سنابل العطاء

سنابل العطاء @snabl_alaataaa

عضوه شرف في عالم حواء

قصة كأس......قصة شيقة متميزة...

ملتقى الإيمان


قصة كأس...


دخل عبد الرحمن إلى منزله قريباً من أذان العصر بعد عمل يوم شاق، وألقى بنفسه على أقرب كرسي إلى المكيف، ليناله شيء من نسمات الهواء البارد.

رفع يده بصعوبة لينظر إلى الساعة، ويحسب المدة الباقية على الإفطار.


بقيت ساعتان..

قال في نفسه..وأخذ يفكر في صنوف الطعام اللذيذة التي ستعدها والدته للإفطار، فهي أطباق مميزة لا يراها إلا في رمضان.

أخذ عبد الرحمن يجيل بصره في صالة الجلوس، وإذا به يلمح كأس ماء بارد على الطاولة القريبة منه.


كيف لم أرى هذا الكأس ومن أين جاء؟

وبحركة لا شعورية مد يده إلى الكأس ليتناوله، ثم تذكر فجأة أنه صائم‘ فتراجع، وعاد واسترخى على كرسيه ثانية، وهو يشعر أن عطشه الذي كان به قبل أن يرى الكأس، ازداد أضعافاً مضاعفة.

بدأ عبد الرحمن يشعر بالنعاس يداعب أجفانه، فأغمض عينيه‘ وعندما شعر أن النوم قد تملكه تماماً، إذا به يسمع هاتفاً يهتف به.


• هيه أنت لماذا لا تتناولني وتروى ظمأك؟ ( أخذ عبد الرحمن يلتفت بدهشة يميناً وشمالاً يبحثاً عن مصدر الصوت، فلم يكن هناك أحد غيره في الصالة.)

فظن أنه كان وهماً، إلا أن الصوت عاد من جديد..


• أنا هنا من يكلمك ألا تراني؟ أنا الكأس!

عقدت المفاجأة لسان عبد الرحمن وهو يحدق بفزع في الكأس، ثم تكلم بعد برهة..

• كأس يتكلم؟! ياللعجب!!

فرد الكأس

• وما العجب في ذلك؟ إن ما تقوم به أنت، لهو أشدر غرابة من كوني أتكلم معك الآن.

• ماذا؟ وأي شيء يمكن أن يكون أغرب من أن يتكلم الجماد؟

• تناقضك العجيب ياعزيزي! تناقضك هو الذي دفعني للتكلم معك.

• تناقض؟؟ عن أي شيء تتحدث أيها الكأس؟ أنا لا افهم.

• حسناً، دعني أشرح لك. ألم تكن قبل قليل على وشك أن تشرب مني؟ ثم امتنعت لكونك صائم.

• أجل هذا صحيح، وما المشكلة في ذلك؟

• المشكلة هي أنك ياصديقي، تمتنع عن شرب الماء العذب الزلال الذي أحله الله، ولكنك لا تمتنع عن الحرام الصريح الذي حرمه الله!!

أليس هذا تناقضاً؟


• ماذا تقصد أيها الكأس؟ لا شك أن الماء حلال حقاً، لكنه حرام أثناء لاصوم كما يعرف كل مسلم.

• جميل جداً!! هذا صحيح.

الماء والطعام الطيب حلال للمسلم

في كل وقت ما لم يكن صائماً.

ولكن تأخير الصلاة عن وقتها – مثلاً –

وتفويت صلاة الجماعة من كبائر الذنوب،

هي حرام في كل وقت! وأنت ياصديقي تغتاب الناس باستمرار!

والنظر إلى مفاتن النساء وصورهن حرام في كل وقت‘

وأنت تفعله!

وسماع الغناء من المحرمات! وأنت لا تتورع عن ذلك!

أليس عدم امتثالك لأوامر الله بفعلك لكل هذه الأمور المحرمة في كل وقت، مع امتناعك عن الحلال – امتثالاً لأمره – يشكل تناقضاً صارخاً يصعب تفسيره؟؟

فإن كنت تقول أن الله أمرك بعدم الأكل والشرب أثناء مدة الصوم، فهو كذلك أمرك بعدم تفويت صلاة وتأخيرها أثناء حياتك كلها!

ونهاك عن الغيبة، والنظر إلى الحرام، وعن سماع الغناء.

وقل مثل هذا في سائر المحرمات الأخرى التي ترتكبها، فلماذا لا تلتزم بأمر الله هنا كما التزمت به هناك؟
أم أن الأمر بالمزاج واللعب أيها الصديق؟؟.


