أم كنده

أم كنده @am_kndh

عضوة جديدة

الفكر العقدي الوافد ومنهجية التعامل معه

الملتقى العام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وقفة موضوعية مع البرمجة اللغوية العصبية

إن سلسلة المحاضرات والدورات التي تحذر من " الفكر العقدي الوافد " وتبين منهجية التعامل معه تتحدث عن الوافدات الفكرية عموماً وتطبيقاتها في الصحة والرياضة من منظور علمي وعقائدي واجتماعي ، والحديث فيها أصالة عن ما يسمى بـ"الطاقة" وتطبيقاتها ويتبعه حديث موجز عن دورات البرمجة اللغوية ودورات المشي على النار ، إذ العلاقة بين هذه الوافدات وثيقة ، والمظلة التي تظلها واحدة ، وإقبال الناس عليها جميعها بدوافع متشابهة والنتيجة الخطرة التي تنتظر السائرين في طريقها متقاربة.

والبرمجة اللغوية العصبية على ما بدا حتى الآن -بعد دراسة وتقص- ليست من الفكر الذي أصله عقدي كما في الماكروبيوتيك والريكي والتشي كونغ وسائر تطبيقات الطاقة إلا أنها البوابة لكل هذه الأفكار من وجه ، ومن وجه آخر فقد داخلتها -في بعض تطبيقاتها – لوثات مختلفة من أديان الشرق ، ثم إنها تقود في مستوياتها المتقدمة - ما بعد مستوى المدرب – إلى مزيج من الشعوذة والسحر فيما يسمى بالهونا والشامانية التي هي أديان الوثنية الجديدة في الغرب. وفيما يلي وقفة موضوعية مع البرمجة اللغوية العصبية تحدده ثلاثة محاور :
الأول: يتضمن وقفة مع المنهج العلمي .
والثاني : وقفة مع الآثار الاجتماعية .
أما الأخير فيشكل وقفة من منظور العقيدة الإسلامية .

وقفة مع المنهج العلمي ( Scientific Method) :

لابد من هذه الوقفة مع المنهج العلمي للنظر في تقييم الوافدات المتوشحة بلباس العلم لتكون النظرة التقويمية لها صحيحة مؤصلة. حيث يتميز المنهج العلمي بدقته وموضوعيته . ويقصد بالمنهج العلمي تلك الإجراءات التي أجمع العلماء على استخدامها عبر العصور ؛ لتكوين تشكيل أو تمثيل صحيح لما يجري من وقائع وظواهر في العالم .

وحيث إن القناعات الشخصية ، والقناعات الجماعية تؤثر على انطباعاتنا، وعلى تفسيرنا أو ترجمتنا للظواهر الطبيعية ، فإن استخدام إجراءات معيارية قياسية منهجية يهدف للتقليل من هذا التأثير عند تطوير نظرية ما .

ومن المعلوم أن مراحل المنهج العلمي في الدراسات الكونية والإنسانية والاجتماعية تبدأ بالمشاهدات والملاحظات للظواهر، ثم تصاغ على أساسها الفرضيات ، ثم إذا ثبتت بتجارب صحيحة وكانت لنتائجها مصداقية إحصائية تصبح نظرية ، وإلا رُفضت الفرضية أو عدلت ، ثم تمر النظرية أيضاً بتجارب وتختبر نتائجها لتكون حقيقة أو تقف عند حدود النظرية أو تلغى . والمنهج العلمي يؤكد على ضرورة الأخطاء الإحصائية عند ذكر النتائج واعتمادها ،وهذه يمكن توقعها أو قياسها ومن ثم تضاف للنتيجة ويتم تعديلها.كما ينبه على الأخطاء النابعة من الرغبة الشخصية ، أو تأثير النتيجة المأمولة Wishfull thinking حيث يفضل الباحث نتيجة على أخرى ، و( الزلل التراجعي) Regressive fallacy الذي يكون مجرد ربط من الباحث بين الملاحظة وشيء مقترن بها دون أن يكون بينهما علاقة سوى الاقتران . أما أسوأ الأخطاء على الإطلاق أن تكون الاختبارات عاجزة عن إثبات الفرضية ، ويدعي الباحث إثبات الفرضية بها ، ويغض الطرف عن نتائج الاختبارات التي لا تتناسب مع الفرضية التي يرغب في إثباتها .

كما أنه من الأخطاء الكبيرة عدم إجراء التجارب ( عدم وضع الفرضية تحت الاختبار ) ، وبالتالي الخروج بنظرية من المشاهدات اعتماداً على المنطق البسيط والإحساس العام ( الانطباع ) .

وليست الوقفة مع المنهج العلمي في تقويم هذه الوافدات من قبيل التكلف والتعسف كما يدعي البعض فالإسلام يدعونا إلى المنهجية العلمية بدعواته المتنوعة للتأمل والتفكر والعلم والتعقل والتذكر ، وقد وضع العلماء المسلمين أصول المنهج العلمي الصحيحة سواء فيما يتعلق بالنقل أو العقل ، إذ لم تكن الدعاوى تقبل لمجرد التدليل عليها بنصوص الوحيين أو أدلة العقل دون تحقيق وتدقيق ، فالتحقيق : إثبات المسألة بدليلها ، والتدقيق : فحص وجه الدلالة من الدليل ومدى مناسبته للمسألة (الدعوى) وكان شعارهم : إذا كنت ناقلا فالصحة ( توثيق النص ) أو مدعياً فالدليل ، وكانوا رواداً في التمييز بين الحقائق والدعاوى ، وأخذ الحق ورد الباطل مهما مزج بينهما المبطلون ولبّسوا ..

وبالنظر للبرمجة اللغوية العصبية في ضوء هذه الوقفة مع المنهج العلمي نجدها تفتقر إليه في عمومها وأغلب تفصيلاتها ، وربما لهذا لم تلق ترحيباً في الأوساط العلمية في معظم دول العالم ولاقت رواجاً حيث تكون سطحية التفكير والرغبة في الجديد والرغبة في الوصفات السريعة . وتفصيل نقدها من الناحية العلمية يمكن تلخيصه فيما يلي :

· كثير من المشاهدات التي بنيت عليها فرضيات الـ(NLP) ليس لها مصداقية إحصائية تجعلها فرضيات مقبولة علمياً .

· تعامل الفرضيات وتطبق ويدرب عليها الناس على أنها حقائق رغم أنها لا ترقى لمستوى النظرية.

· نظرياتها مقتبسة من مراقبة بعض الظواهر على المرضى النفسيين الذين يبحثون عن العلاج. ثم عممت على الأصحاء الذين يبحثون عن التميز .

· أكثر روادها من القادرين على دفع رسومها :

- الباحثين عن الحلول السريعة Quik fix

- بدلا عن العمل Hard Work



وأنا هنا أقدم تقيمين اتبعا منهجاً علمياً في نقدهم للبرمجة : الأول هو التقويم المقدم للجيش الأمريكي من الأكاديميات القومية ففي عام 1987م بعد انتشار دورات تطوير القدرات رغب الجيش الأمريكي في تحري الأمر فقام معهد بحوث الجيش الأمريكي The US Army Research Institute بتمويل أبحاث تحت مظلة "تحسين الأداء البشري" على أن تقوم بها الأكاديميات القومية National Academies US التي تتكون من كل من الأكاديميات القومية للعلوم والهندسة والطب والبحث العلمي. وتعتبر هذه الأكاديميات بمثابة مستشارة الأمة الأمريكية ، وقد تكونت من هذه الأكاديميات مفوضية العلوم الاجتماعية والسلوكية والتعليم ، ثم تم تكوين فريق علمي كان اختيار أعضائه على أساس ضمان كفاءات خاصة وضمان توازن مناسب، وعُهد لمجموعات مختلفة بمراجعة البحوث حسب الإجراءات المعتمدة لدى أكاديميات البحوث الأربع. قدم الفريق ثلاث تقارير:

الأول في عام 1988م، الثاني في عام 1991م ، الثالث في عام 1994م وقد قدم التقرير الأول تقويماً للعديد من الموضوعات والنظريات والتقنيات منها البرمجة اللغوية العصبية الذي ذكر عنها ما نصه : " أن اللجنة وجدت أنه ليس هناك شواهد علمية لدعم الادعاء بأن الـNLP استراتيجية فعالة للتأثير على الآخرين ، وليس هناك تقويم للـNLP كنموذج لأداء الخبير " .

واستمر البحث والتحري في مجال "تحسين الأداء البشري" وبعد ثلاث سنوات يشيد التقرير الثاني بنتائج التقرير الأول والقرارات التي اتخذها الجيش الأمريكي بخصوص عدد من التقنيات السلبية ومنها الـ NLP حيث أوصى بإيقاف بعضها ، وتهميش بعضها ، ومنع انتشار البعض الآخر .

وبعد ثلاث سنوات أخرى اكتفي التقرير الثالث – نصاً - في موضوع البرمجة اللغوية العصبية بما قُدم في التقريرين الأول والثاني .

والثاني : صاحبه الدكتور" روبرت كارول" أستاذ الفلسفة والتفكير الناقد بكلية ساكرمنتوا الذي قال: (

رغم أني لا أشك أن أعداداً من الناس قد استفادوا من جلسات الـ (NLP) ، إلا أن هناك العديد من الافتراضات الخاطئة أو الافتراضات التي عليها تساؤلات حول القاعدة التي بنيت عليها الـ (NLP) . فقناعاتهم عن اللاواعي والتنويم والتأثير على الناس بمخاطبة عقولهم شبه الواعية لاأساس له.كل الأدلة العلمية الموجودة عن هذه الأشياء تُظهر أن ادعاءات الـ (NLP) غير صحيحة) . فبرغم تراجع الجيش الأمريكي عنها بعد تجربتها، وعدم إيمان كثير من الشركات بها ، وعدم الاعتراف بها كعلم في الجامعات ولا كعلاج في المستشفيات يقبل عليها جماهير المفتونين من المسلمين ( راجع في ذلك مقالة منشورة في مجلة النيويورك تايمز في عددها الصادر 29 سبتمبر 1986م في مقالة بعنوان " المبادئ الروحية تجتذب سلالة جديدة من الملتزمين" ).

فهذه هي شهادة بعض أهلها فيها ، وهذه نتائج تحريات جهات من أفضل الجهات العلمية ، وفي بلد من أبرز البلاد تقدماً في منهجيات البحث والتحري . وصدق ابن القيم عندما قال معلقاً متعجباً بعد ذكره للأحاديث والآثار المحذرة من التشوف لما في كتب أهل الكتاب من أدبيات أو فوائد وأخلاقيات فقال : "فكيف لو رأى اشتغال الناس بزبد أفكارهم وزبالة أذهانهم عن القرآن والحديث " ووالله ما أشد العجب ، وما أعظم الخطب ، ولكنها سنة كونية في هذه الأمة مهما ابتغت العزة بغير دين الله أذلها الله فهاهي تقتات فتات موائد اللئام ليس في البرمجة وحسب ، بل في كل ما يتبقى ويثبت عزوف عقلاء الغرب عنه فقد اعتمدت مقررات الرياضيات الحديثة للتدريس في المدارس الابتدائية في بداية السبعينات الميلادية بعد أن ألغت الدول الاسكندنافية تدريسها في الستينات الميلادية !؟ وها نحن نفتح المدارس العالمية القائمة على التعليم المختلط في حين خطب الرئيس الأمريكي أمته محذراً من عواقب التعليم المختلط واعداً بالدعم للمدارس التي تتبنى الفصل بين الجنسين !!

ومن العجيب أنه على الرغم من عدم ثبوت فرضيات الـ NLP ، إلا أنها تعقد الدورات للتدريب عليها وكأنها حقائق ثابتة بتجارب مستفيضة ! وليس في واقع العامة فقط وإنما في واقع أساتذة الجامعات والدعاة ومن المضحك المبكي أن ينادي المفتونات من التربويات بتقريرها مقرراً في التعليم ، واعتبارها بنداً مهماً في بنود تقييم الكفاءة !! مما أعتقد أنه لم يكن يخطر لمؤلفيها أنفسهم على بال .

منقول


هل من مستمع ؟؟؟؟؟؟؟؟
هل أكمل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
1
583

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

عبدالسلام الصالح
موضوع لطيف أختي الفاضله .. واعتقد انه مخدوم في موقع ..

http://fikr1424.tripod.com/fikrhome.htm

شكر الله سعيك..