احاسيس.

احاسيس. @ahasys_19

عضوة فعالة

سوره الفاتحه فرج ورزق عظيم ورقيه نافعه

نزهة المتفائلين

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته اخواتي احببت نقل هذا الموضوع القيم عن فضل سوره الفاتحه اسئل الله لي ولكم عظيم الاجر



خواص القرآن الكريم: (2) سور الفاتحة


د.تركي بن سعد بن فهيد الهويمل

الأحاديث والآثار الصحيحة الواردة في خواص سورة الفاتحة


عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له فنزل، ونزل رجل إلى جانبه فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أخبرك بأفضل القرآن؟ قال: فتلا عليه {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.


6 – عن أبي هريرة – رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قرأتم الحمد لله فاقرأوا بسم الله الرحمن الرحيم؛ فإنها أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني، وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها برقية، فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين، وفي رواية: فأتيته فجعلت أمسحه وأقرأ فاتحة الكتاب وأرددها، وفي رواية: سبع مرات، ويجمع بزاقه، فكأنما نُشِطَ من عقال، فانطلق يمشي وما به قَلَبةَ، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، وفي رواية: فأمر لنا بثلاثين شاة، وسقانا لبناً، وفي أخرى: فبعث إلينا بالشياه والنُّزُل، فأكلنا الطعام وأبوا أن يأكلوا الغنم حتى أتينا المدينة، وفي رواية: فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن الرقية، أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال: وما يدريك أنها رقية؟ أصبتم، اقسموا، وفي رواية: خذوا الغنم واضربوا لي معكم بسهم.



9 – عن خارجة بن الصلت التميمي عن عمه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، ثم أقبل راجعاً من عنده، وفي رواية: أقبلنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتينا على حي من العرب فقالا: أنبئنا أنكم جئتم من عند هذا الرجل، وفي رواية الحبر بخير، فهل عندكم دواء أو رقية أو شيء، فإن عندنا معتوهاً في القيود، وفي رواية: فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، قال: فقلنا: نعم. فجاءوا بالمعتوه في القيود، قال: فقرأت بفاتحة الكتاب، وفي رواية: فرقيته بفاتحة الكتاب، ثلاثة أيام غدوة وعشية أجمع بزاقي ثم أتفل، قال: فكأنما نشط من عقال، قال: فأعطوني جعلاً، وفي رواية: فأعطوني مائة شاة، فقلت: لا، حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فقال: كُلْ لعمري مَنْ أَكَلَ بِرُقْيةِ باطلٍ، لَقد أَكَلْتَ بِرقيةِ حَقٍّ، وفي رواية: خُذْها فلعمري لمنْ أَكَلَ برقيةِ باطلٍ، لقدْ أكَلْتَ برقيةِ حَقٍّ.

10 – عن السائب بن يزيد قال: عوذني رسول الله صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب تفلاً.



11 – عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بـ أم القرآن فهي خداج، غير تمام قالها ثلاثاً، فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: اقرأ بها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين. قال الله تعالى: حمدني عبدي. وإذا قال: الرحمن الرحيم. قال الله تعالى: أثنى عليّ عبدي. وإذا قال: مالك يوم الدين. قال مجَّدني عبدي. وقال مرّة: فَوَّض إليّ عبدي. فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.





12 – عن أبي بن كعب – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثل أم القرآن، وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيت، وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل.

13 – عن عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما – قال: بينا جبريل قاعد مع النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم. فنزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلَّم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته.

وفي هذا الحديث الشريف يبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم طرفاً من فضائل سورة الفاتحة، وخواتيم سورة البقرة، وبُشِّر صلى الله عليه وسلم بهذين النورين ولم يعطهما أحد قبله، وهما دعاء مستجاب؛ حيث قال له جبريل عليه السلام: لن تقرأ بحرف منهما إلا أوتيته، فأيُّ فضل وخاصية بعد هذا كله! وفي ذلك من الخير العظيم، والفضل الكبير ما لا يخفى فليتأمل!


ومن الأحاديث المرسلة في خواص سورة الفاتحة:

1 – عن عبدالملك بن عمير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاتحة الكتاب شفاء من كل داء.

2 – عن أبي سليمان زيد بن وهب قال: مر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزوهم على رجل قد صرع، فقرأ بعضهم في أذنه بأم القرآن فبرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي أم القرآن، وهي شفاء من كل داء.


الدراسة والتعليق:



وبعد هذا فلا بد من الأخذ بالأسباب التي يتحقق بها الحصول على هذه الخواص العظيمة لهذا القرآن الكريم، مع تحقيق الضوابط والآداب الشرعية التي يحصل بها غاية الانتفاع بخواص القرآن الكريم، والبعد كل البعد عن الوقوع في المحاذير الشرعية التي تمنع من الحصول على هذه الخواص القرآنية العظيمة، وتحول دونها، وذلك أثناء العمل بخواص القرآن الكريم.






وفي هذا الحديث دليل على عظم هذه السورة الفاتحة، وخاصيتها العظيمة حيث لم ينزل في الكتب السابقة مثلها، وهذا دليل على فضلها وعظم شأنها، ويصدِّق ذلك ويؤكده إقسام النبي عليه الصلاة والسلام على ذلك في قوله عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده ما أنزلت في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها... الحديث.




والقرآن الكريم كله خير وشفاء ورحمة للمؤمنين؛ ولكن سورة الفاتحة تشتمل على المعاني التي في القرآن الكريم من الثناء على الله تعالى، والتعبد بالأمر والنهي، وفيها ذكر الذات والصفات والأفعال، واشتمالها على ذكر المبدأ والمعاد والمعاش، وهذه الأوصاف والمعاني تتفاوت وتتفاضل بين سور القرآن الكريم؛ مع أن الكل مشترك في الصفة وهو كونه كلام الله تعالى؛ ولا يعني هذا الوصف النقص في كلام الله – عز وجل – فالكل كلام الله، وكل من عند ربنا سبحانه وتعالى.



فالمتأمل في هذا الحديث يظهر له مدى تأثير فاتحة الكتاب في جلب المنافع، ودفع المضار أو رفعها، وكيف أثرت في حال هذا اللديغ، بل تحقق النفع ورفع الأذى والضرر، وأبدلت حال السقم بحال العافية – بإذن الله تعالى – فهي رقية نافعة.


ولا غرو فهي كلام الله – عز وجل – الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وهو الشفاء التام، والرحمة العامة، والهدى البيّن للمؤمنين، وهذا من كرم الله ولطفه بعباده سبحانه وتعالى.



وهذا مما يؤكد الرقية بفاتحة الكتاب، وأنها نافعة بإذن الله تعالى، وأن أثر قراءة سورة الفاتحة واضح في المقروء عليه، وهذا من عظيم خواص سورة الفاتحة، فلله الحمد والمنة.
وفي الحديث حيث ذكر قصة الرجل المعتوه، وفي رواية: رجل مجنون موثق بالحديد، والقصة في هذا الحديث قريبة من قصة اللديغ الذي ورد ذكره في حديث أبي سعيد الخدري، وابن عباس – رضي الله عنهم -؛ لكن الرجل الذي في حديث خارجة بن الصلت، عن عمه – رضي الله عنهم – في رجل مصاب في عقله، يقول الحافظ ابن حجر – يرحمه الله
فالذي يظهر أنهما قصتان؛ لكن الواقع في قصة أبي سعيد أنه لديغ.

والشاهد في حديث خارجة بن الصلت، عن عمه – رضي الله عنهم – قوله: أقبلنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتينا على حي من العرب، فقالوا: إنكم جئتم من عند هذا الرجل – يعني النبي صلى الله عليه وسلم - بخير، فهل عندكم دواء, أو رقية، أو شيء، فإن عندنا معتوهاً في القيود... فجاءوا بالمعتوه في القيود فقرأت بفاتحة الكتاب، وفي رواية: فرقيته بفاتحة الكتاب، ثلاثة أيام غدوة وعشية أجمع بزاقي ثم أتفل، قال: فكأنما نُشِط من عقال... وهذا هو محل الشاهد في الحديث.

ثم ختم الحديث بقوله عليه الصلاة والسلام للرجل في الجُعل الذي أعطوه بقراءته على المعتوه: كل لعمري من أكل برقية باطل، لقد أكلت برقية حق.

كل فعل أمر، وقوله: لعمري من أكل برقية باطل، أي من الناس من يأكل برقية باطل، كذكر الكواكب والاستعانة بها وبالجن، لقد أكلت برقية حق أي: بذكر الله تعالى وكلامه.

وأثر القراءة على هذا المعتوه، والذي بلغ منه الحال أن وضع في القيود، وفي رواية: موثق بالحديد، واضح جداً، فكانت النتيجة بعد القراءة عليه بسورة الفاتحة كما في الحديث: فكأنما نُشِط من عقال.

وخاصية هذه السورة المباركة واضحة الأثر، وعظيمة النفع، كما هو الحال في هذه الأحاديث المتقدمة.





وكونه صلى الله عليه وسلم يرقي ويعوذ بفاتحة الكتاب يدل على خاصيتها ونفعها فيما يراد بها من النفع، ورفع الأذى والضرر، وكان صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين – رضي الله عنهما – وكان يجمع كفيه وينفث فيهما بالمعوذات، ورقى عدداً من الصحابة بوضع يده، وبريقه مع التراب ونحو ذلك.



فاتحة الكتاب: أم القرآن، والسبع المثاني، والشفاء التام، والدواء النافع، والرقية التامة، ومفتاح الغنى والفلاح، وحافظة القوة, ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها، وأحسن تنزيلها على دائه، وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها، والسر الذي لأجله كانت كذلك.


ولما وقع الصحابة على ذلك، رقى بها اللديغ، فبرأ لوقته، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: وما أدراك أنها رقية.

ومن ساعده التوفيق، وأعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرار هذه السورة، وما اشتملت عليه من التوحيد، ومعرفة الذات والأسماء والصفات والأفعال، وإثبات الشرع والقدر والمعاد، وتجريد توحيد الربوبية والإلهية، وكمال التوكل والتفويض إلى من له الأمر كله، وله الحمد كله، وبيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله، والافتقار إليه في طلب الهداية التي هي أصل سعادة الدارين، وعَلِمَ ارتباط معانيها بجلب مصالحهما، ودفع مفاسدهما، وأن العاقبة المطلقة التامة، والنعمة الكاملة منوطة بها، موقوفة على التحقق بها، أغنته عن كثير من الأدوية والرُّقى، واستفتح بها من الخير أبوابه، ودفع بها من الشر أسبابه.

وهذا أمر يحتاج استحداث فطرة أخرى، وعقل آخر، وإيمان آخر، وتالله لا تجد مقالة فاسدة، ولا بدعة باطلة إلا وفاتحة الكتاب متضمنة لردها وإبطالها بأقرب الطرق وأصحِّها وأوضحها، ولا تجد باباً من أبواب المعارف الإلهية، وأعمال القلوب وأدويتها من عللها وأسقامها إلا وفي فاتحة الكتاب مفتاحُه، وموضع الدلالة عليه، ولا منزلاً من منازل السائرين إلى ربِّ العالمين إلا وبدايته ونهايته فيها.

