أم سلطان؟

أم سلطان؟ @am_sltan_48

كبيرة محررات

كتاب أدب المسلم

ملتقى الإيمان

قال الله تعالى .
سورة السجدة، الآية 24 . وَقَالَ رَسُولُ الْهُدَى صلى الله عليه وسلم :
(( إِنَّ الْهَدْيَ الصَّالِحَ وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ وَالاِقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءً مِنْ النُّبُوَّة )) .
الْحَمْدُ لله ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى رَسُولِ الله . أَمَّا بَعْدُ :
فَإِنَّ الأَدَبَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ سِيَادَةِ الْعَبْد، وَزِينَةٌ يَتَزَيَّنُ بِهَا بَيْنَ الأَنَام، وَجَمَالٌ يُحِبُّهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ عَبْدِه.
وَالأَدَبُ دَلِيْلُ كَمَالِ الْعَقْل، وَخَيْرٌ مِنْ كَثِيْرٍ مِنَ الْعَمَل، وَعَلاَمَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى تَوْفِيقِ اللهِ لِعَبْدِه، وَفَقْدُهُ
دَلِيْلُ خُذْلاَنٍ وَخَسَارَةٍ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِالله.
وَالأَدَبُ مَمْدُوحٌ بِكُلِّ لِسَان، وَانْعِدَامُهُ مَذْمُومٌ فِي جِنْسِ الإِنْسَان، وَفَاقِدُهُ غَرِيْبٌ مَدَى الأَزْمَان.
وَالأَدَبُ لِقَاحُ الْعُقُول، وَأَخْبَارُهُ لُبَابُ النُّقُول، وَالنَّاسُ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنْ كَثِيْرٍ مِنَ الْعُلُوم.
وَالأَدَبُ يَدْعُو صَاحِبَهُ إِلَى الْمَحَامِدِ، وَيَنْهَاهُ عَنِ الْقَبَائِح،
لِذَلِكَ عَرَّفَهُ العَلاَّمَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ بِقَولِه :
الأَدَبُ : ((اسْتِعْمَالُ الْخُلُقِ الْجَمِيْل)) .

فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْخُلُقَ مَادَةً تَحْتَاجُ مِنَ الْعَبْدِ إِلَى اسْتِعْمَالٍ لِتَظْهَرَ ثِمَارُهَا، وَثِمَارُ الْخُلُقِ : الأَدَب.
وَالأَدَبُ يَكُونُ فِي مُعَامَلَةِ العَبْدِ لِرَبِّهِ؛ بِتَحْقِيْقِ تَوْحِيْدِهِ، وَإِخْلاَصِ عِبَادَتِهِ، وَمُرَاقَبَتِهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَن.
وَيَكُونُ فِي حُسْنِ مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ لِنَفْسِه.
وَيَكُونُ فِي حُسْنِ مُعَامَلَةِ الْعَبْدِ لِكُلِّ شَيْءٍ حَوْلَهُ؛ مِنَ الْمُسْلِمِيْنَ وَالْكَافِرِيْن، وَالبَهَائِمِ وَالْجَمَدَات.
وَهَذِهِ الرِسَالَةُ نُبَذٌ مِنْ هَذِهِ الآدَاب.
وَاللهَ أَسْأَلُ أَنْ يُجَمِّلَنَا بِحُسْنِ الأَدَب، وَأَنْ يُعِيْذَنَا مِنْ سُوئِهِ، وَمِنَ الْمُنْحَرِفِيْنَ فِي بَابِه. آمِيْن !

1- أدب المسلم مع الله تعالى :
هُوَ أَسَاسُ الأَدَبِ وَرَأَسُه، وَبِهِ يَصِحُّ تُوْحِيْدُ الْعَبْد، وَتَخْلُصُ نَوَايَاهُ لِخَالِقِه، وَتُصَانُ مُعَامَلاَتُهُ مَعَ اللهِ
عَنْ كُلِّ مَا يُنْقِصُ قَدْرَهَا.
فَأَوَّلُ أَدَبِ الْمُسْلِمِ مَعَ اللهِ تَعَالَى: تَوْحِيْدُهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ وأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِه، وَإِفْرَادُهُ بِجَمِيْعِ أَنْوَاعِ الطَّاعَة،
وَالإِتْيَانُ بِرُوحِ التَّوْحِيدِ؛ وَهُوَ التَّوَكُلُ عَلَى اللهِ حَقَّ التَّوَكُل؛ وَيَكُونُ بِإِيْمَانِ العَبْدِ بِكُلِّ مَا قَدَّرَ اللهُ وَقَضَى، وَحَمْدِ اللهِ عَلَى السَّرَاء، وَالصَّبْرِ عَلَى الضَّرَّاء، وَاتِّخَاذِ الأَسْبَابِ الَّتِي أَذِنَ اللهُ بِالأَخْذِ بِهَا.
وَثَانِي تِلْكَ الآدَاب: أَدَاءُ مَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَى عَبْدِهِ مِنْ جَمِيْعِ أَنْوَاعِ العِبَادَة، وَاجْتِنَابُ جَمِيْعِ الْمَعَاصِي.
وَثَالِثُهَا: مُرَاقَبَةُ اللهِ فِي السِّرِّ كَمَا يُرَاقِبَهُ فِي الْعَلَن.

