روان نجحت في حياتها أتدرين من السبب ؟؟؟!!

الأدب النبطي والفصيح

نظرت الأم إلى ابنتها "روان" وهي بكامل رونقها وجمالها والدموع تنساب من الأم الحنون على وجنتيها بكل حرارة وفي هذه اللحظات أغمضت عينيها لتعود إلى الوراء وتسترجع بعض ذكرياتها مع فلذة كبدها " روان " وبالتحديد من ذلك اليوم عندما زفوا لها نبأ حملها كم كانت مسرورة بذلك ومستبشرة .. فرحتها لا توصف وشعورها لم يعد يسعه قفص أضلعها فستصبح أما ً بكل ما تحملها الكلمة من معاني ... كانت تعد الأيام والشهور شوقا ً ولهفة و تعد العدة وتتأهب لملاقاة هذا الضيف الصغير الذي سينور مملكتها ويضيف إلى حياتها طعما ًخاصا ً ونكهة مميزة .. سيملأ عليها البيت وسيخفف من حدة وحدتها فزوجها يقضي وقتا ً طويلا ً في مقر عمله .. كم حلمت أن طفلها بين يديها تضمه إلى صدرها وتحمله لتغدق عليه من حنانها وحبها ....


انقضت تسعة أشهر وهي الآن في غرفة الولادة تقاسي من آلام ما تقاسي ولكن شوقها لطفلها وفرحتها بقرب موعد قدومه قد طغى على جميع أوجاعها .. مرت عليها لحظات عصيبة تجرعت خلالها غصص العذاب وما أن سمعت صوت بكائه وأيقنت أنه خرج إلى العالم حتى ابتسمت والدموع لا تزال حبيسة خلف قضبان جفونها .. ساعات قليلة وإذا بفتاتها الجميلة" روان " نائمة بجوارها حملتها بين يديها وهي تتغلب على تعبها .. نظرت إلى وجهها وهي تتأمل ملامحها وتداعب أناملها الصغيرة .. إن لها شفتان صغيرتان كلون الكرز وعينان لامعتان ووجه يحمل كل عناوين البراءة بين قسماته .. ضمتها إلى صدرها ورفعت عينيها إلى السماء وأخذت تدعو الله أن يحفظ لها صغيرتها ويريها كل خير في الدنيا والآخرة وعاهدت ربها أن تربيها خير تربية وأن تغرس الفضيلة في نفسها منذ نعومة أظفارها ... كانت الأيام لا تزيدها إلى حبا ًلأبنتها و تعلقا ً بها .. ولا تسل عن فرحتها وهي ترى فتاتها تكبر وتترعرع بين يديها .. مرت ثلاثة أعوام كلمح البصر وأصبحت " روان " قادرة على المشي وترديد بعض الكلمات وتحاول الاعتماد على نفسها ومد يد المساعدة لأمها .. والأم ترقبها وتصرفاتها بحب وشغف .. تسهر لراحتها .. وتحزن لبكائها .. لا تدعها تغيب عنها ولو لبضع دقائق .. كانت الصغيرة تأبى إلا أن تحاكي أمها في تصرفاتها وتتقمص شخصيتها وهنا علمت الأم بخطورة الموقف فأصبحت حذرة حساسة تحاول أن تربي نفسها مع طفلتها حتى لا تتعارض أفعالها مع أقوالها وتصبح الطفلة في دوامة وصراع بين ما يقال لها وما تراه عينها .. حاولت جاهدة ووالدها تربيتها التربية الإسلامية الصحيحة وعمدا على أن تكون لـــ"روان" شخصية مميزة تختلف عن باقي قريناتها وأن يبعداها عن توافه الأمور وأن يعدانها لتكون من صانعات الحضارة ومن الرافعات لراية الدعوة إلى الله .........


