فلسفة حمامة

رايت الحمام عند الحرم المكي أعجبتني الصورة .. واختلطت مشاعري .. ما بين ضحكه على الحمام.
وما بين هيبة الحرم ..والشوق إليه ... وما بين جمال المنظر
تخيلت نفسي جالس في الساحه استريح من الدنيا ..
وبجانبي مرت حمامه
وقفت
تنظر إلي
تنتظر إني أعطيها أكل


مديت لها يدي .. أعطيها حب ..
أنثره لها هنا وهناك ... لين تعودت علي ..
و قررت تقترب أكثر


*
*
*
ودي أكلمها ... ودي أسألها .. بعدين تبسمت على الخيالات إلي عايش فيها
قلت آه من التعب بصوت عالي .. إلا وردت علي


سلامتك من الآه


سبحان الله ... حمامه تتكلم ... وتعرفني


قالت إيه .. كم مرة أكلتني ... ونثرت لي الحبوب بيدك



سألتها ... وكيف تذكريني من بين ملايين البشر ؟


إحنا ماهو مثل بعضكم .. إحنا ما ننسى الجميل ..
ولا ننكر المعروف .. ونحفظ ديننا أحسن منكم


إنت احسن منا ؟؟؟


طبعا .. نسبح الله بكرة وأصيلا ..
ويكفي يوم كان نبيك صلى الله عليهوآله وسلم في الغار ..
حميناه .. وجلسنا على الغار ..
ووضعنا البيض وفديناه .. لكن أنتم ... إيش عملتوا؟؟؟
بضائع الدنمارك تملأ بيوتكم والله المستعان
وربك ... لو جتنا حبوب من الدنمارك لنتركها .. حتى لو متنا من الجوع


رحت سألتها لجل أتجنب الإحراج .. ياحمامه كيف حالك؟



بخير


كيف الدنيا معاك .. مبسوطه .. ولا متضايقه .. مرتاحه .. ولا تعبانه ؟؟؟


عجيب أمرك .. وهل هناك أحد من خلق الله ماهو قانع
بما قسم الله له و ماهو مبسوط ؟؟؟


كثير والله يا حمامه


الحمدلله الذي عافانا مما ابتلاكم


الدنيا كلها تعب .. جري وراء الرزق وجري وراء العمل والمظاهر ...
وكأننا نعيش على طول


باعلمك شئ . ولا تقول فلسفة من حمامه



هات ما عندك يا حمامه .. ولو كانت فلسفة ..
الكل صار يتفلسف اليوم .. كل واحد أصبح خبير ..
كل واحد اصبح مفتي وعالم وإداري كبير ..
وهو مفتاح اصلاح كل الأمور .. ماجات عليك
سمعيني .. علميني .. يمكن منك استفيد..؟؟!!


شفت هالساحه .. ملياااااانه حبوب ..
ما آخذ إلا كفايتي .. بس إلي يشبعني ..
ماني مثلكم
ولا فينا وحده مثلكم
كلنا جماعه وحده .. نأكل سوا ..
نطير سوا .. ما تفرقنا مثل بعض المسلمين
نجمع ... نحسد ... نحقد
طيب أجمع لمين .. لنفسي ...
طيب طالما انا شبعت .. ويش رايحه استفيد ..
ليه ما أترك الباقي لحمام الحرم ... ليه بعض المسلمين ..
ما يتركوا شئ للمسلمين
بالله عليكم .. ألسنا خيراً من بعضكم ؟؟؟


اجمعي لعيالك..!!



عيالي أعلمهم الطيران ..
أعلمهم كيف يأكلوا .. لكن ...
ما اجمع لهم أكثر من كفايتهم ..
ما أشيل الحبوب المنثوره لكل الحمام
أنا أخاف من ربي ..
ماني مثل بعض البشر ..
أخاف أتحاسب عن باقي الحمام
طيب .. يا حمامه .. اجمعي لهم و لو ...
من باب إنهم يرتاحوا من بعدك
سبحان الله في طبع البشر .. مافي احد ما يتعب
( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) .. كيف تبي لهم الراحة ..
كيف تطلب لنفسك الراحه قبل ما تحط رجلك في الجنة ؟؟؟



نفسي اسألك سؤال بس مستحي



اتفضل



ارجوك ... لا تعتبريه سخريه او معايبة على خلق الله
ما اعتقد إنك انت إلي تعايب على خلق الله ولا تسخر من أحد ..
وانت عارف إن أكرمكم عند الله أتقاكم
ما تمنيت يوم إنك تغيري هذا اللون الرمادي ..
ما تمنيت إن يكون لك الوان زاهية ..
تفتخري بيها على باقي الحمام ..
ما جريت يوم خلف المظاهر ؟؟؟



والله عيب عليك تسألني هذا السؤال .. تقدر تغير ملابسك



كيف يعني


يعني لو جيت للعمره المرة الجايه ..
تعال لابس ثوب ... ولا حتى بنطلون
ما ينفع .. ولو كنت لابس بدله أرماني ...
لازم إحرام
زين إنك جاوبت نفسك بنفسك ..
أنا مثلك .. ريشي ولوني دليل هويتي ..
فخري وإعتزازي .. وانت إحرامك دليل هويتك هنا ..
أول ما اشوفك أعرف إنك مسلم ..
إنك جيت تبغى رب البيت
أول ما أشوف المسلمة وحجابها وعبايتها ..
اعرف إنها ملتزمة وتخاف ربها وتحفظ عرض أبوها
إسلامك يبان عليك في ملابسك .. في كلامك ..
في معاملاتك .. في كل شئ .. انا ريشي ومكاني هم هويتي ..
لكن انت كل حياتك ... هي هويتك
أنا يوم القيامة ابعث بريشي و
أكلي إلي اكلته في الساحه وخايفه من الحساب ..
وانت بكل حياتك وما فيها



لا تفهميني غلط .. انا قصدي من باب التغيير والزينة



صدقني أنا أجمل مما تتخيل ..
تبغاني اتشبه بحمام ...
غير حمام الحرم !!!
إفرض إني سويت مثل بعض البشر
لبست ثوب غيري ..
تكلمت بكلام غيري .. خلعت ثوبي وثوب اهلي
افرض إني جيت بكره بريش وردي
صدقني مهما كنت حلوه .. ما حاكون مثل باقي الحمام
أكون غريبة ولو كنت بين ربعي وهلي
أطيح من عيون كل الحمام ..
ولو كنت أحلاهم في عين نفسي ...
حتى إنت ... رغم حنانك على الحمام ..
تسأل .. إيش وقف هذه الحمامه الغريبة بين حمام الحرم ..
يمكن حتى ترفض تأكلني .. تقول حمام الحرم أولى



والله كلامك صحيح ... ولو إنه من حمامه
أحس من كلامك إن بعض المسلمين يتنكروا لإسلامهم ..
ممكن يتشبهوا بالكفار .. بملابسهم .. بكلامهم .. بأفعالهم
هل عندكم هذا الكلام !!!!



علمني ... علمني أنا ما أخرج من الساحه ...
ولا أروح اسواق ... ولا اشوف قنوات


بغيت أقول إيه .. تشمت بي الحمامه .. خفت أكذب ...
خاصة إني في ساحة الحرم .. رحت سكت ...
سويت نفسي مشغول بالنظر للبيت الحرام
قلت لها لجل أخرج بعيد عن الموضوع
صراحه عجبتني هرجك ..
ايش رايك ترجعي معي لبلدتي..
ولك علي اتكفل بكل شئ .. أكلك وشربك



اعوذ بالله



ليش تتعوذي بالله مني .. شايفتني بخيل ؟؟؟



الحين .. أنا متوكله على الله في كل شئ .. تبغاني اتوكل عليك !!!
اتعب .. امرض .. أصير مثلكم



مين قال هذا الكلام .. تأكلي أجمل أكل ...
وراح أأكلك بيدي ... وأحطك في قفص من ذهب



لو رحت معاك .. بانشغل فيك ..
متى تيجي .. متى تأكلني .. متى تشربني ..
متى تخليني اشوف الشمس
هذا مكاني .. هنا اذكر الله واسبح ..
كيف أعرض عنه لجل هدف ثاني .. كيف ؟؟؟
( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا )
آسفه .. شوف لك حمامه ثانية ..
حمامه تشتهي الذهب .. تقضي عمرها تحلم وتحلم ..
لكن ... لا تنسى تقص لها ريشها .. طالما هي سجينة ..
ولو كانت في قفص من ذهب .. ولو كانت سجينة أحلامها ...
يبقى الناس يقولوا .. ما أجمل القفص .. مسكينة الحمامه ..
خلوها تطير
الحين انت من الصبح تسألني .. ودي أسألك سؤال واحد



اسألي .. ويش تبغي تعرفي .. عنواني .. ولا أحلامي



لا .. بسألك عن دمعة في عيونك



غريبة .. كنت أظنها خافية على الناس



اضحك الله سنك .. وهل أنا .. ناس .. أنا حمامه




تعبت والله يا رمادية الريش .. العمر يمضي ..
والرحلة طويلة .. والزاد قليل .. والأماني عظيمه ...
والفارس قرب يطيح .. والقبر يخوف ... والحساب شديد ..
والجنة غاليه .. والنار تقول هل من مزيد .. والرب فعال لما يريد ...
وكل ما أقول أديت إلي علي .. اكتشف إني لسه بعيييييد ..
والفتن .. كل يوم تزيد
ما بين خوفي على نفسي وخوفي على الناس ..
لابد من دمعة هنا ... ودمعة هناك .. دمعة على نفسي ..
ودمعة عليهم



قالت : اسمعني يا لابس الإحرام ...
كل يوم أشوف حمام يجي .. وحمام يروح .. وحمام يموت ..
لين صارت عندنا قناعة .. هي قناعة عند كل الحمام



قولي يا ست الحمام



شوف يا حزين القلب ..
نحن بني الحمام الرمادي .. أعزنا الله بجواره فلا نبيع جواره أبدا ..
ولو تحطني في قفص ذهب .. وأنتم بني الإسلام ..
لو ابتغيتم العزة بغير دينكم ... ليذلكم الله لكل خلقه ..
ثم لا تجدوا من دونه وليا ولا نصيرا
سلم على أمة محمد
بلغهم إن حمام الحرم مشتاق لهم
الحرم مشتاق لهم
الكعبة مشتاقة لهم
خلهم يتوجهوا لها .. ولو .. بقلوبهم وقت الصلاة
بلغهم إن ربهم غفور رحيم .. مشتاق لتوبة العصاة منهم
ما بين واسع رحمته .. وعظيم عزته .. فليستغفروا
اسألهم
أما آن للبعض منهم أن يعود ... أما آن بعد
ألم يعلموا أنه ليس لهم إلا الله
علمهم إن كل شئ في الدنيا يحن لذكر الله .. حتى الحجر
مالهم غيره في الدنيا والآخرة
علمهم إننا مثل بعض الدعاة
بعضنا عليهم ينوح
ثم اقرأ عليهم
( ألم يأن للذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله )


( ألم يأن للذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله )


( ألم يأن للذين أمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله )
اشوفك على خير .. الآن يرفعوا الآذان
ينادوا حي على الصلاة
حي الفلاح
وأحب ارفرف وقتها حول المآذن


حيث تكمن الروعة والجمال بين هذه الأسطر

التي ابهرتني وسحرتني
برقي الفكر والتعبير
وجدت نفسي
فأردت ان تشاركوني هذا الجمال
منقول
ولكم أجمل المنى