***

2- أدب المسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم :
هُوَ ضَمِيْمُ الأَدَبِ مَعَ اللهِ تَعَالَى، فَلاَ يَصِحُّ الأَدَبُ مَعَ اللهِ مَعَ تَفْرِيْطٍ فِي الأَدَبِ مَعَ رَسُولِهِ
صلى الله عليه وسلم .
وَالأَدَبُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَضَمَّنُ الآتِي:
(1) تَقْدِيْمُ مَحَبَّتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَحَبَّةِ النَّفْسِ وَكُلِّ النَّاس.
(2) وَإِطَاعَتُهُ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ مَا أَمَرَ بِه.
(3) وَاجْتِنَابُ كُلِّ مَا نَهَى عَنْهُ صلى الله عليه وسلم .
(4) وَتَصْدِّيْقُهُ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم .
(5) وَأَنْ لاَ يُعْبَدَ اللهُ إِلاَّ بِمَا شَرَعَ صلى الله عليه وسلم .
(6) وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَيْهِ كُلَّمَا ذُكِرَ صلى الله عليه وسلم .
(7) وَتَعْظِيْمُهُ إِذَا ذُكِرَ أَوْ ذُكِرَتْ سُنَّتُه صلى الله عليه وسلم .
فَإِذَا جَاءَ الْمُسْلِمُ بِهَذِهِ الآدَاب، فَهُوَ الْمُتَأَدِّبُ حَقّاً مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. نَسْأَلُ اللهِ
أَنْ يَرْزُقَنَا الأَدَبَ مَعَه صلى الله عليه وسلم !

***

3- أدب المسلم مع القرآن العظيم :
كِتَابُ اللهِ الْعَظِيْمُ فِيْهِ نَبَأُ مَا قَبْلَنَا، وَخَبَرُ مَا بَعْدَنَا، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْل، وَهُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِين،
وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيم، هُوَ الَّذِي لاَ يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاء وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُه، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ
عَمِلَ بِهِ أُجِر، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم.
وَقَدْ جَعَلَ الشَّرْعُ لِلْمُسْلِمِ مَعَ هَذَا الْكِتَابِ الْعَظِيْمِ آدَاباً؛ فَمِنْ أَهَمِّهَا:
(1)أَنْ لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ وَهُوَ طَاهِرٌ وُجُوباً، وَيُسْتَحَبُ أَلاَّ يَقْرَأَهُ إِلاَّ عَلَى طَهَارَة.
(2)أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ حَالَ قِرَاءَتِه.
(3)أَنْ يَفْتَتِحَ قِرَاءتَهُ بِالاِسْتِعَاذَةِ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْم، وَبِالْبَسْمَلَةِ فِي ابْتِدَاءِ السُّوَرِ إِلاَّ بَرَاءة.
(4) أَنْ يَسْتَاكَ خَاصَّةً عِنْدَ اسْتِيْقَاظِهِ مِنْ نَوْمِه.
(5) أَنْ يُمْسِكَ عَنِ التِلاَوَةِ حَالَ التَثَاؤب.
(6) أَلاَّ يُقَطِّعَ التِلاَوَةَ بِالْحَدِيْثِ الدُّنْيَوِّيّ.
(7) أَنْ يَقِفَ عَلَى آيِّ الرَّحْمَةِ لِيَسْأَلَ اللهَ مِنْ فَضْلِه، وَآيِّ العَذَابِ لِيَسْتَعِيْذَ بِاللهِ مِنَ النَّار.
(8) أَنْ يُرَتِّلَ القُرْءَانَ تَرْتِيلاً، وَلاَ يَهُذَّهُ هَذّاً كَالشِّعر.
(9)أَنْ يَسْجُدَ عِنْدَ آيَاتِ السُّجُود، وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَة.
(10)أَنْ يَتَدَبَّرَ وَيَتَفَكَّرَ فِي الآيَاتِ الَّتِي يَقْرَؤُهَا.
(11)أَنْ يُحَسِّنَ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَة.
(12)أَنْ لاَ يَقْرَأَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَتَشَهُدِه، وَلاَ حَالَ قَضَائِهِ الْحَاجَة، وَلاَ النُّعَاس،
وَلاَ خُطْبَةِ الْجُمُعَة.
(13)إِذَا مَرَّ بِقَومٍ وَهُوَ يَقْرَأُ فَلْيَقْطَعْ قِرَاءتَهُ للسَّلاَم.
(14)إِذَا سَمِعَ الْمُؤَذِنَ فَلْيَقْطَعْ قِرَاءتَهُ لِيُرَدِّدَ خَلْفَه.

***

4- أدب المسلم مع نفسه :
الْمُسْلِمُ يَحْرَصُ دَائِماً عَلَى اسْتِعْمَالِ خُلُقِهِ فِيْمَا يُزَيِّنَهُ أَمَامَ اللهِ تَعَالَى وَأَمَامَ خَلْقِه،
وَلاَ يَنْفَكُّ يَتَرَقَّى فِي دَرَجَاتِ الْمَحَامِد، وَيَتَنَزَّهُ عَنْ كُلِّ الْقَبَائِحِ مُسْتَعْمِلاً خُلُقَهُ الْحَسَن.

فَتَرَاهُ حَرِيْصاً عَلَى تَحْقِيْقِ تَوْحِيْدِه، وَإِخْلاَصِ عِبَادَتِه، وَمُرَاقَبَةِ رَبِّه، وَتَعْظِيْمِ نَبِيّهِ صلى الله عليه وسلم ،
وَإِيْفَائِهِ حُقُوقَه، وَعَدَمِ التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيْهِ صلى الله عليه وسلم فِي دَقِيْقِ الأُمُورِ وَجَلِيْلِهَا.
حَرِيْصاً عَلَى اسْتِعْمَالِ كَرِيْمِ خُلُقِهِ مَعَ جَمِيْعِ الْخَلْقِ؛ بَدْءً بِوَالِدَيْهِ، وَمُرُوراً بِكُلِّ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيْهِ،
وَانْتِهَاءً بِكُلِّ الْخَلْقِ حَتَّى الْكُفَّارِ وَالْجَمَادَات.