بدت الحيرة ظاهرة على وجه عبد الرحمن الذي أفحمه منطق الكأس وقوة حجته، فأراد أن يقول شيئاً يبرر التناقض في أعماله، ولما لم يجد شيئاً يحتج به قال بتلعثم.

• أيها الكأس الناصح، صدقني أنه بودي أن أكون طائعاً في كل أوامره، مجتنباً لكل نواهيه، ولكنني لا أستطيع! صدقني لقد حاولت تغيير حالي إلى الأفضل بترك المعاصي، ولكنني فشلت وعدت إليها.

• ها أنت ثانية تناقض نفسك بقولك ( لا أستطيع)، لأنك بكل بساطة تستطيع!

ألم تمتنع عن كثير محرمات طوال فترة صومك؟


• هذا صحيح..

• إذاً فما الذي يمنعك أن تواصل بنفس الطريقة بقية عمرك؟؟

• !!!!!.

• الحقيقة هي أنك تستطيع، ولكنك تخدع نفسك عندما تصدق حيلة إبليس التي يقنعك بها، وهي أنك لا تستطيع وبالتالي تجعل من نفسك فريسة لإبليس وإخوانه.

• أيها الكأس، إنني أرى في كلامك الكثير من الحكمة. لكن هلا بينت لي كيف يمكنني تغير حياتي إلى الطاعة؟

• الأمر يسير إن شاء الله، فقط تذكر أن الله يراك في كل وقت.

يراك عندما تطيعه فيرضى عنك، ويراك حينما تعصيه فيغضب عليك، راقب ربك، وعندها ستجد من نفسك نشاطاً واندفاعاً نحو الطاعة، لأنك تعلم أنك بعين الله.

وستمتنع عن المعصية، لأنك تعلم إطلاعه عليك وكراهته ذلك منك، وبالتالي ستخاف من أن يسخط عليك. وستجد أنك كلما أخطأت وأذنبت، رجعت إلى نفسك فتبت واستغفرت، هذا ما يريده الله منك.

إنك اليوم صائم، وإن من أعظم ثمرات الصوم تحصيل تقوى الله عز وجل، وإذا لم تحصل هذه الثمرة فلا فائدة ترجوها غير الجوع والعطش.

وباختصار، اعلم يا صديقي أن الدنيا ليست سوى ساعة، فاجتهد أن تجعلها طاعة.

الزم أهل الخير الذين يعينونك على دينك ففي ذلك نجاة لك.

واترك رفقة السوء والبطالة عنك، فليس منهم إلا دمار الدنيا والآخرة.

وتذكر يوم العرض على الله، وأنت لا تدري أتأخذ كتابك باليمين كما هو حال المتقين؟ أم تأخذه بالشمال كحال أهل الخسارة والشقاء؟

واختر طريقك من الآن، فمن كان طريقه طريق أهل الخير والصلاح كان مصيره الفوز والفلاح، ومن اختار طريقاً غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، فليس هناك إلا نار تلظى!


كان عبد الرحمن مطرقاً من التأثر بما يسمع من الكأس، فلما توقف الكأس عن الحديث عند ذلك الحد‘ رفع عبد الرحمن رأسه وقال..

أيها الكأس العزيز لقد عزمت أن أغير طريقة حياتي منذ هذه الساعة! فجزاك الله خير الجزاء على تصيحتك الغالية، فإنني لن أنساها ما حييت إن شاء الله.


• لا شكر يا صديقي، ولكن دعني أنبهك أن الوقت قد داهمنا، وأذان العصر قد حان، فقم الآن وابدأ حياتك الجديدة من المسجد!


وفي هذه اللحظة..

فتح عبد الرحمن عينه، فوجد كأس الماء كما كان على الطاولة، قام من كرسيه واقترب منه، حمله بيده، وأخذ يتأمله.

• لقد كان حلماً إذاً.

قال عبد الرحمن في نفسه، بينما كان المؤذن يرفع أذان العصر عذباً ندياً..

أنصت عبد الرحمن له وأخذ يردد خلفه،

شعر ببرودة لذيذة تغمر قلبه، هو الذي لم يصلي العصر جماعة منذ مدة،

ترقرقت عيناه بالدمع، توجه نحو المغسلة فتوضأ، ثم انصرف ذاهباً إلى المسجد، وفي طريقه إلى باب المنزل، لمح عبد الرحمن كأس الماء في طريقه، فابتسم أبتسامة عريضة وهو يقول بصوت خافت...


