بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة إلى نمــام
أيها النمام ...
يا عدو المحبة
يا من افسد لفظه ، وأساء منطقه ، وأخل بكلامه .
يا من يخش عليه من تعريض نفسه لسخط الله ومقته في الدنيا والآخرة .
سلام الله عليك ورحمته وبركاته … وبعد :
فاتق الله سبحانه ، وأحذر من عذابه ، فإن النميمة محرمة بإجماع المسلمين لأنها نقل لكلام الناس بعضهم إلى بعض من اجل الإفساد بينهم . قال تعالى : { ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم }
وروى حذيفة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { لا يدخل الجنة قتات } . رواه البخاري ومسلم ، والقتات هو النمام . وفي رواية لمسلم : { لا يدخل الجنة نمام } . لذلك كانت النميمة ذنبا كبيرا ،وداء خطيرا ، وآفة مهلكة ، ضررها عظيم وخطرها جسيم ، فرب كلمة أطلقها صاحبها ولم يلق لها بالا هوت به على وجهه في النار . من هنا كان لزاما علي أن اوجه لك النصح فلعل الله أن ينفعنا وإياك بما نقول ونسمع ، واستعين بالله قائلا ....
يا من لم يسلم المسلمون من لسانه الجارح وقوله الفاضح ، إن النميمة من اخطر آفات اللسان وعثراته التي قد تؤدي به إلى الهلاك .
يا من يخوض في أعراض المسلمين ، اعلم انك قد تساهلت في أمر اللسان ، وغفلت عن خطره ، فعظم جرمه وبان زله بأن هتكت الأعراض ، وأفشيت الأسرار ، فأفسدت العلاقة بين أبناء المجتمع ، ونشرت بينهم العداوة والبغضاء بسبب النميمة . وتذكر هدانا الله وإياك قول ابن عباس رضي الله عنهما عندما اخذ بلسانه وهو يقول : ( ويحك ،قل خيرا تغنم ،أو اسكت عن سوء تسلم ،وإلا فاعلم انك ستندم ) . وما ذلك إلا لان اللسان سبع ضار ، وعدو مهلك متى أطلق له العنان . قال الناظم : أحذر لسانك أيها الإنسان لا يلدغنك إنه ثعبان
يا من دفعه حقده إلى السعي في إفساد القلوب ، وزرع البغضاء بين الناس ، لقد حكمت على نفسك بأنك من شرار عباد الله ، حينما امتهنت النميمة واشتغلت بها ، فعن عبد الرحمن بن غنم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله ،وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة ،المفرقون بين الأحبة ،الباغون للبراء العنت } .رواه احمد . فما اسهل ارتكاب الذنوب والمعاصي على قلبه وجوارحه قال يحيى بن معاذ : ( القلوب كالقدور تغلي بما فيها ،وألسنتها مغارفها ،فانظر إلى الرجل حين يتكلم ،فإنه لسانه يغترف لك مما في قلبه ،حلو وحامض وعذب وأجاج وغير ذلك ) .
يا من افسد لفظه ، واشتغل بما يورده الموارد ، لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : ( من يضمن لي ما بين لحييه ،وما بين رجليه أضمن له الجنة ) . رواه البخاري . كما صح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال : ( إذا اصبح ابن آدم فان الأعضاء كلها تكفر اللسان ،تقول : اتق الله فينا فإنما نحن بك فان استقمت استقمنا، وان اعوججت اعوججنا ) .رواه الترمذي . فاعلم بارك الله فيك إن نعمة اللسان من اجل النعم ، ومن اكبر المنن الإلهية علينا وان التساهل في شأنه ، وإشعاله بغير طاعة الله اشد ما يخشى على الإنسان لانه سهل التحرك ، سريع الانفعالات ، ومتى كان ذلك كان الخسران والهلاك والعياذ بالله .
أيها النمام , يا من أطلق العنان للسانه وأرسله بلا زمام ولا خطام ، اعلم أنه ما من شيء أحوج إلى طول سجن من هذا اللسان ، فهو أكبر ما يبتلي به الإنسان ولذلك فهو أمانة عظيمة عليك أن تتقي الله سبحانه فيها وأن تعلم معنى قوله تعالى : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) . فإن كل كلمة ينطق بها لسانك محسوبة لك أو عليك : (وما ربك بظلام للعبيد ) . فاحفظ لسانك واستخدمه في الخير وجنبه الزور والإثم والعدوان .قال حاتم الأصم : (لو أن أحدا جلس إليك ليكتب كلامك ،لاحترزت منه ،وكلامك يعرض على الله-عز وجل-فلا تحترز) .
يا من يهوي الفرقة والخلاف ، ويسعى في التفريق بين الناس ، وتغيير القلوب ، لقد قال أهل العلم : ( يفسد النمام والكذاب في ساعة ما لا يفسد الساحر في سنة ) وما ذلك إلا لان النميمة من أنواع السحر فهي تفرق بين الناس ، وتغير قلوب المتحابين وتشعل نيران الحقد والبغضاء في نفوسهم ، وتفسد على المسـلمين معيشتهم لما فيها من ثلم للقيم ، وهدم للأخلاق ، وتعد على الحرمات والعياذ بالله .
يا من اشبع غيظه ، وملأ قلبه الحاقد فرحا وغبطة بالنميمة والأذى ، عليك بالتوبة إلى الله والإقلاع عن ذلك الفعل الشنيع قبل أن يأتيك ملك الموت وأنت على هذه المعصية فيقبض روحك لتلقي الله سبحانه ، وهو ساخط عليك ، ثم تكب على وجهك في نار جهنم وبئس المصير . فيا من أسرف على نفسه ، طهر لسانك من النميمة ولا تفتش عن زلات العباد وتفسد بينهم ، وبادر بالعلاج قبل فوات الأوان ، ولن يكون ذلك إلا بالإكثار من ذكر الله سبحانه ، والإقبال على الطاعات ، ومراقبة الحي القيوم في كل لفظة ومع كل كلمة .
وختاما ...
أسال الله العظيم لي ولك ولإخواننا المسلمين ألسـنة صـادقة ، وقلوبا سلـيمة وأخـلاقا مستقيمة ، وبعدا عن اللغو والباطل ، وسلامة من الغيبة والنميمة والزور والبـهتان ، وان يجعل همنا طاعته سبحانه ، وان نكون ممن إذا ذكروا تذكروا ، وإذا وعظوا اتعظوا ، انه على كل شيء قدير ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
منقــــول * منابر الدعوة *
نصر @nsr_1
محرر في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الصفحة الأخيرة
الله يشفي كل من فيه هذه الصفه لانها مرض اسمه مرض النميمه والحقد