كلها إنجازات المهم فيها إخلاص النية لله !!

قصتك رائعة يانور وإستمتعت بها كثيراً..
حفظك المولى وتقبلي مروري  
نعمة ام احمد
نعمة ام احمد
عفواً مكرر ...
نور يتلألأ
نور يتلألأ
الغالية نعمة
كم يسعدني مرورك الكريم وكلماتك العذبة التي دائما أنتظرها بفارغ الصبر
أسعدك الله أينما كنت ووفقك لما يحب ويرضى
تقبلي شكري وتقديري
المحامية نون
المحامية نون
اهلاً بطلتك البهية يا نور ***
هذه القصة كلنا نحبها بشدة في صغرنا
أضفت لها معنى جميل
من فضاء خيالك الخصب
ممتع ما كتبتي
وفقك الله ولا تحرمينا من قصصك الجميلة:33:
مناير العز
مناير العز
جميلة جدا
قصة رمزية بمعاني كبيرة
وفوائد جليلة


شكرا لكِ وسلمت يدكـِ