ولعمر الله إن شأنها لأعظم من ذلك، وهو فوق ذلك. وما تحقق عبد بها، واعتصم بها، وعقل عمن تكلم بها، وأنزلها شفاء تاماً، وعصمة بالغة، ونوراً مبيناً، وفهمها وفهم لوازمَها كما ينبغي ووقع في بدعة ولا شرك، ولا أصابه مرض من أمراض القلوب إلا لماماً، غير مستقر.
هذا وإنها المفتاح الأعظم لكنوز الأرض، كما أنها المفتاح لكنوز الجنة، ولكن ليس كل واحد يحسن الفتح بهذا المفتاح، ولو أن طلاب الكنوز وقفوا على سر هذه السورة, وتحققوا بمعانيها، وركّبوا لهذا المفتاح أسناناً، وأحسنوا الفتح به؛ لوصلوا إلى تناول الكنوز من غير معاون، ولا ممانع.

ولم نقل هذا مجازفة ولا استعارة؛ بل حقيقة؛ ولكن لله تعالى حكمة بالغة في إخفاء هذا السر عن نفوس أكثر العالمين، كما له حكمة بالغة في إخفاء كنوز الأرض عنهم. والكنوز المحجوبة قد استُخدم عليها أرواحٌ خبيثة شيطانية تحول بين الإنس وبينها، ولا تقهرها إلا أرواح علوية شريفة غالبة لها بحالها الإيماني، معها منه أسلحة لا تقوم لها الشياطين، وأكثر نفوس الناس ليست بهذه المثابة، فلا يقاوم تلك الأرواح ولا يقهرها، ولا ينال من سلبها شيئاً، فإن من قتل قتيلاً فله سلبه.
</B>
خاصية سورة الفاتحة، وطريقة العمل بها، وكيفية الاستفادة منها




من خلال – ما تقدم ذكره – من الأحاديث والآثار الصحيحة الواردة في خواص سورة الفاتحة، تظهر جلياً خاصية سورة الفاتحة؛ وأنها رقية نافعة – بإذن الله تعالى – فهي أعظم سورة في القرآن الكريم، وهي القرآن العظيم، والسبع المثاني، قال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} ، وهي أم القرآن، وأم الكتاب، وهي التي لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، وهي أفضل القرآن، وهي خير القرآن، فهل بعد هذه الأوصاف الكريمة وصف؟! وهل بعد هذه الخاصية الشريفة خاصية؟!

فقد جمعت هذه السورة المباركة بين العظمة، والفضل، والخير، ونحو ذلك من الخواص الكريمة ما لم يكن في غيرها من سور القرآن الكريم.

وحقيق بسورة جمعت مثل هذه الأوصاف – كما تقدم – أن ينتفع بها في كل شيء من أمور الدنيا والآخرة.

وفي حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – تظهر خاصية هذه السورة الكريمة، وأنه يستشفى بها من كل داء، وفي اللديغ والمعتوه خاصة كما ثبت في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - وخارجة بن الصلت عن عمه – كما سيأتي إن شاءالله - .

فهذا سيد الحي لدغ، فسعوا له بكل شيء – من طلب للدواء – لا ينفعه شيء، حتى جاءوا إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية: فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم، وفي رواية أخرى: هل فيكم من يرقي من العقرب؟ فعمد هذا الصحابي الجليل إلى سورة الفاتحة، فجعل يتفل ويقرأ: {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} سورة الفاتحة، وفي رواية: فأتيته فجعلت أمسحه وأقرأ فاتحة الكتاب وأرددها، وفي رواية أخرى: سبع مرات ويجمع بزاقه، فكانت النتيجة المباركة كما دلَّ عليها الحديث الشريف، فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به من قلبة.

ثم ختم النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بقوله: وما يدريك أنها رقية؟، أصبتم، خذوا الغنم واضربوا لي معكم بسهم، فبين لهم صلى الله عليه وسلم أنها رقية، وأقرهم على فعلهم المذكور في الحديث.

فليتأمل ظهور خاصية سورة الفاتحة في هذا الحديث، وكيف عمل بها هذا الراقي، فتحقق بذلك الاستفادة منها في شفاء هذا اللديغ – بإذن الله تعالى – وبركة هذه السورة المباركة، فهي الرقية النافعة، والشفاء التام بإذن الله تعالى من كل داء، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهذا العمل.