• شكراً لك أيها الكأس!


منقول من مطوية من المطويات المتميزة.


والآن... هلا أدلت كل واحدة منكن بدلوها فكتبت لنا فائدة خرجت بها من هذا الحوار الممتع المفيد؟..
7
852

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

جذابة
جذابة
سنابل العطاء
بصراحه البدايه خفت يوم تكلم الكأس

الله يجزاك كل خير
ولايحرمك الأجر العضيم على ماخطت به أناملك
فعلاً نحرم بعض الأشياء على انفسنا ونبيح الي نرغبه


نسأل الله العفو والعافيه
أمونة المصونة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة جميلة..

وممتعة جداً ..

أعجبتني كثيراً فإن فيها لفائدة الكبيرة وعبرة للجميع..

بارك الله فيك...

هذه بعض النقاط منقولة من القصة أعجبتني وأحببت أن تقرأوها معي:

* يراك الله عندما تطيعه فيرضى عنك، ويراك حينما تعصيه فيغضب عليك، راقب ربك، وعندها ستجد من نفسك نشاطاً واندفاعاً نحو الطاعة، لأنك تعلم أنك بعين الله.

* إن من أعظم ثمرات الصوم تحصيل تقوى الله عز وجل، وإذا لم تحصل هذه الثمرة فلا فائدة ترجوها غير الجوع والعطش.

* الدنيا ليست سوى ساعة، فاجتهد أن تجعلها طاعة.

* الزم أهل الخير الذين يعينونك على دينك ففي ذلك نجاة لك.

* اترك رفقة السوء والبطالة عنك، فليس منهم إلا دمار الدنيا والآخرة.

* تذكر يوم العرض على الله، وأنت لا تدري أتأخذ كتابك باليمين كما هو حال المتقين؟ أم تأخذه بالشمال كحال أهل الخسارة والشقاء؟

* اختر طريقك من الآن، فمن كان طريقه طريق أهل الخير والصلاح كان مصيره الفوز والفلاح، ومن اختار طريقاً غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه، فليس هناك إلا نار تلظى!


الفائدة المستخرجة من الحوار..

** تعلمت من الكأس تقديم النصح للمحتاجين،
فالكأس الجامد استطاع أن ينصح رجلاً،
وقلوبنا الحية ما استطاعت أن تنصح أحد.
ولنا بالكأس قدوة، فقد كان خير ناصح حسن التعبير،
مما جعل المنصوح أن يستجيب له ويطبق كلامه..

هذا ما لدي..

وشكراً لكم جميعاً...
جهـيـنــة
جهـيـنــة
جزاك الله خير اخية على هذه القصة المفيدة وجعل لك من اسمك حظا
ارئ ان اختنا أمونة المصونة قد كفت ووفت

ولكن حب مني ان اقدم ولو فائدة يسيرة فاقول :
- ان للصوم اثر في تربية النفوس حتى اهل المعاصي فإن كثير منهم يتغير حاله ايام الصيام
-لماذا لا نجعل من الصوم نقطة تحول في حياتنا فكما امتنعنا عن الاكل والشرب لشعورنا بمراقبة الله فلما لا نمتنع عن المحرمات الاخرى فان الله معنا في كل وقت
ورده الجوري
ورده الجوري
جزاك الله خير...غاليتي...سنابل العطاء
قصه راااااائعه
جعله الله في ميزان حسناتك

سلمت يمينكِ اختي الحبيبه....امونه المصونه
على كلماتك القيمه.

محبتكم في الله...
ورده الجوري
سنابل العطاء
سنابل العطاء

أختي جذابة:

لا أخافك الله إلا منه.

وفقنا الله لاجتناب نواهيه كلها والعمل بأوامره

وجعلنا من الذين يؤمنون بالكتاب كله لا من الذين يؤمنون ببعض ويكفر ببعض.



أختي أمونة المصونة:

رائعة أنت بإستخراجك الفوائد.

فائدة عظيمة وهي تقديم النصيحة ولو كلمة فلا نستقلها.

وفقك الله وحفظك وثبتك على الحق.



أختي جهينة:

حياك الله.

وإياك.

سلم الله أناملك التي خطت تلك الفوائد.

فالنفس كما تُرَبّى تَرْبى وكما تُعود تَفعل.



أختي وردة الجوري:

حيا الله القلم الزاكي.

وإياك أخية.

وجزاك الله عنا كل خير.

وجعلك الله مباركة أينما كنت.