تمضي الأيام والسنون بسرعة واليوم هو أول أيام " روان " في المدرسة حملتها أمها في حضنها بعد أن ألبستها الزي المدرسي وسرحت لها شعرها وزينته بتلك الشرائط البيضاء وعلقت على ظهرها حقيبتها الصغيرة بعد أن ضمنتها كل ما تحبه صغيرتها " روان " ... كانت الأم فرحة فــ" روان " ستشق طريقها وستبدأ مشوار الحياة فهي تطمح أن ترى ابنتها تعتلي أفضل المراكز وترتقي إلى أعالي القمم .. وأن تكون مفتاحا ً لكل خير وأن تكون عنوانا ً لأهلها ودليلا ً على حسن تربيتها .. قالت الأم : ابنتي " روان " أنت الآن أصبحت كبيرة وأخذت توصيها على حسن الأدب والتصرف وعلى المحافظة على المظهر الحسن ووضحت لها فضل العلم وما يكون لطالب العلم من المزايا والسمات التي تفصله عن غيره .. وحببت إلى نفس ابنتها المدرسة بكلمات سهلة وواضحة ممزوجة برحيق الحب والحنان .... أمسكت الأم بيد ابنتها وأوصلتها مع والدها للمدرسة ونزلت معها لتطمئن على وضعها وتوصي المعلمات عليها ثم ودعتها بعد أن ضمتها إلى صدرها وتركت قلبها في المقعد المجاور لــــ" روان " .. رجعت "روان" للمنزل لتجد أمها في استقبالها حملتها بين ذراعيها وأخذت تصيخ لها سمعها وتسألها عن كل دقيقة قضتها في المدرسة فهي أول مرة تغيب عنها هكذا .... تخطت " روان " السنة الأولى ... والثانية ... والثالثة ...... ثم هي الآن في آخر سنة لها في المرحلة الابتدائية وما انقضت حتى حملت ملفها وهي تودع أيام الطفولة بكل مواقفها الجميلة وأسرارها الرائعة لتنتقل إلى المرحلة المتوسطة بروح تملأها الحماس والشوق لتستكشف ما في هذه المرحلة من عمرها .. أصبحت " روان " تحس بالتغير الرهيب الذي طرأ عليها والفرق الشاسع بين هاتين المرحلتين .. أصبحت تصرفاتها طائشة .. ومشاعرها ثائرة .. حادة المزاج .. تحاول إثبات وجودها وتحقيق ذاتها .. تحاول التمرد على كل شئ ..دائما ً متذمرة .. ضجرة ... لكن الأم كانت تتصرف معها بحكمة وروية لأنها تعلم خطورة هذه المرحلة ووجوب التعامل معها بكل أناة .. كم مرة كظمت غيظها وغضت الطرف عن تصرفات ابنتها الحمقاء .. وكم مرة احتضنتها وقربتها إليها .. كانت لا تكف عن الدعاء لها ليل نهار .. وكانت لا تمل من نصحها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .. و كانت بين كل فترة وأخرى تزور مدرستها لتطمئن عليها وعلى رفقتها وأخلاقها .. ومن ثم على مستواها الدراسي .. كما أنها لم تكن تنسى الجلوس معها ومشاركتها في آلامها وآمالها .. وطلب المشورة والرأي منها حتى مع صغر سنها وطيشها لتعزز ثقتها بنفسها وتبني قدرتها على اتخاذ قراراتها وإبداء رائيها بكل طلاقة .....


دخلت الأم مصادفة لغرفة ابنتها فوجدتها شاردة الذهن وبين يديها قلما ً وورقة وما أن رأت أمها حتى اضطربت وارتبكت وأخفت الورقة بين كتبها.. اقتربت الأم منابنتها وأحاطتها بذراعيها ..هدأتها ثم سحبت الورقة من بين الكتب .. تفاجئت عندما نظرت إلى الورقة ورأت ذلك القلب الذي رسمته " روان " وقد اخترقته السهام من كل جانب والدماء تنزف منه .. مسحت الأم على رأس ابنتها وقلبها ودعت لها دعاء حار ..ثم لفتت نظرها لحب الله جل في علاه وما يجلبه للقلب من حبور وسرور .. وأمسكت بالقلم ورسمت لها قلبا ً كبيرا ً وجميلا ً وقالت لها : انظري إليه إنه قلب المؤمن يا " روان " وكتبت على القلب الذي رسمته ابنتها قلب الغافل وقالت : يا ابنتي إن هذه الأسهم الذي مزقت القلب وأسالت الدماء والله ما هي إلا المعاصي فهي تقتل القلب .. تمزقه .. تميته .. ثم خرجت من عندها وتركتها على سريرها تفكر بما سمعت .....