وهذا النفع متحقق في سورة الفاتحة، ويدل عليه ما جاء في بعض الروايات لهذا الحديث: فلما رجع – يعني الراقي – قلنا له: أكنت تحسن الرقية، أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب – يعني سورة الفاتحة، ونحو هذه القصة والرواية، وظهور خاصية سورة الفاتحة، وطريقة العمل بها، وكيفية الاستفادة منها، ما جاء في حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – ما يغني عن إعادته هنا – والله تعالى أعلم -.

وفي حديث خارجة بن الصلت، عن عمه – رضي الله عنهما – تظهر لنا خاصية سورة الفاتحة، في حالة أخرى، وهي في الرجل المعتوه – الذي قد أصيب في عقله – كما في رواية الحديث: أقبلنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتينا على حي من أحياء العرب، فقالوا: أنبئنا أنكم جئتم من عند هذا الرجل بخير، فهل عندكم دواء، أو رقية، أو شيء؟ فإن عندنا معتوهاً في القيود، وفي رواية: فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد.
والشاهد في هذا الحديث: أن الرجل قد أصيب في عقله، وبلغت به الحال حتى جعلوه في القيود، وفي رواية: موثق بالحديد، وهذا يدل على حالة شديدة جعلت الحال تصل بهم إلى تلك الحالة المذكورة بهذا المعتوه، من شدة ما يجد هذا الرجل، وشدة الحال التي يمر بها، نسأل الله العافية والسلامة.

فكان الدواء الشافي، والعلاج النافع – بإذن الله تعالى – هذه السورة المباركة، كما جاء في رواية الحديث: فجاءوا بالمعتوه في القيود، قال: فقرأت بفاتحة الكتاب، وفي رواية: فرقيته بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية، أجمع بزاقي ثم أتفل، قال: فكأنما نشط من عقال.



فيظهر بهذا العمل تمام ظهور خاصية سورة الفاتحة، وكيفية العمل بها في مثل هذه الحال الشديدة، التي مرَّ بها هذا المعتوه، وطريقة الاستفادة من هذه السورة المباركة حيث قرأ عليه بفاتحة الكتاب، وفي كيفية أخرى: فرقيته بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية أجمع بزاقي ثم أتفل، فأصبحت حال هذا المعتوه بعد القراءة عليه كما تصوّر لنا رواية الحديث: فكأنما نشط من عقال وهذا من بركة القرآن الكريم.


ويقول ابن القيم – يرحمه الله – حول خواص هذه السورة – أيضاً -:


إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع، فما الظن بكلام رب العالمين، ثم بالفاتحة التي لم ينزل في القرآن ولا غيره من الكتب مثلها، لتضمنها جميع معاني الكتاب، فقد اشتملت على ذكر أسماء الله ومجامعها.

وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يُستشفى بها من كل داء، ويرقى بها اللديغ...
ويقول أيضاً: ومن المعلوم أيضاً أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجرَّبة، فما الظن بكلام رب العالمين... الذي هو الشفاء التام، والعصمة النافعة، والنور الهادي، والرحمة العامة...، ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى تأثيراً عجيباً في الشفاء.



وحول تأثير سورة الفاتحة، والرقية بها في علاج ذوات السموم والسر في النفث والتفل يقول ابن القيم – يرحمه الله – ما نصه:
وفي تأثير الرقى بالفاتحة وغيرها في علاج ذوات السموم سِر بديع، فإن ذوات السموم أثرت بكيفيات نفوسها الخبيثة، كما تقدم، وسلاحها حُماتها التي تلدغُ بها، وهي لا تلدغ حتى تغضب، فإذا غضبت، ثار فيها السم، فتقذفه بآلتها، وقد جعل الله سبحانه لكل داء دواء، ولكل شيء ضِدّاً، ونفس الراقي تفعلُ في نفس الراقي، فيقعُ بين نفسيهما فعل وانفعال، كما يقع بين الداء والدواء، فتقوى نفس المرقي وقوته بالرقية على ذلك الداء، فيدفعه بإذن الله، ومدار تأثير الأدوية والأدواء على الفعل والانفعال، وهو كما يقع بين الداء والدواء الطبيعيين، يقع بين الداء والدواء الروحانيين، والروحاني، والطبيعي، وفي النفث والتفل استعانة بتلك الرطوبة والهواء، والنَّفَس المباشر للرقية، والذكر والدعاء، فإن الرقية تخرُج من قلب الراقي وفمه، فإذا صاحبها شيءٌ من أجزاء باطنه من الريق والهواء والنَّفَس، كانت أتم تأثيراً، وأقوى فعلاً ونفوذاً، ويحصل بالازدواج بينهما كيفية مؤثرة شبيهة بالكيفية الحادثة عند تركيب الأدوية.
وبالجملة: فنَفَس الراقي تُقابل تلك النفوس الخبيثة، وتزيد بكيفية نَفَسه، وتستعين بالرقية وبالنفث على إزالة ذلك الأثر، وكلما كانت كيفية نَفَس الراقي أقوى، كانت الرقية أتم، واستعانته بنفثه كاستعانة تلك النفوس الرديئة بلسعها.

وفي النفث سر آخر، فإنه مما تستعين به الأرواح الطيبة والخبيثة، ولهذا تفعله السحرة كما يفعله أهل الإيمان، قال تعالى: {وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} وذلك لأن النفس تتكيف بكيفية الغضب والمحاربة، وتُرسل أنفاسها سهاماً لها، وتمدها بالنفث والتفل الذي معه شيء من الريق مصاحب لكيفية مؤثرة، والسواحر تستعين بالنفث استعانة بينة، وإن لم تتصل بجسم المسحور، بل تنفث على العقدة وتعقدها، وتتكلم بالسحر، فيعمل ذلك في المسحور بتوسط الأرواح السفلية الخبيثة، فتقابلها الروح الزكية الطيبة بكيفية الدفع والتكلم بالرقية، وتستعين بالنفث، فأيهما قوي كان الحكم له، ومقابلة الأرواح بعضها لبعض، ومحاربتها وآلتها من جنس مقابلة الأجسام، ومحاربتها وآلتها سواء، بل الأصل في المحاربة والتقابل للأرواح والأجسام آلتها وجندها، ولكن من غلب عليه الحس لا يشعر بتأثيرات الأرواح وأفعالها وانفعالاتها لاستيلاء سلطان الحس عليه، وبُعده من عالم الأرواح، وأحكامها، وأفعالها.

والمقصود: أن الروح إذا كانت قوية وتكيَّفت بمعاني الفاتحة، واستعانت بالنفث والتفل، قابلت ذلك الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة، فأزالته والله أعلم.

وقد قيل: إن موضع الرقية منها – يعني سورة الفاتحة -: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ولا ريب أن هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء، فإن فيهما من عموم التفويض والتوكل، والالتجاء والاستعانة، والافتقار والطلب، والجمع بين أعلى الغايات، وهي عبادة الرب وحده، وأشرف الوسائل وهي الاستعانة به على عبادته ما ليس في غيرها، ولقد مرّ بي وقت بمكة سقِمتُ فيه، وفقدت الطبيب والدواء، فكنت أتعالج بها، آخذ شربة من ماء زمزم، وأقرؤها عليها مراراً، ثم أشربه، فوجدت بذلك البرد التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع، فأنتفع به غاية الانتفاع.


منقول


13
70K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ـ أم ريـــــم ـ
جزاك الله خيرا وجعله في موازين حسناتك وغفر لك ولوالديك
الاناقه فن
الاناقه فن
الاناقه فن
الاناقه فن
رفع
مطلقة متفائلة
جزاك الله خيرا وجعله في موازين حسناتك
المحبه لله ولكتابه
جزاك الله خير