الحاجة إلى البكاء ... محبة بين يدي الله

ملتقى الإيمان



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله – صلى الله عليه وسلم

عليك أن تقدم الطاعة إلى الله بجمالية وحب، لأن الله تبارك وتعالى لا ينظر إليك على أنك كائن تؤدي فروضاً مرغمة عليك إليه، بل يحبك، ويفرح بحبك له ليضفي جمالية على كل علاقة لك بالحياة لأن كل علاقة لك بالحياة هي بذات الوقت علاقة به، فتذوق جمالية العبادة، جمالية التضرع في آخر الليل بين يدي ربك المفتوحتين لضمك، كان بعض الصحابة يتطيب شكلا ومضمونا لدى الصلاة، ولدى دخوله المسجد فيفوح من مظهره الطيب، ويفوح من حديثه ومن صوته الطيب، يفوح الطيب حتى من نبضات قلبه فترى وجهه نوراً بطيب حب الله، وبحالة الصفاء التي بينه وبين الله، وبينه وبين ذاته.

الله طيب ويحب أن يكون الإنسان طيباً، وهو جميل ويحب أن يكون الإنسان جميلا، وحالة العبادة تحقق ذروة الجمالية في الإنسان لدى الله، العبادة التي تكون مبنية على الحب واليقين، فخلوف فم الصائم هي عند الله أطيب من رائحة المسك لأنه يكون قد جاع عبادة لله.
ليس الجوع لعدم وجود طعام، بل هو الجوع والطعام بين يديه، رغم أنهما يتساويان في حالة الجوع القصوى، والجوع ذاته هو الذي يترك ذاك الخلوف لكنه تمييز إلهي بين الجوعين، الجوع الطوعي، والجوع المفروض.
يتمتع الجائع الصائم بجوعه وينشرح صدره لهذا الجوع لأنه في حالة اختبار طاقة الصبر لديه، وفي حالة امتحان الله له، ولذلك يتوق دوما إلى شهر الصوم ألا يفطر يوما فيه.
وفي ذروة جوعه تراه يمد يديه إلى القرآن فيقرأ ويخشع حباً وطاعة لله، حتى إن حجم الحب الكبير يدفع الدموع لتهطل من عينه، وهي الدموع الرقيقة التي تفجرها حالة الحب الإلهي الكبرى، إنه يبكي بين يدي ربه ويسترجع كل ذاك التاريخ من حميمية العلاقة، وكل فرص المغفرة التي وهبها له ربه، يتذكر صبر الله عليه وستر الله له وعناية الله به.
إنه لا يبكي هنا ضيقا أو كربا، بل يبكي طربا وكل دمعة تنقي أعماقه وتطهر كل ذرة فيه، إنها تغسل مساحة الروح مرة واحد كل سنة في ذاك الشهر الأكثر نورانية فيشعر هذا الكائن بأنه يحلق على جناحي فراشة من فراشات الجنة في حديقة الله، إنه ينشرح بذرف دموع العبادة تلك، فهي ذاتها تكون عبادة فكل دمعة تحمل صلاة وصياما وحجا وزكاة ترتفع إلى الله.
علاقة ربك بك هي علاقة المحبة والعفو والتسامح والاحصان أكثر منها علاقة الحساب والعقاب، في روح هذه العلاقة الكبرى تأتي الحسنة لا لتسجل لك حسنة فحسب، بل تمحو سيئة وهي تسجل لك.
وهنا تكون قوة الإنسان من قوة محبته لربه وانه لايكون قويا بدون قوة الله، البعيد عن قوة وسند الله لا يخاف الآخرين فحسب، بل يخاف حتى ظلمات ووسوسة نفسه، الايمان يمد الكائن البشري بحالة الاستقرار والسكينة حتى يبلغ مرحلة متطورة من التعرف على عدل الله، فينظر إلى عدالة ربه تجري في كل حدث يراه أو يعيشه أو يسمع به إن الإيمان بعدل الله وانه حق يطور في عمقك ثقافة فقه الحياة برمتها. تبقى حاجتك العليا الى ربك الذي لا احد لك غيره، ولا معين لك غيره.

هنا سيكون بإمكانك ان تسلك نهج ربك مطمئنا ومتغلبا على الإشكالات التي تعيق دربك في نهج الله، لأن وجود الله في أعماقك يقدم لك الحماية والأمن لكل حالة فزعة مباغتة يمكن ان تداهمك.

فالأمن كل الأمن بيد الله وهو محيط بكل شيء ولا يخفق قلب إلا بإذن الله الذي يكون في أعماقك، والذي هو أقرب إليك منك. لن يكون بوسعك ان ترتقي الى القرب من ربك إلا بمد خطوات ثابتة الى سلم الحسنات، أن تحسن الى كل شيء تراه، لا يكفي أنك تصلي، ولكن عليك أن ترتقي بصلاتك الى سلوك الإنسان الذي خاف الله وراقبه، يزيد الإيمان عن سبعين شعبة، أعلاها شهادة لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، عليك ألا تتردد في القيام بفعل حسن أقدرك الله عليه

اللهم ارزقنا عبرة رقراقة ترحمنا بها، ولا تحرمنا دمعةَ صادقة تسقط من خشيتك، فتسيل بمنِّك ميازيب المآقي على سطوح الوجنات، فتحيا بها قلوبنا، وتزكو نفوسنا، وتنشرح صدرونا، برحتمك يا أرحم الراحمين
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها
نسأل الله تعالى أن يجعل قلوبا وجلة ، وأعيننا دامعة من خشيته
22
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

*هبة
*هبة
ـ أم ريـــــم ـ
بـــــــــــارك اللـــــــــــــــه فيــــــــــك عزيـــــزتــــي
وفــــــي طــــــرحـــك الهـــــــــــادف القــــــــــــــــيم
تنبيـــــــــــــه وتـــــــــــــــذكـــــــــــ ير مهـــــــــــــــــــم
جعـــــــــــــله الله في مــــــــــوازيـــن حســـــناتــــــك
ووفـــقـــــــك لـــــــــما يحـــــــــــبه ويـــــرضــــــــــــاه

أختــــــكـــــم " أم ريـــــــــــــــــــــــــم"
**فتاة خير أمة**
وفيكم بارك اخواتي الفاضلات جزانا الله واياكم نعيم الأخرة
بنت سدير الشمرية
آميييين
جزاك الله خيرا
الكرةالارضية
الكرةالارضية
اللهم ارزقنا عبرة رقراقة ترحمنا بها، ولا تحرمنا دمعةَ صادقة تسقط من خشيتك، فتسيل بمنِّك ميازيب المآقي على سطوح الوجنات، فتحيا بها قلوبنا، وتزكو نفوسنا، وتنشرح صدرونا، برحتمك يا أرحم الراحمين
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها
نسأل الله تعالى أن يجعل قلوبا وجلة ، وأعيننا دامعة من خشيته