توالت السنوات تلو السنوات وأصبحت " روان " من طالبات المرحلة الثانوية فتاة يبدو عليها النضج والحكمة .. ذات شخصية فذة تحمل في طياتها أغلب الأخلاق الفضلة والصفات الحميدة .. تحظى بحب الجميع في مدرستها .. فتاة رقيقة .. سارت على منهج الشريعة فهذبتها .. والأهم من ذلك أنها متفوقة دراسيا ً ومن طالبت المصلى المعروفات بالجد والنشاط .. انتهت السنة الأولى ووقفت "روان" في حيرة من أمرها أتلتحق بالقسم العلمي أم الأدبي لاحظت الأم قلق ابنتها ونظراتها الحائرة ولكنها لم تشاء التدخل بل اكتفت بالمراقبة من بعيد إلى أن اتجهت" روان "إليها تطلب المساعدة نظرت الأم إليها وقالت لها : حبيبتي "روان" أولا ً حددي هدفك من الحياة وكذلك آمالك وطموحاتك ثم اختاري القسم الذي سيساعدك على بلوغ مرامك .. ولا تنسي النظر لكشف درجاتك لتقارني بين مستواك بين المواد العلمية والأدبية فذلك سيساعدك أكثر على اتخاذ القرار الصائب تغلبت " روان " على المشكلة واختارت القسم الذي يناسبها ونجحت بتفوق في السنة الثانية ولم يبقى أمامها غير سنة واحدة وتنتقل إلى الجامعة كانت خائفة وقلقة جدا ً فهذه السنة هي المحك وعليها سيتوقف مستقبلها والقسم الذي ستلتحق به في الجامعة .. لكن أمها استطاعت تعزيز ثقتها بنفسها وامتصاص الخوف من أعماقها وتشجيعها ً حسيا ً ومعنويا ً .. وفي أول يوم من لاختبارات وجدت "روان" على سريرها بطاقة جميلة فتحتها وإذ بها هذه العبارة " بنيتي كوني على ثقة أنك تستطيعين الحصول على أعلى النتائج .... أمك " وفعلا ً قد أصبحت من المتفوقين والأجمل من ذلك أصبحت على أعتاب الجامعة ......


اختارت " روان " اختصاصها الذي يتناسب معها ومع ميولها وكانت تعمل دائما ً على أن تكون من المتميزين في جامعتها في كل شئ وأن تزرع الخير في كل مكان تطأه قدماها وأن تكون قدوة حسنة لباقي قريناتها ....


استرجعت الأم هذه الذكريات وهي تقف أمام ابنتها وهي في ثوب زفافها كالبدر ليلة التمام .. وكانت متعجبة من سير الأيام سريعا ً ومسرورة لأن ابنتها ستنتقل إلى عش الزوجية لتكون ملكة في مملكتها الصغيرة ولتورث جميع القيم والمبادئ التي تعلمتها لأبنائها.. لتبني لبنة صالحة من لبنات المجتمع .. وكذلك كانت حزينة لفراق ابنتها الكبرى وذراعها الأيمن في كل أمورها " روان " .. قام العريس وأمسك بيد عروسه نظرت " روان " إلى أمها ثم اتجهت نحوها قبلت جبينها وهمست في أذنها قائلة " سأكون أما ً مثالية كما كنت لي يا أمي " وذهبت مع زوجها الذي علقت عليه أجمل الأحلام والأماني .. وأمها تودعها بدموع خالطها الحزن والفرح .. وبدعاء يطرق أبواب السماء .....

بقلمي
همس الشمس:41: في لحظة غروب
7
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

نسيم الود
نسيم الود
ماشالله عليك
قصه رائعه
يسلمو:26:
همس الشمس في لحظة غروب
نسيم الود شكرا ً على مرورك:26: :26:



بنت التوحيد آسفه إمكن ما سمعتك زين :26: :26:
همس الشمس في لحظة غروب
يا بعد عمري صدوعه ....

والله إني أحبك وأموت فيك ...


الله يخليك لي ويخليني لك :26: :26:
حواءمكه
حواءمكه
تسلمين على القصه الرئعه
همس الشمس في لحظة غروب
تسلمين على المرور الكريم:26: :26: