هل يمكن لامرأة أن تتخلى عن أمومتها مقابل المال، وهل يعوض ذاك المال بعدها عن فلذة كبدها، إذا افترضنا جدلاً أن تخليها عن زوجها لأسباب شخصية؟ منذ عام طلبت زوجة في السعودية الطلاق من زوجها متخلية عن ابنها ذي السنوات الأربع، بعد أن قررت الارتباط بثري سعودي مقابل نصف مليون ريال، لتختصر سنوات الغربة، «سيدتي»، التقت بصديق الزوج الذي أوكله بالحديث عنه فأخبرها القصة!
الرياض: عتاب نور ـ تصوير: عمرو فارس
بعد خطوبة استمرت لأربع سنوات وبظروف مادية صعبة، تزوج منير من ابنة عمه نادية، لكن راتبه الذي يتقاضاه من التدريس، لم يلب مطالبها، خصوصاً أنه يعول والدته وأخواته الثلاث بعد وفاة والده. وبعد سنة أنجبت ابنه أحمد وازدادت أعباؤه ومطالبها، ففكر بالبحث عن عمل آخر لزيادة دخله، وجده في عقد عمل في السعودية وسافر.
تحسنت أحواله بعد عام وعاد لزيارة أسرته، فألحت عليه زوجته لاستقدامها وابنها معه إلى السعودية، ثم أقنعته بضرورة بحثها عن عمل لتساعده مادياً وتملأ فراغها، فحصلت على عمل في أحد المراكز النسائية، وتمكنت من إقامة علاقات صداقة قوية مع زميلاتها اللاتي كانت تأمل كثيراً أن تنعم بما هن فيه، ورغم تحسن الوضع المعيشي للأسرة إلا أنها استمرت في التذمر معيّرة زوجها بأنها أضاعت الكثير من فرص الزواج الثمينة لأجله، وراحت تلح عليه لتنفيذ طلباتها، لدرجة لم يعد فيها قادراً على إعالة أسرته كالسابق.
الصفقة
كاد منير يفقد صوابه، بعد عامين من إقامتهما في السعودية، إذ فاجأته نادية برغبتها بالطلاق منه لتتزوج من ثري سعودي، لفترة من الزمن مقابل مبلغ مادي وصل إلى نصف مليون ريال، بعد أن تلقت هذا العرض من شقيقة العريس السعودي المالك للمركز النسائي الذي تعمل فيه، وتحت إصرارها للحصول على مبلغ الصفقة والعودة إلى بلدها، وافق الزوج وطلقها وهو مسلوب الإرادة، كما ادعى، وحضر والد الزوجة لإتمام عقد الزواج، الذي فضل العريس أن يظل سرياً بينما لم تتقبل والدة الزوجة الفكرة وتبرأت من ابنتها نادية.
مع مرور الوقت ورغم أن الزوج تخلص من نكد زوجته، إلا أنه أصيب بحالة نفسية بعدما أصبحت زوجته مع رجل آخر، ومال للعزلة فأقنعه أصدقاؤه بالزواج من فتاة أخرى لترعى طفله؛ ولكنه طلقها بعد أسابيع قليلة. ويبدو أن الطفل كان هو الضحية الحقيقية في هذا الموقف الغريب.
أثناء حديث «سيدتي» مع صديق الزوج، التفتنا أكثر من مرة إلى الأخير الذي كانت له بعض المداخلات التي تنحصر بأنه لا يستطيع العيش بدونها.
الرأي الاجتماعي: الزوج ملوم!
ترى الاختصاصية الاجتماعية ندى الأحمدي أن اندفاع الزوجة إلى المتاجرة بالمشاعر، خصوصاً مشاعر الأمومة يخالف الشرائع السماوية، وتقول: «لا أريد أن أستبق الأحداث؛ ولكنني أستبعد أن تعود العلاقة بينها وبين زوجها الأول إلى سابق عهدها في حال عودتها إليه، وأنا لا ألقي باللوم عليها بمفردها ولكن على الزوج الذي اندفع وراء أهوائها».
في حين تأسف الباحثة الاجتماعية د. أمال الفريح لعدم توفر إحصائية دقيقة أو دراسة محلياً أو خليجياً لمثل هذا الزواج، لأن معظم المقبلين عليه لا يصرحون عن نيتهم، ولم يتم تناول الموضوع سوى عن طريق بعض الفتاوى الشرعية التي حرمته بالنصوص والأدلة.
الرأي القانوني
«الزواج بنية الطلاق لا يجوز لا شرعاً ولا نظاماً، لأن الأصل فيه الاستمرارية وينعقد ذلك بالقلب واللسان» هذا ما قاله المستشار القانوني علي العقلاء مستأنفاً: «يصعب إثبات نية الزوج بالطلاق، ويتخذ هذا النوع من الطلاق مسميات مختلفة منها:
< زواج المصياف أو زواج رجال الأعمال، ويكون لفترة محددة كفترة الصيف، بهدف عقد صفقات عمل.
< زواج المحلل والهدف منه عودة الزوجة لزوجها بعد وقوع الطلقات الثلاث، وهو محرم شرعاً لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله المحلل والمحلل له».
< زواج الغربة بهدف الدراسة ثم تطلق الزوجة.
< زواج المسيار الذي يندرج تحت هذا النوع في أغلب الأحيان.
الزوجة
حاولت «سيدتي» الاتصال بالزوجة بعدما حصلنا على رقم هاتفها من الزوج الذي أكد انقطاع الأخبار عنها منذ زواجها، فباءت محاولتنا بالفشل لأن الزوج الجديد منعها من الخروج، حتى أنه لا يسمح لها باستخدام الهاتف للاطمئنان على وحيدها الصغير، وعلمنا أنها تعاني من الوحدة، فزوجها لا يزورها سوى في نهاية الأسبوع حسب الاتفاق الذي تم بينهما في العقد.
قصة ما زالت نهايتها مجهولة، فهل سيفي الزوج الثاني ببنود الصفقة وتعود الزوجة ومعها المبلغ إلى زوجها الأول الذي ما زال منتظراً عودة زوجته إليه؟
الزواج بنية الطلاق خدعة!
طالب عضو مجلس الشورى الشيخ عبد المحسن العبيكان بوضع حد لانتشار «الزواج بنية الطلاق»، فالكثير من النساء يطالبن من خلال المحاكم الشرعية بأحكام رادعة ضد الأزواج الذين بادروا بتطليقهن بعد فترة وجيزة من دون سبب. مؤكداً أن من يقدم على الزواج من امرأة بنية الطلاق «فعمله ذلك محرم لأن الأمر فيه تدليس وخديعة».
لن أسامحها
تابعت «سيدتي» حفاظاً على المصداقية محاولة الإتصال بجميع الأطراف وتمكنت من الوصول إلى هاتف والدة الزوجة التي انفعلت بشدة وطلبت منا عدم ذكر اسم ابنتها على مسمعها وقالت: «بطلاقها وزواجها من آخر ارتكبت جرماً كبيراً بحق ابنها وزوجها ونفسها، عدا عن تسببها في الكثير من الخلافات مع أسرة زوجها، فلن أسامحها ما حييت، وأنا لا ألومها وحدها بل ألوم والدها وزوجها اللذين رضخا لرغبتها دون تفكير بمصير حفيدي الصغير، ولا أملك شيئاً أقوله أكثر من ذلك».
** المصدر مجلة سيدتي **
