حــق الـمـسـلــم ( 3)

بسم الله الرحمن الرحيم

أما الحق الثالث فهو : اتباع الجنائز وتشييعها, فإن

من حق المسلم على أخيه أن يتبع جنازته من بيته إلى

المصلى - سواء في المسجد أو في مكان آخر - إلى

المقبرة , وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

قال ( من شهد الجنازة حتى يُصلى عليها فله قيراط ,

ومن شهدها حتى تُدفن فله قيراطان ) قيل وما

القيراطان يا رسول الله ؟ قال ( مثل الجبلين

العظيمين ) وفي رواية : أصغرهما مثل أحد ). وهذا

فضل عظيم وأجر كبير . ولما بلغ عبدالله بن عمر رضي

الله عنه عنهما هذا الحديث قال : لقد فرطنا في قراريط

كثيرة , ثم صار بعد ذلك لا يرى جنازة إلا تبعها رضي

الله عنه لأن هذه غنيمة, غنيمة أن يحصل الإنسان مثل

الجبلين العظيمين في عمل يسير , وهذا الأجر متى

يلقاه ؟ يلقاه في يوم هو أحوج ما يكون إليه , في

يوم ليس عنده درهم ولا دينار, ولا متاع ولا قرابة ,

ولا زوجة تنفعه يوم القيامة , إلا العمل الصالح ,

وينبغي لمن اتبع الجنازة أن يكون خاشعا , مفكرا في

مآله, يقول لنفسه : يا نفسي أنت مآلك كمآل هذا

الذي فوق أعناقنا, عن قريب أو بعيد , وربما يكون

عن قريب , ويتذكر هذا الرحيل , يتذكر أن أقرب

الناس إليه وأولى الناس به, وأشفق الناس عليه من

يسلمه إلى حفرته ويدفنه ويرمسه ويتخلى عنه , واقرب

الناس إليك الذي يحملك إلى مدفنك ثم ينصرف عنك

ويدعك في هذا اللحد وحيدا بأعمالك , إن خيرا فخير

وإن شرا فشر , ولهذا قال العلماء يكره للإ نسان

المتبع للجنازة أن يتحدث في شيء من أمور الدنيا أو

أن يبتسم ويضحك . وفي المقبرة إذا كان حولك أناس

حدثهم بما حدث به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه

حينما خرج في جنازة رجل من الأنصار ,حتى تكون جامعا

بين الموعظة وبين تشييع الجنازة .

فإذا شرعوا في الدفن فينبغي للإنسان أن يشارك في

الدفن , وبعد انتهاء الدفن ينبغي لك أن تقف وتقول :

اللهم اغفر له, اللهم ثبته ,ثلاثا لأن النبي صلى الله

عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثا, ثم تنصرف ولا حاجة

إلى إطالة الوقوف. وإذا انصرف الناس عن الميت حتى

إنه ليسمع قرع نعالهم وهم ينصرفون عنه , جاءه ملكان

فأجلساه وسألاه عن ربه ودينه ونبيه ويجلسانه في

القبر, وإن كان ضيقا لكنه يجلس كما أن النائم الآن

يرى نفسه أنه قائم وأنه ماشٍ وأنه ٌقاعد , وهو ملتحف

في فراشه لم يتحرك منه,لأن أحوال البرزخ أبلغ من

أحوال الدنيا وأعظم ففيه أشياء لاتنطبق على أحوال

الدنيا, وواجبنا فيما جاء في كتاب الله أو صح عن رسول

الله عليه الصلاة والسلام من أمور الآخرة ,أن نقول:

سمعنا وصدقنا وآمنا وكل من عند ربنا والله على كل شيء

قدير .

ـــــــــــــــــــــــــ

المرجع : شرح رياض الصالحين للشيخ محمد بن صالح

العثيمين رحمه الله تعالى .

:08: