شتـــــــــــــــــاء ..

الأدب النبطي والفصيح

منذ مدة طويلة .. لم أرتدي هذا المعطف الطويل .. أشعر به يضيف ثقلا جديدا إلى مجموعة الأثقال التي تسترخي بسعادة على كاهلي .. سواده ينسجم تمامامع السواد الحالك الذي يغطي شاشة الرؤية في صدري ..

هاهي ظلمة الليل قد انضمت بسرور إلى مهرجان الظلام
.. أحضرت معها جميع أدواتها من خوف وعتمة وغموض .. ما أحلكها من ظلمة تلك التي تغطي الليل الذي قد بدأ يراقب بهدوء عبث الرياح بأوراق الأشجار الحزينة والتي تدور في فلك واحد .. تسير مع الرياح أينما قادتها .. مستسلمة بسكينة غريبة إلى قدرها .. ورغم ملامح الحزن التي تظهر واضحة على تلك الأوراق إلا أنني أسمع قهقهة الأغصان العارية بعدما تخلت بوحشية عن آخر ورقة كانت تلازمها بوفاء ...
هاهي الأوراق ترحل بعيدا عني .. تخفي دموعها داخلها .. تمنعها بالقوة من أن تتساقط ندى حزينا ينزف من عروقها المتيبسة ..
كان وداعا مأساويا لأخر أوراق الخريف .. وداع الأحياء للأموات
ومن يدري .. لعله وداع الأموات للأموات .. لسنا من يقدر هذا ولسنا من نحكم في هذا الكون ..
ليس بوسعنا سوى المراقبة والتأمل .. واستباط الفوائد ..
كانت نظراتها غريبة .. لعلها كانت توصيني بالاستسلام والخضوع ولعلها كانت تنذرني بحلول العاصفة وتأمرني بالهروب ..

شيء بارد سقط على وجهي .. أتراها دموع الأوراق أطلق سراحها أخيرا ؟
أم تكون دمعة خرجت من مقلتي .. لا أظن ذلك
فلست راغبة الآن بالبكاء .. لا لن أضيف دموعا إضافية إلى دموع الطبيعة في فصل الأحزان !
لقد عرفت .. إنها رسالة مختصرة من غيمة سوداء تملي علي أوامرها
إما بالهروب أو الاستسلام
رباه .. قد أقع اليوم أسيرة عند الشتاء .. وأظنه لن يترفق أبدا في أسراه !!
الشوارع خالية تماما .. إلا من نقطة سوداء تسير في دائرة من النورالمنبعث من مصابيح الشارع العالية .. لعلها تكون أنا .. أجل أنا من أجر أقدامي جرا لأصل إلى بيتي الدافىء وأنعم بمجاورة نيران الموقد ولو لوقت قصير فمتى أصل إلى موطني الصغير ؟؟؟؟

يبدو أنني سأسهر الليلة بصحبة الصقيع .. هاهو قد أرسل جنوده من نسمات باردة ليتخلل كل ذرة في جسدي وهاهو المطر يتحد معه ببراعة .. ويرسمان مخططات المعركة ضد الكائن الوحيد الذي يتحدى قسوة الطبيعة فمن تراه الغالب ؟؟ أظن أن الوضع لا يحتاج إلى إمعان تفكير ..





يتبع
12
925

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نــــور
نــــور

أجل !! لم يحتج الموضوع لقدر كبير من التفكير .. فالحرب قد أعلنت ضدي .. وانتهى الأمر ..
إنها حرب غير متكافئة إطلاقا .. بين مخلوقة ضعيفة تخترق الطريق مسرعة إلى بيتها وبين جنود مجندة بأعظم الأسلحة الربانية وأنى لي مجابهتها ..
غريب حال الإنسان !
يظن نفسه أقوى مخلوق على وجه الأرض .. يزهو بعقله .. باختراعاته .. بطرائق تفكيره .. فإذا ما دقت ساعة الصفر
وجدته يولي هاربا مذعورا خائفا .. يظن أن الموت يطارده من كل جانب ..
إلهي .. كم أنا مخلوقة صغيرة ضعيفة أمام قدرتك وعظمتك ..
قطرة واحدة من المطر استطاعت أن تحولني إلى قطعة من جليد
وكيف لا وقد اتحدت مع أخواتها بمرافقة الهواء الثلجي البارد في الانقضاض على ورقة تتهاوى وسط الريح .. ورقة هربت عن مسار المجموعة فكادت تلاقي حتفها .. ورقة تكاد تتيبس بردا .. هي أنــــــا !

منذ طفولتي وأنا أخشى صوت الرعد .. أشعر به كالزلزال يقطع حبال الطمأنينة في قلبي .. فأحتمي بذعر في فراشي .. أغطي رأسي فيبتعد عني رويدا رويدا حتى يعود للقصف من جديد ..
أجل .. كنت أخشى ذلك الصوت العملاق وأنا محتمية بجدران منزلي .. فكيف بي و أنا في العراء .. لا أظنني سأصمد طويلا .. لكنني سأحاول ..
أشعر تماما بكم يا ضحايا الحروب .. حينما تهوي القذائف فوق رؤوسكم فمنكم من ينجو ومنكم من يصمد
لله دركم !! ما أشجعكم .. وما أشد صمودكم وأنتم تتغلبون ببسالة على الحمم النارية التي تقذف فوق رؤسكم
لله دركم ما أشجعكم .. وما أجبنني ..
ها أنا أولي مذعورة كجندي جبان ترك ساحة المعركة .. ولكن إلى أي مكان ألجأ في مدينة اللامكان ؟؟
الرعد مرة أخرى .. هذا كثيـــــــر ..متى سأصل ؟؟ متى أصل إلى منزلي ..
المطر يهطل بغزارة يصطحب معه حبات من البرد القاسية ترتطم بقوة على رأسي .. تبللت تماما
السيارات أيضا بدأت تساعد في المعركة .. تمر مسرعة لتلقي بمياه الشوارع الساخرة من منظري المرتعش تغسلني .. تقتلني .. تقضي بضراوة على ما تبقى مني ..
يا إلهي .. لم يكن ينقصني إلا هذا !!!! بقية الطريق طينية .. كيف يمكنني العبور وسط هذه العاصفة
الإسراع بالخطى لن يجدي نفعا .. فقدماي تنغرسان في الوحل شيئا فشيئا ...
حركتي شلت تماما
بت كشجرة يا بسة غرست في الطين ..
سيحل الربيع قريبا وتقف على ذراعي الطيور حينما تعود من هجرتها .. وستنبت الحشائش الخضراء جانبي
سأبقى هنا ما تبقى لي من حياة ..
لن يفتقدني أحد .. ولن يعلم بمصيري إنسان ..
وغدا عندما تجف الأرض سأبقى متيبسة هنا أنتظر حتفي عندما يحل المساء
لا بد وأنني سأكون لقمة سائغة للذئلب الضالة التي تزور المكان ..
يالها من ميتة بشعة !
لم أتوقع أن تكون نهايتي هكذا
تحولت الآن لخشبة مرتعشة
وبعد قليل
سأتحول إلى ميتة
قتيلة مسكينة بسكين الشتاء الحادة
قتيلة بلا دماء
فقد تبخرت من الخوف وربما تحولت إلى ماء ..
أود أن أصرخ عاليا ..
كم أكره فصل الشتاء ..
كم أكره فصل الشتاء ..........


النور يحل فجأة على المكان
أشعر بدفء عميق يجتاح أطرافي
إلا أن الصداع يحتل مساحة واسعة من شعوري
أين أنا ؟؟
في منزلي !!!
هذه غرفتي ..
وأنا على سريري
لقد كان حتما حلما مزعجا
لكنني لن أسمح له ثانية أن يزورني
المطر يتساقط بغزارة في الخارج
والشوارع تبدو نظيفة جدا .. منتعشة جدا .. الهواء بارد .. لكنه نقي ورائع ..
رائحة التراب المبتل تتسلل إلى أنفي
تغريني بالنزول في نزهة إلى الشارع
ما أجمل فصل الشتاء
كم أعشقه !!
كم أعشق فصل الشتاء !!!!!
زهرةالايمان
زهرةالايمان
لله درك غاليتي ولله در قلمك الناصع لقد شوقتني لفصل الشتاء
لمجاورة نيران الموقد والجلسات العائلية حوله للسير تحت ذرات المطر
وكأن هذه الجملة تعبر عما بداخلي ( كم أعشق فصل الشتاء )
نــــور
نــــور
الغالية زهرة الإيمان
ليس أروع من فصل الشتاء فصل اجتماع العائلة فصل الانتعاش
ولكن في ظروف غير ظروف ذلك الحلم
كل الشكر لمرورك
بارك الله بك
نــــور
نــــور
أرفعه بانتظار النقد البناء
المرسى
المرسى
الى أميرة النور... الرابض في بستان النور....

حيث للحب أنشودة يتناغم لحنها مع الأشعة المنبعثة من أحرفك....

ثم أما بعد....

أقرأك السلام ....

من مالك الأحزان...

ووارث الأرض الثلجية خلف بستانكم الربيعي....

....


وأبلغكم....

بأن ملكتنا الحزينة بعدد ليالي الشتاء وما تجترها في أطرافها من عواصف...

وما تحمل أذيالها من حكايا الهجر والخيانات الأليمة....

تسألكم إن كنتم ترحبون بها كضيف لا يريد الإثقال ....

ولكنه أتى يفترش النقاش الأخوي على هضابكم الخضراء....


لنجد فيها مساحات شاسعة تكفينا لسكنها باطمئنان.........





ثم بعد الإذن والإنتظار الطويل للقاء...

جلست في بستانك ...النور...

وقرئت كل حرف فيه مرة تلو مرة....

جميل ما أردت الوصول له...

حقا جميل....

لازلنا نخفي ضعفنا بأقنعة التصنع وأسوار القفول....

ربطت الضعف بالشتاء....

حيث أن الإنسان طوال عمره منذ الميلاد الأول ...

يبحث في داخله عن وطن لقلبه...

عن دفئ لعيناه,,,,

وأنه أضعف ما يكون إذا ما اجتاز كل المساحات فلا يجد الربا الفسيحة...

وتضيق به الأفاق بما رحبت....

والشتاء..........هو رمز فعلي لذلك الضعف...

حيث أن الدفئ لا يحتاجه فقط بداخله...

وإنما يريده من الخارج....

فكأنه كشف لما تواريه القلوب من ضياع...

وما تستقيه العيون من شموس....

الفكرة التي تحملها أسطرك الوضاءة أخافتني...

فكيف إن كانت حقيقة تتمايل عليها الأيام...والفصول....

أشكرك يا أميرة النور...........




هناك تعليق بسيط ....

اتمنى أن أجد له القبول....

إنه لا يخص الفكرة وإنما الإسلوب........................................> واعتبريه رأي شخصي يحتمل الخطأ...

أحسست بينما أقرأ خاطرتك...

أن أسلوبك يبدأ بالتشويق...

إثارة الأسئله,,,,

وصف دقيق للواقع...

ثم بعد ذلك الوصول للمغزى ...والإصرار عليه....مرارا ومرارا...

عزيزتي ....

ألا يكون أبلغ للإبداع....أن تتركي القارئ يستنتج مغزاك وهو متأكد منه من غير أن تذكريه....

كأنما تبحرين به على متن زورقك فتوصليه لجزيرة الحكمة الضائعة يستدل لها من غير أن يراها...

ويشتم عبيرها دونما يطئها....

هنا تتركين للقارئ مساحته الخاصة ...وطريقه الذي يوصل الى نفس الجزيرة...(((وكل الطرق تؤدي الى بستان النور)))





كان ناقدا يوبخني على بعض كتاباتي...ويقول....

لا تستخدمي أبدا أسلوب الإستاذ والتلميذ...............................................>>:26:






أشكرك غاليتي...

واعذري لي تأخري ....

واسمحي بالتعليق........

:26: