بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
قال الزهري رحمه الله: " عجبا للمسلمين ! تركوا الاعتكاف، مع أن النبي ، ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل ".
و الاعتكاف هو الانقطاع الى الله كما قال تبارك و تعالى: ﴿وتبتل إليه تبتيلا﴾, و لزوم المسجد لطاعة الله تعالى وعبادته و الانس به, و قطع العلائق عن الخلائق. و اخلاء القلب من كل ما يشغل عن ذكر الله عز و جل , و جمع الخاطر و صفاء القلب.
افضل الاعتكاف العشر الاواخر من شهر رمضان تأسيا بفعل النبي صلى الله عليه و سلم و تقربا الى الله و طلبا لثوابه و مرضاته عز و جل. عن عائشة رضي الله عنها: ( كان رسول الله يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله ، ثم اعتكف أزواجه من بعده ) . و يفضل الاعتكاف في المسجد الحرام و الصلاة فيه بمائة الف صلاة, او المسجد النبوي و الصلاة فيه بالف صلاة , او المسجد الاقصى و الصلاة فيه بمائتين و خمسين صلاة.
لا ينسى المعتكف بالنية لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ( سمعت رسول الله يقول: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " ). عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجتهد في العشر الاواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها" (مسلم). و قالت ان النبي صلى الله عليه و سلم اذا دخل العشر: شد مئزره و احيا ليله, و ايقظ اهله " (البخاري و مسلم).
يسن للمعتكف الاشتغال و الاجتهاد بانواع العبادة تبارك وتعالى: ﴿ وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ الذاريات(56). كتلاوة القران, و الذكر و الدعاء, و التسبيح و التهليل, و الاستغفار, و صلاة النوافل و الفرائض, و التهجد, ولا بأس أن يشتغل بالعلم درساً وتدريساً، لما لها من تضاعف في الاجر و العمل الصالح. و بهذا يضع موضع التنفيذ قول الحق تبارك و تعالى: "قل ان صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين. لا شريك له و بذلك امرت و انا اول المسلمين" (الانعام 163).
الاعتكاف نوعان:
الاعتكاف منذور وهو ما قام بنذره لله تعالى و هو يبطل اذا لم يكمل. كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر سأل النبي قال: (كنت نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام. قال: " أوف بنذرك" ).
و الاعتكاف الغير منذورهو جواز للمعتكف ان يخرج من المسجد لقضاء حاجة لحديث عائشة رضي الله عنها حين قالت: " وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا.. " , و وضوء, و صلاة جمعة, و اكل, و شرب, و نحو ذلك كزيارة مريض, او اتباع جنازة من له حق عليه. ففي الحديث عن عائشة أنها قالت: " كان النبي يمر بالمريض وهو معتكف، فيمر كما هو ولا يُعرج يسأل عنه ".
كما يجوز للمراة ان تزور زوجها في معتكفه, و تتحدث معه ساعة و نحوها, و كذا اهله و اصحابه. وذلك كما جاء في الحديث عن علي بن الحسين: " أن صفية رضي الله عنها أتت النبي وهو معتكف..."، و النهي عن مباشرة النساء لقوله تعالى: { ولا تباشروهن وأنت عاكفون في المساجد }( سورة البقرة /187).
لا ننسى أن الذي يمكث في المسجد ينتظر الصلاة له أجر صلاة، وأن الملائكة تستغفر له، ففي الحديث الذي أورده أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: " إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، لا يزال أحدكم في مصلاه ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة " .
لمن اراد ان يعتكف يوما و ليلة او اكثر دخل معتكفه قبل غروب شمس ليلة احدى و عشرين. كما ثبت في الصحيح من أنه صلى الفجر ثم دخل معتكفه .
وأما النساء من الأفضل أن تعتكف المرأة في موضع الصلاة من بيتها و يصح اعتكاف المرأة في المسجد اذا اذن لها وليها, و امنت الفتنة, و كانت طاهرة من الحيض او النفاس, و يجب ان تعتزل الرجال فتكون في خباء خاص بالنساء. لحديث عائشة رضي الله عنها وفيه : ( إذنه لها ولحفصة رضي الله عنهما أن يعتكفا معه ) .
و لا ننسى انه يسن الاعتكاف العشر الاواخر تحريا لليلة القدر التي هي خير من الف شهر, فيها يكثر نزول الملائكة الى الارض, و يكثر فيها نزول الرحمات, والعمل فيها من صيام و قيام خير من عمل الف شهر. و عن عائشة رضي الله عنها : (قال رسول الله عنها التمسوها في العشر الأواخر من رمضان" . فمن حرم خيرها فقد حرم الخير كله. فاجعل طلب الغفران و العفو في تلك الليلة في مقدمة دعائك .. و اسأل الله تعالى المعافاة في الدنيا و الاخرة.
وللاعتكاف فوائد عدة أخرى نذكر منها الاطمئنان النفسي وقراءة القرآن وختمه والتوبة النصوح و قيام الليل والتعود عليه وعمارة الوقت وتزكية النفس وصلاح القلب وجمعه على الله -عز وجل.
نسأل الله أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ، والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد.
لا بأس @la_bas
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
** رضاك ياربي **
•
جزاك الله كل خير اختي الغالية000 على هذه الموعظة وجعلها سبحانه في ميزان حسناتك0
الصفحة الأخيرة