وَكَيْفَ يَكُونُ مُتَأَدِّباً فِي حِلِّهِ وَسَفَرِه ، وَفَرَحِهِ وَتَرَحِه، وَجِدِّهِ وَمَرَحِه، وَفِي جَمِيْعِ أَحْوَالِه.

***

5- أدب المسلم مع والديه :
خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ وَجَبَلَهُمْ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِم، وَالاعْتِرَافِ بِفَضْلِهِ عَلَيْهِم؛ وَأَعْظَمُ النَّاسِ فَضْلاً
وَمِنَّةً عَلَى الْمُسْلِمِ وَالِدَاه، فَهُمَا سَبَبُ وُجُودِه، وَمَنْ أَحْسَنَا إِلَيْهِ بِتَرْبِيَتِهِ وَتَوْجِيْهِه، لِذَلِكَ جَعَلَ اللهُ
حقَّهُمَا فِي أَعْلَى مَرْتَبَةٍ بَعْدَ حَقِّهِ وَحَقِّ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم .

وَأَعْظَمُ حَقٍّ لِلْوَالِدَيْن: الإِحْسَانُ إِلَيْهِمَا.
وَالإِحْسَانُ هُوَ الإِخْلاَصُ وَالإِتْقَان، وَالْمَقْصُودُ بِهِ هُنَا: بِرُّ الْوَالِدَيْن، وَفِيْهِ عِدَّةُ مَرَاتِب؛ وَهِيَ:
(1)كَفُّ الأَذَى عَنْهُمَا.
(2)وَإِيْصَالُ الْخَيْرِ الَّذِي يَحْتَاجَانِهِ إِلَيْهِمَا، مَادَامَ هَذَا الْخَيْرُ مَقْدُوراً لِلْوَلَد.
(3)وَالتَّقَرُّبُ إِلَيْهِمَا بِلِيْنِ الْجَانِبِ وَخَفْضِ الْجَنَاح.
(4)وَتَحَسُّسُ مَوَاطِنِ رِضَاهُمَا، فَيَأْتِيْهَا الْوَلَد، وَمَوَاطِنِ سَخَطِهِمَا، فَيَبْتَعِد عَنْهَا.
(5)وَالْدُّعَاءُ لَهُمَا بِظَهْرِ الْغَيْب.
(6)وَالاعْتِرَافُ بِحَقِّهِمَا بِالْقَلْبِ وَبِالّلسَان.
(7)وَالسَّعْيُّ الْجَادُّ لِنَيْلِ رِضَاهُمَا.

قَالَ اللهُ تَعَالَى :
.

نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَنَا الإِحسَانَ إِلَى وَالِدِينَا، وَأَنْ يُعِيْذَنَا مِنْ جَمِيْعِ أَنْوَاعِ الْعُقُوق. آمِيْن !

***

6- أدب الزوجين مع بعضهما :
خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ مِنْ زَوْجَيْن، وَجَعَلَ سَعَادَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي قُرْبِهِ مِنْ الآخَر، وَاسْتِئْنَاسِهِ بِه،
وَاخْتِلاَطِهِ بِه، وَتَوَدُّدِهِ إِلَيْه. قَالَ اللهُ تَعَالَى:
.

وَحَتَّى تَكُونَ الْحَيَاةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ سَكَناً فَلا بُدَّ مِن التِزَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا هَذِهِ الآدَابِ؛ وَهِيَ:
(1)الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوف: قَالَ تَعَالَى وَهَذَا يَشْمَلُ جَمِيْعَ أَنْوَاعِ الْمَعْرُوف.
(2)وَغَضُّ الطَّرْفِ عَنْ هَفَوَاتِ الآخَر، وَتَذَكُّرُ الْمَحَاسِنِ قَبْلَ الْمَسَاوِيء ، قَالَ صلى الله عليه وسلم :
((لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةٌ ، إِنْ كَرِهَ مِنْهاَ خُلُقاً رَضِيَ مِنْهَا آخَر)).
(3)النَّصِيحَةُ لِلآخَر: وَالنَّصِيحَةُ تَكُونُ فِي أُمُور:
فَمِنْهَا: تَعْلِيمُ كل منهما الآخر مَا يَجْهَل ، إِنْ كَانَ التَّعْلِيْمُ فِي مَقْدُورِهما ، وَالْغَيْرَةُ الْمَحْمُودَةُ الَّتِي بِهَا
يَتَجَنَّبُ الْوقُوعَ فِي الْحَرَام، وَذَلِكَ بِحِرْصِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى إِعْفَافِ الآخَرِ حَتَّى لاَ يَتَطَلَّع إِلَى الْحَرَام،
وَأَخْذُ الاحتِيَاطَاتِ الّلازِمَةِ فِي ذَلِكَ؛ وَمِنْهَا: إِلْتِزَامُ الْمَرْأَةِ لبْسَ الْحِجَابِ الشَّرْعِيّ، وَعَدَمُ اخْتِلاَطِ الرَّجُلِ
بِالأَجْنَبِيَّات، وَعَدَمُ اخْتِلاَطِ الْمَرْأَةِ بِالرِّجَالِ الأَجَانِب، وَأنْ لاَ يُصَاحِبَ أَحَدُهُمَا مَنْ هُوَ مُنْحَرِفٌ فِي خُلُقِه،
وَأَنْ لاَ يُفْشِي أَحَدُهُمَا سِرَّ الآخَر.

