وولدت فاطمه

الملتقى العام

وُولِدَت فاطمة!!**ـ
وُولِدَت فاطمة!!**



اقتربت الساعة من الرابعة صباحاً0000 كل شيء حولها ساكن لا شيء يتحرك سوى أوراق الشجر عندما يداعبها نسيم السَّحر000 أغصان الشجرة تتدلى بالقرب من النافذة تكاد أن تعانقها 000الهدوء والسكينة يعمان كل شيء0000 فجأة انطلق صوت المنبه000تررررن000تررررن000تررر000أسكتت خديجة هذا الصوت المزعج في سرعة فائقة وهبت من الفراش 0توجهت متثاقلة إلي دورة المياة000 مشيتها الثقيلة صارت معتادة بالنسبة لها00فهي في نهاية الشهر الثامن من الحمل 000بطنها كبير وأرجلها متورمة000أصبحت تتعب بسهولة000 وحتى تنفسها تجد فيه صعوبة000وجهها شاحب 000جفونها متدلية من كثرة البكاء00 ولكنهالا بد أن تقوم في ذلك الوقت000فلم يبقى علي آذان الفجر سوى ساعة واحدة!!



خديجة من أقرب صديقاتي000 كان قد مر علي زواجها حوالي ثلاث سنوات فبالطبع كانت فرحتها وفرحة زوجها غامرة عندما عرفا أنها حامل0 ولكن في أحدي زيارتها للطبيبة المتخصصة وبعد إجراء الإختبارات اللازمة أخبرتها الطبيبة إن الإبنه التي تحملها في أحشائها عندها كلية واحدة فقط!!

سبحان الله! الأطباء هنا في الغرب بالرغم من تفوقهم العلمي إلا انهم يفتقدون المشاعر الإنسانية000فها هي خديجة في صدمة رهيبة مما سمعت والطبيبة تخبرها في منتهى البرود أنه لا يوجد حل فوري ولكن بعد الولادة من الممكن أن تجرى فحوصات علي المولودة لتحدد صلاحية الكلية الواحدة, وأن لم تكن صالحة00فعمليات زراعة الكلى اصبحت مثل عمليات الّلوز!!



خرجت خديجة من عند الطبيبة وهي في حالة ذهول 000لا تدري كيف وصلت إلي بيتها!! أول مولودة لها و بكلية واحدة!! ما العمل؟ هل من الممكن أن تكون الطبيبة مخطئة؟ 000بحثت خديجة وزوجها عن أحسن الأطباء في هذا المجال ولكن كل طبيب كان يأتي بنفس التشخيص000كلية واحدة!! ومع كل زيارة لكل طبيب منهم كان أملها يقل ويضعف وفي النهاية سلمت للأمر الواقع. وأخر طبيب قال لها ألا تتعب نفسها فالوضع لن يتغيير000 وأدركت خديجة في تلك اللحظة أنه ليس بيدها شيء سوى التوجه إلى الله بالدعاء000 ومنذ ذلك اليوم قررت أن تقوم في الثلث الأخير من الليل للصلاة والدعاء لإبنتها التي لم تولد بعد0فقد اخبر سبحانه وتعالي في محكم التنزيل :



وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (البقرة:186)



وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الأنعام:17)


وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (يونس:107)



وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (غافر:60)



وأيضا ورد في الحديث الشريف, عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلي السماء الدنيا, حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له, من يسألني فأعطيه, من يستغفرني فأغفر له" (رواه البخاري ومسلم)



أيقنت خديجة أنه لا ملجأ إلا إليه فلم تتردد في القيام يوميا قبل الفجر بساعة أو أكثر بالرغم من التعب الذي كانت تعانيه من الحمل ومن قلة النوم 0 يوميا تتجه في الثلث الأخير من الليل إلي سجادتها في مصلاها وتسجد في خشوع وتسأله سبحانه وتعالي أن يرزقها إبنه بصحة جيدة وكليتين! كانت تلح في دعائها وتبكي إلي أن تبتل سجادتها. لم تكل يوماً أو تمل 0 جسدها أصبح منهك 0000الركوع والسجود أصبحا في غاية الصعوبة ولكنها لم تتراجع أ وتشكو ولو مرة واحدة0000



وكلما أخبرتها الطبيبة بنفس النتيجة مع كل زيارة ومع كل فحص000أزداد عزم خديجة علي القيام في الثلث الأخير من الليل0000 أشفق عليها زوجها من كثرة القيام وخشي عليها من الصدمة عند مولد الأبنة ذات الكلية واحدة وكان دائماً يذكرها بأن الله سبحانه وتعالي قد يؤخر الإستجابة000 فقد روى أبو سعيد رضي الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا اعطاه الله بها إحدى ثلاث: أما أن تعجل له دعوته, وإما أن يدخرها له في الآخرة, وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها" رواه أحمد في المسند.



وكانت هي تذكر زوجها بأن لا حيلة لها إلا أن تسأل الله0فأن لم تسأله هو سبحانه وتعالى000من تسأل؟؟!!



