في اعيادنا كعك وحنا وبخور

الملتقى العام

في أعيادنا: كعك وحناء وبخور
العيد في الممارسة الاحتفالية لغالبية الناس له رموزه و تعبيراته الحسية، فبعد صلاة العيد التي تجمع المسلمين تتفرق شعوب الأمة في دروب يومها لتأكل في العيد وجباتها الشعبية وحلواها التقليدية.
وفي بلاد العرب ..الكعك في العيد، والحناء على اليد، والبخور في المنزل والسوق من أبرز مظاهر العيد..و فيما يلي نبذة عن هذه المظاهر:
كــعــك الــعـيـد
من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك في مصر، والفراعنة هم أول من عرفوا الكعك؛ حيث كان الخبَّازون في البلاط الفرعوني يحسنون صنعه بأشكال مختلفة مثل: اللولبي والمخروطي والمستطيل والمستدير، وكانوا يصنعونه بالعسل الأبيض ووصلت أشكاله إلى 100 شكل نُقشت بأشكال متعددة على مقبرة الوزير "خميرع" في الأسرة الثامنة عشرة بطيبة وكان يُسمى بالقرص. وكانوا يرسمون على الكعك صورة الشمس، وعندما زار هيرودوت مصر في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد تعجب لأن المصريين يمزجون عجين الكعك والخبز بأرجلهم في حين يمزجون الطين بأيديهم!!
وفى التاريخ الإسلامي يرجع تاريخ كعك عيد الفطر إلى الطولونيين حيث كانوا يصنعونه في قوالب خاصة مكتوب عليها "كل واشكر"، ثم أخذ مكانة متميزة في عصر الإخشيديين، وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر.
وقد اهتم الوزير "أبو بمر المادرالي" بصناعة الكعك وحشوه بالدنانير الذهبية، وأطلق عليه اسم "افطن له" وتم تحريف الاسم إلى "انطونلة" وتعد كعكة "أنطونلة" أشهر كعكة ظهرت في عهد الدولة الإخشيدية، وكانت تقدم في دار الفقراء على مائدة (200 متر وعرضها 7 أمتار).
وفى عام 1124 ميلادية خصص الخليفة الفاطمي مبلغ 20 ألف دينار لعمل كعك عيد الفطر؛ فكانت المصانع تتفرغ لصنعه منذ منتصف شهر رجب، وكان الخليفة يتولى توزيعه بنفسه. وكانت مائدة الخليفة العزيز الفاطمي يبلغ طولها 1350 مترًا وتحمل60 صنفًا من الكعك والغريبة، كما أنشأت في عهده أول دار لصناعة الكعك سُميت "دار الفطرة" وكان حجم الكعكة الواحدة في حجم رغيف الخبز، كما تم تخصيص 16 ألف دينار لإعداد ملابس لأفراد الشعب بالمجان، ولذلك أطلق على عيد الفطر "عيد الحُلل".
من الطريف أن الوقفيات في القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين كان لها اهتمام كبير بالكعك؛ فيذكر أن وقفية الأميرة "تتر الحجازية" تأمر بتوزيع الكعك بأنواعه المختلفة على المدرسين والموظفين الذين يعملون في مدرستها.
*وفى متحف الفن الإسلامي بالقاهرة توجد قوالب الكعك عليها عبارات "كل هنيئًا واشكر" و"كل واشكر مولاك" وعبارات أخرى لها نفس المعنى.
الــحـناء: تقاليد الأمس.. موضة اليوم
الحِنَّة..أداة من أدوات الزينة التي ارتبطت بالمرأة منذ قديم الأزل، ولكن سحر هذه النقوش والزخارف لم ينطفئ مع مرور الزمن؛ بل إن الولع بها امتد حتى يوما هذا حتى صارت موضة العصر، ليس فقط بين نساء الشرق، حيث موطن هذا التقليد، ولكن أيضا بين نساء الغرب، ولعل السر يكمن في تصميماتها المعقدة التي يستغرق رسمها ساعات، ولونها الأحمر القاني الذي يتوهج ، ورائحتها العطرة التي تفوح برائحة الطبيعة.
والحقيقة أن ظهور تقليد قديم مثل الحناء فجأة ليصبح اتجاهًا رائجًا في كل أنحاء العالم يؤكد غرابة الموضة. فاليوم يتزايد الطلب على الحناء وأدوات رسمها في كل أرجاء المعمورة، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا والدول الأوروبية، بل إن الأمر الطريف أن هناك الآن موقعًا على شبكة الإنترنت لمناقشة الأمور المتعلقة بالحناء، حيث في مقدرة المهتمين بالحِنَّة أن يتلقوا إجابات على أسئلتهم، ويتبادلوا القصص والحكايات حول هذا الفن.
وقد أصبحت الحناء بتصميماتها الجميلة على مختلف أجزاء الجسد، أسلوبًا للتعبير عن الذات غير أن الأمر يختلف تمام الاختلاف بالنسبة للمرأة الشرقية. فإذا ما أخبرها أحد بأن الحناء هي موضة العصر، ستنظر إليه بلا شك بكل استغراب. ذلك أن الحناء وفنون رسمها قد ظلت جزءاً من ثقافة آسيا و شرق أفريقيا على امتداد العصور، والحِنَّة بالنسبة لهذه الثقافات ليست مجرد رسومات ونقوش جميلة، لكنها تقليد يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالعادات والطقوس.
