ذكـرى

ذكـرى @thkr_1

عضوة فعالة

وقفة مع نهاية عام 1421ه

الملتقى العام

بسم الله الرحمن الرحيم
وقفة مع نهاية العام الهجري1 142هـ
لقد وقفت أمام يوميتي لأنزع آخر ورقة بها ، آخر يوم من عمر العام المنصرم 1421هـ ، و على غير عادتي تثاقلت يدي هذه المرة و هي تمتد إليها ، و انتابني إحساس نبه في وجداني شعوراً ، ما كنت أعيره إهتماماً على مدى أكثر من 350 يوماً قد انتهت ، لقد أحسست بإشفاق عليها ، و قد تراءت لي كأنها تحتضر ، و ترنو إلى يدي في فزع وذل ، كأنها تطلب مني أن أمهلها لحظات تودّع فيها هذه الحياة ، فعدلت عن نزعها ، و رحت أتأمل هذه الورقة الأخيرة ، و اعترتني رهبة عندما عرفت أنني في الحقيقية بنزعها قد نزعت حزمة من أيام عمري ، لأطوي بها سجلي الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ، وبما فيها من خير وشر .

إن هذه اليومية المحتضرة تشبه عمر أي مخلوق ، وإنها تتناقص أيامها مثلما تتناقص أعمارنا يوماً بعد يوم ، وكما يتناقص بتراكمات الحقب والسنين عمرُ الزمان ، وكل المخلوقات في تناقص مطرد حتى تنتهي إلى الزوال (كل من عليها فان *ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) ، إن كل المخلوقات تنتهي أعمارها ، و تمضي حيث شاء الله لها ، و تطوى ، إلا هذا المخلوق (الإنسان) فإنه الوحيد الذي يبقى متبوعاً بعد رحيله من هذه الدنيا ، وموقوفاً للحساب والجزاء .
عدت من ذهولي ، و أخذت استحث ذاكرتي القاصرة ، علّها تسترجع بعض ما رسب وعلق بها من أحداث العام المنصرم ، قبل أن تغمرها دوائر النسيان ، و وقفت طويلاً أستعرض ذلك الشريط الطويل (العمر) ، يا سبحان الله العظيم ، إنه شريط عجيب حقاً ، فقد اكتظ اكتظاظاً ، و أفعم إفعاماً ، لقد اكتظ بالحوادث المختلفة ، و الأحداث المتابينة ، و الأعمال الحقيرة والجليلة ، عنّي و عن غيري ممن لا حصر لهم ، من الذين مرّوا أمام عدسة هذا الشريط بالصوت والصورة .
لقد انسلخ عام كامل من أعمارنا .. انسلخ بثوانيه ودقائقه وساعاته و أيامه ، فماذا قدمنا فيه من أعمال صالحة ندخرها ليوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد .
إن الجواب على هذا السؤال مخجل ومخجل جدا ، و لكن لابد من الاعتراف بالأمر الواقع ، فالواحد منا يخرج من بيته في الصباح الباكر ، ويمضي سحابة يومه في مدرسته أو جامعته أو عمله ، و يعود إلى بيته آخر النهار وقد أضناه التعب فيتناول طعام الغداء ويرتاح قليلاً ثم يمضي بقية اليوم وأول الليل في المذاكرة أو قضاء الأمور المعيشية ، ثم ينام ، ثم يعود في الصباح و هكذا و هكذا ، إنها و الله حياة ليست فيها دقائق مخصصة لقراءة القرآن و لتعلم أحكام ديننا و ليست فيها دقائق مخصصة لقيام الليل و صلاة السنن و النوافل و ليست فيها دقائق مخصصة لحضور مجالس الذكر و المحاضرات وليست فيها أيام لصيام الاثنين والخميس وليست فيها دقائق لبذل المعروف وقضاء حوائج الناس .

فلقد شغلتنا دنيانا عن طاعة ربنا ، ونحن الذين حذرنا جل و علا منها ، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون * و أنفقوا مما رزقناكم من قبل إن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق و اكن من الصالحين ، و لن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون) .
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول : (إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح و إذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك) رواه البخاري .

وقال صلى الله عليه وسلم (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه ، و عن شبابه فيم ابلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه ، و عن علمه ماذا عمل به) السلسلة الصحيحة (946) .
سوف يسألنا مالك يوم الدين يوم الحشر عن أعمارنا ، هل أفنيناها في الأعمال الصالحة والطاعات ، أم أفنيناها في اللهو والغفلة والعبث .ويسألنا سبحانه وتعالى عن أجسامنا هل أبليناها بالصيام والقيام وغض البصر وحفظ السمع واللسان ، أم أبليناها في تناول ما لذ و طاب من الطعام والشراب .و السائل جلّ وعلا يعرف خفايا أمورنا ، و لا يعجزه شي ء في الأرض و لا في السماء .
قال تعالى : (ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم) .

أن بداية العام الهجري الجديد فرصة لكل واحد منّا لكي يفتح صفحة جديدة مع الله عز و جل ، صفحة بيضاء نقية ، يعاهد الله فيها أن يسلك طريق الالتزام و الهداية ، يعاهد الله فيها أن يكون كتاب الله عز وجل جليسه ، و ذكر الله عز و جل أنيسه ، و قيام الليل و صيام النهار سبيله ، و الأخ الصالح في الله نديمه .
صفحة يعاهد الله فيها أن يترك كل معصية تبغضه ، و كل أغنية ماجنة من القرآن تحبسه ، و كل نظرة محرمة للقلب تقتله ، وكل جليس سيئ من الله يبعده .

فهذا هو الفلاح الذي يدعونا إليه المؤذن خمس مرات في كل يوم عندما يدعونا إلى الوقوف بين يدي الله عز و جل .
اللهم اجعل خير اعمالنا خواتمها وخير ايامنا يوم نلقاك اللهم اجعل عامنا هذا افضل من عامنا المنصرم ووفقنا الى كل مافيه خير وصلاح لنا اللهم اجعل عامنا هذا عام خير للأمه الإسلاميه ولجميع المسلمين ....... اللهم آمين

( موضوع منقول )
9
803

هذا الموضوع مغلق.

خزامى
خزامى
كلمات رائعه وصادقه ..
جزاك الله خير عزيزتي ذكرى على أختيارك لهذا الموضوع..
شام
شام
<FONT color="#FFC90F">موضوع جميل جدا أختي ذكرى</FONT>


<FONT color="#FF6C01">جزاك الله كل خير </FONT>
حنين الشوق
حنين الشوق
جزاكي الله خيراً أختي ذكرى .

الموضوع أكثرمن ممتاز ويحرك مشاعر القلب .
reema
reema
اللهم آميــــن..

سلمت يمينك عيوني ذكرى :)

موضوع رائع..الله لا يشغلنا الا بطاعته
LANA
LANA
اللهم اجعل عامناهذا خير من عاما المنصرم ...