لا تسألنَّ بني آدم حاجة ***** وسل الذي أبوابه لا تحجب

الله يغضب إن تركت سؤاله ***** وبني آدم حين يُسأل يغضب



وكيف لا تسأله وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الذي رواه عن ربه تبارك وتعالى: "00000 يا عبادي لو أن أوَّلكم وآخركم وأنسكم وجنَّكم قاموا في صعيد واحد فسألوني, فأعطيت كلَّ أنسان مسألته, ما نقص ذلك مما عندي ألا كما ينقُص المخيط إذا أُدخل البحر" (رواه مسلم)



قبل الموعد المتوقع للولادة بحوالي إسبوعين حضرت خديجة لزيارتي 000ودخل وقت صلاة الظهر فصلينا وقبل أن نقوم من جلستنا أمتدت يد خديجة إلي وامسكت بذراعي وأخبرتني أنها تحس بإحساس غريب000سألتها إن كانت تحس بأي ألم فاجابت بالنفي ولكن للزيادة في الإطمئنان قررنا الأتصال بالطبيبة فطلبت منا مقابلتها في المستشفي0حاولنا الاتصال بزوج خديجة لكن بدون جدوى000فهو في صلاة الجمعة000فتوكلنا علي الله وذهبنا إلي المستشفي وتعجبنا أنهم أخبرونا أنها في حالة ولادة!! فجلست بجانبها اشد من أزرها وأربت علي كتفها... وكانت والحمد لله كثيرة الدعاء00وبالرغم من الآلام إلا إنها كانت تسأل الله أن يرزقها إبنه بصحة جيدة وكليتين!!

وولدت فاطمة000صغيرة الحجم000 دقيقة الملامح000وجهها يميل اإلي الزرقة000و في ظهرها نقرة (نغزة) صغيرة قرب موقع الكلية0000كأن جسدها الصغير أمتص فراغ الكلية الناقصة000بكيت وبكت خديجة ووسط دموعها كانت تتسأل عن حالة إبنتها00000بماذا أرد؟! ماذا أقول لأم أعياها السهر وتهدلت جفونها من البكاء وما زالت تتألم؟!! 000"ما شاء الله حلوة"000حاولت أن أقول شيء أخر ولكن الكلمات أنحبست00!! وسبحان الله ما كانت إلا دقائق معدودة و تحول اللون الأزرق إلي لون وردي000ودققت في وجه فاطمة000سبحان الخالق000 وجهها جميل00ولكن كل ما نظرت اليها تذكرت المشاكل التي قد تواجهها بسبب الكلية الواحدة00لم أتكلم ولم تتكلم خديجة فكل واحدة منا كانت تفكر000ماذا سيكون مصيرالطفلة ذات الكلية الواحدة؟!!0



حضر أطباء الأطفال وأجروا الفحص المبديء وأبلغونا أنها فيما يبدو طبيعية ولكن لا بد من إجراء فحوصات مكثفة لمعرفة صلاحية الكلية وهذا لن يتم إلا بعد إسبوعين من ميلادها0



ترددت خديجة كثيراً في أخذ فاطمة لأجراء الفحص الشامل000قالت لي في يوم من الأيام " قدر الله وما شاء فعل000لا داعي لأن ارهق جسدها الضيئل بتلك الفحوصات"000 ولكنها أخذت بالأسباب وقررت إجراء تلك الفحوصات0



وجاء اليوم الموعود وجلسنا في غرفة الإنتظار نترقب خروج الطبيبة لتخبرنا عن حالة الكلية الواحدة000 هل ستحتاج فاطمة إلي كلية "جديدة" أم أن كليتها الواحدة ستقوم بعمل الكليتين؟؟!!

وخرجت الطبيبة وعلي وجهها ابتسامة باهته000 توجهت إلينا وقالت " لا أدري ماذا أقول ولا اعرف ماذا حدث!!000لكن000000 أبنتك بصحة جيدة وبكليتين!!"



أتهزأ بالدعاء وتزدريه ***** وما تدري بما صنع الدعاء!!



ما أجمل أثر الدعاء!! وما أرحم الله بخلقه!!





** فاطمة تبلغ الآن الخامسة من عمرها000حفظها الله وجعلها قرة لعين والديها









__________________
6
556

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

دانه2004
دانه2004
سبحان الله ولله في خلقه شؤون وذا اراد شيئا ان يقول كن فيكون وهذا فضل الدعاء يا خوات :26:
*لينا*
*لينا*
سبحان الله00سبحان الله
*وقال ربكم ادعوني أستجب لكم*
من يلجأ إلى الله يجعل له من كل ضيق مخرجا

جزيت خيرا على هذه القصة
:26: :26:
تبّــــوله
تبّــــوله
هو الخالق


اذا شاء اعطى

واذا شاء منع


مشكووورة حبيبتي

:26:
القمورة أمورة
من الغرب
من الغرب
الحمد الله كنت خائفه وانا اقرا هذه القصه ايش ايصير للبنت ومشفقه على الام والطفله الحمد رب العالمين على نعمه