وَأَنْ يُنْفِقَ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِه، وَأَنْ تُطِيْعَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بِالْمَعْرُوف.
فَإِنْ الْتَزَمَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ هَذِهِ الآدَابَ عَاشَا فِي سَعَادَة، وَأَصْبَحَ زَوَاجُهُمَا سَكَناً وَمَوَدَّةً وَرَحْمَة.

***

7- أدب المسلم مع أبنائه :
مَا أَجْمَلَ أَنْ يَعِيْشَ الْمُسْلِمُ مُتَأَدِّباً مَعَ كُلِّ النَّاسِ حَتَّى مَعَ مَنْ هُمْ تَحْتَ ولاَيَتِه، وَمَنْ حَقُّهُ عَلَيْهِمْ
عَظِيْم وَيَرَى لِنَفْسِهِ الفَضْلَ عَلَيْهِم، وَمَعَ كُلِّ هَذَا يَظَلُّ لِهَؤُلاَءِ حَقٌّ يَجِبُ عَلَى الأَبِ القِيَامُ بِه،
وَعَلَيْهِ آدَابٌ هُو مُلْزَمٌ بِهَا تُجَاههُم.
وَمِنْ أَعْظَمِ أَدَبِ الْمُسْلِمِ مَعَ أَبْنَائِه:
(1)الدُّعَاءُ لَهُمْ بِالصَلاَح.
(2)وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوف.
(3)وَحِفْظُهُمْ وَالْعِنَايَةُ بِهِم، وَتَهْيئتُهُمْ لِمَا خُلِقُوا لَه.
(4)وَالْعَدْلُ فِي مُعَامَلَتِهِم.
(5)وَمُلاَطَفَتُهُمْ حَالَ صِغَرِهِم وَتَوجِيهُهُمْ لِصَلاَحِهِم، وَالأَخْذُ بِأَيْدِيْهِمْ إِلَى فَلاَحِهِم.

***

8- أدب المسلم مع معلمه :
الْمُعَلِّمُ صَاحِبُ فَضْلٍ عَظِيْمٍ عَلَى تِلْمِيذِه، فَهُوَ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ الْجَهْلِ إِلَى الْعِلْم، وَمِنْ الضَلاَلِ إِلَى الْهُدَى،
لِذَلِكَ رَفَعَ اللهُ مِنْ شَأَنِ مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْر، وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ :
إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ
النَّاسِ الْخَيْر .

لِذَلِكَ كَانَ عَلَى كُلِّ تِلْمِيْذٍ أَلاَّ يَتَصَوَّرَ فِي مُعَلِّمِهِ العِصْمَةَ مِنْ الْخَطأ، وَمَعَ ذَلِكَ يَتَأَدَّبَ مَعَهُ بِالآتِي :
(1)تَبْجِيْلُهُ وَتَوقِيْرُه، امتِثَالاً لِقَولِ رَسُولِ الْهُدَى صلى الله عليه وسلم : لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيْرَنَا
وَيَرْحَمْ صَغِيرَنا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّه. وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى احتِرَامِ الْعَالِمِ وَتَقْدِيْرِه.

(2)الْكَفُّ عَنْ تَتَبُّعِ زَلاَّتِهِ وَأَخطَائِه، بَلْ وَسُؤَالُ اللهِ سَتْرَهَا، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يَتَصَدَّقُونَ
وَيَسْأَلُونَ اللهَ أَنْ يَسْتُرَ عَنْهُمْ عَورَاتِ مُعَلِّمِيْهِم. لأَنَّ الْبَحْثَ فِي أَخْطَاءِ الْمُعَلِّمِ يَحْرِمُ الطَّالِبَ
الاستِفَادَةَ مِنْه.
(3)الْكَفُّ عَنْ غِيْبَةِ الْمُعَلِّم، وَنُصْرَتُهُ عِنْدَ مَنْ يَغْتَابُه.
(4)الدُّعَاءُ لَهُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ أَنْ يَجْزِيهِ اللهُ خَيْراً لِقَاءَ مَا عَلَّمَ وَأَفَادَ طُلاَّبَه.
(5)الْحِرْصُ عَلَى الاسْتِفَادَةِ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي عِنْدَه، وَعَدَمِ الاقْتِدَاءِ بِهِ فِي مَا أَخطأَ فِيْه.
(6)نِسْبَةُ العِلْمِ الَّذِي تَعَلَّمَهُ الطَالِبُ مِنْ أُسْتَاذِهِ إِلَيْه، وَلاَ يَسْتَنْكِفْ مِنْ ذَلِك، فَإِنَّ مِنْ بَرَكَةِ العِلْمِ نِسْبَتُهُ
إِلَى مَنْ استُفِيدَ مِنْه؛ فَيَقُولُ الطَّالِبُ: تَعَلَّمْتُ مَسْأَلَةَ كَذَا مِنْ أُسْتَاذِي فُلان، فَإِنَّ هَذَا يَرْفَعُ قَدْرَهُ عِنْدَ النَّاس.

***

9- أدب المسلم مع جيرانه :
إِنَّ مِنْ سَعَادَةِ الْمُسْلِمِ فِي الدُّنْيَا : أَنْ يَكُونَ جَارُهُ صَالِحاً مُلْتَزِماً بِالأَدَبِ مَعَه، فَيَأَمَنَ شَـرَّه،
وَيَرْكَنَ إِلَيْهِ وَقْتَ الْحَاجَة . قال رسولُ الهدى صلى الله عليه وسلم : مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ : الْجَارُ الصَّالِح.
وَأَهَمِ أَنْوَاعِ الأَدَبِ مَعَ الْجَار : الإِحْسَانُ إِلَيْه.
فَالإِحْسَانُ أَعْظَمُ أَدَبٍ يَتَحَلَّى بِهِ الْمُسْلِمُ مَعَ جَارِه، وَكُلُّ الآدَابِ تَنْدَرِجُ تَحْتَ أَدَبِ الإِحْسَانِ هَذَا.
وَالْمَقْصُودُ بِالإِحْسَانِ: الإِتْقَانُ وَالإِخْلاَص، فَيُعَامِلُ الْجِيْرَانُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً مُعَامَلَةً يُتْقِنُونَ فِيْهَا
مَا يَسْتَطِيْعُونَ إِتْقَانَهُ مِنْ حُسْنِ الْمُعَامَلَة.
قال صلى الله عليه وسلم : أَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِناً.
وَمِنْ مَرَاتِبِ أَدَبِ الإِحْسَانِ إِلَى الْجَار:
(1)كَفُّ الأَذَى عَنْه، وقد حَذَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم من أذى الجار، فقال:
لاَ يَدْخُل الْجَنَّةَ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَه.
(2)إِيْصَالُ الْخَيْرِ الَّذِي يَقْدِرُ الْجَارُ عَلَى إِيْصَالِهِ إِلَى جِيْرَانِهِ إِذَا احْتَاجُوا إِلَيْه:
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :خَيْرُ الْجِيرَانِ عِندَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِه.
(3)التَّقَرُّبُ إِلَى الْجَارِ بِلِيْنِ الْجَانِب، واللّطْفِ فِي الْمُعَامَلَة، وَتَقْدِيْمِ الْهَدِيَّةِ إِلَيْه.
(4)تَحَسُّسُ مَوَاطِنِ حَاجَتِهِ لِسَدِّهَا.
(5)إِجَابَةُ دَعْوَتِه، وَعِيَادَتُه، وَتَشْييعُ جَنَازَتِه، وَصُنْعُ الطَّعَامِ لَه، وَتَشْمِيتُهُ إِذَا عَطَس،
وَنُصْحُهُ إِذَا استَنْصَح.
(6)الدَّفْعُ عَنْ عِرْضِهِ حَالَ غَيْبَتِه.
(7)غَضُّ البَصَرِ عَنْ عَورَاتِه.
(8)الصَبْرُ عَلَى أَذَاه.

***

10- أدب المسلم مع المسلمين :
مَتَى تَأَدَّبَ الْمُسْلِمُ مَعَ أَخِيْهِ الْمُسْلِمِ عَاشَتْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي هَنَاءٍ وَسَعَادَة، وَبُعْدٍ عَنْ كُلِّ
مَا يُكَدِّرُ صَفْوَ حَيَاتِهَا، وَلاَ نَجِدُ هَذِهِ الآدَابَ فِي أَكْمَلِ وَأَجْمَلِ صُوَرِهَا إِلاَّ فِي الإِسْلاَم.
وَمِنْ أَعْظَمِ أَدَبِ الْمُسْلِمِ مَعَ أَخِيْهِ الْمُسْلِم:
(1)مُبَادَرَتُهُ بِالسَّلاَمِ عِنْدَ اللِّقَاء، وَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَة، وَرَدُّهُ وَاجِب، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ
تَآلُفِ الْمُسْلِمِين، قَالَ صلى الله عليه وسلم : أَفَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ، أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُم.
(2)إِجَابَةُ دَعْوَتِهِ: وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَة، إِلاَّ إِذَا كَانَ فِي الدَّعْوَةِ مُنْكَرٌ لاَ يَسْتَطِيعُ الْمَدْعُوّ إِزَالَتَه،فَلاَ يُجِب.
(3)تَقْدِيْمُ النُّصْحِ لَهُ إِذَا طَلَبَه، لأَنَّ الدِّيْنَ النَّصِيْحَة.
(4)تَشْمِيْتُهُ إِذَا عَطَسَ وَحَمِدَ الله: وَهُوَ فَرض، فَيُقَالُ لَهُ: يَرْحَمُكَ الله، فَيُجِيْبُ: يَهْدِيْكُمُ اللهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُم.
(5)عِيَادَتُهُ إِذَا مَرِض: وَهِيَ سُنَّة، تَتَأَكَّدُ كُلَّمَا كَانَ الْمَرِيْضُ ذَا قَرَابَةٍ أَوْ صُحْبَة.
(6)تَشْيّيعُ جَنَازَتِهِ إِذَا مَات: وَفِيْهَا أَجْرٌ عَظِيْم، وَهِيَ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيْهِ الْمُسْلِمِ بَعْدَ وَفَاتِه،
قَالَ صلى الله عليه وسلم : مَنْ تَبِعَ جَنَازَةً حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيْرَاط، وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيْرَاطَان. قِيْلَ: وَمَا الْقِيْرَاطَان ؟
قَالَ: مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيْمَيْن.
قَالَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْه،وَإِذَا دَعَاكَ
فَأَجِبْه، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَه، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللهَ فَسَمِّتْه، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْه، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْه.
رَوَاهُ مُسْلِم.

