رسالة من خادمة.. عذراً سيدتي فما قصدت العتاب

عجباً لأمرك أيتها الدنيا.. تتقلبين بين ليلة وضحاها وتتبدل حالك بين الحين والآخر.. لا يستقر لك شأن ولا يجد العاقل فيك الأمن.. إن تأملك الناظر من بعيد بهرته أنوارك الساطعة ونجومك البراقة.. فإن اقترب منك بدت له الحقيقة كسراب يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً...

... كيف لي أن أنسى ما عصف بي من أكدارك وما ألمّ بي من مصائبك وأخطارك؟.. خلتُ أني يوماً سأعيش حرة في أحضانك.. أنعم بالراحة والأمن وأرتشف العذب الزلال من مائك.. وأستمتع بلذيذ طعامك وشرابك.. فإذا بأعاصيرك تقذف بي بعيداً كما قذفت بغيري من أبنائك.. وإذا بلقمة العيش تبدو صعبة المنال وتضطرني للغربة بعيداً عن أهلي وأبنائي .. أكدح في الليل والنهار وأتجرع مرارة الغربة والحرمان لأجد ما يسد رمقي ورمق من أعول.. وهذا ما ترينه من حالي يا سيدتي.

لك أن تتصوري يا سيدتي.. امرأة ضعيفة قد قطعت الفيافي والقفار والبلاد والبحار لكسب الرزق والبحث عن لقمة العيش.. ثم تجد نفسها بين أناس تجهل لغتهم وأحوالهم وطبائعهم وأخلاقهم.. قد اختلفت عليها البيئة وانقلب المحيط من حولها فأصبح مجهولاً بالنسبة لها بكل ما فيه.. ثم تكلف بأعمال عدة تقوم بها وربما كان معظمها جديداً عليها.. ألا ترين أنه من الظلم يا سيدتي أن تحاسب تلك المسكينة عن كل خطأ ترتكبه بعنف وتوبخ بقسوة رغم مرارة الواقع الذي تعيشه.. إني يا سيدتي رغم كل ما أعيشه، إلا أنني اتسلى بتعداد الأيام الباقية لي عندكم وأتعزى بالحديث والسمر مع بنات جنسي من الخادمات بين الفينة والأخرى في اجتماعاتكم العائلية.. فما لي أراك يا سيدتي قد تكاثرت عليّ المتنفس الوحيد بالنسبة لي.. وضيقت علي الخناق حتى حرمتني الجلوس مع غيري من الخادمات بحجة ألا أتأثر بأفكارهن.. ألست تشتاقين إلى الجلوس والسمر مع غيرك رغم أنك في وطنك وبين أهلك فكيف بحالي؟!..

أرجو أن تجد الشفقة علىَّ مكاناً في قلبك..

سيدتي العزيزة.. لقد حاولت منذ مجيئي إليك من وطني أن أكون مطيعة لك منفذة لأوامرك قدر استطاعتي.. ومن ذلك اهتمامي بأبنائك وأطفالك، ولكن ما يجرح كرامتي ويؤذي مشاعري أن أجد منهم القسوة والضرب والإيذاء اللفظي والمعنوي أمامك وتحت ناظريك دون أن تحركي ساكناً.. فكيف تريدين من قلب جرح منك ومن أبنائك أن يحن عليهم؟.. ومن جسد ذاق طعم الإيذاء منهم أن يرفق بهم؟! وأنا كغيري من البشر.. إن هذا الشيء محال.

إن الإنسان يا سيدتي له طاقة محدودة وجهد معين لا يستطيع أن يتجاوزه، فإن هو فعل، كان ذلك على حساب جسدهوعقله وروحه، ولذلك فإنه من الظلم يا سيدتي أن تكلفينى بأعمال المنزل ورعاية الأطفال في وقت واحد، وربما لا أنتهي من عملي إلا في منتصف الليل فإذا ما أرخيت جسدي بعد عناء يوم شاق.. أحضرت لي طفلك لأعتني به حتى تأخذي قسطاً من الراحة، رغم أنك لم تبذلي ربع ما بذلته من عمل، فكيف تريدينني أن أحسن معاملته وأن أقوم بعمل يوم غد كما ترغبين وهذه حالي؟!

ختاماً.. عذراً سيدتي فإني رغم كل ما قلته ما قصدت العتاب ولكنها خواطر اختلجت في نفسي وأبت إلا الظهور، وإلا فإنك أنت صاحبة الفضل عليَّ بعد الله في إعالتي وإعالة أهلي، ولن أكون بإذن الله جاحدة للفضل ولا ناكرة للجميل..

جبر الله خاطرك، وأقر عينك بأبنائك، وكفاك شر الدنيا وأحوالها.. والله يرعاك.

..............................................
م ن ق و ل
..............................................

اعجبتنى الرساله ........لان هناك من هن الله يسامحهن يعاملن الخادمات على انهم انسان آلى ويتوقعن منهن الاخلاص فى تعاملهن معهن ومع اطفالهن
اى نعم فى منهن من تاتى وهى باديه بالشر او ناويته وتنتظر الوقت المناسب بس مو كلهن كذا

والله يعينا ولا نظلمهن ويقينا شرهن