وتؤكد المراجع التاريخية أن المصريين القدماء هم أول من استخدموا الحناء، حيث تم العثور عليها على أيدي المومياوات المصرية التي يعود تاريخها إلى عام 5000 قبل الميلاد إذ كان يسود الاعتقاد بأن وضع الحِنَّة على الأيدي والأقدام يحفظها من الشر.
أما في الهند، فقد كانت بداية استخدام الحِنَّة في المناطق الشمالية خلال القرن الثاني عشر الميلادي، عندما أدخلها المغول إلى الهند. غير أنها أصبحت أكثر انتشارًا عندما بدأت النساء تعتمد في رسوم الحِنَّة على نقوش من التراث، بما في ذلك الحكايات الشعبية والميثولوجيا. وباعتبارها رمزًا للرفاء وحسن الطالع، لا تزال الحناء تلعب دورًا رئيسيًا في المجتمع الشرقي الحديث، وخاصة أثناء المناسبات المهمة مثل احتفالات الزفاف. وحتى اليوم لا تزال تقاليد الزواج في كثير من البلدان يوم كامل للحناء تتزين فيه العروس وأفراد أسرتها وأصدقاؤها بأجمل رسومات الحِنَّة، ولعل هذا التقليد يعكس إلى أي مدى حافظ المجتمع التقليدي على تراثه وتقاليده العريقة التي توارثها جيلاً عن جيل.
ورغم أن هذا الفن يستخدم اليوم في الأساس بغرض التزين والتجميل، فإن استخدام الحناء يعكس ثقافة متميزة والصلة الخاصة التي تنشأ بين النساء في مثل هذه المناسبات. ومن النقوش الفنية يمكن الوقوف على المشاعر والسمات المختلفة لحياتهن، بل أن التصميمات نفسها تعكس العديد من الجوانب الدقيقة لثقافة المرأة.
ولا شك أن الولع بالحناء في الغرب سوف يخبو في الوقت الملائم شأن أي موضة جديدة غير أن الأمر يختلف بالنسبة للشرق، حيث سيبقى فن الحِنَّة جزءاً من التراث الثقافي الذي عاش وتواصل على امتداد القرون.
المبخرة .. لها تاريخ
عرف المصريون القدماء المبخرة واستخدموها في طقوسهم الدينية، وفي احتفالات تتويج الملوك.. واستخدمها المسيحيون في كنائسهم أيضًا.. كما استخدمتها المدينة المنورة؛ حيث كان "نعيم بن عبد الله" مولى عمر بن الخطاب يقوم بتبخير مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم..
والمبخرة عرفت أيام مجد وعز وبالذات في العصر الفاطمي.. فقد اهتم الفاطميون بتبخير المساجد خاصة يوم الجمعة الذي يلقى فيه الخليفة الخطبة؛ حيث "يصعد قاضى القضاة المنبر وفى يده مدخنة لطيفة من خيزران يحضرها إليه صاحب بيت المال فيها حجرات، ويُجعل فيها ند مثلث لا يشم مثله إلا هناك فيبخر المنبر لجلوس الخليفة للخطابة، ويكرر ذلك ثلاث مرات"-حسب رواية المقريزى- ويقول القلقشندي: إن الخليفة الفاطمي كان يحتفل بيوم فتح الخليج بالخروج في موكب يحفه يمينًا ويسارًا بعض الخدم الذين يحملون المباخر المملوءة بالفحم المشتعل والعنبر والعود.. كما كانت للخلفاء الفاطميين خزائن ملحقة بالقصور ومخصصة لحفظ البخور وهى خزائن التوابل أو الطيب.
وفى عهد المماليك ارتفعت مكانة المبخرة والبخوري أو المبخر -الشخص الذي يقوم بمهمة التبخير، وكان يشترط فيه الخلو من العيوب الخلقية وحسن المنظر- وفى ذلك العصر سميت خزانة الطيب والتوابل باسم "الحوائج خاناه"، وخصصت لها ميزانية تحت تصرف الوزير ليصرف منها على المطبخ السلطاني وما يحتاجه من بخور وتوابل ولحم وحلوى .. واستمرت هذه المكانة في العصر العثماني أيضًا..
وقد ذكرت المبخرة في الوقفيات لتبخير المساجد والمدارس، ومن أشهر هذه الوقفيات: وقفية الحاكم بأمر الله للجامع الأزهر ليتم تبخيره أيام الجمع وطوال شهر رمضان..
واستخدمت المبخرة في مناسبات كثيرة مثل: مواكب الزواج، وموكب زفة الحمام، والاحتفال بسبوع المولود، والاحتفال بختان الأطفال، بل وفى تبخير الموتى أيضًا.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :"إذا أجمرتم الميت فجمروه ثلاثًا"، وكذلك في تبخير البيوت وأواني الطعام والأكواب وغيرها..
وإذا كانت المبخرة قد صنعت من الخيزران كما روى المقريزي، فهي قد صنعت من البرونز في العهد الفاطمي. وكانت تأخذ أشكالاً عديدة لحيوانات وطيور، وكذلك استخدم النحاس الأصفر والأحمر في صنعها، واستخدم الجص والفخار والخزف أيضًا..
ولا يخلو بلد عربي من المبخرة مع اختلافات يسيرة في الأشكال وأساليب الاستخدام وطقوسه .. لكن لا بد أن نقول للمبخرة إن أيام الملكية ولت ولا يبدو أنها ستعود ..فقد صارت في أغلب البيوت كهربية تصنع في الصين، وسبحان من له الدوام!!







منقووووووووووووووووووول
2
428

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

فواصل 2006
فواصل 2006
شكرا على الموضوع يا قمر 00
حورية 2006
حورية 2006
مشكوورة يالغلا