***

11- أدب المسلم في المسجد :
الْمَسْجِدُ بَيْتُ اللهِ تَعَالَى، شَرَعَ لِعِبَادِهِ عِمَارَتَهُ بِذِكْرِهِ وَشُكْرِه، وَالْقِيَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ فِيْه،
وَتَطْهِيْرِهِ مِنْ جَمِيْعِ أَنْوَاعِ الأَذَى الْحِسيَّةِ وَالْمَعْنَوِيّة.
وَمِنْ أَدَبِ الْمُسْلِمِ فِي الْمَسْجِد:
(1)أَنْ يَدْخُلَهُ بِأَحْسَنِ زِيْنَةٍ وَأَكْمَلِ هَيْئَة، مُتَنَظِفاً مِنْ كُلِّ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ سَبَباً لإِيْذَاءِ
الْمَلاَئِكَةِ وَالْمُصَلِّينَ؛ مِنْ رِيْحِ عَرَقٍ أَوْ دُخَانٍ، أَوْ ثُومٍ أَوْ بَصَل.
(2)أَنْ يُقَدِّمَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، وَيَسْتَعِيذَ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَّانِ، وَيُصَلِّيَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ،
وَيَسْأَلَ اللهَ أَنْ يَفْتَحَ لَهُ أَبْوَابَ رَحْمَتِه.
(3)أَنْ لاَ يَجْلِسَ حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ تَحِيِّةَ الْمَسْجِد، إِلاّ إِذَا أُقِيْمَتْ الصَّلاَةُ فَيَدْخُلَ مَعَ الإِمَام.
(4)أَنْ لاَ يَرْفَعَ صَوتَهُ بِقِرَاءَةٍ وَلاَ بِدُّعَاءٍ يُشَوِّشُ بِهِمَا عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمُصَلِّين.
(5)أَنْ يُتَابِعَ الإِمَامَ فِي صَلاَتِه؛ فَلاَ يُسَابِقَهُ وَلاَ يُقَارِنَهُ وَلاَ يَتَأَخَرَ عَنْه، بَلْ يُتَابِعَهُ فِي جَمِيْعِ الأَرْكَان.
(6)أَنْ يَجْتَنِبَ البَيْعَ وَالشِّرَاءَ فِي الْمَسْجِد.
(7)أَنْ يَجْتَنِبَ رَفْعَ الصَوْتِ وَالْجِدَال، وَالْحَدِيْثَ فِي شُؤُونِ الدُّنيا، وَأَنْ لاَ يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئاً فَقَدَهُ
أَوْ ضَلَّ عَنْه، وَأَشَدُّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَموَالَهُم.
(8)أَنْ يَكُونَ سَلِيمَ الْقَلْبِ تُجَاهَ أَهلِ مَسْجِدِهِ وَيَغُضَّ الطَّرْفَ عَنْ هَفَوَاتِهِم، وَلاَ يَتَصَوَّرَ فِيْهِمُ العِصْمَة.
(9)أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ مُقَدِّماً رِجْلَهُ اليُسْرَى، مُصَلِّياً عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، سَائِلاً
اللهَ أَنْ يَفْتَحَ لَهُ أَبْوَابَ فَضْلِه.

***

12- أدب المسلم يوم الجمعة :
يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ أَيَامِ الأُسْبُوع، فِيْهِ خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَم، وَفِيْهِ أَدْخَلَهُ الْجَنَّة، وَفِيْهِ أَخْرَجَهُ مِنْهَا،
وَفِيْهِ أَهْبَطَهُ إِلَى الأَرْض، وَفِيْهِ تَابَ عَلَيْه، وَفِيْهِ تَقُومُ السَّاعَة.
وَقَدْ كَانَ رَسُولُ الْهُدَى صلى الله عليه وسلم يَخُصُّهُ بِآدَابٍ جَلِيْلَة، وَشَرَعَ لأُمَّتِهِ فِيْهِ آدَاباً عَظِيْمَةً؛
فَمِنْهَا:
(1)الاغْتِسَالُ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي التَّنَظُف، وَيَشْمَلُ ذَلِكَ قَصَّ الأَظْفَارِ، وَحَفَّ الشَّارِب، وَتَفَقُدَ سُنَنِ الفِطْرَة،
وَالتَّطَيُّبَ، وَالسِّوَاك، وَلِبْسَ الثِيَابِ النَّظِيْفَة.
(2)التَّبْكِيْرُ فِي الذَّهَابِ إِلَى الْمَسْجِد، فَمَنْ ذَهَبَ فِي السَّاعَةِ الأُولَى يَكُونُ كَمَنْ قَرَّبَ بَدَنَة، وَمَنْ ذَهَبَ
فِي السَّاعَةِ الأَخِيْرَةِ يَكُونُ كَمَنْ قَرَّبَ بَيْضَة.
(3)الْمَشْيُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَعَدَمُ الرُّكُوب، وَمَنْ كَانَ بَيْتُهُ بَعِيداً فَلْيَرْكَبْ أَوَّلَ الطَّرِيْقِ وَلْيَمْشِ آخِرَه.
(4)الدُّنُو مِنَ الإِمَامِ بِدُونِ مُزَاحَمَةٍ وَتَخَطٍ لِلْرِقَاب.
(5)الاسْتِمَاعُ وَالإِنْصَاتُ لِلْخُطْبَةِ وَالْقِرَاءَة .
(6)الْبُعْدُ عَنْ جَمِيْعِ أَنْوَاعِ اللّغْوِ؛ مِنْ كَلاَمٍ، وَعَبَث.
وَقَدْ بَشَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ الْتَزَمَ هَذِهِ الآدَابَ بِبِشَارَةٍ عَظِيْمَة، وَرَدَتْ فِي
حَدِيْثٍ صَحِيْحٍ؛ وَهُو:
عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسرضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَة، وَبَكَّرَ وَابْتَكَر، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَب، فَدَنَا مِنْ الإِمَامِ وَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغ،
كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيْنَا بِهَذِهِ الأُجُورِ الْعَظِيْمَة!

***

13- أدب المسلم في الطريق :
فِي الطَّرِيقِ يَكْثُرُ الْمَارَّة ، وَيَتَعَاطَى بَعْضُهُمْ شَيْئاً مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي يَجِبُ عَلَى مَنْ رَآهُمْ أَنْ يُنْكِرَهَا
عَلَيْهِم، أَوْ يَتْرُكُونَ شَيْئاً مِنَ الْوَاجِبَاتِ الَّتِي يَجِبُ أَمْرُهُمْ بِهَا، وَفِي هَذَا نَوْعُ مَشَقَّة، لِذَلِكَ رَغِبَ رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الصّحَابَةِ أَنْ لاَ يَجْلِسُوا فِي الطُّرُق، وَلَكِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيْعُون،
لِكَونِهَا مَكَانَ مَجَالِسِهِمْ الَّتِي لاَ تَتَّسِعُ لَهَا بُيُوتُهُم، وَهِي مُتَنَفَسٌ لَهُم، فَأَمَرَهُمْ حِيْنَئِذٍ أَنْ يَلْتَزِمُوا آدَابَهَا الَّتِي
تُزِيْلُ مَفَاسِدَهَا، وَإِلاَّ فَإِنَّ الأَصْلَ عَدَمُ الْجُلُوس، وَهَذِهِ الآدَاب:
غَضُّ الْبَصَر، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَم، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَر، وحُسْنُ الْكَلاَم،
وَإِرْشَادُ اِبْنِ السَّبِيل، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِس، وَإِغَاثَةُ الْمَلْهُوف، وَهِدَايَةُ الضَّالّ، وَإِعَانَةُ الْمَظْلُوم، وَإِفْشَاءُ
السَّلاَم، وَالإِعانَةُ عَلَى الْحَمُولَة، وَذِكْرُ اللَّهِ كَثِيرًا.

وَمِمَّا وَرَدَ فِي ذَلِكَ: حَدِيْثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَات. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدّ، نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَال: إِذْ أَبَيْتُمْ إِلاَّ
الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّه. قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَر، وَكَفُّ الأَذَى،
وَرَدُّ السَّلاَم، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَر. متفق عليه.

فَهَلاَّ حَرِصْنَا عَلَى إِعْطَاءِ الطَّرِيقِ حَقَّه، وَأَلْزَمْنَا أَنْفُسَنَا وَأَهْلِينَا وَأَبْنَاءنَا هَذِهِ الآدَابَ
حَتَّى نَرَى طُرُقَنَا وَقَدْ خَلَتْ مِنْ كُلِّ مَا لاَ يُحْمَد ؟ نَرْجُو ذَلِك !

***

14- أدب المسلم على طعامه :
مِنْ أَهَمِ آدَابِ الْمُسْلِمِ عَلَى طَعَامِه:
(1)أَنْ يَبْدَأَ بِالبَسْمَلَة، وَيَخْتِمَ بِحَمْدِ اللهِ تَعَالَى، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم :
مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه.
(2)أَنْ يَأْكُلَ الطَّعَامَ بِيَمِيْنِهِ، وَأَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِيْه، وَلاَ يَعْمَدْ إِلَى وَسَطِهِ وَذُرْوَتِهِ لِيَأْكُلَ مِنْهَا،
قَالَ صلى الله عليه وسلم: سَمِّ الله، وَكُلْ بِيَمِينِك، وَكُلْ مِمَّا يَلِيك.
(3)أَنْ لاَ يَنْفُخَ فِي الطَّعَامِ بَلْ يَصْبِر حَتَّى يَبْرُد.
(4)أَنْ لاَ يَمْلأَ بَطْنَهُ بِالطَّعَامِ بَلْ يَتَّبِع فِيْهِ رَسُولُ الْهُدَى عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ حِيْنَ قَالَ: مَا مَلأَ آدَمِيٌّ
وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْن، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَه، فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ: فَثُلُثٌ لِطَعَامِه، وَثُلُثٌ
لِشَرَابِه، وَثُلُثٌ لِنَفَسِه.
(5)أَنْ لاَ يَأْكُلَ وَهُوَ مُتَّكِىء، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلملاَ آكُلُ مُتَّكِئًا.
(6)أَنْ لاَ يَأْكُلَ كُلَّ ذِي رَائِحَةٍ خَبِيْثَةٍ مِنَ الطَّعَام.
(7)أَنْ لاَ يَسْبِقَ أَصْحَابَهُ بِالأَكْل، بَلْ يَنْتَظِرُهُم.
(8)أَنْ يَكُونَ أَولَ مَنْ يَبْدَأُ بِالأَكْلِ كَبِيْرُ القَوْم.
(9)أَنْ يُصَغِّرَ لُقْمَتَه، وَأَنْ يُجِيْدَ مَضْغَهَا، وَلاَ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى لُقْمَةٍ حَتَّى يَفْرَغَ مِنْ ابْتِلاَعِ الَّتِي قَبْلَهَا.
(10)أَنْ يَلْعَقَ مَا عَلِقَ بِأَصَابِعِهِ مِنْ طَعَامٍ إِذَا فَرَغ ، وَأَنْ لاَ يُبْقِي فِي صَحْنِهِ شَيْئاً، وَأَنْ يَتَعَاهَدَ السَّاقِطَ
مِنْ طَعَامِه، وَلاَ يَدَعْهُ مُتَنَاثِراً عَلَى الأَرْض.
(11)أَنْ يُخَلِّلَ أَسْنَانَهُ بَعْدَ الطَّعَامِ إِنْ عَلِقَ بِهَا شَيْء.
(12)أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ بَعْدَ الطَّعَامِ إِذَا كَانَ لَهُ زُهُومَة.

***

15- أدب المسلم في قيام الليل :
قِيَامُ اللَّيْلِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَة، أَثْنَى اللهُ تَعَالَى عَلَى أَهْلِهَا، وَبَيَّنَ أَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَال تَعَالَى :
.
وَثَابَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا حَتَّى تَفَطَّرَتْ قَدَمَاه، وَأَمَرَ بِهَا، وَبَيَّنَ فَضْلَهَا، وَمِمَّا
رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ: عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْل؛ فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُم، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُم، وَمَكْفَرَةٌ
لِلسَّيِّئَات، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْم.

وَمِنْ آدَابِ الْمُسْلِمِ فِي قِيَامِ اللَّيْل:
(1)أَنْ يَنْويَ قِيَامَ اللَّيْلِ قَبْلَ نَوْمِهِ حَتَّى يَنَالَ أَجْرَهُ فِي حَالِ غَلَبَهُ النَّومُ وَلَمْ يَسْتَيْقِظ.
(2)أَنْ يَذْكُرَ اللهَ إِذَا اسْتَيْقَظَ، وَيَسْتَاك.
(3)أَنْ يَفْتَتِحَ قِيَامَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيْفَتَيْن.
(4)أَنْ يَتَوَسَطَ فِي قِرَاءَتِهِ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالإِسْرَار.
(5)أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ مِنْ رَكَعَات، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَة.
(6)أَنْ يَحْرِصَ عَلَى عَدَمِ الإِطَالَةِ الَّتِي تُمِلُّه، حَتَّى لاَ يَتْرُكَ القِيَامَ مَلَلاً مِنْه، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم :
مَهْ ! عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ مِنْ الأَعْمَال، فَإِنَّ اللهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا.
(7)إِذَا غَلَبَهُ النُّعَاسُ فَلْيَنَم، وَلاَ يُصَلِّي وَهُوَ نَعْسَان.
وَاعْلَم، أَنَّ مِنَ الأَسْبَابِ الْمُعِيْنَةِ عَلَى الْقِيَام: تَصْحِيْحُ النِّيَّة، وَتَذَكُّرُ الْمَوت، وَمَعْرِفَةُ فَضْلِ القِيَام، وَالبُعْدُ عَنِ السَّهَرِ الطَوِيْل، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى نَوْمِ القَيْلُولَة، وَالبُعْدُ عَنِ الشِّبَعِ بِاللَّيْل. قَالَ صلى الله عليه وسلم : إِنَّ اللهَ ، قَدْ أَمَدَّكُمْ بِصَلاَةٍ وَهِيَ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ حُمْرِ النَّعَم؛ وَهِيَ الْوِتْر.

***

16- الأدب مع غير المسلمين :
أَدَبُ الْمُسْلِمِ مَعَ الْكُفَّارِ حِسَبَ أَصْنَافِهِم؛ وَهُم:
(1)الْكَافِرُ الْمُعَاهِد: وَهُوَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَهْدٌ فَنُوفِيْهِ عَهْدَهُ مَادَامَ مُسْتَقِيْماً لَنَا عَلَى عَهْدِه، قَالَ تَعَالَى
الآيَة.
(2)الْكَافِرُ الذِّمِّيّ: وَهُوَ الَّذِي يَعِيْشُ فِي بِلاَدِ الْمُسْلِمِيْن، وَتَحْتَ حِمَايَتِهِم، وَيَدْفَعُ الْجِزْيَة، فَيُحْكَمُ فِيْهِ
بِحُكْمِ الإِسْلاَمِ فِي النَّفْسِ وَالْعِرْضِ وَالْمَال، وَلاَ يُؤْذَى، وَيُمَيَّزُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي لِبَاسِهِ وَحَالِه.
(3)الْكَافِرُ الْمُسْتَأْمِن: وَهُوَ الَّذِي طَلَبَ الأَمَانَ لِنَفْسِه، فَيُعْطَى الأَمَانَ فِي الْوَقْتِ وَالزَّمَانِ الْمُحَدَّدَيْن،
قَالَ تَعَالَى .


منننقوووول
28
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

زهرة النرجس 99
زهرة النرجس 99
يعطيك العافية على هذا الموضوع الرائع
جزاك الله خير ونفع الله بك وجعله الله في موازين حسناتك
أم سلطان؟
أم سلطان؟
مشكوره علي الرد يا عمري
أم سلطان؟
أم سلطان؟
لا إله إلا انت سبحانك انى كنت من الظالمين
شفته بفرح
شفته بفرح
سبحان الله وبحمده جزاك الله خير
أم سلطان؟
أم سلطان؟